الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب أفعَلِ التفضيل:
وهو الوصف المبني على أفعل لزيادة صاحبة على غيره في أصل الفعل، وأما خير وشر، في التفضيل، فأصلهما: أخير وأشر، فحذفت الهمزة بدليل ثبوتها في قراءة أبي قلابة:"مَنِ الْكَذَّابُ الْأَشَرُّ"[القمر: 26] بفتح الشين وتشديد الراء1، وقول الشاعر:[من الرجز]
624-
بلال خير الناس وابن الأخير
واختلف في سبب حذف الهمزة منهما، فقيل2: لكثرة الاستعمال، وقال الأخفش: لأنهما لما لم يشتقا من فعل خولف لفظهما، فعلى هذا فيهما شذوذان: حذف الهمزة، وكونهما لا فعل لهما، وأما قوله:[من البسيط]
625-
وزادني كلفا في الحب أن منعت
…
وحب شيء إلى الإنسان ما منعا
1 الرسم المصحفي: {الْأَشِرُ} ، والقراءة المستشهد بها قرأها أيضًا قتادة وأبو حيوة. انظر البحر المحيط 8/ 108، والكشاف 4/ 39، والمحتسب 2/ 299.
624-
الرجز بلا نسبة في الدرر 2/ 537، وشرح عمدة الحافظ ص770، وهمع الهوامع 2/ 166.
2 انظر الإنصاف 2/ 491، المسألة رقم 69، والمسائل العضديات ص264، المسألة رقم 109.
625-
البيت للأحوص في ديوانه ص153، والارتشاف 3/ 220، والأغاني 4/ 301، وتذكرة النحاة ص48، 604، والحماسة الشجرية 1/ 521، وشرح عمدة الحافظ ص770، والعقد الفريد 3/ 306، ولمجنون ليلى في ديوانه ص158، وبلا نسبة في الدرر 2/ 538، وشرح الأشموني 2/ 383، وشرح التسهيل 3/ 53، وعيون الأخبار 2/ 5، ولسان العرب 1/ 292 "حبب"، ونوادر أبي زيد ص27، وهمع الهوامع 2/ 166.
فضرورة، "إنما يصاغ التفضيل مما صيغ منه فعلا التعجيب"، وهو كل فعل ثلاثي متصرف تام مثبت قابل للتفاضل، مبني للفاعل، ليس الوصف منه على أفعل فعلاء. "فيقال" من باب "ضرب يضبب":"هو أضرب، و" من باب "علم يعلم": "أعلم، و" من باب فضل يفضل: هو "أفضل، كما يقال" في التعجب منها: "ما أضربه، و" ما "أعلمه، و" ما "أفضله"، وأعلم به وأفضل به، وإلى ذلك أشار الناظم بقوله:
496-
صغ من مصوغ منه للتعجيب
…
أفعل للتفضيل وأب اللذ أبي
"وشذ بناؤه من" اسم عين نحو: هو أحنك البعيرين، بنوه من الحنك، وهو اسم عين، والمعنى: آكلهما، أي: أشدهما أكلا، "ومن وصف لا فعل له كـ: هو أقمن به، أي: أحق"، بنوه من قولهم: هوم قمن، أي: حقيق، "و" هو "ألص من شظاظ"1 بنوه من قولهم: هو لص، بكسر اللام، أي: سارق. وشظاظ، بكسر الشين وبظاءين معجمتين2: اسم لص معروف من بني ضبة3، ونقل ابن القطاع له فعلا فقال4: يقال: لص، إذا أخذ المال خفية، فعلى هذا لا شذوذ.
"و" شذ بناؤه "مما زاد على ثلاثة كـ: هذا الكلام أخصر من غيره"، بنوه من "اختصر" فقيه شذوذان: كونه مبنيًّا للمفعول، وكونه زائدًا على الثلاثة، كما تقدم في التعجب [منه]5.
"وفي" بنائه من الفعل الماضي الذي على وزن "أفعل؛ المذاهب الثلاثة" المتقدمة في التعجب، فقيل: يجوز مطلقا، وقيل: يمتنع مطلقًا، وقيل، يجوز إن كانت الهمزة لغير النقل.
["وسُمع" شذوذًا على القول بالمنع مطلقًا، وعلى المنع في أحد شقي التفضيل: "هو أعطاهم للدراهم، وأولاهم للمعروف] 6، و" سُمع شذوذًا على الثاني:"هذا المكان أقفر7 من غيره".
1 المثل في مجمع الأمثال 2/ 257، وجمهرة الأمثال 2/ 180، والدرة الفاخرة 2/ 369، والمستقصى 1/ 328، وكتاب الأمثال لابن سلام ص366، وشرح ابن الناظم ص341.
2 سقط من "ب": "وبظاءين معجمتين".
3 في "ب": "ضمية".
4 كتاب الأفعال 3/ 144.
5 إضافة من "ط".
6 سقط ما بين المعكوفين من "ب".
