الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب الحذف:
"وفيه ثلاث مسائل:
إحداها: تتعلق1 بالحرف الزائد، وذلك أن الفعل إذا كان على وزن "أفعل" فإن الهمزة تحذف في أمثلة مضارعه، ومثالي وصفه، أعني وصفي الفاعل والمفعول"، لأن حروف المضارع هي حروف الماضي بزيادة أحرف المضارعة، فحذفوا الهمزة لاجتماع الهمزتين في نحو: "أأكرم"، ثم حملوا بقية أخواته ووصفي الفاعل، والمفعول عليه، "تقول: أكرم ونكرم وتكرم ويكرم ومكرم" بكسر الراء "ومكرم" بفتحها وأصله: "أأكرم ونؤكرم ويؤكرم ومؤكرِم ومؤكرَم"، فحذفت الهمزة في الجميع، وإلى ذلك أشار الناظم بقوله:
989-
وحذف همزة أفعل استمر في
…
مضارع وبنيتي متصف
"وشذ قوله"، وهو أبو حيان الفقعسي:[من الرجز]
970-
فإنه أهل ألن يؤكرما
فأثبت الهمزة واستعمل الأصل المرفوض.
1 في "ب": "ما تتعلق".
970-
الرجز بلا نسبة في لسان العرب 1/ 435 "رنب"، 12/ 512 "كرم"، والإنصاف 1/ 11، وأوضح المسالك 4/ 406، وخزانة الأدب 2/ 316، والخصائص 1/ 144، والدرر 2/ 577، وشرح ابن الناظم ص616، وشرح الأشموني 3/ 887، وشرح شافية ابن الحاجب 1/ 139، وشرح شواهد الشافية ص58، والمقاصد النحوية 4/ 578، والمقتضب 2/ 98، والمنصف 1/ 37، 192، 2/ 184، وهمع الهوامع 2/ 218، وتاج العروس 2/ 534 "رنب"، "كرم"، والمخصص 16/ 108.
"المسألة الثانية: تتعلق بفاء الفعل"، وهي المشار إليها بقوله:
988-
فا أمر او مضارع من كوعد
…
احذف وفي كعدة ذاك اطرد
"وذلك أن الفعل إذا كان ثلاثيًّا، واوي الفاء، مفتوح العين" في الماضي، مكسورها في المضارع"، الأربعة، "وفي الأمر، وفي المصدر المبني على "فعلة" بكسر الفاء"، وسكون العين.
"ويجب في المصدر تعويض الهاء من المحذوف، تقول" في المضارع للغائب: "يعد"، والأصل "يوعد"، حذفت فاؤه، وهي الواو استثقالا لوقوعها ساكنة بين ياء مفتوحة وكسرة لازمة، وحمل على ذي الياء أخواته. "و" هي:"نعد، وتعد، وأعد، و" أمره، ومصدره الكائن على "فعلة" بكسر الفاء وسكون العين، تقول:"يا زيد عد عدة"، وأصل "عدة: وعد" بكسر الواو، وسكون العين، كما صرحوا به، فحذفت فاؤه، وحركت عينه بحركة فائه، وهي الكسرة ليكون بقاء كسرة الفاء دليلا عليها، وعوض من الفاء تاء التأنيث، ولذلك لا يكادان يجتمعان، ولحذف الواو من المضارع ثلاثة شروط.
أحدها: [أن تكون الياء مفتوحة، فلا يحذف من "يوعد"، مضارع، "أوعد".
ثانيها] 1: أن تكون عينه مكسورة، فلو كانت مفتوحة، أو مضمومة نحو:"يولد، ويوضؤ" لم يحذف، وشذ:"يجد" بضم الجيم في لغة عامرية، و"يدع، ويذر" مبنيين للمفعول في لغة من وجهين، ضم الياء وفتح العين، وشذ "يسع" من وجهين، كون ماضيه مكسور العين، وكون مضارعه مفتوحًا، وحذفت من "يطأ، ويضع، ويقع، ويدع"، لأنها في الأصل بكسر العين في المضارع ففتحت لأجل حرف الحلق.
وثالثها: أن يكون ذلك في فعل، فلو كان في اسم لم تحذف "الواو كـ"يوعيد"2، مثل: "يقطين" من "وعد"، ولحذف الواو من "فعلة" بكسر الفاء شرطان:
أحدهما: أن تكون مصدرًا كـ"عدة" فلو كانت غير مصدر لم تحذف واوها، وشذ نحو:"رقة" للفضة، و"حشة" للأرض الموحشة.
