الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب التحذير والإغراء غير موجود
باب أبنية الفعل ومعانيها
ص: لماضيها المجرد مبينا للفاعل فعُل، وفعِل، وفعَل، وفعلَلَ. ففعُل لمعنى مطبوع عليه ما هو قائم به، أو كمطبوع عليه، أو شبيه بأحدهما، ولم يرد يائي العين إلا هَيُؤ، ولا متصرفا يائي اللام إلا نَهُو، ولا مضاعفا إلا قليلا مشروكا، ولا متعديا إلا بتضمين أو تحويل، ولا غير مضموم عين مضارعه إلا بتداخل.
ش: احترز بماضيها من المضارع والأمر، وبالمجرد من المزيد فيه، وبالمبني للفاعل من المبني للمفعول. وأشير بمطبوع عليه ما هو قائم به إلى نحو: كرُم ولؤُم ونبُه وسفُه وجزُل وجبُن وذكر وبلد وحسن ووضؤ وصبح وفصح ورطب وصلب ووثر ووفر وكثر وحقر ونزر وكثف ولطف وضخم وضؤل وكبر وصغر ونظف وقذر ورجس ونجس. فالأصل في هذه الأفعال أن يقصد بها معان غير متجددة ولا زائلة كجودة المطبوع على الجودة، ورداءة المطبوع على الرداءة. أو معان متجددة ثابتة كفصاحة المتعلم الفصاحة، وحلم المتعود الحلم.
ومن الأول بعُد الشيء وقرُب، إذا كان البعد والقرب غير متجددين ولا زائلين، كبعد ما بين المتضادين، وقرب ما بين المتماثلين. فإذا أسند بعُد إلى ذي بعد حادث، وقرب إلى ذي قرب حادث، فلشبههما بلازمي القرب والبعد، كقولك: بعُدت بعد ما قرُبت، وقرُبت بعدما بعُدت.
ومن المستعمل لمعنى ثابت بعد التجدد فقُه الرجل، إذا صار الفقه له طبعا. وشعُر إذا صار قول الشعر له طبعا، وخطب إذا صار إنشاء الخطب له طبعا.
ومن استعمال فعُل لمعنى متجدد زائل لشبه معناه بالمعنى الذي ليس متجددا ولا
زائلا قولهم: جنُب الرجل، إذا أصابته جنابة، فإن معناه شبيه بمعنى نجُس، موافقه في الوزن. وإلى هذا وشبهه أشرت بقولي: أو كمطبوع عليه، أو شبيه بأحدهما.
وأهل فعُل فيما عينه ياء، استغناء عنه بفعِل كلان يلين، وطاب يطيب، وبان يبين، إلا ما شذ من قولهم: هيُؤ الشيء فهو هيء إذا حسنت هيئته.
وكذلك أهمل فيما لامه ياء من الأفعال المتصرفة إلا ما شذ من قولهم: نهُو الرجل، إذا كان ملازما للنُّهْية، أي العقل. وقيد الشاذ مما لامه ياء بالتصرف تنبيها على نحو: قضُو الرجل، ورمُو، وهو بمعنى: ما أقضاه وما أرماه. فإنه مطرد، وقد بين ذلك في باب التعجب.
وكذلك أهمل فعُل من المضاعف استغناء عنه بفعلَ كعزّ يعز، وذلّ يذل، وجلّ يجل، وخف يخف، إلا ما شذ من لبُبتَ بمعنى لَبِبْت، أي صرت لبيبا، وشرُرْت بمعنى شرِرت، أي صرت كثير الشر، وقلُلت بمعنى قلَلت، أي صرت قليلا، ودَمُمت بمعنى دَمَمت، أي صرت دميما، وعزُزت ياناقة بمعنى عَزَزت، أي صرت عَزُوزا، وهي الضيقة الإحليل.
ففعُل في هذه الأفعال شاذ، وهو مع شذوذه مشروك بفَعِل في فعل اللبيب، وبفعَل في البواقي.
وشذا استعمال فعُل متعديا دون تحويل في قول من قال: رحُبَكم الدخول في طاعة الكرماني، فعدى رحب لأنه ضمنه معنى وسع.
واطرد استعماله متعديا بتحويل من فَعَل الذي عينه واو، كرُمْتُه وطُلتُه. والأصل في هذا النوع فعَلته بفتح العين، فحُوِّل إلى فَعُل، ونقلت الضمة إلى الفاء، ليدل
بها على أن العين المحذوفة مجانسة للحركة المنقولة، إذ لو تركت الفاء مفتوحة مع حذف العين لم يعلم كونها واوا. ونحو هذا فعل فيما عينه ياء من فعَل، فحولوه إلى فعِل، ونقلوا الكسرة إلى الفاء في بعته ونحوه، ليدل بها على أن العين المحذوفة مجانسة للحركة المنقولة.
والحاصل أن فَعَل الذي عينه واو، حين عرض حذف عينه لسكون لامه، حول إلى فعُل، واستصحب ما كان له من التعدية، لأن الضمة عارضة فلم يعتد بها.
والتزم في مضارع فعُل ضم عينه نحو: شرُف يشرُف، وظرُف يظرُف. وروي عن بعض العرب: كُدت تكاد، فجاء بماضيه على فعُل، وبمضارعه على يفعَل، وهي عندي من تداخل اللغتين، فاستغنى بمضارع أحد المثالين عن مضارع الآخر، فكان حق كُدت بالضم أن يقال في مضارعه تكُود، لكن استغنى عنه بمضارع المكسور الكاف فإنه على فعِل، فاستحق أن يكون مضارعه على يفعَل، فأغناهم يكاد عن يكود، كما أغناهم ترك عن ماضي يذر ويدع في غير ندور، مع عدم اتحاد المادة، بل إغناء يكاد عن تكود معكون المادة واحدة أولى بالجواز.
ص: وكثر في اسم فاعله فَعيل وفَعْل، وقل فاعل وأفعل وفَعَل وفَعِل وفَعال وفُعال وفُعّال وفِعْل وفُعْل وفَعُول.
ش: يقع اسم الفاعل في اللغة كثيرا، وفي اصطلاح أهل النحو قليلا على كل صفة، أي وزن كان وزنها، إذا كانت تشارك في الاشتقاق الفعل، ويصح الإخبار بها عن ضمير فاعله، نحو: كرم زيد فهو كريم، فمن أجل صحة الانطلاق أضفت اسم الفاعل إلى ضمير فعل حين قلت: وكثر في اسم فاعله فعيل وفَعْل.
والأكثر في اصطلاح أهل النحو إطلاق اسم الفاعل على المحدود في بابه.
ومثال فَعيل: ظرُف فهو ظريف، وشرف فهو شريف.
ومثال فَعْل: سهُل فهو سَهْل، وجزل فهو جزل، ونظائرهما كثيرة.
ومن استعمال القياس فيهما لعدم السماع: حَمُض الشيء فهو حامض، حَمُق الإنسان فهو أحمق، وحسُن فهو حسَن، وخشُن فهو خشِن، وجبُن فهو جبان، وفرُت الماء أي عذُب فهو فُرات، ووضؤ الرجل فهو وُضّاء أي وضئ، وعَفُر فهو عِفْر أي ذو
دهاء، وغمُر فهو غُمْر أي جاهل، وحصُرت ذات اللبن فهي حَصُورى أي ضاق مجرى لبنها.
فصل: ص: حق عين مضارع فَعِل الفتح، وكسرت فيه من ومِق ووثِق ووفِق وولى وورث وورِع وورِم وورِي المُخُّ. وفي مضارع حسِب ونعِم وبئِس ويئِس ويبِس ووغر ووجِر وولِه ووهل وجهان. واستغنى في ضَلِلتَ تضِل، وورى الزّنديري، وفضِل الشيء يفضُل بمضارع فعَل عن مضارع فعِل.
ش: ما كان من الأفعال الثلاثية على فعِل بكسر العين فقياس مضارعه أن يجيء على يفعَل بفتح العين، لازما كان كسلم، أو متعديا كعلم. وما كسرت عين مضارعه فمقصور على السماع، وهو على ضربين:
أحدهما: متعين فيه الكسر، وهو ثمانية أفعال أولها وَمِق، وآخرها وَرِي المخ. والآخر مروي فيه الفتح والكسر، ففتحه على القياس، وكسره شاذ وهو تسعة أفعال، أولها حسب، وآخرها وهل.
