المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة

- ‌القسم الأول: الوشي المرقوم في بيان أحوال العلوم

- ‌المقدمة: في بيان ما يطلق عليه اسم العلم ونسبته ومحله وبقائه وعلم الله تعالى

- ‌الباب الأول: في تعريف العلم وتقسيمه وتعليمه

- ‌الفصل الأول: في ماهية العلم

- ‌الفصل الثاني: فيما يتصل بماهية العلم من: الاختلاف والأقوال

- ‌الفصل الثالث: في تقسيم العلم

- ‌الفصل الرابع: في العلم المدون وموضوعه ومباديه ومسائله وغايته

- ‌الفصل الخامس: في بيان تقسم العلوم المدونة وما يتعلق بها

- ‌الفصل السادس: في بيان أجزاء العلوم

- ‌الفصل السابع: في بيان الرؤوس الثمانية

- ‌الفصل الثامن: في مراتب العلم وشرفه وما يلحق به

- ‌الفصل التاسع: في حالة العلماء

- ‌الباب الثاني: في منشأ العلوم والكتب

- ‌الفصل الأول: في سببه

- ‌الفصل الثاني: في منشأ إنزال الكتب واختلاف الناس وانقسامهم

- ‌الفصل الثالث: في أهل الإسلام وعلومهم

- ‌الفصل الرابع: في أن التعليم للعلم من جملة الصنائع

- ‌الباب الثالث: في المؤلفين والمؤلفات والتحصيل

- ‌الترشيح الأول: في أقسام التدوين وأصناف المدونات

- ‌الترشيح الثاني: في الشرح وبيان الحاجة إليه والأدب فيه

- ‌الترشيح الثالث: في أقسام المصنفين وأحوالهم

- ‌الترشيح الرابع: في بيان مقدمة العلم ومقدمة الكتاب

- ‌الترشيح الخامس: في التحصيل

- ‌الباب الرابع: في فوائد منثورة من أبواب العلموفيه مناظر وفتوحات

- ‌المنظر الأول: في العلوم الإسلامية

- ‌المنظر الثاني: في أن حملة العلم في الإسلام أكثرهم العجم

- ‌المنظر الثالث: في علوم اللسان العربي

- ‌المنظر الرابع: في أن الرحلة في طلب العلوم ولقاء المشيخة مزيد كمال في التعلم

- ‌المنظر الخامس: في أن العلماء - من بين البشر - أبعد عن السياسة ومذاهبها

- ‌المنظر السادس: في موانع العلوم وعوائقها

- ‌المنظر السابع: في أن الحفظ غير الملكة العلمية

- ‌المنظر الثامن: في شرائط تحصيل العلم وأسبابه

- ‌المنظر التاسع: في شروط الإفادة ونشر العلم

- ‌المنظر العاشر: فيما ينبغي أن يكون عليه أهل العلم

- ‌المنظر الحادي عشر: في التعلم

- ‌الباب الخامس: في لواحق الفوائد

- ‌مطلب: لزوم العلوم العربية

- ‌مطلب: العلوم العقلية وأصنافها

- ‌مطلب: في أن اللغة ملكة صناعية

- ‌مطلب: في أن لغة العرب لهذا العهد لغة مستقلة مغايرة للغة مضر وحمير

- ‌مطلب: في أن لغة أهل الحضر والأمصار لغة قائمة بنفسها مخالفة للغة مضر

- ‌مطلب: في تعليم اللسان المضري

- ‌مطلب: في أن ملكة هذا اللسان غير صناعة العربية ومستغنية عنها في التعليم

- ‌مطلب: في تفسير الذوق في مصطلح أهل البيان وتحقيق معناه وبيان أنه: لا يحصل غالبا للمستعربين من العجم

- ‌مطلب: في أن أهل الأمصار على الإطلاق قاصرون في تحصيل هذه الملكة اللسانية التي تستفاد بالتعليم

