الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حرف النون
القسم الأول
النون بعدها الألف
8660- النابغة الجعديّ
«1»
: الشاعر المشهور المعمّر.
اختلف في اسمه، فقيل: هو قيس بن عبد اللَّه بن عدس بن ربيعة بن جعدة. وقيل بدل «2» عدس وحوح. وجعدة هو ابن كعب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة. وقيل اسم النابغة عبد اللَّه. وقيل حبان بن قيس بن عمرو بن عدس. وقيل حبان بن قيس بن عبد اللَّه بن قيس، وقيل بتقديم قيس على عبد اللَّه، وبه جزم القحذمي، وأبو الفرج الأصبهانيّ، وبالأول جزم ابن الكلبيّ، وأبو حاتم السجستاني، وأبو عبيدة، ومحمد بن سلام الجمحيّ، وغيرهم.
وحكاه البغوي عنه، وحكى أبو الفرج الأصبهانيّ أنه غلط، لأنه كان له أخ اسمه وحوح بن قيس قتل في الجاهلية فرثاه النابغة.
(1) سيرة ابن هشام 3/ 198، الشعر والشعراء 1/ 208، طبقات الشعراء لابن سلام 103، الموشح 64، المحبر 8، المعارف 90، أنساب الأشراف 1/ 62، جمهرة أنساب العرب 289، تاريخ خليفة 177، مروج الذهب 1258، تاريخ الطبري 6/ 185، مقدمة مسند بقي بن مخلد 136، تجريد أسماء الصحابة 2/ 100، البرصان والعرجان 284، العقد الفريد 2/ 52، الآمالي للقالي 1/ 71، الذيل 26، ربيع الأبرار 4/ 258، الهفوات النادرة 10، خاص الخاص 101، الكامل في التاريخ 2/ 10، تاريخ العظيمي 87، وفيات الأعيان 2/ 50، مختصر التاريخ لابن الكازروني 56، المنازل والديار 1/ 133، المعمرين 81، التذكرة الحمدونية 1/ 263، رسائل الجاحظ 1/ 364، أدب الدنيا والدين للماوردي 249، التذكرة الفخرية 40، شرح الأشموني 1/ 185، أمالي ابن الشجري 1/ 282، معجم الشعراء في لسان العرب 417، جمهرة أشعار العرب 145، تاريخ الأدب العربيّ 1/ 232، تاريخ آداب اللغة العربية 1/ 152، ذكر أخبار أصبهان 1/ 73، تاريخ الإسلام 2/ 258، الاستيعاب ت (2684) ، أسد الغابة ت (5162) .
(2)
في أ: بدل بن عدس وربيعة.
قلت: ويحتمل أن يكون وحوح أخاه لأمه، وقد أخرج الحسن بن سفيان في مسندة، عن أبي وهب الوليد بن عبد الملك، عن يعلي بن الأشدق: حدّثني قيس بن عبد اللَّه بن عدس بن ربيعة نابغة بني جعدة، فذكر حديثا، قال أبو الفرج: أقام مدة لا يقول الشعر ثم قاله فقيل نبغ، وقيل: كان يقول الشعر ثم تركه في الجاهلية، ثم عاد إليه بعد أن أسلم، فقيل نبغ.