7 في "ب": "أفقر".
"و" سمع بناؤه "من فعل المفعول كـ: هو أزهى من ديك1" بنوه من "زهي" بمعنى "تكبر". قال في الصحاح2: لا تتكلم به العرب إلا مبنيا للمفعول، وإن كان بمعنى الفاعل. وحكى ابن دريد3:"زها يزهو: أي: تكبر"، فعلى ما حكاه ابن دريد لا شذوذ فيه، لأنه من المبني للفاعل.
"و" سمع: "هو4 "أشغل من ذات النحيين"5 بنوه من "شغل" بالبناء للمفعول، والنحيين: تثنية نحي، بكسر النون وسكون الحاء المهملة: زق السمن، وذات النحيين: امرأة من بني تميم اللات بن ثعلبة، كانت تبيع السمن في الجاهلية، فأتى خوات بن جبير الأنصاري قبل إسلامه فساومها، فحلت نحيا منهما مملوءًا، فقال لها: أمسكيه حتى أنظر إلى غيره، ثم حل الآخر وقال: أمسكيه، فلما شغل يديها حاورها حتى قضى منها ما أراد وهرب، ثم أسلم خوات فشهد بدرًا رضي الله عنه.
"و" سمع: هو "أعني بحاجتك"6، بنوه من "عني" بالبناء للمفعول، وسمع فيه "عني" كـ: رضي، بالبناء للفاعل، فعلى هذا لا شذوذ فيه.
"وما توصل به إلى التعجب مما لا يتعجب منه بلفظه يتوصل به إلى التفضيل"، وإلى ذلك أشار الناظم بقوله:
497-
وما به إلى تعجب وصل
…
لمانع به إلى التفضيل صل
"ويجاء بعده بمصدر ذلك الفعل تمييزًا7: فيقال: هو أشد استخراجًا وحمرة"، ويستثنى من ذلك فاقد الصوغ8 للفاعل، والفاقد للإثبات، فإن أشد يأتي هناك ولا يأتي هنا، وذلك مستفاد من قول الموضح: ويجاء بمصدر ذلك الفعل تمييزًا، لأن المؤول بالمصدر معرفة والتمييز واجب التنكير، كما نبه عليه الموضح في الحواشي.
1 المثل في مجمع الأمثال 1/ 327، والمستقصى 1/ 151، والدرة الفاخرة 1/ 213، وشرح ابن الناظم 342.
2 الصحاح "زهي".
3 جمهرة اللغة 3/ 22.
4 في "ب": "سمع بناؤه من شغل بالبناء للمفعول نحو:".
5 المثل في مجمع الأمثال 1/ 376، وجمهرة الأمثال 1/ 538، 564، والدرة الفاخرة 1/ 236، والمستقصى 1/ 196، وفصل المقال ص503، وشرح ابن الناظم ص342.
6 شرح ابن الناظم ص342.
7 سقطت من"ب".
8 في "ب": المصوغ".
فصل:
"ولاسم التفضيل ثلاث حالات:
إحداها: إن يكون مجردًا من "أل" والإضافة، فيجب له حكمان:
أحدهما" في نفسه، وهو "أن يكون مفردًا مذكرًا دائمًا"، ولو كان مسندًا إلى مؤنث أو مثنى أو مجموع نحو قولك: زيد أفضل من عمرو، وهند أفضل من عمرو، والزيدان أفضل من عمرو1، والهندان أفضل من عمرو، والزيدون أفضل من عمرو، والهندات أفضل من عمرو، و"نحو" قوله تعالى: {لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ أَحَبُّ إِلَى أَبِينَا مِنَّا} [يوسف: 8] "ونحو" قوله تعالى: " {قُلْ إِنْ كَانَ آَبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ
…
} الآية"، إلى قوله:{أَحَبَّ إِلَيْكُمْ} [التوبة: 24] فأفرد في الآية الأولى مع الاثنين، وفي الآية الثانية مع الجماعة.
"ومن ثم" أي ومن أجل أن أفعل التفضيل إذا تجرد من "أل" والإضافة لزمه2 التذكير والإفراد3 "قيل في أُخَرَ"، بضم الهمزة، جمع أخرى أنثى آخر، بالفتح، ["إنه معدول عن آخر" الموازن لأفعل التفضيل، وليس من باب "أفعل التفضيل" حقيقة، لأنه لا يدل على] 4 مشاركة وزيادة، ولذلك لم يجعله ابن مالك من باب "أفعل" ولا ملحقا به، بل ملحقًا بالملحق به5، وهو "أول" لأنه به أنسب، لأنه أشبهه في الوزن، وكون معناه نسبيًّا، وكونه لا يدل على زيادة، وعلى الإلحاق به فهو يخالف باب "أفعل" في ثلاثة أمور:
1 سقط من "ب": "أفضل من عمرو".
2 في "ط": "لزم".
3 في "ب"، "ط":"الإفراد والتذكير".
4 سقط ما بين المعكوفين من "ب".
