المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌باب إعراب الفعل المضارع ‌ ‌مدخل … باب إعراب الفعل المضارع: أجمع النحويون على انه - شرح التصريح على التوضيح أو التصريح بمضمون التوضيح في النحو - جـ ٢

[خالد الأزهري]

فهرس الكتاب

- ‌المجلد الثاني

- ‌باب إعمال المصدر وإعمال اسمه

- ‌باب إعمال اسم الفاعل

- ‌مدخل

- ‌باب إعمال اسم المفعول:

- ‌ باب أبنية مصادر الفعل "الثلاثي" المجرد:

- ‌باب مصادر غير الثلاثي:

- ‌باب كيفية أبنية أسماء الفاعلين:

- ‌باب كيفية أبنية أسماء المفعولين:

- ‌باب إعمال الصفة المشبهة باسم الفاعل المتعدي إلى واحد

- ‌مدخل

- ‌باب التعجب

- ‌مدخل

- ‌باب نعم وبئس

- ‌مدخل

- ‌باب أفعَلِ التفضيل:

- ‌باب النعت

- ‌مدخل

- ‌باب التوكيد

- ‌مدخل

- ‌باب العطف:

- ‌باب عطف النسق

- ‌مدخل

- ‌باب البدل

- ‌مدخل

- ‌باب النداء

- ‌الفصل الأول في ذكر الأحرف التي ينبه بها المنادى إذا دعي

- ‌الفصل الثاني في أقسام المنادى بفتح الدال:

- ‌الفصل الثالث في أقسام تابع المنادى المبني وأحكامه:

- ‌الفصل الرابع في المنادى المضاف للياء الدالة على المتكلم:

- ‌باب في ذكر أسماء لازمت النداء:

- ‌باب الاستغاثة:

- ‌باب الندبة:

- ‌باب الترخيم

- ‌مدخل

- ‌باب المنصوب على الاختصاص:

- ‌باب التحذير:

- ‌باب الإغراء:

- ‌باب أسماء الأفعال

- ‌مدخل

- ‌باب أسماء الأصوات:

- ‌باب نوني التوكيد الثقيلة والخفيفة

- ‌مدخل

- ‌باب ما لا ينصرف

- ‌مدخل

- ‌باب إعراب الفعل المضارع

- ‌مدخل

- ‌فصل في أوجه "لو

- ‌فصل في "أما" بفتح الهمزة وتشديد الميم:

- ‌فصل في ذكر وجهي "لولا ولوما" على ما في النظم:

- ‌باب الإخبار بالذي وفروعه

- ‌مدخل

- ‌الفصل الأول في بيان حقيقته:

- ‌الفصل الثاني في شروط ما يخبر عنه:

- ‌باب العدد

- ‌مدخل

- ‌باب كنايات العدد وهي ثلاث كم وكأي وكذا:

- ‌باب الحكاية:

- ‌باب التأنيث

- ‌مدخل

- ‌باب المقصور والممدود:

- ‌باب كيفية التثنية:

- ‌ باب جمع الاسم جمع المذكر السالم

- ‌باب كيفية جمع المؤنث السالم من التغيير:

- ‌باب جمع التكسير:

- ‌باب التصغير

- ‌مدخل

- ‌باب النسب

- ‌مدخل

- ‌باب الوقف

- ‌مدخل

- ‌باب الإمالة:

- ‌باب التصريف

- ‌مدخل

- ‌فصل في كيفية الوزن:

- ‌فصل فيم تعرف به الأصول والزوائد

- ‌فصل في زيادة همزة الوصل:

- ‌باب الإبدال

- ‌مدخل

- ‌فصل في إبدال الهمزة:

- ‌فصل في عكس ذلك:

- ‌فصل في إبدال الياء من أختيها الألف والواو

- ‌فصل في إبدال الواوين من أختيها الألف والياء:

- ‌فصل في إبدال الألف من أختيها الواو والياء:

- ‌فصل في إبدال التاء المثناة فوق "من الواو والياء" المثناة تحت:

- ‌فصل في إبدال الطاء:

- ‌فصل في إبدال الدال المهملة:

- ‌فصل في إبدال الميم:

- ‌باب نقل حركة الحرف المتحرك المعتل إلى الساكن الصحيح قبله:

- ‌باب الحذف:

- ‌باب الإدغام اللائق بالتصريف:

- ‌فهرس المحتويات:

الفصل: ‌ ‌باب إعراب الفعل المضارع ‌ ‌مدخل … باب إعراب الفعل المضارع: أجمع النحويون على انه

‌باب إعراب الفعل المضارع

‌مدخل

باب إعراب الفعل المضارع:

أجمع النحويون على انه إذا تجرد من الناصب والجازم، وسلم من نوني التوكيد1 والإناث كان مرفوعًا كـ: يقوم. وإنما اختلفوا في تحقيق الرفع له، ما هو على أقوال أصحها "قولهم": رافع المضارع تجرده من الناصب والجازم وفاقًا للفراء وغيره من حذاق الكوفيين والأخفش2. وإليه أشار الناظم بقوله:

676-

ارفع مضارعًا إذا يجرد

من ناصب وجازم كتسعد

"لا" رافعه "حلوله محل الاسم خلافًا للبصريين"2، غير الأخفش والزجاج. قالوا: ولهذا إذا دخل عليه "لن، ولم" امتنع رفعه، لأن الاسم لا يقع بعدهما، فليس حينئذ حالا محل الاسم.

ولا رافعه حروف المضارعة خلافًا للكسائي، ولا مضارعة للاسم خلافًا لثعلب من الكوفيين، والزجاج من البصريين.

واعترض قول الفراء بأن التجرد أمر عدمي، والعدم لا يكون سببًا لوجوده غيره، وأجيب بأن التجرد "أمر"3 وجودي، وهو كونه خاليًا من ناصب وجازم لا عدم الناصب والجازم.

1 في "ب": "التأكيد".

2 انظر الإنصاف 2/ 553، المسألة رقم 74.

3 إضافة من "ط".

ص: 356

واعترض قول البصريين [بأنه] 1 غير مطرد "لانتقاضه بنحو: هلا تفعل"، وسوف تفعل. فإن المضارع فيهما مرفوع، وليس حالا محل الاسم، لأن الاسم لا يقع بعد حرف التحضيض، ولا بعد حرف التنفيس. وأجيب بأن الرفع استقر قبل دخول حرفي التحضيض والتنفيس. لم يغيراه، إذا أثر العامل لا يغيره إلا عامل آخر.

واعترض قول الكسائي بأن جزء الشيء لا يعمل فيه.

واعترض قول ثعلب بأن المضارعة إنما اقتضت إعرابه من حيث الجملة، ثم يحتاج كل نوع من أنواع الإعراب إلى عامل يقتضيه. وأجيب بأن الكوفيين يزعمون أن إعراب المضارع بالأصالة، لا بالحمل على الاسم ومضارعته إياه.

"وناصبه أربعة" عند البصريين، وعشرة عند الكوفيين:

"أحدها: لن، وهي لنفي سيفعل" أي: لنفي الفعل المستقبل، إما إلى غاية ينتهي إليها، نحو:{لَنْ نَبْرَحَ عَلَيْهِ عَاكِفِينَ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَيْنَا مُوسَى} [طه: 91] فإن نفي البراح مستمر إلى رجوع موسى، وإما إلى غير غاية نحو:{لَنْ يَخْلُقُوا ذُبَابًا} [الحج: 73] . فإن نفي خلق الذباب مستمر أبدًا، لأن خلقهم الذباب محال، وانتفاء المحال مؤبد قطعًا. وإلا لكان ممكنًا لا محالا.

"ولا تقتضي" لن "تأييد النفي" خلافًا للزمخشري في أنموذجه2، لأنها لو1 كانت للتأبيد لزم التناقض بذكر اليوم في قوله تعالى:{فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِيًّا} [مريم: 26] . ولزم التكرار بذكر أبدًا في قوله تعالى: {وَلَنْ يَتَمَنَّوْهُ أَبَدًا} [البقرة: 95] .

ولم تجتمع مع ما هو لانتهاء الغاية نحو قوله تعالى: {فَلَنْ أَبْرَحَ الْأَرْضَ حَتَّى يَأْذَنَ لِي أَبِي} [يوسف: 80] . وتأبيد النفي [في] 1: {لَنْ يَخْلُقُوا ذُبَابًا} [الحج: 73] لأمر خارجي لا مقتضيات "لن". "ولا" تقتضي "تأكيده"3؛ أي النفي؛ "خلافًا للزمخشري" في كشافه4، في تفسير:{لَنْ تَرَانِي} [الأعراف: 143]، بل قولك: لن أقوم، محتمل لأن تريد به أنك لا تقوم أبدًا، أو أنك لا تقوم في بعض أزمنة المستقبل، وهو موافق لقولك: لا أقوم، في عدم إفادة التأكيد والتأبيد.

1 سقطت من "ب".

2 الأنموذج ص102.

3 في "ط": "توكيده".

4 الكشاف 2/ 91.

ص: 357

"ولا تقع""لن""دعائية". بأن يكون الفعل بعدها دعاء، "خلافًا لابن السراج"، وابن عصفور وآخرين مستدلين بقوله تعالى:{لَنْ أَكُونَ ظَهِيرًا لِلْمُجْرِمِينَ} [القصص: 17] . مدعين أنه معناه: فاجعلني لا أكون، ولا حجة لهم فيها لإمكان حملها على النفي المحض، ويكون ذلك معاهدة منه لله تعالى أن لا يظاهر مجرمًا، جزاء لتلك النعمة التي أنعم "الله"1 بها عليه، قاله الموضح في شرح القطر2. واختاره في المغني غيره فقال3: وتأتي "لن" للدعاء كما كانت "لا" كذلك وفاقًا لجماعة، والحجة في قوله:[من الخفيف]

803-

لن تزالوا كذلكم لا زلـ

ـت لكم خالدا خلود الجبال

انتهى.

وهي بسيطة على وضعها الأصلي عند سيبويه4 والجمهور، "وليس أصلها: لا" النافية، "فأبدلت الألف نونًا خلافًا للفراء"5، وحجته أنهما حرفان [نافيان] 6 ثنائيان، و"لا" أكثر استعمالا، ويرده أن الإبدال لا يغير حكم المهمل فيجعله7 معملا، وأن المعهود إنما هو إبدال النون ألفًا كـ: "لَنَسْفَعًا" [العلق: 15] لا العكس.

"ولا" أصلها "لا أن" فتكون مركبة من "لا" النافية نظرًا لمعناها، ومن "أن" المصدرية نظرًا لعملها، "فحذفت الهمزة تخفيفًا"8 كما في: ويلمه9، "والألف للساكنين، خلافًا للخليل والكسائي" والخارزنجي، وحجتهم قرب لفظها منهما، وأن معناهما من النفي والتخلص للاستقبال حاصل فيها، وقد جاءت على الأصل في الضرورة.

1 إضافة من "ط".

2 شرح قطر الندى ص58.

3 مغني اللبيب 2/ 284.

803-

البيت للأعشى في ديوانه ص63، والدرر 1/ 205، وشرح شواهد المغني 2/ 684، وبلا نسبة في تذكرة النحاة ص68،/ وشرح الأشموني 3/ 548، ومغني اللبيب 2/ 284، وهمع الهوامع 1/ 111، 2/ 4، وتاج العروس "لنن".

4 الكتاب 3/ 5.

5 شرح قطر الندى ص58.

6 إضافة من "ب"، "ط".

7 في "أ": "فتجعله".

8 شرح قطر الندى ص58.

9 في حاشية يس 2/ 230: "أصله: ويل أمه، فحذفت الهمزة".

ص: 358

أنشد أبو زيد لجابر الأنصاري: [من الوافر]

804-

فإن أمسك فإن العيش حلو

إليَّ كأنه عسل مشوب

يرجي المرء ما لا إن يلاقي

وتعرض دون أبعده الخطوب

أي: لن يلاقي.

ورد عليهم بأربعة أمور أقواها: "أنه" إنما يصح التركيب إذا كان الحرفان ظاهرين كـ"لولا" وقد لا يظهر أحدهما، كـ"أما"1. قاله الشلوبين. وتركنا الثلاثة الباقية خوف الإطالة.

الناصب. "الثاني: "كي" المصدرية"، وهي الداخل عليها اللام لفظًا نحو:{لِكَيْ لَا تَأْسَوْا} [الحديد: 23] أو تقديرًا، نحو: جئتك كي تكرمني إذا قدرت أن الأصل "لكي"، وأنك حذفت اللام استغناء عنها بنيتها، فإن لم تقدر اللام كانت "كي" تعليلية.

"فأما" المصدرية فناصبة بنفسها كما أن "أن" المصدرية كذلك. وأما "التعليلية فجارة، والناصب بعدها "أن" مضمرة"، لزومًا في النثر، "وقد يظهر في الشعر" كقوله:[من الطويل]

805-

................................

...... كيما أن تغر وتخدعا

وسيأتي2.

وما ذكره من أن "كي" مشتركة بين الناصبة والجارة، هو مذهب سيبويه والجمهور3 وحجتهم قولهم: جئتك لكي أتعلم، وقولهم: كيمه؟

804- البيتان لجابر بن رألان الطائي أو لإياس بن الأرت في خزانة الأدب 8/ 440، 443، وشرح شواهد المغني 1/ 85، ونوادر أبي زيد ص60، وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 2/ 188، والجنى الداني ص210، والدرر 1/ 246، ومغني اللبيب 1/ 25، 2/ 679، وهمع الهوامع 1/ 125.

1 في "ب": "كما".

805-

تمام البيت:

فقالت أكل الناس أصبحت مانحًا

لسانك..............................

وهو لجميل بثينة في ديوانه ص108، وخزانة الأدب 8/ 481، 482، 483، 488، والدرر 2/ 9، وشرح المفصل 9/ 14، 16، وله أو لحسان بن ثابت في شرح شواهد المغني 1/ 508، وبلا نسبة في أوضح المسالك 3/ 11، وخزانة الأدب ص125، والجنى الداني ص262، ورصف المباني ص217، وشرح ابن الناظم ص256، وشرح الأشموني 2/ 283، وشرح شذور الذهب ص289، وشرح عمدة الحافظ 267، ومغني اللبيب 1/ 183، وهمع الهوامع 2/ 5.

2 سيأتي البيت رقم 809.

3 الكتاب 3/ 6.

ص: 359

وعن الأخفش أن "كي" جارة دائمًا، وأن النصب بعدها بأن مضمرة أو ظاهرة1 ورد بقوله تعالى:{لِكَيْ لَا تَأْسَوْا} [الحديد: 23] فإن زعم أن "كي" تأكيد لام كقوله: [من الوافر]

806-

...........................

ولا للما بهم أبدًا دواء

ورد بأن الفصيح2 المقيس لا يخرج عن3 الشاذ. وعن الكوفيين أن "كي" ناصبة دائمًا، ويرده قول العرب: كيمه كما يقولون: لمه، فإن أجابوا بأن الأصل: كي تفعل ماذا؟ يلزمهم كثرة الحذف وإخراج ما الاستفهامية عن الصدر، وحذف ألفها في غير الجر، وحذف الفعل المنصوب مع بقاء عامل النصب، وكل ذلك لم يثبت.

فإن ادعوا أن حذف المنصوب وبقاء ناصبه قد ثبت في صحيح البخاري في تفسير: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ} [القيامة: 22]"كيما فيعود"4، أي كيما يسجد. قلنا: إن ثبت حذف يسجد فهو لا يقاس عليه، على أن الحافظ الشهاب بن حجر قال5:"لم أقف على حذفه".

"وتتعين المصدرية إن سبقتها اللام نحو: {لِكَيْ لَا تَأْسَوْا} [الحديد: 23] لئلا يدخل الجار على الجار. "و" تتعين "التعليلية إن تأخرت عنها اللام أو: أن".

فالأول "نحو قوله" وهو عبيد الله بن قيس الرقيات: [من المديد]

807-

كي لتقضيني رقية ما

وعدتني غير مختلس

1 معاني القرآن للأخفش 1/ 300، 301.

806-

صدر البيت:

فلا والله لا يلفى لما بي

وتقدم تخريجه برقم 652.

2 في "ب": "الصحيح".

3 في "ب": "على".

4 أخرجه البخاري في كتاب التوحيد برقم 7001، وفيه:"فيذهب كيما يسجد فيعود ظهره طبقًا واحدًا"، وهذا التفسير ليس لقوله تعالى في سورة القيامة كما ذكر الأزهري، بل لقوله تعالى في سورة القلم:{يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ} ، انظر كتاب التفسير حديث رقم 6435، وفيه:"فيذهب ليسجد فيعود ظهره طبقًا واحدًا".

5 فتح الباري 13/ 526.

708-

البيت لابن قيس الرقيات في ديوانه ص160، وخزانة الأدب 8/ 488، 490، والدرر 1/ 79، والمقاصد النحوية 4/ 379، وبلا نسبة في أوضح المسالك 4/ 151، وشرح الأشموني 3/ 550، وهمع الهوامع 1/ 53.

ص: 360

فـ"كي" هنا تعليلية لتأخر اللام من لتقضيني عنها، وتقضيني منصوب بـ"أن" مضمرة. وأما حكاية الأخفش: لكي ما أضربك، بالرفع، فمخرجة على جعل "ما" موصولة، و"كي" جارة مؤكدة للام1، كما أكدت الكاف بمثل في:{لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} [الشورى: 11] ومثل بالكاف في مثل: [من الرجز]

808-

مثل كعصف مأكول

"و" الثاني: نحو "قوله" وهو جميل بن عبد الله لا حسان خلافًا للزمخشري2: [من الطويل]

809-

فقالت أكل الناس أصبحت مانحا

لسانك كيما أن تغر وتخدعا

فـ"كي" هنا تعليلية لتأخر "أن" عنها، و"كل الناس": مفعول أول لـ"مانحا" و"لسانك": مفعوله الثاني و"تغر": بضم الغين وبالراء المهملة.

"ويجوز الأمران": المصدرية والتعليلية، إن فقد سبق اللام، وتأخر "أن"، أو وجدا.

فالأول كما "في نحو: {كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً} [الحشر: 7] فإن قدرت قبلها اللام فهي مصدرية، وإن لم تقدر قبلها اللام فهي تعليلية، فيكون على الأول منصوبًا بنفس "كي". وعلى الثاني منصوبًا بـ"أن" مضمرة بعد "كي" والأولى أن تكون مصدرية كما ذكره الموضح في باب حروف الجر3.

["و" الثاني] 4 كما في "قوله": [من الطويل]

810-

أردت لكيما أن تطير بقربتي

فتتركها شنا ببيداء بلقع

1 الدرر 1/ 79.

808-

تمام الرجز: "فصيروا مثل كعصف مأكول"، وتقدم تخريجه برقم 294.

2 كذا قال العيني في المقاصد النحوية 2/ 204، مع أن الزمخشري نسبه في المفصل ص325 إلى جميل.

809-

تقدم تخريجه برقم 805.

3 أوضح المسالك 3/ 13.

4 إضافة من "ب"، "ط".

810-

البيت بلا نسبة في الإنصاف 2/ 580، وأوضح المسالك 4/ 154، والجنى الداني ص265، وجواهر الأدب ص232، وخزانة الأدب 1/ 16، 8/ 481، 484، 487، ورصف المباني ص216، 316، وشرح الأشموني 3/ 549، وشرح شواهد المغني 1/ 508، وشرح المفصل 7/ 19، 9/ 16، ومغني اللبيب 1/ 182، والمقاصد النحوية 4/ 405.

ص: 361

فـ"كي" تحتمل أن تكون مصدرية لدخول اللام قبلها، وتحتمل أن تكون تعليلية لتأخر "أن" بعدها، فإن كانت مصدرية، فأن مؤكدة لها، بمعنى السبك، وإن كانت تعليلية، فاللام مؤكدة لها لمعنى التعليل، وكونها تعليلية أولى من كونها مصدرية لأن تأكيد الجار بجار أسهل من تأكيد حرف مصدري بحرف مصدري، قال الموضح في الحواشي1. والشن؛ بفتح المعجمة؛ القربة الخلقة، مفعول ثان لتترك، والبيداء؛ بفتح الباء الموحدة والمد؛ الأرض القفراء التي تبيد، أي تهلك من يدخل فيها. والبلقع: الأرض القفراء التي لا شيء فيها.

الناصب "الثالث: أن" المصدرية، وتقع في موضعين:

أحدهما: في الابتداء، فتكون في موضع رفع على الابتداء، "في نحو:{وَأَنْ تَصُومُوا " خَيْرٌ لَكُمْ} [البقرة: 184] .

"و" الثاني: بعد لفظ دال على معنى اليقين، فتكون في موضع رفع على الفاعلية، في نحو:{أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ} [الحديد: 16]، وفي موضع نصب على المفعولية في نحو:{فَأَرَدْتُ أَنْ أَعِيبَهَا} [الكهف: 79]، وفي موضع جر في نحو:{مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ} [البقرة: 254]، ومحتملة لهما في نحو:{وَالَّذِي أَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ خَطِيئَتِي} [الشعراء: 82] أصله: في أن يغفر لي، فحذفت "في" فنصب ما بعدها، أو أبقي على جره.

