الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب الدعاوى والبينات
الدَّعْوَى: إضَافَةُ الْإِنْسَانِ إلَى نَفْسِهِ اسْتِحْقَاقَ شَيْءٍ فِي يَدِ غَيْرِهِ أَوْ ذِمَّتِهِ وَالْمُدَّعِي مَنْ يَطْلُبُ غَيْرَهُ بِحَقٍّ يَذْكُرُ اسْتِحْقَاقَهُ عَلَيْهِ الْمُطَالَبُ وَالْبَيِّنَةُ الْعَلَامَةُ الْوَاضِحَةُ كَالشَّاهِدِ فَأَكْثَرُ وَلَا تَصِحُّ الدَّعْوَى إلَّا مِنْ جَائِزِ التَّصَرُّفِ وَكَذَا إنْكَارٌ سِوَى إنْكَارِ سَفِيهٍ فِيمَا يُؤْخَذُ بِهِ إذَنْ وَبَعْدَ فَكِّ حَجْرٍ وَيَحْلِفُ إذَا أَنْكَرَ وَإِذَا تَدَاعَيَا عَيْنًا لَمْ تَخْلُ مِنْ أَرْبَعَةِ أَحْوَالٍ، أَحَدِهِمَا: أَنْ لَا تَكُونَ بِيَدِ أَحَدٍ وَلَا ثَمَّ ظَاهِرٌ وَلَا بَيِّنَةَ تَحَالَفَا وَتَنَاصَفَاهَا وَإِنْ وُجِدَ ظَاهِرٌ عُمِلَ بِهِ فَلَوْ تَنَازَعَا عَرْصَةً بِهَا شَجَرٌ أَوْ بِنَاءٌ لَهُمَا فَهِيَ لَهُمَا ولِأَحَدِهِمَا فلَهُ
قوله: (وبعد فكِّ حجر) كطلاقٍ، وحد قذفٍ. قوله:(تحالفا) أي: حلف كلٌّ أنه لا حق للآخر فيها. قوله: (وإن وجد ظاهر) أي: يرجحُ كونها لأحدهما
…
إلخ.
وَإِنْ تَنَازَعَا مَسْنَاةً بَيْنَ نَهْرِ أَحَدِهِمَا وَأَرْضِ الْآخَرِ أَوْ جِدَارًا بَيْنَ مِلْكَيْهِمَا حَلَفَ كُلٌّ أَنَّ نِصْفَهُ لَهُ وَيُقْرَعُ إنْ تَشَاحَّا فِي الْمُبْتَدِي مِنْهُمَا بِالْيَمِينِ وَلَا يُقْدَحُ إنْ حَلَفَ أَنَّ كُلَّهُ لَهُ وَتَنَاصَفَاهُ كَمَعْقُودٍ بِبِنَائِهِمَا وَإِنْ كَانَ مَعْقُودًا بِبِنَاءِ أَحَدِهِمَا وَحْدَهُ أَوْ مُتَّصِلًا بِهِ اتِّصَالًا لَا يُمْكِنُ إحْدَاثُهُ عَادَةً أَوْ لَهُ عَلَيْهِ أَزَجٌ أَوْ سُتْرَةٌ فلَهُ بِيَمِينِهِ وَلَا تَرْجِيحَ بِوَضْعِ خَشَبَةٍ وَلَا بِوُجُودِ آخَرَ وبِتَزْوِيقٍ وَتَجْصِيصٍ وَمَعَاقِدِ قِمْطٍ فِي خُصٍّ
قوله: (مسنَّاة) أي: مسدًا يردُّ ماء النهر من جانبه. «شرح» . قوله: (ولا يقدح) أي: في حكمِ المسألةِ. قوله: (كمعقود) أي: كحائط معقود. قوله: (ولا يمكن إحداثه) أي: بخلاف ما يمكن إحداثه، كالبناء باللبن والآجر، فإنه
