الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب أدب القاضي
وَهُوَ أَخْلَاقُهُ الَّتِي يَنْبَغِي التَّخَلُّقُ بِهَا وَالْخُلُقُ صُورَتُهُ الْبَاطِنَةُ يُسَنُّ كَوْنُهُ قَوِيًّا بِلَا عُنْفٍ لَيِّنًا بِلَا ضَعْفٍ حَلِيمًا مُتَأَنِّيًا مُتَفَطِّنًا عَفِيفًا بَصِيرًا بِأَحْكَامِ الْحُكَّامِ قَبْلَهُ وسُؤَالُهُ إنْ وَلِيَ فِي غَيْرِ بَلَدِهِ عَنْ عُلَمَائِهِ وعُدُولِهِ وَإعْلَامُهُمْ يَوْمَ دُخُولِهِ لِيَتَلَقَّوْهُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَأْمُرَهُمْ بِتَلَقِّيهِ ودُخُولُهُ يَوْمَ اثْنَيْنِ أَوْ خَمِيسٍ أَوْ سَبْتٍ ضَحْوَةً لَابِسًا أَجْمَلَ ثِيَابِهِ وَكَذَا أَصْحَابُهُ وَلَا يَتَطَيَّرُ وَإِنْ تَفَاءَلَ فَحَسَنٌ فَيَأْتِي الْجَامِعَ فَيُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ وَيَجْلِسُ مُسْتَقْبِلًا وَيَأْمُرُ بِعَهْدِهِ فَيُقْرَأُ عَلَى النَّاسِ ووَيُقِلُّ مِنْ كَلَامِهِ إلَّا لِحَاجَةٍ ثُمَّ يَمْضِي إلَى مَنْزِلِهِ وَيُنْفِذُ لِيَتَسَلَّمَ دِيوَانَ الْحُكْمِ مِمَّنْ كَانَ قَاضِيًا قَبْلَهُ وَيَأْمُرُ كَاتِبًا ثِقَةً يُثْبِتُ مَا تَسَلَّمَهُ بِمَحْضَرِ عَدْلَيْنِ ثُمَّ يَخْرُجُ يَوْمَ الْوَعْدِ بِأَعْدَلِ أَحْوَالِهِ غَيْرَ غَضْبَانَ وَلَا جَائِعٍ وَلَا حَاقِنٍ
قوله: (وينفذ) أي: يبعث.
وَلَا مَهْمُومٍ بِمَا يَشْغَلُهُ عَنْ الْفَهْمِ فَيُسَلِّمُ عَلَى مَنْ يَمُرُّ بِهِ وَلَوْ صَبِيًّا ثُمَّ عَلَى مَنْ بِمَجْلِسِهِ وَيُصَلِّي إنْ كَانَ بِمَسْجِدٍ تَحِيَّتَهُ وَإِلَّا خُيِّرَ وَالْأَفْضَلُ الصَّلَاةُ وَيَجْلِسُ عَلَى بِسَاطٍ أَوْ نَحْوِهِ وَيَدْعُو بِالتَّوْفِيقِ وَالْعِصْمَةِ مُسْتَعِينًا مُتَوَكِّلًا وَيَدْعُو سِرًّا وَلْيَكُنْ مَجْلِسُهُ فِي مَوْضِعٍ لَا يَتَأَذَّى فِيهِ بِشَيْءٍ فَسِيحًا كَجَامِعٍ وَيَصُونُهُ عَمَّا يُكْرَهُ فِيهِ وَكَدَارٍ وَاسِعَةٍ وَسْطَ الْبَلَدِ إنْ أَمْكَنَ وَلَا يَتَّخِذُ حَاجِبًا وَلَا بَوَّابًا بِلَا عُذْرٍ إلَّا فِي غَيْرِ مَجْلِسِ الْحُكْمِ إنْ شَاءَ وَيُعْرَضُ الْقَصَصُ وَيَجِبُ تَقْدِيمُ سَابِقٍ لَا فِي أَكْثَرَ مِنْ حُكُومَةٍ وَيُقْرِعُ إنْ حَضَرُوا دَفْعَةً وَتَشَاحُّوا وعَلَيْهِ الْعَدْلُ بَيْنَ مُتَحَاكِمَيْنِ فِي لَحْظِهِ وَلَفْظِهِ وَمَجْلِسِهِ وَدُخُولٍ عَلَيْهِ إلَّا إذَا سَلَّمَ أَحَدُهُمَا فَيَرُدُّ وَلَا يَنْتَظِرُ سَلَامَ الثَّانِي وَإِلَّا الْمُسْلِمُ مَعَ كَافِرٍ فَيُقَدَّمُ دُخُولًا وَيُرْفَعُ جُلُوسًا وَلَا يُكْرَهُ قِيَامُهُ لِلْخَصْمَيْنِ وَيَحْرُمُ أَنْ يُسَارَّ أَحَدَهُمَا أَوْ يُلَقِّنَهُ حُجَّةً أَوْ يُضَيِّفَهُ أَوْ يُعَلِّمَهُ كَيْفَ يَدَّعِي إلَّا أَنْ يَتْرُكَ مَا يَلْزَمُ
قوله: (ولا يتخذ حاجبًا) أي: في مجلس الحكم.
ذِكْرُهُ كَشَرْطِ عَقْدٍ وسبب ونَحْوِهِ فَلَهُ أَنْ يَسْأَلَهُ عَنْهُ وَلَهُ أَنْ يَزِنَ ويَشْفَعَ لَهُ لِيَضَعَ عَنْ خَصْمِهِ شَيْئًا أَوْ لِيُنْظِرَهُ وأَنْ يُؤَدِّبَ خَصْمًا افْتَاتَ عَلَيْهِ وَلَوْ لَمْ يُثْبِتْهُ بِبَيِّنَةٍ وأَنْ يَنْتَهِرَهُ إذَا الْتَوَى وَيُسَنُّ أَنْ يُحْضِرَ مَجْلِسَهُ فُقَهَاءَ الْمَذَاهِبِ وَمُشَاوَرَتُهُمْ فِيمَا يَشْكُلُ فَإِنْ اتَّضَحَ وَإِلَّا أَخَّرَهُ فَلَوْ حَكَمَ وَلَمْ يَجْتَهِدْ لَمْ يَصِحَّ وَلَوْ أَصَابَ الْحَقَّ وَيَحْرُمُ تَقْلِيدُ غَيْرِهِ أَعْلَمَ والْقَضَاءُ وَهُوَ غَضْبَان كَثِيرًا أَوْ حَاقِنٌ أَوْ فِي شِدَّةِ جُوعٍ أَوْ عَطَشٍ أَوْ هَمٍّ أَوْ مَلَلٍ أَوْ كَسَلٍ أَوْ نُعَاسٍ أَوْ بَرْدٍ مُؤْلِمٍ أَوْ حَرٍّ مُزْعِجٍ وَإِنْ خَالَفَ فَأَصَابَ الْحَقَّ نَفَذَ وَكَانَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم الْقَضَاءُ مَعَ ذَلِكَ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ عَلَيْهِ غَلَطٌ يُقَرُّ عَلَيْهِ لَا قَوْلًا وَلَا فِعْلًا فِي حُكْمٍ وَيَحْرُمُ قَبُولُهُ رِشْوَةً وَكَذَا هَدِيَّةٍ إلَّا مِمَّنْ كَانَ يُهَادِيهِ قَبْلَ وِلَايَتِهِ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ حُكُومَةٌ فَيُبَاحُ كَلِمُفْتٍ وَرَدُّهَا أَوْلَى فَإِنْ خَالَفَ
_________
رُدَّتَا لِمُعْطٍ.