وقال القحذميّ: كان النابغة قديما شاعرا مفلقا طويل العمر في الجاهلية وفي الإسلام، قال: وكان أسنّ من النابغة الذبياني، ومن شعره الدال على طول عمره:
ألا زعمت بنو أسد بأنّي
…
أبو ولد كبير السّنّ فاني
فمن يك سائلا عنّي فإنّي
…
من الفتيان أيّام الختان
أتت مائة لعام ولدت فيه
…
وعشر بعد ذاك وحجّتان
وقد أبقت صروف الدّهر منّي
…
كما أبقت من السّيف اليماني
[الوافر] وقال أبو حاتم السجستاني في كتاب المعمرين: عاش مائتي سنة، وهو القائل:
قالت أمامة كم عمرت زمانة
…
وذبحت من عتر على الأوثان
ولقد شهدت عكاظ قبل محلّها
…
فيها وكنت أعدّ م الفتيان
والمنذر بن محرّق في ملكه
…
وشهدت يوم هجائن النّعمان
وعمرت حتّى جاء أحمد بالهدى
…
وقوارع تتلى من القرآن
ولبست م الإسلام ثوبا واسعا
…
من سيب لا حرم ولا منّان
[الكامل] قال ابن عبد البرّ: استدلوا بهذا على أنه كان أسن من النابغة الذبيانيّ، لأنه ذكر أنه شهد المنذر بن محرق، والنابغة الذبيانيّ إنما أدرك النعمان بن المنذر، وتقدمت وفاة النابغة الذبيانيّ قبله بمدة، ولذلك كان يظنّ أن النابغة الذبيانيّ أكبر من الجعديّ وذكر عمر بن شبة عن أشياخه أنه عمر مائة وثمانين سنة، وأنه أنشد عمر بن الخطاب:
لبست أناسا فأفنيتهم
…
وأفنيت بعد أناس أناسا
ثلاثة أهلين أفنيتهم
…
وكان الإله هو المستآسا
«1» [المتقارب]
(1) ينظر البيت في أسد الغابة ترجمة رقم (5162) ، والاستيعاب ترجمة رقم (2684)، والشعر والشعراء:249.
فقال له عمر: كم لبثت مع كل أهل؟ قال: ستين سنة.
وقال ابن قتيبة: عمّر بعد ذلك إلى زمن ابن الزبير، ومات بأصبهان وله مائتان وعشرون سنة. وذكر المرزباني نحوه إلا قدر عمره، وزاد أنه كان من أصحاب عليّ، وله مع معاوية أخبار. وعن الأصمعيّ أنه عاش مائتين وثلاثين سنة، وروينا في كتاب الحاكم من طريق النضر بن شميل أنه سئل عن أكبر شيخ لقيه المنتجع الأعرابيّ قال:
قلت: له من أكبر من لقيت؟ قال: النابغة الجعديّ. قال: قلت له: كم عشت في الجاهلية؟ قال: دارين. قال النضر: يعني مائتي سنة.
وقال أبو عبيدة معمر بن المثنّى: كان النابغة ممن فكر في الجاهلية، وأنكر الخمر والسّكر، وهجر الأزلام، واجتنب الأوثان، وذكر دين إبراهيم، وهو القائل القصيدة التي فيها:
الحمد للَّه لا شريك له
…
من لم يقلها فنفسه ظلما
«1» [المنسرح] قال أبو عمر: في هذه القصيدة: ضروب من التوحيد، والإقرار بالبعث والجزاء والجنة والنار على نحو شعر أمية بن أبي الصلت، وقد قيل: إنها لأمية، لكن صححها حماد الراوية، ويونس بن حبيب، ومحمد بن سلام الجمحيّ، وعلي بن سليمان الأخفش للنابغة،
قرأت على علي بن محمد الدمشقيّ بالقاهرة، عن سليمان بن حمزة، أنبأنا علي بن الحسين شفاها، أنبأنا أبو القاسم بن البناء كتابة، أنبأنا أبو النصر الطوسي، أنبأنا أبو طاهر المخلص، حدثنا أبو القاسم البغويّ، حدثنا داود بن رشيد، حدثنا يعلي بن الأشدق، قال: سمعت النابغة الجعديّ يقول: أنشدت النبي صلى الله عليه وآله وسلم:
بلغنا السّماء مجدنا وجدودنا
…
وإنّا لنرجو فوق ذلك مظهرا
[الطويل] فقال: «أين المظهر يا أبا ليلى؟» قلت: الجنة. قال: «أجل إن شاء اللَّه تعالى» . ثم قال:
ولا خير في حلم إذا لم يكن له
…
بوادر تحمي صفوة أن يكدّرا
ولا خير في جهل إذا لم يكن له
…
حليم إذا ما أورد الأمر أصدرا
«2» [الطويل]
(1) ينظر البيت في أسد الغابة ترجمة رقم (5162) ، والاستيعاب ترجمة رقم (2684) .
(2)
ينظر البيتان في الاستيعاب ترجمة رقم (2684) ، وأسد الغابة ترجمة رقم (5162) .
فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم: «لا يفضض اللَّه فاك» - مرتين.
