الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المرقوش، وهي أثمن المجموعات التي عرفت حتى الآن من نوعها. ومن أجمل النموذجات في هذه الطرائف البديعة، ومنها الأكواب والأباريق والجامات والسكرجات والمضخات والأقداح والقوارير والكيزان والبواطي وكانت معاملها في دمشق وحلب والرصافة والخليل وصور وعكا على ما يظهر. وقد انحطت
هذه الصناعة حتى انحصرت في دمشق وأرمناز والخليل بأناس فقراء يعملون من الزجاج القناني والبواطي العادية فقط. ن صنع الزجاج النفيس الذي تعمله البنادقة من معاملنا في الحروب الصليبية وتلقنوه عن معامل صور وانتشر صنعه في أرجاء أوربا بعد أن كانوا يستبضعونه من ديارنا قد نافس هذه الصناعة فقضى عليها أو كاد. وكانت معامل الزجاج ممتدة على طول الجامع الأموي في دمشق رآها الرحالة بوجيبوجي سنة 1346م وبعد أن كانت معامل عكا وصور مما يضرب بمصنوعاته المثل فقدت أسرار الجمال في هذه الصناعة. وقبيل الحرب العامة 1908 أنشأ في دمشق السد مسلم العمري معملاً لصنع الزجاج، أنفق عليه عشرين ألف ليرة عثمانية ذهباً، وجرّب عمله بواسطة صناع غربيين فجاء كالزجاج الذي يجلب من الغرب، ووافق الرمل الذي استعمل لكن المعمل لا يزال معطلاً، وكانت الشركة الوطنية بنته على آخر طرز في شرقي المدينة. وفي الحرب العامة الأخيرة قل الزجاج المجلوب من معامل الغرب فهب أرباب معامل الزجاج في دمشق وبيروت وأخذوا يصنعون الأكواب والصحون والأقداح من كسرات الزجاجات القديمة فسدت بعض حاجة الناس.
الدهان:
ومن الصنائع الدهان، وكانت مما تمتاز به بعلبك. قال في مسالك الأبصار: ويعمل في بعلبك الدهان الفائق من الماعون وغيره، ولكن دمشق وحلب وغيرهما من المدن حيث كان للرفاهية أسواق نافقة، لم تكن دون بعلبك في هذه الصناعة، فكان يدهن الخشب والحجر ويبقى بحاله القرون الطويلة. ومن يدخل قاعة من قاعات دمشق وحلب مثلاً يرَ الألوان زاهية باهرة كأنها نقشت الآن، وفي دمشق اليوم قاعات وأبهاء وأواوين مضى عليها زهاء مائتي سنة ولا تزال
برونقها تدهشك كما يدهش الداخل إلى متاحف الآثار المصرية من نقوش بيبان الملوك
وبني حسن وسقارة وكتاباتها ورسومها، وقد مضى عليها قرابة أربعة آلف سنة، على حين تنصل الألوان المستعملة لعهدنا وتكمد في سنين قليلة.
والسبب في نصول الدهان الجديد، ومواده تأتي من الغرب، أن الدهانات القديمة كانت من صنع القطر ترجع إلى أصل ثابت ويحافظ عليها من المطر والشمس لأن الأقدمين لم يكونوا يعنون بفتح الطيقان والنوافذ وتوسيع الأبواب مثل المحدثين، ولذلك صبرت الأصباغ على الأيام، زد إلى ذلك عنايتهم في تخير الأخشاب وأكثرها من الدف الرومي أو الجوز أو السرو وهذه مما يصعب تطرق التشقق والبلى إليه كالكريش والشوح وفيه مواد قطرانية أو غيرها، وكانت لهم في دمشق صناعة من الدهان تعمل من الحفر والتنزيل ويقال لها الأبلق وهي أن يرسم الدهان الحجر مما يريد من الأشكال والنقوش ويحفرها النقاش والحفار ثم يدفعها إلى الدهان فيدهنها بصب الأصباغ في الشقوق التي يريدها ثم تجلى وتصقل فيجيء صبغها كأنه من أصل الحجر ثابتاً براقاً، ولا يعما منه شيء اليوم.
وفي دمشق أُسرة عرفت بأسرة الدهان اختصت بصناعة الدهان الذي يقال له العجمي كما اختصت بصنع هذا الأبلق. وتصنع هذه الأسرة مناضد وخزائن واسكملات بهذا الدهان المعروف بالعجمي من النوع المقرنص تكون آية الإبداع وحسن الذوق ويتنافس في اقتنائها العظماء لتزيين قصورهم وتبقى السنين الطويلة زاهية زاهرة. وقد دهنت عدة قاعات فجاءت آية الإبداع. وذكر الغزي أن أحد شبان حلب تعلم في أميركا صناعة الدهان على الأصول الحديثة فجاء عمله غاية في الرونق والإتقان. والمنتظر تعميم هذه الصنعة على هذا المنوال مع مراعاة المعرفة القديمة فيها.
هذا في دهان الغرف والأبهاء والقاعات، وأما صبغ الثياب والحرير والقطن
والغزل، فكان الاعتماد فيها على أصباغ لهم جميلة يعرفونها، ربما كان أكثرها من تركيبهم أو من معادن القطر. وكان للصباغ الدمشقي صيت بعيد في الأقطار، لثبوت ألوانه ولطافة لمعانه، وكانت أصباغه معدنية ونباتية لا غش فيها فلما تغلبت الأصباغ الغربية بطل استعمال القديم منها بل نُسي