المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المنظر الثاني: في أن حملة العلم في الإسلام أكثرهم العجم - أبجد العلوم

[صديق حسن خان]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة

- ‌القسم الأول: الوشي المرقوم في بيان أحوال العلوم

- ‌المقدمة: في بيان ما يطلق عليه اسم العلم ونسبته ومحله وبقائه وعلم الله تعالى

- ‌الباب الأول: في تعريف العلم وتقسيمه وتعليمه

- ‌الفصل الأول: في ماهية العلم

- ‌الفصل الثاني: فيما يتصل بماهية العلم من: الاختلاف والأقوال

- ‌الفصل الثالث: في تقسيم العلم

- ‌الفصل الرابع: في العلم المدون وموضوعه ومباديه ومسائله وغايته

- ‌الفصل الخامس: في بيان تقسم العلوم المدونة وما يتعلق بها

- ‌الفصل السادس: في بيان أجزاء العلوم

- ‌الفصل السابع: في بيان الرؤوس الثمانية

- ‌الفصل الثامن: في مراتب العلم وشرفه وما يلحق به

- ‌الفصل التاسع: في حالة العلماء

- ‌الباب الثاني: في منشأ العلوم والكتب

- ‌الفصل الأول: في سببه

- ‌الفصل الثاني: في منشأ إنزال الكتب واختلاف الناس وانقسامهم

- ‌الفصل الثالث: في أهل الإسلام وعلومهم

- ‌الفصل الرابع: في أن التعليم للعلم من جملة الصنائع

- ‌الباب الثالث: في المؤلفين والمؤلفات والتحصيل

- ‌الترشيح الأول: في أقسام التدوين وأصناف المدونات

- ‌الترشيح الثاني: في الشرح وبيان الحاجة إليه والأدب فيه

- ‌الترشيح الثالث: في أقسام المصنفين وأحوالهم

- ‌الترشيح الرابع: في بيان مقدمة العلم ومقدمة الكتاب

- ‌الترشيح الخامس: في التحصيل

- ‌الباب الرابع: في فوائد منثورة من أبواب العلموفيه مناظر وفتوحات

- ‌المنظر الأول: في العلوم الإسلامية

- ‌المنظر الثاني: في أن حملة العلم في الإسلام أكثرهم العجم

- ‌المنظر الثالث: في علوم اللسان العربي

- ‌المنظر الرابع: في أن الرحلة في طلب العلوم ولقاء المشيخة مزيد كمال في التعلم

- ‌المنظر الخامس: في أن العلماء - من بين البشر - أبعد عن السياسة ومذاهبها

- ‌المنظر السادس: في موانع العلوم وعوائقها

- ‌المنظر السابع: في أن الحفظ غير الملكة العلمية

- ‌المنظر الثامن: في شرائط تحصيل العلم وأسبابه

- ‌المنظر التاسع: في شروط الإفادة ونشر العلم

- ‌المنظر العاشر: فيما ينبغي أن يكون عليه أهل العلم

- ‌المنظر الحادي عشر: في التعلم

- ‌الباب الخامس: في لواحق الفوائد

- ‌مطلب: لزوم العلوم العربية

- ‌مطلب: العلوم العقلية وأصنافها

- ‌مطلب: في أن اللغة ملكة صناعية

- ‌مطلب: في أن لغة العرب لهذا العهد لغة مستقلة مغايرة للغة مضر وحمير

- ‌مطلب: في أن لغة أهل الحضر والأمصار لغة قائمة بنفسها مخالفة للغة مضر

- ‌مطلب: في تعليم اللسان المضري

- ‌مطلب: في أن ملكة هذا اللسان غير صناعة العربية ومستغنية عنها في التعليم

- ‌مطلب: في تفسير الذوق في مصطلح أهل البيان وتحقيق معناه وبيان أنه: لا يحصل غالبا للمستعربين من العجم

- ‌مطلب: في أن أهل الأمصار على الإطلاق قاصرون في تحصيل هذه الملكة اللسانية التي تستفاد بالتعليم

