الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل الثالث في أقسام تابع المنادى المبني وأحكامه:
أقسامه أربعة:
أحدها: ما يجب نصبه مراعاة لمحل المنادى"، فإن محله نصب، "وهو ما اجتمع فيه أمران: أحدهما: أن يكون" التابع "نعتًا أو بيانًا أو توكيدًا". "و" الأمر "الثاني: أن يكون" التابع مضافًا "مجردًا من: أل".
فالنعت "نحو: يا زيد صاحب عمرو، و" البيان نحو: "يا زيد أبا عبد الله، و" التوكيد نحو: "يا تميم كلهم أو كلكم"، بنصب "صاحب، وأبا، وكل" وجوبًا، وحكي عن جماعة من الكوفيين منهم الكسائي والفراء والطوال جواز رفع المضاف من نعت وتوكيد، وتبعهم ابن الأنباري. وإن كان مع تابع المنادى ضمير جيء به دالا على الغيبة باعتبار الأصل نحو: يا تميم كلهم، وعلى الحضور باعتبار الحال، نحو: يا تميم كلكم، وقد اجتمعا في قوله:[من الطويل]
706-
فيا أيها المهدي الخنا من كلامه
…
كأنك يضغو في إزارك خرنق
ويضغو، بضاد وغين معجمتين: يصوت، وخرنق، بكسر الخاء المعجمة، والنون: ولد الأرنب1. وفيه رد على الأخفش حيث منع مراعاة الحال وقال: وأما قولهم: يا تميم كلكم، فإن رفعوه فهو مبتدأ وخبره محذوف، أي: كلكم مدعو، وإن نصبوه فبفعل2 محذوف اي: كلكم دعوت. وإلى نصب التابع المضاف أشار الناظم بقوله:
585-
تابع ذي الضم المضاف دون أل
…
ألزمه نصبا........................
706- البيت بلا نسبة في الدرر 2/ 473، وهمع الهوامع 2/ 143.
1 في "أ"، "ب":"الثعلب"، والتصويب من "ط"، ولسان العرب 10/ 78 "خرنق".
2 في "ب": "فبعامل".
"و" القسم "الثاني: ما يجب رفعه مراعاة للفظ المنادى، وهو نعت: أي" في التذكير "و: أية" في التأنيث، "ونعت اسم الإشارة" فيهما "إذا كان اسم الإشارة وصلة لندائه" أي لنداء نعته "نحو:{يَا أَيُّهَا النَّاسُ} " [البقرة: 21] "و: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ} " [الفجر: 27] فـ"أي" و"أية" مبنيان على الضم لكون كل منهما منادى مفردًا، و"ها" التنبيه فيهما زائدة لازمة للفظ "أي" و"أية" عوضًا عن المضاف إليه، مفتوحة الهاء، ويجوز ضمها إذا لم يكن بعدها اسم إشارة على لغة بني مالك من بني أسد، وقد قرئ1 بهما، و"الناس، والنفس": مرفوعان على التبعية وجوبًا مراعاة للفظ "أي، وأية" وإنما جاز الرفع مراعاة للفظ مع أن المتبوع مبني، لأنه مشبه للمعرب في حدوث ضمه بسبب الداخل عليه، وكذا تقول2 في أمثاله، وإلى ذلك أشار الناظم بقوله:
588-
وأيها مصحوب أل بعد صفه
…
يلزم بالرفع...................
"و" نحو "قولك: يا هذا الرجل" ويا هذه المرأة "إن كان المراد أولا نداء الرجل" والمرأة. وإنما3 أتيت باسم الإشارة وصلة لندائهما فيجب رفع نعتهما مراعاة للضم المقدر في اسم الإشارة. وإنما لزم رفعهما لأنهما المقصودان بالنداء، والمنادى المفرد لا ينصب، وإلى ذلك أشار الناظم بقوله:
590-
وذو إشارة كأي في الصفه
…
إن كان تركها يفيت المعرفه
وإن كان المراد نداء اسم الإشارة دونهما جاز فيهما الرفع والنصب على ما سيأتي.