وأكثر العرب على وجوب إعمالها، "وبعضهم يهملها" جوازًا،" [حملا] 2 على "ما" أختها؛ أي: المصدرية" بجامع أن كلا منهما حرف مصدري ثنائي، وإليه أشار الناظم بقوله:

679-

وبعضهم أهمل أن حملا على

ما أختها حيث استحقت عملا

"كقراءة ابن محيصن "لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمُّ الرَّضَاعَةَ" [البقرة: 233] برفع "يتم"3، والقول بأن أصله "يتمون"، وهو منصوب بحذف النون، وحذفت الواو للتسكين لفظًا، واستصحب ذلك خطأ. والجمع باعتبار معنى من، تكلف.

1 انظر شرح شذور الذهب ص288-290.

2 إضافة من "ب"، "ط".

3 نسبت القراءة إلى مجاهد في البحر المحيط 2/ 213، وهي من شواهد أوضح المسالك 4/ 156، وشرح ابن الناظم 476، وفيهما أنها قراءة ابن محيصن. وهي في شرح المفصل 8/ 143، ومغني اللبيب 1/ 29.

ص: 362

"وكقوله": [من البسيط]

811-

أن تقرآن على أسماء ويحكما

مني السلام وأن لا تشعرا أحدا

فـ"أن" الأولى والثانية مصدريتان، غير مخففتين من الثقيلة، وقد أهملت الأولى وأعملت الثانية. وبعضهم أعمل "ما" المصدرية حملا على "أن" المصدرية. نحو:"كما تكونوا يولى عليكم"1 قاله ابن الحاجب. وما ذكره الموضح تبعًا للناظم من أن "أن" هذه مصدرية، هو قول البصريين. وزعم أنها المخففة من الثقلية، شذ اتصالها بالفعل المتصرف الخبري، والقياس فصله منها بـ"قد" أو إحدى أخواتها.

"وتأتي "أن" مفسرة" بمنزلة "أي"، "وزائدة" دخولها وخروجها سواء، "ومخففة من: أن" المشددة "فلا تنصب" [الفعل] 2 "المضارع" في هذه الأحوال الثلاثة، ولكل ضابط يضبطها.

"فالمفسرة: هي المسبوقة بجملة فيها معنى القول دون حروفه"، المتأخر عنها جملة، ولم تقترن بجار، "نحو:{فَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ أَنِ اصْنَعِ الْفُلْكَ} " [المؤمنون: 27] أي اصنع. "{وَانْطَلَقَ الْمَلَأُ مِنْهُمْ أَنِ امْشُوا} " [ص: 6] أي: امشوا. إذ ليس المراد بالانطلاق هنا3 المشي، بل انطلاق ألسنتهم بهذا الكلام، كما أنه ليس المراد بالمشي المتعارف، بل الاستمرار على الشيء فخرج:{وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [يونس: 10] لعدم تقدم الجملة، وقلت له أن افعل كذا، لأن الجملة السابقة فيها حروف القول.

وفي شرح ابن عصفور الصغير على الجمل أنها قد تكون مفسرة بعد صريح القول. ولا يجوز: "ذكرت عسجدا": أي ذهبًا، لعدم تأخر الجملة. بل يجب الإتيان

811- البيت بلا نسبة في الأشباه والنظائر 1/ 333، والإنصاف 2/ 563، وأوضح المسالك 4/ 156، والجنى الداني ص220، وجواهر الأدب ص192، وخزانة الأدب 8/ 420، 421، 423، 424، والخصائص 1/ 390، ورصف المباني ص113، وسر صناعة الإعراب 2/ 549، وشرح ابن الناظم ص476، وشرح الأشموني 3/ 553، وشرح شواهد المغني 1/ 100، وشرح المفصل 7/ 15، 8/ 143، 9/ 19، ولسان العرب 13/ 33 "أنن"، ومجالس ثعلب ص290، ومغني اللبيب 1/ 30، والمنصف 1/ 278، والمقاصد النحوية 4/ 380.

1 رواه البيهقي في شعب الإيمان، وانظر حاشية يس 2/ 232.

2 إضافة من "ط".

3 سقط من "ب".

ص: 363

بـ"أي"، أو ترك حرف التفسير. وليس من التفسيرية:"كتبت إليه بأن افعل" لدخول الجار. نص عليه الموضح في القواعد الصغرى.

وعن الكوفيين إنكار أن التفسيرية البتة. قال في المغني1: "وهو متجه لأنك إذا قلت: كتبت إليك أن افعل، لم يكن "افعل" نفس "كتبت" كما كان الذهب نفس العسجد في قوله: "هذا عسجد": أي: ذهب. ولهذا لو جئت بـ"أي" مكان "أن"، لم تجده مقبولا في الطبع". انتهى. واعترضه الدماميني، ورده الشمني بما يطول ذكره2.

"والزائدة: هي التالية للما" التوقيتية "نحو {فَلَمَّا أَنْ جَاءَ الْبَشِيرُ " أَلْقَاهُ عَلَى وَجْهِهِ} [يوسف: 96] . "والواقعة بين الكاف ومجرورها، كقوله" وهو باعث اليشكري: [من الطويل]

812-

........................................

كأن ظبية تعطو إلى وارق السلم

فيمن جر "ظبية" أي: كظبية، و"تعطو": تتطاول إلى الشجر للتناول منه. و"الوارق": اسم فاعل من ورق الشجر يرق مثل3 أورق. و"السلم" بفتحتين: شجر له شوك.

"أو" الواقعة "بين" فعل "القسم" المذكور "و: لو، كقوله"[من الطويل]

813-

فأقسم أن لو التقينا وأنتم

لكان لكم يوم من الشر مظلم

أو المتروك كقوله: [من الوافر]

814-

أما والله أن لو كنت حرا

وما بالحر أنت ولا العتيق

1 مغني اللبيب 1/ 30.

2 انظر حاشية يس 2/ 233.

812-

صدر البيت:

ويوما توافينا بوجه مقسم

وتقدم تخريج البيت برقم 257.

3 سقط من "ب".

813-

البيت للمسيب بن علس في خزانة الأدب 4/ 145، 10/ 580، 581، 11/ 318، وشرح أبيات سيبويه 2/ 185، وشرح شواهد المغني 1/ 109، وبلا نسبة في أوضح المسالك 4/ 160، وجواهر الأدب ص197، وشرح الأشموني 3/ 553، وشرح المفصل 9/ 94، والكتاب 3/ 107، ولسان العرب 12/ 378 "ظلم"، ومغني اللبيب 1/ 33، والمقاصد النحوية 4/ 418.

814-

البيت بلا نسبة في الإنصاف 1/ 121، وخزانة الأدب 4/ 141، 143، 145، 10/ 82، والجنى الداني ص222، وجواهر الأدب ص197، والدرر 2/ 29، 111، ورصف المباني ص116، وشرح شواهد المغني 1/ 111، ومغني اللبيب 1/ 33، والمقاصد النحوية 4/ 409، والمقرب 1/ 205. وهمع الهوامع 2/ 18، 41.

ص: 364

أي: أقسم والله ولو كنت حرًّا، هذا قول سيبيويه1 وغيره.

وفي مقرب ابن عصفور2 أنها في ذلك حرف جيء به ليربط الجواب بالقسم. ويبعده أن الأكثر تركها، والحروف الرابطة ليست كذلك". قاله في المغني3.

والواقعة بعد إذا كقوله: [من الطويل]

815-

فأمهله حتى إذا أن كأنه

معاطي يد في لجة الماء غامر

فهذه أربعة مواضع وأكثرها الواقعة بعد "لما". وأقلها الواقعة بين الكاف ومجرورها.

وزعم الأخفش أنها تزاد في غير ذلك4، وأنها تنصب المضارع كما تجر "من" و"الباء" الزائدتان الاسم، وجعل منه {وَمَا لَنَا أَلَّا نَتَوَكَّلَ عَلَى اللَّهِ} [إبراهيم: 12] .

وأجيب بأن "أن" مصدرية لا زائدة، والأصل: وما لنا في أن لا نتوكل، وإنما لم تعمل الزائدة لعدم اختصاصها بالأفعال، بخلاف "من، والباء" الزائدتين فإنهما لما اختصا بالاسم عملا فيه الجر.

"والمخففة من: أن" المشددة، "هي الواقعة" غالبًا "بعد علم" خالص، سواء أدل عليه بمادة "ع ل م" أم لا. فالأول "نحو:{عَلِمَ أَنْ سَيَكُونُ} " [المزمل: 20] . "و" الثاني "نحو: {أَفَلَا يَرَوْنَ أَلَّا يَرْجِعُ} " [طه: 89] .

وقيدت العلم بالخالص احترازًا من إجرائه مجرى الإشارة، نحو قولهم: ما علمت إلا أن تقوم5. قال سيبويه6: "يجوز فيه النصب لأنه كلام خرج مخرج الإشارة فجرى مجرى قولك: أشير عليك أن تقوم". انتهى. ومن إجرائه مجرى الظن كقراءة بعضهم: "أفلا يرون ألا يرجعَ"[طه: 89] بالنصب7. "أو بعد ظن" مؤول بالعلم

1 الكتاب 3/ 152.

2 المقرب 1/ 205.

3 مغني اللبيب 1/ 33، وانظر الدرر 1/ 29.

815-

البيت لأوس بن حجر في ديوانه ص71 وفيه "غارف" مكان "غامر" والدرر 1/ 30 وشرح شواهد المغني 1/ 112، وبلا نسبة في عمدة الحافظ ص331، ومغني اللبيب 1/ 34، وهمع الهوامع 2/ 18.

4 معاني القرآن 1/ 377.

5 في "ط": "يقوم".

6 الكتاب 3/ 168.

7 الرسم المصحفي: {يرجعُ} ؛ بالرفع، وقرأها بالنصب: أبو حيوة والزعفراني وأبان والشافعي. انظر البحر المحيط 6/ 269، والكشاف 2/ 550.

ص: 365

"نحو: {وَحَسِبُوا أَلَّا تَكُونَ" فِتْنَةٌ} [المائدة: 71] في قراءة الرفع1.

"ويجوز في تالية الظن أن تكون ناصبة"، إجراء للظن على أصله، من غير تأويل"، "و" النصب "هو الأرجح"2، لأن التأويل في خلاف الأصل، "ولهذا" الترجيح "أجمعوا عليه" أي على النصب "في": {الم، أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا} "[العنكبوت: 1، 2] بحذف النون. "واختلفوا في: {وَحَسِبُوا أَلَّا تَكُونَ " فِتْنَةٌ} [المائدة: 71] ، "فقرأه غير أبي عمرو والأخوين"، حمزة والكسائي "بالنصب"، وقرأ أبو عمرو وحمزة والكسائي. بالرفع، لوجود الفصل بين "أن"والفعل بـ"لا" وإنما لم يقرءوا بالرفع في:"يتركوا"، لعدم الفصل3.

فعلم أن التعديل في كون "أن" ناصبة، أو مخففة بعد أفعال الشك واليقين على اعتبار المعنى دون اللفظ، ألا ترى أنك ترفع في: رأيت أن لا يقوم زيد، إذا أردت اليقين، مثل:{أَفَلَا يَرَوْنَ أَلَّا يَرْجِعُ} [طه: 89] وتنصب إذا أردت الظن مثل: {وَحَسِبُوا أَلَّا تَكُونَ فِتْنَةٌ} [المائدة: 71] خلافًا للمبرد4، فإنه لا يجوز إجراء العلم مجرى خلافه، فتنصب "أن" الواقعة بعده الفعل ولا إجراء غيره مجراه. فيرتفع الفعل الواقع بعد "أن" الواقعة بعده، فالعلم عنده لا يجري مجرى غيره، ولا يجري غيره مجراه، والنوعان عند سيبويه جائزان5، والفراء وابن الأنباري ينصبان بعد العلم الصريح6. وإلى النواصب الثلاثة أشار الناظم بقوله:

677-

وبلن انصبه وكي كذا بأن

لا بعد علم والتي من بعد ظن

678-

فانصب بها والرفع صحح واعتقد

تخفيفها من أن فهو مطرد

ومن غير الغالب: {وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [يونس: 10] فأن هنا مخففة من الثقيلة ولم تقع بعد علم ولا ظن.

1 هي قراءة أبي عمرو والكسائي وحمزة ويعقوب وخلف واليزيدي والأعمش. وانظر الإتحاف 202، والنشر 2/ 255، وهي من شواهد أوضح المسالك 4/ 161، وشرح ابن الناظم ص476، والأمالي الشجرية 1/ 252 ومغني اللبيب 1/ 30، والكتاب3/ 166.

2 في شرح ابن الناظم ص476: "النصب هو الأكثر".

3 شرح ابن الناظم ص476.

4 المقتضب 2/ 32.

5 الكتاب 3/ 166.

6 الارتشاف 2/ 388، والأمالي الشجرية 1/ 252.

ص: 366

الناصب1 "الرابع: إذن"، والصحيح أنها بسيطة، لا مركبة من "إذ، وأن" أو "إذا، وأن"، وعلى البساطة فالصحيح أنها الناصبة بنفسها لا "أن" مضمرة بعدها. "وهي" على القول بالحرفية "حرف جواب وجزاء"، عند سيبويه2.

وقال الشلوبين3: هي كذلك في كل موضع. وقال الفارسي3: في الأكثر. وقد تتمحض للجواب بدليل أنه يقال: أحبك. فتقول: إذا أظنك صادقًا، إذ لا مجازاة هنا. قال الرضي4: لأن الشرط والجزاء إما في الاستقبال أو في الماضي، ولا مدخل للجزاء في الحال.

والمراد بكونها للجواب، أن تقع في كلام يجاب به كلام آخر ملفوظ به1 أو مقدر، سواء وقعت في صدره، أو في حشوه، أو في آخره.

والمراد بكونها للجزاء، أن يكون مضمون الكلام الذي هي فيه جزأ5 لمضمون كلام آخر. وكان القياس إلغاءها لعدم اختصاصها، ومن ثم قالوا: "وشرط إعمالها ثلاثة أمور:

أحدها: أن تتصدر" في أول الجواب، لأنها حينئذ في أشرف محالها. "فإن وقعت حشوا" في الكلام بأن اعتمد ما بعدها على ما قبلها "أهملت"، وذلك في ثلاث مسائل:

إحداها: أن يكون ما بعدها خبرا عما قبلها، نحو: أنا إذن أكرمك.

الثانية: أن تكون جوابًا لشرط ما قبلها نحو: إن تأتني إذن أكرمك.

الثالثة: أن تكون6 جواب قسم قبلها مذكور نحو: والله إذن لا أخرج، أو مقدر، "كقوله" وهو كثير عزة:[من الطويل]

816-

لئن عاد لي عبد العزيز بمثلها

وأمكنني منها إذن لا أقيلها

1 سقطت من "ب".

2 الكتاب 3/ 12-13.

3 مغني اللبيب 1/ 27.

4 شرح الرضي 4/ 42.

5 في "أ": "جزاء".

6 سقط من "ب": "أن تكون".

816-

البيت لكثير عزة في ديوانه ص305، وخزانة الأدب 8/ 473، 474، 476، والدرر 2/ 11، وسر صناعة الإعراب 1/ 379، وشرح أبيات سيبويه 2/ 144، وشرح شواهد المغني 63، وشرح المفصل 9/ 13، 22، والكتاب 3/ 15، والمقاصد النحوية 4/ 382، وبلا نسبة في أوضح المسالك 4/ 65، وخزانة الأدب 8/ 447، 11/ 340، ورصف المباني ص66، 243، وشرح ابن الناظم ص477، وشرح الأشموني 2/ 554، وشرح شذور الذهب 290، والعقد الفريد 3/ 8، ومغني اللبيب 1/ 21.

ص: 367

برفع أقيلها، لأن إذن لم تتصدر جواب قسم مقدر. والتقدير: والله لئن وجواب الشرط محذوف، وأهملت إذن لوقوعها بين القسم وجوابه لا بين الشرط وجوابه، خلافًا لما وقع في المعنى1، تبعًا للشارح2، وضمير "مثلها" عائد على المقالة التي قالها عبد العزيز بن مروان لـ"كثير". وذلك أن كثيرًا امتدح عبد العزيز بقصيدة، فأعجب بها، فقال له: تمن عليّ أعطك، فتمنى أن يكون كاتبًا له، فلم يجبه إلى ذلك وأعطاه جائزة والمعنى: إن عاد الأمير إلى تمنيتي، وأمكنني منها، لم أترك مقالتي الأولى، وأتمنى عليه أن أكون كاتبا له كما فعلت أولا. وعبد العزيز هذا هو أبو السيد عمر بن عبد العزيز بن مروان رضي الله عنه. "وأما قوله":[من الرجز]

817-

لا تتركني فيهم شطيرا

إني إذن أهلك أو أطيرا

بنصب "أهلك" بـ"إذن" مع أنها وقعت حشوا بين اسم "إن" وخبرها. "فضرورة أو" لا ضرورة "والخبر" أي خبر "إن""محذوف، أي: إني لا أستطيع ذلك"، أو: لا أقدر عليه، ثم استأنف بـ"إذن" فنصب، وجملة "إني" على هذا معترضة بين "إذن" وما هي جواب له. والأصل: لا تتركني؛ إذن، أهلك. وذهب الفراء إلى عدم اشتراط التصدر. والشطير؛ بشين معجمة؛ الغريب، وقال الأصمعي: البعيد، وهو مفعول ثان للتركني، لا حال. وإلى هذا الشرط أشار الناظم بقوله:

680-

..........................

إن صدرت............

فإن كان السابق عليها؛ أي على إذن؛ واوًا أو فاء، جاز النصب والرفع باعتبارين. فالرفع باعتبار كون ما بعد العاطف من تمام ما قبله، بسبب ربطه بعض الكلام ببعض، والنصب باعتبار كون ما بعد العاطف جملة مستقلة والفعل فيها بعد "إذن" غير معتمد على ما قبلها.

1 مغني اللبيب 1/ 21.

2 شرح ابن الناظم ص477.

817-

الرجز بلا نسبة في لسان العرب 4/ 408 "شطر"، وتهذيب اللغة "11/ 308، وتاج العروس 12/ 172 "شطر"، ومقاييس اللغة 3/ 187، ومجمل اللغة 3/ 185، وأساس البلاغة "شطر"، والإنصاف 1/ 177، وأوضح المسالك 4/ 166، والجنى الداني ص362، وخزانة الأدب 8/ 456، 460، والدرر 2/ 13، ورصف المباني ص66، وشرح ابن الناظم ص477، وشرح الأشموني 3/ 554، وشرح شواهد المغني 1/ 70، وشرح المفصل 7/ 17، ومغني اللبيب 1/ 22، والمقاصد النحوية 4/ 373، والمقرب 1/ 261، وهمع الهوامع 2/ 7.

ص: 368

"وقد قرئ" في الشواذ: ""وإذًا لا يلبثوا" [الإسراء: 76] "فإذا لا يؤتوا""[النساء: 53] بالنصب، بحذف النون فيهما، والأولى قراءة ابن مسعود1، والثانية قراءة أبي بن كعب2، "والغالب الرفع، وقرأ به السبعة" فيهما، وإلى ذلك أشار الناظم بقوله3:

681-

................. وانصب وارفعا

إذا إذن من بعد عطف وقعا

قال في المغني4: "والتحقيق أنه إذا قيل، إن تزرني أزرك وإذن أحسن إليك، فإن قدرت العطف على الجواب جزمت وبطل علم إذن لوقوعها حشوا، أو على الجملتين معًا، جاز الرفع والنصب لتقدم العاطف، وقيل: يتعين النصب، لأن ما بعدها مستأنف، أو لأن المعطوف على الأول أولى". انتهى.

الأمر الثاني: "أن يكون" المضارع بعدها "مستقبلا" قياسًا على بقية النواصب، وإليه الإشارة بقول الناظم:

680-

ونصبوا بإذن المستقبلا

.............................

"فيجب الرفع في نحو: إذن تصدق جوابًا لمن قال: أنا أحب زيدًا"، لأنه حال، ولا مدخل للجزاء في الحال كما تقدم آنفًا.

الأمر "الثالث: أن يتصلا"، أي أن يكون المضارع متصلا بها لضعفها مع الفصل عن العمل فيما بعدها. وإليه الإشارة بقول الناظم:

680-

...........................

.... والفعل بعد موصلا

"أو يفصل بينهما القسم"، وهو المشار إليه بقول الناظم:

681-

أو قبله اليمين.............

............................

"كقوله": [من الوافر]

818-

إذن والله نرميهم بحرب

تشيب الطفل من قبل المشيب

1 هي قراءة ابن مسعود وأبي. انظر الإتحاف ص285، والنشر 2/ 308، ومغني الليب 1/ 21، وشرح ابن الناظم ص477.

2 هي قراءة ابن مسعود وابن عباس. انظر المحيط 3/ 273، ومعاني القرآن للفراء 1/ 273، ومغني اللبيب 1/ 21.

3 سقطت من "ب".

4 مغني اللبيب 1/ 21.

