الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب طريق الحكم وصفته
طَرِيقُ كُلِّ شَيْءٍ مَا تُوَصِّل بِهِ إلَيْهِ وَالْحُكْمُ الْفَصْلُ إذَا حَضَرَ إلَيْهِ خَصْمَانِ فَلَهُ أَنْ يَسْكُتَ حَتَّى يُبْدَأَ وأَنْ يَقُولَ: أَيُّكُمَا الْمُدَّعِي وَمَنْ سَبَقَ بِالدَّعْوَى قَدَّمَهُ ثُمَّ مَنْ قُرِعَ فَإِذَا انْتَهَتْ حُكُومَتُهُ ادَّعَى الْآخَرُ وَلَا تُسْمَعُ دَعْوَى مَقْلُوبَةٌ وَلَا حِسْبَةٍ بِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى كَعِبَادَةٍ وَحَدِّ وَكَفَّارَةٍ وَنَذْرٍ وَنَحْوِهِ وَتُسْمَعُ بَيِّنَةٌ بِذَلِكَ وَبِعِتْقٍ وَلَوْ أَنْكَرَ مَعْتُوقٌ وبِحَقٍّ غَيْرِ مُعَيَّنٍ
قوله: (أيُّكما المدَّعي) أي: لأنَّه لا تخصيص فيه لأحدهما. قوله: (مقلوبةٌ) نحو: أدعي على هذا أنه لا حقَّ له عليَّ. سميت مقلوبة؛ لأن المدعي فيها يطلب أن يعطي المدعى عليه. والمدعى في غيرها يطلب أن يأخذ من المدعى عليه، فانقلب فيها القصد المعتاد. قوله:(وحد) أي: حد زنا أو شرب. قوله: (وبعتق) أي: وطلاق. قوله: (معتوق) كان الأولى معتق؛ لأن أعتقه أفصح من عتقه. قوله: (وبحق) أي: وتسمع بينةٌ بلا دعوى.
كَوَقْفٍ وَوَصِيَّةٍ عَلَى فُقَرَاءَ أَوْ مَسْجِدٍ عَلَى خَصْمٍ وبِوَكَالَةٍ إِسْنَادٍ بِوَصِيَّةٍ مِنْ غَيْرِ حُضُورِ خَصْمٍ وبِحَقِّ مُعَيَّنٍ قَبْلَ دَعْوَاهُ وَلَا تُسْمَعُ يَمِينُهُ إلَّا بَعْدَهَا وَبَعْدَ شَهَادَةِ الشَّاهِدِ إنْ كَانَ وَأَجَازَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا سَمَاعَهَا لِحِفْظِ وَقْفٍ وَغَيْرِهِ بِالثَّبَاتِ بِلَا خَصْمٍ وَبَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ وَبَعْضُ أَصْحَابِنَا بِخَصْمٍ مُسَخَّرٍ قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: وَعَلَى أَصْلِنَا وأَصْلِ مَالِكٍ إمَّا أَنْ تَثْبُتَ الْحُقُوقُ بِالشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ، وَقَالَهُ بَعْضُ أَصْحَابِنَا وَإِمَّا أَنْ يَسْمَعَهَا وَيَحْكُمَ بِلَا خَصْمٍ وَذَكَرَهُ بَعْضُ الْمَالِكِيَّةِ، والشَّافِعِيَّةِ وَهُوَ مُقْتَضَى كَلَامِ أَحْمَدَ وَأَصْحَابِهِ فِي مَوَاضِعَ ; لِأَنَّا نَسْمَعُهَا عَلَى غَائِبٍ وَمُمْتَنِعٍ نَحْوِهِ فمَعَ عَدَمِ خَصْمٍ أَوْلَى
قوله: (على خصم) أي: في جهة ذلك. قوله: (حضور خصم) أي: ولو كان بالبلد. قوله: (ولا يمينه) أي: المدعي مع شاهده. قوله: (إن كان) أي: فيما يقبل فيه ذلك. قوله: (سماعمها) اي: الدعوى والبينة. قوله: (مسخر) أي: ينصب، لينازع صورة. قوله:(وعلى أصلنا) أي: قاعدتنا. قوله: (ونحوه) كميِّت.
فَإِنَّ الْمُشْتَرِيَ مَثَلًا قَبَضَ لْمَبِيعَ وَسَلَّمَ الثَّمَنَ لَا يَدَّعِي وَلَا يُدَّعَى عَلَيْهِ، وَإِنَّمَا الْغَرَضُ الْحُكْمُ لِخَوْفِ خَصْمٍ وَحَاجَةِ النَّاسِ خُصُوصًا فِيمَا فِيهِ شُبْهَةٌ أَوْ خِلَافٌ لِرَفْعِهِ الْمُقْنِعُ: وَعَمَلُ النَّاسِ عَلَيْهِ وَهُوَ قَوِيٌّ فصل
وتصح بالقليل وَيُشْتَرَطُ تَحْرِيرُهَا «إنَّمَا أَقْضِي عَلَى نَحْوِ مَا أَسْمَعُ» فَلَوْ كَانَتْ بِدَيْنٍ عَلَى مَيْتٍ ذَكَرَ مَوْتَهُ وَحَرَّرَ الدَّيْنَ والتَّرِكَةَ وَكَوْنُهَا مَعْلُومَةً إلَّا فِي وَصِيَّةٍ وإقْرَارٍ وخُلْعٍ عَلَى مَجْهُولٍ فَلَا يَكْفِي قَوْلُهُ عَنْ دَعْوَى بِوَرَقَةٍ ادَّعَى بِمَا فِيهَا
قوله: (لخوف خصمٍ) أي: مستقبلاً. قوله: (وهو قوي) قال منصور البهوتي: قلت: ولا ينقض الحكم كذلك، وإن كان الأصح خلافه؛ لما تقدم: أنه لا ينقض إلا ما خالف نصَّ كتابٍ، أو سنةٍ، أو إجماعًا.
قوله: (وتصح بالقليل) أي: ولو لم تبعه الهمَّة، بخلاف الاستعداء للمشقة. قوله:(تحريرها) أي: تحرير العلم به - المدَّعي - ليكونَ الحكم على معلوم. قوله: (وحرَّر الدين) أي: بذكر جنسِه، ونوعه، وقدره. قوله:(والتركة) ويقبل قولُ وراثٍ في عدمِها بيمينِه، ويكفيه أن يحلف: أنه ما وصله من التركة شيء. قوله: (معلومة) أي: بشيء معلومٍ.