- ‌الباب السادس: في انقسام الكلام إلى فني: النظم والنثر

- ‌مطلب: أن لسان العرب وكلامهم على فنين

- ‌مطلب: في أنه لا تتفق الإجادة في فني المنثور والمنظوم معا إلا للأقل

- ‌مطلب: في صناعة الشعر ووجه تعلمه

- ‌مطلب: في أن صناعة النظم والنثر إنما هي في الألفاظ لا في المعاني

- ‌مطلب: في أن حصول هذه الملكة بكثرة الحفظ وجودتها بجودة المحفوظ

- ‌مطلب: في ترفع أهل المراتب عن انتحال الشعر

- ‌مطلب: في بيان المردف والمستزاد والمزدوجة

- ‌مطلب: في طبقات الشعراء

- ‌مطلب: في مدح المنظوم من الكلام والحمائل المنوطة بعواتق الأقلام

- ‌مطلب: في تعيين العلم الذي هو فرض عين على كل مكلف

- ‌مطلب: في طبقات أهل العلم

- ‌مطلب: في مباحث من الأمور العامة التي يكثر استعمالها والاشتباه بإهمالها

- ‌خاتمة القسم الأول في بيان تطبيق الآراء

- ‌فصل: في ماهية التطبيق وهليته

- ‌فصل: في موازين التحقيق

- ‌فصل: في أسباب الاختلاف

- ‌فصل: في ضوابط التطبيق

- ‌فصل: في الجرح والترجيح

- ‌فصل: في أمثلة التطبيق توضيحا للواهم وتمرينا للفاهم

- ‌خاتمة القسم الأول

- ‌القسم الثاني: السحاب المركوم الممطر بأنواع الفنون وأصناف العلوم

- ‌المقدمة في بيان أسماء العلوم وموضوعاتها وعدم تعين الموضوع في بعضها

- ‌باب الألف

- ‌باب الباء الموحدة

- ‌باب التاء

- ‌باب الثاء المثلثة

- ‌باب الجيم

- ‌باب الحاء المهملة

- ‌باب الخاء المعجمة

- ‌باب الدال المهملة

- ‌باب الذال المعجمة

- ‌باب الراء المهملة

- ‌باب الزاء المعجمة

- ‌باب السين المهملة

- ‌باب الشين المعجمة

- ‌باب الصاد المهلمة

- ‌باب الضاد المعجمة

- ‌باب الطاء المهملة

- ‌باب الظاء المعجمة

- ‌باب العين المهملة

- ‌باب الغين المعجمة

- ‌باب الفاء

- ‌باب القاف

- ‌باب الكاف

- ‌باب اللام

- ‌باب الميم

- ‌باب النون

- ‌باب الواو

- ‌باب الهاء

- ‌باب الياء التحتانية

- ‌القسم الثالث: الرحيق المختوم من تراجم أئمة العلوم

- ‌مدخل

- ‌علماء اللغة

- ‌علماء التصريف

- ‌علماء النحو

- ‌علماء المعاني والبيان

- ‌علماء العروض والقوافي

- ‌علماء الإنشاء والأدب

- ‌علماء المحاضرة

- ‌علماء الشعر

- ‌علماء التواريخ

- ‌علماء الحكمة

- ‌علماء المنطق

- ‌علماء الجدل

- ‌علماء الخلاف

- ‌علماء المقالات

- ‌علماء الطب

- ‌علماء أصول الفقه

- ‌علماء الفقه

- ‌ذكر حفاظ الإسلام

- ‌علماء الفرائض

- ‌علماء النجوم

- ‌علماء الحرمين

- ‌علماء اليمن

- ‌علماء الهند

- ‌علماء قنوج

- ‌علماء بلدة بهوبال المحمية

الفصل: ‌باب العين المهملة

تاريخ العالم فإن كلها مشتملة على تراجم كثير منهم ويغني عن ذلك كله ما قصه الله إلينا في كتابه العزيز عن صالحي عباده الذين لم يكونوا أنبياء كقصة ذي القرنين وما تهيأ له مما تعجز عنه الطباع البشرية وقصة مريم كما حكاه الله تعالى.