5 شرح التسهيل 3/ 64.
أحدهما: أنه يطابق، ولو كان نكرة.
الثاني: أنه لا يليه "مِنْ" لا لفظًا ولا تقديرًا.
الثالث: أنه لا يضاف.
"و" من ثم؛ أيضًا؛ قيل "في قول" أبي نواس الحسن "ابن هانئ" الحكمي يصف الخمرة: [من البسيط]
626-
كأن صغرى وكبرى من فقاقعها
…
حصباء در على أرض من الذهب
"إنه لحن"، حيث أنث1 "صغرى وكبرى" وكان حقه أن يقول: كأن أصغر وأكبر، بالتذكير. وأجيب "عنه"2 بأنه لم يقصد حقيقة المفاضلة، فهو كقول العروضيين، فاصلة صغرى، وفاصلة كبرى، وقول الفرزدق:[من الطويل]
627-
إذا غاب عنكم أسود الليل كنتم
…
كرامًا وأنتم ما أقام ألائم
أي: لئام. والفقاقع، بفتح الفاء والقاف، وبعد الألف قاف مكسورة وفي آخره عين مهملة: النفاخات التي تعلو وجه الخمرة.
وسبب تلقيبه بأبي نواس؛ بنون مضمومة بعدها واو لا همزة؛ أنه كان له ذؤابتان تنوسان: أي تتحركان3 على عاتقه.
"و" الحكم "الثاني" فيما بعد "أفْعَلَ""أن يؤتى بعده بـ"من" جارة للمفضول" كما تقدم من الأمثلة وهي عند المبرد وسيبويه لابتداء الارتفاع في نحو: "أفْضَلَ منه" وابتداء الانحطاط في نحو "شر منه".
626- البيت لأبي نواس في ديوانه ص72، وخزانة الأدب 8/ 277، 315، 318، وشرح قطر الندى ص316، وشرح المفضل 6/ 102، وبلا نسبة في شرح الأشموني 2/ 386، وشرح التسهيل 3/ 62، ومغني اللبيب 2/ 380.
1 بعده في "ب": "إنه".
2 إضافة من "ط".
627-
البيت للفرزدق في الارتشاف 3/ 225، وشرح شواهد المغني 2/ 799، والمقاصد النحوية 4/ 75، وليس في ديوانه، وتاج العروس "عين"، وبلا نسبة في أمالي القالي 1/ 171، 2/ 47، وجمهرة اللغة ص650، وخزانة الأدب 8/ 277، وسمط اللآلي ص430، وشرح الأشموني 2/ 388، ولسان العرب 1/ 231 "سود"، 12/ 381 "عتم"، ومعجم البلدان 1/ 193 "أسود العين"، ومغني اللبيب 2/ 381.
3 سقط من "ب": "أي تتحركان".
واعترضه ابن مالك بأنها لا تقع بعدها "إلى" واختار أنها للمجاوزة، فإن معنى "زيدُ أفضلُ من عَمْرو" جاوز زيدٌ عمرًا في الفضل1.
واعترضه في المغني2 بأنها لو كانت للمجاوزة لصح في موضعها "عن" ودُفع بأن صحة وقوع المُرادف موقع مرادفه إنما هو إذا لم منع مانع من ذلك3، وههنا منع مانع وهو الاستعمال، فإن اسم التفضيل لا يصاحب من حروف الجر إلا "مِنْ" خاصة.
"وقد تحذف "مِنْ"4 مع مجرورها" للعلم بها "نحو: {وَالْآَخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى} "[الأعلى: 17] أي: من الحياة الدنيا. "وقد جاء الإثبات والحذف في: {أَنَا أَكْثَرُ مِنْكَ مَالًا وَأَعَزُّ نَفَرًا} [الكهف: 34] أي: منك"، وإلى ذلك أشار الناظم بقوله:
498-
وأفعل التفضيل صله أبدا
…
تقديرا او لفظا بمن إن جردا
"وأكثر5 ما تحذف "من"" مع المفضول "إذا كان "أفعَلُ"6 خبرا" في الحال، أو في الأصل، فيشمل خبر المبتدأ وخبر "كان" و"إن" وثاني مفعولي "ظن" وثالث مفاعيل "أَعْلَمَ" نحو: زيد أفضل، وكان زيد أفضل، وإن زيدا أفضل، وظننت زيدا أفضل، وأعلمت زيدا عمرا7 أفضل. "ويقل" الحذف "إذا كان" أفعل "حالا، كقوله": [من الطويل] .
628-
دنوت وقد خلناك كالبدر أجملا
…
فظل فؤادي في هواك مضللا
فـ "أجمل" حال من تاء المخاطبة في "دنوت"، و"كالبدر" مفعول ثان لـ: خلناك، "أي:"دنوت أجمل من البدر" وقد خلناك مثله". قاله ابن مالك8 في شرح التسهيل9.
1 شرح التسهيل: 5/ 135-136.