818-

البيت لحسان بن ثابت في ملحق ديوانه 371، والأشباه والنظائر 2/ 237، والدرر 2/ 11، وشرح شواهد المغني 1/ 79، والمقاصد النحوية 4/ 106، وبلا نسبة في أوضح المسالك 4/ 168، وشرح الأشموني 3/ 554، وشرح شذور الذهب 291، وشرح قطر الندى 59، ومغني اللبيب 2/ 693، وهمع الهوامع 2/ 7.

ص: 369

فنصب "نرميهم" بـ"إذن" مع وجود الفصل بالقسم. لأنه زائد مؤكد فلم يمنع الفصل به من النصب هنا، كما لم يمنع من الجر في قولهم: إن الشاة لتجتر فتسمع صوت؛ والله؛ ربها. حكاه أبو عبيدة1. و"اشتريته بوالله ألف". حكاه أبن كيسان عن الكسائي1، بخلاف الفصل بغير القسم، ولو كان ظرفًا أو عديله فإنه جزء من الجملة، فلا تقوى "إذن" معه على العمل فيما بعدها.

واغتفر في المغني2 الفصل بـ"لا" النافية، وابن عصفور3 الفصل بالظرف، وابن بابشاذ الفصل بالنداء أو الدعاء، والكسائي وهشام الفصل بمعمول الفعل، والأرجح حينئذ عند الكسائي النصب، وعند هشام الرفع. وحكى سيبويه4 عن بعض العرب إلغاء "إذن" مع استيفاء شروط العمل. وهو القياس لأنها غير مختصة، وإنما أعملها الأكثرون حملًا على "ظن" لأنها مثلها في جواز تقديمها على الجملة، وتأخيرها عنها، وتوسطها بين جزأيها، كما حملت "ما" على "ليس" لأنها مثلها في نفي الحال5.

والمراجع في ذلك كله إلى6 السماع.

1 شرح ابن الناظم ص478.

2 مغني اللبيب 1/ 22.

3 المقرب 1/ 262.

4 الكتاب 3/ 16.

5 شرح ابن الناظم ص478.

6 سقطت من "ب".

ص: 370

فصل:

"ينصب المضارع بأن مضمرة وجوبًا في خمسة مواضع:

أحدها بعد اللام إن سبقت بكون ناقص ماض" لفظًا ومعنى، أو معنى لا لفظًا "منفي" الأول: بـ"ما" والثاني: بـ"لم" ودون غيرهما من أدوات النفي."نحو: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ} [العنكبوت: 4]، {لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ} [النساء: 137] فـ"يظلم" و"يغفر"، منصوبان بـ"أن" مضمرة بعد اللام عند البصريين، لا باللام. واللام متعلقة بمحذوف، لا زائدة، وذلك المحذوف هو الخبر لا الفعل الذي دخلت عليه اللام. وخالفهم الكوفيون فيهن1.

وقد صرح بالخبر الذي زعمه البصريون من قال: [من الوافر]

819-

سموت ولم تكن أهلًا لتسمو

ولكن المضيع قد يصاب

فهذا بمنزلة ما قدروه من قولك: ما كان زيد مريدًا للفعل أو مقدرًا له. واحتج الكوفيون بقوله: [من الطويل]

820-

لقد عذلتني أم عمرو ولم أكن

مقالتها ما كنت حيا لأسمعا

إذ لو كانت "أن" هي الناصبة لأسمع. لزم تقديم معمول صلتها عليها، وذلك ممتنع. وعورض بمجيء ذلك في صريح "أن" في قوله:[من الرجز]

821-

كان جزائي بالعصا أن أجلدا

1 انظر الإنصاف 2/ 593، المسألة رقم 82.

819-

البيت بلا نسبة في الارتشاف 2/ 400، والجنى الداني ص119، والدرر 2/ 13، ولسان العرب 12/ 559 "لوم"، وهمع الهوامع 2/ 8.

820-

البيت بلا نسبة في الإنصاف 2/ 593، وخزانة الأدب 8/ 578، وشرح التسهيل 4/ 234، وشرح المفصل 7/ 29.

821-

الرجز للعجاج في ملحق ديوانه 2/ 281، وخزانة الأدب 8/ 429، 430، 432، والدرر 1/ 170، 209، والمحتسب 2/ 310، وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 8/ 142، والدرر 2/ 4، وشرح شافية بن الحاجب 2/ 336، وشرح المفصل 9/ 151، واللامات ص59، والمنصف 1/ 129، وهمع الهوامع 1/ 88، 112، 2/ 3، والاشتقاق ص31.

ص: 371

والجواب واحد، وعلة امتناع ذكر "أن" بعد لام الجحود أن: ما كان ليفعل، رد على من قال: كان سيفعل. فاللام في مقابلة السين، فكما لا تذكر "أن" مع السين كذلك لا تذكر مع اللام. وزعم بعضهم أنه يجوز إظهار "أن" بشرط حذف اللام. محتجًّا بقوله تعالى:{وَمَا كَانَ هَذَا الْقُرْآنُ أَنْ يُفْتَرَى} [يونس: 37] ، ورد بأن "أن" يفترى في تأويل مصدر مخبر به عن القرآن وهو مصدر مثله. وفي هذا الرد نظر، لأن المراد بالقرآن المقروء لا القراءة. والحق أن هذا ليس مما نحن فيه؛ لأن الكلام فيما الخبر فيه مزيد ونحوه.

[وزعم بعضهم أن الحكم لا يختص بـ"كان"، بل في سائر أخواتها، نحو: ما أصبح زيد ليفعل] 1، وزعم بعضهم أنه يجوز في "ظن" قياسًا على "كان"، نحو: ما ظننت زيدًا ليفعل. ووسع بعضهم الدائرة، فأجاز ذلك في كل فعل تقدمه نفي، نحو: ما جاء زيد ليفعل كذا. "وتسمى هذا اللام، لام الجحود"، من تسمية العام بالخاص، فإن الجحود عبارة عن إنكار الحق، لا عن مطلق النفي، والنحويون أطلقوه وأرادوا الثاني. وإلى هذه المسألة أشار الناظم بقوله:

683-

..................................

وبعد نفي كان حتما أضمرا

الموضع "الثاني: بعد: أو" العاطفة "إذا صلح في موضعها: حتى" المرادفة إلى "نحو: لألزمنك أو تقضيني حقي" أي: حتى تقضيني. وقوله: [من الطويل]

822-

لأستسهلن الصعب أو أدرك المنى

فما انقادت الأمال إلا لصابر

أي حتى2 أدرك.

"أو" صلح في موضعها "إلا" الاستثنائية "نحو: لأقتلنه"؛ أي الكافر؛ "أو يسلم" أي: إلا أن يسلم3، "وقوله" وهو زياد الأعجم:[من الوافر]

823-

وكنت إذا غمزت قناة قوم

كسرت كعوبها أو تستقيما

1 سقط ما بين المعكوفين من "ب".

822-

البيت بلا نسبة في أوضح المسالك 4/ 172، والدرر 2/ 161، وشرح ابن الناظم ص479، وشرح الأشموني 3/ 558، وشرح شذور الذهب 298، وشرح شواهد المغني 1/ 206، وشرح ابن عقيل 2/ 346، وشرح قطر الندى ص69، ومغني اللبيب 1/ 67، والمقاصد النحوية 4/ 384، وهمع الهوامع 2/ 10.

2 سقطت من "ب".

3 وشرح ابن الناظم ص479، وشرح ابن عقيل 2/ 346.

823-

البيت لزياد الأعجم في ديوانه 101، والأزهية ص122، وشرح أبيات سيبويه 2/ 169، وشرح شواهد الإيضاح 254، وشرح شواهد المغني 1/ 205، والكتاب 3/ 48، واللسان 5/ 389 "غمز" والمقاصد النحوية 4/ 385، والمقتضب 2/ 92، وبلا نسبة في أوضح المسالك 4/ 172، وشرح ابن الناظم ص479، وشرح الأشموني 3/ 558، وشرح شذور الذهب ص299، وشرح قطر الندى ص70، وشرح المفصل 5/ 15، ومغني اللبيب 1/ 66، والمقرب 1/ 263.

ص: 372

أي: إلا أن تستقيم فلا أكسر كعوبها، ولا يصلح هنا معنى؛ إلى؛ لأن الاستقامة1 لا تكون غاية للكسر. وغمزت؛ بالغين والزاي المعجمتين: عصرت، والقناة: بالقاف، والنون: الرمح. والكعوب: النواشز في أطراف الأنانبيب. وهذه استعارة تمثيلية.

شبه حاله إذا أخذ في إصلاح قوم اتصفوا بالفساد، فلا يكف عن حسم المواد التي تنشأ عنها فسادهم إلا أن يحصل صلاحهم بحالة إذا غمز قناة معوجة حيث يكسر ما ارتفع من أطرافها ارتفاعًا يمنع من اعتدالها، ولا يفارق ذلك إلا أن تستقيم.

و"أن" والفعل في هذه الأمثلة ونحوها مؤول بمصدر معطوف على مصدر متصيد من الفعل المتقدم. أي: ليكونن لزوم مني أو قضاء منه لحقي، وليكونن استسهال مني للصعب أو إدراك للمني، وليكونن قتل مني [للكافر] 2، أو إسلام منه، وليكونن كسر مني لكعوبها. أو استقامة منها. وإليه أشار الناظم بقوله:

684-

كذاك بعد أو إذا يصلح في

موضوعها حتى أو الا............

الموضع "الثالث: بعد: حتى" الجارة، "إن كان الفعل مستقبلا باعتبار" زمن "التكلم" بما قبلها، "نحو:{فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ} " [الحجرات: 9] فـ"تفيء" مستقبل باعتبار زمن التكلم بالأمر بالقتال، وإلقائه إلى المخاطب به، "أو" مستقبلا "باعتبار ما قبلها" من غير اعتبار تكلم، "نحو: {وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ} " [البقرة: 214] فإن قول الرسول وإن كان ماضيًا بالنسبة إلى زمن الإخبار وقصه علينا، إلا أنه مستقبل بالنسبة إلى زلزالهم. ولـ"حتى" التي ينتصب الفعل بعدها معنيان، فتارة تكون بمعنى "كي" التعليلية، وذلك إذا كان ما قبلها علة لما بعدها. نحو: أسلم حتى تدخل الجنة. وتارة تكون بمعنى "إلى" الغائية. وذلك إذا كان ما بعدها غاية لما قبلها، نحو: لأسيرن حتى تطلع الشمس. إذا عرفت ذلك فالمثال الأول من أمثلة الموضح مما يصلح للمعنيين معًا، فيحتمل أن يكون المعنى: كي تفيء أو: إلى أن تفيء، والمثال الثاني "حتى" فيه بمعنى "إلى" خاصة أي: إلى أن يقول الرسول، وإلى هذا الموضع3 أشار الناظم بقوله:

1 في "ب": "الاستفادة".

2 إضافة من "ط".

3 سقطت من "ب".

ص: 373

685-

وبعد حتى هكذا إضمار إن

حتم..........................

"ويرفع الفعل بعدها إن كان حالا"، أو مؤولا بالحال، "مسببا" عما قبلها، "فضلة"، ثم الكلام قبله، "نحو: مرض زيد حتى لا يرجونه"، فلا يرجونه حال لأنه في قوة قولك: فهو الآن إلا يرجى، ومسببا عما قبلها لأن عدم الرجاء مسبب عن المرض، وفضلة لأن الكلام ثم قبله بالجملة الفعلية.

"ومنه "حَتَّى يَقُولُ الرَّسُولُ""[البقرة: 214] برفع "يقول" في "قراءة نافع، لأنه مؤول بالحال، أي: حتى حالة الرسول، والذين آمنوا أنهم يقولون ذلك" حينئذ.

وللحال المؤول تفسير آخر، وهو أن يفرض ما كان واقعًا في الزمن الماضي، واقعا في هذا الزمن، فيعبر عنه المضارع المرفوع. وفائدة تأويله بالحال، تصوير تلك الحال العجيبة واستحضار صورتها في مشاهدة السامع ليتعجب منها. وإنما وجب رفع الفعل بعد "حتى" عند إرادة الحال، حقيقة أو مجازًا، لأن نصبه يؤدي إلى تقدير "أن" وهي للاستقبال، والحال ينافي الاستقبال1.

وإنما اشترطت السببية ليحصل الربط معنى، وذلك لأنه لما لم يتعلق ما بعدها بما قبلها لفظا، زال الاتصال اللفظي، فشرطت السببية الموجبة للاتصال المعنوي جبرًا لما فات من الاتصال اللفظي، وإنما اشترطت الفضلية لئلا يبقى المبتدأ بلا خبر، وذلك أنه إذا رفع كانت "حتى" حرف ابتداء، فالجملة الواقعة بعدها مستأنفة، فإن فقد شرط من الثلاثة، وجب النصب. فيجب النصب في مثل:{لَنْ نَبْرَحَ عَلَيْهِ عَاكِفِينَ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَيْنَا مُوسَى} [طه: 91] لانتفاء الحال.

"ويجب النصب في مثل: لأسيرن حتى تطلع الشمس". خلافًا للكوفيين. "و: ما سرت" إلى البلدة "حتى أدخلها، و: أسرت حتى تدخلها، لانتفاء السببية" فيهن. أما الأول فلأن طلوع الشمس لا يتسبب عن السير. وأما الثاني فلأن الدخول لا يتسبب عن عدم السير. وأما الثالث فلأن السبب لم يتحقق وجوده، فلو رفع لزم أن يكون مستأنفًا مقطوعًا بوقوعه. وما قبله سبب له. وذلك لا يصح لأن ما قبلها غير سبب فيلزم وقوع المسبب مع نفي السبب أو الشك فيه. قاله المرادي2.

1 انظر شرح بن الناظم ص481، والكتاب 3/ 17-18.

2 شرح المرادي 4/ 204.

ص: 374

"بخلاف: أيهم سار حتى يدخلها"، و: متى سرت حتى تدخلها؛ برفعهما، "فإن السير ثابت" محقق، "وإنما الشك في" عين "الفاعل" في الأول، وفي عين الزمان في الثاني. وأجاز الأخفش الرفع بعد النفي على أن يكون أصل الكلام إيجابًا، ثم أدخلت أداة النفي على الكلام بأسره لا على ما قبل "حتى" خاصة، ولو عرضت هذه المسألة بهذا المعنى على سيبويه لم يمنع الرفع فيها، وإنما منعه إذا كان النفي مسلطًا على السبب خاصة، وكل أحد يمنع ذلك.

"و" يجب النصب "في نحو: سيري"؛ بفتح السين؛ "حتى أدخلها، لعدم الفضلية"، فـ"سيري" مبتدأ، و"حتى أدخلها" خبره، ولو رفع الفعل لصار المبتدأ وبلا نسبة في خبر.

"وكذلك" يجب النصب في مثل: "كان سيري أمس حتى أدخلها، إن قدرت "كان" ناقصة"، وحتى أدخلها الخبر، "ولم تقدر الظرف" وهو "أمس""خبرًا" لـ"كان"، بل قدرته متعلقًا بنفس السير، فإن قدرت "كان" تامة، و"أمس" متعلقًا بـ"سيري"، أو ناقصة، و"أمس" متعلقًا باستقرار محذوف على أنه خبر "كان" رفعت، لأن ما بعد "حتى" حال مسبب، فضلة، و"حتى" فيه ابتدائية، وعلامة كونه حالا أو مؤولا به، صلاحية جعل الفاء في موضع "حتى". وإليه أشار الناظم بقوله:

686-

وتلو حتى حالا أو مؤولا

به ارفعن وانصب المستقبلا

الموضع "الرابع والخامس: بعد "فاء" السببية، و" بعد "واو المعية"، حال كونهما "مسبوقين بنفي أو طلب محضين"، وإليهما أشار الناظم بقوله:

687-

وبعد فالجواب نفي أو طلب

محضين.........................

688-

والواو كالفا إن تفد مفهوم مع

....................................

فالنفي يشمل ما كان بحرف، أو فعل، أو اسم، وما كان تقليلا مرادًا به النفي.

فالأول "نحو: {لَا يُقْضَى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا} "[فاطر: 36]، والثاني نحو: ليس زيد حاضرًا فيكلمك. والثالث: نحو أنت غير آت فتحدثنا. والرابع نحو: قلما تأتنا فتحدثنا. "و" النفي مع الواو كذلك نحو: " {وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ} [آل عمران: 142] وقس الباقي. والطالب يشمل: الأمر، والنهي والدعاء، والعرض، والتحضيض، والتمني، والاستفهام. فهذه سبعة، مع النفي صارت ثمانية. "و" زاد الفراء الترجي.

ص: 375

مثل الفاء بعد التمني: " {يَا لَيْتَنِي كُنْتُ مَعَهُمْ فَأَفُوزَ} "[النساء: 73] . ومثال الواو بعده: {يَا لَيْتَنَا نُرَدُّ وَلَا نُكَذِّبَ بِآيَاتِ رَبِّنَا وَنَكُونَ} [الأنعام: 27] بالنصب في قراءة حمزة وحفص1.

"و" مثال الفاء بعد النهي: " {وَلَا تَطْغَوْا فِيهِ فَيَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبِي} "[طه: 81] . "و" مثال الواو بعده "قوله"، وهو أبو الأسود الدؤلي:[من الكامل]

824-

لا تنه عن خلق وتأتي مثله

عار عليك إذا فعلت عظيم

وشرط النهي عدم النقض بإلا، فلو نقضت النهي بإلا لم يجز النصب نحو: لا تضرب إلا عمرًا فيغضب، فيجب في "يغضب" الرفع. قاله في شرح الشذور2 تبعًا لسيبويه3.

"و" مثال الفاء بعد الأمر "قوله"، وهو أبو النجم العجلي:[من الرجز]

825-

يا ناق سيري عنقا فسيحا

إلى سليمان فنستريحا

1 القراءة من شواهد أوضح المسالك 4/ 180، وحاشية يس 2/ 238-239، وشرح ابن الناظم ص485، والكتاب 3/ 44، وفي النص المصحفي:{نُكَذِّبَ} ، {نَكُونَ} ، بالنصب، وقرأهما بالرفع نافع وابن كثير وأبو عمرو وعاصم وأبو بكر والكسائي. انظر الإتحاف 206، والنشر 2/ 257.

824-

البيت لأبي الأسود الدؤلي في ديوانه ص404، والأزهية ص234، وشرح شذور الذهب ص238، 312، وهمع الهوامع 2/ 13، وللمتوكل الليثي في الأغاني 12/ 156، وحماسة البحتري 117، والعقد الفريد 2/ 311، والمؤتلف والمختلف 179، ولأبي الأسود أو للمتوكل في لسان العرب 7/ 447، "عظظ" ولأحدهما أو للأخطل في شرح شواهد الإيضاح ص252، ولأبي الأسود الدؤلي أو للأخطل أو للمتوكل الكناني في المقاصد النحوية 4/ 393، ولأحد هؤلاء أو للمتوكل الليثي أو للطرماح أو للسابق البربري في خزانة الأدب 8/ 564، 567، وللأخطل في الرد على النحاة 127، وشرح المفصل 7/ 24، والكتاب 3/ 42، ولحسان بن ثابت في شرح أبيات سيبويه 2/ 188، وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 6/ 294، وأمالي بن الحاجب 2/ 864، وأوضح المسالك 4/ 181، وجواهر الأدب 168، والجنى الداني 157، ورصف المباني 424، وشرح ابن الناظم ص485، وشرح الأشموني 3/ 566، وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص535، وشرح ابن عقيل 2/ 353، وشرح عمدة الحافظ ص342، وشرح قطر الندى ص77، ولسان العرب 15/ 489 "وا"، ومغني اللبيب 2/ 361، والمقتضب 2/ 26.

2 شرح شذور الذهب ص306.

3 الكتاب 3/ 30.

825-

الرجز لأبي النجم في الدرر 1/ 200، 2/ 17، والرد على النحاة 123، والكتاب 3/ 35، ولسان العرب 3/ 63 "نفخ" 10/ 274 "عنق"، والمقاصد النحوية 4/ 387، وهمع الهوامع 2/ 10، وتاج العروس "عنق"، وبلا نسبة في أوضح المسالك 4/ 182، ورصف المباني ص381، وسر صناعة الإعراب 1/ 270، 274، وشرح ابن الناظم ص482، وشرح الأشموني 2/ 302، 3/ 562، وشرح شذور الذهب ص305، وشرح ابن عقيل 2/ 350، وشرح قطر الندى ص71، وشرح المفصل 7/ 26، واللمع في العربية ص210، والمقتضب 2/ 14، وهمع الهوامع 1/ 182.

ص: 376

والعنق؛ بفتحتين؛ ضرب من السير. والفسيح: الواسع.

"و" مثال الواو بعده "قوله"، وهوالأعشى، أو الحطيئة، فيما زعم ابن يعيش1. أبو ربيعة بن جشم، فيما زعم الزمخشري2، أبو دثار بن شيبان النمري، فيما زعم ابن بري: [من الوافر]

826-

فقلت ادعي وأدعو إن أندى

لصوت أن ينادي داعيان

فـ"أدعو" مضارع منصوب بأن مضمرة وجوبًا بعد الواو. و"أندى" أفعل، من الندى؛ بفتحتين؛ وهو بعد الصوت، و"لصوت" بكسر اللام، متعلق به. و"أن ينادي"، بفتح الهمزة وكسر الدال خبر "إن"، و"داعيان": تثنية داع، فاعل ينادي. والمعنى: فقلت لها ينبغي أن يجتمع دعائي ودعاؤك، فإن أرفع صوت وأبعده دعاء داعيين معًا.