"ولا يوصف اسم الإشارة أبدًا" في هذا الباب وغيره "إلا بما فيه: أل"، نحو: مررت بهذا الرجل، وجوزوا فيه أن يكون بيانًا لاسم الإشارة، واستشكله ابن عصفور بأن البيان يشترط فيه أن يكون أعرف من المبين، والنعت لا يكون أعرف من المنعوت، فكيف يكون الشيء أعرف وغير أعرف؟
وأجاب4 بأنه إذا قدر بيانًا قدرت "أل" فيه لتعريف الحضور، فهو يفيد الجنس والحضور بدخول "أل"، والإشارة إنما تدل على الحضور دون الجنس، وإذا قدر نعتًا قدرت
1 هي قراءة ابن عامر لقوله تعالى: {أَيُّهَا الثَّقَلَانِ} . انظر الإتحاف ص406، والنشر 2/ 142، وفي حاشية يس 2/ 174:"فوجهها؛ أي قراءة ابن عامر؛ أن هذا الحرف إذا تقدم كالجزء من الكلمة، حتى دخل عليه العوامل نحو بهذا، فلما جرى أولا مجرى الجزء جرى ذلك المجرى آخرًا فحذفت ألفه".
2 في "ب": "ط": "القول".
3 سقطت من "ب".
4 مغني اللبيب 1/ 51.
"أل" فيه للعهد. فالمعنى: مررت بهذا، وهو الرجل المعهود بيننا، فلا دلالة فيه على الحضور، والإشارة تدل عليه فكانت أعرف. قال1: وهذا معنى كلام سيبويه.
"ولا توصف "أي" و"أية" في هذا الباب" المعقود للنداء إلا بما فيه "أل" من معرف بها أو موصوف، فيقال: يا أيها الرجل ويا أيتها المرأة. و: {يَا أَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ} [الحجر: 15] ويا أيتها التي قامت. ولا يقال: يا أيها الحارث أو الصعق2 مما هي فيه للمح الأصل أو الغلبة.
"أو باسم الإشارة" العاري من كاف الخطاب "نحو3: يا أيهذا الرجل"، ولا يجوز: يا أيها ذلك الرجل، خلافًا لابن كيسان، وإلى ذلك أشار الناظم بقوله:
589-
وأيهذا أيها الذي ورد
…
ووصف أي بسوى هذا يرد
"و" القسم "الثالث: ما يجوز رفعه ونصبه"؛ فالنصب إتباعًا لمحل المنادى، والرفع على تشبيه لفظ المنادى بالمرفوع تنزيلا لحركة البناء العارضة بسبب دخول حرف النداء منزلة حركة الإعراب بسبب دخول العامل. ومقتضى هذ التنزيل أن يكون حرف النداء هو الرافع للتابع بناء على أن العامل في التابع هو العامل في المتبوع في غير البدل، وإلا فأين الرفع؟ والقول: إن الرافع التبعية قول ضعيف لا يحسن التخريج عليه.
والمخلص من ربقة هذا الإشكال أن يحاول في المنادى المضموم أن يكون نائب فاعل في المعنى والتقدير: مدعو زيد، فرفع تابعه بالحمل على ذلك. "وهو نوعان:
أحدهما: النعت المضاف المقرون بـ"أل" نحو: يا زيد الحسن الوجه" برفع الحسن ونصبه على ما قررنا.
"و" النوع "الثاني: ما كان مفردًا من نعت أو بيان أو توكيد أو كان معطوفًا"4 مقرونا بـ"أل".
فالنعت "نحو: يا زيد الحسن" بالرفع "والحسن"، بالنصب، "و" البيان نحو:"يا غلام بشر"، بالرفع، "وبشرًا"، بالنصب، "و" التوكيد نحو:"يا تميم أجمعون"، بالرفع، "وأجميعن"، بالنصب، "و" المعطوف المقرون بـ"أل" كقولك:
1 مغني اللبيب 1/ 51.
2 ف "ب": "الصعة".
3 سقطت من "ب".
4 في "ب": "مقطوعًا".
يا زيد والضحاك، وإلى ذلك أشار الناظم بقوله:
586-
وما سواه ارفع أو انصب....
…
.................................
وكما "قال الله تعالى: {يَا جِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ} [سبأ: 10] قرأه السبعة بالنصب" عطفًا على محل الجبال1، "واختاره أبو عمرو" بن العلاء "وعيسى" بن عمر الثقفي ويونس والجرمي، "وقرئ" في غير السبع "بالرفع" عطفًا على لفظ الجبال، "واختاره الخليل وسيبويه" والمازني2، "وقدروا النصب" في "الطير"3 "على العطف على "فضلا" من قوله تعالى:{وَلَقَدْ آَتَيْنَا دَاوُودَ مِنَّا فَضْلًا} " [سبأ: 10] والتقدير: وآتيناه الطير، وجملة النداء معترضة بين المتعاطفين.