ومن ذلك قصة أصحاب كهف فقد قص الله علينا فيها أعظم كرامة وقصة آصف من برخيا حيث حكى عنه قوله: {أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ} وغير ذلك مما حكاه عن غير هؤلاء والجميع ليسوا بأنبياء وثبت في الأحاديث الثابتة في الصحيح مثل حديث الثلاثة الذي انطبقت عليهم الصخرة وحديث جريج الراهب الذي كلمه الطفل وحديث المرأة التي قالت سائلة الله عز وجل أن يجعل الطفل الذي ترضعه مثل الفارس فأجاب الطفل بما أجاب وحديث البقرة التي كلمت من أراد أن يحمل عليها وقالت إني لم أخلق لهذا.

ومن ذلك وجود القطف من العنب عند خبيب الذي أسرته الكفار.

وحديث أن أسيد بن حضير وعبادة بن بشر خرجا من عند النبي صلى الله عليه وسلم في ليلة مظلمة ومعهما مثل المصاحبين وحديث رب أشعث أغبر مدفوع بالأبواب لو أقسم على الله لأبره.

وحديث لقد كان فيمن قبلكم محدثون.

وحديث إن في هذه الأمة محدثين وإن منهم عمر.

ومن ذلك كون سعد بن أبى وقاص مجاب الدعوة وهذه الأحاديث كلها ثابتة في الصحيح وورد لكثير من الصحابة رضي الله عنهم كرامات قد اشتملت عليها كتب الحديث والسير.

ومن ذلك الأحاديث الواردة في فضلهم والثناء عليهم كما ثبت في الصحيح أنه قال رجل: أي الناس أفضل يا رسول الله؟ قال: "مؤمن مجاهد بنفسه وماله في سبيل الله" قال: ثم من؟ قال: "ثم رجل معتزل في شعب من شعاب يعبد ربه".

وحديث "كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل" وهذه الأحاديث كلها في الصحيح وفي هذا المقدار كفاية لمن له هداية.

ص: 444

‌باب العين المهملة

علم عجائب القلب

وله معنيان:

أحدهما: اللحم الصنوبري المودع في الجانب الأيسر من الصدور وفي باطنه دم أسود ينبعث منه بخار لطيف يسري إلى سائر البدن ويحدث منه الحواس الظاهرة والباطنة والحيوانات كلها متشاركة في هذا النوع من القلب ولهذا يسمى الروح الحيواني.

وثانيهما: لطيفة ربانية نورانية نازلة من عالم القدس يتعلق بالقلب بالمعنى الأول وهو المخاطب والمكلف وبه يثاب الإنسان ويعاقب ولهذا يسمى الروح الإنساني.

ثم إن للإنسان نفسا وهي قوة حالة في البدن تنشأ منها الشهوة والغضب وبين الروح الإنساني والنفس

ص: 444

مجادلة مستمرة ولكل منهما قوى تعين وتجادل مع الأخرى والعقل هو المميز بينهما وتفاصيل تلك القوى وكيفية المخاصمة بينهما وحكم العقل بين الطرفين مفصلة في موضعها ولسنا نحن بصدد بيانها في هذا المختصر ذكره في مدينة العلوم تحت ذكر الأخلاق المهلكات.

علم العدد

هكذا في كشف الظنون ويسمى الأرتماطيقي وقد تقدم في باب الألف من أول الكتاب وقال في كشاف اصطلاحات الفنون: علم العدد هو من أصول الرياضي ويسمى بعلم الحساب أيضا وهو نوعان:

نظري: وهو علم يبحث فيه من ثبوت الأعراض الذاتية للعدد وسلبها عنه وهو المسمى بالأرتماطيقي وتشتمل عليه المقالات الثلاث السابعة والثامنة والتاسعة من كتاب الأصول وموضوعه العدد مطلقاً.