ويقال: ومِقَ الشيءَ إذا أحبه، ووثق به إذا قوي اعتماده عليه، ووفق الشيءُ إذا حسُن، وولي الشيءُ الشيءَ إذا تبعه، والرجلُ الأثر إذا صار حاكما عليه. وورث معلوم، وورع الرجل إذا صار ذا ورع، وورم العضو معلوم وورى المخ إذا اكتنز من السِّمَن. وحسب معلوم، ونعم الإنسان إذا عدم البؤس، وبئس إذا كان ذا بؤس، ويئس ويبس معلومان، ووغر الصدر ووحر إذا التهب غيظا أو خزنا، ووله كاد يعدم العقل، ووهل إذا اشتد فزعه أو نسي.
والمشهور في فعل الضلال ضلَلت تضِل، وروي عن بعض العرب: ضلِلت تضِل بالكسر في الماضي والمضارع، ومقتضى القياس أن يقال: ضلِلت تَضَل، لكن استغنى بمضارع مفتوح العين عن مضارع المكسورها.
ويقال: ورَى الزند ووَرِي إذا أخرج ناره، ولم يقل في المضارع إلا يرِي بالكسر استغناء بمضارع ورَى بالفتح.
ويقال أيضا: فضَل الشيء وفضِل، ولم يقل في المضارع إلا يفضُل بالضم، استغناء بمضارع فضَل بالفتح.
ص: ولزوم فعِل أكثر من تعديه، ولذا غلب وضعه للنعوت اللازمة،
وللأعراض والألوان وكبر الأعضاء. وقد يشارك فعُل، ويغني عنه لزوما في اليائي اللام، وسماعا في غيره. ويطاوع فَعَل كثيرا، وتسكين عينه وعين فعُل وشبههما من الأسماء لغة تميمية.
ش: أخف الأفعال الثلاثية المفتوح العين، لأن الفتحة أخف الحركات، وأثقلها المضموم العين، لأن الضمة أثقل الحركات، والمكسور العين متوسط، لأن الكسرة أقل ثقلا من الضمة، وأقل خفة من الفتحة، فترتب على هذا أن جعل مضموم العين ممنوع التعدي تخفيفا، لأن التعدي يستدعي زيادة المتعدَّى عليه، وجعل عدم التعدي في المكسور العين أكثر من التعدي. وكثر الأمران في المفتوح العين لخفته.
وفَعِل الموضوه للنعوت اللازمة كشَنِب وفَلج ولَمِي وعمى وظَمِئ وحوِل وحوِر وعور وعرِج.
والموضوع للأعراض كبرئ ومرض ونشط وكسل وفرح وحزن وشبع وغرث وروى وعطش.
والموضوع للألوان كسود وشهب وحوِي ودعج ولهب.
والموضوع لكبر الأعضاء كجبه وأذن وعيِن ورقب وفوه وسوق.
ومشاركة فعِل لفعُل كفقِر وفقُر، وأدِم وأدُم، وسمِر وسمُر وعجف وعجف، وحمِق وحمُق، ورعِن ورعُن.
والاستغناء به عن فَعُل لزوما فيما لامه ياء كحيِيَ فهو حييّ، وعييَ فهو عييّ، وغبِيَ فهو غبِيّ.
ويدل على كون فعُل في هذه الأفعال أصلا لفعِل أن كل واحدة منها يدل على معنى طبع عليه الفاعل، أعني الحياء والعيّ والغباوة، وكذا الغنى إذا أريد به غنى المال فهو محمول على غنى النفس.
ومن أجل نيابة هذه الأفعال عن فعُل التزم مجيء اسم فاعل كل واحد منها على فعيل، وقد قيل في العييّ عيّ على فعْل، لأن فعْلا شريك فعيل في الصوغ من فعُل.
والاستغناء بفعِل عن فعُل فيما ليس لامه ياء كقوي ونقي وسمن، وحقها أن تكون على فعُل، لأنها بمعنى مَتن ونظف وشحُم، وأضدادها ضعف ونجُس وشخت.
ومن أجل استحقان معانيها لفعُل التزم في أسماء فاعليها فعيل، أعني: قويا ونقيا وسمينا.
ويجيء فعِل مطاوعا لفعَل نحو: جذَعه فجذِع، وصلَمه فصلِم، وثلَمه فثلِم، وثرمه فثرِم، وهتمه فهتم، وعلمه فعلِم، وفلجه ففلِج. والوصف منها: أجذع وأصلم وأثلم، وأثرم وأهتم وأعلم وأفلج.
وبنو تميم يسكنون العين المكسورة والمضمومة من الكلمة الثلاثية اسما كانت أو فعلا، فيقولن في: رجُل ونمر وظرُف وعلِم: رجْل ونمْر وظرْف وعلْم.
فصل: ص: اسم الفاعل من متعدي فَعِل فاعل، ومن لازمه على فعِل وأفعل وفعلان. وقد يجيء على فاعل وفعيل. ولزم فعيل في المغني عن فعُل. وقد يشرك فعُل فعِلا، وفعِل أفعل وفعْلان، وربما اشتركت الثلاثة.
ش: قد تقدم التنبيه على أن فعِل على ضربين: متعد ولازم، وأن لزومه أكثر من تعديه، والحاجة الآن داعية إلى الكلام على صوغ الفاعل من كل واحد منهما، فبينت أنه من المتعدي على وزن فاعل كعلم فهو عالم، وعمل فهو عامل. وأنه من اللازم على فعِل وأفعل وفعلان، كفرِحَ فهو فرِحٌ، وترِحَ فهو ترِحٌ، وحورَ فهو أحور، وعور فهو أعور. وشبع فهو شبعان، وروى فهو ريّان.
ونبهت على أنه يجيء على وزن فاعل وفعيل نحو: سلم فهو سالم، وبلى فهو بالٍ، وحزِن فهو حزين ومرض فهو مريض.
ثم قلت: "ولزم فعيل في المغني عن فعُل" منبها بذلك على: حيي وسمن وأخواتهما المتقدم ذكرها.
ومن فعُل المشارك فعِلا طمُع وعجُل ويقُظ بمعنى طمِع وعجِل ويقِظ.
وشرك فعِل أفعل كسود وأسود، وخضر وأخضر، ووجل وأوجل، وعور وأعور. وشرك وأشرك فعلان كفرِح وفرحان، وجذل وجذلان، وسكر وسكران، وصيد وصديان. وقالوا: شَعِثَ فهو شَعِث وأشعث وشعثان، فأشركوا الثلاثة.
ص: لفعَل تعد ولزوم، ومن معانيه غلبة المقابل، والنيابة عن فعُل في المضاعف واليائي العين، واطراد صوغه من أسماء الأعيان لإصابتها، أو إنالتها، أو عمل بها، وقد يصاغ لعملها، أو عمل لها، أو أخذ منها.
ش: كثر استعمال فعَل لخفته متعديا ولازما بلفظين متباينين، وهو الكثير كجلب وذهب. وبلفظين متحدين كفغرفاه ففغر، بمعنى فتحه فانفتح، ودفق الماء فدفق، بمعنى صبه فانصب، وغاضه فغاض، بمعنى أذهبه فذهب، وسار الدابة فسارت، بمعنى سيرها فتسيرت، ورجع الشيءَ فرجع، بمعنى رده فارتد.
ولفعَل معان كثيرة، منها استعماله للغلبة عند تقابل الفعلين، كعالمني فعلمته، وشاعرني فشعرته، وكاتبني فكتبته، وكاثرني فكثرته. أي قابل علمه بعلمي، وشعره بشعري، وكتابه بكتابي، وكثرة ماله بكثرة مالي، فكنت أعلم منه وأشعر وأكتب وأكثر مالا.
