الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
هذا آخر ما نقلناه من كتاب عنوان العبر وديوان المبتدأ والخبر وقد نقله أيضا صاحب كشف الظنون لكن بالتلخيص المخل والاختصار الممل فلم أعتمد عليه وأخذت من حيث أخذ مع زيادات زدناها في مواضع شتى من كتب أخرى حرصا على الجمع وطمعا في تمام الفائدة ولا غرو إن كان قد وقع بعض تكرار في غير موضع من هذه المطالب بوجوه تظهر عليك عند التأمل فيما لديك وبالله التوفيق.
مطلب: في تعيين العلم الذي هو فرض عين على كل مكلف
أعني: الذي يتضمنه قوله صلى الله عليه وسلم: "طلب العلم فريضة على كل مسلم"
اعلم: أن للعلماء اختلافا عظيما في تعيين ذلك العلم وهو أكثر من عشرين قولا وحاصله: أن كل فريق نزل الوجوب على العلم الذي هو بصدده.
قال المفسرون والمحدثون: هو علم الكتاب والسنة إذ بهما يتوصل إلى سائر العلوم وهو الحق الذي لا محيد عنه ولا مصير إلا إليه وعليه جمهور المحققين من السلف والخلف بلا خلاف بينهم.
وقال الفقهاء: هو العلم بالحلال والحرام ويسمى: بعلم الفقه وهذا يندرج في الأول - كما هو الظاهر.
وقال المتكلمون: هو العلم الذي يدرك به التوحيد الذي هو أساس الشريعة ويسمى: بعلم الكلام وهذا أيضا داخل في الأول لأن مسائل التوحيد مبينة فيهما بيانا شافيا وليس وراء بيان الله ورسوله بيان وأما الكلام الذي اختص به المتكلمون وخلطوا فيه المنطق والفلسفة فليس هو من هذا الباب.
وقال الصوفية: هو علم القلب ومعرفة الخواطر لأن النية التي هي شرط الأعمال لا تصح إلا بها وهذا شعبة من شعب السنة المطهرة فإن العلم بها عالم به على الوجه الأتم الأكمل.
وقال أهل الحق: هو علم المكاشفة ولا وجه للتخصيص به ولم يدل عليه نص ولا برهان.
وقيل: إنه العلم الذي يشتمل عليه قوله صلى الله عليه وسلم: "بني الإسلام على خمس". الحديث لأنه الفرض على عامة المسلمين وهو اختيار الشيخ: أبي طالب المكي1
وزاد عليه بعضهم: أن وجوب المباني الخمسة إنما هو بقدر الحاجة مثلا: من بلغ ضحوة النهار يجب عليه أن يعرف الله سبحانه وتعالى بصفاته استدلالا وأن يتكلم كلمتي الشهادة مع فهم معناهما وإن عاش إلى وقت الظهر يجب عليه أن يتكلم أحكام الطهارة والصلاة وإن عاش إلى رمضان يجب أن يتكلم أحكام الصوم وإن ملك مالا يجب أن يتعلم كيفية الزكاة وإن حصل له استطاعة الحج يجب أن يتعلم أحكام الحج ومناسكه.
هذه هي المذاهب المشهورة في هذا الباب والأول: أولاها فإن هذه كلها تدخل فيه ولا تخرج عنه حتى يحتاج إليه وزاد في كشاف اصطلاحات الفنون: قال بعضهم: هو علم العبد بحاله ومقامه من الله – تعالى.
وقيل: بل هو العلم بالإخلاص وآفات النفوس.
1 هو محمد بن علي بن عطية الحارثي، فقيه واعظ زاهد، له كتب في التصريف. توفي سنة 386هـ = 996م.
وقيل: بل هو علم الباطن.
وقال المتصوفة: هو علم التصوف.
وقيل: هو العلم بما اشتمل عليه قوله صلى الله عليه وسلم: "بني الإسلام على خمس" الحديث وتقدم.