مُصَرَّحًا بِهَا، فَلَا يَكْفِي لِي عِنْدَهُ كَذَا حَتَّى يَقُولَ: وَأَنَا مُطَالِبٌ بِهِ وَلَا أَنَّهُ أَقَرَّ لِي بِكَذَا، وَلَوْ مَجْهُولًا، حَتَّى يَقُولَ وَأُطَالِبُهُ بِهِ أَوْ بِمَا يُفَسِّرُهُ بِهِ مُتَعَلِّقَةً بِالْحَالِّ فَلَا تَصِحُّ مُؤَجَّلٍ لِإِثْبَاتِهِ وَتَصِحُّ بِتَدْبِيرٍ وَكِتَابَةٍ وَاسْتِيلَادٍ مُنْفَكَّةً عَمَّا يُكَذِّبُهَا، فَلَا تَصِحُّ بِأَنَّهُ قَتَلَ أَوْ سَرَقَ مِنْ عِشْرِينَ سَنَةً، وَسَنَةٌ دُونَهَا وَنَحْوُهُ لَا ذِكْرُ سَبَبِ الِاسْتِحْقَاقِ وَيُعْتَبَرُ تَعْيِينُ مُدَّعًى بِهِ بِالْمَجْلِسِ وإحْضَارُ عَيْنٍ بِالْبَلَدِ لِتُعَيَّنَ وَيَجِبُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إنْ أَقَرَّ أَنَّ بِيَدِهِ مِثْلَهَا وَلَوْ ثَبَتَ أَنَّهَا بِيَدِهِ بِبَيِّنَةٍ أَوْ نُكُولٍ، حُبِسَ حَتَّى يُحْضِرَهَا أَوْ يَدَّعِيَ تَلَفَهَا فَيُصَدَّقَ لِلضَّرُورَةِ وَتَكْفِي الْقِيمَةُ
قوله: (واستيلاد) لأن نفس المدعى به حال، وإن تأخر أثره. قوله: (ويعتبر تعيين
…
إلخ) كأن هذا من تتمة بيان الشرطِ الأوَّل، لا أنه زائد على ما تقدم. قوله:(أو نكول) أي: نكولٍ عن يمين: أن مثلها ليس بيده. قوله: (للضرورة) لأنَّه لا يعلم إلا من جهته. قوله: (القيمة) أي: بأن يقول
وَإِنْ كَانَتْ غَائِبَةً عَنْ الْبَلَدِ أَوْ تَالِفَةً أَوْ فِي الذِّمَّةِ، وَلَوْ غَيْرَ مِثْلِيَّةٍ وَصَفَهَا كَسَلَمٍ وَالْأَوْلَى ذِكْرُ قِيمَتِهَا أَيْضًا وَيَكْفِي ذِكْرُ قَدْرِ نَقْدِ الْبَلَدِ وقِيمَةِ جَوْهَرٍ وَنَحْوِهِ وشُهْرَةُ عَقَارٍ عِنْدَهُمَا وحَاكِمٍ عَنْ تَحْدِيدِهِ وَلَوْ قَالَ أُطَالِبُهُ بِثَوْبٍ غَصَبَنِيهِ قِيمَتُهُ عَشَرَةٌ فَيَرُدُّهُ إنْ كَانَ بَاقِيًا وَإلَّا فَقِيمَتُهُ أَوْ بِثَوْبٍ قِيمَتُهُ عَشَرَةٌ أَخَذَهُ مِنِّي لِيَبِيعَهُ بِعِشْرِينَ وَأَبَى رَدَّهُ وَإِعْطَاءَ ثَمَنِهِ فَيُعْطِينِيهَا إنْ كَانَ بَاعَهُ أَوْ الثَّوْبَ إنْ كَانَ بَاقِيًا أَوْ قِيمَتَهُ إنْ كَانَ تَلِفَ صَحَّ ذَلِكَ اصْطِلَاحًا وَمَنْ ادَّعَى عَقْدًا، وَلَوْ غَيْرَ نِكَاحٍ ذَكَرَ شُرُوطَهُ لَا إنْ ادَّعَى سْتِدَامَةَ الزَّوْجِيَّةِ وَيَجْزِي عَنْ تَعْيِينِ الْمَرْأَةِ إنْ غَابَتْ ذِكْرُ اسْمِهَا وَنَسَبِهَا، وَإِنْ ادَّعَتْهُ الْمَرْأَةُ وَادَّعَتْ مَعَهُ نَفَقَةً أَوْ مَهْرًا وَنَحْوَهُمَا سُمِعَتْ دَعْوَاهَا وَإِلَّا فَلَا وَمَتَى جَحَدَ الزَّوْجِيَّةَ وَنَوَى بِهِ الطَّلَاقَ، لَمْ تَطْلُقْ وَمَنْ ادَّعَى قَتْلَ مُوَرِّثِهِ ذَكَرَ الْمُدَّعِي الْقَتْلَ وَكَوْنُهُ عَمْدًا أَوْ شِبْهَهُ أَوْ خَطَأً
مدع: قيمتُها كذا حيثُ تلفتْ.
قوله: (اصطلاحاً) من القضاةِ مع ترديد الدعوى للحاجة.
وَيَصِفُهُ وأَنَّ الْقَاتِلَ انْفَرَدَ بِقَتْلِهِ أَوْ لَا وَلَوْ قَالَ قَدَّهُ نِصْفَيْنِ وَكَانَ حَيًّا أَوْ أَنَّهُ ضَرَبَهُ وَهُوَ حَيٌّ صَحَّ وَإِنْ ادَّعَى إرْثًا ذَكَرَ سَبَبَهُ وَإِنْ ادَّعَى مُحَلَّى بِأَحَدِ النَّقْدَيْنِ قَوَّمَهُ بالْآخَرِ وبِهِمَا فَبِأَيِّهِمَا شَاءَ لِلْحَاجَةِ فصل
وإذا حررها فَلِلْحَاكِمِ سُؤَالُ خَصْمِهِ وَإِنْ لَمْ يَسْأَلْ سُؤَالَهُ فَإِنْ أَقَرَّ لَمْ يَحْكُمْ لَهُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إلَّا بِسُؤَالِهِ وَإِنْ أَنْكَرَ بِأَنْ قَالَ لِمُدَّعٍ قَرْضًا أَوْ ثَمَنًا: مَا أَقْرَضَنِي أَوْ مَا بَاعَنِي أَوْ مَا يَسْتَحِقُّ عَلَيَّ مَا ادَّعَاهُ وَلَا شَيْئًا مِنْهُ أَوْ قَالَ: لَا حَقَّ لَهُ عَلَيَّ صَحَّ الْجَوَابُ مَا لَمْ يَعْتَرِفْ لَهُ بِسَبَبِ الْحَقِّ وَلِهَذَا لَوْ أَقَرَّتْ بِمَرَضِهَا أَنْ لَا مَهْرَ لَهَا لَمْ يُقْبَلْ إلَّا بِبَيِّنَةِ أَنَّهَا أَخَذَتْهُ أَوْ أَسْقَطَتْهُ عَنْهُ فِي الصِّحَّةِ ولِي عَلَيْك مِائَةٌ فَقَالَ لَيْسَ لَك مِائَةٌ اُعْتُبِرَ قَوْلُهُ وَلَا شَيْءٌ مِنْهَا كَيَمِينٍ فَإِنْ نَكَلَ عَمَّا دُونَ الْمِائَةِ حُكِمَ عَلَيْهِ بِمِائَةٍ إلَّا جُزْءًا
