الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مالكها من أي مال وما يحصل له منها فتلك نظامات تشملها ومالها من الروائح والأذواق والألوان والكيفيات الملموسة مواطن فإذا غفل صاحب قصد عن صفات أخر وأنكرها انعقد النزاع.
نكتة: ليس في التطبيق تجهيل الطرفين إلا من جهة قصور كل عن غاية التوجيه لكلام خصمه ومن المعلوم أن الأسباب المؤدية إلى الخصومة لا تفرغ القلب لهذا الأمر وإنما على طالب الحق استفراغ الجهد في درك الواقع لا في خدمة كلام الناس ثم من يضمن لأحد نفي القصور في العلم وقد قال الله - تعالى -: {وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلاً} وقد سبقنا إلى تطبيق الآيات مفسر الأمة: عبد الله بن عباس رحمه الله وإلى تطبيق الأحاديث صاحب: المغيث من مختلف الحديث1 وفي آراء المسلمين الشيخ: علاء الدولة السمناني2 وفي الشريعة والفلسفة: إخوان الصفا وبين رأي الحكيمين: أبو نصر الفارابي وفي الإسلام والهندية دار أشكوه ومهد حجة الإسلام لتأويل مذاهب المبتدعة الوجودات الخمسة في فيصل التفرقة بين أهل البدع والزندقة وقال الشيخ ابن عربي:
عقد الخلائق في الإله عقائدا
…
وأنا اعتقدت جميع ما عقدوه
وسعى في التطبيق بين الشهودية والوجودية العارفان الجليلان الشيخ: أحمد السرهندي والشيخ: ولي الله الدهلوي - قدس الله أسرارهما - وإن لم يمهدوا له ضوابط وقد عرفناك فضل منفعته فذلك من فضل الله علينا وعلى الناس ولكن أكثر الناس لا يشكرون.
1 هو الشيخ محمود بن طاهر، ولم يذكر البغدادي صاحب الإيضاح تاريخ وفاته ولعله متأخر.
2 هو علاء الدولة ركن الدين أحمد بن محمد السمناني، له مؤلفات كثيرة في التفسير والحديث والعقائد. توفي سنة 736هـ = 1336م.
فصل: في موازين التحقيق
نكتة: طرق اقتناص العلم: عقل ونقل وكشف والحس شرط للكل ووسيلة إليه وكل منها إذا استجمع شروط صحته كان مطابق الواقع فامتنع أن تكون متناقضة بالحقيقة لئلا يلزم اجتماع النقيضين نعم قد تكون مخالفة بحسب الظاهر للانحراف عن الجادة القويمة بنوع من الغلط ولا كلام فيه أو لاختلاف في مسالك الدلائل أو مواطن المدلول فكلتا الحكايتين عن أمر من الأمور الواقعة وإن اختفى موقع نظر واحد عن الآخر فهذا يقيني وبعض من تفطن لوجوب التطابق وغفل عن اختلاف المدلولات يحمل كلام أحد الجانبين على غير مراده ويصلح بين الخصمين من دون تراضيهما ويأتي في ذلك بما يمجه الطبع السليم ويطيب الإنكار عليه
ومن العلوم العادية: أن المذاهب المختلفة المتقاربة في الدلائل وثاقة وركاكة والتي يبتنى عليها النظام المحسوس ابتناء صحيحا ويدفع عنها النقوض الموردة دفعا غير سمج ليست بعيدة عن الواقع كل البعد ولا كاذبة على الإطلاق ولاحقة بكل نقير وقطمير من فروعها وأصولها وإن كان بعضها أكثر موافقة من بعض فإذا تصفحنا عنها بالتعمق في مأخذها والتأمل في كيفيات أخذها ودرك أغراض مدونيها ودرجات فهومهم عرفنا منشأ الاختلاف وموضع الالتباس وموطن الحكاية والتمييز بين المتيقن والمظنون بتوفيق الله سبحانه وعنايته.