وهكذا أخرجه البزّار، والحسن بن سفيان في مسنديهما، وأبو نعيم في تاريخ أصبهان، والشيرازي في الألقاب، كلّهم من رواية يعلى بن الأشدق، قال: وهو ساقط الحديث.
قال أبو نعيم: رواه عن يعلى جماعة منهم هاشم بن القاسم الحرّاني، وأبو بكر الباهليّ، وعروة العرقيّ، لكنه توبع، فقد وقعت لنا قصة في غريب الحديث للخطابيّ،
وفي كتاب العلم للمرهبيّ وغيرهما، من طريق مهاجرين بن سليم، عن عبد اللَّه بن جراد: سمعت نابغة بني جعدة يقول: أنشدت النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم قولي: علونا السماء
…
البيت، فغضب، وقال:«أين المظهر يا أبا ليلى؟» قلت: الجنة. قال: «أجل إن شاء اللَّه» .
ثم قال: أنشدني من قولك. فأنشدته البيتين: ولا خير في حلم، فقال لي:«أجدت، لا يفضض اللَّه فاك» . فرأيت أسنانه كالبرد المنهل، ما انفصمت له سنّ ولا انفلتت.
ورويناه في المؤتلف والمختلف للدّارقطنيّ، وفي الصحابة لابن السكن، وفي غيرهما من طريق الرحال بن المنذر: حدثني أبي، عن أبيه كرز بن أسامة، وكانت له وفادة مع النابغة الجعديّ، فذكرها بنحوه،
ورويناها في الأربعين البلدانية للسلفي، من طريق أبي عمرو بن العلاء، عن نصر بن عاصم الليثيّ، عن أبيه: سمعت النابغة يقول: أتيت رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم فأنشدته قولي: أتيت رسول اللَّه
…
البيت، وبعده: بلغنا السماء
…
البيت، فقال:«إلى أين يا أبا ليلى؟» قال: إلى الجنة. فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم: «إن شاء اللَّه»
…
فلما أنشدته ولا خير في جهل
…
البيت: ولا خير في حلم
…
البيت- فقال لي: «صدقت لا يفضض اللَّه فاك» ، فبقي عمره أحسن الناس ثغرا، كلما سقطت سنّ عادت أخرى، وكان معمّرا.
ورويناه في مسند الحارث بن أبي أسامة، من طريق الحسن بن عبيد اللَّه العنبريّ، قال: حدّثني من سمع النابغة الجعديّ يقول: أتيت رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم فأنشدته:
وإنّا لقوم ما نعوّد خيلنا
…
إذا ما التقينا أن تحيد وتنفرا
وننكر يوم الرّوع ألوان خيلنا
…
من الطّعن حتّى نحسب الجون أشقرا
وليس بمعروف لنا أن نردّها
…
صحاحا ولا مستنكرا أن تعقّرا
«1» [الطويل]
(1) تنظر الأبيات في الاستيعاب ترجمة رقم (2684) .
بلغنا السماء
…
البيت، وبقية القصيدة نحوه.
ورويناها مسلسلة بالشعراء من رواية دعبل بن علي الشّاعر، عن أبي نواس، عن والبة بن الحباب، عن الفرزدق، عن الطرماح، عن النّابغة، وهي في كتاب الشّعراء لأبي زرعة الرّازي المتأخر.
وقد طولت ترجمته في كتاب من جاوز المائة مما دار بينه وبين من هاجاه من الماجريات كليلى الأخيلية صاحبة توبة، وأوس المزنيّ، وغيرهما.
وذكر أبو نعيم في «تاريخ أصبهان» أنه قيس بن عبد اللَّه، وأنه مات بأصبهان، قال:
وكان معاوية سيّره إليها مع الحارث بن عبد اللَّه بن عبد عوف بن أصرم، وكان ولي أصبهان من قبل علي، ثم أسند من طريق الأصمعيّ، عن هانئ بن عبد اللَّه، عن أبيه، عن عبد اللَّه بن صفوان، قال: عاش النابغة مائة وعشرين سنة.