2 مغني اللبيب: 1/ 321.
3 في "ب"، "ط":"إذا لم يمنع من ذلك مانع".
4 سقطت من "ب".
5 في "ط": "وكثر".
6 في "ب": "الفعل".
7 سقطت من "ب".
628-
البيت بلا نسبة في الارتشاف 3/ 229، وأوضح المسالك: 3/ 290، 389، وشرح الأشموني: 1/ 385، وشرح التفصيل: 3/ 57، وشرح ابن عقيل: 2/ 177، والمقاصد النحوية: 4/ 50.
8 في "ب": "قال".
9 شرح التسهيل: 3/ 57.
"أو" إذا كان أفْعَلُ1 "صفة، كقوله" وهو أحيحة بن الجلاح: [من الرجز]
629-
تروحي أجدر أن تقيلي
…
غدًا بجنبي بارد ظليل
فـ"أجدر" صفة لمحذوف هو وعامله المعطوف على "تروحي""أي: تروحي وائتي مكانًا أجدر من غيره، بأن تقيلي فيه" غدًا، قاله ابن مالك في شرح الكافية2، وفيه إشارة إلى أن الخطاب لناقته، وهو من "التروح" بمعنى الرواح وقت العشي، و"أجدر" بالجيم: أي أحق، وتقيلي: من القيلولة، وهو النوم وقت الظهيرة.
وقال العيني3: إن الخطاب للفسيل، وهي صغار النخل، من تروح النبت، إذا طال، وأنه كنى بالقيلولة عن نموها وزهوها، وادعى أن السوابق واللواحق تشهد لذلك، وجنبي: تثنية جنب، مضاف إلى "بارد" و"ظليل" وهما وصفان لموصوفين محذوفين، والأصل: بجنبي ماء بارد ظليل، وحذف العاطف.
"ويجب تقديم "من" ومجرورها عليه" أي: على أفعل، "إن كان المجرور" بـ"من""استفهامًا"، لأن الاستفهام له صدر الكلام، "نحو: أنت ممن أفضل؟ " فالأصل: أنت أفضل ممن؟ 4 فقدم "ممن" على عامله، وهو "أفضل" وإلى ذلك أشار الناظم بقوله:
502-
وإن تكن بتلو من مستفهما
…
فلهما كن أبدًا مقدما
وتمثيل الموضح أحسن من تمثيل الناظم بقوله:
503-
كمثل ممن أنت خير....
…
...............................
لما فيها من الفصل بين العامل ومعموله بأجنبي، لأن المبتدأ أجنبي من الخبر، بمعنى أنه ليس معمولا له على الصحيح، وسيأتي أنه لا يفصل بين أفعل و"من" بالمبتدأ، لأنهما بمنزلة المضاف والمضاف إليه. ولا يلزم من تمثيل الموضح تأخير ما له صدر الكلام عن صدريته، لأن ذلك إنما يمتنع بالنسبة إلى العامل فيه فقط، لا مطلقًا.
1 في "ب": "أفعل منه".
629-
الرجز لأحيحة بن الجلاح في المقاصد النحوية 4/ 36، وبلا نسبة في أوضح المسالك 3/ 291، وأمالي ابن الشجري 1/ 343، وخزانة الأدب 5/ 75، وشرح ابن الناظم ص343، وشرح الأشموني 2/ 385، وشرح التسهيل 3/ 75، وشرح الكافية الشافية 2/ 1130.
2 شرح الكافية الشافية 2/ 1130.
3 المقاصد النحوية 4/ 37.
4 في "ب": "من".
"أو" كان المجرور بـ"من""مضافًا إلى الاستفهام نحو: أنت من غلام من أفضل؟ " والأصل: أنت من غلام من؟ فقدمت "من" ومجرورها على "أفضل" لأن ما أضيف إلى ما له الصدر يستحق التصدير، وما أحسن قول الأمين المحلي في المفتاح:[من الطويل]
عليك بأرباب الصدور فمن غدا
…
مضافًا لأرباب الصدور تصدرا1
"وقد تتقدم2" من3 مع مجرورها على أفعل "في4 غير الاستفهام"، وهو الإخبار، "كقوله" وهو جرير:[من الطويل]
630-
إذا سايرت أسماء يومًا ظعينة
…
فأسماء من تلك الظعينة أملح
فالأصل: فأسماء أملح من تلك الظعينة، فقدم "من" ومجرورها على "أملح" وهو ضرورة عند الجمهور، ونادر عند الناظم حيث قال:
503-
..................... ولدى
…
إخبار التقديم نزرًا وردا
وذلك لأن أفعل عامل غير متصرف في نفسه، فلم يكن له أن يتصرف في معموله بالتقدم5 عليه كسائر العوامل غير المتصرفة.
"الحالة الثانية: أن يكون" أفعل مقرونًا "بـ"أل" فيجب له حكمان:
أحدهما: أن يكون مطابقًا لموصوفه" في التذكير والتأنيث، والإفراد والتثنية والجمع، وإلى ذلك6 أشار الناظم بقوله:
500-
وتلو ال طبق...............