نكتة: العقل: أصل طرق الاكتساب لا غنية للنقل والكشف والحسن عنه بل هو الحاكم بها والعامل فيها والمميز بين أقسامها ومراتبها وحكمه عام من حيث الإدراك والقبول وإن كان قد يقصر عن بعضها من حيث التحصيل والوصول وقولهم: طور وراء طور العقل يعنون به: القواعد التي مهدها الملقبون: بأصحاب العقل أو انفراده بلا انضمام ومعاونة من غيره وأصحابه متفاوتون فيما بينهم بالحدس والتجربة فمنهم: من يكون استحضاره للمبادئ أكثر وانتقاله إلى اللوازم أبعد وتعمقه في روابط الانتقال أحد ويكون وقائعه أوفر وشغله أمد وحسه أجود وتفطنه للأمور المشتركة من العلل والأحكام واختلاف مأخذه أشد ونظره إلى الواقع أوصل ومخالفة المألوف عليه أسهل ومنهم دون ذلك.
والنقل إذا ثبت عن الأنبياء عليهم السلام فهو أقوى وأصحابه متفاوتون فيما بينهم رواية ودراية.
فمنهم: أصح سندا وألقى أساتذة وأحذق تعليما وأصدق مخبرا وأنقى بدعا وأكثر متنا وأوضح لفظا وأضبط سماعا وأكمل حفظا وأزيد شيوخا وأمد رحلة وأفقه فهما ولترجيح الأسانيد وأسباب الجرح عندهم وجوه مختلفة ومنهم دون ذلك.
والكشف: إذا تم فهو أوسعها وأصحابه يتفاوتون بينه جدا في التطلع على العوالم الحاضرة لديهم والغناء في الرقوم المستجنة فيهم.
فمنهم من يتمثل له لطائف الجسمانيات كالملائكة السفلية والشياطين والجن أو الحقائق المثالية على طبقاتها تارة للهداية وتارة للإضلال أو الحقائق الروحانية على درجاتها من البشرية والفلكية والعلوية أو يتجلى له الأسماء والصفات الإلهية أو يتجلى له الذات مرة في مرايا إدراكية بالتأثير في قواه أو في قوالب مثالية بالتشبح بها ومرة انكشافا صراحا.
ومنهم: من يفنى في خلاصة أهواء وعادات راسخة فيه أو في لطائفه الكامنة في جوهره فيظهر بعض الحقائق بنحو غير ما يظهر في لطيفة أخرى أو يفنى في وجوداته المختلفة التي قضى بها في التنزلات الماضية أو الترقيات الآتية أو يفنى في الحقائق السارية فيه بعضها خلقية: كحقائق الصور الجسمانية العنصرية أو الفلكية أو هيولى الجسم المطلق أو العماء1 وبعضها حقبة من: الأسماء الجزئية والكلية على منازلها والشؤون الذاتية بأصنافها وفي كل ذلك يتوفر عليهم علوم تلك المقامات وأحوالها ويتمثل لهم مقتضياتها.
نكتة: المعتبر من العقليات ما ينتهي إلى اليقينيات بالطرق الميزانية انتهاء قريبا أو جليا ومن النقليات ما صححه الحفاظ أو حسنوه وما توارث من معناه القرون المشهودة لها بالخير وتعاضدت عليه الآثار من غير صرف عن الظاهر المتعارف في مثله: حقيقة ومجازا وصريحا وكناية ومن الكشفيات ما كان عن ذي فناء تام أو بعد الفراغ الكلي والتوجه إلى الله - سبحانه - متواترا مستمرا محفوظ الصورة بعينها وأورث حالا
1 بإزاء ذلك في الهامش: "العماء هو الإمكانية منها خلق عالم الأرواح والأجسام جميعاً، وهو أول مخلوق كما ورد في الحديث: سأل أبو رزين رسول الله صلى الله عليه وسلم أين كان ربنا قبل أن يخلق خلقه؟ قال: كان في عماء مافوقه هواء وماتحته هواء. منه رح".