وعملي: وهو علم يعرف به طرق استخراج المجهولات العددية من المعلومات العددية والمراد بها مجهولات لها نسبة إلى العدد نسبة الجزئي إلى الكلي وكذا الحال في المعلومات العددية مثلا: في الضرب المضروب والمضروب فيه معلومان ومنهما يستخرج الحاصل الذي هو عدد مجهول بالطريق المعين وكذا في سائر الأعمال.

فهو علم تعرف به الطرق التي يستخرج بها عدد مجهول من عدد معلوم وقيد من المعلومات العددية احتراز عما إذا استخرج المجهول العددي بغير علم الحساب كاستخراج عدد الدراهم من علم الرمل ولا يخرج عنه علم المساحة لأنها علم بطرق استخراج المجهولات المقدارية من حيث عروض العدد لها فيؤول إلى المجهولات العددية عند التأمل.

ثم اعلم أن الحساب العملي نوعان أحدهما هوائي تستخرج منه المجهولات العددية بلا استعمال الجوارح كالقواعد المذكورة في كتاب البهائية.

ثانيهما: غير هوائي وهو المسمى بالتخت والتراب يحتاج إلى استعمال الجوارح كالشبكة وضرب المحاذاة.

ثم النظري والعملي ههنا بمعنى ما لا يتعلق بكيفية العمل وما يتعلق بها فتسميه النوع الأول بالنظري ظاهرة وكذا تسمية القسم الثاني من النوع الثاني بالعملي.

وأما تسمية القسم الأول منه بالعملي فعلى تشبيه الحركات الفكرية بالحركات الصادرة عن الجوارح أو يقال المراد بالعمل في تعريفي النظري والعملي أعم من العمل الذهني والخارجي

ثم اعلم أن لاستخراج المجهولات العددية من معلوماتها طرقا مختلفة وهي إما محتاجة إلى فرض المجهول شيئا وهو الجبر والمقابلة وإما غير محتاجة إليه وهو علم المفتوحات وهي كمقدمات الحساب التي سوى المساحة أو مما يحصل ببعض من تلك المقدمات واستعانة بعض القوانين من النسبة وهو شامل أسئلة الخطأين أيضاًظ.

وموضوعه العدد مطلقا كما هو المشهور.

والتحقيق أن موضوعه العدد المعلوم تتعقل عوارضه، من حيث أنه كيف يمكن التأدي منه إلى بعض

ص: 445

عوارضه المجهولة. وأما العدد المطلق فإنما هو موضوع علم الحساب النظري هذا كله خلاصة ما في شرح خلاصة الحساب والله أعلم بالصواب.

علم العرافة

هو معرفة الاستدلال ببعض الحوادث الخالية على الحوادث الآتية بالمناسبة أو المشابهة الخفية التي تكون بينهما أو الاختلاط أو الارتباط على أن يكونا معلولي أمر وأحد أو يكون ما في الحال علة لما في الاستقبال وشرط كون الارتباط المذكور خفيا أن لا يطلع عليه إلا الأفراد وذلك إما بالتجارب أو بالحالة المودعة في أنفسهم عند الفطرة بحيث عبر عنهم النبي صلى الله عليه وسلم بالمحدثين المصيبين في الظن والفراسة.

حكي أن الاسكندر حين أراد قتال ملك الفرس قال: ذلك الملك لا حاجة إلى مقابلة عساكرهم نقاتل معك فإما أن تقتلني وإما أن أقتلك ففرح الاسكندر بهذا الكلام حيث قدم ذلك الملك نفسه في ذكر القتل فكان كما قال.