…
................................
"نحو: زيد الأفضل وهند الفضلى والزيدان الأفضلان" والهندان الفضليان "والزيدون الأفضلون" أو الأفاضل "والهندات الفضليات أو الفضل" بضم الفاء وفتح
1 البيت في مغني اللبيب 2/ 515، وخزانة الأدب 5/ 104.
2 في "ب"، "ط":"تقدم".
3 سقطت من "ب".
4 في "ط": "إن".
630-
البيت لجرير في ديوانه ص835، وتذكرة النحاة ص47، وشرح عمدة الحافظ ص766، والمقاصد النحوية 4/ 52، وبلا نسبة في أوضح المسالك 3/ 293، وشرح الأشموني 2/ 389، وشرح ابن عقيل 2/ 186.
5 في "أ"، "ط":"بالتقديم"، وأثبت ما في "ب".
6 بعده في "ب": "وإليه".
الضاد المخففة كـ: الكُبَرُ، فيطابق موصوفه لزومًا، لأنه نقص شبهه بأفعل1 المتعجب به2 لاقترانه بـ"أل" ومع ذلك لا بد من ملاحظة السماع.
قال أبو سعيد علي بن مسعود في كتابه3 المستوفى4 ما ملخصه: ولا يستغنى في الجمع والتأنيث عن السماع، فإن الأشرف والأظرف لم يقل فيهما: الأشارف والشرفى والأظارف والظرفى، كما قيل ذلك في الأفضل والأطول، وكذلك الأكرم والأمجد، قيل فيهما: الأكارم والأماجد، ولم يسمع فيهما: الكرمى والمجدى. انتهى.
"و" الحكم "الثاني: أن لا يؤتى معه بـ: من" لأن "من" و"أل" يتعاقبان، فلا يجتمعان كـ"أل" والإضافة:"فأما قول" ميمون "الأعشى": [من السريع]
631-
ولست بالأكثر منهم حصى
…
وإنما العزة للكاثر
"فخرج" جمعه بين "أل" و"من""على زيادة: أل" في "الأكثر""أو على أنها"؛ أي: "من" ليست متعلقة بالأكثر المعرف بـ"أل" وإنما هي "متعلقة بـ"أكثر" نكرة"، حال كونه "محذوفًا مبدلا من "أكثر" المذكور" بدل نكرة من معرفة، والأصل: بالأكثر أكثر منهم، أو على أن "من" بمعنى "في" أي: فيهم، أو لبيان الجنس، أي: من بينهم، أو متعلقة بـ: ليس، لما فيه من رائحة قولك، انتفي واغتفر الفصل بين "أفعل" وتمييزه للضرورة. وحصى: تمييز، أي: عددًا، والكاثر: بمعنى الكثير.
الحالة "الثالثة: أن يكون" أفعَلُ5 "مضافًا: فإن كانت إضافته إلى نكرة لزمه أمران6: التذكير والتوحيد، كما يلزمان المجرد" من "أل" والإضافة "لاستوائهما
1 سقطت من "ب".
2 في "ب": "منه".
3 في "أ"، "ط":"كفاية"، والتصويب من "ب".
4 ورد مثل ذلك في الارتشاف 3/ 220.
631-
البيت للأعشى في ديوانه 193، وأوضح المسالك 3/ 295، وخزانة الأدب 1/ 185، 3/ 400، 8/ 250، 254، والخصائص 1/ 185، 3/ 236، وشرح شواهد الإيضاح ص351، وشرح شواهد المغني 2/ 902، وشرح المفصل 6/ 100، 103، ولسان العرب 5/ 132 "كثر"، 9/ 147 "سدف"، 14/ 183 "حصى"، ومغني اللبيب 2/ 572، والمقاصد النحوية 4/ 38، ونوادر أبي زيد ص25، وبلا نسبة في خزانة الأدب 2/ 11، وشرح ابن الناظم ص343، وشرح الأشموني 2/ 386، وشرح التسهيل 3/ 58، وشرح الكافية الشافية 2/ 1135، وشرح المفصل 3/ 6.
5 في "ب": "لفعل".
6 الكتاب 1/ 203.
في التنكير"، ولكونهما على معنى "من" وإلى ذلك أشار الناظم بقوله:
499-
وإن لمنكور يضف أو جردا
…
ألزم تذكيرًا وأن يوحدا
"ويلزم في1 المضاف إليه أن يطابق" الموصوف "نحو": زيد أفضل رجل، و"الزيدان أفضل رجلين، والزيدون أفضل رجال، وهند أفضل امرأة"، والهندان أفضل امرأتين، والهندات أفضل نساء، إذ قصد ثبوت المزية للأول على جنس المضاف إليه، واحدًا واحدًا، أو اثنين اثنين، أو جماعة جماعة.