وَيُكْرَهُ بَيْعُهُ وَشِرَاؤُهُ إلَّا بِوَكِيلٍ لَا يُعْرَفُ بِهِ وَلَيْسَ لَهُ وَلَا لِوَالٍ أَنْ يَتَّجِرَ وَتُسَنُّ لَهُ عِيَادَةُ الْمَرْضَى وَشَهَادَةُ الْجَنَائِزِ وَتَوْدِيعُ غَازٍ وَحَاجٍّ مَا لَمْ يَشْغَلْهُ وَهُوَ فِي دَعَوَاتِ كَغَيْرِهِ وَلَا يُجِيبُ قَوْمًا وَيَدَعُ قَوْمًا بِلَا عُذْرٍ وَيُوصِي الْوُكَلَاءَ وَالْأَعْوَانَ بِبَابِهِ بِالرِّفْقِ بِالْخُصُومِ وَقِلَّةِ الطَّمَعِ وَيَجْتَهِدُ أَنْ يَكُونُوا شُيُوخًا أَوْ كُهُولًا مِنْ أَهْلِ الدِّينِ وَالْعِفَّةِ وَالصِّيَانَةِ وَيُبَاحُ أَنْ يَتَّخِذَ كَاتِبًا وَيُشْتَرَطُ كَوْنُهُ مُسْلِمًا عَدْلًا وَيُسَنُّ كَوْنُهُ حَافِظًا عَالِمًا وَيَجْلِسُ بِحَيْثُ يُشَاهِدُ مَا يَكْتُبُهُ وَيَجْعَلُ الْقِمَطْرَ، وَهُوَ مَا يَجْمَعُ فِيهِ الْقَضَايَا مَخْتُومًا بَيْنَ يَدَيْهِ وَيُسَنُّ حُكْمُهُ بِحَضْرَةِ شُهُودٍ وَيَحْرُمُ تَعْيِينُهُ قَوْمًا بِالْقَبُولِ وَلَا يَصِحُّ وَلَا يَنْفُذُ حُكْمُهُ عَلَى عَدُوِّهِ بَلْ يُفْتِي عَلَى عَدُوِّهِ وَلَا لِنَفْسِهِ وَلَا لِمَنْ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ لَهُمْ
قوله: (رُدَّتا لمعطٍ) أي: الرشوةُ والهديةُ.
وَلَهُ اسْتِخْلَافُهُمْ كَحُكْمِهِ لِغَيْرِهِمْ بِشَهَادَتِهِمْ وعَلَيْهِمْ فصل
ويسن أن يبدأ بالمحبوسين فَيُنْفِذَ ثِقَةً يَكْتُبُ أَسْمَاءَهُمْ ومَنْ حَبَسَهُمْ وَفِيمَ ذَلِكَ ثُمَّ يُنَادِي فِي الْبَلَدِ أَنَّهُ يَنْظُرُ فِي أَمْرِهِمْ فَإِذَا جَلَسَ لمِوَعْدِهِ فَمَنْ حَضَرَ لَهُ خَصْمٌ نَظَرَ بَيْنَهُمَا فَإِنْ كَانَ حُبِسَ لِتُعَدَّلَ الْبَيِّنَةُ فَإِعَادَتُهُ مَبْنِيَّةٌ عَلَى حَبْسِهِ فِي ذَلِكَ وَيُقْبَلُ قَوْلُ خَصْمِهِ فِي أَنَّهُ حَبَسَهُ بَعْدَ تَكْمِيلِ بَيِّنَتِهِ وتَعْدِيلِهَا وَإِنْ ذَكَرَ حَبَسَهُ بِقِيمَةِ كَلْبٍ أَوْ خَمْرِ ذِمِّيٍّ وَصَدَّقَهُ غَرِيمٌ خَلَّي
قوله: (استخلافهم) أي: استنابة ولده، ووالدِه، ونحوِهما.