_________
وَمَنْ أَجَابَ مُدَّعِيَ اسْتِحْقَاقِ مَبِيعٍ بِقَوْلِهِ هُوَ مِلْكِي اشْتَرَيْته مِنْ زَيْدٍ وَهُوَ مِلْكُهُ لَمْ يَمْنَعْ ذَلِكَ رُجُوعَهُ عَلَيْهِ بِثَمَنِ كَمَا لَوْ أَجَابَ بِمُجَرَّدِ الْإِنْكَارِ أَوْ اُنْتُزِعَ مِنْ يَدِهِ بِبَيِّنَةِ مِلْكٍ سَابِقٍ أَوْ مُطْلَقٍ وَلَوْ قَالَ لِمُدَّعٍ دِينَارًا لَا يَسْتَحِقُّ عَلَيَّ حَبَّةً صَحَّ الْجَوَابُ، وَيَعُمُّ الْحَبَّاتِ مَا لَمْ يَنْدَرِجُ فِي لَفْظِ حَبَّةٍ مِنْ بَابِ الْفَحْوَى وَلِمُدَّعٍ أَنْ يَقُولَ: لِي بَيِّنَةٌ وَلِلْحَاكِمِ أَنْ يَقُولَ لَهُ: أَلَك بَيِّنَةٌ؟ فَإِنْ قَالَ مُدَّعٍ نَعَمْ قَالَ لَهُ إنْ شِئْت فَأَحْضِرْهَا فَإِذَا أَحْضَرَهَا لَمْ يَسْأَلْهَا وَلَمْ يُلَقِّنْهَا فَإِذَا شُهِدَتْ سَمِعَهَا وَحَرُمَ تَرْدِيدُهَا، وَيُكْرَهُ تَعَنُّتُهَا وَانْتِهَارُهَا وَلَا قَوْلُهُ لِمُدَّعًى عَلَيْهِ أَلَك فِيهَا دَافِعٌ أَوْ مَطْعَنٌ؟
قوله: (ملكٍ سابقٍ) أي: سابق على شرائه. «شرح» . قوله: (من باب الفحوى) أي: الظاهر من عرضِ الكلام. قوله: (تعنتها) قال في «المصباح» : تعنته: أدخل عليه الأذى. وقوله: (انتهارها) أي: زجرها، من النهر، وبابُه: نَفَع، والزجرُ: المنعُ، وبابه: قَتَل، قاله في «المصباح» .
فَإِنْ اتَّضَحَ الْحُكْمُ وَكَانَ الْحَقُّ لِمُعَيَّنٍ وَسَأَلَهُ لَزِمَهُ وَيَحْرُمُ وَلَا يَصِحُّ مَعَ عِلْمِهِ بِضِدِّهِ أَوْ مَعَ لَبْسٍ قَبْلَ الْبَيَانِ وَيَحْرُمُ الِاعْتِرَاضُ عَلَيْهِ لِتَرْكِهِ تَسْمِيَةَ الشُّهُودِ، قَالَ فِي الْفُرُوعِ وَيُتَوَجَّهُ مِثْلُ حَكَمْت بِكَذَا وَلَمْ يَذْكُرْ مُسْتَنَدَهُ وَلَهُ الْحُكْمُ بِبَيِّنَةٍ أَوْ إقْرَارٍ فِي مَجْلِسِ حُكْمِهِ، وَإِنْ لَمْ يَسْمَعْهُ غَيْرُهُ لَا بِعِلْمِهِ فِي غَيْرِ هَذِهِ وَلَوْ فِي غَيْرِ حَدٍّ إلَّا عَلَىر مَرْجُوحَةٍ الْمُنَقَّحُ: وَقَرِيبٌ مِنْهَا الْعَمَلُ بِطَرِيقٍ مَشْرُوعٍ، بِأَنْ يُوَلِّيَ الشَّاهِدَ الْبَاقِي الْقَضَاءَ لِلْعُذْرِؤ وَقَدْ عَمِلَ بِهِ كَثِيرٌ مِنْ حُكَّامِنَا وَأَعْظَمُهُمْ الشَّارِحُ وَيَعْمَلُ بِعِلْمِهِ فِي عَدَالَةِ بَيِّنَةٍ وَجَرْحِهَا وَمَنْ جَاءَ بِبَيِّنَةٍ فَاسِقَةٍ اسْتَشْهَدَهَا الْحَاكِمُ وَقَالَ زِدْنِي شُهُودًا
قوله: (ولم يذكر مستندَه) قال منصورٌ البهوتيُّ: ومثلُه الفتيا. محمد الخلوتي. قوله: (الشاهدُ الباقي) أي: بعد موت رفيقه. «شرح» .
فصل
ويعتبر في البينة العدالة ظاهرا وكذا باطنا لا فِي عَقْدِ نِكَاحٍ وفِي مُزَكُّونً مَعْرِفَةُ حَاكِمٍ خِبْرَتَهُمَا الْبَاطِنَةَ بِصُحْبَةٍ أَوْ مُعَامَلَةٍ وَنَحْوِهِمَا ومَعْرِفَتُهُمْ كَذَلِكَ لِمَنْ يُزَكُّونَ وَيَكْفِي أَشْهَدُ أَنَّهُ عَدْلٌ وَبَيِّنَةٌ بِجَرْحٍ مُقَدَّمَةٌ وَتَعْدِيلُ الْخَصْمِ وَحْدَهُ أَوْ تَصْدِيقُهُ لِلشَّاهِدِ تَعْدِيلٌ لَهُ وَلَا تَصِحُّ التَّزْكِيَةُ فِي وَاقِعَةٍ وَاحِدَةٍ كَقَوْلِ مُزَكٍّ: أَشْهَدُ أَنَّهُ عَدْلٌ فِي شَهَادَتِهِ فِي هَذِهِ الْقَضِيَّةِ فَقَطْ، وَمَنْ ثَبَتَتْ عَدَالَتُهُ مَرَّةً لَزِمَ الْبَحْثُ عَنْهَا مَعَ طُولِ الْمُدَّةِ وَمَتَى ارْتَابَ مِنْ عَدْلَيْنِ لَمْ يَخْتَبِرْ قُوَّةَ ضَبْطِهِمَا ودِينِهِمَا لَزِمَهُ الْبَحْثُ بِسُؤَالِ كُلِّ وَاحِدٍ مُنْفَرِدًا عَنْ كَيْفِيَّةِ تَحَمُّلِهِ وَمَتَى وَأَيْنَ وهَلْ تَحَمَّلَ وَحْدَهُ أَوْ مَعَ صَاحِبِهِ؟ فَإِنْ اتَّفَقَا وَعَظَهُمَا وَخَوَّفَهُمَا فَإِنَّ ثَبَتَا حَكَمَ وَإِلَّا لَمْ يَقْبَلْهُمَا
قوله: (أنه عدل) أي: ويكفي في تزكية غلبة الظن، بخلاف جرح، فإنه لا يجرح إلا بما رآه، أو سمعه منه، أو استفاض عنه. قوله:(مع طول المدة) قال في «شرحه» : والظاهر: أن طول المدة هو ما يمكن أن يتغير فيها حال الإنسان عادة. انتهى. وذلك كسنةٍ فأكثر.
