المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌فصل في أوجه "لو - شرح التصريح على التوضيح أو التصريح بمضمون التوضيح في النحو - جـ ٢

[خالد الأزهري]

فهرس الكتاب

- ‌المجلد الثاني

- ‌باب إعمال المصدر وإعمال اسمه

- ‌باب إعمال اسم الفاعل

- ‌مدخل

- ‌باب إعمال اسم المفعول:

- ‌ باب أبنية مصادر الفعل "الثلاثي" المجرد:

- ‌باب مصادر غير الثلاثي:

- ‌باب كيفية أبنية أسماء الفاعلين:

- ‌باب كيفية أبنية أسماء المفعولين:

- ‌باب إعمال الصفة المشبهة باسم الفاعل المتعدي إلى واحد

- ‌مدخل

- ‌باب التعجب

- ‌مدخل

- ‌باب نعم وبئس

- ‌مدخل

- ‌باب أفعَلِ التفضيل:

- ‌باب النعت

- ‌مدخل

- ‌باب التوكيد

- ‌مدخل

- ‌باب العطف:

- ‌باب عطف النسق

- ‌مدخل

- ‌باب البدل

- ‌مدخل

- ‌باب النداء

- ‌الفصل الأول في ذكر الأحرف التي ينبه بها المنادى إذا دعي

- ‌الفصل الثاني في أقسام المنادى بفتح الدال:

- ‌الفصل الثالث في أقسام تابع المنادى المبني وأحكامه:

- ‌الفصل الرابع في المنادى المضاف للياء الدالة على المتكلم:

- ‌باب في ذكر أسماء لازمت النداء:

- ‌باب الاستغاثة:

- ‌باب الندبة:

- ‌باب الترخيم

- ‌مدخل

- ‌باب المنصوب على الاختصاص:

- ‌باب التحذير:

- ‌باب الإغراء:

- ‌باب أسماء الأفعال

- ‌مدخل

- ‌باب أسماء الأصوات:

- ‌باب نوني التوكيد الثقيلة والخفيفة

- ‌مدخل

- ‌باب ما لا ينصرف

- ‌مدخل

- ‌باب إعراب الفعل المضارع

- ‌مدخل

- ‌فصل في أوجه "لو

- ‌فصل في "أما" بفتح الهمزة وتشديد الميم:

- ‌فصل في ذكر وجهي "لولا ولوما" على ما في النظم:

- ‌باب الإخبار بالذي وفروعه

- ‌مدخل

- ‌الفصل الأول في بيان حقيقته:

- ‌الفصل الثاني في شروط ما يخبر عنه:

- ‌باب العدد

- ‌مدخل

- ‌باب كنايات العدد وهي ثلاث كم وكأي وكذا:

- ‌باب الحكاية:

- ‌باب التأنيث

- ‌مدخل

- ‌باب المقصور والممدود:

- ‌باب كيفية التثنية:

- ‌ باب جمع الاسم جمع المذكر السالم

- ‌باب كيفية جمع المؤنث السالم من التغيير:

- ‌باب جمع التكسير:

- ‌باب التصغير

- ‌مدخل

- ‌باب النسب

- ‌مدخل

- ‌باب الوقف

- ‌مدخل

- ‌باب الإمالة:

- ‌باب التصريف

- ‌مدخل

- ‌فصل في كيفية الوزن:

- ‌فصل فيم تعرف به الأصول والزوائد

- ‌فصل في زيادة همزة الوصل:

- ‌باب الإبدال

- ‌مدخل

- ‌فصل في إبدال الهمزة:

- ‌فصل في عكس ذلك:

- ‌فصل في إبدال الياء من أختيها الألف والواو

- ‌فصل في إبدال الواوين من أختيها الألف والياء:

- ‌فصل في إبدال الألف من أختيها الواو والياء:

- ‌فصل في إبدال التاء المثناة فوق "من الواو والياء" المثناة تحت:

- ‌فصل في إبدال الطاء:

- ‌فصل في إبدال الدال المهملة:

- ‌فصل في إبدال الميم:

- ‌باب نقل حركة الحرف المتحرك المعتل إلى الساكن الصحيح قبله:

- ‌باب الحذف:

- ‌باب الإدغام اللائق بالتصريف:

- ‌فهرس المحتويات:

الفصل: ‌فصل في أوجه "لو

‌فصل في أوجه "لو

":

"لـ "لو" ثلاثة أوجه" وضعفها، فتكون ستة:

"أحدها: أن تكون مصدرية، فترادف: أن" المصدرية في المعنى والسبك، إلا أنها لا تنصب. "وأكثر وقوعها" في الماضي والمضارع "بعد "ود" نحو:{وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ} " [القلم: 9] أي: الإدهان، "أو" بعد "يود، نحو:{يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ} " [البقرة: 96] أي: التعمير. "ومن القليل قوله قتيلة"، مصغر قتلة، بالقاف والتاء المثناة فوق، بنت النضر بن الحارث الأسدية، تخاطب النبي صلى الله عليه وسلم حين قتل أباها النضر، صبرًا، بالصفراء، بعد أن انصرف من غزوة بدر:[من الكامل]

860-

ما كان ضرك لو مننت وربما

من الفتى وهو المغيظ المحنق

أي: ما كان ضرك منك.