- ‌الباب السادس: في انقسام الكلام إلى فني: النظم والنثر

- ‌مطلب: أن لسان العرب وكلامهم على فنين

- ‌مطلب: في أنه لا تتفق الإجادة في فني المنثور والمنظوم معا إلا للأقل

- ‌مطلب: في صناعة الشعر ووجه تعلمه

- ‌مطلب: في أن صناعة النظم والنثر إنما هي في الألفاظ لا في المعاني

- ‌مطلب: في أن حصول هذه الملكة بكثرة الحفظ وجودتها بجودة المحفوظ

- ‌مطلب: في ترفع أهل المراتب عن انتحال الشعر

- ‌مطلب: في بيان المردف والمستزاد والمزدوجة

- ‌مطلب: في طبقات الشعراء

- ‌مطلب: في مدح المنظوم من الكلام والحمائل المنوطة بعواتق الأقلام

- ‌مطلب: في تعيين العلم الذي هو فرض عين على كل مكلف

- ‌مطلب: في طبقات أهل العلم

- ‌مطلب: في مباحث من الأمور العامة التي يكثر استعمالها والاشتباه بإهمالها

- ‌خاتمة القسم الأول في بيان تطبيق الآراء

- ‌فصل: في ماهية التطبيق وهليته

- ‌فصل: في موازين التحقيق

- ‌فصل: في أسباب الاختلاف

- ‌فصل: في ضوابط التطبيق

- ‌فصل: في الجرح والترجيح

- ‌فصل: في أمثلة التطبيق توضيحا للواهم وتمرينا للفاهم

- ‌خاتمة القسم الأول

- ‌القسم الثاني: السحاب المركوم الممطر بأنواع الفنون وأصناف العلوم

- ‌المقدمة في بيان أسماء العلوم وموضوعاتها وعدم تعين الموضوع في بعضها

- ‌باب الألف

- ‌باب الباء الموحدة

- ‌باب التاء

- ‌باب الثاء المثلثة

- ‌باب الجيم

- ‌باب الحاء المهملة

- ‌باب الخاء المعجمة

- ‌باب الدال المهملة

- ‌باب الذال المعجمة

- ‌باب الراء المهملة

- ‌باب الزاء المعجمة

- ‌باب السين المهملة

- ‌باب الشين المعجمة

- ‌باب الصاد المهلمة

- ‌باب الضاد المعجمة

- ‌باب الطاء المهملة

- ‌باب الظاء المعجمة

- ‌باب العين المهملة

- ‌باب الغين المعجمة

- ‌باب الفاء

- ‌باب القاف

- ‌باب الكاف

- ‌باب اللام

- ‌باب الميم

- ‌باب النون

- ‌باب الواو

- ‌باب الهاء

- ‌باب الياء التحتانية

- ‌القسم الثالث: الرحيق المختوم من تراجم أئمة العلوم

- ‌مدخل

- ‌علماء اللغة

- ‌علماء التصريف

- ‌علماء النحو

- ‌علماء المعاني والبيان

- ‌علماء العروض والقوافي

- ‌علماء الإنشاء والأدب

- ‌علماء المحاضرة

- ‌علماء الشعر

- ‌علماء التواريخ

- ‌علماء الحكمة

- ‌علماء المنطق

- ‌علماء الجدل

- ‌علماء الخلاف

- ‌علماء المقالات

- ‌علماء الطب

- ‌علماء أصول الفقه

- ‌علماء الفقه

- ‌ذكر حفاظ الإسلام

- ‌علماء الفرائض

- ‌علماء النجوم

- ‌علماء الحرمين

- ‌علماء اليمن

- ‌علماء الهند

- ‌علماء قنوج

- ‌علماء بلدة بهوبال المحمية

الفصل: ‌المنظر الثاني: في أن حملة العلم في الإسلام أكثرهم العجم

ذلك وهذه هي: علوم الحديث ثم لا بد في استنباط هذه الأحكام من أصولها من وجه قانوني يفيد العلم بكيفية هذا الاستنباط وهذا هو: أصول الفقه وبعد هذا تحصل الثمرة بمعرفة أحكام الله تعالى في أفعال المكلفين وهذا هو: الفقه ثم إن التكاليف منها: بدني ومنها: قلبي وهو المختص بالإيمان وما يجب أن يعتقد وما لا يعتقد وهذه هي: العقائد الإيمانية في الذات والصفات وأمور الحشر والنعيم والعذاب والقدر والحجاج عن هذه بالأدلة العقلية هو: علم الكلام ثم النظر في القرآن والحديث لا بد أن تتقدمه العلوم اللسانية لأنه متوقف عليها وهي أصناف فمنها: علم اللغة وعلم النحو وعلم البيان وعلم الأدب حسبما نتكلم عليها كلها.