"وقد اجتمع" النصب في جوابي "الطلب والنفي في قوله تعالى: {وَلَا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ} ؛ الآية" وتمامها: {بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ مَا عَلَيْكَ مِنْ حِسَابِهِمْ مِنْ شَيْءٍ وَمَا مِنْ حِسَابِكَ عَلَيْهِمْ مِنْ شَيْءٍ فَتَطْرُدَهُمْ فَتَكُونَ مِنَ الظَّالِمِينَ} [الأنعام: 52]"لأن تطردهم جواب النفي"، وهو:{مَا عَلَيْكَ مِنْ حِسَابِهِمْ مِنْ شَيْءٍ} ، "وتكون، جواب النهي"، وهو:{وَلَا تَطْرُدِ} ، على طريق اللف والنشر3 من غير

1 شرح المفصل 7/ 35.

2 المفصل ص248.

826-

البيت للأعشى في الدرر 2/ 21، والرد على النحاة ص128، والكتاب 3/ 45، وليس في ديوانه، وللفرزدق في أمالي القالي 2/ 90، وليس في ديوانه، ولدثار بن شيبان النمري في الأغاني 2/ 159، وسمط اللآلي ص726، ولسان العرب 15/ 316 "ندى"؛ وللأعشى أبو للحطيئة أو لربيعة بن جشم في شرح المفصل 7/ 35، ولأحد هؤلاء الثلاثة أو لدثار بن شيبان في شرح شواهد المغني 2/ 827، والمقاصد النحوية 4/ 392، وبلا نسبة في أمالي ابن الحاجب 2/ 864، والإنصاف 2/ 531، وأوضح المسالك 4/ 182، وجواهر الأدب ص167، وسر صناعة الإعراب 1/ 392، وشرح ابن الناظم ص484، وشرح الأشموني 3/ 566، وشرح شذور الذهب ص311، وشرح ابن عقيل 2/ 353، وشرح عمدة الحافظ ص341، ولسان العرب 12/ 560 "لوم"، ومجالس ثعلب 2/ 524، ومغني اللبيب 1/ 397، والمفصل ص248، وهمع الهوامع 2/ 131.

3 اللف والنشر: أن يذكر الناظم في أول البيت أسماء متعددة غير تامة المعنى، ثم يقابلها بأشياء يعددها من غير الأضداد تتمم معناها؛ إما بالجمل، وإما بالألفاظ المفردة، كقوله ابن حيوس:

فعل المدام ولونها ومذاقها

في مقلتيه ووجنتيه وريقه

انظر شرح الكافية البديعية لصفي الدين الحلي، ص76.

ص: 377

ترتيب، فاندفع ما يقال إن هذه الآية ظاهرها أن: فتكون، جواب "فتطردهم"، أو هما جوابان للطلب أو النفي، والجواب لا يجاب، والشيء الواحد لا يكون له جوابان، كما1 نص عليه النحاة.

ومثال الفاء بعد الدعاء1 قوله: [من الرمل]

827-

رب وفقني فلا أعدل عن

سنن الساعين في خير سنن

وبعد العرض قوله: [من البسيط]

828-

يا ابن الكرام ألا تدنو فتبصر ما

قد حدثوك فما راء كمن سمعا

وبعد التحضيض قولك: هلا اتقيت الله فيغفر لك. وهو والعرض متقاربان يجعلهما التنبيه على الفعل، إلا أن في التحضيض زيادة توكيد وحث، وفي العرض لينا ورفقًا. وبعد الاستفهام قوله:[من البسيط]

829-

لاهل تعرفون لباناتي فأرجو أن

تقضي فيرتد بعض الروح للجسد

وشرط الاستفهام أن لا يتضمن وقوع الفعل نحو: لم ضربته فيجازيك. فإن الضرب إذا وقع يتعذر سبك مصدر مستقبل منه2، والترجي سيأتي.

قال في شرح الشذور3: "ولم يسمع نصب الفعل بعد الواو إلا بعد واحد من أربعة وهي: النفي، والنهي، والأمر، والتمني، ولذلك اقتصر الموضح في التمثيل عليها". وقال أبو حيان4: "ولا أحفظه بعد الدعاء، والعرض، والتحضيض، والترجي، فينبغي أن لا يقدم على1 ذلك إلا بسماع". انتهى.

1 سقطت من "ب".

827-

البيت بلا نسبة في الدرر 2/ 18، وشرح ابن الناظم 482، وشرح الأشموني 3/ 563، وشرح شذور الذهب 306، وشرح ابن عقيل 2/ 350، وشرح قطر الندى ص72، والمقاصد النحوية 4/ 388، وهمع الهوامع 2/ 11.

828-

البيت بلا نسبة في الدرر 2/ 19 وشرح ابن الناظم ص483، وشرح الأشموني 3/ 563، وشرح شذور الذهب ص308، وشرح ابن عقيل 2/ 351، وشرح قطر الندى ص74، والمقاصد النحوية 4/ 389، وهمع الهوامع 2/ 12.

829-

البيت بلا نسبة في شرح ابن الناظم ص482، وشرح الأشموني 3/ 563، وشرح قطر الندى ص73، والمقاصد النحوية 4/ 388.

2 في "ب": "مستقل به".

3 شرح شذور الذهب ص313.

4 الارتشاف 2/ 415.

ص: 378

واحترز الناظم بتقييد النفي والطلب بمحضين من النفي التالي تقريرًا بالهمزة، ومن النفي المتلو بنفي آخر. ومن النفي المنتقض بإلا. فالأول نحو: ألم تأتني فأحسن إليك، بالرفع إذا لم ترد الاستفهام الحقيقي، وإنما أردت أن تحمل مخاطبك على الإقرار والاعتراف بإتيانه إليك وإحسانك إليه.

قال الشيخ عبد القاهر في شرح مختصره: "معنى قولنا الهمزة للتقرير، أنك ألجأت المخاطب إلى الإقرار بأمر قد كان، تقول: أضربت زيدًا، ولا يكون غرضك أن يعلمك أمرًا لم تكن تعلمه، ولكن أردت أن تقرره أي تحمله على أن يقر بفعل قد فعله". انتهى.

والمعنى: أنت أتيتني فأحسنت إليك. على حد قوله تعالى: {أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ} [الزمر: 36] أي: الله كاف عبده، لأن نفي النفي إثبات. قال في التخليص1:"وهذا مراد من قال: إن الهمزة فيه للتقرير، أي بما دخله النفي لا بالنفي". انتهى.

فثبت بهذا أن الاستفهام التقريري يتضمن ثبوت الفعل، فلا ينصب المضارع في جوابه، لعدم تمحض النفي. وما ورد منه2 منصوبًا فلمراعاة صورة النفي وإن كان تقريرًا، أو لأنه جواب الاستفهام.

"و" الثاني "نحو: ما تزال تأتينا فتحدثنا، و" الثالث نحو: "ما تأتينا إلا وتحدثنا". فإن معناهما الإثبات، فلذلك وجب رفع الفعل بعدهما. أما الأول فلأن "زال" للنفي، وقد دخل عليها النفي، ونفي النفي إثبات. وأما الثاني فلانتقاض النفي بإلا. ولك في نحو: ما تأتينا3 فأكرمك، أربع أوجه:

أحدها: أن تقدر الفاء لمجرد عطف لفظ الفعل4 على لفظ ما قبلها، فليكون شريكه في إعرابه، فيجب هنا الرفع لأن الفعل الذي قبلها مرفوع والمعطوف شريك المعطوف عليه، وكأنك قلت: ما تأتيني فما أكرمك، فهو شريكه في النفي الداخل عليه.

الثاني: أن يقدر5 الفاء لمجرد السببية، ويقدر5 الفعل الذي بعدها مستأنفًا،

1 التخليص في علوم البلاغة ص166.

2 سقطت من "ب".

3 في "ب"، "ط"، "تأتيني".

4 في "ط": "النفي للفعل" مكان "لفظ الفعل".

5 في "ب"، "ط":"تقدر".

ص: 379

ومعنى استئنافه أن يقدر1 خبرًا لمبتدأ محذوف، فيجب الرفع أيضًا، لخلو الفعل من الناصب والجازم، والمعنى: ما تأتينا2 فأنا أكرمك لكونك لم تأتني، وذلك إذا كنت كارهًا لإتيانه. والفرق بين هذا الوجه الذي قبله في النفي، أن النفي في الذي قبله، يشمل ما قبل الفاء وما بعدها، وفي هذا الوجه انصب النفي فيه3 إلى ما قبل الفاء خاصة.

الثالث: أن تقدر الفاء لعطف مصدر الفعل الذي بعدها على4 المصدر المؤول مما قبلها، ويقدر5 النفي منصبا على المعطوف دون المعطوف عليه، فيجب حينئذ النصب.

والمعنى: ما يكون منك إتيان يعقبه مني4 إكرام، بل يكون منك إتيان ولا يكون مني إكرام.

الرابع: أن يقدر6 الفاء أيضًا، لعطف مصدر الفعل الذي بعدها، على المصدر المؤول مما قبلها، ولكن يقدر النفي منصبًا على المعطوف عليه، فينتفي المعطوف لأنه مسبب عنه. وقد انتفى. "ويكون المعنى: ما يكون منك إتيان، فكيف يكون مني إكرام، والحاصل في الرفع وجهان وفي النصب وجهان.

"و" احترز "من الطلب باسم الفعل، و" من الطلب "بما لفظه الخبر، وسيأتي" الكلام عليهما بعد أسطر.

"و" احترز "بتقييد الفاء بالسببية، و" تقييد "الواو بالمعية من" الفاء والواو "العاطفتين على صريح الفعل" إذا لم يشعروا بسببية ولا معية. "ومن الاستئنافيتين". فالفاء العاطفة على صريح الفعل "نحو: {وَلَا يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ} [المرسلات: 36] فإنها للعطف". فعطفت "يعتذرون" على لفظ "يؤذن"7 فهو شريك له في رفعه، وفي النفي الداخل عليه. وكأنه قيل: ولا يؤذن لهم فلا يعتذورن8. ولو قرئ بالنسب على أنه جواب النفي لم يمتنع9. والمعنى: لو أذن لهم لاعتذروا مثل: {لَا يُقْضَى

1 في "ب"، "ط":"تقدره".

2 في "ب"، "ط":"تأتيني".

3 سقطت من "ط".

4 سقطت من "ب".

5 في "ب": "تقدير".

6 في "ب"، "ط":"تقدر".

7 في "ب"، "يؤذن لهم".

8 سقط من "ب": "فلا يعتذرون".

9 ويكون حينئذ على الوجه الرابع المار في كلامه. انظر حاشية يس 3/ 240، 241.

ص: 380

عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا} [فاطر: 36] ولكنه أوثر الرفع للتناسب رءوس الآي. قاله الفراء1.

وفرق ابن عصفور بأن الإذن والاعتذار منفيان بالقصد، وانتفاء الموت لازم عن انتفاء القضاء عليهم. ولم يقصد نفيه كما قصد2 نفي الاعتذار، وبأنه لو وقع القضاء عليهم لماتوا. وليس الإذن سببًا للاعتذار.

"و" الفاء الاستئنافية، نحو "قوله"، وهو جميل صاحب بثينة:[من الطويل]

830-

ألم تسأل الربع القواء فينطق

وهل يخبرنك اليوم بيداء سملق

فـ"ينطق": مرفوع، وهو مبني على مبتدأ محذوف3، أي: فهو ينطق، ولا يضر اقترانه بالفاء "فإنها" فيه "للاستئناف" لا للعطف ولا للسببية، "إذا العطف يقتضي الجزم" لما بعدها، لكونه معطوفًا على مجزوم، وهو:"تسأل". "والسببية تقتضي النصب" له لكونه في جواب الاستفهام.

ونوزع في اقتضاء السببية النصب، فإنه قد جاء الرفع مع تحقق السببية في:{لَا يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ} [المرسلات: 36]، كما صرح به بعضهم. ودفع بأن اقتضاءها النصب صحيح على قول الأكثر. قال في المغنى:"والتحقيق أن الفاء فيه للعطف، وأن المعتمد بالعطف الجملة. لا الفعل وحده وإنما يقدر النحويون كلمة "هو" ليبينوا4 أن الفعل ليس المعتمد بالعطف". انتهى. والربع: المنزل، والقواء، بفتح القاف، ومده أكثر من قصره: الخالي الذي لا أنيس به. والبيداء: القفر الذي يبيد من يسلك5، فيه، أي: يهلكه، والسملق، بفتح السين المهملة: القاع الأملس الصفصف6.

1 معاني القرآن 3/ 262.

2 في "ط": "يقصد".

830-

البيت لجميل بثينة في ديوانه ص137، وخزانة الأدب 8/ 524، 525، والدرر 2/ 18، وشرح أبيات سيبويه 2/ 210، وشرح شواهد المغني 1/ 474، وشرح المفصل 7/ 36، 37، ولسان العرب 10/ 164، "سملق"، والمقاصد النحوية 4/ 403، وبلا نسبة في أوضح المسالك 4/ 185، والجنى الداني ص76، والدرر 2/ 417، والرد على النحاة ص127، ورصف المباني 378،/ 385، وشرح الرضي 4/ 66، 71، وشرح شذور الذهب ص300، والكتاب 3/ 37، ولسان العرب 1/ 300 "حدب"، ومغني اللبيب 1/ 168، وهمع الهوامع 2/ 11، 131.

3 سقطت من "ب".

4 في "أ": "ليبينون". انظر حاشية ص 1/ 241.

5 في "ط": "سلك".

6 في "ط": "للصفصف".

ص: 381

"وتقول مع الواو: لا تأكل السمك وتشرب اللبن1؛ بالرفع" على الاستئناف؛ "إذا نهيته عن الأول فقط" وأبحت له الثاني، فكأنك قلت: لا تأكل السمك ولك شرب2 اللبن. "فلإن قدرت النهي عن الجمع" بينهما، "نصبت" على إرادة المعية، وكأنك قلت: لا تأكل السمك مع شرب3 اللبن، "أو" قدرت النهي "عن كل منهما" على حدته. "جزمت" على العطف، وكأنك قلت: لا تأكل السمك ولا تشرب اللبن.

والفرق بين النصب والجزم في حالتي العطف أنه في النصب من عطف مصدر مؤول من "أن" والفعل، على مصدر متصيد من الفعل السابق لئلا يلزم عطف المصدر على الفعل. وفي الجزم من عطف الفعل على الفعل.

"وإذا سقطت الفاء" من المضارع الواقع "بعد الطلب" المحض "وقصد" بالفعل الذي سقطت منه الفاء، "معنى الجزاء" للطلب السابق عليه، "جزم الفعل"، والمراد بقصد الجزاء أنك تقدره مسببًا عن ذلك الطلب المتقدم، كما أن جزاء الشرط مسبب4 عن فعل الشرط.

واختلف في تحقيق جازمه، فالجمهور يجعلونه "جوابًا لشرط مقدر"، فيكون مجزومًا عندهم5 بأداة شرط مقدرة هي وفعل الشرط "لا" جوابًا "للطلب" المتقدم، فيكون مجزومًا بنفس الطلب، وهو قول الخليل وسيبويه6 والسيرافي7 والفارسي8.

ثم اختلفوا في علته، فقال الخليل وسيبويه6: إنما جزم الطلب "لتضمنه معنى" حرف "الشرط"، كما أن أسماء الشرط إنما جزمت لذلك، وقال الفارسي والسيرافي: لنيابته مناقب الجازم الذي هو حرف الشرط المقدر، كما أن النصب بضربًا، في قولك: ضربًا زيدًا، لنيابته عن اضرب، لا لتضمنه معناه. " خلافًا لزاعمي ذلك".

1 انظر الارتشاف 2/ 451، والإنصاف 2/ 415، وشرح شذور الذهب ص312، وشرح ابن عقيل 2/ 355، وشرح قطر الندى ص79، وشرح المفصل 7/ 34، وشرح ابن الناظم ص486.

2 في "ب": "مع شربك".

3 في "ب": "شرب".

4 في "ب": "سبب".

5 سقطت من "ب".

6 الكتاب 3/ 62.

7 شرح كتاب سيبويه 1/ 88.

8 المسائل المنثورة ص158.

ص: 382

ومذهب الجمهور أرجح، لأن الحذف والتضمين وإن اشتركا في أنهما خلاف الأصل لكن في التضمين تغيير معنى الأصل، ولا كذلك الحذف. ولأن نائب الشيء يؤدي معناه والطلب لا يؤدي معنى الشرط، ولأن الأرجح في: ضربا زيدًا، أن زيدًا منصوب بالفعل المحذوف لا بالمصدر لعدم حلوله محل فعل مقرون بحرف مصدري، وذلك "نحو:{قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ} [الأنعام: 151] تقدم الطلب وهو "تعالوا" وتأخر المضارع المجرد من الفاء وهو "أتل" وقصد به الجزاء1 فجزم بحرف شرط مقدر. والتقدير: تعالوا إن تأتوني، أتل عليكم فالتلاوة عليهم مسببة عن مجيئهم. وعلامة جزمه حذف الواو.

ومثله: {وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ} [مريم: 25] فإنه مجزوم باتفاق السبعة. بخلاف {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ} [التوبة: 103]، [وإنما أريد: خذ منهم صدقة مطهرة لهم] 2. فـ"تطهرهم": مرفوع باتفاق السبعة، وإن كان مسبوقًا بالطلب، وهو: خذ، لكونه ليس مقصودًا به معنى: أن تأخذ منهم صدقة تطهرهم، وإنما أريد: خذ منهم صدقة مطهرة لهم فتطهرهم، صفة لصدقة، ولو قرئ بالجزم على معنى الجزاء لم يمتنع في القياس.

وبخلاف نحو: {فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا، يَرِثُنِي وَيَرِثُ} [مريم: 5، 6] في قراءة الرفع3 فإنه قدره" مع فاعله جملة في موضع نصب "صفة لـ"وليا" لا جوابًا لـ"هب"، كما قدره من جزم"4، وقس على ذلك بقية أنواع الطلب، وإلى ذلك أشار الناظم بقوله:

689-

وبعد غير النفي جزما اعتمد

إن تسقط الفا والجزاء قد قصد

وأما النفي فلا يجزم الفعل في جوابه. فلا يقال: ما تأتينا تحدثنا بجزم "تحدثنا" خلافًا للزجاجي. والكوفيين، ولا سماع معهم ولا قياس لأن الجزم يتوقف على السببية، ولا يكون انتفاء الإتيان سببًا للتحديث.

"وشرط غير الكسائي" من النحويين. "لصحة الجزم بعد النهي، صحة" وقوع "إن لا، في موضعه"، وهو أن تضع موضع النهي شرطًا مقرونًا بـ"لا" النافية،

1 في "ط": "الجزم".

2 سقط ما المعكوفين من "ب".

3 وكذا في الرسم المصحفي.

4 أي: "يرثني ويرث"، وقرأها أو عمرو والكسائي واليزيدي، والشنبوذي والأعمش وطلحة وغيرهم. انظر الإتحاف ص297، ومعاني القرآن للفراء 2/ 161، والنشر 2/ 317.

ص: 383

مع صحة المعنى، قاله الموضح في شرح القطر1، والمرادي في شرح النظم2. وظاهر قول الناظم:

690-

وشرط جزم بعد النهي أن تضع

إن قبل لا دون تخالف يقع

أنك "تضع "إن" قبل "لا الناهية، بالهاء. وشرحه على ذلك الشاطبي. "فمن ثم"؛ بفتح التاء المثلثة؛ أي من أجل هذا الشرط "جاز: لا تدن من الأسد تسلم؛ بالجزم"، لصحة قولك: إن لا تدن من الأسد تسلم، لأن السلامة مسببة عن عدم الدنو. "ووجب الرفع في نحو: لا تدن من الأسد يأكلك"، لعدم صحة قولك: إن لا تدن من الأسد يأكلك. لأن الأكل لا يتسبب عن عدم الدنو، وإنما يتسبب عن الدنو نفسه3.

ولهذا الشرط أجمعت السبعة على الرفع4 في قوله تعالى: {وَلَا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ} [المدثر: 6] . "وأما" قوله صلى الله عليه وسلم: "من أكل من هذه الشجرة "فلا يقرب مسجدنا يؤذنا" بريح الثوم"5. "فالجزم" في "يؤذنا"؛ بحذف الياء؛ "على الإبدال" من "يقرب" بدل اشتمال، "لا" على الجواب" للنهي، لعدم صحة: إن لا يقرب يؤذنا، لأن الإيذاء إنما يتسبب عن القرب لا عن عدمه. ولم يشترط الكسائي، قيل: والكوفيون قاطبة، هذا الشرط، واحتجوا بالقياس على النصب، فإنه يجوز: لا تدن من الأسد فيأكلك، بالنصب، وفي التنزيل:{لَا تَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ كَذِبًا فَيُسْحِتَكُمْ بِعَذَابٍ} [طه: 61]، وبقول أبي طلحة6 للنبي صلى الله عليه وسلم:"لا تشرف يصبك سهم"7، ويروى: لا تتطاول يصبك، وبالحديث:"لا ترجعوا بعدي كفارًا يضرب بعضكم رقاب بعض"8.