وَإِنْ تَنَازَعَ رَبُّ عُلُوٍّ وَرَبُّ سُفْلٍ فِي سَقْفٍ بَيْنَهُمَا تَنَاصَفَاهُ وفِي سُلَّمٍ مَنْصُوبٍ أَوْ دَرَجَةٍ فلِرَبِّ الْعُلُوِّ إلَّا أَنْ يَكُونَ تَحْتَهَا مَسْكَنٌ لِصَاحِبِ السُّفْلِ فيَتَنَاصَفَاهَا وَإِنْ تَنَازَعَا الصَّحْنَ والدَّرَجَةَ بِصَدْرِهِ فبَيْنَهُمَا وَإِنْ كَانَتْ فِي الْوَسَطِ فَمَا إلَيْهَا بَيْنَهُمَا وَمَا وَرَاءَهُ لِرَبِّ السُّفْلِ وَكَذَا لَوْ تَنَازَعَ رَبُّ بَابٍ بِصَدْرِ دَرْبٍ غَيْرِ نَافِذٍ، وَدَرْبِ بَابٍ بِوَسْطَةٍ فِي الدَّرْبِ
يمكن أن ينزع من الحائط المبنيِّ نصف لبنة وآجرة، ويجعل مكانها لبنة صحيحة، أو آجرة صحيحة تعقد بين الحائطين، فلا يرجح به، وكذا لو كان غير متصلٍ؛ بأن كان الحائطُ محلولاً من بنائهما بينهما شق مستطيل يكون بين الحائطين اللَّذين ألصق أحدهما بالآخر بصدره، أي: آخره.
فصل
الثاني: أن تكون بيد أحدهما فَهِيَ لَهُ وَيَحْلِفُ إنْ لَمْ تَكُنْ بَيِّنَةٌ وَإِنْ سَأَلَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْحَاكِمَ كِتَابَةَ مَحْضَرٍ مِمَّا جَرَى إيجَابُهُ وَذَكَرَ فِيهِ أَنَّهُ بَقَّى الْعَيْنَ بِيَدِهِ ; لِأَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ مَا يَرْفَعُهَا وَلَا يَثْبُتُ مِلْكٌ بِذَلِكَ كَمَا يَثْبُتُ بِبَيِّنَةٍ فَلَا شُفْعَةَ لَهُ بِمُجَرَّدِ الْيَدِ
فصل
الثالث: أن تكون بيديهما كَطِفْلٍ كُلٌّ مُمْسِكٌ لِبَعْضِهِ فَيَحْلِفُ كُلٌّ كَمَا مَرَّ فِيمَا يَنْتَصِفُ وَتَنَاصَفَاهُ إلَّا أَنْ يَدَّعِيَ أَحَدُهُمَا نِصْفًا فَأَقَلُّ أَوْ الْآخَرُ الْجَمِيعَ أَوْ أَكْثَرَ مِمَّا بَقِيَ فَيَحْلِفُ مُدَّعِي الْأَقَلَّ وَيَأْخُذُهُ
قوله: (ويحلف) أي: ولو كان أحدهما هو العين المدعاة مثل: أن يدعي شخص بالغ عاقلٌ في يد إنسانٍ أنَّه حرٌّ، فيقول صاحب اليد: هو عبدي، فلا يكون القول قولَه هنا، بل قول مدَّعي الحرية. والظاهر: أنه لا تجب اليمين؛ لأنه منكر لأصل الرق. شهاب فتوحي.
قوله: (فيما يتنصَّفُ) وهو الأول.