وسبب قتل النبي صلى الله عليه وسلم أباها، أنه كان يقرأ أخبار العجم على العرب، ويقول: محمد يأتيكم بأخبار عاد وثمود، وأنا آتيكم بخير الأكاسرة والقياصرة، يريد بذلك أذى النبي صلى الله عليه وسلم. فلما سمع النبي صلى الله عليه وسلم هذا البيت، وهو من جملة1 أبيات أنشدتها بين يديه، قال2:"لو سمعته قبل قتله ما قتلته، ولعفوت عنه". ثم قال:

لا يقتل قرشي بعد هذا صبرًا

860- البيت لقتيلة بنت النضر في الأغاني 1/ 19، وبلاغات النساء ص235، ومعجم البلدان "أثيل"، وحماسة البحتري ص276، والجنى الداني ص288، وخزانة الأدب 11/ 239، والدرر 1/ 140، وشرح الأشموني 3/ 598، وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص966، وشرح شواهد المغني 2/ 648، ولسان العرب 7/ 450 "غيظ"، 10/ 70 "حنق" والمقاصد النحوية 4/ 471، وبلا نسبة في أوضح المسالك 4/ 223، وتذكرة النحاة ص38، ومغني اللبيب 1/ 265، وهمع الهوامع 1/ 81.

1 سقطت من "ب".

2 في "أ""فقال".

ص: 416

والمغيظ، بفتح الميم: اسم مفعول من غاظه يغيظه، بالغين والظاء المعجمتين، وفي القاموس: الغيظ: الغضب أو شدته أو سورة أوله، والمحنق، بضم لميم وفتح النون: اسم مفعول من أحنقه، بالحاء المهملة، إذا أغاظه، فهو توكيد للمغيظ.

و"لو" المصدرية لا جواب لها، وممن ذهب إلى مصدرية "لو" الفراء، وأبو علي [الفارسي] 1 وأبو البقاء، والتبريزي، وابن مالك2. وذهب الأكثرون إلى المنع، ويدعون أن "لو" في نحو: {يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ} [البقرة: 96] شرطية، وأن مفعول "يود" وجواب "لو" محذوفان، والتقدير: يود أحدهم التعمير، لو يعمر ألف سنة لسره ذلك. قال في المغني3: ولا خفاء بما في ذلك من التكلف، ويشهد للمثبتين قراءة بعضهم:{وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ} [القلم: 9][بحذف النون، فعطف: يدهنوا؛ بالنصب؛ على: تدهن، لما كان معناه: أن تدهن]4. ويشكل عليهم دخولها على "أن" في نحو: {وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدًا بَعِيدًا} [آل عمران: 30] ، وجوابه: أن لو إنما دخلت على فعل محذوف مقدر بعد "لو" تقديره: يود لو ثبت أن بينها. انتهى.

"و""لو" المصدرية "إذا وليها" الفعل "الماضي بقي علي مضيه، أو" الفعل "المضارع، تخلص للاستقبال، كما [أن] 5 "أن" المصدرية كذلك".

"و" الوجه "الثاني" من أوجه "لو": "أن تكون للتعليق"، أي: لتعليق6 الجواب على الشرط "في المستقبل، فترادف: إن" الشرطية إلا أنها لا تجزم على الأفصح، "كقوله"، وهو قيس بن الملوح، مجنون ليلى:[من الطويل]

861-

ولو تلتقي أصداؤنا بعد موتنا

ومن دون ومسينا من الأرض سبسب

لظل صدى صوتي وإن كنت رمة

لصوت صدى ليلى يهش ويطرب

1 إضافة من "ط".

2 انظر شرح الكافية الشافية 3/ 1635، والمقاصد النحوية 4/ 471.

3 مغني اللبيب 1/ 265.

4 سقط ما بين المعكوفين من "ب".

5 إضافة من "ط"، "ب".

6 في "أ": "لتعلق".

861-

البيتان لأبي صخر الهذلي في شرح أشعار الهذليين ص938، وشرح شواهد المغني ص643، وهما للمجنون في ديوانه ص39، والمقاصد النحوية 4/ 470، وبلا نسبة في أوضح المسالك 4/ 224، وشرح الأشموني 3/ 600، ومغني اللبيب 1/ 261.