1 شرح قطر الندى ص82.

2 شرح المرادي 4/ 213.

3 في شرح ابن الناظم ص487: "وأجاز الكسائي جزم جواب النهي مطلقًا".

4 وقرأها الحسن وابن أبي عبلة "تستكثر"؛ بالجزم، وقرأها الأعمش ويحيى "تستكثر"؛ بالنصب. انظر المحتسب 2/ 337، والبحر المحيط 8/ 372، وانظر ما تقدم في الجزء الأول من شرح التصريح 89.

5 أخرجه البخاري في صفة الصلاة، باب ما جاء في النوم رقم 815، 816، وهو من شواهد أوضح المسالك 4/ 189، وشرح ابن الناظم ص487.

6 في "ب": "وقول طلحة".

7 الحديث في النهاية 2/ 461، 562، أي لا تشرف من أعلى الموضع، وفيه:"كان أبو طلحة حسن الرمي، فكان إذا رمى استشرفه النبي صلى الله عليه وسلم لينظر إلى مواقع نبله أي يحقق نظره ويطلع عليه. وأصل الاستشراف أن تضع يدك على حاجبك وتنظر، كالذي يستظل من الشمس حتى يستبين الشيء".

وانظر شرح ابن الناظم ص487.

8 أخرجه البخاري في كتاب العلم برقم 121، وأعاده برقم 4143، 6475، 6669.

ص: 384

وأجاب البصريون بأنه لو صح القياس على النصب، لصح الجزم بعد النفي قياسًا على النصب. و"يصبك": بدل من "تشرف"، أو "تتطاول". و"يضرب" مدغم. وفي رد القياس نظر فإنهم قائلون بجواز الجزم بعد النفي. كما تقدم.

"وألحق الكسائي في جواز النصب بالأمر"، بالفعل، "ما دل على معناه، أي الأمر، "من اسم فعل"1 مطلقًا، سواء أكان فيه لفظ الفعل أم لا، "نحو: نزال فنكرمك"، و: صه فنحدثك.

ووافقه بن جني، وابن عصفور بعد: نزال وتراك، ونحوه، مما فيه معنى الفعل وحروفه، ومنعاه بعد: صه ومه ونحوهما، مما فيه معنى الفعل دون حروفه2، "أو" ما دل على الأمر "من خبر" مثبت"، "نحو: حسبك حديث فينام الناس"، بنصب "ينام" عند الكسائي خاصة3، فـ"حسبك: مبتدأ، وحديث: خبره، والجملة متضمنة معنى اكفف. وعبر الموضح بنحو دون، كقولهم لأن المسموع حسبك ينام الناس4.

واختلف في إعرابه؛ فقال المرادي5: مبتدأ وخبره محذوف، أي: حسبك السكوت، وهو لا يظهر.

وقال جماعة منهم ابن طاهر6: إنه مبتدأ وبلا نسبة في خبر. لأنه في معنى ما لا يخبر عنه.

ومذهب الجمهور منع النصب بعد اسم الفعل والخبر المثبت، لأن النصب إنما هو بإضمار أن، والفاء عاطفة على مصدر متوهم، و"نزال"، و"حسبك"، ونحوهما، لا تدل على مصدر لأنها غير مشتقة، "ولا خلاف في جواز الجزم بعدهما"، أي بعد اسم الفعل والخبر المثبت "إذا سقطت الفاء"، لعدم مقتضى السبك. وإلى ذلك أشار الناظم بقوله:

691-

والأمر إن كان بغير افعل فلا

تنصب جوابه وجزمه اقبلا

"كقوله"، وهو عمرو بن الإطنابة الأنصاري [من الوافر]

1 في "ب": "الفعل".

2 انظر شرح قطر الندى ص76، وشرح شذور الذهب ص305.

3 شرح ابن الناظم ص487، وشرح شذور الذهب ص305.

4 شرح ابن الناظم ص487.

5 شرح المرادي 4/ 217.

6 الارتشاف 2/ 419.

ص: 385

831-

وقولي كلما جشأت وجاشت

مكانك تحمدي أو تستريحي

فجزم "تحمدي" في جواب اسم الفعل، وهو مكانك، فإنه في معنى اثبتي. و"قولي": مبتدأ خبره: مكانك تحمدي، على حق قولي:{لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ} [الصافات: 35] .

وجشأت، بالجيم والشين المعجمة والهمزة: ارتفعت، وجاشت، بالجيم والشين المعجمة، غثت، من الغثيان.

"وقولهم"، أي العرب:"اتقى الله امرؤ فعل خيرًا يثب عليه" يجزم "يثب" لأن "اتقى" و"فعل" وإن كان فعلين ماضيين ظاهرهما الخبر، إلا أن المراد بهما الطلب، "أي: ليتق الله وليفعل". فلذلك جزم في جوابهما.

"وألحق الفراء الترجي بالتمني"1 في نصب الفعل المقرون بالفاء بعده بأن مضمرة وجوبًا "بدليل قراءة حفص" عن عاصم {فَأَطَّلِعَ} [غافر: 37] بالنصب"2 في جواب {لَعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبَابَ} [غافر: 36]، وإلى ذلك أشار الناظم بقوله:

962-

والفعل بعد الفاء في الرجا نصب

كنصب ما إلى التمني ينتسب

ومذهب البصريين أن الترجي ليس له جواب منصوب. وتأولوا قراءة النصب بأن "لعل" أشربت معنى "ليت"، لكثرة استعمالها في توقع المرجو، وتوقع المرجو ملازم للتمني.

وفي الارتشاف3: وسماع الجزم بعد الترجي يدل على صحة مذهب الفراء، ومن وافقه من الكوفيين.

831- البيت لعمرو بن الإطنابة في الاقتضاب ص92، وكتاب الاختيارين ص160، وأمالي القالي 1/ 258، والأشباه والنظائر للخالديين 1/ 18، وإنباه الرواة 3/ 281، وأساس البلاغة "جشأ"، وتاج العروس 1/ 176، "جشأ" وحماسة البحتري ص9، والحماسة البصرية 1/ 3، وحماسة القرشي ص148، والحماسة المغربية ص606، والحيوان 6/ 425، وجمهرة اللغة ص1095، وخزانة الأدب 2/ 428، والدرر 2/ 20، 21، وديوان المعاني 1/ 114، وسمط اللآلي ص574، وشرح شواهد المغني 2/ 546، ومجالس ثعلب ص83، والمقاصد النحوية 4/ 415، والكامل ص1434، وبلا نسبة في أوضح المسالك 4/ 189، والخصائص 3/ 35، وشرح الأشموني 3/ 5698، وشرح شذور الذهب ص345، وشرح قطر الندى ص117، وشرح المفصل 4/ 74، ولسان العرب 1/ 48 "جشأ"، ومغني اللبيب 1/ 203، والمقرب 1/ 273، وهمع الهوامع 2/ 13.

1 انظر شرح ابن الناظم ص487، وشرح الكافية الشافية 3/ 1554.

2 قراءة حفص عن عاصم هي كما في الرسم المصحفي. وقرئ قوله تعالى: "أطلعُ" بالرفع، ونسبت القراءة إلى نافع وابن كثير وابن عامر وحمزة والكسائي وعاصم وشعبة وأبو جعفر وخلف ويعقوب. انظر الإتحاف 379، ومعاني القرآن للفراء 3/ 9، والنشر 2/ 356. والقراءة المستشهد بها من شواهد أوضح المسالك 4/ 191، وشرح ابن الناظم ص487، وشرح ابن عقيل 2/ 358.

3 الارتشاف 2/ 419.

ص: 386

فصل:

"وينصب" المضارع "بأن مضمرة جوازًا بعد" أحرف "خمسة أيضًا"، مصدر آض، إذا عاد:

"أحدها: اللام" الجارة1، "إذا لم يسبقها كون ناقص، ماض" منفي، "ولم يقترن الفعل بلا"، وهو المشار إليه بقول الناظم:

682-

..........................

............... وإن عدم

683-

لا فأن اعمل مظهرًا أو مضمرا

....................................

"نحو: {وَأُمِرْنَا لِنُسْلِمَ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ} [الأنعام: 71] ، {وَأُمِرْتُ لِأَنْ أَكُونَ أَوَّلَ الْمُسْلِمِينَ} "[الزمر: 12] فأضمرت في: "لنسلم"، وأظهرت في:"أكون"، وما ذكره إلى أن الناصب هو اللام، وجوزوا إظهار "أن" بعدها توكيدا2.

وقال ثعلب الناصب اللام، كما قالوا، ولكن لنيابتها عن "أن" المحذوفة، وقال ابن كيسان والسيرافي3: يجوز أن يكون الناصب "أن" المقدرة بعدها، وأن يكون "كي" ولا تتعين "أن" لذلك، ودليلهم صحة إظهار "كي" بعدها، فتحصل لنا قولان إذا قلنا اللام ناصبة، وقولان إذا قلنا: إنها غير ناصبة.

ودخل تحت قوله اللام، لام العاقبة، نحو:{فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَنًا} [القصص: 8] ولام التوكيد، وهي الزائدة، نحو:{إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ} [الأحزاب: 33] . "فإن سبقت" اللام "بالكون المذكور، وجب إضمار "إن" كما مر" حكمه وتعليله. "وإن قُرن الفعل وبلا نسبة في نافية، أو" زائدة.

1 في "ب": "التعليلية".

2 الإنصاف 2/ 757، المسألة رقم 79.

3 شرح كتاب سيبويه 1/ 83.

ص: 387

"مؤكدة، وجب إظهارها" لئلا يتوالى مثلان، وهما:"لام" كي، و"لام" لا، من غير إدغام، وهو ركيك في الكلام. وإلى ذلك أشار الناظم بقوله:

682-

وبين لا ولام جر التزم

إظهار أن.................

"نحو": {لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ} [البقرة: 150] ، بإدغام النون في "لا" النافية، لتقارب مخرجيهما. {لِئَلَّا يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتَابِ} [الحديد: 29] بإدغام النون في "لا" المؤكدة.

والحاصل، أن لـ"أن" بعد اللام ثلاث حالات: وجوب الإضمار بعد لام الجحود، ووجوب الإظهار وذلك إذا اقترن الفعل بـ"لا" وجواز الأمرين، وذلك بعد "لام" كي، و"لام" العاقبة، و"لام" التوكيد.

"و" الأحرف "الأربعة الباقية" من الأحرف الخمسة التي تضمر أن بعدها جوازًا: "أو، و: الواو، و: الفاء، و: ثم، إذا كان العطف" بها "على اسم" صريح "ليس في تأويل الفعل"، وهو1 نوعان: مصدره وغيره. فغير المصدر، كقول الحصين ابن الحمام2 المري:[من الطويل]

832-

ولولا رجال من رزام أعزة

وآل سبيع أو أسوءك علقما

فـ"أسوءك": معطوف على "رجال"، وهو ليس في تأويل الفعل، و"رزام":

حي من نمير. والمصدر "نحو": {وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا} [الشورى: 51] في قراءة غير نافع؛ بالنصب"3، بإضمار "أن" بعد "أو". والتقدير: أو أن يرسل، وأن يرسل في تأويل مصدر منصوب. "عطفًا على وحيا4". والتقدير: إلا وحيًا أو إرسالا، ووحيًا مصدر ليس في تأويل الفعل.

"وقوله"، وهو الشخص المسمى ميسون الكلابية، زوج معاوية بن أبي سفيان

1 في "أ": "وهما".

2 في "أ"، "ب"، "ط":"حصين بن حمام" بإسقاط "ال" التعريف منهما.

832-

البيت للحصين بن حمام في خزانة الأدب 3/ 342، والدرر 2/ 16، وشرح اختيارات المفضل ص334، والكتاب 3/ 50، وبلا نسبة في سر صناعة الإعراب 1/ 272، وشرح الأشموني 3/ 559، والمحتسب 1/ 326، وهمع الهوامع 2/ 10.

3 قرأها بالرفع "يرسل" نافع وابن عامر والزهري وشيبة وابن ذكوان وهشام وأبو جعفر. انظر الإتحاف 384، والبحر المحيط 7/ 527، والنشر 2/ 368، والقراءة من شواهد أوضح المسالك 4/ 192، وشرح ابن الناظم ص489، وشرح ابن عقيل 2/ 361.

4 انظر شرح ابن الناظم ص487.

ص: 388

رضي الله عنه، وأم ابنه يزيد:[من الوافر]

833-

ولبس عباءة وتقر عيني

أحب إلى من لبس الشفوف

فـ"تقر" منصوب بـ"أن" مضمرة جوازًا، وهي والفعل في تأويل مصدر مرفوع بالعطف على "لبس"، [والتقدير: ولبس عباءة وقرة عيني. و"لبس"] 1: بالواو العاطفة على قولها قبله2:

لبيت تخفق الأرواح فيه

أحب إلي من قصر منيف

وفي بعض النسخ: للبس، باللام، وهو تحريف نبه عليه الموضح في شرح بانت سعاد3. "وقوله":[من البسيط]

834-

لولا توقع معتر فأرضيه

ما كنت أوثر إترابا على ترب

فـ"أرضيه": منصوب بـ"أن" مضمرة جوازًا بعد الفاء، و"أن، وأرضى"، في تأويل مصدر معطوف على توقع، والتقدير: لولا توقع معتر فإرضائي إياه، وتوقع ليس

833- البيت لميسون بنت بحدل في الارتشاف 2/ 422، والاقتضاب ص163، وبلاغات النساء ص161، وتاريخ مدينة دمشق قسم تراجم النساء ص400، والحماسة البصرية 2/ 72، وخزانة الأدب 8/ 503، 504، والدرر 2/ 25، وسر صناعة الإعراب 1/ 273، وشرح شذور الذهب ص314، وشرح شواهد الإيضاح ص250، وشرح شواهد المغني 2/ 653، وعمدة الحفاظ "روح"، ولسان العرب 13/ 408 "مسن" والمحتسب 1/ 326، ومعجم الأديبات الشواعر ص448، ومغني اللبيب 1/ 267، والمقاصد النحوية 4/ 397، وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 4/ 677، وأوضح المسالك 4/ 192، والجنى الداني ص157، وخزانة الأدب 8/ 523، والرد على النحاة ص128، ورصف المباني ص423، وشرح ابن الناظم ص488، وشرح الأشموني 3/ 571، وشرح ابن عقيل 2/ 358، وشرح عمدة الحافظ ص344، وشرح قطر الندى ص65، وشرح المفصل 7/ 25، والصاحبي في فقه اللغة ص112، 118، والكتاب 3/ 45، والمقتضب 2/ 27.

1 سقطت ما بين المعكوفين من "ط".

2 البيت في الارتشاف 2/ 422، وبلاغات النساء ص161، والحماسة البصرية 2/ 72، وتاريخ مدينة دمشق قسم تراجم النساء ص400، ومعجم الأديبات الشواعر ص400 وخزانة الأدب 5/ 503، وشرح شواهد المغني 2/ 653، والمقاصد النحوية 4/ 397، ولسان العرب 3/ 408 "مسن".

3 شرح قصيدة كعب بن زهير ص106.

834-

البيت بلا نسبة في أوضح المسالك 4/ 194، والدرر 2/ 26، وشرح ابن الناظم ص488، وشرح الأشموني 3/ 571، وشرح شذور الذهب ص315، وشرح ابن عقيل 2/ 360، والمقاصد النحوية 4/ 398، وهمع الهوامع 2/ 17.

ص: 389

في تأويل الفعل. و"المعتر"، بالعين المهملة والتاء المثناء فوق: المعترض للمعروف.

و"الأتراب" جمع ترب، بكسر التاء المثناة فوق وسكون الراء، وترب الرجل: من يولد في الوقت الذي ولد1 فيه، فيساوي في السن2.

والمعنى: لولا توقع من يصرف عن فعل المعروف، وإرضاؤه، ما آثر الشاعر المساوي لغيره في السن، على المساوي له في سنه. "وقوله"، وهو أنس بن مدركة الخثعمي:[من البسيط]

835-

إني وقتلي سليكا ثم أعقله

كالثور يضرب لما عافت البقر

فـ"أعقله": مضارع منصوب بـ"أن" مضمرة جوازًا بعد "ثم"، و"أن أعقله": في تأويل مصدر معطوف على قتلي، والتقدير: وقتلي سليكا ثم عقلي إياه. وقتلي ليس في تأويل الفعل. وسليكا، بالتصغير، اسم رجل، مفعول قتلى، وكالثور: خبر أن، والمراد بالثور ذكر البقر لأن البقر تتبعه، فإذا عاف الماء، عافته، فيضرب ليرد الماء لترد معه.

وقيل: المراد بالثور، ثور الطحلب، وهو الذي يعلو على الماء، فيصد البقر عنه، فيضربه صاحب البقر ليفحص عن الماء فيشربه، والمناسب للتشبيه، الأول، الغرض من وقوع الفعل به تخويف غيره.

واحترز الموضح بقوله: ليس في تأويل الفعل، عن الاسم الواقع صلة للألف واللام، فإنه في تأويل الفعل. "وتقول: الطائر فيغضب زيد الذباب3، بالرفع" في يغضب "وجوبًا لأن الاسم" وهو طائر "في تأويل الفعل"، و"أل" الداخلة عليه اسم موصول مرفوع بالابتداء، نقل إعرابها إلى ما بعدها لكونها على صورة الحرف. ويغضب زيد: جملة معطوفة على صلة "أل"، ولعطفها بالفاء، لم تحتج لرابط، والذباب: خبر المبتدأ. وصح عطف الفعل في الاسم. لأن الاسم هنا في تأويل الفعل لكونه صلة

1 في "ب"، "ط":"يولد".

2 في "ب"، "ط":"سنه".

835-

البيت لأنس بن مالك في الأغاني 20/ 357، والحيوان 1/ 18، والدرر 2/ 27، واللسان 4/ 109، "ثور"، 8/ 380 "وجع" 9/ 260 "عيف" والمقاصد النحوية 4/ 399، بلا نسبة في أوضح المسالك 4/ 195، وخزانة الأدب 4/ 462، وشرح ابن الناظم ص489، وشرح الأشموني 3/ 571، والمقرب 1/ 273، وشرح شذور الذهب ص316، وشرح ابن عقيل 2/ 359، وهمع الهوامع 2/ 17.

3 شرح ابن الناظم ص489، وشرح ابن عقيل 2/ 361.

ص: 390

الموصول، "أي: الذي يطير"، فيغضب زيد الذباب. فتحصل من كلامه أولًا وآخرًا.

أن لـ"الفاء"، و"الواو"، و"أو"1، حالتين.

حالة يجب فيها إضمار "أن" بعدهن. وحالة يجوز. فيجب إذا كانت الفاء للسببية، والواو للمعية، بعد النفي أو طلب محضين، و"أو" بمعنى:"إلى" أو: "إلا".

ويجوز إذا عطفن على اسم خالص من التأويل بالفعل و"أن" ثم تشاركهن في الجواز دون الوجوب. وأطلق في النظم العاطف فقال:

693-

وإن على اسم خالص فعل عطف

تنصبه أن ثابتا او منحذف

"لوا ينتصب" الفعل المضارع "بأن مضمرة في غير هذه المواضع العشرة".

وهي الخمسة المذكورة في وجوب إضمار "أن" والخمسة المذكورة في جوازه. "إلا شاذًا" وهي في ذلك "كله"2 على قسمين: تارة3 يكون في الكلام مثلها، فيحسن حذفها. وتارة لا يكون3.

قالأول: "كقول بعضهم: تسمع بالمعيدي خير من أن تراه"4 بنصب "169/ ب""تسمع" بإضمار "أن"، والذي حسن حذفها من "تسمع"، ذكرها في "أن تراه" قاله الموضح في شرح الشذور. وقوله طرفة:"من الطويل"

836-

ألا أيهذا الزاجري أحضر الوغي

وأن أشهد اللذات هل أنت مخلدي

بنصب: أحضر، بأن مضمرة، ويؤيده: وأن أشهد.

1 سقط من "ب"، "ط":"وأو".

2 إضافة من "ب".

3 سقطت من "ب".

4 من الأمثال في مجمع الأمثال 1/ 129، 2/ 420، وكتاب الأمثال لابن سلام ص97، 98، والمستقصى 1/ 370، وفصل المقال ص135، 136، وهو من شواهد أوضح المسالك 4/ 197، وشرح بن الناظم ص489، والكتاب 4/ 44.

836-

البيت لطرفة بن العبد في ديوانه ص32، والإنصاف 2/ 560، وخزانة الأدب 1/ 119، 8/ 579، والدرر 1/ 7، 2/ 28، وسر صناعة الإعراب 1/ 285، وشرح شواهد المغني 2/ 800، والكتاب 3/ 99، 100، ولسان العرب 13/ 32 "أنن"، 14/ 272 "دنا"، والمقاصد النحوية 4/ 402، والمقتضب 2/ 85، وبلا نسبة في خزانة الأدب 1/ 463، 8/ 807، 580، 585، والدرر 1/ 386، ورصف المباني ص113، وشرح شذور الذهب ص153، وشرح بن عقيل 2/ 362، وشرح المفصل 2/ 7، 4/ 28، 7/ 52، ومجالس ثعلب ص383، ومغني اللبيب 2/ 383، وهمع الهوامع 2/ 17.