والذي ينبغي أن يقطع ما هو مراد به: هو علم بما كلف الله - تعالى - به عباده من: الأحكام الاعتقادية والعملية كذا في الإحياء للغزالي وأطال في بيان ذلك وقال في السراجية1: طلب العلم فريضة بقدر ما يحتاج إليه لأمر لا بد منه من: أحكام الوضوء والصلاة وسائر الشرائع ولأمور معاشه وما وراء ذلك ليس بفرض فإن تعلمها فهو الأفضل وإن تركها فلا إثم عليه. انتهى.
وهذا بيان علم فرض العين وأما فرض الكفاية: فقد ذكر في منتخب الإحياء: أن علم الطب في تصحيح الأبدان من فروض الكفاية لكن في السراجية: يستحب أن يتعلم الرجل من الطب قدر ما يمتنع به عما يضر بدنه وكذا من فروض الكفاية: علم الحساب في الوصايا والمواريث وكذا الفلاحة والحياكة والحجامة والسياسة أما التعمق في الطب فليس بواجب وإن كان فيه زيادة قوة على قدر الكفاية.
فهذه العلوم كالفروع فإن الأصل هو: العلم بكتاب الله - تعالى - وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وإجماع الأئمة وآثار الصحابة والتعلم بعلم اللغة التي هي: آلة لتحصيل العلم بالشرعيات وكذا العلم بالناسخ والمنسوخ والعام والخاص مما في: علم الفقه وعلم ومخارج الحروف والعلم بالأخبار وتفاصيلها والآثار وأسامي رجالها ورواتها ومعرفة المسند والمرسل والقوي والضعيف منها كلها: من فروض الكفاية وكذا معرفة الأحكام لقطع الخصومات وسياسة الولاة وهذه العلوم إنما تتعلق بالآخرة لأنها سبب استقامة الدنيا وفي استقامتها استقامتها فكان هذا علم الدنيا بواسطة صلاح الدنيا بخلاف علم الأصول: من التوحيد وصفات الباري وهكذا علم الفتوى من فروض الكفاية أما العلم بالعبادات والطاعات ومعرفة الحلال والحرام فإن أصل فوق العلم بالغرامات والحدود والحيل وأما علم المعاملة: فهو على المؤمن المتقي كالزهد والتقوى والرضاء والشكر والخوف والمنة لله - تعالى - في جميع أحواله والإحسان وحسن الظن وحسن الخلق والإخلاص فهذه علوم نافعة أيضا
وأما علم المكاشفة: فلا يحصل بالتعليم والتعلم وإنما يحصل بالمجاهدة التي جعلها الله - تعالى - مقدمة للهداية قال الله تعالى: {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا} وأما علم الكلام: فالسلف لم يشتغلوا به حتى إن من اشتغل به نسب إلى: البدعة والاشتغال بما لا يعنيه.
هذا كله خلاصة ما في التاتارخانية2 وألحق الغزالي الفقه والفقهاء بعلم الدنيا وعلمائها قال: ولعمري إنه متعلق أيضا بالدين ولكن لا بنفسه بل بواسطة الدنيا فإن الدنيا مزرعة الآخرة ثم سوى بين الفقه والطب إذ الطب أيضا يتعلق بالدنيا وهو صحة الجسد لكن قال: إن الفقه أشرف منه من ثلاثة أوجه ثم ذكرها
1 هي المشهورة أيضاً ب" التاتارخانية في الفتاوى" للإمام الفقية عالم بن علاء الدين الحنفي المتوفى سنة 286هـ =899م. و "التاتارخانية" كتاب عظيم في مجلدات وقيل: أن مؤلفها سماها زاد المسافر أيضاً.
2 هي السراجية المتقدمة قبل قليل.
