الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وتصبغ الآن بأصباغ أوربية قليلة الثبات وهي على غاية من دقة الصنعة وتناسب النقوش ومتانة الحياكة بحيث تضاهي أحسن ما يعمل من نوعها في الأقطار الأخرى. ويأتي بعدها صناعة السجاد والطنافس، وتعمل في قرى حمص وحماة وهي المسماة بالحزوري والعدموني، نسبة لقريتي حزور وعدمون، وهي على غاية الجودة والمتانة تعمل من الصوف الخالص، ومما يعاب عليها أنها لم تزل تعمل من لون واحد وهو الأحمر القاني، ونقوشه متشابهة لا تفنن فيها. ودخلت صناعة الطنافس على طريقة أحدث من الطريقة القديمة في حلب وبيروت ودمشق وذلك بدخول جاليات من آسيا الصغرى في السنين العشر الأخيرة، يحسنون صنعه جدّ الإحسان، لكن النفوس لا تزال ترغب في سجاد فارس، فإنه لا يعادله بمتانته وثبات ألوانه وتصويره ورقشه. وفي بعض قرى قلمون يصنعون من الوبر بسطاً غليظة متينة تستعمل في الضياع والبوادي، وتوضع على الأدراج في المدن. ويعملون الجُوالق الشوالات والعدول على شيء من الجودة والمتانة وكذلك البلاس والمسوح.
وكان نسج الحصير والباري من أفضل الصناعات تقوم بالحاجة. واشتهر أنه كان إلى جانب طبرية غابة حلفاء ورفقهم منها، أكثرهم ينسجون الحصر ويفتلون الحبال وقد رأى ناصر خسرو في القرن الخامس حصراً من هذه الحصر الطبرانية تستعمل للصلاة وتساوي الواحدة منها خمسة دنانير مغربية. وقد ضعفت هذه الصناعة بانهيال البسط الإفرنجية والحصر اليابانية الرخيصة، ولكن القرى وكثيراً من المدن ما زالت تعتمد على المصنوع منها في أرض الوطن والحصر البيروتية مشهورة بحسن نسجها ولطافة ألوانها ومتانتها التي تفوق البسط
الإفرنجية كثيراً.
الصناعات المحدثة:
ومن أهم الصناعات المحدثة صناعة القرميد وهو صنو الآجر القديم تقرمد به السطوح، وفي لبنان واللاذقية ويافا معامل منه وفي سنة 1918 أسس رجل فرنسي في اللاذقية معملاً لعمل القرميد، والقرميد الآجرة العظيمة. ويعمل في هذا المعمل الفخار الصيني وبلاط الملاط لجودة التراب الخزفي في تلك الأرجاء
وفي القدس معمل للقيشاني أو البلاط الملون. ومن الصناعات الجديدة صنعة لفائف التبغ تصنع منها كميات مهمة في حمانا وبكفيا وزحلة وبعض قرى بيروت الساحلية وتعمل منها كميات عظيمة في فلسطين ودمشق وحلب. وقد استفادت فلسطين في الأيام الأخيرة من الإكثار من زرع الدخان استفادة عظيمة وأخذت تصنع من اللفائف ما يقوم بحاجتها وتبيع منه إلى الخارج. ومنها صناعة الطباعة وصنع الصور والحفر على النحاس والزنك وفي بيروت أحسن مصانعها ودمشق تقلدها. ومن الصناعات المحدثة صنع الجليد وأهم معامله في بيروت وحلب وطرابلس وصيدا واللاذقية ودمشق وحيفا ويافا والقدس وهو يقوم مقام الثلج الطبيعي في التبريد. وكان الثلج السماوي يدخر إلى آخر أشهر الصيف بحاله وكان هذا ينقل في القرون الوسطى على البغال من صيدا وطرابلس إلى قلعة الجبل بالقاهرة في ثلاثة أيام لتبريد المياه في قصر الملك وعظماء الدولة هناك. وفي حيفا معمل للإسمنت المسلح يستخرج من حجر الجبل المتاخم لها ومعمل للبنزين والسبيرتو. وقد أنشئ معملان للإسمنت أحدهما في شقة قرب طرابلس والآخر في دمر قرب دمشق ونجحا نجاحاً باهراً. وفي كل من عكا ويافا معمل للثقاب الكبريت ومثله في دمشق. وأهم ما دخل مجدداً من الصناعات صناعة الجوخ في دمشق أنشئ لصنعه معملان أحدهما شرقي المدينة والآخر غربيها، وأنشئ فيها
معمل لحفظ الفواكه والثمار والبقول نجح نجاحاً كبيراً، وأُسس في حلب معمل عظيم للنسيج أتى بأعظم الأرباح وسد حاجة البلاد في الحرب الأخيرة.
هذه أهم الصنائع الشامية وغالب الصناعات تتبدل عليها أيدي الصناع من الواحد بعد الواحد إلى أن ينيف على عشرة صناع حتى يتم وقد أفاض صاحب قاموس الصناعات الشامية بتعداد هذه الصنائع والحرف في دمشق خاصة على اختلاف اسمائها وضروبها فبلغت نحو 340 حرفة وصناعة. ولابن الصائغ الدمشقي منظومة في ثلاثة آلاف بيت في الصنائع قال ابن جماعة: واعلم أن هذه الصنائع استخرجها الحكماء بحكمتهم ثم تعلم الناس منهم بعضها وصارت وراثة من الحكماء للعلماء، ومن العلماء للمتعلمين، ومن الأستاذين للتلامذة، ومن التلامذة للصناع. وكان ولا يزال لكل حرفة زعيم أو نقيب أو شيخ أو