"وقال المبرد4: إن كانت: أل" في المعطوف "للتعريف مثلها في "الطير"، فالمختار النصب" في المعطوف، "أو لغيره"، وهي الزائدة "مثلها في {الْيَسَعَ} [الأنعام: 86] فالمختار الرفع". وجه اختيار الرفع مشاكلة الحركة وحكاية سيبويه أنه أكثر5، ووجه اختيار النصب أن ما فيه "أل" لم يجز أن يلي حرف النداء، فلم يجعل لفظه كلفظ ما وليه، ولذلك قرأ جميع القراء ما عدا الأعرج بنصب "الطير".
ووجه التفصيل أن "أل" في نحو: "اليسع" لم تفد تعريفًا فكأنها ليست فيه، فـ:"يا زيد واليسع" مثل "يا زيد ويسع"، و"أل" في نحو "الطير" مؤثرة تعريفًا وتركيبا ما، فأشبه ما هي فيه المضاف، وإلى ذلك أشار الناظم بقوله:
587-
وإن يكن مصحوب أل ما نسقا
…
ففيه وجهان ورفع ينتقى
1 انظر شرح ابن الناظم ص409.
2 انظر أوضح المسالك 4/ 36، والدرر 2/ 472، والتسهيل ص181-182، وشرح ابن عقيل 2/ 268، وشرح الكافية الشافية 3/ 1314، وشرح المفصل 2/ 2-3، والكتاب 2/ 187، وشرح ابن الناظم ص409، والمقتضب 2/ 212، 213.
3 الرسم المصحفي: {وَالطَّيْرَ} بالنصب، وقرأها "والطيرُ"؛ بالرفع: أبو عمرو وعاصم والسلمي وابن هرمز وأبو يحيى وأبو نوفل ويعقوب وابن أبي عبلة وروح ونصر وعبيد بن عمير. انظر الإتحاف ص358، والبحر المحيط 7/ 263، والقراءة المستشهد بها من شواهد أوضح المسالك 4/ 36، والدرر 2/ 472، وشرح ابن الناظم ص409، وشرح ابن عقيل 2/ 268، وشرح المفصل 2/ 2-3، والكتاب 2/ 187.
4 المقتضب 2/ 212-213.
5 الكتاب 2/ 186-187.
"و" القسم "الرابع: ما يعطى" حال كونه "تابعًا ما يستحقه إذا كان منادى مستقلًا، وهو البدل والمنسوق والمجرد من: أل" فيضم إن كان مفردًا، وينصب إن كان مضافا، وإلى ذلك أشار الناظم بقوله:
586-
.................. واجعلا
…
كمستقبل نسقا وبدلا
وذلك "لأن البدل في نية تكرار العامل، والعاطف كالنائب عن العامل، تقول" في البدل المفرد: "يا زيد بشر، بالضم" من غير تنوين: يا بشر، "وكذلك" تقول في المنسوق المفرد المجرد من "أل":"يا زيد وبشر" بالضم من غير تنوين، كما تقول يا بشر.
"وتقول" في البدل المضاف: "يا زيد أبا عبد الله" بالنصب، كما تقول: يا أبا عبد الله، "وكذلك" في المنسوق والمضاف والمجرد من "أل":"يا زيد وأبا عبد" الله، بالنصب، كما تقول: يا أبا عبد الله.
"وهكذا حكمهما"، أي البدل والمنسوق المجردين من "أل"، "مع المنادى المنصوب"، فيضمان إن كان مفردين وينصبان إن كان مضافين، تقول: يا أبا عبد الله بشر ويا عبد الله وبشر، بضم بشر فيهما، ويا عبد الله أخا زيد، ويا عبد الله وأخا زيد، بنصب الأخ فيهما.
قال في التسهيل1: خلافًا للمازني والكوفيين في تجويز: يا زيد وعمرًا، وقال في شرح التسهيل2: أجروا المنسوق العاري من "أل" مجرى المقرون بها.
قال: وما رواه غير بعيد من الصحة إذا لم ينو إعادة "يا" فإن المتكلم قد يقصد إيقاع نداء واحد على اسمين، كما يقصد أن يشتركا في عامل واحد. ا. هـ.
1 التسهيل ص181.
2 شرح التسهيل 3/ 402.