وَإِنْ كَانَ مُمَيِّزًا فَقَالَ: إنِّي حُرٌّ خُلِّيَ حَتَّى تَقُومَ بَيِّنَةٌ بِرِقِّهِ فَإِنْ قَوِيَتْ يَدُ أَحَدِهِمَا كَحَيَوَانٍ وَاحِدٌ سَائِقُهُ أَوْ آخِذٌ بِزِمَامِهِ وَآخَرُ رَاكِبُهُ أَوْ عَلَيْهِ حِمْلُهُ أَوْ وَاحِدٌ عَلَيْهِ حِمْلُهُ وَآخَرُ رَاكِبُهُ أَوْ قَمِيصٍ وَاحِدٌ آخِذٌ بِكُمِّهِ وَآخَرُ لَابِسُهُ فلِلثَّانِي بِيَمِينِهِ وَيُعْمَلُ بِالظَّاهِرِ فِيمَا بِيَدَيْهِمَا مُشَاهَدَةً أَوْ حُكْمًا أَوْ بِيَدِ وَاحِدٍ مُشَاهَدَةً والْآخَرِ حُكْمًا فَلَوْ نُوزِعَ رَبُّ دَابَّةٍ فِي رَحْلٍ عَلَيْهَا أَوْ رَبُّ قِدْرٍ وَنَحْوِهِ فِي شَيْءٍ فِيهِ فلَهُ وَلَوْ نَازَعَ رَبُّ دَارٍ خَيَّاطًا فِيهَا فِي إبْرَةٍ أَوْ مِقَصٍّ أَوْ قَرَّابًا فِي قِرْبَةٍ فلِلثَّانِي وَعَكْسُهُ الثَّوْبَ وَالْخَابِيَةَ وَإِنْ تَنَازَعَ مُكْرٍ وَمُكْتَرٍ فِي رَفٍّ مَقْلُوعٍ أَوْ مِصْرَاعٍ لَهُ شَكْلٌ مَنْصُوبٍ فِي الدَّارِ فلِرَبِّهَا وَإِلَّا فبَيْنَهُمَا وَمَا جَرَتْ عَادَةٌ بِهِ وَلَوْ لَمْ يَدْخُلْ فِي بَيْعِ فلِرَبِّهَا وَإِلَّا فلِمُكْتَرٍ
قوله: (ويعمل بالظاهر) أي: ظاهر الحال. قوله: (والخابية) أي: التي يصب فيها الماء. قوله: (مقلوعٍ) أي: له شكل في الدار.
وإن تَنَازَعَ زَوْجَانِ أَوْ وَرَثَتُهُمَا أَوْ أَحَدُهُمَا وَوَرَثَةُ الْآخَرِ وَلَوْ مَعَ رِقِّ أَحَدِهِمَا فِي قُمَاشِ الْبَيْتِ وَنَحْوِهِ وَإِلَّا فَمَا يَصْلُحُ لِرَجُلٍ فلَهُ ولَهَا فَلَهَا ولَهُمَا فلَهُمَا وَكَذَا صَانِعَانِ فِي آلَةِ دُكَّانِهِمَا، فَآلَةُ كُلِّ صَنْعَةٍ لِصَانِعِهَا وَكُلُّ مَنْ قُلْنَا هُوَ لَهُ فبِيَمِينِهِ وَمَتَى كَانَ لِأَحَدِهِمَا بَيِّنَةٌ حُكِمَ لَهُ بِهَا وَإِنْ كَانَ لِكُلٍّ بَيِّنَةٌ وَتَسَاوَتَا مِنْ كُلِّ وَجْهٍ تَعَارَضَتَا وَتَسَاقَطَتَا فَيَتَحَالَفَانِ وَيَتَنَاصَفَانِ مَا بِأَيْدِيهِمَا وَيُقْرَعُ فِيمَا لَيْسَ بِيَدِ أَحَدٍ أَوْ بِيَدِ ثَالِثٍ، وَلَمْ يُنَازِعْ وَإِنْ كَانَ بِيَدِ أَحَدِهِمَا حُكِمَ بِهِ لِلْمُدَّعِي عَلَى الْأَصَحِّ، وَهُوَ الْخَارِجُ بِبَيِّنَةٍ سَوَاءٌ أُقِيمَتْ بَيِّنَةُ مُنْكِرٍ وَهُوَ الدَّاخِلُ بَعْدَ رَفْعِ يَدِهِ أَوْ لَا، وَسَوَاءٌ شَهِدَتْ لَهُ أَنَّهَا نَتَجَتْ فِي مِلْكِهِ أَوْ قَطِيعَةٌ مِنْ إمَامٍ أَوْ لَا
قوله: (ويقرع فيما ليس بيدِ أحدٍ) هذا على ضعيف، والصحيح ما قدَّمه في الحال الأول من أنهما يتحالفان ويتناصفانها.