ومن معانيه النيابة عن فعُل في المضاعف واليائي العين، فالمضاعف نحو: جلَلت فأنت جليل، وعززت فأنت عزيز، وشححت فأنت شحيح، وحققت فأنت حقيق، وعففت فأنت عفيف، ودق الشيء فهو دقيق، وركّ فهو ركيك، ورقّ فهو رقيق، وخس فهو خسيس، وذلّ فهو ذليل.
واليائي العين نحو: طاب يطيب فهو طيب، ولان يلين فهو لين، وبان يبين فهو بين، وهاء يهيء فهو هيئ إذا كان حسن الهيئة، وناء اللحم ينيء فهو نيئ.
ويدل على أن أصل هذه الأفعال أن تكون على فعُل دلالتها على معان طبعية أو كالطبعية في اللزوم، ولذلك جاءت أسماء فاعليها على فعيل في المضاعف والمعتل اللام، وعلى فيعل في المعتل العين، لأن فيعلا فيما اعتلت عينه مما حق فعله أن يكون على فعُل ناب عن فعيل في ذوات الياء كلها كطيِّب وأخواتها إلا في ناء اللحم. وفي ذوات الواو كجيد وسيد وهين وصيب إلا ما شذ من طويل وقويم.
واطرد صوغ فَعَل من أسماء الأعيان لإصابتها، نحو: جلده ورأسه وجبهه وأذنه وعانه ووجهه وصدره وركبه ورجله إذا أصاب جلده ورأسه وجبهته وأذنه وعينه ووجهه ووجنته ويده، وصدره وركبته ورجله.
واطرد أيضا صوغه منها لإنالة المسمى نحو: لحمه وشحمه ولبنه ولبأه وزبده وسمنه وتمره وكمأه، إذا أطعمه لحما وشحما ولبنا ولبأ وزبدا وسمنا وتمرا وكمأة.
واطرد أيضا صوغه منها لعمل بها نحو: رحمه وحربه وآله وسهمه وسافه وحصبه وحصاه وعصاه وساطه، إذا ضربه برمح أو حربة أو آلة وسهم وسيف وحصباء وحصاة وعصا وسوط. ومنه: عانه إذا أصابه بالعين، وركبَه البعير إذا أصاب ركبته، وهما من الأضداد.
وقد يصاغ فعَل من اسم الشيء لعمله نحو: جدَر الجدار، ونأى النُّؤْيَ، وأرى الإرة، وبأر البئر، وخبأ الخبء، وقبا القبو، وعصد العصيدة، ولفت اللفيتة، ولبك اللبيكة، وألق الألوقه.
وقد يصاغ لعمل صادر من المسمى نحو: أصلته الأصلة، وسبعه السبع، وكلبه الكلب، وذبه الذباب، ونمله النمل، وبعضه البعوض، ووحرته الوحرة، وجرده الجراد.
وقد يصاغ لأخذ بعض المسمى نحو: ثلث المال، وربعه وخمسه، إذا أخذ ثلثه وربعه وخمسه، وكذلك إلى العشر.
ص: ومن معاني فعَل الجمع والتفريق والإعطاء والمنع والامتناع والإيذاء والغلبة والدفع والتحويل والتحول والاستقرار والسير والستر والتجريد والرمي والإصلاح والتصويت.
ش: الذي للجمع كحشر وحشد وحاش ونظم ولمّ ولأم وشعب في أحد معنييه، وكتب وحزب وكفت وضم وحصر ووعى العلم، وقرى الماء وعكم وحزم وحوى وحاز وجفظ.
والذي للتفريق كفتَّ زيد، وجزأ وقسم وشعب في أحد معنييه، وفصل وعزل وماز.
والذي للعطاء كمنح ونحل ووهب وبذل وشبر وشكر ورفد وبذل.
والذي للمنع كحصر وحظل وعضل وحرم وحبس وسجن وحمى وعصم وحد وصد وحجر وحجز.
والذي للامتناع كعاذ ولجأ ووأل وعقل وحرن وشمس وشرد وقمص وخلأ وجمح في أحد معنييه.
والذي للإيذاء كلسع ولذع وكلم وجرح وقرح ووكز ولهز ولطم ولكم.
والذي للغلبة كبذّ وجبّ وقهر وقصر وهزم وقمع ودحر وطرد وكسع وكسر وصرع وجدل وسلق وحرب.
والذي للدفع كدرأ وردع وعتل وزبن ودسر ودأم ونسأ وقدع.
والذي للتحويل كقلب وصرف ونقل وبذل وخلب وجذب وسحب وكحط وكدر وحدر، وكرَبع الثلاثة، وخَمَس الأربعة، إلى عَشَر التسعة.
والذي للتحول كرحل وزحل وذهب وظعن وشحط وشطن وشسع وسرح وسبح وساب وسرب ونزح وغرب، وكخسف القمر، وكسفت الشمس، وصبت والريح وشملت، وكخرج ودخل وبرز وولج ووقف وهبط.
والذي للاستقرار كسَكن وقطن ومدن وأوى وثوى وعدن وعمر وعطن وكنس وركن وبلد وخلد.
والذي للسير كرَمَل وذمل ونسل ورسم وضبع ووخد وخب وخَذَى ودب ودرج ودَرَم وجفل وجمز ومرط وجمح في أحد معنييه.
والذي للستر كخبأ وحجب وخمر، وكقبر وغفر ورمس ومرس ودسّ ودفن ودهن وخضب وكمّ وكمى وكنّ وعطى وجنّ.
والذي للتجريد كسلخ وقشر وكشط وجلف وخرف ونجا ولحا وسلق وسمط ومعط وحلق وسحف.
والذي للرمي كقذف وخذف وحذف ورجم وطرح وطحر وصرع وجدل وسلق وقدح ونضح ورش وجذع وسكب وصبّ ودفق.
والذي للإصلاح كنسج وغزل وردن وطحن وخبز وطبخ وحنذ، وكغسل وصقل ونحت وجبر ورمّ وربّ ورقع ورفا ومحض ونحل وأسى وطب وأبر.
والذي للتصويت كبكى وصرخ وصهل ونهق وهتف وجأر وزأر ونأم وبغم وضج وصاح وعزف وصفر ومكا ورغا وثغا ونعب ونعق وعوى ونبّ.
ويلحق بأفعال الجمع ما دل على خلط أو وصل كمزج ومشج وشاب وجدح، وكخاط ونسج وربط وملط.
ويلحق بأفعال التفريق ما دل على قطع أو كسر أو خرق كصرم وجذم وحذم وجزم وحذّ وجدّ وبتر وكفتَّ وقصد وسحق وقصف وفصم وقصم وفض ورض وهشم وبسّ وكسّ وفلح وحرث وصدع وأرس وخد وجاب ونقب وثقب وهدّ وهزم ومرق.
ويلحق بأفعال العطاء مادل على نفع أو ضر كغذا وسقى وغاث وكرزأ وهزل وهضم وجرب.
ويلحق بأفعال الستر مادل على غمس وشبهه كمقل وغطّ وغمر.
ويلحق بأفعال التصويت مادل على قول كنطق ولفظ ووعظ وعبر وفسر وشرح وأمر وزجر وهجر وسأل وعذل وعتب وهمز ولمز.
ص: ولا يفتح عين مضارع فعَل دون شذوذ إن لم تكن هي أو اللام حلقية، بل تكسر أو تضم تخييرا إن لم يشهر لأحد الأمرين، أو يلتزم لسبب،
كالتزام الكسر عند غير بني عامر فيما فاؤه واو، وعند الجميع فيما عينه ياء، وعند غير طيئ فيما لامه ياء وعينه غير حلقية.
والتزام الكسر أيضا في المضاعف اللازم غير المحفوظ ضمه، والضم فيما عينه أو لامه واو، وليس أحدهما حلقيا، وفي المضاعف المتعدي غير المحفوظ كسره، وفيما لغلبة المقابل خاليا من ملزم الكسر، ولا تأثير لحلقي فيه خلافا للكسائي. وقد يجيء ذو الحلقي غيره بكسر أو ضم أو بهما أو مثلثا.