ص: 391

والثاني، كقول عامر الهذلي:[من الطويل]

837-

...........................................

ونهنهت نفسي بعدما كدت أفعله

بالنصب.

"وقول آخر: خذ اللص قبل يأخذك"1 بالنصب. "وقراءة بعضهم: "بل نقذف بالحق على الباطل فيدمَغَه" [الأنبياء: 18] بنصب يدمغه2. وقراءة الحسن "تأمروني أعبدَ" [الزمر: 64] . فحذفت "أن" فيهن وليس معها ما يحسن حذفها، والجميع شاذ، وإليه أشار الناظم بقوله:

694-

وشذ حذف أن ونصب في سوى

ما مر فاقبل منه ما عدل روى

وفيه إرشاد إلى أنه لا يقاس عليه. وذهب الكوفيون ومن وافقهم من البصريين، إلى أنه يقاس عليه. وأجاز الأخفش حذف "أن" قياسًا، ولكن بشرط رفع الفعل، مثل:{تَأْمُرُونِّي أَعْبُدُ} [الزمر: 64] ، و"تسمعُ بالمعيدي". في رواية الرفع فيهما. وذهب بعض المتأخرين إلى أنه لا يجوز حذفها إلا في الأماكن العشرة المذكورة، رفعت أو نصبت.

837- صدر البيت:

فلم أر مثلها خباسة واحد

وهو لامرئ القيس في ملحق ديوانه ص471، وله أو لعامر بن جؤين في الأغاني 9/ 39، وشرح أبيات سيبويه 1/ 337، والكتاب 1/ 307، والمقاصد النحوية 4/ 401، ولعامر بن جؤين أو لبعض الطائيين في شرح شواهد المغني 2/ 931، ولعامر بن الطفيل في الإنصاف 2/ 561، وبلا نسبة في تخليص الشواهد ص148، والدرر 1/ 85، 2/ 28، وشرح ابن الناظم ص490، وشرح الأشموني 1/ 129، ومغني اللبيب 2/ 640، والمقرب 1/ 270، وهمع الهوامع 1/ 58.

1 شرح ابن الناظم ص490، وشرح ابن عقيل 2/ 362.

2 الرسم المصحفي: {فَيَدْمَغُهُ} ؛ بالرفع، وقرأها بالنصب: عيسى بن عمر. انظر البحر المحيط 6/ 302، والكشاف 2/ 566، ومغني اللبيب 1/ 150، 151.

3 الرسم المصحفي: {أَعْبُدُ} ؛ بالرفع، وقرئت بالنصب في البحر المحيط 7/ 439، والكشاف 3/ 407.

ص: 392

فصل:

"وجازم الفعل نوعان: جازم فعل1 واحد، وهو" أحرف "أربعة":

أحدها: "لا الطلبية، نهيًا كانت، نحو:{لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ} [لقمان: 13] أو دعاء نحو: {لا تُؤَاخِذْنَا} [البقرة: 286] أو التماسًا، نحو: لا تفعل. فالنهي عن الأعلى، والدعاء من الأدنى، والالتماس من المساوي.

"وجزمها فعلي المتكلم"2، المبدوء بالهمزة والمبدوء بالنون، حال كونهما "مبنيين للفاعل، نادر، كقوله"، وهو النابغة الذبياني:[من البسيط]

838-

لا أعرفن ربربا حورا مدامعها

مردفات على أعقاب أكوار

فـ"لا" ناهية، و"أعرف" مجزوم بها ومؤكد بالنون الخفيفة، مسند إلى ضمير المتكلم. وهذا النوع مما أقيم فيها المسبب مقام السبب أي: لا يكن3 ربرب فأعرفه، والربرب: براءين مهملتين وباءين موحدتين: القطيع من البقر الوحشية، والحور، بضم الحاء المهملة، جمع حوراء، من الحور، بفتحتين: وهو شدة بياض العين في شدة سوادها.

ومدامعها مرفوع بحوراء، وأراد بها العيون لأنها مواضع الدمع في إطلاق الحال

1 في "ط": "لفعل".

2 في "ب": "التكلم".

838-

البيت للنابغة الذبياني في ديوانه ص75-76، وهو ملفق من بيتين هما:

لا أعرفن ربربًا حورًا مدامعها

كأن أبكارها نعاج دوار

خلف العضاريط لا يوقين فاحشة

مردفات على أعقاب أكوار

وشرح شواهد المغني 2/ 652، والكتاب 3/ 511، والمقاصد النحوية 4/ 441، وتاج العروس 11/ 335، "دور"، وبلا نسبة في أوضح المسالك 4/ 198، وجواهر الأدب ص251، ومغني اللبيب 1/ 246، وشرح ابن الناظم ص493، وشرح الأشموني 3/ 573.

3 في "ب": "يكون".

ص: 393

وإرادة المحل. ومردفات: حال من ربربا، لوصفه بما بعده، والأعقاب: جمع عقب، وعقب كل شيء: آخره، والأكوار: جمع كور، بضم الكاف: وهو الرجل بأداته. "وقوله"، وهو الوليد بن عقبة، لا الفرزدق:[من الطويل]

839-

إذا ما خرجنا من دمشق فلا نعد

لها أبدًا ما دام فيها الجراضم

فـ"لا" ناهية، أو دعائية، كما في المغني1، و"نعد": مجزوم بها، وهو مسند إلى المتكلم المعظم نفسه، وهو على النهي نادر؛ لأن المتكلم لا ينهى نفسه إلا على المجاز، تنزيلا له منزلة الأجنبي. و"دمشق"، بكسر الدال المهملة وفتح الميم، وقد تكسر، كما في القاموس، وبالشين المعجمة: قصبة الشام، والجراضم، بضم الجيم وبالضاد المهملة: الأكول الواسع البطن، وعنى به معاوية رضي الله عنه.

"ويكثر" جزمها فعلي المتكلم، مبنيين للمفعول. "نحو: لا أخرج، و: لا نخرج، لأن المنهي غير المتكلم"، وهو الفاعل المحذوف النائب عنه ضمير المتكلم، والأصل: لا يخرجني أحد، ولا يخرجنا أحد. فحذف الفاعل، وأنيب عنه ضمير المتكلم، [وعدل عن الفعل المبدوء بياء الغيبية، إلى المبدوء بالهمزة والنون، ليتمكن من الإسناد إلى ضمير المتكلم] 2، على حد الالتفات من الغيبية إلى التكلم3.

وما ذكره من التفصيل بين المبني للفاعل والمبني4 للمفعول، طريقة لبعضهم، وعبارة الشارح5: وتصحب فعل المخاطب والغائب كثيرًا، وقد تصحب فعل المتكلم، فسوى بين المخاطب والغائب في الكثرة، ولم يفصل في المتكلم بين المبني للفاعل والمبني للمفعول، وهو موافق لظاهر الكافية6 والتسهيل7.

839- البيت للفرزدق في الأزهية ص150، ومغني اللبيب 1/ 247، وليس في ديوانه، وللفرزدق أو للوليد في شرح شواهد المغني 2/ 633، والمقاصد النحوية 4/ 420، وبلا نسبة في أوضح المسالك 4/ 200، وشرح ابن الناظم ص493، وشرح الأشموني 3/ 574.

1 مغني اللبيب 1/ 247.

2 سقط ما بين المعكوفين من "ط".

3 في "ب": "المتكلم".

4 سقط من "ب".

5 شرح ابن الناظم ص493.

6 شرح الكافية الشافية 3/ 1565.

7 التسهيل ص235.

ص: 394

وليس أصل "لا" الطلبية، لام الأمر زيدت عليها الألف، فانفتحت، خلافًا لبعضهم، وليست "لا" النافية. والجزم بعدها بلام الأمر مضمرة قبلها، وحذفت كراهة اجتماع لامين، خلافًا للكسائي.

"و" الثاني: "اللام الطلبية أمر كانت، نحو:{لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ} [الطلاق: 7] ، أو دعاء، نحو:{لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ} [الزخرف: 77] أو التماسًا، نحو: ليقم.

فالأمر من الأعلى، والدعاء من الأدنى، والالتماس من المساوي. "وجزمها فعلي المتكلم". والمبدوء بالهمزة والمبدوء بالنون، حال كونهما "مبنيين للفاعل قليل"، لأن المتكلم لا يأمر نفسه. نحو قوله صلى الله عليه وسلم:"قوموا فلأصل لكم" 1 أي لأجلكم. والفاء زائدة. "و" قوله تعالى: " {وَلْنَحْمِلْ خَطَايَاكُمْ} "[العنكبوت: 12] فأصل ونحمل: مجزومان بلام الأمر. فعلامة جزم الأول: حذف الياء، وعلامة جزم الثاني: السكون. "وأقل منه جزمها فعل الفاعل المخاطب، نحو قوله تعالى: "فَبِذَلِكَ فَلْتَفْرَحُوا" [يونس: 85] بالتاء المثناة فوق2، في قراءة لعثمان وأبي وأنس وزيد. "ونحو" قوله صلى الله عليه وسلم: "لتأخذوا مصافكم" 3.

وقول الشاعر: [من الخفيف]

840-

لتقم أنت يا ابن خير قريش

كي لتقضي حوائج المسلمينا

وزعم الزجاجي أنها لغة جيدة. والجمهور جعلوا جزمها لفعل المخاطب، أقل من جزمها لفعل المتكلم. "و" قالوا:"الأكثر الاستغناء عن هذا"، وهو جزم فعل المخاطب "بفعل الأمر"، نحو افرحوا، وخذوا، وقم. وأصل لام الطلب السكون، لأن الأصل عدم الحركة، لكن منع منه أنها قد تكون في الابتداء، والابتداء بالساكن متعذر فكسرت، وقد تفتح عند سليم، فإذا دخل عليها الواو أو الفاء أو ثم، رجعت إلى سكونها الأصلي غالبًا.

"و" الثالث والرابع: "لم ولما" أختها "ويشتركان في أمور في: الحرفية" والاختصاص بالمضارع "والنفي، والقلب للمضي" وجواز دخول همزة الاستفهام

1 أخرجه البخاري في كتاب الصلاة في الثياب برقم 373، ومسلم في المساجد رقم 658.

2 الرسم المصحفي {فَلْيَفْرَحُوا} ، وقرأها "فلتفرحوا" ابن عامر وأبي وأنس وابن سيرين وقتادة وابن عباس وغيرهم. وانظر الإتحاف 252، والمحتسب 1/ 313، والنشر 2/ 285، والقراءة من شواهد أوضح المسالك 4/ 204، وشرح ابن الناظم ص491، ومغني اللبيب 1/ 186.

3 أخرجه أحمد في المسند 5/ 243، وهو من شواهد شرح ابن الناظم ص492.

840-

تقدم تخريج البيت برقم 21.

ص: 395

عليهما، فكل منهما حرف يختص بالمضارع وينفي معناه1، ويقلب زمانه إلى المضي، وفاقًا للمبرد، لأنه يقلب اللفظ الماضي إلى المضارع2، خلافًا لأبي موسى، ونسب إلى سيبويه3.

"وتنفرد لم" عن لما، "بمصاحبة أداءة الشرط، نحو: {وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ} "[المائدة: 67] ولا يجوز: إن لما تفعل؛ لأن الشرط يليه مثبت لم. تقول: إن قام زيد قام عمرو، ولا يليه مثبت لما، لا تقول: إن قد قام زيد. فعودل بين النفي والإثبات. وإنما لم تقع بعد الشرط، لأنها تقتضي تحقيق وقوعه وتقريبه من الحال. والشرط يقتضي احتمال وقوعه وعدمه، وقلبه إلى الاستقبال.

"و" تنفرد لم أيضًا "بجواز انقطاع نفي منفيها"، نحو:{هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئًا مَذْكُورًا} [الإنسان: 1] لأن المعنى أنه قد كان بعد ذلك شيئًا مذكورًا، قاله الموضح في شرح القطر4، تبعًا لابن مالك5.

وقال في الحواشي: لا دليل في هذا، لأن قبله:{هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ} فالنفي إنما هو باعتبار ما ذكر من ذلك الحين لا مطلقًا، انتهى.

بخلاف لما، فإن نفي منفيها مستمر إلى زمن الحال. "ومن ثم" أي ومن أجل أن نفي منفي لم يجوز انقطاعه. جاز أن يقال في لم:"لم يكن" الإنسان شيئًا مذكورًا، "ثم كان" شيئًا مذكورًا.

"وامتنع في لما" أن يقال: "لما يكن ثم كان" لما فيه من التناقض، لأن امتداد النفي واستمراره إلى زمن التكلم يمنع من الإخبار بأن ذلك النفي المستمر نفيه وجد في الماضي. نعم الإخبار بأنه سيكون يستقبل صحيح ولا ينافي استمرار النفي في الحال. قاله الدماميني.

"وتنفرد لما" عن لم، "بجواز حذف مجزومها، كـ: قاربت المدينة ولما"، بحذف المجزوم، "أي: ولما أدخلها". وذلك لأنها نفي لـ"قد فعل"، والفعل قد يحذف

1 سقط من "ب".

2 الكامل 1/ 361.

3 الكتاب 3/ 117.

4 شرح قطر الندى ص83، 84.

5 شرح الكافية الشافية 3/ 1573.

ص: 396

بعد "قد"، كقوله:[من الكامل]

841-

........................

............. وكأن قد

"فأما قوله"، وهو إبراهيم بن علي بن محمد الهرمي:[من الكامل]

842-

احفظ وديعتك التى استودعتها

يوم الأعازب إن وصلت وإن لم

أي: وإن لم تصل. "فضرورة". والأعازب، يروى بالعين المهملة والزاي المعجمة، وبالغين المعجمة والراء المهملة: التباعد.

"و" تنفرد لما أيضًا "بتوقع ثبوته"، أي ثبوت منفيها. "نحو:{بَلْ لَمَّا يَذُوقُوا عَذَابِ} [ص: 8] أي: إلى الآن ما ذاقوه وسوف يذوقونه. {وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ} " [الحجرات: 14] أي: إلى الآن ما دخل في قلوبكم وسوف يدخل. ولم لا تقتضي ذلك.

والعلة فيه أن لما لنفي قد فعل، وهو مفيد للتوقع، بخلاف لم فإنها لنفي فعل، ولا دلالة فيه على التوقع، والتوقع في فلما غالب، لا لازم، كما أن التوقع بـ"قد"، كذلك، ومن غير الغالب: ندم إبليس ولما ينفعه الندم1.

"ومن ثم"، أي ومن أجل أن "لما" يغلب عليها التوقع؛ "امتنع" أن يقال:"لما يجتمع الضدان" لاستحالة اجتماعهما. وتوقع المستحيل محال.

841- تمام البيت:

أزف الترحل غير أن ركبنا

لما تزل برحالنا وكأن قد

وهو للنابغة الذبياني في ديوانه ص89، والأزهية ص211، والأغاني 11/ 8، والجنى الداني ص146، 260، وخزانة الأدب 7/ 197، 198، 10/ 407، والدرر اللوامع 2/ 254، وشرح شواهد المغني ص490، 764، وشرح المفصل 8/ 148، 9/ 18، 52، ولسان العرب 3/ 346 "قدد"، ومغني اللبيب ص171، والمقاصد النحوية 1/ 80، 2/ 314، وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 2/ 56، 356، وأمالي ابن الحاجب 1/ 455، وخزانة الأدب 9/ 8، 11/ 260، ورصف المباني ص72، 125، 448، وسر صناعة الإعراب ص334، 490، 777، وشرح الأشموني 1/ 12، وشرح ابن عقيل 1/ 19، وشرح قطر الندى ص160، وشرح المفصل 10/ 110، ومغني اللبيب ص342، والمقتضب 1/ 42، وهمع الهوامع 1/ 143، 2/ 80.

842-

البيت لإبراهيم بن هرمة في ديوانه ص191، وخزانة الأدب 9/ 8، 10، والدرر 2/ 176، وشرح شواهد المغني 2/ 628، والمقاصد النحوية 4/ 443، وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 4/ 114، وأوضح المسالك 4/ 202، وجواهر الأدب ص256، 424، والجنى الداني ص269، وشرح الأشموني 3/ 576، ومغني اللبيب 1/ 280، وهمع الهوامع 2/ 56.

1 انظر شرح الكافية الشافية 3/ 1574.

ص: 397

وقد تتقارض "أن" المصدرية، و"لم" فتجزم بـ"أن"، وتنصب بـ"لم"، وقد تهمل "لم" حملا على "لا" النافية، فيرتفع بعدها الفعل، كقوله:[من البسيط]

843-

...............................

......... لم يوفون بالجار

ومن ثم قال الفراء: أصل لم: "لا" فأبدلت الألف ميمًا، كما قال في "لن"، أصلها "لا" فأبدلت الألف نونًا، والصحيح في لما، قول الجمهور: إنها مركبة من "لم" و"ما" وقيل بسيطة.

"و" النوع الثاني: "جازم فعلين، وهو" إحدى عشرة كلمة، وهي بالنظر إلى الخلاف في حقيقتها وعدمه، "أربعة أنواع":

"حرف باتفاق، وهو إن"، بكسر الهمزة وسكون النون، وهي أم الباب.

"وحرف على الأصح، وهو إذما"، فقال سيبويه1: إنها حرف بمنزلة "إن" الشرطية فإذا قلت: إذما تقم أقم، فمعناه: إن تقسم أقم. وقال المبرد، وابن السراج، والفارسي: إنها ظرف زمان وإن المعنى في المثال: متى تقم أقم. واحتجوا بأنها قبل دخول "ما" كانت اسمًا2. والأصل عدم التغيير. وأجيب بأن التغيير قد تحقق بدليل أنها كانت للماضي فصارت للمستقبل، فدل عى أنها نزع منها ذلك المعنى البتة، واعترض بأنه لا يلزم من تغيير زمانها، تغيير ذاتها كالمضارع. فإنه موضوع لأحد الزمانين، الحال أو الاستقبال، وإذا دخل عليه "لم"، انقلب زمانه إلى المضي مع بقاء ذاته على أصلها.

"واسم باتفاق، وهو: من" بفتح الميم، "و: ما، و: متى، و: أي، و: أين، و: أيان، و: أنى، و: حيثما".

"واسم على الأصح، وهو مهما"، فقال الجمهور، إنها اسم بدليل عود الضمير عليها في قوله تعالى:{مَهْمَا تَأْتِنَا بِهِ مِنْ آيَةٍ} [الأعراف: 132] . وزعم السهيلي، وابن يسعون، بمهملتين، أنها حرف.

843- تمام البيت:

لولا فوارس من ذهل وأسرتهم

يوم الصلفياء لم يوفون بالجار

وهو بلا نسبة في الجني الداني ص266، وخزانة الأدب 1/ 205، 9/ 3، 11/ 431، والدرر 2/ 178، وسر صناعة الإعراب 1/ 448، وشرح الأشموني 3/ 576، وشرح شواهد المغني 2/ 674،/ وشرح عمدة الحافظ ص376، وشرح المفصل 7/ 8، ولسان العرب 9/ 189، "صلف"، والمحتسب 2/ 42، ومغني اللبيب 1/ 277، 339، والمقاصد النحوية 4/ 446، وهمع الهوامع 2/ 56.

1 الكتاب 3/ 56، 75.

2 انظر الارتشاف 2/ 547، وشرح الشافية 3/ 1622.

ص: 398

وهذه الأنواع الأربعة، ستة أقسام:

أحدها: ما وضع لمجرد تعليق الجواب على الشرط، وهو "إن، وإذما" نحو: {وَإِنْ تَعُودُوا نَعُدْ} [الأنفال: 19] ، و"إذما تقم أقم".

والثاني: ما وضع للدلالة على من يعقل، ثم ضمن معنى الشرط، وهو من، نحو:{مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ} [النساء: 123] .

والثالث: ما وضع للدلالة على ما لا يعقل، ثم ضمن معنى الشرط، وهو "ما، ومهما" نحو: {وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ} [البقرة: 197]، {مَهْمَا تَأْتِنَا بِهِ مِنْ آَيَةٍ} [الأعراف: 132] الآية.

والرابع: ما وضع للدلالة على الزمان ثم ضمن معنى الشرط، وهو "متى"، و"أيان" نحو:[من الوافر]

844-

.....................................

متى أضع العمامة تعرفوني

ونحو: إيان نؤمنك، تأمن غيرنا.

والخامس: ما وضع للدلالة على المكان ثم ضمن معنى الشرط، وهو: أين وأنى وحيثما نحو: {أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِكُكُمُ الْمَوْتُ} [النساء: 87]، ونحو:[من الطويل]

845-

أنى تأتها تشتجر بها

..............................

ونحو: [من الخفيف]

846-

حيثما تستقم يقدر لك اللـ

ـه نجاحا......................

والسادس: ما هو متردد بين أنواع الاسم الأربعة، وهو "أي"، فإنها بحسب ما تضاف إليه. فهي في "أيهم يقم أقم معه" من باب من، وفي "أي الدواب تركب أركب" من باب ما، وفي "أي يوم تصم أصم" من باب متى، وفي "أي مكان تجلس أجلس" من باب أين.