ويحكى عنه أيضا أنه لما دخل بلاد المغرب فمر على امرأة في مدينة تنسج ثوبا فقالت له: أيها الملك أعطيت ملكا ذا طول وعرض ثم مر عليها الملك الأول فقالت له: سيقطع الاسكندر ملكك فغضب الملك فقالت: لا تغضب إن النفوس قد تشاهد أمور قبل وقوعها بعلامات تحكم النفس بصدقها لما مر علي الاسكندر كنت أنسج طول الثوب وعرضه ولما مررت أنت فرغت وأردت قطعه وكان الأمر كما قالت.

ويحكى أنه كان في زمن هارون الرشيد رجل أعمى من أهل العرافة وكان يستدل على المسئول عنه بكلام مصدر عن الحاضرين عقيب السؤال فسرق يوما من خزانة هارون بعض من الأشياء فطلب الرجل وأمر أن لا يتكلم أحد بعد السؤال أصلا ففعلوا كما أمر هارون والأعمى ألقى سمعه ولم يسمع شيئا فأمر يده على البساط فوجد فيه نواة تمرة فقال: إن المسئول عنه در وزبرجد وياقوت. فقال الرشيد: في أين هو؟ قال: في بئر فوجدوه كما ذكر الأعمى فتحير الرشيد فيه.

فسأل عن سبب معرفته.

فقال: وجدت نواة تمرة وطلع النخل أبيض وهو كالدرة ثم يكون بسرا وهو أخضر وهو لون الزمرد ثم يكون رطبا وهو أحمر وهو لون الياقوت ثم لما سألتم عن مكان المسروق سمعت صوت دلو فعرفت أنه في بئر فاستحسن الرشيد فراسته فأعطاه مالا جزيلاً.

وحكي أن أبا معشر وصاحبه ذهبا إلى عراف فسألاه عن شيء فقال: أنكما سألتما عن مسجون فقالا: إنه يخلص قال: نعم يخلص فسألاه عن سبب معرفته فقال: إنكما لما سألتماني وقع نظري على قربة ماء فعرفت أن السؤال عن مسجون ولما سألتماني عن خلاصة نظرت فإذا هو قد فرغ قربته.

وحكى عن المهدي أنه رأى رؤيا فنسيها فأمر بعراف فأحضر فسأله عن رؤياه فقال: يا أمير المؤمنين صاحب العرافة ينظر إلى الحركة فغضب المهدي من أنه يدعي العرافة ولا يعرف شيئا فوضع يده على رأسه ثم مسح وجهه ثم ضرب يده على فخذه من شدة غضبه قال العراف: يا أمير المؤمنين أخبرك عن رؤياك.

ص: 446

إنك صعدت على جبل ثم نزلت إلى أرض ملساء فيها عينان مالحتان ثم لقيت رجلا من قريش فسأله المهدي عن سبب معرفته فقال: مسحت الرأس وهو الجبل ومسحت الجبهة وهي أرض ملساء فيها عينان مالحتان ثم مسحت الفخذ وهي قبيلتك قال المهدي: صدقت وأمر له بمال جزيل وأمثال هذه الحكايات كثيرة يعرفها من تتبع المحاضرات ذكر ذلك صاحب مدينة العلوم.

علم العروض

هو علم يبحث فيه عن أحوال الأوزان المعتبر للشعر العارضة للألفاظ والتراكيب العربية.

وموضوعه الألفاظ العربية من حيث إنها معروضة للإيقاعات المعتبرة في البحور الستة عشر عند العرب على ما وضعه واضع هذا الفن خليل بن أحمد.

فعلى الأول: يكون من فروع الموسيقى.

وعلى الثاني: من فروع علم الشعر على مذهب المتأخرين.

وإن اعتبرت في الأشعار العربية تكون من فروع العلوم الأدبية.

وغايته الاحتراز عن الخطأ في إيراد الكلام على الإيقاعات المعتبرة.

ومباديه مقدمات حاصلة من تتبع أشعار العرب كذا في مدينة العلوم.