وَمَنْ أَقَامَ بَيِّنَةً وَسَأَلَ حَبْسَ خَصْمِهِ أَوْ كَفِيلًا بِهِ فِي غَيْرِ حَدٍّ أَوْ جَعْلَ مُدَّعًى بِهِ بِيَدِ عَدْلٍ حَتَّى تُزَكَّى أَوْ أَقَامَ شَاهِدًا بِمَالٍ وَسَأَلَ حَبْسَهُ حَتَّى يُقِيمَ الْآخَرَ أُجِيبَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ لَا إنْ أَقَامَهُ بِغَيْرِ مَالٍ فَإِنْ جَرَحَهَا الْخَصْمُ أَوْ أَرَادَ جَرْحَهَا كُلِّفَ بِهِ بَيِّنَةً وَيُنْظَرُ لِجَرْحٍ وَإِرَادَتِهِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَيُلَازِمُهُ الْمُدَّعِي فَإِنْ أَتَى بِهَا وَإِلَّا حُكِمَ عَلَيْهِ وَلَا يُسْمَعُ جَرْحٌ لَمْ يُبَيَّنْ سَبَبُهُ بِذِكْرِ قَادِحٍ فِيهِ عَنْ رُؤْيَةٍ أَوْ اسْتِفَاضَةٍ وَيُعَرِّضُ جَارِحٌ بِزِنًا فَإِنْ صَرَّحَ وَلَمْ تَكْمُلْ بَيِّنَتُهُ حُدَّ وَإِنْ جَهِلَ حَاكِمٌ لِسَانَ خَصْمٍ تَرْجَمَ لَهُ مَنْ يَعْرِفُهُ وَلَا يُقْبَلُ فِي تَرْجَمَةٍ وجَرْحٍ وتَعْدِيلٍ ورِسَالَةٍ وتَعْرِيفٍ عِنْدَ حَاكِمٍ فِي زِنًا إلَّا أَرْبَعَةُ وفِي غَيْرِ مَالٍ إلَّا رَجُلَانِ وفِي مَالٍ إلَّا رَجُلَانِ أَوْ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ ; وَذَلِكَ شَهَادَةٌ يُعْتَبَرُ فِيهِ وَفِيمَنْ رَتَّبَهُ حَاكِمٌ يَسْأَلُ
قوله: (ورسالةٍ) أي: بعث من يرسله الحاكم يبحث عن حال الشهود، أو بعث القاضي في تحليف نحو مريض أو مخدرة.
سِرًّا عَنْ الشُّهُودِ لِتَزْكِيَةٍ أَوْ جَرْحٍ شُرُوطُ الشَّهَادَةِ وَتَجِبُ الْمُشَافَهَةُ وَمَنْ نُصِبَ لِلْحُكْمِ فِي جَرْحٍ أَوْ تَعْدِيلٍ أَوْ سَمَاعِ بَيِّنَةٍ قَنَعَ الْحَاكِمُ بِقَوْلِهِ وَحْدَهُ إذَا قَامَتْ الْبَيِّنَةُ عِنْدَهُ وَمَنْ سَأَلَهُ حَاكِمٌ عَنْ تَزْكِيَةِ مَنْ شَهِدَ عِنْدَهُ أَخْبَرَ وَإِلَّا لَمْ يَجِبْ
فصل
وإن قال المدعي مالي بينة فقول منكر بيمينه إلا النبي صلى الله عليه وسلم إذا ادعى أَوْ اُدُّعِيَ عَلَيْهِ، فَقَوْلُهُ بِلَا يَمِينٍ فَيُعْلِمُهُ حَاكِمٌ بِذَلِكَ فَإِنْ سَأَلَ إحْلَافه وَلَوْ عُلِمَ عَدَمُ قُدْرَتِهِ عَلَى حَقِّهِ، وَيُكْرَهُ أُحْلِفَ عَلَى صِفَةِ جَوَابِهِ وخَلَّى وَتَحْرُمُ دَعْوَاهُ ثَانِيًا وَتَحْلِيفُهُ كَبَرِيءٍ
قوله: (وتجب المشافهة) أي: فلا يكفي الخطُّ. قوله: (قنع) أي: رضي، وأما بالفتح فمعناه: سأل. قوله: (عنده) أي: المنصوب لذلك. قوله: (بلا يمين) لعصمته. قوله: (فيعلمه) أي: يعلم الحاكم المدعي؛ بأن القول قول المنكر بيمينه. قوله: (عدم قدرته) أي: المنكر على أداء ما عليه. قوله: (على صفة جوابه) لا على صفة الدعوى.
وَلَا يُعْتَدُّ بِيَمِينِ إلَّا بِأَمْرِ حَاكِمٍ سُؤَالِ مُدَّعٍ طَوْعًا وَلَا يَصِلُهَا بِاسْتِثْنَاءٍ وَتَحْرُمُ تَوْرِيَةٌ وتَأْوِيلٌ إلَّا لِمَظْلُومٍ وحَلِفُ مُعْسِرٍ خَافَ حَبْسًا أَنَّهُ لَا حَقَّ لَهُ عَلَيَّ وَلَوْ نَوَى السَّاعَةَ ومَنْ عَلَيْهِ مُؤَجَّلٌ أَرَادَ غَرِيمُهُ مَنْعَهُ مِنْ سَفَرٍ وَلَا يَحْلِفُ فِي مُخْتَلَفٍ فِيهِ، لَا يَعْتَقِدُهُ نَصًّا وَحَمَلَهُ الْمُوَفَّقُ عَلَى الْوَرَعِ وَنُقِلَ عَنْهُ لَا يُعْجِبُنِي وَتَوَقَّفَ فِيهَا فِيمَنْ عَامَلَ بِحِيلَةٍ كَعِينَةٍ
قوله: (وحلف معسر) أي: ويحرم حلف معسر
…
إلخ. قوله: (خاف حبسًا) أي: أقرَّ بما عليه. قوله: (لا يعتقده
…
إلخ) أي: لا يعتقده منكر حقًا، نحو: إن باعَ شافعيٌّ لحمَ متروك التسمية عمدًا لحنبلي بثمن في الذمة وطالبه به، فأنكر، مجيبًا بأنه: لا حقَّ لك عليَّ. قوله: (وحمله) أي: النص. قوله: (على الورع) أي: لا على التحريم. قوله: (وتوقَّف فيها) أي: في اليمين.
