الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب نعم وبئس
مدخل
…
باب نعم وبئس:
"وهما" لإنشاء المدح والذم على سبيل المبالغة، وهي كيفية حكاية الخلاف في حقيقتها طريقان:
إحداهما1: أنهما "فعلان عند" جميع "البصريين والكسائي" من الكوفيين "بدليل" اتصال تاء التأنيث الساكنة بهما عند جميع العرب، وفي الحديث:"من توضأ يوم الجمعة " فبها ونعمت"، ومن اغتسل فالغسل أفضل"2، وتقول: بئست المرأة حمالة الحطب، "واسمان عند باقي الكوفيين بدليل" دخول حرف الجر عليهما في قول بعض العرب وقد بشر ببنت:"والله "ما هي بنعم الولد"، نصرها بكاء وبرها سرقة"3. وقول آخر وقد سار إلى محبوبته على حمار بطيء السير: "نعم السير على بئس العير"4. وأجيب5: بأن الأصل: ما هي بولد مقول فيه نعم الولد، ونعم السير على عير مقول فيه بئس العير6، فحذف الموصوف وصفته، وأقيم معمول الصفة مقامهما7، فحرف الجر في الحقيقة إنما دخل على اسم محذوف.
1 انظر الإنصاف 1/ 97، المسألة رقم 14.
2 أخرجه البخاري في سننه 1/ 522، وابن ماجه في سننه 1/ 180، والدرامي في سننه 1/ 362.
3 هذا القول من شواهد شرح ابن عقيل 2/ 161، وشرح ابن الناظم 333، والإنصاف 1/ 99، 112.
4 هذا القول من شواهد شرح ابن عقيل 2/ 160، وشرح ابن الناظم 333، والإنصاف 1/ 99، 112.
5 انظر الإنصاف 1/ 112-113.
6 سقط من "ب" قوله: "وأجيب
…
بئس العير".
7 في "ط": "مقامها".
الطريقة الثانية: وهي التي حررها ابن عصفور في تصانيفه المتأخرة، فقال1: لم يختلف أحد من البصريين والكوفيين أن نعم وبئس فعلان، وإنما الخلاف بين البصريين والكوفيين فيهما بعد إسنادهما إلى الفاعل، فذهب البصريون إلى أن "نعم الرجل" جملة فعلية، وكذلك "بئس الرجل" وذهب الكسائي إلى أن قولك: نعم الرجل وبئس الرجل، اسمان محكيان بمنزلة "تأبط شرًّا" فـ: نعم الرجل، عنده اسم للمدوح، وبئس الرجل: اسم للمذموم، وهما في الأصل جملتان محكيتان2 نقلتا عن أصلهما، وسمي بهما.
وذهب الفراء إلى أن الأصل في "نعم الرجل زيد وبئس الرجل عمرو": رجل نعم الرجل زيد، ورجل بئس الرجل عمرو، فحذف الموصوف الذي هو "رجل" فأقيمت الصفة التي3 هي الجملة من "نعم وبئس" وفاعلهما مقامه، فحكم لها بحكمه، فـ: نعم الرجل وبئس الرجل، عندهما رافعان لـ: زيد وعمرو، كما لو قلت: ممدوح زيد ومذموم عمرو.
ويرد قول الكسائي والفراء أنهم لا يقولون: إن نعم الرجل قائم، ولا: ظننت نعم الرجل قائمًا.
والطريق الأولى هي المشهورة وأصحها أن نعم وبئس فعلان جامدان، وعلى ذلك جرى الناظم فقال:
485-
فعلان غير متصرفين
…
نعم وبئس رافعان اسمين
وإنما لم يتصرفا للزومهما إنشاء المدح والذم على سبيل المبالغة، فنقلتا عما وضعتا له من الدلالة على المضي وصارتا للإنشاء، فـ"نعم" منقولة من قولك: نعم الرجل، إذا أصاب نعمة، و"بئس" منقولة من قولك: بئس الرجال، إذا أصاب بؤسًا.
ويجوز فيهما أربع لغات: فتح الأول وكسر الثاني على الأصل المنقول عنه، وفتح الأوصل أو كسره مع سكون الثاني وكسرهما عند بني تميم، ولا يجيز الحجازيون فيهما إلا2 الأصل.
قال الخضراوي في أول شرح الإيضاح: "رافعان لفاعلين" عند البصريين
1 لم أجد ابن عصفور فيما عدت إليه من كتبه، وقد ذكره المرادي في شرحه 3/ 79.
2 سقطت من "ب".
3 في "ب": "الذي".
والكسائي، وأما عند جمهور الكوفيين القائلين باسمتيهما فقال [ابن العلج] 1 في البسيط: ينبغي أن يكون المرفوع بعدهما تابعًا عندهم لـ: نعم، إما بدلا أو عطف بيان، ونعم اسم يراد به الممدوح، فكأنك قلت: الممدوح الرجل زيد، [هذا على الطريق الأولى أما على الثانية فواضح]1.
