المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌باب التابع ص: "وهو ما ليس خبرا من مشارك ما قبله - شرح التسهيل لابن مالك - جـ ٣

[ابن مالك]

الفصل: ‌ ‌باب التابع ص: "وهو ما ليس خبرا من مشارك ما قبله

‌باب التابع

ص: "وهو ما ليس خبرا من مشارك ما قبله في إعرابه وعامله مطلقا، وهو توكيد أو نعت أو عطف بيان أو عطف نسق أو بدل. ويجوز فصله من متبوع إن لم يكن توكيد توكيد، أو نعت مبهم أو شبهه، ولا يتقدم معمول تابع على متبوع، خلافا للكوفيين.

ش: المشارك ما قبله يعم نحو: حامض، من: هذا حلو حامض، وثاني المفعولين من نحو: أعطيت زيدا درهما، وظننت عمرا قائما، والحال والتمييز المنصوب ما هما له، نحو: لقيت زيدا راكبا، واشتريت رطلا عسلا.

فخرج المفعول الثاني والحال بقولي: مطلقا، لأنهما - وإن وافقا التابع بمشاركة ما قبلهما في إعرابه وعامله - فقد خالفهما بزوال المشاركة في الإعراب عند تبديل العامل، نحو قولك في: ظننت زيدا كريما، ولقيت عمرا راكبا: كان زيد كريما، ومررت بعمرو راكبا. وعند تبديل الاقتضاء، نحو قولك: ظُنَّ زيد كريما، ولُقِيَ عمرو راكبا. بخلاف التابع فإن مشاركته في الإعراب لا تزول بذلك. ويخرج التمييز المشار إليه بذكر المشاركة في العامل، فإن رطلا منصوب باشتريت، وعسلا منصوب برطلا.

ونحو: حامض، من قولي: هذا حلو حامض، موافق للتابع في كل ما قيد به، من مشاركة ما قبله من إعرابه وعمله مطلقا، فأخرجته بنفي الخبرية عن التابع، فخلص الحد له.

ثم بينت أن التابع ينقسم إلى توكيد ونعت وعطف بيان وعطف نسق وبدل، ولكل واحد منها باب يستوفى فيه الكلام عليه.

ولا يلزم اتصال التابع بالمتبوع إلا إذا كان توكيد توكيد نحو: (فسجد

ص: 286

الملائكةُ كلُّهم أجمعون) أو صفة تشبهه نحو: (لا تتخذوا إلهين اثنين) أو صفة اسم مبهم نحو: ضرب هذا الرجل زيدا. فلو قلت: ضرب هذا زيدا الرجل، لم يجز. وكذلك ما أشبه الاسم المبهم في عدم الاستغناء عن الصفة نحو: طلعت الشِّعْرى العبور، فلو قلت: الشعرى طلعت العبور، لم يجز. فلو كان الموصوف غير مبهم ولا شبيه به جاز الفصل بينه وبين صفته، كقوله تعالى:(أفي اللهِ شكٌّ فاطر السموات والأرض) وكقوله تعالى: (أغيرَ اللهِ أتخذُ وليا فاطر السموات والأرض) وكقوله تعالى: (سبحان الله عما يصفون، عالمِ الغيب والشهادة) وكقوله تعالى: (قل بلى وربِّي لتأتينكم عالمِ الغيب) وحكى سيبويه: هذان رجلان وزيد منطلقان، ففصل بين الموصوف والصفة بالعطف، وفي قول الشاعر:

ألم تر أنني لاقيت يوما

معاشرَ فيهم رجلٌ جَمارا

فقيرُ الليلِ تلقاه غنيا

إذا ما آنس الليلُ النهارا

فصلان: فصل بين معاشر وصفته، أعني جمارا، وبين رجل وصفته هو فقير الليل.

وقد يفصل بين التوكيد والمؤكَّد، كقوله تعالى:(ولا يحْزَنَّ ويرْضَيْنَ بما آتيتَهُنّ كلُّهن) فكلهن توكيد للنون من "يرضين" و"ما آتيتهن" فصل. ومن

ص: 287

الفصل بين التوكيد والمؤكَّد قول أبي النجم:

وأقبلت والهةً تَفَجَّع

ما رأسُ ذا إلا جبينٌ أجمعُ

أراد: ما رأس ذا أجمعُ إلا جبين.

وأجاز الكوفيون: هذا طعامَك رجلٌ يأكل، وزيدا قمت فضربت، فقدموا معمول يأكل على رجل وهو منعوت به، ومعمول ضربت على قمت، وهو معطوف عليه. ووافقهم الزمخشري في قوله تعالى:(وقل لهم في أنفسهم قولا بليغا) فجعل (في أنفسهم) متعلقا بـ (بليغا)، ولا يصح ذلك على طريق البصريين، لأن حق المعمول ألا يحل إلا في موضع يحل فيه العامل، ومعلوم أن التابع لا يتقدم على المتبوع، فلا يتقدم عليه معموله، والله أعلم.

ص: 288