الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل الرابع في المنادى المضاف للياء الدالة على المتكلم:
"وهو أربعة أقسام:
أحدها: ما فيه لغة واحدة، وهو" المنادى "المعتل" بالألف أو الياء، "فإن ياءه" المضاف هو إليها "واجبة الثبوت والفتح نحو: يا فتاي ويا قاضي"، فلا يجوز حذفها للإلباس، ولا إسكانها، لئلا يلتقي ساكنان، ولا تحريكها بالضم أو الكسر، لثقلهما1 على الياء.
"و" القسم "الثاني: ما فيه لغتان، وهو الوصف المشبه للفعل" المضارع في كونه بمعنى الحال أو الاستقبال؛ "فإن ياءه ثابتة لا غير"؛ فإنه في حكم الانفصال فلم تمازج ما اتصلت به، فليست كياء "قاض"، "وهي إما مفتوحة أو ساكنة نحو: يا مكرمي ويا ضاربي". وهل أصلها السكون أو الفتح؟ بقولان تقدما في باب المضاف إلى ياء المتكلم، واحترز بالمشبه للفعل من الوصف بمعنى الماضي فإن إضافته محضة، وفي يائه2 اللغات الست الآتية.
"و" القسم "الثالث: ما فيه ست لغات، وهي ما عدا ذلك" المتقدم من القسمين، "وليس أبًا ولا أمًّا، نحو: يا غلامي، فالأكثر" فيه "حذف الياء والاكتفاء بالكسرة، نحو: {يَا عِبَادِ فَاتَّقُونَ} "[الزمر: 16] أجري المنفصل من كلمتين مجرى المتصل في كلمة واحدة، نحو:{وَاللَّيْلِ إِذَا يَسْرِ} [الفجر: 4]"ثم ثبوتها ساكنة" على الأصل في البناء "نحو: {يَا عِبَادِ لَا خَوْفٌ عَلَيْكُمُ} [الزخرف: 68] "أو" ثبوتها "مفتوحة" للتخفيف، "نحو: {يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا} " [الزمر: 53] وإنما كان السكون والفتح في مرتبة واحدة نظرًا إلى اختلافهم في أصل وضعها كما تقدم.
1 في "ب": "لثقلها".
2 في "ب": "وبابه".
"ثم قلب الكسرة فتحة و" قلب "الياء ألفًا" لتحركها ما قبلها؛ لأن الألف أخف من الياء، "نحو:{يَا حَسْرَتَا} " [الزمر: 56] والأصل: يا حسرتي، بكسر التاء وفتح الياء، ثم قيل: يا حسرتي، بفتحهما1. ثم قيل: يا حسرتا2، بقلب الياء ألفًا. "وأجاز الأخفش" والفارسي والمازني "حذف الألف" المنقلبة عن الياء "والاجتزاء بالفتح" عنها، فتقول: يا حسرة، "كقوله": [من الوافر]
707-
ولست براجع ما فات مني
…
بلهف ولا بليت ولا لو اني
فالباء في "بلهف" متعلقة بـ"راجع" ومجرورها محذوف "أصله: بقولي"، ولهف: منادى سقط منه حرف النداء، والأصل:"يا لهفا" فحذفت الألف المنقلبة عن ياء المتكلم اجتزاء بالفتحة. والمعنى: ولست راجعًا ما فات مني بقولي: يا لهفي، ولا بقولي: يا ليتني فعلته، ولا بقولي: لو أني فعلت3. والحاصل أن ما فات لا يعود بكلمة التلهف ولا بكلمة التمني ولا بكلمة "لو".
"ومنهم من" يحذف الياء4 و"يكتفي من الإضافة بنيتها، ويضم الاسم" المضاف للياء، "كما تضم المفردات" في غير الإضافة، "وإنما يفعل ذلك" الضم "فيما فيه أن لا ينادى إلا مضافًا" كالأم والأب والرب5، حملا للقليل على الكثير، "كقول بعضهم: يا أم لا تفعلي" بضم الميم. حكاه يونس6. "وقراءة آخر: {رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ} [يوسف: 33] بضم "رب"7 لأن الأم والرب الأكثر فيهما أن
1 في "أ": "بفتحها".
2 في "ب""يا حسرتي".
707-
البيت بلا نسبة في الأشباه والنظائر 2/ 63، 179، والإنصاف 1/ 390، وأوضح المسالك 4/ 37، وخزانة الأدب 1/ 131، والخصائص 3/ 135، ورصف المباني ص288، وسر صناعة الإعراب 1/ 521، 2/ 728، وشرح الأشموني 2/ 332، وشرح عمدة الحافظ 2/ 521، وشرح قطر الندى ص205، ولسان العرب 9/ 321 "لهف"، والمحتسب 1/ 277، والمقاصد النحوية 4/ 248 والمقرب 1/ 181، 2/ 201، والممتع في التصريف 2/ 622.