ش: الأصل توافق حركتي عين الماضي وعين المضارع، كما فعل بالأمر والمضارع، فخص التوافق المشار إليه بفعُل لخفته بعدم التعدي، فإن المتعدي ذو زيادة، والأصل عدم الزيادة، وجعل لفَعِل حظ من التوافق في حسب وأخواتها بغير سبب، لشبه فعِل بفعُل في كون الكسرة أخت الضمة، وأهمل في فعَل التوافق إلا بسبب، وهو كون عينه أو لامه حرف حلق، لأن من حروف الحلق الألف، وهي مجانسة للفتحة، فناسب ذلك أن يحرك بها ما هو والألف من مخرج واحد، ويحرك بها متلو ما هو كذلك. فالأول كسأل يسأل، وذهب يذهب. والثاني كطرأ يطرأ، وجبه يجبه، فحصل لفعل نصيب من التوافق لأجل السبب المذكور، فإن لم يوجد السبب امتنع التوافق، إلا ما شذ من قولهم: أبى يأبى، ووذر يذر، وما ألحق بأبى يأبى كجبى يجبى، وقلى يقلى، فموجه بأن الأصل: يجبى ويقلى بكسر الباء واللام ففتحتا، فانقلبت الياء ألفا، وهي لغة طيئ. ولم يحكم على يأبى بذلك لأنه لم يسمع فيه الكسر كما سمع في: يجبى ويقلى، فإن المشهور فيهما: يجبى ويقلى بالكسر، فصح جعله أصلا وتفريع يجبَى ويقلَى عليه. وأما يذر فمحمول على يدع لأنهما بمعنى واحد، وإذا أهمل التوافق عند انتفاء السبب تعين التخالف بكسر أو ضم، فلذلك قلت: بل يكسر أو يضم تخييرا، كنشر ينشِر وينشُر،
وعتل يعتِل ويعتُل، وقيدت التخيير بعدم اشتهار أحد الأمرين، فإنه إذا اشتهر أحد الأمرين، وكان الفعل مستعملا في ألسنة العامة كأكل يأكُل، وطلب يطلُب، وكسب يكسِب، وغلب يغلِب، لم يكن فيه تخيير، بل يجب فيه الاقتصار على الوزن المستعمل.
ويلتزم الكسر في مضارع فعَل إن كانت فاؤه واوا، كوجد يجد، أو كانت عينه أو لامه ياء، كسار يسير، ومشى يمشي. وروي عن بني عامر: يجُد بضم الجيم، وروي عن طيئ إبدال الكسرة فتحة والياء ألفا في: يقلى، ونحوه.
وأما الفتح لأجل حرف الحلق فمسموع في كل لغة في أفعال محفوظة، كوقع يقع، ووضع يضع، وودع يدع، وكنأى ينأى، ونهى ينهى، وسعى يسعى، ورعى يرعى، ولحا يلحى، ومحا يمحى.
والكسر أو الضم مع كون العين أو اللام حرف حلق كثير، نحو: وأل يئل، وصأى يصئى، وجاء يجيء، وزها يزهو، وساء يسوء.
والتزام الكسر في مضارع فعَل المضاعف إذا كان لازما، كحنّ يحنّ، وعزّ يعز، وجلّ يجل، وعنّ يعن. واستثنيت الذي تضم عينه سماعا من هذا النوع، تنبيها على نحو: هبّ الريح، وتذُرّ الشمس.
فإن كان فعل المضاعف متعديا التزم الضم في عين مضارعه، كصب يصُب، ورد يرد، وضم يضم، ولم يلم، واستثنيت الذي تكسر عينه سماعا من هذا النوع، تنبيها على نحو: ينم الحديث، ويعله بالشراب، وعلى قراءة العطاردي:(فاتبعوني يحبكم الله).
ثم نبهت على لزوم الضم في عين مضارع فعل المقصود به غلبة المقابل نحو: كاتبني زيد، فكتبته أكتُبه، إذا كنت أكتب منه، وعالمني فعلمته أعلمه، إذا كنت أعلم منه، وهو مطرد في كل ثلاثي، أعني صوغ فعل للغلبة وضم عين المضارع
منه، إلا أن يوجب لزوم الكسر كونه من باب وعد أو سار أو سرى، ولذلك قلت:"وفيما لغلبة المقابل خاليا من ملزم الكسر" ثم قلت: "ولا تأثير لحلقي فيه" منبها على أن الضم في مضارع فعل الذي يقصد منه الغلبة لازم، مع كون عينه أو لامه حرف حلق نحو: فاهمني ففهمته أفهمُه، وفاقهني ففقهته أفقُهه، إذا فقته فهما وفقها. ثم قلت:"خلافا للكسائي" مشيرا إلى أن الكسائي يجيز فتح العين من هذا النوع لأجل حرف الحلق قياسا، فيجيز أن يقال: أفهَمه وأفقَهه، بمعنى فقته فهما وفقها، وإن لم يسمع في هذا النوع إلا الضم قياسا على غيره من المفتوح لأجل حرف الحلق. ومما سمع فيه الضم: شاعرته فشعرته أشعُره.
وقد يجيء مضارع فعل غير الذي للغلبة بلغتين أو ثلاث، إذا كانت عينه أو لامه حرف حلق، نحو: منَحه يمنَحه ويمنُحه، ومحوت الكتاب، أمحاه وأمحوه، ورجح الدنيار يرجَح ويرجُح، ونبع الماء ينبَع وينبُع وينبِع.
فصل: ص: يكسر ما قبل آخر المضارع إن كان ماضيه غير ثلاثي، ولم يبدأ بتاء المطاوعة أو شبهها، ويضم أوله إن كان ماضيه رباعيا، وإلا فتح، ويكسره غير الحجازيين مالم يكن ياء إن كسر ثاني الماضي، أو زيد أوله تاء معتادة أو همزة وصل، ويكسرونه مطلقا في مضارع أبِيَ ووَجِل ونحوه. وربما حمل على تِعلم تذهب وشبهه، وعلى يئبى يسلم.
ش: قد تقدم تبيين ما يحرك به الحرف الذي يليه آخر المضارع الثلاثي، والغرض الآن تبيين ما يحرك به الحرف الذي يليه آخر مضارع الرباعي المجرد من الزيادة كدحرج، والمزيد فيه كجهور، والخماسي كاستمع، والسداسي كاستغفر، فتضمن قولي استحقاق كسر راء يدحرج، وواو يجهور، وميم يستمع، وفاء يستغفر.
واستثنيت من الزائد على ثلاثة أحرف ما بدئ ماضيه بتاء المطاوعة أو شبهها، تنبيها على فتح ما قبل آخر يتدحرج ويتعلم ويتضاعف، فإن ماضي كل واحد منها مبدوء بتاء المطاوعة، وسميت هذه التاء تاء المطاوعة لأن أكثر ما يبدأ بها مطاوع العاري منها، أي دال على تأثر به كتدحرج وتعلم وتضاعف، بالنسبة إلى: دحرج وعلّم وضاعف.
وقد تزاد فيما ليس مطاوعا كتبختر وتكبر وتوانى، فلذلك قلت:"بتاء المطاوعة أو شبهها".
ثم بينت ما لأول المضارع من الحركات فقلت: "يضم أوله إن كان ماضيه رباعيا، وإلا فتح" فعلم بذلك ضم أول يُدحرج ويُجهور ويُعلِّم ويُسالم وأشباهها. وفتح أول الثلاثي والخماسي والسداسي.
ثم نبهت على أن غير الحجازيين يكسرون غير الياء من أحرف المضارعة إن كسرت عين الماضي، أو بدئ بهمزة وصل أو بتاء المطاوعة أو شبهها، وعبرت عن هذه التاء بالتاء المعتادة، احترازا من التاء المزيدة في أول الماضي شذوذا، كتَرْمَسَ الشيء بمعنى رَمَسَه أي ستره.
ثم نبهت على أن الذين يكسرون حرف المضارعة ويستثنون الياء، لا يستثنونها من مضارع أبى، ولا مضارع فعِل الذي فاؤه واو كوجل، بل يجعلون لها من الكسر نصيبا، فيقولون: إيبَى ونِئبَى وتئبى ويئبَى، وإيجل ونيجل وتيجل وييجل، وكذلك ما أشبهه. وروي عن بعضهم تِذهب بالكسر حملا على تِعلم لشبهه به في فتح عين المضارع، وقرأ يحيى:(فإنهم يِئْلَمون كما تِئْلَمون) بكسر الياء والتاء وكسر الياء غريب، وإليه أشرت بقولي:"ورُبّما حمل على يِئبى يسلم".