وأطال في بيان علم المكاشفة وعلم المعاملة ثم ذكر الفلسفة وقال: إنها ليست علما برأسها بل هي أربعة أجزاء: أما الهندسة والحساب: فهما مباحان وأما المنطق والطبيعيات: فبعضها: مخالف للشرع والدين الحق فهو جهل وليس بعلم وبعضها ليس كذلك وأطال الكلام في تفصيله وقال في خزانة الرواية في السراجية: تعلم الكلام والمناظرة فيه قدر ما يحتاج إليه: غير منهي قال الشيخ: شهاب الدين السهروردي1 في أعلام الهدى: إن عدم الاشتغال بعلم الكلام إنما هو في زمان قرب العهد بالرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه الذين كانوا مستغنين عن ذلك بسبب بركة صحبة النبي صلى الله عليه وسلم ونزول الوحي وقلة الوقائع والفتن بين المسلمين وصرح به السيد الشريف2 والعلامة التفتازاني3 وغيرهما من المحققين المشهورين بالعدالة: أن الاشتغال بالكلام في زماننا من فرائض الكفاية وقال التفتازاني: إنما المنع لقاصر النظر والمتعصب في الدين. انتهى.
وهذا ذكر العلوم المحمودة وأما العلم المباح: فمنه: العلم بالأشعار التي لا سخف فيها وتواريخ الأخبار وما يجري مجراها وأما المذمومة: ففي التاتارخانية: وأما علم السحر والنيرنجات والطلسمات وعلم النجوم ونحوها فهي: علوم غير محمودة وأما علم الفلسفة والهندسة: فبعيد عن علم الآخرة استخرج ذلك الذين استحبوا الحياة الدنيا على الآخرة.
وفي فتح المبين شرح الأربعين للحليمي وغيره: صرحوا بجواز تعلم الفلسفة وفروعها من: الإلهي والطبيعي والرياضي ليرد على أهلها ويدفع شرهم عن الشريعة فيكون من باب إعداد العدة.
وفي السراجية: تعلم النجوم قدر ما تعرف به مواقيت الصلاة والقبلة لا بأس به وفي التتارخانية: وما سواه حرام.
وفي الخلاصة والزيادة: حرام
وفي المدارك في تفسير قوله تعالى: {فَنَظَرَ نَظْرَةً فِي النُّجُومِ، فَقَالَ إِنِّي سَقِيمٌ} قالوا: علم النجوم كان حقا ثم نسخ الاشتغال بمعرفته. انتهى.
وفي البيضاوي: أي: فرأى مواقعها واتصالاتها أو في علمها أو في كتابها ولا منع منه. انتهى
وفي التفسير الكبير في هذا المقام: إن قيل النظر في علم النجوم غير جائز فكيف أقدم عليه إبراهيم عليه السلام؟ قلنا: لا نسلم أن النظر في علم النجوم والاستدلال بمعانيها: حرام وذلك لأن من اعتقد أن الله - تعالى - خص كل واحد من هذه الكواكب بقوة وخاصية لأجلها يظهر منه أثر مخصوص فهذا العلم على هذا الوجه: ليس بباطل. انتهى.
فعلم من هذا: أن حرمة تعلم علم النجوم مختلف فيها وأما أخبار المنجمين: فقد ذكر في المدارك في تفسير: {إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ} الآية: وأما المنجم الذي يخبر بوقت الغيث أو الموت فإنه يقول
1 هو أبو حفص عمر بن محمد السهروردي المتوفى سنة 632هـ = 1234م، واسم كتابة كاملاً أعلام الهدى وعقيدة أرباب التقى.
2 انظره فيما سبق ص23.
3 سبقت ترجمته في ص43.
بالقياس والنظر في الطالع وما يدرك بالدليل لا يكون غيبا على أنه مجرد الظن والظن غير العلم.