"معرفين بـ"أل" الجنسية" على أحد القولين، أو العهدية على القول الآخر، ثم اختلف القائلون بالجنسية على قولين:
أحدهما: أنها للجنس حقيقة، فالجنس كله ممدوح أو مذموم، والمخصوص مندرج تحته، لأنه فرد من أفراده، ثم نص عليه الخاص بعد العام الشامل له ولغيره، ونسب إلى سيبويه2، ورد بأدائه إلى التكاذب في نحو قولك: نعم الرجل زيد وبئس الرجل عمرو.
والثاني أنها للجنس مجازًا لأنك لم تقصد إلا مدح معين، ولكنك جعلته جميع الجنس مبالغة.
واختلف القائلون بالعهد على قولين أيضًا:
أحدهما: أنها لمعهود ذهني، فهي مشار بها إلى ما في الأذهان من حقيقة رجل، كما تقول: اشتر اللحم، ولا تريد الجنس ولا معهودًا تقدم.
والثاني: أنها للعهد في الشخص الممدوح، كأنك قلت: زيد نعم هو: قاله ابن ملكون والجواليقي، ومثالهما3 نحو:{نِعْمَ الْعَبْدُ} [ص: 44]"و: {بِئْسَ الشَّرَابُ} [الكهف: 30] . "أو" معرفين "بالإضافة إلى ما قارنها" أي "أل" "نحو: {وَلَنِعْمَ دَارُ الْمُتَّقِينَ} [النحل: 30] "و: {فَلَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ} [النحل: 29] .
"أو" معرفين بالإضافة "إلى مضاف لما قارنها، كقوله" وهو أبو طالب عم النبي صلى الله عليه وسلم: [من الطويل]
613-
فنعم ابن أخت القوم غير مكذب
…
زهير حسام مفرد من حمائل
1 إضافة من "ب".
2 شرح التسهيل 3/ 121.
3 سقطت من "ب".
613-
البيت لأبي طالب في خزانة الأدب 2/ 72، والدرر 2/ 269، والمقاصد النحوية 4/ 5، وبلا نسبة في الارتشاف 3/ 16، وأوضح المسالك 3/ 272، وشرح ابن الناظم ص35، وشرح الأشموني 2/ 371، وشرح التسهيل 3/ 9، وشرح الكافية الشافية 2/ 1105، وهمع الهوامع 2/ 85.
فـ:غير:حال، وزهير: مخصوص بالمدح مرفوع على الابتداء، وخبره ما قبله، أو خبر لمبتدأ محذوف، وحسام مفرد: خبر إن لمبتدأ محذوف؛ أي: هو حسام مفرد، لا نعتان لـ"زهير" لأن المعرفة لا تنعت بالنكرة، واقتصر الناظم على قوله:
485-
.................................
…
.............. رافعان اسمين
486-
مقارني أل أو مضافين لما
…
قارنها..........................
"أو" رافعان لفاعلين "مضمرين مستترين" وجوبًا في نعم وبئس "مفسرين بتمييز" لكل منهما، مطابق لهما في المعنى، قابل "أل" مذكور غالبًا، وإلى ذلك أشار الناظم بقوله:
487-
ويرفعان مضمرًا يفسره
…
مميز.......................
"نحو: {بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلًا} "[الكهف: 50] ففي "بئس" ضمير مستتر فيها، مرفوع على الفاعلية، بدلا: تمييز مفسر [له] 1، والتقدير: بئس هو، أي: البدل. "وقوله" في مدح هرم بن سنان: [من البسيط]
614-
نعم امرأ هرم لم تعر نائبة
…
إلا وكان لمرتاع لها وزرًا
ففي "نعم ضمير مستتر فيها مرفوع على الفاعلية، وامرأ: تمييز مفسر له، والتقدير: نعم هو، أي: المراد، وهرم: مخصوص بالمدح.
ومن غير الغالب قولهم: إن فعلتَ كذا فبها ونعمت. قال ابن عصفور2: "التقدير: نعمت فعلة فعلتك، فحذف التمييز والمخصوص". وقال في تفسير الحديث3: فبالرخصة أخذ ونعمت رخصة الوضوء.
وفي البسيط: لا يحذف التمييز لبقاء الإبهام، ولعدم مفسر الضمير حينئذ، ولأنه كالعوض من الفاعل: إلا أن يعوض منه شيء كالتاء في الحديث. انتهى. وأراد بالحديث قوله صلى الله عليه وسلم: "من توضأ يوم الجمعة فبها ونعمت" ويدل على أن التمييز كالعوض من الفاعل الظاهر أنه لا بد أن يكون مما يقبل "أل" فلا يكون "مثلا" و"غيرًا" و"أفعل من" ولا كلمة "ما" خلافًا للفراء والزمخشري ومن وافقهما.
1 غضافة من "ب"، "ط".
614-
تقدم تخريج البيت برقم 447.
2 المقرب 1/ 66-67.
3 هو قوله صلى الله عليه وسلم: "من توضأ يوم الجمعة فبها ونعمت".
