الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والنيل والشاي على اختلاف أنواعه ومصنوعات النحاس من أباريق وطسوت وطاسات وأقداح صغيرة وكبيرة وصحاف تعرف بالهندي والبهارات والأفاويه بأنواعها. والشال البديع من صناعة كشمير ولاهور، ويساوي الثوب منه وطوله ثلاثة أمتار بعرض متر ونصف من أربعين إلى خمسين ديناراً.
هذا مجمل ما يأتينا من الأرجاء المختلفة من ضرو بالحاجيات والكماليات، عدا أصناف المأكولات من شوكولاته وثمار محفوظة وبقول وحبوب ودقيق وفاكهة ولحوم مقددة وأنواع السكاكر الإفرنجية، مما يصدر إلينا بحسب اللزوم ورواج سوقه إذا أُصيب القطر بآفة في نواتجه، وهذه الأصناف المجلوبة تدل على دقة نظر تجارها وحسن انتقائهم، وضربهم في طول الأرض وعرضها، حتى لا تكاد ترى فيما نعلم بلداً في الأرض لم ينزله شامي يبيع أو يشتري. ويقال في الأمثال العامة: أعرج الشام وصل الهند، وإذا تأملت هذه المجلوبات الصناعية وجدتها مثال الجمال والمتانة مما يدل على ذكاء مستهلكيها ورسوخ قدومهم في الحضارة والترف. وقطر كهذا بينه وبين الغرب صلات مستحكمة في التجارة منذ أكثر من ألفي عام وبينه وبين الشرق صلات مثلها منذ عرف التاريخ هو عميل قديم أمين جدير بأن ينظر إليه بعين العطف ويهتم بشأنه أهل الغرب اه.
رأي في ازدياد الثروة والتجارة:
بعد أن عرفنا بالفصول السالفة تاريخ التجارة في هذا القطر، وعلائقة مع الأمم في القديم، ووقفنا على حالة تجارته اليوم، وصلاته الاقتصادية مع الشرق والغرب، ورأينا العجز الظاهر في موازنته واختلال مجاريه الاقتصادية وأن دخله أقل من خرجه في الجملة، يجدر بنا أن نلفت نظر أرباب الشأن في الأمة، إلى أن
الشام باعتدال أهويته وجميل طبيعته، وتوسطه بين أقطار الشرق والغرب، وما في تاريخه وآثاره من البدائع والروائع، يستطيع أهله أن يجعلوه محط رحال معظم المسلمين في آسيا وإفريقية، وأقرب السبل إلى ذلك في نظر المفكرين، أن يصلح ما تخرب في الثورة العربية من خط السكة الحجازية الممتد من دمشق إلى المدينة المنورة، ويتم مد الخط الحديدي
إلى مكة المكرمة وجدّة، وعندها يستطيع حجاج العراق وفارس وأفغانستان وبلوجستان والهند والصين وغيرها أن يسلكوا إلى الأرض الطاهرة عن طريق الشام من العراق على السيارات ريثما يمد خط حديدي عريض، وتكون دمشق المحطة المهمة للصادرين والواردين، ودمشق هي المدينة الإسلامية الرابعة بقدسيتها، بين أكثر أقطار الشرق الإسلامي وبين الحجاز، فإذا تم ذلك لا يقل عدد الحجاج الذين يؤمون دمشق عن ثلاثمائة ألف كل سنة، فإذا صرف الفرد عشرة دنانير، واصطاف في الشام من العراقيين والمصريين عشرون ألفاً كل سنة على أقل تعديل، وزارها عشرون ألفاً من سياح الإفرنج، لا يقل ربح الشاميين كل سنة عن أربعة إلى خمسة ملايين دينار من هذه الطرق التجارية. ومما يسهل الوصول إليه عقد معاهدة بين حكومة الشام والحكومات المجاورة. حينئذ يعمر الحجاز وتتم للشام سعادتها لأنها بالسكة الحجازية كانت تمون الحجاز قبل الحرب الكبرى فيسافر كل يوم من دمشق سبع مركبات تحمل من الطعام والبضائع ما لا يقل وزنه عن مئة ألف كيلو، وناهيك بذلك من تبادل المنافع بين هذه الأقطار والممالك، وما في ذلك من تيسير سبل الحج على شعوب لا تقل عن مائة وثلاثين مليوناً في العدّ، كانت ترحل الأشهر لتحج واليوم تكفيها الأسابيع القليلة مهما بعُدت عليها الشقة إذا امتطت هذه السيارات وهذه القطارات، ثم إذا تم إنشاء الخط الحديدي بين طرابلس وحيفا تتصل كالة في فرنسا بالقاهرة عن طريق أوربا وتركيا وتصبح الشام نقطة الاتصال بين أوربا وآسيا وإفريقية
وفي ذلك من الفوائد لتجارة الشام ما لا ينكر.
انتهى الجزء الرابع من خطط الشام
ويليه الجزء الخامس وأوله التاريخ المدني - الجيش.