قوله: (بالمحبوسين) أي: بالنظر في أمرهم؛ لأن الحبس عذاب. قوله: (فينقذ) أي: يمضي. قوله: (فمن حضر له خصم
…
إلخ) أي: فينظر ابتداء في رقاع المحبوسين، فتخرجُ رقعةٌ منها، ويقال: هذه رقعة فلان، فمن خصمه؟ فيمن حضر له
…
إلخ. قوله: (فإعادته) أي: فجواز إعادته إلى الحبس مبنية
…
إلخ. قوله: (في ذلك) والأصح: حبسه إن كان في غير حد، فيعاد للحبس. «شرح». قوله:(قولُ خصمه) أي: خصمِه المحبوس. قوله: (بقيمة كلبٍ) أي: في اعتقاد المدعي، وإلا فالكلب لا قيمة له شرعًا. محمد الخلوتي.
وَإِنْ بَانَ حَبْسُهُ فِي تُهْمَةٍ أَوْ تَعْزِيرٍ كَافْتِيَاتٍ عَلَى الْقَاضِي قَبْلَهُ وَنَحْوَهُ خَلَّاهُ أَوْ أَبْقَاهُ بِقَدْرِ مَا يَرَى فَإِطْلَاقُهُ وَإِذْنُهُ وَلَوْ فِي قَضَاءِ دَيْنٍ ونَفَقَةٍ لِيَرْجِعَ ووَضْعِ مِيزَابٍ وبِنَاءٍ وفِي غَيْرِهِ وَأَمْرُهُ بِإِرَاقَةِ نَبِيذٍ وَقُرْعَتُهُ حُكْمٌ يَرْفَعُ الْخِلَافَ إنْ كَانَ وَكَذَا نَوْعٌ مِنْ فِعْلِهِ كَتَزْوِيجِهِ يَتِيمَةً وَشِرَاءِ عَيْنٍ غَائِبَةٍ وَعَقْدِ نِكَاحٍ بِلَا وَلِيٍّ وَحُكْمُهُ بِشَيْءٍ حُكْمٌ بِلَازِمِهِ وَإِقْرَارُهُ غَيْرَهُ
قوله: (أو تعزيرٍ) هذا من ظرفية العام للخاص، فإن التعزير يكون بالحبس وغيره، فهو عامٌّ، والحبس خاص. محمد الخلوتي. قوله:(قبله) أي: الكائن، فـ (قبله) صفة. قوله:(ونحوِه) أي: ككونه غائبًا. قوله: (بقدر ما يرى) أي: لأن التعزير مفوض إلى رأيه. «شرح» . ويؤخذ منه أن قوله (أو أبقاه) خاصٌّ بمسألة التعزير، لا أنَّه راجع أيضاً إلى التهمة. قوله:(ليرجع) أي: قاضي الدين. قوله: (وبناء) أي: من نحو جناح، وساباط، فيمنع الضمان. قوله:(غائبةٍ) أي: موصوفةٍ بما يكفي في سلم لقضاء دين نحو غائبٍ وممتنعٍ. قوله: (بلا ولي) أي: حيث رآه. «شرح» . قوله: (وحكمه بشيء) أي: كبيع عبدٍ أعتقه من أحاط الدين بماله. قوله: (بلازمه) وهو بطلان العتق في المثال المذكور. قوله: (وإقراره) مكلَّفًا. «شرح» .
عَلَى فِعْلٍ مُخْتَلَفٍ فِيهِ وَثُبُوتِ شَيْءٍ عِنْدَهُ لَيْسَ حُكْمًا بِهِ وَتَنْفِيذُ الْحُكْمِ يَتَضَمَّنُ الْحُكْمَ بِصِحَّةِ الْحُكْمِ الْمُنَفَّذِ وَفِي كَلَامِ الْأَصْحَابِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ وَفِي كَلَامِ بَعْضِهِمْ أَنَّهُ عَمَلٌ بِالْحُكْمِ وَإِجَازَةٌ لَهُ وَإِمْضَاءٌ كَتَنْفِيذِ الْوَصِيَّةَ وَالْحُكْمُ بِالصِّحَّةِ يَسْتَلْزِمُ ثُبُوتَ الْمِلْكِ وَالْحِيَازَةِ قَطْعًا وَالْحُكْمُ بِالْمُوجَبِ حُكْمٌ بِمُوجَبِ الدَّعْوَى الثَّابِتَةِ بِبَيِّنَةٍ أَوْ غَيْرِهَا فَالدَّعْوَى الْمُشْتَمِلَةُ عَلَى مَا يَقْتَضِي صِحَّةَ الْعَقْدِ لْمُدَّعَى بِهِ الْحُكْمُ فِيهَا بِالْمُوجَبِ حُكْمٌ بِالصِّحَّةِ وغَيْرُ الْمُشْتَمِلَةِ عَلَى ذَلِكَ الْحُكْمُ فِيهَا بِالْمُوجَبِ لَيْسَ حُكْمًا بِهَا.