والثاني: ألا يكون لبيان الهيئة نحو: "الوعدة، والوقعة" المقصود بهما الهيئة، فلا تحذف واوهما للالتباس، "وأما: الوجهة، فاسم" للمكان المتوجه إليه، فهي "بمعنى:
1 سقط ما بين المعكوفين من "ب".
2 في "ب": "كوعيد".
الجهة، لا" اسم مصدر "للتوجه"، قاله المازني1 والمبرد2 والفارسي3، فعلى هذا لا شذوذ في إثبات واوه، لأنه ليس بمصدر، وذهب قوم إلى أنه مصدر، وهو الذي يظهر من كلام سيبويه4، ونسب إلى المازني أيضًا.
وعلى هذا فإثبات الواو فيه شاذ، والمسوغ لإثباتها فيه دون غيره من المصادر أنه مصدر غير جار على فعله، إذ لا يحفظ "وجه يجه" فلما فقد مضارعه لم يحذف منه، إذ لا موجب لحذفها منه إلا حمله على مضارعه، ولا مضارع له، والفعل المستعمل منه:"توجه، واتجه" والمصدر الجاري عليه: "التوجه"، فحذفت زوائده وقيل:"وجهة".
ورجح الشلوبين القول بأنه مصدر، فقال5، لأن "وجهة، وجهة" بمعنى واحد، فلا يمكن أن يقال في "جهة"، إنها اسم لمكان، إذ لا يبقى للحذف وجه.
وفهم من تخصيص هذا الحذف بما فاؤه واو أن ما فاؤه ياء لاحظ له في هذا الحذف، إلا ما شذ من قول العرب:"يئس"، مضارع "يأس"، أصله:"ييئس"، فحذفت الياء، و"يسر"، مضارع "يسر"، أصله:"ييسر".
"وقد تترك تاء المصدر" إذا أضيف "شذوذًا كقوله"، وهو أبو أمية الفضل ابن عباس بن عتبة بن أبي لهب:[من البسيط]
971-
إن الخليط أجدوا البين فانجردوا
…
وأخلفوك عد الأمر الذي وعدوا
قال الفراء6، أرد عدة الأمر، فحذف تاء التأنيث عند الإضافة شذوذًا وخرجه خالد بن كلثوم على أن "عدى" جمع "عدوة" و"العدوة"، الناحية، كأنه أراد نواحي الأمر.
1 التصريف 1/ 200.
2 المقتضب 1/ 89، 2/ 130.
3 الحجة 2/ 243.
4 الكتاب 4/ 337.
5 شرح المرادي 6/ 97، وانظر حاشية الصبان 4/ 343.
971-
البيت للفضل بن عباس في شرح شواهد الشافية ص64، ولسان العرب 1/ 651 "غلب" 7/ 293 "خلط"، والمقاصد النحوية 4/ 572، وبلا نسبة في الارتشاف 1/ 118، والأشباه والنظائر 5/ 241، وأوضح المسالك 4/ 407، والخصائص 3/ 171، وشرح ابن الناظم ص612، وشرح الأشموني 2/ 304، وشرح عمدة الحافظ 486، وعمدة الحفاظ "خلط"، واللسان 3/ 462 "وعد".
6 معاني القرآن 2/ 319.
"المسألة الثالثة: تتعلق بعين الفعل"، وهي المشار إليها بقول الناظم:
990-
ظلت وظلت في ظللت استعملا
…
وقرن في اقررن وقرن نقلا
"وذلك أن الفعل إذا كان ثلاثيًّا مكسور العين، وعينه ولامه من جنس واحد، فإنه يستعمل في حال إسناده إلى الضمير المتحرك على ثلاثة أوجه: تاما، ومحذوف العين بعد نقل حركتها" إلى الفاء، "ومع ترك النقل، وذلك في نحو: ظل، تقول" إذا أسندته إلى ضمير رفع متحرك: "ظللت" بالإتمام، وفك الإدغام لالتقاء الساكنين، و"ظلت"، بكسر الفاء، "وظلت"، بفتحها، وحذف اللام الأولى منهما لتعذر الإدغام مع اجتماع المثلين لاتصال الضمير، والتخفيف مطلوب، واختصت اللام الأولى؛ وهي العين؛ بالحذف، لأنها تدغم، وقيل: المحذوف الثانية، لأن الثقل إنما يحصل عندها، أما فتح الفاء فلأنه لما حذفت اللام مع حركتها بقيت الفاء مفتوحة، وأما الكسر فلأنه لما نقل حركة اللام إلى الطاء بعد إسكانها، وحذفت اللام، بقيت الفاء مكسورة. "وكذلك" تقول "في""ظللنا، وظللت، وظللتما، وظللتم، و"ظللن" بلا فرق، ويقال: "ظلت أفعل"، بكسر الظاء؛ ظلولا، إذا عملت بالنهار دون الليل، وذكر أبو الفتح1 أن كسر الظاء من "ظلت" لغة أهل الحجاز، وفتحها لغة تميم1، وينبغي العكس، فإن الفتح جاء في القرآن نزل بلغة أهل الحجاز، "قال الله تعالى: {فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ} " [الواقعة: 65] .