وهذه العلوم النقلية كلها مختصة بالملة الإسلامية وأهلها وإن كانت كل ملة على الجملة لا بد فيها من مثل ذلك فهي مشاركة لها في الجنس البعيد من حيث إنها علوم الشريعة المنزلة من عند الله تعالى على صاحب الشريعة المبلغ لها وأما على الخصوص: فمباينة لجميع الملل لأنها ناسخة لها وكل ما قبلها من علوم الملل فمهجورة والنظر فيها محظور فقد نهى الشرع عن النظر في الكتب المنزلة غير القرآن قال صلى الله عليه وسلم: "لا تصدقوا أهل الكتاب ولا تكذبوهم وقولوا آمنا بالذي أنزل إلينا وأنزل إليكم وإلهنا وإلهكم واحد"

ورأى النبي صلى الله عليه وسلم في يد عمر رضي الله عنه ورقة من التوراة فغضب حتى تبين الغضب في وجهه ثم قال: "ألم آتكم بها بيضاء نقية والله لو كان موسى حيا ما وسعه إلا اتباعي".

ثم إن هذه العلوم الشرعية النقلية قد نفقت أسواقها في هذه الملة بما لا مزيد عليه وانتهت فيها مدارك الناظرين إلى الغاية التي لا فوقها وهذبت الاصطلاحات ورتبت الفنون فجاءت من وراء الغاية في الحسن والتنميق.

وكان لكل فن رجال يرجع إليهم فيه وأوضاع يستفاد منها التعليم واختص المشرق من ذلك والمغرب بما هو مشهور منها وقد كسدت لهذا العهد أسواق العلم بالمغرب لتناقص العمران فيه وانقطاع سند العلم والتعليم وما أدري ما فعل الله بالمشرق؟ والظن به نفاق العلم فيه واتصال التعليم في العلوم وفي سائر الصنائع الضرورية والكمالية لكثرة عمرانه والحضارة ووجود الإعانة لطالب العلم بالجراية من الأوقاف التي اتسعت بها أرزاقهم - والله سبحانه وتعالى هو الفعال لما يريد وبيده التوفيق والإعانة -.

ص: 128

‌المنظر الثاني: في أن حملة العلم في الإسلام أكثرهم العجم

1

وذلك من الغريب الواقع لأن علماء الملة الإسلامية في العلوم الشرعية والعقلية أكثرهم العجم إلا في القليل النادر وإن كان منهم العربي في نسبته فهو عجمي في لغته ومرباه ومشيخته مع أن الملة عربية وصاحب شريعتها عربي والسبب في ذلك: أن الملة في أولها لم يكن فيها علم ولا صناعة لمقتضى أحوال السذاجة والبداوة وإنما أحكام الشريعة - التي هي: أوامر الله ونواهيه - كان الرجال ينقلونها في صدورهم وقد عرفوا مأخذها من الكتاب والسنة بما تلقوه من صاحب الشرع وأصحابه والقوم يومئذ عرب لم يعرفوا أمر التعليم والتأليف والتدوين ولا دفعوا إليه ولا دعتهم إليه حاجة وجرى الأمر على ذلك زمن الصحابة

1 هذا الفصل من مقدمة ابن خلدون انظره في صفحة 1367-1370، تحقيق علي عبد الواحد وافي.

ص: 128

والتابعين وكانوا يسمون المختصين بحمل ذلك ونقله: القراء: أي الذين يقرؤون الكتاب وليسوا أميين لأن الأمية يومئذ صفة عامة في الصحابة بما كانوا عربا فقيل لحملة القرآن يومئذ: قراء إشارة إلى هذا فهم قراء لكتاب الله والسنة المأثورة عن رسول الله لأنهم لم يعرفوا الأحكام الشرعية إلا منه ومن الحديث الذي هو في غالب موارده تفسير له وشرح

قال صلى الله عليه وسلم: "تركت فيكم أمرين لن تضلوا ما تمسكتم بهما: كتاب الله وسنتي".