وَتُسْمَعُ بَيِّنَتُهُ وَهُوَ مُنْكِرٌ لِادِّعَائِهِ الْمِلْكَ وَكَذَا مَنْ ادَّعَى عَلَيْهِ تَعَدِّيًا بِبَلَدٍ وَوَقْتٍ مُعَيَّنَيْنِ وَقَامَتْ بِهِ بَيِّنَةٌ وَهُوَ مُنْكِرٌ فَادَّعَى كَذِبَهَا وَأَقَامَ بَيِّنَةً أَنَّهُ كَانَ بِهِ بِمَحَلٍّ بَعِيدٍ عَنْ ذَلِكَ الْبَلَدِ وَلَا تُسْمَعُ بَيِّنَةُ دَاخِلٍ مَعَ عَدَمِ بَيِّنَةِ خَارِجٍ وَمَعَ حُضُورِ الْبَيِّنَتَيْنِ لَا تُسْمَعُ بَيِّنَةُ دَاخِلٍ قَبْلَ بَيِّنَةِ خَارِجٍ وَتَعْدِيلِهَا وَتُسْمَعُ بَعْدَ التَّعْدِيلِ قَبْلَ الْحُكْمِ وَبَعْدَهُ قَبْلَ التَّسْلِيمِ وَإِنْ كَانَتْ بَيِّنَةُ الْمُنْكِرِ غَائِبَةً حِينَ رَفَعْنَا يَدَهُ فَجَاءَتْ وَقَدْ ادَّعَى مِلْكًا مُطْلَقًا فَهِيَ بَيِّنَةُ خَارِجٍ فَإِنَّ ادَّعَاهُ مُسْتَنِدًا لِمَا قَبْلَ يَدِهِ فبَيِّنَةُ دَاخِلٍ وَإِنْ أَقَامَ الْخَارِجُ بَيِّنَةً أَنَّهُ اشْتَرَاهَا مِنْ الدَّاخِلِ وَأَقَامَ الدَّاخِلُ بَيِّنَةً أَنَّهُ اشْتَرَاهَا مِنْ الْخَارِجِ قُدِّمَتْ بَيِّنَةُ الدَّاخِلِ ; لِأَنَّهُ الْخَارِجُ مَعْنًى وَإِنْ أَقَامَ الْخَارِجُ بَيِّنَةَ أَنَّهَا مِلْكُهُ، والْآخَرُ بَيِّنَةَ أَنَّهُ بَاعَهَا مِنْهُ أَوْ وَقَّفَهَا عَلَيْهِ أَوْ أَعْتَقَهَا قُدِّمَتْ الثَّانِيَةُ وَلَمْ تُرْفَعْ بَيِّنَةُ الْخَارِجِ يَدَهُ
قوله: (مع عدم بينةِ) أي: لعدم حاجته إليها. قال منصور البهوتي. قلت: بل هو محتاج إليهَا؛ لدفع التهمة واليمين عنه.