3 في "ب": "فعلته".
4 في "ب": "الفاء".
5 سقطت من "ب".
6 انظر شرح ابن الناظم ص412، والكتاب 2/ 213.
7 الرسم المصحفي: {رَبِّ} ؛ بالكسر؛ وقرئت بالضم: "ربُّ". انظر إملاء ما من به الرحمن 2/ 29، وشرح ابن الناظم ص412.
لا يناديا إلا مضافين للياء، والأصل: يا أمي ويا ربي، فحذفت الياء تخفيفا وبنيا على الضم تشبيها بالنكرة المقصودة، بخلاف: يا عدوي، فلا يجوز: يا عدو، بحذف الياء، وضم الواو. قاله شارح اللباب، لأن نداءه مضافًا للياء لم يكثر.
وظاهر كلام الموضح أن تعريف المضموم على هذه اللغة بالإضافة لا بالقصد والإقبال، وقد صرح في "النهاية" بالثاني فقال1: جعلوه معرفة بالقصد فنبوه على الضم، وهذه الضمة كهي في: يا رجل، إذا قصدت رجلا بعينه. ا. هـ. ولعل هذا هو الذي حمل الناظم على إسقاطه واقتصاره على خمس لغات في قوله:
592-
واجعل منادى صح إن يضف ليا
…
كعبد عبدي عبد عبدا عبديا
والأظهر أن تعريف بالإضافة المنوية، لأنهم جعلوه لغة في المضاف إلى الياء، ولو كان تعريفه بالقصد لم يكن لغة فيه.
"و" القسم "الرابع: ما فيه عشر2 لغات، وهو الأب والأم، ففيهما مع اللغات الست" المتقدمة أربع أخر3 يأتي ذكرها، وأفصح الست حذف الياء وإبقاء الكسرة نحو: يا أب ويا أم، بكسرهما، ثم إثبات الياء ساكنة أو متحركة بالفتح نحو، يا أبي ويا أمي، ثم قلبها ألفًا نحو: يا أبا ويا أما. ثم حذف الألف وإبقاء الفتحة نحو: يا أب ويا أم، بفتحهما، وأقلها الضم نحو، يا أب ويا أم بضمهما.
والأربعة الباقية "أن تعوض"4 أنت "تاء التأنيث من ياء المتكلم وتكسرها، وهو الأكثر" في كلامهم، لأن الكسر عوض من الكسر الذي كان يستحقه5 قبل ياء المتكلم وزال حين جاءت التاء، إذ لا يكون ما قبل التاء إلا مفتوحًا، وتوجيه الفراء6 بأن الياء في النية رده الزجاج7 بأنه لا يقال: يا أبتي.
"أو تفتحها، وهو الأقيس"، لأن التاء بلد من ياء حركتها الفتح، فتحريكها بحركة أصلها هو الأصل في القياس، وقيل: لأن الأصل: يا أبتا، ويرده ما رد قول الفراء.
1 انظر شرح المرادي 3/ 305.
2 سقطت من "ب".
3 في "ب""أربع لغات".
4 في "ب": "تضم".
5 في "ب": "من الكسرة التي كان يستحقها".
6 معاني القرآن للفراء 2/ 32.
7 في "ط": "الزجاجي". وانظر قول الزجاج في كتابه معاني القرآن وإعرابه 3/ 89.
"أو تضمها على التشبيه بنحو: ثبة وخبة، وهو شاذ"، حكى سيبويه عن الخليل أنه سمع: يا أمت، بالضم1، وأجازه الفراء والنحاس ومنعه الرجاج2، "وقد قرئ بهن" فبالكسر قرأ الجميع3 إلا ابن عامر، وبالفتح قرأ ابن عامر4، وبالضم قرئ في الشواذ5. "وربما جمع بين التاء والألف فقيل: يا أبتا ويا أمتا"، وعليه قوله:[من الرجز]
708-
يا أبتا علك أو عساكا
وهو جمع بين العوض والمعوض "فهو كقوله": [من الرجز]
709-
أقول يا اللهم يا اللهما
"وسبيل ذلك الشعر".
وزعم ابن مالك6 أن الألف في "يا أبتا" هي التي يوصل بها آخر المندوب والمنادى البعيد والمستغاث، وأنها ليست بدلًا من الياء، والأول قول ابن جني7. وربما جمع
1 في الكتاب 2/ 211: "يا أمة لا تفعلي".
2 انظر الارتشاف 3/ 137.