والمعنى: زيد أفضل من جميع الرجال إذا فضلوا رجلا رجلا، والزيدان أفضل من جميع الرجال إذا فضلوا رجلين2 رجلين، والزيدان أفضل من جميع الرجال إذا فضلوا رجالا رجالا، وهند أفضل من جميع النساء إذا فضلن [امرأة امرأة، والهندان أفضل من جميع النساء إذا فضلن امرأتين امرأتين، والهندات أفضل من جميع النساء إذا فضلن] 3 نساء نسًاء.
فإن قلت: النكرة في سياق الإثبات لا تعم، فمن أين جاء العموم؟ قلت: أجيب عنه بأن العموم فيه باعتبار أصله إذ أصل "زيد أفضل رجل": زيد أفضل الناس إذا عدوا رجلا رجلا، وكذا الباقي. ولذلك صحت الإضافة، لأن أفعل لا يضاف إلا لما هو بعضه4.
"فأما" قوله تعالى: " {وَلَا تَكُونُوا أَوَّلَ كَافِرٍ بِهِ} "[البقرة: 41] بالإفراد، ومقتضى القاعدة "كافرين" بالجمع، ليطابق الواو في "تكونوا" فالجواب ما قاله المبرد: إنه على حذف الموصوف، "والتقدير: أول فريق كافر به".
وقال الفراء5: إنما وحد لأنه في معنى الفعل: أي: أول من كفر: ولو أريد به الاسم لم يجز إلا الجمع.
وقال محمد بن مسعود بن الزكي في كتاب "البديع": إن النكرة المضاف إليها اسم التفضيل يجب إفرادها، نحو، أنت أفضل رجل، وأنتما أفضل رجل، وأنتم أفضل رجل منه، {وَلَا تَكُونُوا أَوَّلَ كَافِرٍ بِهِ} [البقرة: 41] وذلك هو القياس، لأن النكرة تمييز له،
1 سقطت من "ط".
2 في "ب": "رجل لا رجالا".
3 سقط ما بين المعكوفين من "أ"، واستدرك من "ب"، "ط".
4 انظر شرح المرادي 3/ 125.
5 معاني القرآن للفراء 1/ 32-33.
وقد خفضت بالإضافة، فأشبه مائة رجل، وقد أجازوا قياسًا لا سماعًا أن تثنى وأن تجمع نحو: أنتما أفضل رجلين وأنتم أفضل رجال. انتهى. والمشهور ما عليه الجماعة من وجوب المطابقة في الإضافة إلى النكرة.
"وإن كانت الإضافة إلى معرفة" فهو ثلاثة أقسام:
قسم تقصد زيادته على ما أضيف إليه، وقسم يقصد به زيادة1 مطلقة، وقسم يؤول بما لا تفضيل فيه، "فإن أول أفعل بما لا تفضيل فيه"، أو قصد به زيادة مطلقة "وجبت المطابقة" للموصوف به تشبيهًا بالمعرف بـ"أل" في الأخلاء عن لفظ "من" ومعناها.
وقد يتواردان على مثال2 واحد "كقولهم: الناقص والأشج أعدلا بني مروان3"، فيحتمل "أعدلا" أن يؤول لما لا تفضيل فيه "أي: عادلاهم"، لأنهما لم يشاركهما أحد من بني مروان في العدل، ويحتمل أن يراد به زيادة مطلقة. والناقص: هو يزيد بن الوليد بن يزيد بن عبد الملك من مروان، لقب بذلك لأنه نقص أرزاق الجند. والأشج. بالشين المعجمة والجيم: هو عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه، لقب بذلك لأن بجبينه4 أثر شجة من دابة ضربته. وإلى ذلك أشار الناظم بقوله:
501-
............................. وإن
…
لم تنو فهو طبق ما به قرن
"وإن كان أفعل على أصله من إفادة المفاضلة" على ما أضيف5 إليه "جازت المطابقة" لشبهه بالمعرف بـ"أل""كقوله تعالى": {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ " أَكَابِرَ مُجْرِمِيهَا "} [الأنعام: 123] فـ: أكابر مفعول أول6 لـ"جعلنا"، و"في كل قرية" في موضوع المفعول الثاني، ومجرميها: مضاف إليه "أكابر"، ولو لم يطابق لقيل: أكبر مجرميها، "و" في بعض النسخ:" {هُمْ أَرَاذِلُنَا} "[هود: 37] ولو لم يطابق لقيل: "أرذُلنا".
1 في "ب": "زيادته".
2 في "ب": "محل".
3 من شواهد شرح ابن الناظم ص345، وشرح ابن عقيل 2/ 181.
4 في "ب": "بجنبيه".
5 في "أ": "وما أضيفت"، والتصويب من "ب"، "ط".
6 سقطت من "ب".