كَقَوْلِهِ: أَبْرَأَنِي مِنْ الدَّيْنِ أَمَّا لَوْ قَالَ لِي بَيِّنَةٌ غَائِبَةٌ طُولِبَ بِالتَّسْلِيمِ لِأَنَّ تَأْخِيرَهُ يَطُولُ وَمَتَى أُرِّخَتَا وَالْعَيْنُ بِيَدَيْهِمَا فِي شَهَادَةٍ بِمِلْكٍ أَوْ فِي شَهَادَةٍ بِيَدٍ أَوْ إحْدَاهُمَا فَقَطْ فَهُمَا سَوَاءٌ إلَّا أَنْ تَشْهَدَ الْمُتَأَخِّرَةُ بِانْتِقَالِهِ عَنْهُ وَلَا تُقَدَّمُ إحْدَاهُمَا بِزِيَادَةِ نِتَاجٍ أَوْ سَبَبِ مِلْكٍ أَوْ اشْتِهَارِ عَدَالَةٍ أَوْ كَثِيرِ عَدَدٍ وَلَا رَجُلَانِ عَلَى رَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ أَوْ وَيَمِينٍ وَمَتَى ادَّعَى أَحَدُهُمَا أَنَّهُ اشْتَرَاهَا مِنْ زَيْدٍ وَهِيَ مِلْكُهُ والْآخَرُ أَنَّهُ اشْتَرَاهَا مِنْ عَمْرو وَهِيَ مِلْكُهُ وَأَقَامَا بِذَلِكَ بَيِّنَتَيْنِ تَعَارَضَتَا وَإِنْ شَهِدَتْ إحْدَاهُمَا بِالْمِلْكِ والْأُخْرَى بِانْتِقَالِهِ عَنْهُ لَهُ كَمَا لَوْ أَقَامَ رَجُلٌ بَيِّنَةَ أَنَّ هَذِهِ الدَّارَ لِأَبِي خَلَّفَهَا تَرِكَةً وَأَقَامَتْ امْرَأَتُهُ بَيِّنَةً أَنَّ أَبَاهُ أَصْدَقَهَا إيَّاهَا قُدِّمَتْ النَّاقِلَةُ كَبَيِّنَةِ مِلْكٍ عَلَى بَيِّنَةِ يَدٍ
قوله: (بزيادة نتاج) أي: بزيادة ذكره. قوله: (تعارضتا) أي: إن لم تكن بيدِ أحدهما، ثم إن كانت ببديهما، تحالفا وتناصفاها، أو بيد ثالثٍ لم ينازع، أقرع، فمن قرع حلف وأخذها، أو بيد أحدِهما، فللخارج ببينته، أو بيد البائعين فادَّعاها، حلف، أو أقر لأحدهما، فالمقر له كداخل.
فصل
الرابع: أن تكون بِيَدِ ثَالِثٍ، فَإِنْ ادَّعَاهَا لِنَفْسِهِ حَلَفَ لِكُلِّ وَاحِدٍ يَمِينًا فَإِنْ نَكَلَ عَنْهُمَا أَخَذَاهَا مِنْهُ، وبَدَلَهَا وَاقْتَرَعَا عَلَيْهِمَا وَإِنْ أَقَرَّ بِهَا لَهُمَا اقْتَسَمَاهَا وَحَلَفَ لِكُلٍّ يَمِينًا بِالنِّسْبَةِ إلَى النِّصْفِ الَّذِي أَقَرَّ بِهِ لِصَاحِبِهِ وَحَلَفَ كُلٌّ مِنْ الْمُدَّعِيَيْنِ لِصَاحِبِهِ عَلَى النِّصْفِ الْمَحْكُومِ لَهُ بِهِ وَإِنْ نَكَلَ الْمُقِرُّ عَنْ الْيَمِينِ لِكُلٍّ مِنْهُمَا أَخَذَا مِنْهُ بَدَلَهَا وَاقْتَسَمَاهُ أَيْضًا ولِأَحَدِهِمَا بِعَيْنِهِ حَلَفَ وَأَخَذَهَا وَيَحْلِفُ الْمُقِرُّ لِلْآخَرِ
قوله: (واقترعا عليهما) وإن نكل عن أحدهما، وحلف للآخر، أخذ العين منه، وحلف من أخذ العين لصاحبه أيضاً. قوله:(المحكوم له به) فإن أقامَ أحدهما بينة أنها له بعد حلف صاحبه، فالظاهر: أنَّه يحكم له بها، ويرجع من انتزع منه النصف علي المقرِّ بذلك، على قياسِ ما يأتي. قوله:(واقتسماه أيضاً) ولا يمين حينئذ على واحدٍ منهما لصاحبه. قوله: (وأخذها) فإن نكل، فالظاهر: أنَّه يحكم عليه بالنكول، فتدفع العين لصاحبه، ولا رجوع له على المقرِّ؛ لأنه المفوت على نفسه.