فلَوْ أُبْرِئَ مِنْهَا بَرِئَ فِي هَذِهِ الدَّعْوَى، فَلَوْ جَدَّدَهَا وَطَلَبَ الْيَمِينَ كَانَ لَهُ ذَلِكَ وَمَنْ فَلَمْ يَحْلِفْ قَالَ لَهُ حَاكِمٌ: إنْ حَلَفْتَ وَإِلَّا قَضَيْتُ عَلَيْكَ بِالنُّكُولِ وَيُسَنُّ تَكْرَارُهُ ثَلَاثًا فَإِنْ لَمْ يَحْلِفْ قَضَى عَلَيْهِ بِشَرْطِهِ وَهُوَ كَإِقَامَةِ بَيِّنَةٍ لَا كَإِقْرَارٍ وَلَا كَبَذْلٍ لَكِنْ لَا يُشَارِكُ مَنْ قُضِيَ لَهُ بِهِ عَلَى مَحْجُورٍ لِفَلَسٍ غُرَمَاءَهُ وَإِنْ قَالَ مُدَّعٍ لَا أَعْلَمُ لِي بَيِّنَةً ثُمَّ أَتَى بِهَا أَوْ قَالَ مُدَّعٍ عَدْلَانِ: نَحْنُ نَشْهَدُ لَك فَقَالَ: هَذِهِ بَيِّنَتِي سُمِعَتْ لَا إنْ قَالَ مَا لِي بَيِّنَةٌ ثُمَّ أَتَى بِهَا أَوْ قَالَ: كَذَبَ شُهُودِي أَوْ قَالَ كُلُّ بَيِّنَةٍ أُقِيمُهَا فَهِيَ زُورٌ، وبَاطِلَةٌ أَوْ، فَلَا حَقَّ لِي فِيهَا وَلَا تَبْطُلُ دَعْوَاهُ بِذَلِكَ
قوله: (منها) أي: من اليمين في مطلق الدعوى، وليس راجعًا لخصوص ما اختلف فيه، ولعلَّه مفرَّع على ما فهم من قوله:(بسؤال مدَّع طوعاً) والله أعلم. قوله: (بشرطه) أي: بأن يسأله مدع الحكم. قوله: (ولا كبذل) أي: تبرعٍ، فلا يعتبر خروجه من الثلث. قوله:(ثم أتى بها) لأنَّه مكذب لها. قوله: (أو قال) أي: من قامت له بينةٌ. قوله: (بذلك) أي: لأنه لا يلزم من بطلان الدليل بطلان المدعى، فله تحليفُ المنكر، فإن نكل قضى
وَلَا تُرَدُّ بِذِكْرِ السَّبَبِ بَلْ بِذِكْرِ سَبَبٍ ذَكَرَ الْمُدَّعِي غَيْرَهُ وَمَعْنَى شَهِدَتْ بِغَيْرِ مُدَّعًى بِهِ فَهُوَ مُكَذِّبٌ لَهَا وَمَنْ ادَّعَى شَيْئًا أَنَّهُ لَهُ الْآنَ لَمْ تُسْمَعْ بَيِّنَتُهُ أَنَّهُ كَانَ لَهُ أَمْسِ أَوْ فِي يَدِهِ حَتَّى تُبَيِّنَ سَبَبَ يَدِ الثَّانِي نَحْوِ غَاصِبَةٍ بِخِلَافِ مَا لَوْ شَهِدَتْ أَنَّهُ كَانَ مَلَكَهُ بِالْأَمْسِ اشْتَرَاهُ مِنْ رَبِّ الْيَدِ فَإِنَّهُ يُقْبَلُ وَمَنْ اُدُّعِيَ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ فَأَقَرَّ بِغَيْرِهِ لَزِمَهُ إذَا صَدَّقَهُ الْمُقَرُّ لَهُ وَالدَّعْوَى بِحَالِهَا وَإِنْ سَأَلَ إحْلَافَهُ وَلَا يُقِيمُهَا فَحَلَفَ كَانَ لَهُ إقَامَتُهَا وَإِنْ قَالَ لِي بَيِّنَةٌ وَأُرِيدُ يَمِينَهُ فَإِنْ كَانَتْ حَاضِرَةً بِالْمَجْلِسِ، فَلَيْسَ لَهُ إلَّا إحْدَاهُمَا وَإِلَّا فَلَهُ ذَلِكَ
عليه، ولو قلنا ببطلان الدعوى، لم يكن له ذلك.
قوله: (بذكر السبب) أي: الذي سكت عنه المدعي. قوله: (فهو مكذب لها) أي: ما لم يقل: أستحقُّ ماشهدتُ به وما ادعيته، وإنما ادعيت
وَإِنْ سَأَلَ مُلَازَمَتَهُ حَتَّى يُقِيمَهَا أُجِيبَ فِي الْمَجْلِسِ فَإِنْ لَمْ يُحْضِرْهَا فِيهِ صَرَفَهُ وَإِنْ سَأَلَهَا حَتَّى َفْرُغَ لَهُ الْحَاكِمُ مِنْ شُغْلِهِ مَعَ غَيْبَةِ بَيِّنَةٍ أَوْ بُعْدِهَا أُجِيبَ وَإِنْ سَكَتَ مُدَّعًى عَلَيْهِ أَوْ قَالَ لَا أُقِرُّ وَلَا أُنْكِرُ أَوْ لَا أَعْلَمُ قَدْرَ حَقِّهِ وَلَا بَيِّنَةَ قَالَ الْحَاكِمُ إنْ أَجَبْتَ وَإِلَّا جَعَلْتُكَ نَاكِلًا وَقَضَيْتُ عَلَيْكَ وَيُسَنُّ تَكْرَارُهُ ثَلَاثًا وَلَوْ قَالَ إنْ ادَّعَيْت أَلْفًا بِرَهْنِ كَذَا لِي بِيَدِك أَجَبْتُكر أَوْ إنْ ادَّعَيْتَ هَذَا ثَمَنَ كَذَا بِعْتَنِيهِ وَلَمْ أَقْبِضْهُ فَنَعَمْ، وَإِلَّا فَلَا حَقَّ عَلَيَّ
أحدهما، لأدعي الآخر وقتاً آخر، كما في «المستوعب» .
قوله: (في المجلس) أي: حيث أمكن إحضارها فيه. قوله: (وإن سكت
…
إلخ) هذا عطف على قوله: (وإذا حرَّرها) فإن أقر، لم يحكم له إلا بسؤاله، وإن أنكر
…
إلخ. والحاصل: أن للمدعى عليه أربعة أحوالٍ؛ لأنه إما: أن يقر، أو ينكر، أو يسكت، أو يقول: لا أقر، ولا أنكر، وما أشبه ذلك. فتدبر. قوله:(أجبت) أي: وإلا فلا حق عليَّ.