ص: 417

فـ"لو تلتقي": شرط، و"لظل": جوابه: و"الأصداء"، بالمد: جمع صدى، بالقصر: وهو الذي يجيبك بمثل صوتك في الجبال وغيرها، و"الصدى" أيضًا: ذكر البوم. "والرمس" القبر أو ترابه. والأول عن القاموس1، والثاني عن الصحاح2. و"السبسب" بمهملتين وموحدتين: المفازة. و"الرمة" بكسر الراء [وتشديد الميم] 3: العظام البالية. و"يهش": يرتاح، من هششت، بكسر العين، قال في الصحاح4: هششت لفلان، بالكسر، أهش هشاشة، إذا ارتحت له. انتهى. و"الطرب": خفة لسرور، و"لصوت" بكسر اللام، متعلق بـ"يهش"، ومتعلق بـ"طرب" محذوف مماثل لمتعلق يهش والتقدير، يهش لصوت صدى ليلى ويطرب له.

"وإذا كانت "لو" للتعليق في المستقبل و"وليها" فعل "ماض" لفظًا، "أول" بالفعل المستقبل معنى، كما أن [إن] 5 كذلك "نحو {وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافًا خَافُوا عَلَيْهِمْ} [النساء: 9] أي: إن شارفوا أن يتركوا. وإنما أول الترك بمشارفة الترك لأن الخطاب للأوصياء، وإنما يتوجه إليهم قبل الترك لأنهم بعده أموات. قاله في المغني6. وأنكر ابن الحاج في نقده على المقرب، وتبعه ابن الناظم، مجيء "لو" للتعليق في المستقبل.

قال ابن الحاج: ولهذا لا تقول: لو يقوم زيد فعمرو منطلق، كما تقول ذلك مع "إن". وقال ابن الناظم7: وعندي أن "لو" لا تكون لغير الشرط في الماضي، وما تمسكوا به من قوله تعالى:{وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا} [النساء: 9] لا حجة لهم فيه لصحة حمله على المضي. انتهى. ورد عليه الموضح في المغني بآيات، ومثال، وشاهد فلينظر منه8.

"أو" تلاها "مضارع تخلص للاستقبال"، كقوله:[من الكامل]

1 القاموس المحيط "صدى".

2 الصحاح "صدي".

3 إضافة من "ب".

4 الصحاح "هشش".

5 إضافة من "ب"، "ط".

6 مغني اللبيب 1/ 261.

7 شرح ابن الناظم ص505.

8 مغني اللبيب 2/ 263.

ص: 418

862-

لا يلفك الراجوك إلا مظهرا

خلق الكرام ولو تكون عديما

"كما أن "إن" الشرطية" كذلك.

الوجه "الثالث: أن تكون للتعليق"، أي لتعليق الجواب على الشرط "في" الزمن "الماضي، و" هذا القسم "هو أغلب أقسام: لو" وإليه أشار الناظم بقوله:

709-

لو حرف شرط في مشي ويقل

إيلاؤه مستقبلا لكن قبل

ثم هي مع الماضي مفيدة لثلاثة أمور:

أحدها: الشرطية، أعني: عقد السببية بين الجملتين بعدها1.

والثاني: تقييد الشرطية بالزمن الماضي. وبهذا2 الوجه وما يذكر بعده فارقت "إن"، فإن "إن" لعقد السببية والمسببية في المستقبل، ولهذا قالوا: الشرط بـ"إن" سابق على الشرط بـ"لو". وذلك لأن الزمن المستقبل سابق3 على الزمن الماضي، ألا ترى أنك تقول: إن جئتني غدًا أكرمتك، فإذا انقضى الغد ولم تجئ4، قلت: لو جئتني أمس أكرمتك، وفي الأسبق من الأزمنة الثلاثة خلاف. قال الفخر الرازي: والحق قول الزجاج أن المقدم وهو المستقبل، فإذا وجد صار حاضرًا، فإذا انقضى صار ماضيًا. انتهى.

الثالث: الامتناع، وقد اختلف النحاة في إفادتها له، وكيفية إفادتها إياه على ثلاثة أقوال:

أحدها: أنها لا تفيده بوجه، وهو قول الشلوبين. عم أنها لا تدل على امتناع الشرط، ولا على امتناع الجواب.

والثاني أنها تفيد امتناع الشرط، وامتناع الجواب جميعًا. وردهما في المغني5.

"و" الثالث: "أنها تقتضي امتناع شرطها دائمًا". مثبتًا كان أو منفيًّا، "خلافًا للشلوبين. ولا" تقتضي امتناع "جوابها، خلافًا للمعربين".

862- البيت بلا نسبة في الجنى الداني ص285، وجواهر الأدب ص267، وشرح الأشموني 3/ 600، وشرح شواهد المغني 2/ 646، ومغني اللبيب 1/ 261، والمقاصد النحوية 4/ 469.