وفي الكشف: مقالات المنجمة على طريقتين: من الناس من يكذبهم واستدل عليه بقوله تعالى: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ} وبقوله عليه الصلاة والسلام: "من أتى كاهنا أو عريفا فصدقه فقد كفر بما أنزل على محمد" ومنهم: من قال بالتفصيل فإن المنجم لا يخلو من أن يقول: إن هذه الكواكب مخلوقات أو غير مخلوقات الثاني: كفر صريح وأما الأول: فإما أن يقول: إنها فاعلات مختارات بنفسها فذلك أيضا: كفر صريح وإن قال: إنها مخلوقات مسخرات أدلة على بعض الأشياء ولها أثر بخلق الله تعالى فيها: كالنور والنار ونحوهما وأنهم استخرجوا ذلك بالحساب فذلك لا يكون غيبا لأن الغيب ما لا يدل عليه بالحساب وأما الآية والحديث: فهما محمولان على علم الغيب وهذا ليس بغيب وأما المنطق: فقد ذكر ابن حجر المكي في شرح الأربعين للنووي: أن من آلات العلم الشرعي من: فقه وحديث وتفسير: المنطق الذي بأيدي الناس اليوم فإنه علم مفيد لا محذور فيه بوجه إنما المحذور فيما كان يخلط به شيء من الفلسفيات المنابذة للشرائع ولأنه كالعلوم العربية في أنه: من مواد أصول الفقه ولأن الحكم الشرعي لا بد من تصوره والتصديق بأحواله إثباتا ونفيا والمنطق: هو المرصد لبيان أحكام التصور والتصديق فوجب كونه علما شرعيا إذ هو ما صدر عن الشرع أو توقف عليه العلم الصادر عن الشرع توقف وجود: كعلم الكلام أو توقف كمال: كعلم العربية والمنطق ولذا قال الغزالي: لا ثقة بفقه من لا يتمنطق أي: من لا قواعد المنطق مركوزة بالطبع فيه كالمجتهدين في العصر الأول أو بالتعلم وممن أثنى على المنطق: الفخر الرازي والآمدي وابن الحاجب وشراح كتابه وغيرهم من الأئمة والقول بتحريمه: محمول على ما كان مخلوطا بالفلسفة. انتهى كلام كشاف اصطلاحات الفنون مع تصرف فيه ببعض الزيادة وسيأتي حكم علم المنطق وما هو الحق فيه تحت علم الميزان من باب الميم في القسم الثاني من هذا الكتاب وكذا حكم علم الكلام: ذكرته في كتابي قصد السبيل إلى ذم الكلام والتأويل
وللسيد الإمام المجتهد: محمد بن إبراهيم الوزير اليماني رحمه الله كتب ورسائل مستقلة في هذا الباب منها: كتابه المسمى: بالروض الباسم في الذب عن سنة أبي القاسم فإن شئت الزيادة فعليك بها وأما ما ذكره صاحب كشاف الاصطلاحات في هذا المقام من حكم العلوم - كما تقدم آنفا - فما هو إلا أقوال أهل العلم المحضة وآراؤهم الساذجة التي لا إثارة عليها من علم وهذه الحكايات والمقالات مثلها كثير الوجود في كتب الفقهاء ولكن من لا يتبع إلا ما قرره الدليل لا يقبل ذلك أبد الآبدين ولا يتوجه إلى تلك الأقوال الخالية عن الاستناد إلى الكتاب العزيز والسنة المطهرة التي لا علم غيرهما أو ما كان له دخل في فهمهما وكان كالآلات لهما وقد ذكرنا في هذا الكتاب تحت بعض العلوم حكمه فارجع إليه يتضح لك ما هو الحق في المسألة وليس هذا الكتاب مما ينبغي فيه ذكر المسائل والأدلة عليها على وجه التفصيل فإنه مدونة في دواوين الإسلام وكتب الأئمة وقد قضوا منها الوطر وميزوا فيها الحق عن الباطل والخطأ من الصواب.
انظر مؤلفات شيخ الإسلام: ابن تيمية الحراني وتلميذه: الإمام الرباني الحافظ: ابن القيم كإغاثة اللهفان عن مكائد الشيطان وغيره ومؤلفات السيد: ابن الوزير والعلامة: محمد بن إسماعيل الأمير اليماني وتصانيف قاضي القضاة المجتهد المطلق: محمد بن علي الشوكاني وأمثال هؤلاء واعتن بها اعتناء لا يفتر طبعك منها واشدد يديك عليها شدا بالغا مبلغ النهاية تفز بسعادة الدارين وخيري الكونين إن شاء الله تعالى.