ولا يكاد يجمع بينهما، "وأجاز المبرد وابن السراج والفارسي أن يجمع بين التمييز والفاعل الظاهر" توكيدًا "كقوله":[من البسيط]
615-
نعم الفتاة فتاة هند لو بذلت
…
رد التحية نطقا أو بإيماء
"ومنعه سيبويه والسيرافي مطلقًا"، سواء أفاد معنى زائدًا على الفاعل أم لا، وحجتهما أن التمييز لرفع الإبهام ولا إبهام مع ظهور الفاعل، ونقضه ابن مالك بأمرين1: الإجماع على جواز: له من الدراهم عشرون درهمًا، وفي التنزيل:{إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا} [التوبة: 36] . وقال أبو طالب: [من الكامل]
616-
ولقد علمت بأن دين محمد
…
من خير أديان البرية دينا
والثاني: أنه قد جاء في الباب، كقول جرير يهجو الأخطل:[من البسيط]
617-
والتغلبيون بئس الفحل فحلهم
…
فحلا وأمهم زلاء منطيق
وما قاله سيبويه متعين، ولا حجة فيما أورده عليه في الوجه الأول، لأنه من التمييز المؤكد، وليس الكلام فيه2، وما جاء في الباب من التمييز بل من الحال المؤكدة.
"وقيل: إن أفاد" التمييز "معنى زائدًا" على الفاعل الظاهر "جاز" الجمع بينهما، "وإلا فلا" يجوز، وصححه ابن عصفور3، فالأول "كقوله"وهو أبو بكر بن
615- البيت بلا نسبة في أوضح المسالك 3/ 277، والارتشاف 3/ 22، وخزانة الأدب 9/ 398، والدرر 2/ 375، وشرح الأشموني 1/ 267، وشرح شواهد المغني ص862، وشرح المرادي 3/ 93، ومغني اللبيب ص464، والمقاصد النحوية 4/ 32، وهمع الهوامع 2/ 86.
1 شرح التسهيل 3/ 14-15.
616-
البيت لأبي طالب في خزانة الأدب 2/ 76، 9/ 397، وشرح شواهد المغني 2/ 687، وشرح عمدة الحافظ ص788، وشرح قطر الندى ص242، ولسان العرب 5/ 144 "كفر"، والمقاصد النحوية 4/ 8، وبلا نسبة في شرح ابن الناظم ص336، وشرح الأشموني 2/ 376، وشرح التسهيل 3/ 15، وشرح الكافية الشافية 2/ 1107، وشرح المرادي 3/ 90.
617-
البيت لجرير في ديوانه ص192، والدرر 2/ 275، وشرح عمدة الحافظ ص787، ولسان العرب 10/ 355 "نطق"، والمقاصد النحوية 4/ 7، وتاج العروس "نطق"، وبلا نسبة في شرح ابن الناظم ص336، وشرح الأشموني 2/ 386، وشرح ابن عقيل 2/ 164، وشرح التسهيل 3/ 14-15، وشرح الكافية الشافية 2/ 1107، وشرح المرادي 3/ 92، وهمع الهوامع 2/ 86.
2 سقط من "ب": قوله: "لأنه من التمييز المؤكد وليس الكلام فيه".
3 المقرب 1/ 68.
الأسود المعروف بابن شعوب: [من الوافر]
618-
تخيره فلم يعدل سوها
…
فنعم المرء من رجل تهامي
فجمع بين الفاعل والظاهر وهو "المرء" والتمييز وهو "رجل" المجرور بـ"من" وقد أفاد التمييز معنى زائدًا على الفاعل، تهاميًّا، نسبة إلى "تهامة" بكسر التاء، وهي اسم لكل ما نزل عن نجد من بلاد الحجاز، وفي النسبة إليها لغتان: تهامي، بكسر التاء، وتهامي، بفتحها، فإن كسرت شددت ياء النسب، وإن فتحت لم تشددها.
والثاني كقوله: [من البسيط]
519-
نعم الفتاة فتاة..........
…
.............................
وإلى ذلك أشار الناظم بقوله:
488-
وجميع تمييز وفاعل ظهر
…
فيه خلاف عنهم قد اشتهر
"واختلف في كلمة""ما" بعد: "نعم وبئس" إذا وقع بعدها جملة فعلية أو اسم مفرد على قولين: "فقيل" هي "فاعل" فيهما1، فإن وقع بعدها جملة فعلية "فهي معرفة ناقصة، أي موصولة" والفعل بعدها صلتها، والمخصوص محذوف كما "في نحو:{نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ} [النساء: 58] أي: نعم الذي يعظكم به، وهو منقول عن الفارسي2.
"و" إن وقع بعدها مفرد "فهي معرفة" تامة كما "في نحو: {فَنِعِمَّا هِيَ} [البقرة: 271] ، أي: فنعم الشيء هي"، فكلمة "هي" هي المخصوص، وهو منقول عن سيبويه3، والأصل: فنعم الشيء إبداؤها، لأن الكلام في الإبداء لا في الصدقات، ثم حذف المضاف وأنيب عنه المضاف إليه، فانفصل وارتفع.
"وقيل": هي "تمييز" فيهما، "فهي نكرة موصوفة" بالجملة الفعلية "في" المثال "الأول"، وهو مذهب الأخفش، "و" نكرة "تامة في" المثال "الثاني"، وهو:{فَنِعِمَّا هِيَ} [البقرة: 271] لعدم الجملة، وإلى الخلاف في المتلوة بجملة فعلية أشار الناظم بقوله:
618- تقدم تخريج البيت برقم 458.