فَإِنْ نَكَلَ أَخَذَ مِنْهُ بَدَلَهَا وَإِذَا أَخَذَهَا فَأَقَامَ الْآخَرُ بَيِّنَةً أَخَذَهَا مِنْهُ وَلِلْمُقَرِّ لَهُ قِيمَتُهَا عَلَى الْمُقِرِّ وَإِنْ قَالَ هِيَ لِأَحَدِهِمَا وَأَجْهَلُهُ فَصَدَّقَاهُ لَمْ يَحْلِفْ وَإِلَّا حَلَفَ يَمِينًا وَاحِدَةً وَيُقْرَعُ بَيْنَهُمَا فَمَنْ قُرِعَ حَلَفَ وَأَخَذَهَا ثُمَّ إنْ بَيَّنَ قُبِلَ وَلَهُمَا الْقُرْعَةُ بَعْدَ تَحْلِيفِهِ الْوَاجِبِ وَقَبْلَهُ فَإِنْ نَكَلَ قُدِّمَتْ الْقُرْعَةُ
قوله: (للمقرِّ له) وهو بعيد. قوله: (واحدةً) لأنه يحلف على نفي العلم، وهو شيءٌ واحد. قوله:(بينهما) أي: في حالتي التصديق والتكذيب قوله: (حلف) لأنَّ خروج القرعة له بمنزلة اليد. قوله: (ثم إن بينه، قبل) أي: فتسلم لمن أقر بها له، ويحلف للآخر، فإن نكل أخذ منه بدلها، هذا مقتضى قول الشارح، كتبيينه ابتداءً، والله أعلم.
قوله: (بعد تحليفه الواجب
…
رإلخ) وجوب التحليف في حالتين: إذا كذباه، أو كذبه أحدهما، أما إذا صدقاه، فلا يمين عليه. قوله:(فإن نكل قُدِّمت القرعة) قال والد المصنف: لاحتمال أن تخرج القرعةُ للمكذب، فسقط التحليف للآخر؛ لأنه صدَّقه على عدم العلم. انتهى.
وَيَحْلِفُ لِلْمَقْرُوعِ إنْ كَذَّبَهُ فَإِنْ نَكَلَ أَخَذَ مِنْهُ بَدَلَهَا وَإِنْ أَنْكَرَهُمَا وَلَمْ يُنَازِعْ أُقْرِعَ فَلَوْ عَلِمَ أَنَّهَا لِلْآخَرِ فَقَدْ مَضَى الْحُكْمُ وَإِنْ كَانَ لِأَحَدِهِمَا بَيِّنَةٌ حُكِمَ لَهُ بِهَا وَإِنْ كَانَ لِكُلٍّ بَيِّنَةٌ تَعَارَضَتَا سَوَاءٌ أَقَرَّ لَهُمَا أَوْ لِأَحَدِهِمَا لَا بِعَيْنِهِ، أَوْ لَيْسَتْ بِيَدِ أَحَدٍ وَإِنْ أَنْكَرَهُمَا فَأَقَامَا بَيِّنَتَيْنِ ثُمَّ أَقَرَّ لِأَحَدِهِمَا بِعَيْنِهِ لَمْ تُرَجَّحْ بِذَلِكَ، وَحُكْمُ التَّعَارُضِ بِحَالِهِ وَإِقْرَارُهُ صَحِيحٌ وَإِنْ كَانَ إقْرَارُهُ قَبْلَ إقَامَتِهِمَا فَالْمُقَرُّ لَهُ كَدَاخِلٍ وَالْآخَرُ كَخَارِجٍ
قوله: (وإن أنكرهما) فقال: ليست لهما ولا لأحدِهما. قوله: (ولم ينازع) هذا قسيم قولِه: (فإن ادَّعاها لنفسه). قوله أيضا على قوله: (وإن أنكرهما) لا يعارضه ما يأتي، فتنبه له. قوله:(أُقرع) بينهما. قوله: (مضى الحكم) نقله المروذي. قوله: (أو ليست بيد أحد) فيصيران كمن لا بينة لهما. قوله: (وإقراره صحيح) أي: فيحلف للآخر، فإن نكل، لزمه بدلها، وتسلَّم لمن أقرَّ له، فيأخذها، ويحلف كما لو لم يكن لهما بينة. قوله:(والآخر كخارج) أي: فتقدَّم بينته، فينتزع العين من المقرِّ له، وعلى قياس ما تقدَّم: أنه يلزم المقر إذن قيمتها للمقر له.