وسيتضح عليك عند مطالعتها: أن أي علم أحق بالتحصيل والاكتساب وأشدها دخلا في الإنقاذ من المهلكات في الدنيا والآخرة وإن لم ينصرك الدهر على الاطلاع عليها فاجهد في تحصيل مختصرات هؤلاء البررة الخيرة كأدب الطلب والقول المفيد وإرشاد النقاد ونحوها فإن قصرت يدك عن هذه أيضا فارجع إلى الملخصات التي لخصناها من مؤلفات تلك العصابة الكرام وألفناها في تدوين هذا المرام وقد طبع أكثرها في هذه الأيام وانتشرت في الآفاق من العرب والعجم فإنها تشتمل على فوائد نفيسة وحقائق صحيحة وعوائد نافعة ومقاصد صالحة وحقوق ثابتة بالكتاب والسنة وهي تكفي المقلد وتغني المجتهد وتشفي العليل وتروي الغليل وتسلي الفؤاد وتوصل المريد إلى المراد ويالله العجب من قوم بسطوا القول في بيان علوم الفرض والكفاية والمحمودة منها والمذمومة وجاؤوا في تبيينها بزبالة أفكارهم ونخالة أذهانهم من غير حجة نيرة وصعدوا في تعيينها تارة إلى السماء ونزلوا أخرى إلى الأرض ولم يرفعوا رؤوسهم إلى ما جاء عن سيد العلماء وسند الفضلاء صلى الله عليه وآله وسلم في ذلك ولم يمعنوا أنظارهم فيه وهو: قوله صلى الله عليه وسلم: "العلم ثلاثة: آية محكمة أو سنة قائمة أو فريضة عادلة وما كان سوى ذلك فهو فضل". رواه أبو داود وابن ماجة عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه واللام: في قوله صلى الله عليه وسلم العلم قيل: للعهد أي: علم الدين وقيل: للاستغراق كما في قوله - تعالى -: {الْحَمْدُ لِلَّهِ} وهو الراجح والمراد بالآية: الكتاب العزيز وبالسنة: علم الحديث الشريف وبالفريضة: علم الميراث وهو: جزء من علم الكتاب والسنة وما سوى هذين الأصلين: فضل أي: زائد لا ضرورة فيه كائنا ما كان ولا سيما العلوم التي جاءت من كفرة اليونان وليست مبنية على أساس شرعي ولا على عرفان بل حدثت هي في الإسلام بعد انقراض القرون الثلاثة المشهود لها بالخير فإنها ليس فيها من الخير شيء بل كلها كما قيل: علم لا ينفع وجهل لا يضر ومن تمسك: بأذيال الكتاب الإلهي والحديث النبوي فقد استغنى عن جميع العلوم والفنون وكل الصيد في جوف الفرا ومن لم يستغن بما جاء عن الله - تعالى - ورسوله ولم يره كافيا وافيا لأمور الدنيا والآخرة فلا أغناه الله ولا حياه والمعرض عن هذين العلمين الكريمين والأصلين الشريفين الجامعين للعلوم النافعة في المعاش والمعاد إلى الخوض في الفنون الأجنبية والاشتغال بها ليلا ونهارا والاستغراق فيها بأوقاته كلها: ليس أهلا للتخاطب ولا محلا للالتفات ولا موفقا للخير ولا موقعا للنجاة وفي حديث معاوية رضي الله عنه قال: إن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الأغلوطات. رواه أبو داود وهذه الفنون غالبها من هذا القبيل ونهى أيضا عن النظر في الكتب السماوية المنزلة على الأنبياء عليهم السلام من قبله فكيف بالنظر في هذه الجهالات والخرافات التي سموها: علوما وفنونا وجعلوها من مواسم الفضيلة وربطوا بها كمال الشخص وحصروه في اكتسابها الذي لا ينبغي التعبير عنه إلا بإضاعة الأوقات وإهلاك النفس الناطقة بإلقائها في الموبقات - أعاذنا الله وإخواننا المسلمين المتبعين عما يكره ولا يرضاه وصاننا وإياهم عما يضر في دين الإله إنه قريب مجيب وبالله التوفيق وهو المستعان.