فَجَوَابٌ صَحِيحٌ لَا إنْ قَالَ لِي مَخْرَجٌ مِمَّا ادَّعَاهُ وَإِنْ قَالَ لِي حِسَابٌ أُرِيدُ أَنْ أَنْظُرَ فِيهِ أَوْ بَعْدَ ثُبُوتِ الدَّعْوَى بَيِّنَةُ قَضِيَّتِهِ أَوْ أَبْرَأَنِي وَلِي بَيِّنَةٌ بِهِ وَسَأَلَهُ الْإِنْظَارَ لَزِمَ إنْظَارُهُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَلِلْمُدَّعِي مُلَازَمَتُهُ وَلَا يُنْظَرُ إنْ قَالَ لِي بَيِّنَةٌ تَدْفَعُ دَعْوَاهُ فَإِنْ عَجَزَ حَلَفَ الْمُدَّعِي عَلَى نَفْيِ مَا ادَّعَاهُ وَاسْتَحَقَّ فَإِنْ نَكِلَ حُكِمَ عَلَيْهِ وَصُرِفَ هَذَا إنْ لَمْ يَكُنْ أَنْكَرَ سَبَبَ الْحَقِّ، فَأَمَّا إنْ أَنْكَرَهُ ثُمَّ ثَبَتَ فَادَّعَى قَضَاءً أَوْ إبْرَاءَ سَابِقًا عَلَى إنْكَارِهِ لَمْ يُقْبَلْ وَإِنْ أَقَامَ بِهِ بَيِّنَةً وَإِنْ قَالَ مُدَّعًى عَلَيْهِ بِعَيْنٍ كَانَتْ بِيَدِك أَوْ لَك أَمْسِ لَزِمَهُ إثْبَاتُ سَبَبِ زَوَالِ يَدِهِ
قوله: (به وسأل الإنظار) أنظر ثلاثة أيام، ويلازمه المدعي فيها به، أي: بما ادعاه من القضاء، أو الإبراء. قوله:(فإن عجز) مدعي نحو القضاء عن البينة مدة الإنظار. قوله: (وصُرِف. هذا: ) أي: المتقدم من الإنظار. قوله: (على إنكاره) لا متأخرًا عنه، فيُقبلُ بالبينة. قوله:(زوال يده) فإن عجز، خلف مدع على بقائه، وأخذها.
فصل
ومن ادعى عليه عينا بيده فَأَقَرَّ بِهَا لِحَاضِرٍ مُكَلَّفٍ جُعِلَ الْخَصْمَ فِيهَا فَإِنْ نَكِلَ أُخِذَ مِنْهُ بَدَلُهَا ثُمَّ إنْ صَدَّقَهُ الْمُقَرُّ لَهُ فَهُوَ كَأَحَدِ مُدَّعِيَيْنِ عَلَى ثَالِثٍ أَقَرَّ لَهُ الثَّالِثُ عَلَى مَا يَأْتِي وَإِنْ قَالَ لَيْسَتْ لِي، وَلَا أَعْلَمُ لِمَنْ هِيَ أَوْ قَالَ: ذَلِكَ الْمُقَرُّ لَهُ، وَجُهِلَتْ لِمَنْ هِيَ سُلِّمَتْ لِمُدَّعٍ فَإِنْ كَانَ اثْنَيْنِ اقْتَرَعَا عَلَيْهَا وَإِنْ عَادَ ادَّعَاهَا لِنَفْسِهِ أَوْ الثَّالِثُ أَوْ عَادَ الْمُقَرُّ لَهُ أَوَّلًا إلَى دَعْوَاهُ وَلَوْ قَبْلَ ذَلِكَ لَمْ يُقْبَلْ
قوله: (على ما يأتي) أي: فيحلف المقر له، ويأخذها. «حاشية» قوله:(لمدع) وظاهره: بلا يمين. قوله: (اقترعا عليها) فمن قرع، حلف وأخذها. قوله:(ولو قبل ذلك) أي: قبل أن يَدَّعيها المقر لنفسه. «شرح» .
وَإِنْ أَقَرَّ بِهَا لِغَائِبٍ أَوْ غَيْرِ مُكَلَّفٍ وَلِلْمُدَّعِي بَيِّنَةٌ فَهِيَ لَهُ بِلَا يَمِينٍ وَإِلَّا فَأَقَامَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بَيِّنَةً أَنَّهَا لِمَنْ سَمَّاهُ لَمْ يَحْلِفْ وَإِلَّا اُسْتُحْلِفَ فَإِنْ نَكِلَ غَرِمَ بَدَلَهَا لِمُدَّعٍ فَإِنْ كَانَا اثْنَيْنِ فبَدَلَانِ وَإِنْ أَقَرَّ بِهَا لِمَجْهُولٍ قَالَ لَهُ حَاكِمٌ: عَرِّفْهُ وَإِلَّا جَعَلْتُك نَاكِلًا وَقَضَيْتُ عَلَيْك فَإِنْ عَادَ ادَّعَاهَا لِنَفْسِهِ لَمْ يُقْبَلْ مِنْهُ فَصْلٌ
مَنْ ادَّعَى عَلَى غَائِبٍ مَسَافَةَ قَصْرٍ بِغَيْرِ عَمَلِهِ أَوْ مُسْتَتِرٍ بِالْبَلَدِ
قوله: (على غائب) أي: عن البلدِ. قوله: (بغير عمله) وإلا أحضره؛ ليكون الحكم عليه مع حضوره. هكذا في «شرحه» وهو خلاف ما في «الإقناع» و «الاختيارات» . قوله: (أو مستترٍ) المراد به: الممتنع عن الحضور.
أَوْ بدُونَ مَسَافَةِ قَصْرٍ أَوْ مَيِّتٍ أَوْ غَيْرِ مُكَلَّفٍ وَلَهُ بَيِّنَةٌ سُمِعَتْ وَحُكِمَ بِهَا لَا فِي حَقٍّ مِنْ حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى فَيُقْضَى فِي سَرِقَةٍ بِغُرْمٍ فَقَطْ وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ يَمِينٌ عَلَى بَقَاءِ حَقٍّ إلَّا عَلَى رِوَايَةٍ الْمُنَقَّحُ: وَالْعَمَلُ عَلَيْهَا فِي هَذِهِ الْأَزْمِنَةِ ا. هـ ثُمَّ إذَا كُلِّفَ غَيْرُ مُكَلَّفٍ وَرَشَدَ أَوْ حَضَرَ الْغَائِبُ أَوْ ظَهَرَ الْمُسْتَتِرُ َ عَلَى حُجَّتِهِ فَإِنْ جَرَّحَ الْبَيِّنَةَ بِأَمْرٍ بَعْدَ أَدَاءِ الشَّهَادَةِ أَوْ مُطْلَقًا لَمْ يُقْبَلْ وَإِلَّا قُبِلَ وَالْغَائِبُ دُونَ ذَلِكَ لَمْ تُسْمَعْ دَعْوًى وَلَا بَيِّنَةٌ عَلَيْهِ حَتَّى
قاله في «الإنصاف» . «حاشية» .
