الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مصوري الغرب بإبداعهم، ومنهم من يصور بالأصباغ، ومنها بدونها أي بالسواد، ومنهم من يصور التماثيل من المرمر والرخام والصفر، ومنهم من ينقش فيبدع على الخشب والنحاس، ومن المصورين باليد توفيق طارق، علي رضا معين، نديم بخاش، مصطفى الحمصاني، مصطفى فروخ، عبد الحميد عبد ربه، عبد الوهاب أبو السعود، بشارة السمرة، داود القريم، حبيب سرور، خليل صليبي، سليم عورا، جبران خليل جبران، خليل الغريب، نقولا الصائغ.
النقش:
ويصح أن يعد في باب التصوير نقش البيوت والتماثيل فإن المعروف أنه كان
للشام حظ منه، ولم نر للنقش على الحجر براعة وإبداعاً عند الأمم القديمة بقدر ما رأينا عند اليونان والرومان، فإن النقوش التي عثر عليها في شمالي الشام من أصل حثي مثل الأسود التي كانوا يرسمونها على أبواب مصانعهم وجدرانها وأبي الهول المجنح برأس إنسان أو ثور وهو من نقوش الآشوريين، والنقوش التي عثر عليها في الجنوب من أصل سامي كالكنعانيين والإسرائيليين وما عثر عليه في الساحل من نقوش الفينيقيين وأربابهم ومعظمها منقولة عن المصريين الفراعنة كل هذه النقوش ليست من جمال الوضع وحسن الذوق بحيث يرتاح إليها النظر مثل نقوش الرومان واليونان، ومثال منها الناووس الذي عثر عليه في صيدا من القرن الرابع للميلاد وجعل في دار الآثار في الآستانة وهو يمثل نساء باكيات تمثيلاً كأنك تراهن.
أين جمال نقوش بعلبك من نقوش جبيل، أين نقش الناووس البديع المنسوب للإسكندر المقدوني أو لأحد قواده، وهو مما كان عثر عليه في صيدا أيضاً وحفظ في دار الآثار بالآستانة، من نقوش قبر أحيرام الذي عثر عليه في جبيل وجعل في دار الآثار في بيروت، أو قبر حيرام الذي عثر عليه قرب صور ونقل إلى متحف اللوفر في باريز سنة 1860م.
آثار تدمر وتماثيلها تنم عن ذوق وفضل صناعة أكثر من أرباب الفينيقيين والحثيين، والغالب أن تماثيل الشبه كانت تعمل في قبرس والروم وتحمل إلى تدمر لتزين بها رحباتها وساحاتها، وصناعات جرش ومادبا أجمل من نقوش
السهول في حوران والصفا. كأن للإقليم وللعنصر الذي ينزله دخلاً كبيراً في إجادة النقش والتصوير. ومعظم العناصر التي نزلت الشام منذ عهد التاريخ من العناصر السامية، والساميون كما قال بعض علماء الإفرنج ما زالوا ينفرون من الرسم والنقش والتصوير. ولا غضاضة إذ قلنا إن الآريين أفرطوا في الاشتغال بالرسم
والنقش إفراطاً شوهدت آثاره في أمم أوربا التي خلفتهم، فكل شيء إذا لم يرسم الآن عندهم لا يفهم ولا يدرك، فأضعفوا بذلك قوة التخيل وقووا الباصرة.
ومما سيتدل به على أن التماثيل قبل الإسلام كانت تعمل وتنقش في الشام وأن العرب نقلوا عنها في جزيرتهم ما رواه ابن الكلبي من أنه كان لقضاعة ولخم وجذام وعاملة وغطفان صنم في مشارف الشام يقال له الأقيصر كانوا يحجونه ويحلقون رؤوسهم عنده. وقال ربيعة بن صُبغ الفزاري:
وإنني والذي نغم الأنام له
…
حول الأقيصر تسبيح وتهليل
قال: ووجد عمرو بن لحي أهل البلقاء يعبدون الأصنام فقال: ما هذه؟ فقالوا نستسقي بها المطر، ونستنصر بها على العدو، فسألهم أن يعطوه منها فغفلوا، فقدم بها مكة ونصبها حول الكعبة. ولا شك أن هذه الأصنام تعد من الصناعات الشامية.
ولم يخل عصر في الشام من نقاشين أبدعوا النقش على الحجر والنقش بالأصباغ على الجدران وعلى الخشب يتناقلون ذلك خلفاً عن سلف، والنقش بالجبس على الجدران، ومنها مقرنصات جميلة ذات تعاريش وكتابات حفظت في مدفن أحد الوزراء من القرون الوسطى في صالحية دمشق أمام دار الحديث الأشرفية البرانية وبينهما الطريق وتسمى هذه المدرسة التكريتية. وفي بعض الدور القديمة الباقية من القرن العاشر وبعده في حلب ودمشق كثير من القاعات تدل على ذوق. وفي در الحبب أن أبا بكر بن أحمد النقاش الجلومي الحلبي خدم أساتذة النقاشين من الأعاجم واستفاد منهم ومهر في نقوش البيوت وكتابات الطرازات على طريقة القاطع والمقطوع، وفي نقوشه ما كان لكفّال حلب وغيرهم من الرماح والسروج بالمذهب والازورد مع معرفة طريقة حله وصنعة التركاش وضعاً ونقشاً وصنعة اللوح الذي يكتب فيه وصنائع أخرى تتم عشرين صنعة. ولا يعقل أن يعمل
ذلك
مثل هذا المفنن ولا يكون حواليه عشرات من المتعلمين والعاملين.