قال ابن صدر الدين الشرواني في الفوائد الخاقانية: هو علم يبحث فيه عن المركبات الموزونة من حيث وزنها.

واعلم إن أول من اخترع هذا الفن الإمام خليل بن أحمد تتبع أشعار العرب وحصرها في خمسة عشر وزنا ويسمى كلا منها: بحرا قيل إنما وضعه أحمد وهذبه الجوهري وزاد الأخفش بحرا آخر سماه المتدارك ولا حاكم في هذه الصناعة إلا استقامة الطبع وسلامة الذوق.

فالذوق إن كان فطريا سليقيا فذاك وإلا احتيج في اكتسابه إلى طول خدمة هذا الفن.

ومن الكتب المؤلفة فيه عروض ابن الحاجب والخطيب التبريزي.

وعروض ابن القطاع.

وعروض أبي الجيش الأندلسي.

وعروض الخزرجي.

وعروض الخيل بن أحمد النحوي إلى غير ذلك.

وللآيكي مختصر بديع وشفاء العليل في علم الخليل لأمين الدين المحلي وفيما أورده السكاكي في تكملة مفتاح العلوم كفاية في هذا الفن والكتب والرسائل في هذا العلم بالفارسية والعربية كثيرة شهيرة متداولة بين أيدي الناس.

علم العزائم

العزائم مأخوذ من العزم وتصميم الرأي والانطواء على الأمر والنية فيه والإيجاب على الغير يقال: عزمت عليك أي أوجبت عليك حتمت.

ص: 447

وفي الاصطلاح: الإيجاب والتشديد والتغليظ على الجن والشياطين ما يبدو للحائم حوله المتعرض لهم به وكلما تلفظ بقوله: عزمت عليكم فقد أوجب عليهم الطاعة والإذعان والتسخير والتذليل لنفسه وذلك من الممكن والجائز عقلاً وشرعاً1 ومن أنكرها لم يعبأ به لأنه يفضي إلى إنكار قدرة الله سبحانه وتعالى لأن التسخير والتذليل إليه وانقيادهم للإنس من بديع صنعه.

وسئل آصف بن برخيا هل يطيع الجن والشياطين للإنس بعد سليمان عليه السلام؟ فقال: يطيعونهم ما دام العالم باقيا وإنما يتسق بأسمائه الحسنى وعزائمه الكبرى وأقسامه العظام والتقرب إليه بالسير المرضية.

ثم هو في أصله وقاعدته على قسمين محظور ومباح.

الأول: هو السحر المحرم.

وأما المباح فعلى الضد والعكس إذ لا يستم منه شيء إلا بورع كامل وعفاف شامل وصفاء خلوة وعزلة عن الخلق وانقطاع إلى الله تعالى.

وقد علمت أن التسخير إلى الله تعالى غير أن المحققين اختلفوا في كيفية اتصاله بهم منه تعالى

فقيل: على نهج لا سبيل لأحد دونه عز وجل.

وقيل: بالعزيمة كالدعاء وإجابته.

وقيل: بها والسير المرضية.

وقيل: بالجواسيس الطائعين المتهيئين.

وقيل: بالمحتسبة والسيارة.

وقيل: بالعمار هذا ما يعتمد من كلام المحققين.

قال فخر الأئمة: أما الذي عندي أنه إذا استجمع الشرائط وصوب العزائم صيرها الله تعالى عليهم نارا عظيمة محرقة لهم مضيقة أقطار العالم عليهم كيلا يبقى لهم ملجأ ولا متسع إلا الحضور والطاعة فيما يأمرهم به وأعلى من هذا أنه إذا كان ما هو مسيرا في سيرة الرضية وأخلاقه الحميدة فإنه يرسل عليهم ملائكة أقوياء غلاظ أشداد ليزجروهم ويسوقوهم إلى طاعته وخدمته.