وَإِنْ لَمْ يَدَّعِهَا وَلَمْ يُقِرَّ بِهَا لِغَيْرِهِ وَلَا بَيِّنَةَ فَهِيَ لِأَحَدِهِمَا بِقُرْعَةٍ فَإِنْ كَانَ الْمُدَّعَى بِهِ مُكَلَّفًا وَأَقَامَا بَيِّنَةً بِرِقِّهِ وَأَقَامَ بَيِّنَةً بِحُرِّيَّتِهِ تَعَارَضَتَا وَإِنْ لَمْ يَدَّعِ حُرِّيَّةً فَأَقَرَّ لِأَحَدِهِمَا، فَهُوَ لَهُ ولَهُمَا فَهُوَ لَهُمَا وَإِلَّا لَمْ يُلْتَفَتْ إلَى قَوْلِهِ وَمَنْ ادَّعَى دَارًا وآخَرُ نِصْفَهَا، فَإِنْ كَانَتْ بِأَيْدِيهِمَا وَأَقَامَا بَيِّنَتَيْنِ فَهِيَ لِمُدَّعِي الْكُلِّ وَإِنْ كَانَتْ بِيَدِ ثَالِثٍ فَإِنْ نَازَعَ فَلِمُدَّعِي كُلِّهَا نِصْفٌ والْآخَرُ لِرَبِّ الْيَدِ بِيَمِينِهِ وَإِنْ لَمْ يُنَازِعْ فَقَدْ ثَبَتَ أَخْذُ نِصْفِهَا لِمُدَّعِي الْكُلِّ وَيَقْتَرِعَانِ عَلَى الْبَاقِي
قوله: (وإن لم يدعها
…
إلخ) ليست هذه العبارة مكررة مع قوله قبل: (وإن أنكرهما ولم ينازع) لأن من العين بيده هنا لم يُنكرهما، بل نفاها عن نفسه، وجهل لمن هي، بخلافه ثمَّ، فإنه نفاها عن نفسه وعنهما، وأن الحكم في الصورتين: أنها لأحدهما بقرعة حيث لا بيِّنة. قوله: (فهو لهما) وعلم منه صحة إقرار المكلف بالرق، وهذا في غير اللقيط لما تقدم. قوله:(وإن كانت بيدِ ثالثٍ) وأقاما بينتين، كما في «شرحه» .
وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بَيِّنَةٌ فَلِمُدَّعِي كُلِّهَا نِصْفُهَا وَيَقْتَرِعَانِ فَمَنْ قُرِعَ فِي النِّصْفِ حَلَفَ وَأَخَذَهُ وَلَوْ ادَّعَى كُلٌّ نِصْفَهَا وَصَدَّقَ مَنْ بِيَدِهِ الْعَيْنُ أَحَدَهُمَا وَكَذَّبَ الْآخَرَ وَلَمْ يُنَازِعْ فَقِيلَ: يُسَلَّمُ إلَيْهِ وَقِيلَ: يَحْفَظُهُ حَاكِمٌ وَقِيلَ: يَبْقَى بِحَالِهِ
فصل
ومن بيده عبد ادعى أنه اشتراه من زيد وادعى العبد أن زيدًا أعتقه
قوله: (وإن لم تكن بينة) أي: وهي بيد ثالث لم ينازع. «شرح» . قوله: (ومن قرع في النصف
…
إلخ) قال في «شرحه» : كالعين الكاملة. انتهى. قوله: (فقيل: يُسلم إليه) وهو أقرب للقواعد، فراجع طريق الحكم حيث قال:(وإن قال: ليست لي ولا أعلم لمن هي، أو قال ذلك المقر له، وجهل لمن هي، سُلِّمت لمدعٍ) انتهى. وظاهره: بلا يمين. قوله: (بحاله) أي: بيدِ ثالثٍ.
قوله: (أعتقه) أي: وأقام كل بينة، صحَّحْنا أسبق التصرفين، إن علم التاريخ، وإلا تساقطتا.