قال ابن عبد البرّ: قصيدة النابغة مطوّلة نحو مائتي بيت، أولها:
خليليّ غضّا ساعة وتهجّرا
…
ولو ما على ما أحدث الدّهر أو ذرا
[الطويل] يقول فيها:
أتيت رسول اللَّه إذ جاء بالهدى
…
ويتلو كتابا كالمجرّة نيّرا
[الطويل] ومنها:
وجاهدت حتّى ما أحسّ ومن معي
…
سهيلا إذا ما لاح ثمّ تحوّرا
أقيم على التّقوى وأرضى بفعلها
…
وكنت من النّار المخوفة أحذرا
[الطويل] قال: وما أظنّه إلا أنشدها النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم كلها.
ثم أورد أبو عمر بإسناده إلى أبي الفرج الرياشي منها أربعة وعشرين بيتا.
وذكر عمر بن شبّة عن مسلمة بن محارب أنّ النابغة الجعديّ دخل على عليّ فذكر قصّة.
وذكر أبو نعيم في تاريخ أصبهان: وأخرج ابن أبي خيثمة في تاريخه عن الزبير بن بكّار، وحدّثني أخي هارون بن أبي بكر، عن يحيى بن أبي قتيلة، عن سليمان بن محمّد بن
يحيى بن عروة، عن أبيه، عن عمه عبد اللَّه بن عروة، قال: ألحت السنة على نابغة بني جعدة، فدخل على ابن الزبير في المسجد الحرام فأنشده:
حكيت لنا الصّدّيق لمّا وليتنا
…
وعثمان والفاروق فارتاح معدم
وسوّيت بين النّاس في الحقّ فاستووا
…
فعاد صباحا حالك اللّيل مظلم
أتاك أبو ليلى تجوب به الدّجى
…
دجى اللّيل جوّاب الفلاة عرمرم»
لتجبر منه جانبا دعدعت به
…
صروف اللّيالي والزّمان المصمّم
[الطويل] فقال ابن الزّبير: هوّن عليك يا أبا ليلى، فإن الشّعر أيسر وسائلك عندنا، لك في مال اللَّه حقّان: حقّ لرؤيتك رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم، وحقّ لشركتك أهل الإسلام في فيئهم، ثم أخذه بيده فدخل به دار النّعم، وأعطاه سبع قلائص وحملا وخيلا، وأوقر الركاب برّا وتمرا وثيابا، فجعل النابغة يستعجل ويأكل الحبّ صرفا، فقال ابن الزبير: ويح أبي ليلى! لقد بلغ به الجهد.
فقال النّابغة: أشهد لسمعت رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم يقول: «ما وليت قريش فعدلت، واسترحمت فرحمت، وحدّثت فصدقت، ووعدت خيرا فأنجزت، فأنا والنبيون فرّاط التابعين «2» .
وقد وقع لنا عاليا جدّا من حديث ابن الزّبير موافقة، قرأت على فاطمة بنت محمد بن المنجي بدمشق، عن سليمان بن حمزة، أنبأنا محمود بن إبراهيم في كتابه، أنبأنا مسعود بن الحسن، أنبأنا أبو بكر السمسار، أنبأنا أبو إسحاق بن خرشة، أنبأنا أبو الحسن المخزومي، حدّثنا الزّبير بن بكّار بن بتمامه.
وأخرجه ابن جرير في تاريخه، عن ابن أبي خيثمة. وأخرجه أبو الفرج الأصبهانيّ في الأغاني عن ابن جرير. وأخرجه ابن أبي عمر في مسندة عن هارون. وأخرجه ابن السكن عن محمد بن إبراهيم الأنماطيّ، والطّبرانيّ في الصّغير عن حسين بن الفهم، وأبو الفجر الأصبهانيّ عن حرمي بن العلاء، ثلاثتهم عن الزّبير، فوقع لنا بدلا عاليا. وأخرج أبو نعيم عن الطّبرانيّ طرفا منه.
(1) انظر الأغاني 5/ 28، وسير أعلام النبلاء 3/ 178.
(2)
أخرجه الطبراني في الكبير 18/ 365 وأورده ابن حجر في المطالب العالية حديث رقم 2056 والهيثمي في الزوائد 10/ 28، عن عبد اللَّه بن عروة بن الزبير بزيادة في أول الحديث قال الهيثمي رواه الطبراني وفيه راو لم أعرفه ورجال مختلف فيهم وأورده المتقي الهندي في كنز العمال حديث رقم 33827، 33828، 37986.