الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
متوقع الإيصال وعند الأصوليين هو المفضي في الجملة فيتخلف عنه المسبب وهي الموضوعة لتحصيل الحكم فلا يتخلف عنها.
ومنها: التقدم والتأخر بديهيان متضائفان1 واجتماع موصوفيهما بحيثيتهما إن امتنع فزماني وهما لأجزاء الزمان بالذات ولما يقترن بها بواسطتها وإلا فإما بحسب الحاجة فذاتي فإن جاز تخلف المتأخر فطبيعي وهو للعلة الغير الموجبة والشروط والمعدات في الوجود وإلا فعلي وهو للموجبة في الوجوب وإما لا به فإن جاز الانقلاب بتغيير المبدأ فرتبي وهو بالقرب من المبدأ المفروض في مرتب حسا أو عقلا وإلا فبالشرف وهو بالزيادة في الصفة المقصودة وما سمي بالماهية كتقدم الذاتيان على الذات والذات على العوارض فلا ينفك عن الذاتي إلا في بعض اللحظات والمعية للمشتركين في تلك الوجوه حيث يسلبان عنه فما مع المتأخر متأخر في الكل وما مع المتقدم متقدم في غير العلي وكثيرا ما يجمع البعض توافقا وتعاكسا والحمد لله.
1 فوقها بين السطرين: "أي العلة".
خاتمة القسم الأول في بيان تطبيق الآراء
فصل: في ماهية التطبيق وهليته
…
خاتمة القسم الأول في بيان 1 تطبيق الآراء
أقول: تدوين المذاهب المختلفة بأدلتها واعتراضاتها أورث داء عضالا من الحيرة والشك في القديم ورفع الأمان عن الجديد فالعامة بين متعصب للتقليد لا يميز القريب عن البعيد ومذبذب حائر في الحق السديد فدونت بتوفيق الله سبحانه في الدراري والدرر لدفعه كليات موازين التحقيق وأسباب الاختلاف وضوابط التطبيق وأردت إيرادها هنا راجيا من الله - سبحانه - أن ينفع بها عباده في فصول.
فصل: في ماهية التطبيق وهليته
نكتة: ليس المراد بالتطبيق نفي دعوى مخالفة أحد الخصمين للآخر ولا حمل كلام أحدهما على مراد الآخر ولا دعوى مطابقة أصول كل مذهب وفروعه على الواقع بل هو عبارة عن معرفة قدر انطباق كل مذهب مع الواقع وقدر انحرافه عنه ومعرفة سبب الانحراف بحيث يتفطن له من كلامه وأصوله وفروعه حتى يطمئن القلب ويزول الريب.
نكتة: الإدراكات2 والاعتقادات الحاصلة في النفوس موجودات حادثة فلها بالضرورة أسباب فاعلة وقابلة وشروط ومعدات وجميعها أمور واقعية أو منتهية إليها والأمر الواقعي يمتنع أن يستلزم باطلا محضا أو ما يستلزمه فبالجملة: حالها كحال سائر الشرور الواقعة في العالم إنما شريتها بحسب جهة دون جهة ومنشؤها إعدام جزئية لازمة لطائفة من الموجودات فكذلك بطلان بعض العقائد بحسب جهة دون جهة ومنشؤها إعدام لاحقة لبعض الصور الموجودة كحصول شيء بعنوان غيره عقيب طلبه وتمثل شيء بصورة شيء آخر وإجراء القاعدة مع الغفلة عن وجود المانع والقياس مع الفارق وأخذ العلم عن غير أهله لحسن الظن به وحمل الكلام على غير محمله لارتكاز مرجح في القلب ونحو ذلك فإذا أمعن
1 بإزاء هذا العنوان في الهامش مانصه: "هذا والمطلب الذي قبل هذا مأخوذ من كتاب التكميل للشيخ الأجل رفيع الدين بن الشيخ المسند أحمد ولي الله المحدث الدهلوي رحمها الله تعالى". "منه دام ظله العالي".