قوله: (وحكم بها) أي: بشرطهِ. قوله: (في سرقة) يعني: ثبتت على نحو غائب. قوله: (ولا يجب عليه) أي: على المحكوم له على نحو غائب. قوله: (ورشد) أي: بعد الحكم عليه، فعلى حجته. وإن حضر نحو غائب قبل الحكم، وقف على حضوره، ولا تجب إعادة البينة، بل يخبره الحاكم، ويمكنه من الجرح. قوله:(مطلقًا) أي: بأن جرحها، ولم يقل بعد أداء الشهادة ولا قبله. قوله:(دون ذلك) أي: المذكور من مسافة القصر.
يَحْضُرَ كَحَاضِرٍ إلَّا أَنْ يَمْتَنِعَ فَيَسْمَعَهُمَا ثُمَّ إنْ وَجَدَ لَهُ مَالًا وَفَّاهُ مِنْهُ وَإِلَّا قَالَ لِلْمُدَّعِي ; إنْ عَرَفْتَ لَهُ مَالًا وَثَبَتَ عِنْدِي وَفَّيْتُك مِنْهُ وَالْحُكْمُ لِلْغَائِبِ لَا يَصِحُّ إلَّا تَبَعًا كَمَنْ ادَّعَى مَوْتَ أَبِيهِ عَنْهُ وَعَنْ أَخٍ لَهُ غَائِبٍ أَوْ غَيْرِ رَشِيدٍ وَلَهُ عِنْدَ فُلَانٍ عَيْنٌ أَوْ دَيْنٌ فَثَبَتَ بِإِقْرَارٍ أَوْ بَيِّنَةٍ أَخَذَ الْمُدَّعِي نَصِيبَهُ والْحَاكِمُ نَصِيبَ الْآخَرَ وَكَالْحُكْمِ بِوَقْفٍ يَدْخُلُ فِيهِ مَنْ لَمْ يُخْلَقْ تَبَعًا وَكَإِثْبَاتِ أَحَدِ الْوَكِيلَيْنِ الْوَكَالَةَ فِي غَيْبَةِ الْآخَرِ فَتَثْبُتُ لَهُ تَبَعًا وَسُؤَالُ أَحَدِ الْغُرَمَاءِ الْحَجْرَ كَالْكُلِّ فَالْقَضِيَّةُ الْوَاحِدَةُ الْمُشْتَمِلَةُ عَلَى عَدَدٍ أَوْ أَعْيَانٍ كَوَلَدِ الْأَبَوَيْنِ فِي الْمُشَرَّكَةِ الْحُكْمُ فِيهَا لِوَاحِدٍ أَوْ عَلَيْهِ يَعُمُّهُ وغَيْرَهُ وَحُكْمُهُ لِطَبَقَةٍ حُكْمٌ لِالثَّانِيَةِ إنْ كَانَ الشَّرْطُ وَاحِدًا ثُمَّ مَنْ أَبْدَى مَا يَجُوزُ
قوله: (على عدد) أي: محكوم لهم، أو بها عليهم، وقوله:(أو أعيان) أي: محكوم. قوله: (ثم من أبدى) أي: أظهر من أهل الطبقة الثانية فما بعدها (ما) أي: أمرًا. (يجوز) أي: يمكن أن يمنع بذلك الأمر.
أَنْ يَمْنَعَ الْأَوَّلَ مِنْ الْحُكْمِ عَلَيْهِ لَوْ عَلِمَهُ فَلِثَانٍ الدَّفْعُ بِهِ
فصل
ومن ادعى أن الحاكم حكم له بحق فصدقه قُبِلَ وَحْدَهُ كَقَوْلِهِ ابْتِدَاءً: حَكَمْت بِكَذَا
الأول فاعل (يمنع) أي: يمنع الأول الحاكم إذا ادعى عليه مدع بما يوجب انتزاع العين الموقوفة من يده، من الحكمِ عليه بذلك (لو علمه) أي: ذلك الأمر الذي يمكن الدفع به (فلثان) أي: المبدئ للأمر (الدفع به) كالأول.
وصورةُ ذلك: أن يدَّعي زيد على عمرو باستحقاق عقارٍ بيده مثلاً، فيقيم بعض ولد عمرو بينة، تشهدُ بأن أبا عمرٍو قد وقف العقار -وهو في ملكه- على ولده عمرو، ثم على أولاده، ولم يعلم عمرو بتلك البيِّنة، فإن لولد عمرٍو المذكور رفع دعوي المدعي بالبينة المذكورة.
وهذا قريبٌ مما تقدم في الوقفِ عند المصنف: (ويتلقاه كل بطن عن واقفه) حيث فرع عليه قوله: (فلو امتنع البطنُ الأول من اليمين مع شاهدٍ لثبوتِ الوقفِ، فلمن بعدَهم الحلف) فيتأمل. والله أعلم.
قوله: (فصدَّقه) أي: صدَّقه الحاكم. قوله: (قبل) أي: قول الحاكم. قوله: (ابتداءً) أي: من غير أن يقدَّم من المدعي دعوى الحكم.
وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْهُ فَشَهِدَ بِهِ عَدْلَانِ قَبِلَهُمَا وَأَمْضَاهُ لِقُدْرَتِهِ عَلَى إمْضَائِهِ مَا لَمْ يَتَيَقَّنْ صَوَابَ نَفْسِهِ بِخِلَافِ مَنْ نَسِيَ شَهَادَتَهُ فَشَهِدَا عِنْدَهُ بِهَا وَكَذَا إنْ شَهِدَا أَنَّ فُلَانًا وَفُلَانًا شَهِدَا عِنْدَكَ بِكَذَا وَإِنْ لَمْ يَشْهَدْ بِحُكْمِهِ أَحَدٌ وَوَجَدَهُ وَلَوْ فِي قِمْطَرَةٍ تَحْتَ خَتْمِهِ أَوْ شَهَادَتَهُ بِخَطِّهِ وَتَيَقَّنَهُ وَلَمْ يَذْكُرْهُ لَمْ يَعْمَلْ بِهِ كَخَطِّ أَبِيهِ بِحُكْمٍ أَوْ شَهَادَةٍ إلَّا عَلَى مَرْجُوحٍ الْمُنَقَّحُ: وَهُوَ أَظْهَرُ وَعَلَيْهِ الْعَمَلُ وَمَنْ تَحَقَّقَ الْحَاكِمُ مِنْهُ أَنَّهُ لَا يُفَرِّقُ بَيْنَ أَنْ يَذْكُرَ الشَّهَادَةَ أَوْ يَعْتَمِدُ عَلَى مَعْرِفَةِ الْخَطِّ يَتَجَوَّزُ بِذَلِكَ لَمْ يَجُزْ قَبُولُ شَهَادَتِهِ وَإِلَّا حَرُمَ أَنْ يَسْأَلَهُ عَنْهُ وَلَا يَجِبُ أَنْ يُخْبِرَهُ بِالصِّفَةِ وَحُكْمُ الْحَاكِمِ لَا يُزِيلُ الشَّيْءَ عَنْ صِفَتِهِ بَاطِنًا فَمَتَى عَلِمَهَا حَاكِمٌ كَاذِبَةً لَمْ يَنْفُذْ حَتَّى وَلَوْ فِي عَقْدٍ وَفَسْخٍ