619-
تقدم تخريج البيت برقم 615.
1 في "ب": "منهما".
2 شرح المرادي 3/ 97.
3 النقل عن سيبويه زعمه ابن خروف، انظر شرح ابن الناظم ص336، والكتاب 1/ 73.
489-
وما مميز وقيل فاعل
…
في نحو نعم ما يقول الفاضل
وبسط القول في ذلك أن يقال: اعلم أن "ما" هذه على ثلاثة أقسام: مفردة، أي غير متلوة بشيء، ومتلوة بمفرد، ومتلوة بجملة فعلية، فالأولى: نحو: دققته دقا نعما، وفيها قولان: معرفة تامة فاعل، نكرة تامة تمييز، وعليهما، فالخصوص محذوف، أي: نعم الشيء الدق، أو نعم شيئًا الدق.
والثانية: المتلوة بمفرد، نحو:{فَنِعِمَّا هِيَ} [البقرة: 271] و"بئسما تزويج ولا مهر" وفيهما ثلاثة أقوال: معرفة1 تامة فاعل، نكرة تامة تمييز، مركبة مع الفعل قبلها تركيب "ذا" مع "حب" فلا موضع لها وما بعدها فاعل، وهو قول الفراء2 وموافقيه.
والثالثة: المتلوة بجملة فعلية نحو: {نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ} [النساء: 58]، {بِئْسَمَا اشْتَرَوْا بِه} [البقرة: 90] ، وفيها عشرة أقوال، ومرجعها إلى أربعة:
أحدها: أنها3 نكرة في موضع نصب على التمييز.
والثانية: أنها في موضع رفع على الفاعلية. وإليهما أشار الناظم بقوله:
489-
وما مميز وقيل فاعل
…
في نحو نعم ما يقول الفاضل4
والثالث: أنها المخصوص.
والرابع: أنها الكافة.
فأما القائلون: إنها في موضع نصب على التمييز، فاختلفوا على ثلاثة أقوال:
الأول: أنها نكرة موصوفة بالفعل بعدها، والمخصوص محذوف، وهو مذهب الأخفش والزجاج والفارسي في أحد قوليه والزمخشري، وكثير من المتأخرين.
والثاني: أنها نكرة غير موصوفة، والفعل بعدها صفة لمخصوص محذوف.
والثالث: أنها تمييز والمخصوص "ما" أخرى موصولة، والفعل صلة لـ"ما" الموصولة المحذوفة، وهو قول الفراء5. قال المرادي6:"ونقل عن الكسائي".
وأما القائلون: إنها في موضوع رفع على الفاعلية، فاختلفوا على خمسة أقوال:
1 في "ب": "مفردة".
2 معاني القرآن للفراء 1/ 58.
3 سقطت من "ب".
4 سقط من "ب"، "ط":"وإليهما أشار الناظم بقوله" مع بيت الألفية.
5 معاني القرآن 1/ 57.
6 شرح المرادي 3/ 97.
الأول: أنها اسم معرفة تام، أي غير مفتقر إلى صلة، والفعل بعدها صفة لموصوف محذوف، نقله في التسهيل1 عن سيبويه، وقال به ابن خروف2.
والثاني: أنها موصولة، والفعل صلتها والمخصوص محذوف، ونقل عن الفارسي3.
والثالث: أنها موصولة، والفعل صلتها مكتف بها وبصلتها عن المخصوص، نقله ابن مالك في شرح التسهيل4 عن الفراء والفارسي.
والرابع: أنها مصدرية سادة بصلتها؛ لاشتمالها على المسند والمسند إليه؛ مسد الفاعل والاسم المخصوص جميعًا.
والخامس: أنها نكرة موصوفة والمخصوص محذوف.
وأما القائل: أنها المخصوص فقال: إنها موصولة والفاعل مستتر، و"ما" أخرى محذوفة هي التمييز، وهو قول الكسائي، ونقله المرادي عن الفراء5.
وأما القائل: إنها كافة، فقال6: إن "ما" كفت "نعم" عن العمل7، كما كفت قال وطال عنه، فصارت تدخل على الجملة الفعلية.
1 التسهيل ص126، وشرح التسهيل 3/ 9.
2 شرح ابن الناظم ص336.
3 الارتشاف 3/ 18.
4 شرح التسهيل 3/ 9.
5 شرح المرادي 3/ 98، ومعاني القرآن 1/ 75.
6 شرح المرادي 3/ 98.
7 في "ب": "الفاعل".
فصل:
"ويذكر المخصوص" وهو المقصود "بالمدح أو الذم، بعد فاعل نعم وبئس" الظاهر، أو بعد التمييز، "فيقال: نعم الرجل"؛ أو رجلا؛ "أبو بكر، وبئس الرجل"؛ أو رجلا؛ "أبو لهب".