وأثبت المتكلمون وغيرهم من المحققين هذه الأصول حيث قالوا:

أما يمنع من أن يكون من الكلام أسماء الله تعالى أو غيرها في الكتب والعزائم والطلمسات ما إذا حفظه الإنسان وتكلم به سخر الله تعالى بعض الجن وألزم قلبه وطاعته واختياره بما طلب منه من الأمور الكائنة فيما عرفه الجني وشاهده ليخبر به الإنسي وهذا هو بيان قول من قال: إن منهم متهيئين

1 فيه نظر واضح لأن المشرع لم يرد بالعزائم وإنما ورد بجواز بعض الرقى، وليست العزائم في شيء وقد بين ذلك للمؤلف مد ظله في جواب سؤال ورد من جهة بعض أهل البصرة، في كتابة دليل الطالب إلى أرجع المطالب فليراجع إليه، مولوي محمد أيوب صاحب مفتي رياسة بهوبال سلم الله تعالى.

ص: 448

وجواسيس. قالوا: وطاعتهم للإنس غير ممتعة في عقل ولا سمع.

علم عقود الأبنية

علم يتعرف منه أحوال أوضاع الأبنية وكيفية أحكامها وطرق حسنها كبناء الحصون المحكمة وتنضيد المنازل البهية والقناطر المشيدة وأمثالها وأحوال كيفية شق الأنهار وتقنية القنئي وسد البثوق1 وإنباط المياه ونقلها من الأغوار إلى النجود وغير ذلك ومنفعته في عمارة المدن والمنازل والقلاع وفي الفلاحة ظاهرة عظيمة. وفيه كتاب لابن الهيثم وكتاب آخر للكرخي وللنصارى حكام الهند وهم البرطانية يد طولى في هذا العلم.

علم علل القراءات

علم باحث عن لمية القراءات كما إن علم القراءات باحث عن آنيتها فالأول دراية والثاني رواية.

ولما كانت الرواية أصلا في العلوم الشرعية جعل الأول فرعا والثاني أصلا ولم يعكس الأمر وإن أمكن ذلك باعتبار آخر وموضوع هذا العلم وغايته ظاهران للمتأمل المتيقظ ذكره في مدينة العلوم.

علم عمل الإصطرلاب

علم يتعرف منه كيفية استخراجا الأعمال الفلكية من الإسطرلاب بطريق خاصة في كتبه وهذا أيضا علم نافع يستخرج منه كثير من الأعمال من معرفة ارتفاع الشمس ومعرفة المطالع والطوالع ومعرفة أوقات الصلاة وسمت القبلة ومعرفة طول الأشياء بالذراع وعرضها إلى غير ذلك وفي هذا العلم رسائل كثيرة مشهورة عند أهله.

علم عمل ربع الدائرة

وهو علم يعرف منه كيفية استخراج الأعمال الفلكية بطرق مختصة وفي هذا العلم رسائل كثيرة أيضا يعرفها أهله.

وصنفت فيه في عنفوان الشباب رسالة نافعة جامعة لجميع الأعمال وللأعمال الفلكية آلات أخر سوى ما ذكر كالعصا والزرقالة والشكازية وأمثالها فلا نطول الكلام بذكرها لأن الكلام فيها كالكلام فيما سبق ذكره في مدينة العلوم.

علم العيافة

ويسمى قيافة الأثر وهو علم باحث عن تتبع آثار الأقدام والأخفاف والحوافر في المقابلة للأثر وهي التي تكون في تربة حرة يتشكل بشكل القدم.

ونفع هذا العلم بين إذ القائف يجد بهذا العلم الفار من الناس والضوال من الحيوان يتتبع آثارها وقوائمها بقوة الباصرة وقوة الخيال والحافظة حتى يحكى أن بعض من اعتنى به يفرق بين أثر قدم

1 يثق النهر بثاً وبثقاء تبثاقاً كسر نشطه لينبثق الماء كبثقة واسم ذلك الموضع البثق ويكسر جمعه بثوق، قاموسس.

ص: 449