844- صدر البيت: "أنا ابن جلا وطلاع الثنايا"، وتقدم تخريج البيت برقم 789.

845-

تمام البيت:

فأصبحت أنى تأتها تشتجر بها

كلا مركبيها تحت رجليك شاجر

وهو للبيد بن ربيعة في ديوانه ص220، وخزانة الأدب 7/ 91، 93، 10/ 45، 46، وشرح أبيات سيبويه 2/ 43، وشرح المفصل 4/ 110، والكتاب 3/ 58، ولسان العرب 5/ 47، "فجر"، والمعاني الكبير ص871، وبلا نسبة في شرح عمدة الحافظ ص364، وشرح قطر الندى ص90، وشرح المفصل 7/ 45، والمقتضب 2/ 48.

846-

عجز البيت: "نجاحًا في غابر الأزمان"، هو بلا نسبة في تذكرة النحاة 736، وخزانة الأدب 7/ 20، وشرح ابن الناظم 495، وشرح الأشموني 3/ 510، وشرح شواهد المغني 1/ 391، وشرح ابن عقيل 2/ 368، وشرح قطر الندى ص89، ومغني اللبيب 1/ 133، والمقاصد النحوية 4/ 426.

ص: 399

"و" هذه الكلمات "كل منهن يقتضي فعلين، يسمى أولهما شرطًا" لتعليق الحكم عليه، "و" يسمى "ثانيهما جوابًا" لأنه مرتب على الشرط كما يرتب الجواب على السؤال. "وجزاء" لأن مضمونه جزاء لمضمون الشرط. وإلى ذلك أشار الناظم بقوله:

689-

فعلين يقتضين شرط قدما

يتلو الجزاء وجوابًا وسما

وفهم من قوله: "وجازم لفعلين"، أن أداة الشرط جازمة لهما معًا. وهو مذهب الجمهور من البصريين1 واختاره ابن عصفور2 والأبدي.

واعترض بأن الجازم كالجار، فلا يعمل في شيئين، وبأنه ليس لنا ما يتعدد عمله إلا ويختلف كرفع ونصب. ويجاب بالفرق بأن الجازم لما كان لتعليق حكم على آخر عمل فيهما، بخلاف الجار، وبأن تعدد العمل قد عهد من غير اختلاف، كمفعولي "ظن"، ومفاعيل أعلم.

وقيل: الشرط مجزوم بالأداة، والجواب مجزوم بالشرط، كما أن المبتدأ مرفوع بالابتداء والخبر مرفوع بالمبتدأ، ونسب إلى الأخفش، واختاره في التسهيل3.

وقيل: الشرط والجواب تجازما، كما قال الكوفيون في المبتدأ والخبر أنهما ترافقا، وهذا نقله ابن جني عن الأخفش4.

وقيل: الأداة والشرط كلاهما جزم الجواب، كما قيل الابتداء والمبتدأ كلاهما رفع الخبر، ونسب هذا القول لـ: سيبويه والخليل5، ورد بأن العامل المركب لا يحذف أحد جزأيه ويبقى الآخر، وفعل الشرط قد يحذف، وبأن العامل المركب لا يفصل بين جزأيه، وقد جاء الفصل، نحو:{وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ} [التوبة: 6] وأجيب بأن فعل الشرط هو المحذوف، وهذا مفسر له.

وقيل: الجواب مجزوم بالجوار، قاله الكوفيون قياسًا للجزم على الجر6، ورد بأنه قد يكون بينهما معمولات فاصلة فلا تجاور.

1 انظر الإنصاف 2/ 602، والمسألة رقم 84.

2 المقرب 1/ 273.

3 التسهيل ص237.

4 الخصائص 1/ 18.

5 الكتاب 3/ 62.

6 الارتشاف 2/ 557.

ص: 400

"و" لا يشترط في الشرط والجزاء أن يكونا من نوع واحد، بل تارة "يكونان مضارعين نحو:{وَإِنْ تَعُودُوا نَعُدْ} [الأنفال: 19] . "و" تارة يكونان "ماضيين نحو: {وَإِنْ عُدْتُمْ عُدْنَا} [الإسراء: 8] . "و" تارة يكونان مختلفين، "ماضيا فمضارعًا نحو: {مَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ} [الشورى: 20] .

وفي الخاطريات لابن جني: قال أبو بكر: إنما حسن لأن الاعتماد في المعنى على خبر "كان"، وهو مضارع، فكأنه قال: ومن يرد نزد، وليس مثل قولك إن آتيتني آتك، قال الموضح: فتتبعت ما ورد به التنزيل من ذلك، فإذا فعل الشرط فيه كلمة "كان".

"و" تارة يكونان "عكسه"، مضارعًا فماضيًا، "وهو قليل" حتى خصه الجمهور بالشعر، ومذهب الفراء1، ومن تبعه، جوازه في الاختيار. "نحو" قوله صلى الله عليه وسلم:"من يقم ليلة القدر إيمانا واحتساب غفر له". رواه البخاري2.

"ومنه: {إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّمَاءِ آيَةً فَظَلَّتْ" أَعْنَاقُهُمْ لَهَا خَاضِعِينَ} [الشعراء: 4]، فـ"ظلت": ماض وهو معطوف على الجواب، وهو ننزل، فيكون جوابًا "لأن تابع الجواب جواب.

ورد الناظم" في شرح التسهيل3 "بهذين" الحديث والآية "ونحوهما، على الأكثرين، إذ خصوا هذا النوع بالضرورة". وقالوا: لأنا إذا أعلمنا الأداة في لفظ الشرط، ثم جئنا بالجواب ماضيًا، كنا قد هيأنا العامل للعمل. ثم قطعناه عنه، وهو غير جائز، وللأكثرين أن يجيبوا عن الحديث بأنه يجوز روايته بالمعنى، فليس نصًّا في الدليل. وعن الآية بأنه يغتفر في التابع ما لا يغتفر في المتبوع، ويتحصل من قول الناظم:

699-

وماضيين أو مضارعين

تلفيهما أو متخالفين

تسع صور لأن الشرط له ثلاثة أحوال: فإنه يكون ماضي اللفظ، أو مضارعًا عاريًا من "لم" أو مصحوبًا بها، والجزاء كذلك. وإذا ضربت ثلاثًا في ثلاث، بلغت تسعًا، منها ثمان تجوز في الاختيار اتفاقًا، وواحدة مختلف فيها، وهي أن يكون الشرط مضارعًا والجزاء ماضيًا عاريًا من "لم"، كما في الحديث والآية.

1 معاني القرآن 2/ 276.

2 أخرجه البخاري في كتاب الإيمان برقم 35، وأعاده في الصوم برقم 1802، 1901.

3 شرح التسهيل 4/ 91، 92.

ص: 401

"ورفع الجواب المسبوق بماض أو بمضارع منفي بـ"لم" قوي، كقوله" وهو زهير يمدح هرم بن سنان: [من البسيط]

847-

وإن أتاه خليل يوم مسألة

يقول لا غائب مالي ولا حرم

يرفع يقول، وإلى ذلك أشار الناظم بقوله:

700-

وبعد ماض رفعك الجزا حسن

..................................

والذي حسن ذلك أن الأداء لما لم تعمل في لفظ الشرط لكونه ماضيًا مع قربه، فلا تعمل في الجواب مع بعده، والمراد بالخليل هنا: الفقير المختل الحال، وليس المراد به الصديق. والمسألة، مصدر سأل، يقال: سأله سؤالا ومسألة. ويروى مسغبة، مكان مسألة، وعلى هذا أنشده الجوهري1. والمسغبة، المجاعة. والحرام، بفتح الحاء المهملة وكسر الراء، مصدر كالحرمان، ومعناه: المنع. وهو مبتدأ حذف خبره، أي: لا غائب مالي ولا عندي حرمان. على أحد الاحتمالات. "ونحو: إن لم تقم أقوم" برفع أقوم، لأن مجزوم "لم" لا عمل للأداة فيه فهو كالماضي. "ورفع الجواب في غير ذلك ضعيف". وإليه أشار الناظم بقوله:

700-

...........................

ورفعه بعد مضارع وهن

"كقوله"، وهو أبو ذؤيب الهذلي:[من الطويل]

848-

فقلت تحمل فوق طوقك إنها

مطبعة من يأتها لا يضيرها

847- البيت لزهير بن أبي سلمى في ديوانه ص153، والإنصاف 2/ 625، وخزانة الأدب 9/ 48، 70، والدرر 2/ 182، وشرح ابن الناظم ص497، وشرح ابن عقيل 2/ 373، وشرح أبيات سيبويه 2/ 85، وشرح شذور الذهب ص349، وشرح شواهد المغني 2/ 838، وشرح المفصل 8/ 157، والكتاب 3/ 66، ومغني اللبيب 2/ 422، والمقاصد النحوية 4/ 429، والمقتضب 2/ 70، والكامل ص174، وبلا نسبة في أوضح المسالك 4/ 207.

1 أنشده الجوهري في الصحاح كرواية أوضح المسالك، ولعل ما ذكره الأزهري ورد في نسخة أخرى من الصحاح.

848-

البيت لأبي ذؤيب الهذلي في خزانة الأدب 9/ 52، 75، 71، وشرح أبيات سيبويه 2/ 193، وشرح أشعار الهذليين، 1/ 308، والشعر والشعراء 2/ 569، والكتاب 3/ 70، ولسان العرب 4/ 495، "ضير"، 8/ 233 "طبع"، والمقاصد النحوية 4/ 431، وبلا نسبة في أوضح المسالك 4/ 208، وشرح ابن الناظم ص498، وشرح الأشموني 3/ 586، وشرح المفصل 8/ 158، والمقتضب 2/ 72. يصف قرية كثيرة الطعام، من امتار منها وحمل فوق طاقته لم ينقصها شيئًَا، والطوق. الطاقة. والمطبعة: المملوءة طعامًا ويقصد القربة.

ص: 402

برفع "يضيرها". "وعليه قراءة طلحة بن سليمان" في الشواذ: ""أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِكُكُمُ الْمَوْتُ""[النساء" 78] برفع "يدرككم"1. ووجه ضعفه أن الأداة قد عملت في فعل الشرط. فكان القياس عملها في الجواب. وتخريجه عن سيبويه على نية التقديم والتأخير. أو إضمار الفاء، والأول عنده أولى إن تقدم عل الشرط ما يطلب المرفوع المذكور. كقوله:[من الرجز]

849-

..............................

إنك إن يصرع أخوك تصرع

والمبرد يقطع بتقدير2 الفاء فيهما3. لأن ما يحل محلا يمكن أن يكون له، لا ينوي به غيره. وهذان التخريجان ضعيفان، لأن التقديم والتأخير يحوج إلى جواب، ودعوى حذفه وجعل المذكور دليله خلاف الأصل وخلاف فرض المسألة، لأن الغرض أنه الجواب. وإضمار الفاء مع غير القول مختص بالضرورة.

1 الرسم المصحفي {يُدْرِكْكُمُ} بالجزم. وانظر قراءة طلحة بن سليمان في البحر المحيط 3/ 299، والمحتسب ص193، وهي من شواهد شرح ابن الناظم ص498، ومغني اللبيب 2/ 127، وأوضح المسالك 4/ 209، والدرر 2/ 190.

849-

قبل البيت الشاهد: "يا أقرع بن حابس يا أقرع" وهو لجرير بن عبد الله البجلي في شرح أبيات سيبويه 2/ 121، والكتاب 3/ 67، ولسان العرب 11/ 46، "بجل" وله أو لعمرو بن خثارم العجلي في خزانة الأدب 8/ 20، 23، 28 وشرح شواهد المغني 2/ 897، والمقاصد النحوية 4/ 430، ولعمرو بن خثارم البجلي في الدرر 1/ 121، وديوان الأدب 1/ 435، وبلا نسبة في جواهر الأدب ص202، والإنصاف 2/ 623، ورصف المباني 104، وشرح ابن عقيل 2/ 347، وشرح ابن الناظم ص498، وشرح الأشموني 3/ 586، وشرح المفصل 8/ 185، وعمدة الحفاظ "صرع"، والكامل ص175، ومغني اللبيب 2/ 553، والمقتضب 2/ 72، وهمع الهوامع 1/ 72.

2 في "ب": "بتقديم".

3 انظر الكامل ص175، والمقتضب 2/ 72.

ص: 403

فصل:

يشترط في الشرط ستة أمور:

أحدها: أن يكون فعلا غير ماضي1 المعنى فلا يجوز: إن قام زيد أمس قمت. وأما قوله تعالى: {إِنْ كُنْتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ} [المائدة: 116]، فالمعنى: إن ثبت أني كنت قلته.

والثاني: أن لا يكون طلبًا، فلا يجوز: إن قم، و: إن لا تقم.

والثالث: أن لا يكون جامدًا، فلا يجوز: إن عسى، ولا: إن ليس.

والرابع: أن لا يكون مقرونًا بحرف تنفيس2، فلا يجوز: إن سوف يقم.

والخامس: أن لا يكون مقرونًا بـ"قد" فلا يجوز: إن قد قام، ولا: إن قد يقم.

والسادس: أن لا يكون مقرونًا بحرف نفي غير "لم، ولا"، فلا يجوز: إن لما تقم3، ولا: إن لن تقم4.

إذا تمهد ذلك فتقول5: كل جواب يصلح6 جعله شرطًا بأن يكون7 ماضي اللفظ دون المعنى، مجردًا من "قد" وغيرها، أو مضارعًا مجردًا، أو منفيًّا بـ"لم، أو لا"، فالأكثر خلوه من الفاء، ويجوز اقترافه بها، ويبقى الماضي على حاله ويرفع المضارع، نحو:{وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَكُبَّتْ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ} [النمل: 90]، ونحو {فَمَنْ يُؤْمِنْ بِرَبِّهِ فَلَا يَخَافُ} [الجن: 13] قاله الشارح8، وقال غيره: إذا رفع المضارع فالجواب جملة اسمية. والتقدير: فهو لا يخاف9.

1 في "ب": "ماض".

2 في "ب": "التنفيس".

3 في "ب"، "ط":"يقم".

4 في "أ": "تقوم"، والوجه حذف واوه للجزم، وفي "ط":"يقوم".

5 في "ب": "فنقول".

6 في "ب"، "ط":"ويصح".

7 في "ب"، "ط":"كان".

8 شرح ابن الناظم ص498، 499.

9 بعده في "ط": "قال المرادي: وهذا هو التحقيق. ا. هـ. بمعناه".

ص: 404

"وكل جواب يمتنع جعله شرطًا" لخلوه عما شرط، "فإن الفاء تجب فيه" لتربطه بشرط، لأن الجزم الحاصل به الربط مفقود، وليس على تقدير [الظهور]1.

وخصت الفاء بذلك لما فيها من معنى السببية، ولمناسبتها للجزاء معنى. "وذلك" من حيث إن معناه التعقيب بلا فصل. كما أن الجزاء يتعب على الشرط كذلك.

والممتنع جعله شرطًا. "الجملة الاسمية، نحو: {وَإِنْ يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} "[الأنعام: 17] فـ"هو" مبتدأ و"قدير" خبره. "وعلى كل شيء" تتعلق بـ"قدير". فإن قلت: "قدير" صفة مشبهة فكيف تقدم معمولها عليها. قلت: قد مضى، في بابها؛ أن عملها في الظرف وعديله لما فليها من رائحة الفعل، وذلك لا يمنع التقديم.

والجملة الطلبية نحو: {إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي} [آل عمران: 31] وقس عليه بقية أنواع الطلب من النهي والدعاء، ولو بصيغة الخر والاستفهام والعرض والتحضيض2 والتمني والترجي. ولا نطيل بأمثلتها، فالذكي ينال بمثال الواحد ما لا يناله الغبي بألف شاهد.

وقد تكون الجملة الواحدة اسمية طلبية في آن واحد، وقد اجتمعتا3 في قوله تعالى {وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ} [آل عمران: 160] فجملة: "من ذا الذي ينصركم" اسمية، لأن صدره اسم وهو "من" وطلبية لأن "من" فيها استفهامية وهي مبتدأ، و"ذا" اسم إشارة خبرها، "والذي": نعت له أو بيان، ويحتمل أن تكون "ذا" ملغاة، والخبر الموصول والجملة جواب الشرط.

"والتي فعلها" ماضي المعنى، نحو:{إِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ قُبُلٍ فَصَدَقَتْ} [يوسف: 26] قاله الموضح في شرح الشذور4. وقال الشاطبي5: هو على إضمار "قد" أي: فقد صدقت.

"والتي فعلها جامد، نحو: {إِنْ تَرَنِ أَنَا أَقَلَّ مِنْكَ مَالًا وَوَلَدًا} [الكهف: 39] {فَعَسَى رَبِّي " أَنْ يُؤْتِيَنِ خَيْرًا مِنْ جَنَّتِكَ} [الكهف: 40] . "أو مقرون بـ"قد"، نحو:

1 إضافة من "ب"، "ط".

2 في "ب": "التخصيص".

3 في "أ": "اجتمعا".

4 شرح شذور الذهب ص341.

5 انظر شرح المرادي 4/ 250.

ص: 405

{إِنْ يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ" لَهُ مِنْ قَبْلُ} [يونس: 77]"أو تنفيس نحو: {وَإِنْ تَعَاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرَى} [الطلاق: 6] ، {وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ} [التوبة: 28] . "أو "لن"، نحو:{وَمَا يَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَلَنْ يُكْفَرُوهُ} [آل عمران: 115] .

يقم فإن أقوم.

والحاصل أن الفاء تدخل لامتناع الجملة من أن تقع شرطًا. إما لذاتها أو لما اقترن بها من نفي أو إثبات، فالأول ثلاثة أنواع: الجملة الاسمية، والجملة الطلبية، والجملة التي فعلها جامد. والثاني ثلاثة أنواع أيضًا:"ما، ولن، وإن" النافيات. والثالث ثلاثة أنواع أيضًا: "قد" لفظًا أو تقديرًا، و"السين، وسوف".

"وقد تحذف" الفاء في الندرة كقوله صلى الله عليه وسلم لأبي بن كعب لما سأله عن اللقطة: "فإن جاء صاحبها وإلا استمتع بها". أخرجه البخاري1. أو "في الضرورة، كقوله"، وهو عبد الرحمن بن حسان -رضي الله عنه2: [من البسيط]

580-

من يفعل الحسنات الله يشكرها

والشر بالشر عند الله مثلان

أراد: فالله يشكرها.

وعن المبرد أنه منع ذلك مطلقًا، وزعم أن الرواية3:

من يفعل الخير فالرحمن يشكره

.........................................

1 أخرجه البخاري في كتاب اللقطة برقم 2294.

2 في "ط": "عبد الرحمن بن حسان بن ثابت -رضي الله تعالى عنهما".

850-

البيت لعبد الرحمن بن حسان في خزانة الأدب 2/ 365، ولسان العرب 11/ 47، "بجل"، والمقتضب 2/ 72، ومغني اللبيب 2/ 56، والمقاصد النحوية 4/ 433، ونوادر أبي زيد ص31، ولكعب بن مالك في ديوانه ص288، وشرح أبيات سيبويه 2/ 109، وله أو لعبد الرحمن بن حسان في خزانة لأدب 9/ 49، 52، وشرح شواهد المغني 1/ 178، ولحسان بن ثابت في الدرر 2/ 187، والكتاب 3/ 65، وليس في ديوانه، وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 2/ 281، وسر صناعة الإعراب 1/ 264، 265، وشرح ابن الناظم ص499، وشرح شواهد المغني 1/ 286، وشرح المفصل 9/ 2، 3، والكتاب 3/ 114، والمحتسب 1/ 193، والمقرب 1/ 276، والمنصف 3/ 118، وهمع الهوامع 2/ 60. ويروى "سيان" مكان "مثلان".

3 المقتضب 2/ 72.

ص: 406

ويرد بالحديث المتقدم. "و" بنحو "قوله: [من الطويل]

851-

ومن لا يزل ينقاد للغي والصبا

سيلفى على طول السلامة نادمًا

"أراد: فسيلفى، بالفاء1، أي: سيوجد، من ألفى بمعنى وجد.