فصل: ص: انفرد الرباعي بفَعْلَلل لازما ومتعديا لمعان كثيرة، وقد يصاغ من اسم رباعي لعمل بمسماه، أو لمحاكاته، أو لجعله في شيء أو لإصابته، أو لإصابة به، أو لإظهاره، وقد يصاغ من مركب لاختصار حكايته.
ش: فعلل المتعدي كدحرج، واللازم كعربد، والمصوغ لعمل المسمى كقرمص القرموص، إذا حفره.
والذي لمحاكاة المسمى كعقرب الشيء، إذا لواه كالعقرب.
والذي لجعله في شيء كفلفل الطعام، وعصفر الثوب.
والذي لإصابة مسماه كعرقبه، إذا أصاب عرقوبه.
والإصابة بمسماه كعَرْجَنه إذا أصابه بعرجون، وفرجن الدابة حسّها بالفرجون، أي المحسة.
ولإظهار مسماه عسلجت الشجرة، أخرجت عساليجها.
والذي لاختصار الحكاية كبسمل وحسبل وسبحل وحمدل وجعفل، إذا قال: بسم الله الرحمن الرحيم، وحسبي الله، وسبحان الله والحمد لله، وجعلني الله فداءك.
فصل: ص: من أمثلة المزيد فيه أفْعَل، وهو للتعدية، أو للكثرة، أو للصيرورة، أو للإعانة، أو للتعريض، أو للسلب، أو لإلفاء الشيء بمعنى ما صيغ منه، أو لجعل الشيء صاحب ما اشتق من اسمه، أو لبلوغ عدد، أو زمان، أو مكان، أو لموافقة ثلاثي، أو لإغنائه عنه، أو لمطاوعة فعَل.
ش: أفعل للتعدية كأدنيت زيدا، وألبسته ثوبا، وأعلمته عمرا قاصده.
وللكثرة كأظبى المكان وأضب وأذأب، إذا كثر ظباؤه وضبابه وذئابه.
وللصيرورة كأغد البعير إذا صار ذا غدة، وأجرب الرجل إذا صار ذا جرب في إبله أو غنمه، وألام إذا صار ذا شيء يلام عليه، وأصرم النخل إذا صار ذا تمر صالح للصرام، وأحصد الزرع إذا صار ذا سنبل صالح للحصاد، وأتلت الناقة إذا صارت ذات ولد يتلوها، وأجرت الكلبة إذا كانت ذات جراء، وألبنت الشاة وغيرها إذا صارت ذات لبن، وأنجبت المرأة إذا صار لها أولاد نجباء.
وللإعانة كأحلبت فلانا وأرعيته وأقريته وأبغيته وأطلبته وأحربته، إذا أعنته على الحلب، وعلى الرعي، وعلى قرى الأضياف، وعلى مبتغاه، وعلى مطلوبه، وعلى حرب عداه.
وللتعريض كأقتلت فلانا، إذا عرضته للقتل، وأبَعْت الشيء إذا عرضته للبيع.
وللسلب كأشكيت الرجل إذا أزلت عنه سبب شكواه، وأعتبته إذا أرضيته وأزلت عنه سبب عتبه. وأعجمت الكتاب إذا سلبت عنه الإبهام بنقط ما ينقط، وإهمال ما يهمل.
ولإلفاء الشيء بمعنى ما صيغ منه كأحمدت فلانا إذا ألفيته متصفا بما يوجب
حمده، وأبخلته وأجبنته وأفحمته إذا ألفيته ذا بخل، وذا جبن، وذا إفحام أي عاجزا عن قول الشعر، ومنه قول عمرو بن معد يكرب لبني سليم: لقد سألتنا فما أبخلتنا، وقابلتنا فما أجبنتنا، وهما جيتنا فما أفحمتنا.
وأما ورود أفعل لجعل الشيء صاحب ما هو مشتق من اسمه فكأشفيت فلانا إذا أعطيته دواء يستشفى به، وأسقيته إذا جعلته ذا ماء يسقى به ما هو محتاج إلى السقي، وكذلك إذا أعطيته ما يصنع منه سقاء. ومن هذا النوع: أقبرته إذا جعلت له قبرا، وأنعلته إذا جعلت له نعلا، وأخدمته إذا جعلت له خادما.
وأما أفعل الذي لبلوغ عدد فكأعشرت الدراهم إذا بلغت العشرين، وكذلك أثلثت وأربعت وأخمست وأسدست وأسبعت وأثمنت وأتسعت وأمأت وآلفت، إذا صارت ثلاثين وأربعين وخمسين وستين وسبعين وثمانين وتسعين ومائة وألفا.
والذي لبلوغ زمان كأصبحنا وأضحينا وأمسينا وأعشينا وآصلنا، أي بلغنا الصباح والضحى والمساء والعشي والأصيل.
والذي لبلوغ مكان كأشام القوم وأعرقوا وأنجدوا وأتهموا وأيمنوا، إذا قصدوا الشام والعراق ونجدا وتهامة واليمن أو بلغوها.
والذي لموافقة ثلاثي كحزنه وأحزنه، وقاله البيع وأقاله، وشغله الأمر وأشغله، وحب فلان فلانا وأحبه.
والذي لإغنائه عن ثلاثي كأرقل وأغذ بمعنى سار سيرا سريعا، وأذنب بمعنى أثم، وأقسم بمعنى حلف، وأفلح بمعنى فاز، وأحضر بمعنى عدا.
والذي لمطاوعة فعَل كظأرت الناقة على حُوار غيرها فأظأرت إذا رعته، وقشعت الريح السحاب فأقشع، إذا فرقته فتفرق، وكببت الرجل فأكب إذا أسقطته فسقط، وشنقتُ البعيرَ فأشنق إذا استوقفته بجذب زمامه فوقف.
ص: ومنها فَعّل وهو للتعدية، وللتكثير، وللسلب، وللتوجه، ولجعل الشيء بمعنى ما صيغ منه، ولاختصار حكايته، ولموافقة تفعّل وفَعَل، وللإغناء عنهما.
ش: فَعّل للتعدية، كأدبت الصبي، وعلمته الخير. وللتكثير كفتحت الأبواب، وذبّحْت الغنم.
وللسلب كقرّدت البعير وحلّمته وقذّيت عينه إذا نزعت عنه القِردان والحَلَم، وأزلت عن عينه القذى.
وللتوجه كشرّق وغرّب وغوّر وكوّف.
ولجعل الشيء بمعنى ما صيغ منه كعدّلته وأمّرته إذا جعلته عدلا وأميرا، وفسّقته وكفّرته وزنَّيته وجهّلته، إذا نسبته إلى الفسق والكفر والزنى والجهل. ومنه بطّنت الثوب، وجيّبته إذا جعلت له بطانة وجيبا.
والذي لاختصار الحكاية كقولهم: أمّن وأيّه وأفّف وسوّف وسبّح وحمّد وهلّل، إذا قال: آمين، ويأيها، وأفٍّ، وسوف، وسبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله.
ومعنى اختصار الحكاية أن الأصل: قال آمين، وقال يأيها، فأغنى عن ذلك صوغ فعّل.
ولموافقة تفعّل كقولهم: ولّى عنه وتولّى، إذا أعرض عنه، وبيّن الشيءُ بمعنى تبيّن، وفكّر في الأمر وتفكر، ويمّم الشيء وتيمّمه أي قصده.
والمغني عن تفعّل كأوّنت الحبلى، إذا صار بطنها كالأوْنَيْن، وعجّزت إذا صارت عجوزا، ومنه قولهم: من دخل ظَفار حمّر، أي صار كالحميريين في كلامه بلغتهم.
وأما فعّل الموافق فعَل فكقدّر الله وقَدَر، وبشّر وبشَر، وعاض وعوّض، وماز وميَّز، وزال وزيّل.
والمغني عن فعَل كجرّب الشيء، وعرّد في القتال إذا تركه جبنا، وعيّره بالشيء إذا عابه، وعوّل عليه إذا اعتمد عليه.
