الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فيكون قوله أقرب إلى اتفاق الشرع والعقل، وأقرب إلى الشرع منفرداً، فيكون أرجح من قولهم على كل تقدير.
وهكذا هو عند أهل الإسلام، فإن الكلابية والكرامية والأشعرية أقرب إلى السنة والحق من جهمية الفلاسفة والمعتزلة ونحوهم، باتفاق جماهير المسلمين وعوامهم.
الوجه الثاني
أنه يقال له: ما تعني بقولك: إن كل مشار إليه فإما أن ينقسم أو لا ينقسم؟ أتعني بالانقسام إمكان تفريقه وتجزئته وتبعضه؟ أم تعني به أن كل مشار إليه، إذا لم يكن بقدر الجوهر الفرد فإنه يكون مركباً من الجواهر المنفردة؟ أو تعني به أنه يشار إلى شيء منه دون شيء، ويرى منه شيء دون شيء، ويتميز منه شيء عن شيء.
فإن أردت الأول لازم التقدير الأول، فإنه لا يلزم من كونه لا يمكن تفريقه وتبعيضه وتقسيمه أن يكون صغيراً بقدر الجوهر الفرد، فإنا نعلم بالاضطرار إمكان كون الشيء كبيراً عظيماً مع أنه لا يمكن تفريقه وتبعيضه وتقسيمه.
بل قد تنازع الناس في كثير من المخلوقات: هل تقبل التفريق أو لا تقبله؟ ومن قال: إنها تقبله أثبته بالدليل، لم يقل: إنه معلوم بالضرورة.
وكذلك إن عنى به أنه مركب من المادة والصورة، كما يقول بعض الفلاسفة، فأكثر العقلاء ينكرون ذلك.
والصواب قول من ينكر ذلك، كما هو مذكور في غير هذا الموضع، وبتقدير تسليمه ينازع من سلمه في صحة المقدمة الثانية ويمنع صحة انتفاء اللازم.
وإن أردت به المعنى الثالث: وهو أنه يتميز منه شيء عن شيء.
فيقال لك: هذا القول لازم لجميع الخلائق.
أما الصفاتية فإنهم يثبتون العلم، والقدرة، والإرادة، والكلام، ومن المعلوم أن هذه المعاني متميزة في أنفسها، ليس كل واحد منها هو الآخر.
وأما غيرهم فيعلمون الفرق بين كونه عالماً، وكونه قادراً، وكونه حياً، ونحو ذلك.
والمتفلسفة يعلمون الفرق بين كونه موجوداً، وكونه واجباً، وكونه عاقلاً وعقلاً، وعاشقاً وعشقاً، ولذيذاً وملتذاً، ونحو ذلك، ففي الجملة لزوم مثل هذه المعاني المتعددة المتكثرة لازم لجميع الخلائق، وهذه مسألة الصفات.
فإذا قال النفاة: عندنا العلم هو الإرادة، والإرادة هي القدرة، والوجوب هو الوجود، ونحو ذلك.
كان لهم جوابان: أحدهما أن يقال: هذا معلوم الفساد بالضرورة، كما تقدم.
ولا يرتاب عاقل في فساد مثل هذا بعد تصوره.
والثاني أن يقال: إذا جاز لكم أن تثبتوا معاني متعددة ومتغايرة في الأحكام واللوازم والأسماء ليس التغاير بينها تغاير العموم والخصوص، كاللون والسواد، وتقولون: إنه لا تعدد فيها ولا كثرة ولا انقسام، جاز