هذا هو الغالب، وسره أنه لما كان نعم وبئس للمدح العام والذم العام الشائعين في كل خصلة محمودة أو مذمومة، المستبعد تحقيقها، سلكوا بهما في الأمر العام طريقي الإجمال والتفصيل لقصد مزيد، التقرير، فجاءوا بعد الفعل1 بما يدل على المخصوص بالمدح أو الذم حتى يتوجه المدح والذم إلى المخصوص2 به أولا3 على سبيل التفصيل، فيحصل من تقوي الحكم ومزيد التقرير ما يزيل ذلك الاستبعاد.
"و" اختلف في رفع المخصوص فقيل: "هو مبتدأ والجملة قبله خبره"، ولا يجوز غير ذلك عند سيبويه وابن خروف وابن الباذش4، وقيل: يجوز هذا ويجوز أن يكون خبرًا لمبتدأ واجب الحذف، "أي: الممدوح وأبو بكر والمذموم أبو لهب"، وهو مذهب الجمهور، ومنهم الجرمي المبرد وابن السراج والفارسي وابن جني وغيرهم5.
وقيل: يتعين الثاني، وقيل: مبتدأ حذف خبره، وإليه ذهب ابن عصفور6.
وقيل: بدل من الفاعل، وإليه ذهب ابن كيسان7، واقتصر في النظم على القولين الأولين فقال:
1 في "أ": "الفاعل"، والتصويب من "ب"، "ط".
2 في "ب": "والمخصص".
3 في "ب": "أولى".
4 شرح التسهيل 3/ 116.
5 انظر شرح التسهيل 3/ 116-117، وشرح ابن يعيش 7/ 137.
6 المقرب 1/ 69.
7 شرح المرادي 3/ 100-101.
490-
ويذكر المخصوص بعد مبتدا
…
أو خبر اسم ليس يبدو أبدا
"و" من غير الغالب أنه "قد يتقدم المخصوص" على نعم وبئس، "فيتعين كونه مبتدأ" على القول بفعليتهما، والجملة بعده خبره، "نحو: زيد نعم الرجل"، وعمرو بئس الرجل، وجوزوا على القول باسميتهما أن يكونا مبتدأين، والمخصوص الخبر، وبالعكس.
"وقد يتقدم" في الكلام "ما" أي شيء "يشعر به" أي المخصوص بالمدح أو الذم، "فيحذف" المخصوص جوازًا للعلم به "نحو:{إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِرًا نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ} [ص: 44] أي هو1 أيوب فحذف المخصوص بالمدح وهو ضمير "أيوب" لتقدم ذكر "أيوب" في قوله [تعالى] 2: {وَاذْكُرْ عَبْدَنَا أَيُّوبَ} [ص: 41]، وإلى ذلك أشار الناظم بقوله:
491-
وإن يقدم مشعر به..........
…
..................................
"وليس منه" أي: من حذف المخصوص؛ قول الناظم:
491-
........................................
…
العلم نعم المقتنى والمقتفى
"وإنما ذلك من التقديم" لا من حذفه، هذا إذا رفعنا "العلم" على الابتداء.
أما إذا جعلناه خبرًا لمبتدأ محذوف تقديره: هذا العلم، على حد:{سُورَةٌ أَنْزَلْنَاهَا} [النور: 1] أي: هذه سورة، أو مفعولا لفعل محذوف تقديره: الزم العلم، ونحوه، فيكون من الحذف، لا من التقديم، كما ذكر الناظم.
1 سقطت من "ب".
2 إضافة من "ب".
فصل:
"وكل فعل ثلاثي" متصرف تام مثبت قابل للتفاضل مبني للفاعل ليس الوصف منه على أفعل فعلاء، "صالح للتعجب منه، فإنه يجوز استعماله على "فَعُلَ" بضم العين، إما بالأصالة كـ: ظَرُف وشَرُف، أو بالتحويل" بأن يكون في الأصل مفتوح العين "كـ: ضرَب" وقتَل، أو مكسورها كـ: علُم "وفهُم"، بضم العين فيهن، وإنما حولت لتلتحق بالغرائز والتصير قاصرة كـ: نِعْمَ.
وحكم المضاعف أن يدغم، نحو: حبَّ، ويجوز النقل؛ كما سيأتي؛ وحكم معتل العين واللام، إن كان من باب قوة؛ قلب الضمة كسرة، فتقلب الواو الثانية ياء، نحو: قَوِيَ، أو من باب شَوَيْتُ، قلب الياء واوًا للضمة قبلها، ثم يفعل فيه ما فعل في قوة ويجوز فيهما الإسكان نحو: قوْيَ وشوْيَ، ولا يدغم لعروض الإسكان. والأجوف يقدر فيه الضم نحو: طال وباع، والناقص المضموم العين نحو: سرو، يجوز تسكينه، والمفتوح والمكسور فقيل: لا يغير، وقيل بل يغير، وقال ابن عقيل1: لا يجوز تحويل علِمَ وجهِلَ وسمِعَ إلى فَعُلَ، بضم العين، لعدم السماع.