ص: ومنها تفعّل وهو لمطاوعة فعّل، وللتكلف، والتجنب، والصيرورة، والتلبس بمسمى ما اشتق منه، وللعمل فيه، والاتخاذ، ولمواصلة العمل في مهلة، ولموافقة استفعل، وموافقة المجرد، والإغناء عنه، وعن فعّل، ولموافقته.
ش: تفعّل لمطاوعة فعّل كثير، كتعلم وتأدب وتهذب وتخلص، بالنسبة إلى علّم وأدّب وهذّب وخلّص.
والذي للتكلف كتحلّم وتشجّع وتسخّى وتصيّر إذا تكلف الحلم والسخاء والشجاعة والصبر.
والذي للتجنب كتأثم وتحوّب وتحرّج وتهجّد، إذا تجنب الإثم والحوب والحرج والهجود.
والذي للصيرورة كتأيّمت المرأة إذا صارت أيما، وتكبّد اللبن إذا صار كالكبد، وتجبن إذا صار جبنا، وتحجر الطين إذا صار كالحجر، وتسكر الشراب إذا صار كالسكر، ومنه تقيّس وتنزّر إذا صار بالانتماء إليهم كواحد منهم.
والذي للتّلبس بمسمى ما اشتق منه كتقمّص وتأزر وتفرّى وتدرّع وتعمّم وتقبّى، إذا لبس قميصا وإزارا وفروة ودرعا وعمامة وقباء.
والذي للعمل في مسمى ما اشتق منه كتغدّى وتضحّى وتسحّر وتعشّى.
والذي للاتخاذ كتبنّيتُ الصبي، وتديّرت المكان، وتوسّدت التراب.
والذي لمواصلة العمل في مهلة كتفهّم وتبصّر وتسمّع وتعرّف وتجرّع وتحسّى.
والذي لموافقة استفعل كتكبّر وتعظّم وتعجّل الشيء وتيقّنه وتقضّاه وتبيّنه، وتغنى به أي استغنى. ومنه قوله صلى الله عليه وسلم:"من لم يتغن بالقرآن فليس منا".
والذي لموافقة المجرد كتعدّى الشيء وعداه، إذا جاوزه، وتحجّى وحجا إذا أقام، وتبيّن إذا بان، وتبسّم بمعنى بسم، ولبث وتلبّث، وأذى وتأذّى، وبرى وتبرّى، وعجب وتعجب، وأصل وتأصل.
والذي أغنى عن ثلاثي مجرد كتكلم وتأنى وتصدى.
والمغني عن فعّل كقول الشاعر:
تَوَيّلَ إذ أملتُ يدي وكانتْ
…
يميني لا تُعلَّلُ بالقليل
أي قال: ياويلا.
والمعروف في اختصار الحكاية فعّل كأمّن. والموافق فعّل تولّى بمعنى ولّى.
ص: ومنها فاعَلَ لاقتسام الفاعلية والمفعولية لفظا، والاشتراك فيهما معنى، ولموافقة أفْعَل ذي التعدية، والمجرد، وللإغناء عنهما.
ومنها تفاعل للاشتراك في الفاعلية لفظا، وفيها وفي المفعولية معنى، ولتخييل تارك الفعل كونه فاعلا، ولمطاوعة فاعل الموافق أفعل، ولموافقة المجرد، والإغناء عنه.
وإن تعدّى تفاعل أو تفعّل دون التاء إلى مفعولين تعدى بها إلى واحد، وإلا لزم.
ش: فاعل لانقسام الفاعلية والمفعولية لفظا والاشتراك فيهما معنى، نحو: ضارب زيد عمرا، فزيد وعمرو شريكان في الفاعلية والمفعولية من جهة المعنى، لأن كل واحد منهما قد فعل بصاحبه مثل ما فعل به الآخر، وهما في اللفظ مجعول أحدهما
فاعلا والآخر مفعولا، فقد اقتسما في اللفظ الفاعلية والمفعولية، واشتركا فيهما من جهة المعنى، وليس أحدهما أولى من الآخر بالرفع ولا بالنصب، ولو أتبع منصوبهما بمرفوع، أو مرفوعهما بمنصوب لجاز، ومن ذلك قول الراجز:
قد سالمَ الحياتُ منه القَدَما
…
الأُفْعُوانَ والشُّجاعَ الشَّجْعَما
بنصب الأفعوان وهو بدل من الحيات، وهو مرفوع لفظا، لأنه منصوب معنى، كما أن القدم منصوب لفظا مرفوع معنى، لأن كل شيئين تسالما فهما فاعلان مفعولان. وهذا التوجيه أسهل من أن يكون التقدير: قد سالم الحيات منه القدم، وسالمت القدم الأفعوان والشجاع الشجعم.
وأما فاعَلَ الذي لموافقة أفعل ذي التعدية، فكباعدت الشيء وأبعدته، وضاعفته وأضعفته، وناعمته وأنعمته، وعافاه الله وأعفاه.
والذي لموافقة المجرد كجاوزت الشيء وجزته، وسافرت وسفرت، وواعدته ووعدته.
والمغني عنه نحو: قاسى، وبالى به، وبارك الله فيه.
والمغني عن أفعل: واريت الشيء بمعنى أخفيته، وراءيته بمعنى أريته غير ما أقصده.
وأما تفاعل الذي للاشتراك في الفاعلية لفظا، وفيها وفي المفعولية معنى كتضارب زيدٌ وعمرٌ، فزيد وعمرو شريكان في الفاعلية لفظا، ولذلك رفعا، وهما من جهة المعنى شريكان في الفاعلية والمفعولية، لأن كل واحد منهما قد فعل بصاحبه مثل ما فعل به الآخر.
والذي لتخييل تارك الفعل كونه فاعلا كتغافل زيد، إذا ظهر بصورة غافل وهو
غير غافل. وكذلك تجاهل وتباله وتطارش وتلاكن وتمارض، ومنه قول الراجز:
إذا تخازَرْتُ وما بي من خَزَر
والذي لمطاوعة فاعل فكباعدته فتباعد، وضاعفت الحساب فتضاعف.
والذي لموافقة المجرد كتعالى وعلا، وتوانى وونى.
والذي أغنى عن المجرد كتثاءب وتمارى.
وإن كان تفاعل أو تفعل متعديا دون التاء إلى مفعولين، تعدى بالتاء إلى مفعول واحد، فمن مثل ذلك في تفاعل: نازعته الحديث، وناسيته البغضاء، وتنازعنا الحديث، وتناسينا البغضاء.
ومن مثل ذلك في تفعل، علمته الرماية فتعلمها، وجنبته الشر فتجنبه.
فصار تناسى وتنازع متعديين إلى مفعول واحد حين وجدت التاء، لأنهما كانا قبل وجودها متعديين إلى مفعولين، وكذا تعلم وتجنب. فلو كان التعدي دون التاء إلى واحد لعدم بوجودها، نحو: ضارب زيدٌ عمرا، وتضارب زيدٌ وعمرٌو، وأدّبت الصبيَّ، وتأدب الصبيُّ.
ص: ومنها افتعل وهو للاتخاذ، والتسبب، ولفعل الفاعل بنفسه، وللتخير، ولمطاوعة أفعل، ولموافقة تفاعل، وتفعّل، واستفعل، والمجرد وللإغناء عنه.
ش: افعتل للاتخاذ نحو: اذّبح، واطّبخ، واشتوى إذا اتخذ لنفسه ذبيحة وطبيخا وشواء. ومنه اكتال واتزن.
والذي للتسبب نحو: اعتمل واكتسب في العمل والكسب، فزيادة التاء بإزاء زيادة التسبب في حصول الأمر، فعمل وكسب يطلقان على كل عمل وكل كسب، واعتمل واكتسب لا يطلقان إلا على ما في حصوله تكلف وجهد.
والذي لفعل الفاعل بنفسه نحو: اضطرب وائتكل من الغيظ، وارتعد من
الحمى، وارتعش واختتن واختص واستاك وامتشط واكتحل وادّهن.
والذي للتخير نحو: انْتصى وانتخب واصطفى واعتمى واجتبى وانتقى.