وظاهر إطلاق الموضح أن هذا الحذف مطرد في كل فعل مضاعف مكسور العين، وهو مذهب الشلوبين2، وصرح سيبويه بشذوذه3، وأنه لم يرد إلا في لفظين من الثلاثي، وهما:"ظلت، ومست"، في "ظللت، ومسست"، وفي لفظ ثالث4 من الزائد على الثلاثة، وهو "أحست" في "أحسست" وممن ذهب إلى عدم اطراده ابن عصفور5، وقال في التسهيل6: إنه لغة سليم، وحكى ابن الأنباري1 الحذف في لفظ من المفتوح، وهو "همت" في "هممت" وإطلاق التسهيل شامل للمفتوح والمكسور وللثلاثي ومزيده.
1 انظر شرح المرادي 6/ 101.
2 الارتشاف 1/ 121.
3 الكتاب 1/ 121.
4 سقط من "ب".
5 الممتنع في التصريف 2/ 661.
6 التسهيل ص314.
"وإن كان الفعل" المضاعف المكسور العين "مضارعًا أو أمرًا، واتصلا بنون نسوة، جاز الوجهان الأولان"، التمام وحذف العين بعد نقل حركتها إلى الفاء "نحو: يقررن" بالإتمام والفك، "ويقرن" بحذف عينه، ونقل حركتها إلى الفاء، [ونحو: "اقررن" بالإتمام والفك، و"قرن"، بحذف عينه، ونقل حركتها إلى الفاء] 1، وهي القاف.
"ولا يجوز في نحو: {قُلْ إِنْ ضَلَلْتُ} [سبأ: 50] ، بفتح العين: من "الضلال" نقيض "الاهتداء"، "وفي نحو: {فَيَظْلَلْنَ رَوَاكِدَ} " [الشورى: 33] بفتح اللام وكسرها من "ظل يظل"، و"يظل"، مثل: "ضل، يضل"، و"يضل"، قاله في الارتشاف2، "إلا الإتمام، لأن العين مفتوحة".
"وقرأ نافع وعاصم: {وَقَرْنَ} [الأحزاب: 23] بالفتح"3 في القاف أمرًا من "قررت بالمكان، أقر به"، بكسر الماضي وفتح المضارع، فلما أمر منه اجتمع مثلان، أولهما مفتوح، ففعل فيه من حذف عينه ما فعل بـ"أحست"، "وهو قليل، لأنه" تخفيف "لمفتوح، ولأن المشهور "قررت في المكان" بالفتح "أقر" بالكسر، وأما عكسه"، وهو "قررت" بالكسر "أقر" بالفتح "ففي: قررت عينا" بالكسر، "أقر" بالفتح، وذهب بعضهم إلى أن "قرن" على قراءة الفتح أمر من: "قار يقار"، وإلى أن "قِرن" على قراءة الكسر أمر من "الوقار" يقال: "وقر، يقر"، فيكون "قرن" محذوف الفاء مثل: "عدن".
وأجاز الناظم في الكافية وشرحها4 إلحاق المضموم العين بالمكسورها، فأجاز في:{اغْضُضْ} [لقمان: 19] أن يقال: "غضن"، واحتج بأن فك المضموم أثقل من فك المكسور، وإن كان فك المفتوح قد فر منه إلى الحذف في "قرن" المفتوح القاف، ففعل ذلك بالمضموم أحق بالجواز، قال: ولم أره منقولا.
1 إضافة من "ب"، "ط".
2 الارتشاف 1/ 76.
3 انظر القراءة في شرح ابن الناظم ص617.
4 شرح الكافية الشافية 4/ 2171.