2 فوقها بين السطرين: "أي من كلام صاحب المذهب. منه".
فيها من قبل مباديها الموجبة لها غيبية1 وشهادية وعلوية وسفلية واضطرارية واختيارية وداخلة في المدركة وخارجة عنها لاح مستقر كل قول وارتباطه بالواقع كما وكيفا فتوافقت المذاهب كلها ولا ينبغي أن يرتاب في هذا الإجمال وإن كان تفصيل زوال الاختلاف من رحمة الله الخاصة - والله يختص برحمته من يشاء.
نكتة: كل من يحكم على شيء فإنما يحكم عليه بما يناسب الصورة الحاصلة منه في ذهنه فمسقط إشارته في الحقيقة صاحب تلك الصورة والفرق بين صاحب الصورة وبين مأخذها والمقصود بها واضح والصورة لا تخالف صاحبها أبدا فليس من هذه الجهة كذب أصلا وكل إنما يحكي الحقيقة الحاضرة عنده المتجلية عليه ولكن يجب أن لا يقتصر على هذا حتى يفرق بين الحق والباطل ليظهر الهدى والضلال.
نكتة: لا ريب أن الأشياء في مناسبة بعضها لبعض ليست على السواء وأن الإحاطة منا بجميع الأشياء بل بالشيء الواحد من جميع الجهات ممتنع فالإنسان إذا أراد تحصيل أمر فقد يتصوره على غير ما هو عليه وإذا عرفه فقد يطلبه من غير مبادئه أو يأخذه من غير مأخذه إما من المحاورات العرفية التي ملأت سمعه أو المواصفات العادية التي اطمأن بها قلبه فينتهي إلى أمر ويبدو له باد حسب مسيره ومسلكه فيعتقده مطلوبا فيمسكه فيضل وليتذكر هاهنا ما سلف في المنطق من وجوه الغلط تأييدا لهذا المقام.
نكتة: وإذا صح طلبه انتهى إلى الأمر الواقع بالوجه الذي يناسب مسلكه واقعا في نظام من النظامات وموطن من المواطن ومرتبة من المراتب فيذعن له وينكر على من سلك غير مسلكه فانتهى إلى وجه آخر من ذلك النظام أو نظام آخر من ذلك الموطن أو موطن آخر من تلك المرتبة أو مرتبة أخرى من مراتب الواقع فيتسع بينهما حريم النزاع والحق أنه لا تدافع بين النظامات والمواطن والمراتب عند نفاذ البصيرة أصلاً.
نكتة: هذه الكثرة الموجودة تنظمها جهات وحدة ذاتية وعرضية مختلفة بالعموم والخصوص فترتب أفرادها حسا أو عقلا نسميه: نظاما والنظامات المتوافقة في المدرك موطن واحد والمواطن التي يتعدد بها وجودات الأشياء ولا يقع أحدها عن الآخر في جهة فبينهما نسبة الغيب والشهادة نسميه: مراتب الواقع فالشجرة ينظر فيها النجار من جهة كم يحصل فيها من الجذوع والألواح وغيرها من الآلات الخشبية؟ ولماذا يصلح خشبها من الأغراض؟ وابن السبيل من جهة مالها من الظل؟ والفلاح من حيث كم يسقي من الماء؟ ومن أين مخضر؟ ومن أين مصفر؟ والصيدلاني من جهة أجزائها من ليف وخشب وورق وزهر وثمر ونواة والطبيب من حيث أفعالها في بدن الإنسان والطبيعي2 من حيث قواها من: جاذبة وماسكة وهاضمة ودافعة ومن حيث تشريحها فتلك جهاتها ثم إنه قد يتعرض لها من حيث صنفها وبذرها وقد يتعرض لها من حيث هي في دوحتها ما كان هناك فيها وما كان يكون بعدها وقد يتعرض لها من حيث ملكها
1 بإزائها في الهامش: "حال كون تلك المبادىء غيبية".
2 فوقها بين السطرين: "أي الباحث عن الحكمة الطبيعية".