والذي لمطاوعة أفعل نحو: أنصفته فانتصف، وأنهيته فانتهى، وأنجزته فانتجز، وأنحسته فانتحس، وأشعل النار فاشتعلت، وأضرمها فاضطرمت، وأوقدها فاتقدت.
والذي لموافقة تفاعل كاجْتَوَروا واشْتَوَرُوا وازدوجوا واعتونوا وانتصروا واظطفروا واحتربوا واطعنوا واقتتلوا، بمعنى تجاوروا وتشاوروا وتزاوجوا وتعاونوا وتناصروا وتظافروا وتحاربوا وتطاعنوا وتقاتلوا.
والذي لموافقة تفعّل كابتسم وتبسّم، وائتزر وتأزر، واعتم وتعمّم، واعتدى وتعدّى، واغتدى وتغدّى، وانتظر وتنظّر، واختار وتخيّر.
والذي لموافقة استفعل كارتاح واستراح، واعتصم واستعصم، واختفى واستخفى، واحتمى واستحمى، وانتجى واستنجى.
والذي لموافقة الثلاثي المجرد كقدر واقتدر، وسمع واستمع، وقرب واقترب.
والمغني عنه كاستلم الحجر، وانتجى الرجل.
ص: ومنها انفعل لمطاوعة فعَل علاجا، وقد يطاوع أفعل، وقد يشارك المجرد، وقد يغني عنه وعن أفعل، ويغني عنه افتعل فيما فاؤه لام أو راء أو واو أو ميم أو نون، وقد يشاركه فيما ليس كذلك ويغني عنه.
ش: انفعل المطرد ما كان كانصرف وانكشف وانفصم وانحسم وانقسم وانسكب وانفرط، في كون كل واحد منها مطاوعا لفعل ثلاثي على فعل دال على معالجة وتأثير. فلو لم يدل على معالجة وتأثير كعرف وجهل وسمع ورأى لم يجز أن يصاغ منه انفعل ولا افتعل الذي بمعناه، فلا يقال: عرفته فانعرف، ولا جهلته فانجهل، ولا سمعته فانسمع.
وكذا لو دل على معالجة وتأثير ولم يكن ثلاثيا، كأحكم الشيء وأكمله، لم يجز أيضا أن يصاغ منه انفعل ولا افتعل الذي بمعناه، فلا يقال: أحكمه فانحكم، ولا أكمله فانكمل. وشذ قولهم: أقحمته فانقحم، وأوكأته فاتكأ، وأفردته فانفرد، وأغلقته فانغلق، وأزعجته فانزعج، وأسفقت الباء فانسفق. ويجوز أن يكون: انغلق وانسفق على لغة من قال: غلِقت وسفقت فإنهما مقولان ومنقولان.
وسمع: قلت الحديث فانقال، لأن القائل يعمل في تحريك لسانه، ويعالج في ترتيب أجزاء العبارة وجعلها موافقة المعنى بعض علاج.
وأما قول من قال: انعدم، فخطأ، وكذلك قول من قال: ذلك شيء لا ينبصِر.
وقد يشارك المجرد كقولهم: انطفأت النار وطَفِئَت، وساب الشيءُ فانساب.
وإغناؤه وإغناء هذا عنه كقولهم: انطلق بمعنى ذهب، وانزرب في الزريبة إذا دخلها، وانبرى يفعل انبعث. وإغناؤه عن أفعل كقولهم: انحجز، إذا أتى الحجاز. ويغني عنه افتعل فيما فاؤه لام، كلويت الشيء فالتوى، ولففته فالتف، ولحمته فالتحم. وفيما فاؤه راء نحو: ردعته فارتدع، ورفعته فارتفع. وفيما فاؤه واو كوصلته فاتصل، ووكلته فاتكل، ووضعته فاتضع، ووسمته فاتسم. وفيما فاؤه نون نحو: نقلته فانتقل، ونبذته فانتبذ، ونفيته فانتفى، ونسأته فانتسأ. وفيما فاؤه ميم نحو: مددته فامتد، ومططته فامتط، وملأته فامتلأ.
وندر: محوته فامّحى، ومزته فامّاز، وامتحى وامتاز أقيس.
وقد يشترك افتعل وانفعل فيما ليس فاؤه لاما ولا راء ولا واوا ولا نونا ولا ميما نحو: شويت اللحم فاشتوى وانشوى، وحجبت الشيء فاحتجب وانحجب، وأطرته فاتطر وانأطر، وفصلته فافتصل وانفصل، وفتتّه فانفت وافتت.
وقد يغني افتعل عن انفعل في غير ما فاؤه لام ولا شيء من أخواتها، كسترت الشيء فاستتر، وبللته فابتل، وكفيته فاكتفى، وعززته فاعتز، وشددته فاشتد.
ص: ومنها استفعل للطلب، وللتحول، وللاتخاذ، ولإلفاء الشيء بمعنى ما صيغ منه، أو لعدِّه كذلك، ولمطاوعة أفعل، ولموافقته وموافقة تفعّل وافتعل والمجرد والإغناء عنه وعن فعّل.
ش: استفعل الذي للطلب كاستعان واستغفر واستوهب واستطعم.
والذي للتحول كاستنسر البغاث، واستنوق الجمل، واستتيست العنز، واستحجر الطين.
والذي للاتخاذ كاستأبى أبا، واستبعد عبدا، واستأمى أمة، واستأجر أجيرا، واستفحل فحلا، واستعد عدة. ومنه استخلف فلان فلانا، واستعمره في أرضه. ومنه استشعر الرجل إذا لبس شعارا، واستثفرت المرأة إذا شدّت بثفرتها دم الحيض.
والذي لإلفاء الشيء بمعنى ما صيغ منه كاستعظمته إذا وجدته عظيما، واستصغرته إذا وجدته صغيرا، واستكثرته إذا وجدته كثيرا، واستقللته إذا وجدته قليلا، واستحسنته إذا وجدته حسنا، واستقبحته إذا وجدته قبيحا، واستحليته إذا وجدته حلوا، واستفظعته إذا وجدته فظيعا.
وكذا تقول فيما تعده عظيما أو صغيرا أو كثيرا أو قليلا أو حسنا أو قبيحا أو حلوا أو فظيعا، وهو بخلاف ذلك.
واستفعل الذي لمطاوعة أفعل كأكانه فاستكان، وأشلاه فاستشلى، وأحكمه فاستحكم، وأراحه فاستراح. وأكنه فاسكتن، وأضاءه فاستضاء، وأبانه فاستبان، وأمرّه فاستمر.
والذي لموافقة أفعل كأبل من المرض فاستبل، واستحصد الزرع وأحصد، واستيقن الإنسان وأيقن، واستبان الأمر وأبان، واستعجله وأعجله، وأهل الهلال واستهل، وأثار الشيء واستثاره.
والذي لموافقة تفعّل كاستكبر وتكبّر، واستمتع وتمتع، واستعاذ وتعوّذ،
واستضاف وتضيف، واستيسر وتيسر، واستعفف وتعفف، واستبدل وتبدل، نحو:(أتستبدلون الذي هو أدنى بالذي هو خير): (ومن يتبدل الكفر بالإيمان).
والذي لموافقة المجرد كاستغنى وغنى، واستبشر وبشر، واستهزأ وهزئ، واستبان وبان، واستقر وقر، واستخفى وخفى، واستعلى وعلا.
والذي للإغناء عن المجرد كاستحيا واستأثر واستبدل، واستعبر واستنكف.
والذي للإغناء عن فعّل استرجع إذا قال: إنا لله وإنا إليه راجعون، والأصل فيه كأمّن إذا قال آمين، وسبح إذا قال سبحان الله.
ومن الجائي على استفعل وهو مغن عن فعّل قولهم: استعان إذا حلق عانته، فالأصل فيه: عوّن كقرّد البعير إذا أزال عنه القِردان.
ص: ومنها للألوان افعلّ غير مضاعف العين، ولا معتل اللام دون شذوذ، وقد تلي عينه ألف، وقد يدل بحالية على عيب حسي، وربما طاوع فعَل، وقد يدلان على غير لون وعيب، وإفهام العروض مع الألف كثير، وبدونها قليل. ومنها افعوعل للمبالغة، وللصيرورة. وقد يوافق استفعل ويطاوع فعَل.