فلما بعد النقل - من لدن دولة الرشيد فما بعد - احتيج إلى وضع التفاسير القرآنية وتقييد الحديث مخافة ضياعه ثم احتيج إلى معرفة الأسانيد وتعديل الناقلين للتمييز بين الصحيح من الأسانيد وما دونه ثم كثر استخراج أحكام الواقعات من الكتاب والسنة وفسد مع ذلك اللسان فاحتيج إلى وضع القوانين النحوية وصارت العلوم الشرعية كلها ملكات في: الاستنباطات والاستخراج والتنظير والقياس واحتاجت إلى علوم أخرى وهي وسائل لها من: معرفة قوانين العربية وقوانين ذلك الاستنباط والقياس والذب عن العقائد الإيمانية بالأدلة لكثرة البدع والإلحاد فصارت هذه العلوم كلها علوما ذات ملكات محتاجة إلى التعليم فاندرجت في جملة الصنائع وقد كنا قدمنا أن الصنائع من منتحل الحضر وأن العرب أبعد الناس عنها فصارت العلوم لذلك حضرية وبعد عنها العرب وعن سوقها والحضر لذلك العهد هم: العجم أو من في معناهم من الموالي وأهل الحواضر الذين هم يومئذ تبع للعجم في الحضارة وأحوالها من: الصنائع والحرف لأنهم أقوم على ذلك للحضارة الراسخة فيهم منذ دولة الفرس فكان صاحب صناعة النحو: سيبويه والفارسي من بعده والزجاج من بعدهما وكلهم عجم في أنسابهم وإنما ربوا في اللسان العربي فاكتسبوه بالمربى ومخالطة العرب وصيروه قوانين وفنا لمن بعدهم وكذا حملة الحديث الذين حفظوه عن أهل الإسلام أكثرهم عجم أو مستعجمون باللغة والمربى وكان علماء أصول الفقه كلهم عجما - كما يعرف - وكذا حملة علم الكلام وكذا أكثر المفسرين ولم يقم بحفظ العلم وتدوينه إلا الأعاجم وظهر مصداق قوله صلى الله عليه وسلم: "لو تعلق العلم بأكناف السماء لناله قوم من أهل فارس".

وأما العرب الذين أدركوا هذه الحضارة وسوقها وخرجوا إليها عن البداوة فشغلتهم الرياسة في الدولة العباسية وما دفعوا إليه من القيام بالملك عن القيام بالعلم والنظر فيه فإنهم كانوا أهل الدولة وحاميتها وأولي سياستها مع ما يلحقهم من الأنفة عن انتحال العلم حينئذ بما صار من جملة الصنائع والرؤساء - أبدا - يستنكفون عن الصنائع والمهن وما يجر إليها ودفعوا ذلك إلى من قام به من العجم والمولدين وما زالوا يرون لهم حق القيام به فإنه دينهم وعلومهم ولا يحتقرون حملتها كل الاحتقار حتى إذا خرج الأمر من العرب جملة وصار للعجم صارت العلوم الشرعية غريبة النسبة عند أهل الملك بما هم عليه من البعد عن نسبتها وامتهن حملتها بما يرون أنهم بعداء عنهم مشتغلين بما لا يغني ولا يجدي عنهم في: الملك والسياسة وهذا الذي قررناه: هو السبب في أن حملة الشريعة أو عامتهم من العجم.

وأما العلوم العقلية أيضا: فلم تظهر في الملة إلا بعد أن تميز حملة العلم ومؤلفوه واستقر العلم كله صناعة فاختصت بالعجم وتركتها العرب وانصرفوا عن انتحالها فلم يحملها إلا المعربون من العجم - شأن الصنائع كما قلناه أولا - فلم يزل ذلك في الأمصار ما دامت الحضارة في العجم وبلادهم من: العراق وخراسان وما وراء النهر فلما خربت تلك الأمصار وذهبت منها الحضارة التي هي سر الله في حصول

ص: 129