قوله: (مختلف فيه) أي: في صحَّته أو حله، ليس حكمًا بصحته، أو حله. قوله:(وثبوت شيء) أي: كوقف، وبيعٍ، وإجارة. قوله:(ليس حكمًا به) بخلاف إثبات صفة، كعدالة وأهلية وصيَّة، فهو حكم كما يأتي. وكذا ثبوت سبب المطالبة، كفرضه مهر مثل، أو نفقة، أو أجرة كما تقدم. قوله:(المنفذ) قاله ابن نصر الله. قوله: (الملك) اي: للبائع. قوله: (أو غيرها) أي: كالإقرار والنكول. «شرح» . قوله. قوله: (حكم بالصحة) أي: فيستلزم ثبوت الملك، أو الإذن للبائع، ونحوه.
وَقَالَ بَعْضُهُمْ الْحُكْمُ بِالْمُوجَبِ يَسْتَدْعِي صِحَّةَ الصِّيغَةِ وَأَهْلِيَّةَ الْمُتَصَرِّفِ وَيَزِيدُ الْحُكْمَ بِالصِّحَّةِ كَوْنُهُ تَصَرُّفُهُ فِي مَحَلِّهِ وَقَالَهُ أَيْضًا الْحُكْمُ بِالْمُوجَبِ هُوَ الْأَثَرُ الَّذِي يُوجِبُهُ اللَّفْظُ وبِالصِّحَّةِ كَوْنُ اللَّفْظِ بِحَيْثُ يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ الْأَثَرُ وَهُمَا مُخْتَلِفَانِ فَلَا يُحْكَمُ بِالصِّحَّةِ إلَّا بِاجْتِمَاعٍ لِشُرُوطٍ وَالْحُكْمُ بِالْإِقْرَارِ وَنَحْوِهِ كَالْحُكْمِ بِمُوجَبِهِ وَالْحُكْمُ بِالْمُوجَبِ لَا يَشْمَلُ الْفَسَادَ انْتَهَى الْمُنَقَّحُ: وَالْعَمَلُ عَلَى ذَلِكَ. وَقَالُوا الْحُكْمُ بِالْمُوجَبِ يَرْفَعُ الْخِلَافَ وَمَنْ لَمْ يَعْرِفْ خَصْمَهُ وَأَنْكَرَهُ نُودِيَ بِذَلِكَ فَإِنْ لَمْ يَعْرِفْ خَلَّفَهُ حَاكِمٌ وَخَلَّاهُ وَمَعَ غَيْبَةِ خَصْمِهِ يَبْعَثُ إلَيْهِ وَمَعَ جَهْلِهِ أَوْ تَأَخُّرِهِ بِلَا عُذْرٍ يُخَلَّى وَالْأَوْلَى بِكَفِيلٍ
قوله: (صحة الصيغة) أي: الإيجاب والقبول.
قوله: (هو الأثر) أي: الحكم بالأثر. قوله: (بلا عذر) قال منصور البهوتي قلت: ولعله إن لم يعلم حبسه بدينٍ شرعيٍّ، وإلا لم يجز إطلاقه إلا إذا أدى أو ثبتَ إعسارُه. كما في باب الحجر.