3 كما في الرسم المصحفي في قوله تعالى: {يَا أَبَتِ} [يوسف: 4] .
4 كذلك قرأها أبو جعفر ويعقوب. انظر الإتحاف ص262، ومعاني القرآن للفراء 2/ 32، وهي من شواهد شرح ابن الناظم ص413، والدرر 2/ 515.
5 لم تنسب قراءة الضم إلى أحد من القراء، وقد ذكرها الفرء في معاني القرآن 2/ 32، وقال الزجاج في معاني القرآن وإعرابه 3/ 90:"وأما "يا أبة إني"؛ بالرفع؛ فلا يجوز إلا على ضعف، لأن الهاء ها هنا جعلت بدلا من ياء الإضافة".
708-
الرجز لرؤبة في ملحقات ديوانه ص181، وخزانة الأدب 5/ 362، 367، 368، وشرح أبيات سيبويه 2/ 164، وشرح شواهد المغني 1/ 433، وشرح المفصل 7/ 123، 2/ 90، والكتاب 2/ 375، والمقاصد النحوية 4/ 252، وللعجاج في ملحق ديوانه 2/ 310، وتهذيب اللغة 1/ 106، وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 1/ 336، والإنصاف 1/ 222، والجنى الداني ص466، 470 والخصائص 2/ 96، والدرر 1/ 277، ورصف المباني ص29، 24، 355، وسر صناعة الإعراب 1/ 406، 2/ 493، 502، وشرح الأشموني 1/ 133، 2/ 458، وشرح المفصل 2/ 12، 3/ 118، 120، 8/ 87، 9/ 33، واللامات 135، ولسان العرب 14/ 349 "روي"، وما ينصرف وما لا ينصرف ص130، والمقتضب 3/ 71، ومغني اللبيب 1/ 151، 2/ 699، وهمع الهوامع 1/ 132، وتاج العروس "الياء".
709-
تقدم تخريج الرجز برقم 703.
6 شرح الكافية الشافية 3/ 1327.
7 اللمع ص175.
بين التاء والياء فقيل: يا أبتي ويا أمتي، وعليه قوله:[من الطويل]
710-
أيا أبتي لا زلت فينا فإنما
…
لنا أمل في العيش ما دمت عائشًا
وهو ضرورة خلافًا لكثير من الكوفيين، والأول أسهل من هذا لذهاب صورة المعوض منه، وهو الياء، وربما قيل: يا أباتُ، وعليه قول:[من الطويل]
711-
.............................
…
كأنك فينا يا أبات غريب
فقيل: أراد: يا أبت ثم أشبع. وقيل: أراد: يا أبتا ثم قلب، وقيل: أراد يا أبا على لغة القصر، ثم قدر لحاق الياء وأبدل منها التاء1، واقتصر في النظم على قوله:
594-
وفي الندا أبت أمت عوض
…
واكسر أو افتح ومن اليا التا عوض
"ولا يجوز تعويض تاء التأنيث عن2 ياء المتكلم إلا في النداء" خاصة، "فلا يجوز: جاءني أبت، ولا: رأيت أبت". ولا: مررت بأبت. "والدليل على أن التاء في: يا أبت ويا أمت3، عوض من الياء، أنهما لا يكادان يجتمعان" عند البصريين وطائفة من الكوفيين، "و" الدليل "على أنها للتأنيث أنه يجوز إبدالها في الوقف هاء" عند جمهور البصريين، وذهب الفراء إلى أنه يوقف التاء4، وحجة البصريين أنها تشبه تاء5 صياقلة، وحجة الفراء أنها عوض من حرف لا يتغير وقفًا، وقد وقف أبو عمرو بالتاء6 وهو رأس البصريين، ورسمت في المصحف بالتاء، ويجوز رسمها بالهاء.
710- البيت بلا نسبة في شرح الأشموني 2/ 458، وشرح التسهيل 3/ 407، وشرح المرادي 3/ 317، والمقاصد النحوية 4/ 251.
711-
صدر البيت:
تقول ابنتي لما رأتني شاحبا
وهو لأبي الحدرجان في نوادر أبي زيد ص239، وبلا نسبة في أساس البلاغة "شحب"، والاقتضاب ص645، والخصائص 1/ 339، والدرر 2/ 515، وشرح التسهيل 3/ 407، وشرح المرادي 3/ 319، ولسان العرب 14/ 8، 10 "أبي"، ومقاييس اللغة 3/ 252، والمقاصد النحوية 4/ 253، وهمع الهوامع 2/ 157.
1 انظر الدرر 2/ 515-516، والاقتضاب ص645، والمقاصد النحوية 4/ 253.
2 في "أ": "من".
3 في "ب": "أمتي".