"ثم" بعد ضم العين أصالة أو تحويلا قال الفارسي والأكثرون "يجري حينئذ مجرى نعم وبئس في إفادة المدح والذم، وفي حكم الفاعل" الظاهر والمضمر، "وحكم المخصوص" من وجوب الرفع، وجواز حذفه إذا تقدم ما يشعر به، وجواز تقديمه، "تقول في المدح: فهُمَ الرجلُ زيدٌ"، وفهُم رجلا زيدٌ، "وفي الذم: خَبُثَ الرجلُ عمرٌو"، وخبُث رجلا عمرٌو، والمعنى: نعم الفاهم زيد، وبئس الخبيث عمرو، وإلى ذلك أشار الناظم بقوله:
492-
............... واجعل فَعُلا
…
من ذي ثلاثة كنعم مسجَلا
1 شرح ابن عقيل 2/ 168.
"ومن أمثلته: ساء" بالمد، وهو المنبه عليه في النظم بقوله:
492-
واجعل كبئس ساء.......
…
................................
"فإنه في الأصل: سوأ، بالفتح" من السوء: ضد السرور، من ساءه الأمر يسوؤه إذا أحزنه، فهو متعد متصرف، "فحول إلى فعل، بالضم، فصار قاصرًا، ثم ضمن معنى""بئس" فصار جامدًا قاصرًا محكومًا له ولفاعله بما ذكرنا" في "بئس".
تقول في الفاعل المقرون بـ"أل" ساء الرجل1 أبو جهل، وفي المضاف إلى المقرون بـ "أل": ساء حطب النار أبو لهب، وفي المضمر المفسر بالتمييز: ساء رجلا، "وفي التنزيل:{وَسَاءَتْ مُرْتَفَقًا} [الكهف: 29] ففي "ساء"2 ضمير مستتر مرفوع على الفاعلية يعود إلى النار، ومرتفقًا: تمييز على حذف مضاف، أي: نار مرتفق، لأن التمييز لا بد3 وأن يكون عين الممييز في المعنى، والمرتفق المتكأ.
"و" فيما يحتمل الفاعلية والتمييز: {سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ} [العنكبوت: 4] فيجري في "ما" الخلاف المتقدم، فإن جعلناها فاعلا فيه معرفة ناقصة، أي: ساء الذي يحكمونه، إن جعلناها تمييزًا فهي نكرة موصوفة، أي: ساء شيئًا يحكمون4، وعليهما: فالمخصوص بالذم محذوف.
وقال الأخفش والمبرد5: يجري فعل المضموم العين في المدح والذم مجرى فعل الدال على التعجب، فلا يلزم فاعله "أل" أو الأضمار، وهو الصحيح.
"و" على هذا يجوز "لك في فاعل فَعُلَ المذكور أن تأتي به اسمًا ظاهرًا مجردًا من "أل" وأن تجره بالباء" الزائدة تشبيهًا بفاعل أفعل في التعجب. "وأن تأتي به ضميرًا مطابقًا" لما قبله فالظاهر المجرد من "أل""نحو: فهم زيد"، حملا على "ما أفهم زيدًا"، والمجرور بالباء، وهو الأكثر، نحو: حسن بزيد، حملا على "أحسن بزيد" "وسمع" من العرب:"مررت بأبيات جاد بهن أبياتا وجدن أبياتًا"6 حكاه الكسائي بزيادة الباء في الفاعل أولا، وتجرده منها ثانيًا.
1 في "ب": "الرجال".
2 في "ب": "ساءت".
3 سقطت من "ب".
4 في "ب"، "ط":"يحكمونه".
5 انظر المقتضب 2/ 149، والارتشاف 3/ 28.
6 ورد هذا القول في مجالس ثعلب 1/ 330، ومعاني القرآن للفراء 1/ 268.
وأصل "جاد بهن أبياتًا وجدن أبياتًا" من جاد الشيء جودة إذا صار جيدًا، وأصل "جاد" جود؛ بفتح العين؛ فحول إلى فعل؛ بضم العين1؛ لقصد المبالغة والتعجب، زيدت الباء في الفاعل وعوض من ضمير الرفع ضمير الجر فقيل: بهن، وأبياتًا: تمييز، و"جدن أبياتًا" على الأًل من عدم زيادة الباء. فلذلك ثبت ضمير الرفع، وأبياتًا: تمييز، وفي كل منهما الجمع بين الفاعل والتمييز. "وقال" الطرماح:[من المديد]
620-
حب بالزور الذي لا يرى
…
منه إلا صفحة أو لمام
"أصله: حَبُبَ الزَّور" بفتح الزاي، بمعنى الزائر "فزاد الباء" في الفاعل حملا على "أحبب بالزور""وضم الحاء؛ لأن فعُلَ المذكور يجوز فيه أن تسكن عينه، وأن تنقل حركتها إلى فائه"، ولو كانت الفاء غير حلقية، خلافًا لظاهر التسهيل2، "فتقول: ضرب الرجل"، بفتح الضاد وسكون الراء. "و: ضُرْبُ" الرجل، بضم الضاد وسكون الراء. وصفحة كل شيء: جانبه، واللمام: بكسر اللام: جمع لمة، وهو الشعر يجاوز شحمة الأذن، وإلى ذلك أشار الناظم بقوله:
495-
وما سوى ذا ارفع بحب أو فجر
…
بالبا...............................
ومثال الضمير المطابق ما قبله: الزيدان كرما رجلين، والزيدون كرموا رجالا3، حملا على: ما أكرمهما رجلين، وما أكرمهم رجالا.