أَوْ ادَّعَى شَخْصٌ أَنَّ زَيْدًا بَاعَهُ أَوْ وَهَبَهُ لَهُ وَادَّعَى آخَرُ مِثْلَهُ وَأَقَامَ كُلٌّ بَيِّنَةً صَحَّحْنَا أَسْبَقَ التَّصَرُّفَيْنِ إنْ عُلِمَ التَّارِيخُ وَإِلَّا تَسَاقَطَتَا وَكَذَا إنْ كَانَ الْعَبْدُ بِيَدِ نَفْسِهِ وَلَوْ ادَّعَيَا زَوْجِيَّةَ امْرَأَةٍ وَأَقَامَ كُلٌّ بَيِّنَةً وَلَوْ كَانَتْ بِيَدِ أَحَدِهِمَا سَقَطَتَا وَلَوْ أَقَامَ كُلٌّ مِمَّنْ الْعَيْنُ بِيَدَيْهِمَا بَيِّنَةً بِشِرَائِهَا مِنْ زَيْدٍ وَهِيَ مِلْكُهُ بِكَذَا، وَاتَّحَدَ تَارِيخُهُمَا تَحَالَفَا وَتَنَاصَفَاهَا وَلِكُلٍّ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى زَيْدٍ بِنِصْفِ الثَّمَنِ وأَنْ يَفْسَخَ وَيَرْجِعَ بِكُلِّهِ وأَنْ يَأْخُذَهَا كُلَّهَا مَعَ فَسْخِ الْآخَرِ وَإِنْ سَبَقَ تَارِيخُ أَحَدِهِمَا فَهِيَ لَهُ وَلِلثَّانِي الثَّمَنُ وَإِنْ أُطْلِقَتَا أَوْ إحْدَاهُمَا تَعَارَضَتَا فِي مِلْكٍ إذَنْ لَا فِي شِرَاءٍ فَيُقْبَلُ مِنْ زَيْدٍ دَعْوَاهَا بِيَمِينٍ لَهُمَا
قوله: (بيدِ أحدِهما) أي: لأن اليد لا تثبت على الحرِّ. قوله: (سقطتا) ولا يقبل إقرارها لأحدِهما؛ لأنَّها متهمة، بخلاف ما لو كان المدعي واحدًا فصدقتْهُ، فإنها تقبل.
وَإِنْ ادَّعَى اثْنَانِ ثَمَنَ عَيْنٍ بِيَدِ ثَالِثٍ كُلٌّ مِنْهُمَا إنَّهُ اشْتَرَاهَا مِنْهُ بِثَمَنٍ سَمَّاهُ فَمَنْ صَدَّقَهُ أَوْ أَقَامَ بَيِّنَةً أَخَذَ مَا ادَّعَاهُ وَإِلَّا حَلَفَ وَإِنْ أَقَامَا بَيِّنَتَيْنِ وَهُوَ مُنْكِرٌ فَإِنْ اتَّحَدَ تَارِيخُهُمَا تَسَاقَطَتَا وَإِنْ اخْتَلَفَ تَارِيخُهُمَا أَوْ أُطْلِقَتَا أَوْ إحْدَاهُمَا عُمِلَ بِهِمَا وَإِنْ قَالَ أَحَدُهُمَا: غَصَبَنِيهَا والْآخَرُ: مَلَّكَنِيهَا أَوْ أَقَرَّ لِي بِهَا وَأَقَامَا بَيِّنَتَيْنِ فَهِيَ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ وَلَا يَغْرَمُ لِلْآخَرِ شَيْئًا وَإِنْ ادَّعَى أَنَّهُ آجَرَهُ الْبَيْتَ بِعَشَرَةٍ فَقَالَ الْمُسْتَأْجِرُ: بَلْ كُلَّ الدَّارِ وَأَقَامَا بَيِّنَتَيْنِ تَعَارَضَتَا وَلَا قِسْمَةَ هُنَا
قوله: (ولا يغرم للآخر) أي: ولا يغرم المدعى عليه. قوله: (ولا قسمة هنا) أي: ولا قسمة لمنافعِ الدَّار هنا. والظاهر: أن القول قول المؤجر بيمينه؛ لأنه ينكر إجارةَ غيرِ البيتِ. منصور البهوتي.