4 معاني القرآن للفراء 2/ 32.
5 في "أ": "هذا".
6 انظر الإتحاف ص262.
فصل:
"وإذا كان المنادى مضافًا إلى مضاف إلى الياء" نحو: يا غلام غلامي "فالياء ثابتة لا غير"، ولا يجوز حذفها لبعدها عن المنادى. وهي إما ساكنة أو مفتوحة "كقولك: يابن أخي ويابن خالي"، ويا بنت أخي ويا بنت خالي، "إلا إذا كان" المنادى "ابن عم أو ابن أم"، أو ابنة عم أو ابنة أم، "فالأكثر" حذف الياء و"الاجتزاء بالكسرة عن الياء" كقولك، يابن عم ويابن أم، بكسر الميم فيهما.
ثم قال الزجاجي1: لا تركيب، بل إضافتان، وقال في الارتشاف2 نقلا عن أصحابه، إنهم حكموا للاسمين بحكم اسم واحد، وإنهم حذفوا الياء حذفها من خمسة عشر، إذا أضافوها للياء، فليس إضافة واحدة. ا. هـ.
"أو أن يفتحا"، ثم قيل:"للتركيب المزجي" كقولك: يابن عم ويابن أم، بفتح الميم فيهما. وقيل: الأصل عما وأما، بقلب الياء ألفًا، فحذفت الألف وبقيت الفتحة دليلا عليها. والأول: قل: هو مذهب سيبويه والبصريين3، والثاني قول الكسائي والفراء4 وأبي عبيدة، وحكي عن الأخفش، "وقد قرئ في السبع:{قَالَ ابْنَ أُمَّ} [الأعراف: 150] بالوجهين"، الكسر والفتح،5 وإليهما أشار الناظم بقوله:
593-
وفتح أو كسر وحذف اليا استمر
…
في يابن أم يابن عم لا مفر
"و" العرب "لا يكادون يثبتون الياء ولا الألف" فيهما "إلا في الضرورة6، كقوله"
1 انظر الجمل ص162.
2 انظر الارتشاف 3/ 137.
3 الكتاب 2/ 214.
4 معاني القرآن للفراء 1/ 394.
5 الرسم المصحفي: {أُمَّ} ؛ بالفتح، وقرأها بالكسر: ابن عامر وحمزة والكسائي وخلف وبكر. انظر الإتحاف ص231، ومعاني القرآن للفراء 1/ 394، والنشر 2/ 272، وأمالي ابن الشجري 2/ 75.
6 كذا قال ابن الناظم في شرحه ص412-413، والزجاج في معاني القرآن وإعرابه 2/ 379، ويرى المبرد في الاقتضاب أن إثبات الياء أجود، أما ابن عقيل فقال في شرحه 2/ 276: "لا يجوز إثبات الياء
…
لأن التاء عوض من الياء، فلا يجمع بين العوض والمعوض عنه".
وهو أبو زبيد الطائي، واسمه حرملة بن المنذر في مرثية أخيه:[من الخفيف]
712-
يابن أمي ويا شقيق نفسي
…
أنت خليتني لدهر شديد
"وقوله"، وهو ابن النجم العجلي، واسمه الفضل بن قدامة:[من الرجز]
713-
يا بنة عما لا تلومي واهجعي
…
وانمي كما ينمى خضاب الأشجعي
ويروى:
لا يخرق النوم حجاب مسمعي
…
.......................................
712- البيت لأبي زبيد في ديوانه ص48، والدرر 2/ 170، والكتاب 2/ 213، ولسان العرب 10/ 182 "شقق"، والمقاصد النحوية 4/ 222، وبلا نسبة في أمالي ابن الشجري 2/ 179، وأوضح المسالك 4/ 40، وشرح ابن الناظم ص413، وشرح الأشموني 2/ 457، وشرح التسهيل 3/ 406، وشرح المرادي 3/ 313، وشرح المفصل 2/ 12، ومعاني القرآن وإعرابه 2/ 379، والمقتضب 4/ 250، وهمع الهوامع 2/ 54.
713-
الرجز لأبي النجم العجلي في ديوانه ص134، وخزانة الأدب 1/ 364، والدرر 2/ 170، وشرح أبيات سيبويه 1/ 440، وشرح المرادي 3/ 313، وشرح المفصل 2/ 12، والكتاب 2/ 214، ولسان العرب 12/ 424، "عمم"، والمحتسب 2/ 238، والمقاصد النحوية 4/ 224، ونوادر أبي زيد ص19، وبلا نسبة في أوضح المسالك 4/ 41، ورصف المباني ص159، وشرح ابن الناظم ص413، والمقتضب 4/ 252، وهمع الهوامع 2/ 54.