"و" جاز تركها" أي ترك المطابقة1؛ لشبهه بالمجرد لنية معنى "من" "كقوله تعالى: {وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ} " [البقرة: 96] فـ"أحرص" مفعول ثان لـ"تجد"، ولو طابق لقيل: أحرصي، بالياء، "وهذا" الوجه وهو؛ ترك المطابقة؛ "هو الغالب" في الاستعمال، "وابن السراج يوجبه" ويجعل أفعل فيه كالمجرد ويلزم الإفراد والتذكير، ويرده: {أَكَابِرَ مُجْرِمِيهَا} [الأنعام: 123] "فإن قدر "أكابر" مفعولا ثانيًا" لـ"جعلنا"، "و"مجرميها" مفعولا أول"؛ كما قال ابن عطية؛ "فيلزمه المطابقة في المجرد" من "أل" والإضافة، كما قال أبو حيان2، وإلى ذلك أشار الناظم بقوله:
502-
......................... وما لمعرفه
…
أضيف ذو وجهين عن ذي معرفه
هذا إذا نويت معنى "من".
وذكر صحب "الأمثال السائرة" أن أفعل يأتي في اللغة لنفي المعنى عن الشيئين، نحو قوله تعالى:{أَهُمْ خَيْرٌ أَمْ قَوْمُ تُبَّعٍ} [الدخان: 37] أي: لا خير في الفريقين. انتهى.
"مسألة": يتعلق بأفعل التفضيل حروف الجر على نحو تعلقها بـ"أفعل" التعجب، وأما الخفض به فيجوز إن كان المخفوض كلا وأفعل بعضه، وعكسه3، وأما النصب به فيمتنع منه المفعول به ومعه3 والمطلق مطلقًا3، والتمييز إن لم يكن فاعلا معنى، إلا إن كان أفعل مضافًا إلى غيره، ويجوز الباقي.
وأما الرفع به "فإنه يرفع أفعَلُ التفضيل الضمير المستتر في كل لغة، نحو: زيدٌ أفضل"، ففي "أفضل" ضمير مستتر مرفوع على الفاعلية يعود إلى "زيد""و" يرفع "الضمير المنفصل والاسم الظاهر في لغة قليلة" حكاها سيبويه4، وأشار إليها الناظم بقوله:
504-
ورفعه الظاهر نزر.............
…
..................................
"كـ: مررت برجل أفضل منه أبوه، أو" أفضل منه "أنت"، بخفض أفضل بالفتحة
1 سقط من "ب" قوله: "الوجه؛ وهو ترك المطابقة".
2 الارتشاف 3/ 224.
3 سقطت من "ب".
4 الكتاب 2/ 26.
على أنه صفة لـ"رجل" ويرفع الأب أو "أنت" على الفاعلية بـ"أفضل" على معنى فاقه في الفضل أبوه أو "أنت" وأكثر العرب يوجب رفع أفضل في ذلك على أنه خبر مقدم، وأبوه أو "أنت" مبتدأ مؤخر، وفاعل أفضل1: ضمير مستتر فيه عائد على المبتدأ، والجملة من المتبدأ والخبر في موضع خفض نعت لـ: رجل، ورابطها الضمير المجرور بـ"من".
"ويطرد ذلك" الرفع للظاهر "إذا حَلَّ" أفعل التفضيل "محل الفعل" مع موافقة المعنى، والفعل يرفع الظاهر، فكذلك ما حل محله، وإلى ذلك أشار الناظم بقوله:
504-
................... ومتى
…
عاقب فعلا فكثيرًا ثبتا
"وذلك إذا2 كان أفعل صفة لاسم جنس، و"سبقه نفي، وكان مرفوعه أجنبيًّا"، وهو ما ليس ملتبسًا3 بضمير الموصوف به، "مفضلا" ذلك الأجنبي "على نفسه باعتبارين" مختلفين، "نحو" قول العرب: "ما رأيت رجلا أحسن في عينه الكحل منه في عين زيد4"، فـ "أحسن" أفعل تفضيل، وهو صفة لـ"رجلا" وهو5 اسم جنس مسبوق بنفي، ومرفوعه "الكحل" وهو أجنبي من المصوف لكونه لم يتصل بضميره، والكحل مفضل على نفسه باعتبار محلين مختلفين، فباعتبار كونه في عين زيد فاضلا، وباعتبار كونه في عين غيره مفضولا.
والمعنى أن الكحل في عين زيد أحسن من نفسه في عين غيره6 من الرجال. ونظيره قول الأصوليين: الواحد بالشخص يكون له جهتان كالصلاة في الدار المغصوبة.
والسبب في اطراد رفع [أفعل التفضيل الاسم الظاهر في مثل] 7 هذا المثال، تهيئته بالقرائن التي قارنته لمعاقبة8 الفعل على وجه لا يكون بدونها، "فإنه يجوز أن يقال: ما رأيت رجلا يحسن في عينه الكحل كحسنه في عين زيد"، فيؤتى بالفعل، وهو
1 في "ب": "أفعل".
2 في "ب": "أنه إذا".
3 في "أ"، "ب":"متلبسًا"، والتصويب من "ط".
4 انظر مثل ذلك في شرح ابن الناظم ص346-347.