فصل
ثم فِي أَمْرِ أَيْتَامٍ وَمَجَانِينَ وَوُقُوفٍ وَوَصَايَا لَا وَلِيَّ لَهُمْ وَلَا نَاظِرَ فَلَوْ نَفَّذَ الْأَوَّلُ وَصِيَّةَ مُوصًى إلَيْهِ أَمْضَاهَا الثَّانِي فَدَلَّ أَنَّ إثْبَاتَ صِفَةً كَعَدَالَةِ وَجَرْحِ وَأَهْلِيَّةِ مُوصًى إلَيْهِ وَنَحْوَهُ حُكْمٌ يَقْبَلُهُ حَاكِمٌ وَمَنْ كَانَ مِنْ أُمَنَاءِ الْحَاكِمِ لِلْأَطْفَالِ أَوْ الْوَصَايَا الَّتِي لَا وَصِيَّ لَهَا وَنَحْوِهِ بِحَالِهِ أَقَرَّهُ وَمَنْ فَسَقَ عَزَلَهُ وَيُضَمُّ إلَى ضَعِيفٍ أَمِينًا وَلَهُ إبْدَالُهُ والنَّظَرُ فِي حَالِ قَاضٍ قَبْلَهُ وَلَا يَجِبُ وَيَحْرُمُ أَنْ يَنْقُضَ مِنْ حُكْمِ صَالِحٍ لِلْقَضَاءِ غَيْرَ مَا خَالَفَ نَصَّ كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى، أَوْ سُنَّةٍ مُتَوَاتِرَةٍ، أَوْ آحَادٍ كَبِقَتْلِ مُسْلِمٍ بِكَافِرٍ وجَعْلِ مَنْ وَجَدَ عَيْنَ مَالِهِ عِنْدَ مَنْ حُجِرَ عَلَيْهِ أُسْوَةَ الْغُرَمَاءِ
قوله: (ثم في أمر أيتام) أي: إذا تم أمر المحبوسين، ينظر
…
قوله: (لا ولي لهم) أي: الأيتام والمجانين. قوله: (ولا ناظر) أي: للوقف والوصية. قوله: (ونحوه) كأهلية ناظر وقفٍ وحضانة. قوله: (ونحوه) كالأوقاف التي لا شرط فيها. قوله: (ويحرم) والظاهر: لا يصحُّ.
أَوْ إجْمَاعًا قَطْعِيًّا أَوْ مَا يَعْتَقِدُهُ فَيَلْزَمُ نَقْضُهُ وَلَا يُنْقَضُ حُكْمٌ بِتَزْوِيجِهَا نَفْسَهَا وَلَا لِمُخَالَفَةِ قِيَاسٍ وَلَا لِعَدَمِ عِلْمِهِ الْخِلَافَ فِي الْمَسْأَلَةِ لَا إنْ حَكَمَ بِبَيِّنَةِ خَارِجٍ أَوْ دَاخِلٍ وَجَهِلَ عِلْمَهُ تُقَابِلُهَا وَمَا قُلْنَا إنَّهُ يُنْقَضُ فَالنَّاقِضُ لَهُ حَاكِمُهُ إنْ كَانَ فَيَثْبُتُ السَّبَبُ وَيَنْقُضُهُ وَلَا يُعْتَبَرُ طَلَبُ رَبِّ الْحَقِّ وَيَنْقُضُهُ إنْ بَانَ مِمَّنْ شَهِدَ عِنْدَهُ مَا لَا يَرَى مَعَهُ قَبُولَ الشَّهَادَةِ وَكَذَا كُلُّ مَا صَادَفَ مَا حَكَمَ بِهِ مُخْتَلَفٌ فِيهِ وَلَمْ يَعْلَمْهُ وَتُنْقَضُ أَحْكَامُ مَنْ لَا يَصْلُحُ وَإِنْ وَافَقَتْ الصَّوَابَ
فصل
ومن استعداه عَلَى خَصْمِ بالْبَلَدِ بِمَا تَتْبَعُهُ التُّهْمَةُ لَزِمَهُ إحْضَارُهُ وَلَوْ لَمْ يُحَرِّرْ الدَّعْوَى
قوله: (أو ما يعتقده) حيث كان مجهتدًا، وإلا فتقدم أن المقلد يتبع كبار مذهبه فيما يحكم به، ولو اعتقد خلافه. قوله:(وكذا كل ما) أي: شيء مختلف فيه مانعٍ من صحَّة ما حكم بصحَّته.