قوله: (فشهد به) أي: بحكمه. قوله: (ولا يجبُ) أي: على الشاهدِ. قوله: (بالصفة) هل ذكرَ ما شهدَ به، أو اعتمدَ علي الخط؟ قوله:(في عقد) خلافاً لأبي حنيفة، فعندَه حكمُ الحاكمِ بحل شيء، أو حرمته لسبب معين، يزيل الشيء عن صفتِه باطنًا، بخلاف ما لو ادعى رجلٌ ملك هذِه الجارية، ولم يبين سبب الملكِ من بيعٍ ونحوه، وأقام بيِّنة زورٍ بالملك المطلق، فحكم الحاكم له
فَمَنْ حَكَمَ لَهُ بِبَيِّنَةِ زُورٍ بِزَوْجِيَّةِ امْرَأَةٍ فوَطِئَ مَعَ الْعِلْمِ فَكَزِنًا وَيَصِحُّ نِكَاحُهَا غَيْرَهُ وَإِنْ حَكَمَ بِطَلَاقِهَا ثَلَاثًا بِشُهُودِ زُورٍ، فَهِيَ زَوْجَتُهُ بَاطِنًا وَيُكْرَهُ لَهُ اجْتِمَاعُهُ بِهَا ظَاهِرًا وَلَا يَصِحُّ نِكَاحُهَا غَيْرَهُ مِمَّنْ يَعْلَمُ بِالْحَالِ وَمَنْ حَكَمَ لِمُجْتَهِدٍ أَوْ عَلَيْهِ بِمَا يُخَالِفُ اجْتِهَادَهُ عَمِلَ بَاطِنًا بِالْحُكْمِ وَإِنْ بَاعَ حَنْبَلِيٌّ لَحْمًا مَتْرُوكَ التَّسْمِيَةِ فَحَكَمَ بِصِحَّتِهِ شَافِعِيٌّ نَفَذَ وَإِنْ رَدَّ حَاكِمٌ شَهَادَةَ وَاحِدٍ برَمَضَانَ لَمْ يُؤَثِّرْ كَبِمِلْكٍ مُطْلَقٍ
بذلك، فإنها لا تحل له عنده، وأما عندنا فتحل مطلقا أي: سواء بين سبب الملك أو لا. فتدبر. والله أعلم.
قوله: (برمضان) لكونه جاهلاً بعدَالته. قوله: (كملك مطلق) أي: لم يبين سببه من بيع، أو هبة، أو إرث.
وصورة ذلك: أن يدَّعي زيد أن هذه الجارية ملكه الآن، وتشهد البيِّنة بذلك من غيرِ بيانِ سببِ الملكِ، فعندنا يَكفي ذلك. قوله أيضًا على قوله:(مطلقٍ) لكونه لا يراه، فإنَّه لا يؤثِّر في عدالةِ الشاهد. «حاشية» .
وأَوْلَى لِأَنَّهُ لَا مَدْخَلَ لِحُكْمِهِ فِي عِبَادَةٍ وَوَقْتٍ وَإِنَّمَا هُوَ فَتْوَى فَلَا يُقَالُ: حُكِمَ بِكَذِبِهِ أَوْ بِأَنَّهُ لَمْ يَرَهُ وَلَوْ رُفِعَ إلَيْهِ حُكْمٌ فِي مُخْتَلَفٍ فِيهِ لَمْ يَلْزَمْهُ نَقْضُهُ لِيُنَفِّذَهُ لَزِمَهُ تَنْفِيذُهُ وَإِنْ لَمْ يَرَهُ وَكَذَا إنْ كَانَ نَفْسُ الْحُكْمِ مُخْتَلَفًا فِيهِ كَحُكْمِهِ بِعِلْمِهِ وَتَزْوِيجِهِ يَتِيمَةً وَإِنْ رَفَعَ إلَيْهِ خَصْمَانِ عَقْدًا فَاسِدًا عِنْدَهُ فَقَطْ وَأَقَرَّا بِأَنَّ نَافِذَ الْحُكْمِ حَكَمَ بِصِحَّتِهِ فَلَهُ إلْزَامُهُمَا ذَلِكَ وَلَهُ رَدُّهُ وَالْحُكْمُ بِمَذْهَبِهِ وَمَنْ قَلَّدَ مُجْتَهِدًا فِي صِحَّةِ نِكَاحٍ لَمْ يُفَارِقْ بِتَغَيُّرِ اجْتِهَادِهِ كَحُكْمٍ بِخِلَافِ مُجْتَهِدٍ نَكَحَ ثُمَّ رَأَى بُطْلَانَهُ وَلَا يَلْزَمُ إعْلَامُ
ولعل المراد بالإطلاق عن التاريخ يقرينة. قوله: (ووقت).
قوله: (لزمه تنفيذه) أي: إذا ثبت عنده حكمُ الحاكم السابق ببينة -محمد الخلوتي- بقرينة ما بعده، أعني: قوله: (وإن رفع إليه خصمان
…
إلخ) لئلا يتناقض كلامه. فتنبه. قوله: (ولا يلزم) أي:
الْمُقَلِّدِ بِتَغَيُّرِهِ.
وَإِنْ بَانَ خَطَؤُهُ فِي إتْلَافٍ بِمُخَالَفَةِ قَاطِعٍ أَوْ خَطَأُ مُفْتٍ لَيْسَ أَهْلًا ضَمِنَا
فصل
ومن غصبه إنسان مالا جهرا أَوْ كَانَ عِنْدَهُ عَيْنُ مَالِهِ فَلَهُ أَخْذُ قَدْرِ الْمَغْصُوبِ جَهْرًا وعَيْنَ مَالِهِ وَلَوْ قَهْرًا أَخَذَ قَدْرِ دَيْنِهِ مِنْ مَالِ مَدِينٍ تَعَذَّرَ أَخْذُ دَيْنِهِ مِنْهُ بِحَاكِمٍ لِجَحْدٍ أَوْ غَيْرِهِ إلَّا إذَا تَعَذَّرَ عَلَى ضَيْفٍ أَخْذَ حَقِّهِ بِحَاكِمٍ أَوْ مَنَعَ زَوْجٌ وَمَنْ فِي مَعْنَاهُ مَا وَجَبَ عَلَيْهِ مِنْ نَفَقَةٍ وَنَحْوِهَا وَلَوْ كَانَ لِكُلِّ مِنْ اثْنَيْنِ عَلَى الْآخَرِ دَيْنٌ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ فَجَحَدَ أَحَدُهُمَا فَلَيْسَ لِلْآخَرِ أَنْ يَجْحَدَ
المقلَّد، بفتح اللام.
قوله: (خطؤه) أي: الحاكم في حكمه. قوله: (بمخالفة) دليل لا يحتمل التأويل. قوله: (ضمناً) كقتلٍ في شيء ظنَّاه ردَّة.
قوله: (ولو قهرًا) أي: مالم يفض إلى فتنةٍ، كما في «الترغيب» .