5 في "ب": "ورجل".
6 في "ب": "غير زيد".
7 ما بين المعكوفين سقط من "ب".
8 في "ب": "لمعاقبته".
"يحسن" مكان أفعل التفضيل، وهو "أحسن" ولا يتغير المعنى، قاله ابن مالك1، وناقشه أبو حيان في ذلك2.
"والأصل أن يقع هذا" الاسم "الظاهر" المرفوع بأفعل التفضيل "بين ضميرين: أولهما للموصوف" بأفعل التفضيل، وهو الهاء في "عينه"، و"ثانيهما للظاهر"، وهو الهاء في "منه" فيكون المفضول مذكورًا، كما مثلنا.
وقد يحذف الضمير الأول العائد إلى الموصوف للعلم به، نحو: ما رأيت رجلا أحسن الكحل منه في عين زيد، والمقدر كالملفوظ، "وقد يحذف الضمير الثاني" العائد إلى "الكحل" فيكون المفضول مقدرًا.
"وتدخل: من" الجارة للمفضول "إما على الاسم الظاهر"، وهو "الكحل" في مثالنا، "أو" تدخل "على محله"، أي محل الكحل وهو العين، "أو" تدخل "على ذي المحل" وهو زيد، "فتقول": ما رأيت رجلا أحسن في عينه الكحل "من كحل عين زيد"، بدخول "من" على الاسم الظاهر، وهو الكحل، "أو": ما رأيت رجلا أحسن في عينه الكحل "من عين زيد"، بدخول "من" على محل الكحل، وهو العين، "أو": ما رأيت رجلا أحسن في عينه الكحل "من زيد" بدخول "من" على ذي المحل، وهو زيد "فتحذف مضافًا" إذا أدخلت "من" على المحل، وهو العين "أو مضافين" إذا أدخلت "من" على ذي المحل وهو زيد.
"وقد لا يؤتى" بعد الاسم الظاهر "المرفوع بشيء" أصلا، وذلك إذا تقدم المفضل على أفعل التفضيل، فيستغنى عما بعد المرفوع، "فتقول: ما رأيت كعين زيد أحسن فيها الكحل"، فتحذف ضمير "الكحل" ومحله وصاحب محله اختصارًا.
وربما أدخلوا "من" على غير المفضول لفظًا، "وقالوا: ما أحد أحسن به الجميل من زيد، والأصل: ما أحد أحسن به الجميل من حسن الجميل بزيد"، فـ"الجميل الثاني" هو المفضول، وهو "الجميل الأول"، "ثم [إنهم] 3 أضافوا الجميل إلى زيد لملابسته إياه" في المعنى، فصار التقدير: من جميل زيد، "ثم حذفوا المضاف"، وهو "جميل" وأقاموا المضاف إليه، وهو "زيد" مقامه، فصار: من زيد، "ومثله" قول الناظم:
1 شرح التسهيل 3/ 67.
2 الارتشاف 3/ 235، وانظر شرح ابن الناظم ص348.
3 إضافة من "ب"، "ط".
505-
كلن ترى في الناس من رفيق
…
أولى به الفضل من الصديق
"والأصل: من ولاية الفضل1 بالصديق"، فـ: الفضل الثاني هو المفضول، وهو الفضل الأول. "ثم" إنهم أضافوا الفضل إلى الصديق لملابسته له في المعنى، فصار التقدير:"من فضل الصديق"، ثم حذفوا المضاف، وهو الفضل2 الثاني3، وأقاموا المضاف إليه وهو "الصديق" مقامه فصار:"من الصديق".
وهذا المثال داخل تحت القاعدة، فإن الاسم الظاهر وهو الفضل أجنبي مسبوق بنفي بـ"لن"، مكتنف بضميرين: أولهما ضمير الموصوف، وهو الهاء من "به".
والثاني ضمير الاسم الظاهر، وقد حذف، والأصل: أولى4 به الفضل منه بالصديق.
والحاصل أن الضميرين تارة يكونان مذكورين: وتارة يكونان محذوفين، وتارة يذكر أحدهما ويحذف الآخر، وإذا حذف ضمير المفضول لم يلزم حذف ضمير الموصوف وبالعكس.
ولما لم يمكنهم أن يجعلوا الاسم الظاهر مبتدأ لئلا يفصلوا به بين أفعل التفضيل و"من" وذلك لا يجوز، رفعوه5 على الفاعلية، وشرطوا تقدم النفي عليه، وقاس عليه ابن مالك في شرح التسهيل6 النهي والاستفهام، وتبعه الموضح في شرح القطر7 ولم يرد به سماع، فالأولى الاقتصار على ما قالته العرب.
1 في "ط": "ولايته للفضل".
2 في "ط": "وهو فضل".
3 سقطت من "ب"، "ط".
4 في "ب": "والأولى".
5 في "ب": "رفعه".
6 شرح التسهيل 3/ 68.
7 شرح قطر الندى ص283.