1 في "أ"، "ط":"بضمها".
620-
البيت للطرماح بن حكيم في ديوانه ص393، والدرر 2/ 290، وبلا نسبة في أوضح المسالك 3/ 281، وجواهر الأدب ص54، وشرح الأشموني 2/ 380، ولسان العرب 4/ 335 "زور"، والمقرب 1/ 78، وهمع الهوامع 2/ 89.
2 في التسهيل ص129: "وقد تفرد "حب" فيجوز نقل ضمة عينها إلى فائها، وكذا كل فعل حلقي الفاء، مراد به مدح أو تعجب".
3 في "ب": "رجلا".
فصل:
"ويقال في المدح: حبذا، وفي الذم: لا حبذا. قال" الشاعر: [من المتقارب]
621-
ألا حبذا عاذري في الهوى
…
ولا حبذا الجاهل العاذل
فجمع بين المدح والذم، ومثله قول الآخر:[من الطويل]
622-
ألا حبذا أهل الملا غير أنه
…
إذا ذكرت مي فلا حبذا هِيَا
وإلى ذلك أشار الناظم بقوله:
493-
ومثل نعم حبذا............
…
................................
ثم قال:
493-
...............................
…
وإن ترد ذما فقل لا حبذا
ودخول "لا في الذم على "حبذا" لا يخلو من إشكال، لأن "لا" لا تدخل على فعل ماض جامد، ولا تعمل في اسم إذا لم يكن جنسًا، ولا تكون غير مكررة إذا لم تعمل في الاسم الذي دخلت عليه إلا على قول أبي الحسن، وأبي العباس وهو ضعيف.
"ومذهب سيبويه أن "حَبَّ" فعل" ماض، "و"ذا" فاعل". وإليه أشار الناظم بقوله:
493-
................. الفاعل ذا
…
..............................
"وأنهما باقيان على أصلهما" من كونهما جملة فعلية ماضوية، لأن الأصل عدم التغيير، ولاقتصارهم على "حَبَّ" إذا عطف على "حبذا" كقوله1؛ وهو عبد الله
621- البيت بلا نسبة في أوضح المسالك 3/ 283، والدرر 2/ 287، وشرح التسهيل 3/ 26، وشرح عمدة الحافظ ص802، والمقاصد النحوية 4/ 16، وهمع الهوامع 2/ 89.
622-
البيت لذي الرمة في ملحق ديوانه ص1920، والدرر 2/ 287، ولكنزة أم شملة في ديوان الحماسة للمرزوقي ص1542، ولذي الرمة أو لكنزة أم شملة في المقاصد النحوية 4/ 12، وبلا نسبة في شرح ابن الناظم ص338، وشرح الأشموني 2/ 381، وشرح التسهيل 3/ 22، وهمع الهوامع 2/ 69.
1 في "ب": "لقوله".
ابن رواحة الأنصاري رضي الله عنه: [من الرجز]
623-
فحبذا ربا وحب دينا
أي: وحبذا دينًا1، فحذف "ذا" ولم يتغير المعنى، ولا يُفعل ذلك بنحو "إذ ما" وأخواته من المركبات التي تغير حكمها بالترتيب، وهو قول ابن درستويه وابن برهان وابن خروف وابن كيسان وابن مالك2.
قيل: ولا يصح نسبته لظاهر كلام سيبويه والخليل، لأن سيبويه قال3 حكاية عن الخليل: ولكن "ذا" و"حب" بمنزلة كلمة واحدة نحو: "لولا" وهو اسم مرفوع، ألا ترى أنك لا تقول لا للمؤنث: حبذه. انتهى.
والمخصوص على هذا المذهب مبتدأ، والجملة من الفعل والفاعل خبره، والرابط بينهما اسم الإشارة، وقيل: مبتدأ محذوف الخبر، وقيل: عكسه، وقيل: عطف بيان، وقيل: بدل، "وقيل: ركبا، وغلبت الفعلية لتقدم الفعل، فصار الجميع فعلا" ماضيًا، "وما بعده" من المخصوص "فاعل"، والجملة فعلية، "وقيل: ركبا، وغلبت الاسمية لشرف الاسم فصار الجميع اسمًا مبتدأ وما بعده" من المخصوص "خبره"، والجملة اسمية.
وأصل الخلاف قولان: التركيب وعدمه، وينشأ عن التركيب قولان: فعلية4 الجميع أو اسميته، ولكل دليل على مدعاه، فاستدل مدعي التركيب بإفراد الإشارة وبلزوم الإفراد والتذكير وبامتناع الفصل5، ثم استدل مدعي غلبة الفعلية؛ وهو الأخفش وخطاب؛ بتغليب الجزء الأول وتغليب الأكثر حروفًا، وسلامة مدعيها مما6 لزم مدعي
623- الرجز لابن رواحة في ديوانه ص107، ولسان العرب 14/ 67 "بدا"، والدرر 2/ 283، 284، والمقاصد النحوية 4/ 28، ولبعض الأنصار في شرح عمدة الحافظ ص802، وتاج العروس 1/ 138 "بدأ"، "بدى"، وجمهرة اللغة ص1019، وبلا نسبة في الارتشاف 3/ 31، وجمهرة اللغة ص1267، وشرح ابن الناظم ص340، وشرح الأشموني 2/ 382، وشرح التسهيل 3/ 24، والمخصص 10/ 42، وهمع الهوامع 2/ 88، 89.