من الأحوال الإلهية أو الملكية وعرف مقام صاحبه وسيرته.
نكتة: فصلوا في المنطق: شروط الحدس والتجربة والأوليات والمشاهدات وفي أصول الفقه والحديث: شروط الصحة ووجوه الجرح والترجيح وفي مالا يعول عليه للشيخ: ابن عربي شروط الكشف فليرجع إليها طالب التفصيل واكتفينا على الإجمال لقصد الإيجاز.
نكتة: المشاؤون: متجردون للفعل والسلف من المحدثين: للنقل ومتأخرو الصوفية: للكشف وأما المتكلمون: فكلامهم خلط بين نقل وعقل والإشراقية: بين عقل وكشف والجامعون بينهما: على اعتدال ندر.
نكتة: من العلوم: علوم محسوسة ومنها: معقولة منتظمة تطابق المحسوس ومنها: معقولة صرفة لا نظير لها في الحس وللعقل في الجزم بها سبيل ومنها: علوم استقرائية لا سبيل إلى الجزم فيها قصوى أمرها الظن أو الوهم ومنها: مالا سبيل فيها للعقل إنما تنال سماعا من حس أو وحي أو كشف فمنها: ما للجزم بها سبيل ومنها: مالا وجميعها: يختلف في الجلاء والخفاء وفي الملائمة لبعض النفوس والمنافرة لها وفي الحضرة والمنفعة لسعادات النفوس وفي المآخذ والمسالك وفي الحاجة إلى ممارسة العمل وعدمها وفي كثرة الرغبة فيها والتنفر عنها وقلتها وفي انقلابها بمرور الزمان وثباتها وفي تقدم بعضها على بعض والتأخر عنه وفي كونها مقصودة أو وسيلة وفي تكميل القوى المختلفة وفي دخلها في قضاء الحوائج الهامشية أو الاقترائية ومعروف تمايزها بالموضوعات والغايات المترتبة عليها في الدنيا والآخرة ويختلف بذلك شرحها ودرجات العالمين بها.
نكتة: الباحثون عن الحقائق على درجات.
صنف: هم المستخرجون للمسائل والواضعون للعلوم والنقادون لها ونظرهم إلى الواقع مطلق فبعض آرائهم تعتمد على أصول صحيحة ولكن في تفريعها حق وباطل وبعضها على أصول فاسدة يؤصلونها حفظا لمذهبهم في الفروع المعلومة حقيتها حيث لم يستطيعوا تفريعها على غير تلك الأصول أو خاضوا لزوم فروع مسلمة البطلان على أضدادها وإذعانا بها لإلف أو ملاءمة طبع أو تحصيل غرض أو اطلاعا على دليل عجزوا عن دفعه والمحقق إنما يعتني بكلامهم.
وصنف:
هم: الشارحون لكلام أولئك المفرعون على قواعدهم والذابون عنهم ونظرهم إلى الواقع مقيد والخطأ منهم متضاعف ومع ذلك يوجد في كلامهم فوائد مغتنمة.
وصنف: يضربون بعض الكلام ببعض سؤالا وجوابا وتوجيها على قدر ما أحاطوا به من الكتب وكلامهم أقل جدوى والماهر في كلام الأئمة وعادتهم ناج عن فتنة شغبهم إلا أنهم قد يمرون مقاربين للحق في هيمانهم وتسقط من أفواههم ضالة الحكيم.
وصنف: قصوى هممهم: توجيه العبارات والمناقشات اللفظية وترجيح المحتملات بكل وجه قريب أو بعيد لا يرفعون إلى الواقع رأسا ينقطع أساسهم بعناية وملاحظة قيد وإبداء احتمال وليس للمحقق اعتناء بهم أصلا وهذا جار في أكثر الفنون فعليك بتمييزهم.