وإلى الربط2 بالفاء أشار الناظم بقوله:

701-

واقرن بفا حتما جوابًا لو جعل

شرطًا لإن أو غيرها لم ينجعل

"ويجوز أن تغني إذا الفجائية عن الفاء" في الربط، لأنها أشبهت الفاء في كونها لا يبتدأ بها، ولا تقع إلا بعد ما هو معقب بما بعدها فقامت مقامها، "إن كانت الأداة" الجازمة "إن" لأنها أم باب الجوازم الشرطية، أو كانت الأداة غير الجازمة "إذا" الشرطية لأنها تشبه "إن" في كونها أم باب الشروط غير الجازمة3، "والجواب" فيهما "جملة اسمية" موجبة، "غير طلبية" وغير مقرونة بـ"إن" التوكيدية، "نحو:{وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ إِذَا هُمْ يَقْنَطُونَ} " [الروم: 36] فجملة: هم يقنطون: جواب "إن" والرابط "إذا" الفجائية، ونحو: {إِذَا دَعَاكُمْ دَعْوَةً مِنَ الْأَرْضِ إِذَا أَنْتُمْ تَخْرُجُونَ} [الروم: 25] فـ"أنتم تخرجون": جواب "إذا" الشرطية مرتبطة بإذا الفجائية، وقد يجمع بين الفاء و"إذا" الفجائية تأكيدًا، خلافًا لمن منع ذلك4. قال الله تعالى: {فَإِذَا هِيَ شَاخِصَةٌ أَبْصَارُ الَّذِينَ كَفَرُوا} [الأنبياء: 97] . قال الزمخشري5: إذا [هذه] 6 هي الفجائية، وقد تقع في المجازاة سادة مسد الفاء، فإذا جاءت الفاء معها تعاونتا على وصل الجزاء فيتأكد، ولو قيل هي شاخصة، أو فهي شاخصة، كان سديدًا. انتهى. وإلى خلف "إذا" الفجائية للفاء، أشار الناظم بقوله:

702-

وتخلف الفاء إذا المفاجأه

................................

851- البيت بلا نسبة في أوضح المسالك 4/ 211، وشرح ابن الناظم ص499، وشرح الأشموني 3/ 588، والمقاصد النحوية 4/ 433.

1 في "ب": "فسيلقي"؛ بالقاف.

2 في "أ"، "ب":"الرابط".

3 في "ب"، "ط":"الجوازم".

4 انظر شرح ابن عقيل 2/ 376، والارتشاف 2/ 553.

5 الكشاف 2/ 584.

6 سقطت من "أ".

ص: 407

فصل:

"وإذا انقضت الجملتان"، جملة الشرط وجملة الجواب. "ثم جئت بمضارع مقرون بالفاء أو بالواو، فلك جزمه بالعطف" على لفظ الجواب، إن كان مضارعًا مجزومًا، وعلى محله إن كان ماضيًا أو جملة، "ورفعه على الاستئناف، ونصبه بـ"أن" مضمرة وجوبًا"، لأن مضمون الجزاء لم يتحقق وقوعه فأشبه الواقع بعده الواقع بعد الاستفهام، "وهو قليل"1.

"قرأ عاصم بن عامر {فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ} [البقرة: 284] ؛ بالرفع" على الاستئناف2، "وباقيهم؛ بالجزم"3؛ عطفًا على لفظ:{يُحَاسِبْكُمْ} [البقرة: 284] .

"و" قرأ "ابن عباس"، وأبو حيوة، والأعرج، في غير السبع؛ " بالنصب" بـ"أن" مضمرة وجوبًا بعد الفاء4، "وقرئ بهن"؛ أي بالرفع والنصب والجزم؛ "أيضًا في قوله تعالى:{مَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَا هَادِيَ لَهُ وَيَذَرُهُمْ} [الأعراف: 186] ؛ بالرفع على الاستئناف، وبه قرأ أبو عمرو وعاصم، مع الياء2، والباقون، مع النون5، والجزم بالعطف على محل جملة:"فلا هادي له"، وبه قرأ الكسائي وحمزة، مع الياء6، والنصب بـ"أن" مضمرة وجوبًا بعد الواو، ولم أقف على من قرأ به. وإلى ذلك أشار

1 انظر شرح ابن الناظم ص500، وشرح ابن عقيل 2/ 377، وشرح شذور الذهب ص351، والكتاب 3/ 89، 90.

2 كما في الرسم المصحفي.

3 هي قراءة نافع وابن كثير وأبي عمرو وحمزة والكسائي والأعمش. انظر البحر المحيط 2/ 360، والإملاء للعكبري 1/ 71.

4 انظر المحيط 2/ 360، والإملاء للعكبري 1/ 71.

5 أي: "نذرهم" وقرأ بها ابن كثير وأبو عمرو وابن عامر. انظر النشر 2/ 273، والكشاف 2/ 106.

6 أي: يذرهم" وقرأها مع الكسائي وحمزة: ابن مصرف والأعمش وخلف. وانظر النشر 2/ 273، والكشاف 2/ 106.

ص: 408

الناظم بقوله:

703-

والفعل من بعد الجزا إن يقترن

بالفا أو الواو بتثليث قمن

"وإذا توسط المضارع المقرون بالفاء أو بالواو بين الجملتين"، جملة الشرط وجملة الجواب. "فالوجه الجزم" بالعطف على الشرط المجزوم لفظًا أو محلا، ويجوز النصب بأن مضمرة وجوبًا بعد الفاء أو الواو، وإليه أشار الناظم بقوله:

704-

وجزم أو نصب لفعل إثر فا

أو واو ان بالجملتين اكتنفا

وامتنع الرفع إذ لا يصح الاستئناف قبل الجواب. قال سيبويه1: سألت الخليل عن قولك: إن تأتني فتحدثني، أو وتحدثني، أحدثك، بالنصب، فقال: هذا يجوز والجزم الوجه. وجاء النصب مصرحًا به، "كقوله":[من الطويل]

852-

ومن يقترب منا ويخضع نؤوه

ولا يخش ظلمًا ما أقام ولا هضما

الرواية: بنصب: يخضع، ولا يصح الوزن إلا به، والهضم؛ بالضاد المعجمة؛ من قولهم: هضم أخاه: إذا لم ينصفه ويوفه حقه. وقابل الظلم بالهضم مع أنه نوع منه، اقتباسًا من قوله تعالى:{فَلَا يَخَافُ ظُلْمًا وَلَا هَضْمًا} [طه: 112] . والنصب في مسألة التوسط أمثل منه في مسألة التأخر، لأن العطف فيها على فعل الشرط، وفعل الشرط غير واجب فكان قريبًا من الاستفهام والأمر والنهي ونحوها، قاله الشاطبي.

ونقل عن الكوفيين أنهم أجروا "ثم" مجرى الفاء والواو، فيقولون: إن تأتني ثم تحدثني أكرمك. بنصب تحدثني. احتجوا بقراءة بعضهم: {وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ} [النساء: 100] بنصب يدركه وهي قراءة قتادة والجراح2، وقد قرئ بالرفع، وهي قراءة طلحة بن سليمان، وإبراهيم النخعي2، والجزم قراءة الجماعة3، وهذه القراءات لم يثبت البصريون بها حكما لندورها.

1 الكتاب 3/ 88، ونقله ابن الناظم في شرحه ص500.

852-

البيت بلا نسبة في أوضح المسالك 4/ 214، وشرح ابن الناظم ص501، وشرح الأشموني 3/ 591، وشرح شواهد المغني 2/ 401، وشرح شذور الذهب ص351، وشرح عمدة الحافظ ص361، ومغني اللبيب 2/ 566، والمقاصد النحوية 4/ 434.

2 انظر البحر المحيط 3/ 337، والكشاف 1/ 294، والمحتسب 1/ 195.

3 كما في الرسم المصحفي.

ص: 409

فصل:

"يجوز حذف ما علم من شرط إن كانت الأداة: إن حال كونها "مقرونة" بـ: لا" النافية "كقوله"، وهو الأحوص يخاطب مطرًا، وكان مطر1 ذميم الخلقة وتحته امرأة جميلة:[من الوافر]

853-

فطلقها فلست لها بكفء

وإلا يعل مفرقك الحسام

فحذف الشرط لدلالة قوله "فطلقها" عليه، وأبقى جوابه. "أي2: وإلا تطلقها يعل".

وقد يختلف واحد من "إن" والاقتران بـ"لا"، وقد يتخلفان معًا.

فالأول ما حكاه ابن الأنباري في الإنصاف3 عن العرب: "من سلم عليك فسلم عليه، ومن لا فلا تعبأ به. أي: ومن لا يسلم عليك فلا تعبأ به". قال الشاطبي: وهذا نص في الجواز.

والثاني: نحو: {وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا} [النساء: 128] فحذف الشرط مع انتفاء اقتران "إن" بـ"لا".

والثالث كقوله: [من الطويل]

854-

متى توخذا قسرا بظنة عامر

ولم ينج إلا في الصفاد يزيد

1 سقط من "ب": "وكان مطر".

853-

البيت للأحوص في ديوانه ص190، والأغاني 15/ 234، وخزانة الأدب 2/ 151، والدرر 2/ 191، وشرح شواهد المغني 2/ 767، 936، والمقاصد النحوية 435، وبلا نسبة في الارتشاف 2/ 56، والإنصاف 1/ 72، وأوضح المسالك 4/ 251، ورصف المباني ص106، وشرح ابن الناظم ص501، وشرح الأشموني 3/ 591، وشرح التسهيل 4/ 80، وشرح شذور الذهب ص343، وشرح ابن عقيل 2/ 380، وشرح عمدة الحافظ ص369، ولسان العرب 15/ 4691 "إما لا"، ومغني اللبيب 2/ 647، والمقرب 1/ 276، وهمع الهوامع 2/ 62.

2 سقطت من "ب".

3 الإنصاف من "ب".

854-

البيت بلا نسبة في الدرر 2/ 193، وشرح ابن الناظم ص501، وشرح الأشموني 3/ 592، والمقاصد النحوية 4/ 463، وهمع الهوامع 2/ 63.

ص: 410

أي: متى تثقفوا تؤخذوا، فحذف الشرط مع انتفاء الأمرين. والقسر: القهر. والظنة؛ بكسر المشالة: التهمة. والصفاد؛ بكسر المهملة، ما يوثقف به الأسير من قيد وغيره1.

"و" يجوز حذف "ما علم من جواب" شرطه ماض، "نحو":{وَإِنْ كَانَ كَبُرَ عَلَيْكَ إِعْرَاضُهُمْ "فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَبْتَغِيَ نَفَقًا} الآية"، وتمامها {فِي الْأَرْضِ أَوْ سُلَّمًا فِي السَّمَاءِ فَتَأْتِيَهُمْ بِآَيَةٍ} [الأنعام: 35] ، فإن استطعت: شرط حذف جوابه لدلالة الكلام عليه، والتقدير: فافعل. والشرط الثاني وجوابه جواب الشرط الأول. والمعنى إن استطعت منفذًا تحت الأرض تنفذ فيه، فتطلع لهم بآية، أو سلمًا تصعد به إلى السماء، فتنزل منها بآية، فافعل.

ويجوز حذف الشرط والجزاء معا وإبقاء الأداة، كقول النمر بن تولب:[من المتقارب]

855-

فإن المنية من يخشها

فسوف تصادفه أينما

أي: أينما يذهب2 تصادفه.

وقد اجتمع حذف جواب2 وشرط في قوله صلى الله عليه وسلم: "فإنه جاء صاحبها وإلا استمتع بها" 3 فحذف من الأول الجواب ومن الثاني الشرط، والتقدير: فإن جاء صاحبها فردها إليه4 وإن لم يجئ فاستمتع بها.

"ويجب حذف الجواب إن كان الدال عليه ما تقدم مما هو جواب في المعنى" ولا يصح جعله جوابًا صنعة، إما لكون جملة اسمية مجردة من الفاء، "نحو: أنت ظالم إن فعلت"، أي: فأنت ظالم وإما لكونه جملة منفية بـ"لم"5 مقرونة بالفاء، نحو قوله:[من الطويل]

856-

فلم أرقه إن ينج منها.....

.................................

1 ورد هذا الشرح بتمامه في الدرر 2/ 192.

855-

البيت للنمر بن تولب في ديوانه ص378، وأدب الكاتب ص214، والاقتضاب ص557، والمعاني الكبير ص1264، والمقاصد النحوية 1/ 575، وبلا نسبة في رصف المباني ص72، 125.

2 سقط من "ب".

3 أخرجه البخاري في كتاب اللقطة برقم 2294، وتقدم ص406.

4 سقط من "ب": "فردها إليه".

5 في "ط": "بل" مكان "بـ: لم".

856-

تمام البيت:

فلم أرقه إن ينج منها وإن يمت

فطعنة لا غس ولا بمغمر

وهو لزهير بن مسعود في لسان العرب 6/ 154 "غسس" ونوادر أبي زيد ص70، وبلا نسبة في الإنصاف 2/ 626، وجمهرة اللغة ص133، والخصائص 2/ 388، وكتاب العين 4/ 417، وشرح الكافية الشافية 3/ 1611.

ص: 411

وإما لكونه مضارعًا مرفوعًا لزومًا، نحو: أقوم إن قمت، والجواب في ذلك كله محذوف وجوبًا لدلالة المتقدم عليه، وليس المتقدم بجواب عند جمهور البصريين1؛ لأن أداة الشرط لها صدر الكلام فلا يتقدم عليها الجواب، ولالتزام العرب حينئذ كون الفعل الثاني للأداة ماضيًا، كما يلتزم ذلك حيث يحذف الجواب، ولأن المتقدم لا يصلح كونه جوابًا.

أما الجملة الاسمية فلعدم اقترانها بالفاء، وأما الفعلية المجزوم فعلها بـ"لم" المقترنه بالفاء، فلأن الجواب المنفي بـ"لم" تدخل عليه الفاء. وأما رفع المضارع فإنه ينافي جعله جوابًا.

وذهب الكوفيون1، والمبرد2، وأبو زيد3، إلى أنه لا حذف، والمتقدم هو الجواب.

وأجابوا عن الأول بأن الفاء إنما لم تدخل لأنها لا تناسب الصدر، ولأنها خلف عن العمل ولا عمل مع التقديم.

وعن الثاني: بأن الفاء قد تدخل على المنفي بـ"لم"4. أجاز الزمخشري في: {فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ} الآية [الأنفال: 17] ، أن يكون التقدير: "إن افتخرتم بقتلهم، فلم تقتلوهم"5.

وعن الثالث بأن رفع المضارع لضعف الحرف أن يعمل مؤخرًا، وجميع ذلك ضعيف.

والذي يدل على أن المتقدم ليس جوابًا أن المتكلم أخبر جازمًا، ثم بدا له التعليق، فهو كالتخصيص بعد التعميم، بخلاف من بنى كلامه من أول الأمر على الشرط. فإن الجواب المعنوي يتأخر في كلامه، فيكون جوابًا في الصناعة والمعنى. وإلى حذف الجواب وبقاء الشرط6 وعكسه. أشار الناظم بقوله:

1 انظر الإنصاف 2/ 623، المسألة رقم 87.

2 المقتضب 2/ 66.

3 نوادر أبي زيد ص283.

4 الإنصاف 2/ 627.

5 الكشاف 2/ 119.

6 في "ط": "إبقاء".

ص: 412

705-

والشرط يغني عن جواب قد علم

والعكس قد يأتي إن المعنى فهم

"أو" كان الدال على جواب الشرط "ما تأخر عن1 جواب قسم سابق" عليه، أي على الشرط، "نحو:{لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ} ؛ الآية؛ وتمامها: {عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ} [الإسراء: 88] فجملة "لا يأتون": جواب قسم سابق على الشرط، وهو أن يدل على تقدمه تقدم اللام في "لئن" لأنها موطئة لقسم قبلها، وجواب الشرط محذوف [وجوبًا] 2 استغناء عنه بجواب القسم.

"كما يجب إغناء جواب الشرط عن جواب قسم تأخر عنه، نحو: إن تقم؛ والله؛ أقم"، فحذف جواب القسم استغناء عنه بجواب الشرط وهو: أقم.

والحاصل أنه متى اجتمع شرط قسم، استغنى بجواب المتقدم منهما عن جواب المتأخر لشدة الاعتناء بالمتقدم. وإلى ذلك الإشارة بقول الناظم:

706-

واحذف لدى اجتماع شرط وقسم

جواب ما أخرت فهو ملتزم

هذا إذا لم يتقدم عليهما ذو خبر، "وإذا تقدمهما ذون خبر جاز جعل الجواب للشرط مع تأخره، ولم يحب خلافًا لابن مالك" في التسهيل3 والكافية4، وخالف ذلك في النظم فقال:

707-

وإن تواليا وقبل ذو خبر

فالشرط رجح مطلقًا بلا حذر

"نحو: زيد؛ والله؛ إن يقم أقم". وجاز الجواب للقسم لتقدمه، نحو: زيد؛ والله؛ إن يقم لأقومن. والأرجح مراعاة الشرط تقدم أو تأخر، كما ذكره ابن عصفور5 وغيره6، وجرى عليه الناظم في الخلاصة.

وإنما رجح الجواب للشرط مع تقدم ذي خبر، لأن سقوط الشرط يخل بمعنى الجملة التي هو منها؛ بخلاف القسم، فإنه مسوق لمجرد التوكيد.

والمراد بذي خبر: ما يطلب خبرًا، من مبتدأ أو اسم كان ونحو، "ولا يجوز" جعل الجواب للشرط مع تأخره عن القسم. "إن لم يتقدمهما" ذو خبر، فلا يجوز: والله،

1 "أ"، "ط":"من".

2 إضافة من "ب"، "ط".

3 التسهيل ص153.

4 شرح الكافية الشافية 3/ 16161.

5 المقرب 1/ 208.

6 شرح ابن الناظم ص502، وشرح ابن عقيل 2/ 383.

ص: 413

إن قام زيد أقم. "خلافًا له" أي لابن مالك؛ في قوله في1 النظم:

708-

وربما رجح بعد قسم

شرط بلا ذي خبر مقدم

"و" خلافًا "للفراء" في إجازته ذلك2.

وأما ما استدلا به، "و" هو "قوله":[من الطويل]

857-

لئن كان ما حدثته اليوم صادقا

أصم في نهار القيظ للشمس باديا

وأركب حمارًا بين سرج وفروة

وأعر من الخاتام صغرى شماليا

فهو عند البصريين "ضرورة، أو اللام" من "لئن""زائدة"، لا موطئة للقسم. وهذان البيتان قالتهما امرأة عقيلية.

"وحيث حذف الجواب" جوازًا أو وجوبًا، "اشترط في غير ضرورة مضى الشرط"، لفظًا أو معنى، كما مثلنا، "فلا يجوز: أنت ظالم إن تفعل، ولا: والله، إن تقوم لأقومن"، لكون الشرط مضارعا غير منفي بـ"لم" عند البصريين والفراء، وأجازه بقية الكوفيون قياسًا، واحترز بقوله: "في غير الضرورة" عما جاء في الشعر، كقوله:[من الطويل]

858-

لئن تك قد ضاقت عليكم

ليعلم ربي أن بيتي واسع

فحذف الجواب مع أن الشرط مضارع غير منفي بـ"لم" وإذا دخل شرط على شرط، فتارة يكون بعطف، وتارة يكون بغيره. فإن كان بعطف، فأطلق ابن مالك أن الجواب لأولهما لسبقه3، وفصل غيره فقال: إن كان العطف بالواو، فالجواب لهما لأن الواو للجمع، نحو: إن تأتني وإن تحسن إلي، أحسن إليك.

1 في "ط": "قول" مكان "قوله في".

2 معاني القرآن 1/ 66.

857-

البيتان لامرأة من عقيل في خزانة الأدب 11/ 328، 329، 330، 336، والدرر 2/ 122، 123، وبلا نسبة في شرح ابن الناظم ص503، ولسان العرب 12/ 164:"ختم" وتاج العروس "ختم"، والبيت الأول في شرح شواهد المغني 2/ 610، والمقاصد النحوية 4/ 438، وأوضح المسالك 4/ 216، وشرح الأشموني 3/ 595، ومغني اللبيب 1/ 236، وهمع الهوامع 2/ 43.

858-

البيت للكميت بن معروف في معاني القرآن للفراء 1/ 66، 2/ 131، وديوان الكميت ص172، وخزانة الأدب 10/ 68، 70، 11/ 331، 351، 429، وبلا نسبة في شرح ابن الناظم ص441، وشرح الأشموني 2/ 496، 3/ 595، والمقاصد النحوية 4/ 327.

3 شرح الكافية الشافية 3/ 1614.

ص: 414

وإن كان العطف بـ"أو"، فالجواب لأحدهما، لأن "أو" لأحد الشيئين، نحو: إن جاء زيد أو إن جاءت هند، فأكرمه، أو فأكرمهما، وإن كان العطف بـ"الفاء"، فالجواب للثاني، والثاني وجوابه جواب للأول، وإن كان بغير عطف فالجواب لأولهما، والشرط الثاني مقيد للأول، كتقييده بحال واقعة موقعه، كقوله:[من البسيط]

859-

إن تستغيثوا بنا إن تذعروا تجدوا

منا معاقل عز زانها كرم

فتجدوا، جواب: إن تستغيثوا وإن تذعروا، بالبناء للمفعول مقيد للأول على معنى: إن تستغيثوا بنا مذعورين تجدوا.

وإذا دخل الاستفهام على الشرط، فعن يونس1 أن الجواب لاستفهام لتقدمه لا للشرط، قياسًا على مسألة تقدم القسم على الشرط، نحو: أإن قام زيد تقوم.

859- البيت بلا نسبة في الأشباه والنظائر 7/ 112، وخزانة الأدب 11/ 358، والدرر 2/ 193، وشرح الأشموني، 3/ 596، ومغني اللبيب 2/ 614، والمقاصد النحوية 4/ 452، وهمع الهوامع 2/ 63.

1 انظر الكتاب 3/ 83، ورده سيبويه بقوله:"وهذا قبيح يكره في الجزاء، وإن كان في الاستفهام".

ص: 415