1 قال ابن الناظم في شرحه 340: أي حبَّ عبادته دينًا. وذكر ضمير العبادة لتأولها بالدين والتعظيم.
2 انظر الارتشاف 3/ 29-31.
3 الكتاب 2/ 180.
4 في "ب": "بفعلية".
5 انظر شرح التسهيل 3/ 23.
6 في "ب": "ما".
الاسمية من شذوذ تخالف الخبر والمخبر عنه، ومن تمييز ما ليس بمبهم وهو الممدوح، وبقولهم لا تحبذه، فجاءوا لها بمضارع1.
واستدل مدعي غلبة الاسمية وهو المبرد في مقتضبه2 وابن السراج في أصوله3 والسيرافي في "شرح الكتاب" بأن الاسم أشرف، ويستقل به الكلام، ويقع فيه التركيب كثيرًا، وأما "تحبذه" فمضارع "حبذه" إذا قال له: حبذا.
"و" اختلف القائلون بعدم التركيب في علة كونه "لا يتغير "ذتا" عن الإفراد والتذكير، بل يقال": حبذا هند أو "حبذا الزيدان"، في تثنية المذكر، "أو الهندان" في تثنية المؤنث"، "أو" حبذا "الزيدون"، في جمع الذكور: "أو الهندات" في جمع الإناث، على ثلاثة أقوال: فقال ابن مالك4: "لأن ذلك كلام جرى مجرى المثل السائر" الذي لا يغير عن حالته في الاستعمال الأول. "ما في قولهم: الصيف ضيعت اللبن5. يقال لكل أحد"، مذكرًا كان أو مؤنثًا، مفردًا أو مثنى أو مجموعًا، "بكسر التاء وإفرادها"، لأنه في الأصل خطاب لامرأة كانت تحت رجل موسر، فكرهته لكبر سنه فطلقها، فتزوجها رجل شاب فقير، فبعثت إلى زوجها الأول تسترفده فقال لها هذا. والصيف: منصوب على الظرفية. قاله الجوهري. والمثَلُ، بفتح المثلثة: قول مركب مشهور، شبه مضربه بمورده.
"وقال ابن كيسان: لأن المشار إليه" مصدر "مضاف" إلى المخصوص، "محذوف، أي: حبذا حُسْنُ هند"، وكذلك الباقي6، ورده ابن العلج بأنه لم ينطق به في وقت7.
وقال الفارسي في البغداديات8: لأن "ذا" جنس شائع، فالتزم فيه الإفراد كفاعل نعم وبئس المضمر، ولهذا يجامع التمييز فيقال: حبذا زيد رجلا.
1 الارتشاف 3/ 29.
2 المقتضب 2/ 145.
3 الأصول 1/ 115.
4 شرح الكافية الشافية 2/ 1117.
5 المثل في مجمع الأمثال 2/ 68، والفاخر 111، وجمهرة الأمثال 1/ 324، 567، 575، والمستقصى 1/ 329، وكتاب الأمثال لابن سلام ص247.
6 سقط من "ب": "وكذلك الباقي".
7 شرح المرادي 3/ 110.
8 البغداديات ص49.
"ولا يتقدم المخصوص على: حبذا" فلا يقال: زيد حبذا، كما يقال: زيد نعم الرجل، "لما ذكرنا من أنه كلام جرى مجرى المثل"، وإلى ذلك أشار الناظم بقوله:
494-
وأول ذا المخصوص أيا كان لا
…
تعدل بذا فهو يضاهي المثلا
"وقال ابن بابشاذ1": إنما امتنع تقديم المخصوص على "حبذا""لئلا يتوهم أن في "حب" ضميرًا" مرفوعًا على الفاعلية يعود على المخصوص، "وأن "ذا" مفعول" به قال ابن مالك2: وتوهم هذا بعيد، فلا ينبغي أن يكون المنع من أجله. ثم علله بجريانه مجرى المثل، كما تقدم.
"تنبيه: إذا قلت: حب الرجل زيد، فـ: حب، هذه من باب: فعُلَ" المضموم العين "المتقدم ذكره" في الفصل قبله، "ويجوز في حائه3 الفتح" مع التخفيف4 وعدمه، "والضم" بنقل حركة العين إليها5 "كما تقدم" من أنه يجوز أن تسكن عينه، وأن تنقل حركته إلى فائه، وإن لم تكن الفاء حلقية، وإلى ذلك أشار الناظم بقوله:
495-
وما سوى ذا ارفع بحب أو فجر
…
بالبا..............................
"فإن قلت: حبذا، ففتح الحاء واجب" للتركيب، "إن جعلتهما كالكلمة الواحدة"، وإلا فجائز.
1 سقطت من "ب".
2 شرح التسهيل 3/ 27.
3 في "ب": "فائه".
4 في "ب": "الإدغام" مكان "التخفيف".
5 في "ب": "الحركة" مكان "حركة العين إليها".