ش: أصل افعلّ: افعلَلَ، ويدل على ذلك وجوب استعماله مفتوح العين مع تاء الضمير ونونَيْه، نحو: احمررت واحمررنا واحمررْن.
وشرط ما يصاغ منه ألا يكون مضاعف العين، ولا معتل اللام كألمى. وشذ قولهم: ارعوى مطاوع رَعَوْته بمعنى كففته، من ثلاثة أوجه: أحدها أنه معتل اللام. الثاني أنه لغير لون ولا عيب حسي. الثالث أنه مطاوع، والمطاوعة في هذا النوع نادرة.
وإنما حق هذا الوزن أن يكون مقتضبا كابيضّ واحمرّ. أو موافقا لفعِل أو فعُل كاسمرّ وسمِر وسمُر، وأن يدل على لون وهو الكثير، أو على عيب حسي كاعرجّ واعورّ. وقد قيل من الحوّة احوَوَى، وفيه شذوذ من قبل الاعتلال وموافقة النظائر، من قبل دلالته على لون.
وقد تزاد ألف قبل لامه كاحمارّ واصفارّ وادهامّ، والأكثر أن يقصد عروض المعنى إذا جيء بالألف، ولزومه إذا لم يجأ بها. وقد يكون الأمر بالعكس، فمن قصد اللزوم مع ثبوت الألف قول الله تعالى في وصف الجنتين:(مُدْهامّتان) ومن قصد العروض مع عدم الألف قولك: اصفر وجهه وجلا، واحمر خجلا، ومنه قوله تعالى في قراءة ابن عامر:(تَزْوَرّ عن كهفهم ذات اليمين)
ومثال وقوع افعلّ وافعالّ لغير لون وعيب: انقضّ الحائط، وانهارّ الليل إذا انتصف. ومثال انهارّ: اشعارّ الرأس، إذا تفرق شعره.
وقد كثر وزن افعوعل في قصد التكثير والمبالغة، كقولهم: اخشوشن الشيء إذا كثرت خشونته، واعشوشب المكان إذا كثر عشبه، واغدودن الشعر إذا وفر وكثر سواده ولينه.
وقد يجيء للصيرورة نحو: احلولى الشيء إذا صار حلوا، واحقوقف الجسم إذا صار أحقف أي منحنيا.
وقد يوافق استفعل في الدلالة على إلفاء الشيء بمعنى ما صيغ منه كقوله:
فلمّا أتى عامان بعد انفصاله
…
عن الضَّرع واحلَوْلى دِماثا يَرُودها
أي وجدها حلوة، فاستعمل احلولى استعمال استحلى، واستعماله بمعنى صار حلوا أشهر، ومنه في خطاب الدنيا: ولا تحلولي لهم فتفتنيهم، أي: لا تصيري لهم حلوة.
وقد يوافق انفعل في مطاوعة فعَل كقولهم: ثنيته فانثنى، ومنه قراءة من قرأ:(ألا إنهم يثنوني صدورهم).
وقد يوافق المجرد كقولهم: خَلُق أن يفعل كذا، واخلولق أن يفعل، إذا كان بذلك خليقا أي حقيقا.
ص: وافعوّل بناء مقتضب، وكذا ما ندر من افعولل وافعيّل، وأما فوعل وفعول وفعْلل ذو الزيادة، وفيْعل وفَعْيل وفَعْلى فملحقات بفعلل، وإلحاق ما سواها به نادر.
وتزاد التاء قبل متعدياتها للإلحاق بتفعلل، وهو افعنلل لمطاوعة فعْلَلَ تحقيقا أو تقديرا. وألحق بافعنلل افْعَنْلى وافعنْلَل الزائد الآخر، وإلحاق ما سواهما به نادر.
وافعَلَلّ بناء مقتضب، وقد يطاوع فَعْلَلَ، والإلحاق به نادر.
ش: المقتضب من الأبنية هو المصوغ على مثال غير مسبوق بآخر هو له أصل أو كالأصل، مع خلوه من حرف مزيد لمعنى أو لإلحاق.
ومثال افعوّل اجلوّذ واعلوّط واخروّط.
ومثال افعولل وافعيّل اعْثَوْجج واهبيّج، وهما من الأوزان التي أغفلها سيبويه.
ومثال فوعل وفعول وفعلل بزيادة إحدى اللامين: حوقل وجهور وجلبب.
ومثال فيعل وفعيل وفعلى: بيطر وعَذْيَط وسلقى. وفعيل أيضا مما أغفله سيبويه.
ونبهت بقولي: "وإلحاق ما سواها به نادر" إلى الإلحاق بهمزة متوسطة كتأبل القدر بمعنى تبلها، وبنون متقدمة كنرجس الدواء، أو متأخرة كقطرن البعير، أو
بميم مطلقا كمندله بمعنى ندله، وغلصمه بمعنى غلصه، وبتاء متقدمة كتَرْمس بمعنى ارتمس، وترفل في معنى ترفّل، وتفرض بمعنى فرض، وبهاء مطلقا كهلقم إذا أكثر اللقم، وذهبل اللقمة إذا التقطها، وعلهصه بمعنى علصه. وبياء متقدمة كيرْنأ الشيب. وبسين متقدمة أو متأخرة كسنبس بمعنى نبس، وخلبس بمعنى خلب. وبتضعيف عين قبل الفاء كزهزق بمعنى أزهق، ورهرم بمعنى هرم.
وإذا لبس جلبابا فتجلبب، ملحق بتسربل إذا لبس سربالا، فتسربل، تفعلل، وتجلبب تفعلل، إلا أن لام تجلبب الثانية زائدة، ولا زيادة في تسربل إلا التاء. وتفعلل العاري من زيادة إحدى اللامين لمطاوعة المجرد كسربلته فتسربل. وقد يوجد غير مطاوع لفعلل مستعملا فيحكم بمطاوعته لفعلل مقدرًا كتبختر، فإنه مطاوع لبختر تقديرا.
وافعنلل مثل تفعلل في مطاوعة فعلل تحقيقا أو تقديرا، فذو المطاوعة تحقيقا كاحرنجمت الإبل إذا اجتمعت، فإنه مطاوع لحرجمتها أي جمعتها. وذو المطاوعة تقديرا كابرنشق بمعنى انبسط فرحا، فإنه مطاوع لبرشق تقديرا كتقدير بختر، وبختر وبرشق مهملان.
وألحق بافعنلل افعنلى كاسلنقى، وافعنلل المزيد إحدى لاميه كاقعنسس، وإلحاق غيرهما به نادر، كاحبنطأ واحونصل.
ص: صيغة فعل الأمر من كل فعل كمضارعه المجزوم المحذوف أوله، فإن لم يكن من أفعل وسكن تالي حرف المضارعة لفظا أُولِيَ همزة الوصل. وإن كان
من أفعل افتتح بهمزة مطلقا.
ش: التعبير عن فعل الأمر بكونه كمضارعه المجزوم المحذوف أوله يعم نحو: عدْ، ورَ، وسلْ، وقم، وزد، ودحرج، وراقب، فإنها ليس بينها وبين مضارعاتها المجزومة إلا حذف حرف المضارعة منها، وثبوته في المضارع المجزوم. وهكذا كل أمر من فعل يلي حرف المضارعة منه متحرك.
فإن سكن لفظا تالي حرف المضارعة ولم يكن ماضيه أفعل، حذف حرف المضارعة وجعل موضعه همزة وصل كقولك في: يستمع وينطلق ويستخرج ويحبنطى: استمع وانطلق واستخرج واحبنط.
فإن كان ماضيه أفعل حذف حرف المضارعة، وجعلت مكانه همزة قطع مفتوحة، وذلك واجب في كل فعل أمر ماضيه على وزن أفعل، صحيحا كأكْرِمْ، أو معتلا، كأقِمْ، أو مُدْغما عينه في لامه كأعدّ، ولاستواء الأنواع الثلاثة في الافتتاح بالهمزة المفتوحة قلت: وإن كان من أفعل افتتح بهمزة مطلقا".