ومن النقوش الكثيرة التي بقيت محفوظة على بعض مصانع الشهباء نقوش باب إنطاكية وباب النصر وعلى هذا قطعة من إفريز تمثل كرمة معرشة يركض إلى جانبها أرنب. ومن أجمل آثار قلعتها المحراب المنقوش على الخشب من عمل نور الدين زنكي والجزء الثاني الذي أنشأه الظاهر غازي يدل على صورة الهندسة المألوفة في عصر الأمويين: مثلث قائم الزوايا تعلوه قبة بين حنايا واسعة.
ومن المنابر العجيبة الصنع ما عمله نور الدين محمود بن زنكي في حلب برسم المسجد الأقصى عمله حميد بن ظافر الحلبي وسليمان بن معالي من خشب مرصع بالعاج والآبنوس وعليه تاريخ سنة 564هـ وقد وضعه صلاح الدين في محله عند فتح القدس وقد عمل في حلب أيضاً محراب الجامع الكبير بحماة صنعه ذاك الفنان الحلبي. ومن أجمل المنابر منبر الحرم في الخليل من صناعة الفاطميين ومنبر جامع الحنابلة بدمشق من الخشب. ومن المحاريب محراب جامع الحلاوية بحلب من الخشب ومحراب الأقصى من الرخام. ومن المحاريب الجميلة محراب جامع الفردوس بحلب الذي أنشأته ضيفة خاتون وهو من عمل حسان بن عنان. وجامع الظاهر غازي في قلعة حلب الذي بناه سنة 610 فيه أجمل ضروب الهندسة من النقوش المعروفة في المصانع الجميلة. ومن أهم الآثار العربية تابوت من الخشب وضع على قبر السيدة سكينة بنت الحسين في مقبرة باب الصغير بدمشق عمله أحمد بن محمد بن عبد الله سنة 560هـ وقد نقش بخطوط كوفية وجعل داخل الحروف نقوش وحروف صغيرة أخرى بالكوفية أيضاً. وتابوت ومحراب ومنبر جامع خالد بن الوليد بحمص من أجمل الآثار العربية. وكذلك تابوت مدفن أبي الفداء صاحب حماة. ومن الآثار العربية ما نقش بالحروف الكوفية على تابوت من الحجر دفنت تحته السيدة فاطمة الصغرى بنت الحسين من
القرن الربع. ومن التوابيت المهمة تابوت سيدي صهيب في حي الميدان بدمشق من القرن السادس ومنها تابوت بخت خاتون المعروفة عند العوام بالسيدة حفيظة في طريق عين الكرش المؤدي إلى حي الأكراد بدمشق.
وذكر القزويني سوق المزوقين في حلب وقال: إن فيه آلات عجيبة مزوقة، وذكر ابن جبير أن أكثر حوانيت حلب خزائن من الخشب البديع الصنعة قد
اتصل السماط خزانة واحدة وتخللتها شرف خشبية بديعة النقش. وقد عُرف الحلبيون من القديم بحسن الذوق في هذه الصناعة كما عُرفوا بحسن الذوق في الخطوط العربية المنوعة الأشكال، وكلها نقوش معرشة تأخذ بمجامع الأبصار، وتعد في باب النقش، وقد كان عدد الخطاطين الذين أنبغتهم حلب على اختلاف العصور أكثر من غيرها من مدن الشام.
ذكر الغزي أن النقاشين في حلب أصناف منهم من ينقش على الحجر وهم نوابغ البنائين وفي المباني القديمة كثير من النقوش الحجرية تشهد ببراعة البنائين الحلبيين في القرون الماضية وتدل دلالة واضحة على نبوغهم بصنعة النقش، من ذلك صورتا وجهي أسدين في حجرين مرصوفين في جانبي أحد أبواب قلعة حلب لا يفرق الناظر إليهما في أول وهلة بي ملامحهما، فإذا أمعن النظر فيهما تبين له أن وجه أحدهما يضحك ووجه الآخر يبكي مما دل على براعة النقاش.
وقال: إن من النقاشين من يعاني النقش على المعادن كالذهب والفضة والنحاس، ومنهم من ينقشون المنازل ويعرفون بالمدهنين ينقشون صور أشخاص وأزهار وطيور وأشجار، وإن هذه الصنعة انحطت في حلب أواخر القرن الماضي حتى سافر جماعة من أهلها إلى أميركا وتلقوا هذه الحرفة من أربابها وعادوا فنشروها بين الناس. ومن أشهر النقاشين يوسف سعد الله الحويّك، ومن الحفارين والنقاشين يوسف الزغبي وبشارة عيسى الزغبي وهذا حفر صورة آل رومانوف في قطعة
صدف من أنفس التحف.
واشتهر في دمشق وحلب وبيروت خطاطون كثيرون في العهد الأخير ومنهم أمين زهدي. مصطفى السباعي. مراد الشطي. مصطفى القباني. محمد علي الحكيم نجيب هواويني. حسين البغجاتي. ممدوح الشريف. سليم الحنفي. محمد علي الخطيب. زكي المولوي. حنا علاّم. يوسف علاّم. نسيب مكارم. مشكين قلم. محمد يحيى. صادق الطرزي. موسى الشلبي.
وكان فن الخط إلى عهد بعيد صناعة يتنافس بها، وكثير من البارعين فيها كانت مدار معاشهم ينسخون الكتب وغيرها فلما جاءت الطباعة ثم الآلات الطابعة بطل التنافس بالخط العربي الجميل وقلّ الراغبون فيه.