وَمَنْ طَلَبَهُ خَصْمُهُ أَوْ حَاكِمٌ حَيْثُ يَلْزَمُهُ إحْضَارُهُ بِطَلَبِهِ مِنْهُ لِمَجْلِسِ الْحُكْمِ لَزِمَهُ الْحُضُورُ وَإِلَّا أَعْلَمَ الْوَلِيَّ بِهِ وَمَنْ حَضَرَ فَلَهُ تَأْدِيبُهُ بِمَا يَرَاهُ وَيُعْتَبَرُ تَحْرِيرُهَا عَلَى حَاكِمٍ مَعْزُولٍ وَمَنْ فِي مَعْنَاهُ ثُمَّ يُرَاسِلُهُ فَإِنَّ خَرَجَ مِنْ الْعُهْدَةِ وَإِلَّا أَحْضَرَهُ وَلَا يُعْتَبَرُ لِإِحْضَارِ مَنْ تَبْرُزُ لِحَوَائِجِهَا مَحْرَمٌ وَغَيْرُ الْبَرْزَةِ تُوَكِّلُ كَمَرِيضٍ وَنَحْوِهِ وَإِنْ وَجَبَتْ يَمِينٌ أَرْسَلَ مَنْ يُحَلِّفُهَا وَمَنْ ادَّعَى عَلَى غَائِبٍ بِمُوَسَّعٍ لَا حَاكِمَ بِهِ بَعَثَإلَى مَنْ يَتَوَسَّطُ بَيْنَهُمَا فَإِنْ تَعَذَّرَ حَرَّرَ دَعْوَاهُ ثُمَّ أَحْضَرَهُ بِعَمَلِهِ وَمَنْ ادَّعَى قِبَلَ إنْسَانٍ شَهَادَةً لَمْ تُسْمَعْ دَعْوَاهُ، وَلَمْ يَعُدْ عَلَيْهِ وَلَمْ يَحْلِفْ وَمَنْ قَالَ لِحَاكِمٍ: حَكَمْتَ عَلَيَّ فَاسِقَيْنِ عَمْدًا فَأَنْكَرَ لَمْ يَحْلِفْ
_________
وَإِنْ قَالَ مَعْزُولٌ عَدْلٌ حَكَمْتُ فِي وِلَايَتِي لِفُلَانٍ عَلَى فُلَانٍ بِكَذَا وَهُوَ مِمَّنْ يَسُوغُ الْحُكْمُ لَهُ قُبِلَ وَلَوْ لَمْ يَذْكُرْ مُسْتَنَدَهُ وَلَوْ أَنَّ الْعَادَةَ تَسْتَحِيلُ أَحْكَامَهُ وَضَبْطَهَا بِشُهُودٍ قَالَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ مَا لَمْ يَشْتَمِلْ عَلَى إبْطَالِ حُكْمِ حَاكِمٍ وَحَسَّنَهُ بَعْضُهُمْ فَإِنْ أَخْبَرَ حَاكِمٌ حَاكِمًا بِحُكْمٍ أَوْ ثُبُوتٍ، وَلَوْؤ فِي غَيْرِ عَمَلِهِمَا قَبِلَ وَعَمِلَ بِهِ إذَا بَلَغَ عَمَلَهُ لَا مَعَ حُضُورِ الْمُخْبِرِ وَهُمَا بِعَمَلِهِمَا بِالثُّبُوتِ وَكَذَا إخْبَارُ أَمِيرِ جِهَادٍ وَأَمِينِ صَدَقَةٍ وَنَاظِرِ وَقْفٍ
_________