1 سقط من "ب".

2 في "ب": "ولهذا".

3 سقط من "ب".

4 في "ب": "يجيء".

5 مغني اللبيب 1/ 260.

ص: 419

"ثم إن لم يكن لجوابها سبب غير" ذلك الشرط، "لزم امتناعه" أيضًا لملازمته له شرعًا أو عقلا أو عادة. فالأول "نحو" قوله تعالى؛ في بلعم بن باعوراء1:" {وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا} "[الأعراف: 176] فـ"لو" هنا دالة على أن مشيئة الله تعالى لرفع هذا المنسلخ منفية، ويلزم من نفيها أن يكون رفع المنسلخ منفيًّا إذ لا سبب للرفع إلا المشيئة وقد انتفت فيكون منفيًّا، لأن انتفاء السبب يستلزم انتفاء المسبب ضرورة. كما أن ثبوت السبب يستلزم ثبوت المسبب كذلك لما بينهما من التلازم الشرعي.

"و" الثاني: "كقولك: لو كانت الشمس طالعة، كان النهار موجودًا"2، فطلوع الشمس سبب لوجود النهار، وقد انتهى بدخول "لو" عليه فينتفي وجود النهار لأن وجود النهار ليس له سبب غير طلوع الشمس، وقد انتفى. فيكون منفيًّا، لأن انتفاء السبب المساوي، يستلزم انتفاء المسبب لما بينهما من التلازم العقلي.

والثالث: كقوله تعالى: {لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا} [الأنبياء: 22] أي: السماوات والأرض، ففسادهما، وهو خروجهما عن نظامها المشاهد، منساب لتعدد الآلهة للزومه له على وفق العادة عند تعدد الحاكم من التمانع في الشيء، وعدم الاتفاق عليه3، فينتفي الفاسد بانتفاء التعدد المفاد بـ"لو" نظرًا إلى الأصل فيها. وإن كان القصد من الآية العكس، لأنها إنما سيقت لإثبات الوحدانية. ونفي التعدد. فوجوب أن يقال: إن معناه انتفاء التعدد لانتفاء الفساد، لما بينهما من التلازم العادي، وإلا بأن كان لجواب "لو" سبب غير شرطها، لم يلزم من امتناع شرطها امتناع جوابها ولا ثبوته. ثم تارة يكون ثبوته بالأولى، نحو: لو كان الشمس طالعة [بالفعل] 4 كان الضوء موجودًا، فإنه لا يلزم من انتفاء الشمس انتفاء وجود النهار، لاحتمال أن يكون بالسراج مثلا، فإثبات الضوء مع طلوع الشمس أولى.

"ومنه" الأثر المروي عن عمر رضي الله عنه: "نعم العبد صهيب. "لو لم يخف الله لم يعصه""5. فإنه لا يلزم من انتفاء: لم يخف، انتفاء: لم يعص، حتى يكون

1 كان بلعم بن باعوراء يعلم اسم الله الأعظم، فلما دعا على موسى عليه السلام وعلى بني إسرائيل أنساه الله تعالى الاسم. انظر المعارف ص42.

2 شرح ابن الناظم ص504.

3 سقطت من "ب".

4 إضافة من "ط".

5 النهاية 2/ 88، وهو من شواهد مغني اللبيب 1/ 257.

ص: 420

قد خاف وعصى. لأن انتفاء العصيان له سببان: أحدهما: خوف العقاب، وهو وظيفة العوام، والثاني: الإجلال والإعظام، وهو وظيفة الخواص. والمراد أن صهيبًا رضي الله تعالى عنه من قسم الخواص، وأنه لو قدر خلوه عن الخوف لم يقع منه معصية، فكيف والخوف حاصل له؟

وإنما لم تدل "لو" على انتفاء الجواب ههنا، لأن دلالتها على ذلك إنما هو من باب مفهوم المخالفة، [إذ مفهوم الشرط من أقسام مفهوم المخالفة، وفسر مفهوم المخالفة بأن يكون المسكوت عنه مخالفًا لحكم المذكور إثباتًا أو نفيًا، ومفهوم الموافقة بأن يكون المسكوت عنه موافقًا في الحكم المذكور]1.

وفي هذا الأثر دل مفهوم الموافقة على عدم المعصية، لأنه إذا انتفت المعصية عند عدم الخوف، فعند الخوف أولى، وإذا تعارض هذان المفهومان، قدم مفهوم الموافقة [على عدم المعصية]2. ومن نسب هذا الأثر بهذا اللفظ إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقد وهم3، وإنما أورد ما رواه أبو نعيم في الحلية4، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في سالم مولى أبي حذيفة: "إنه شديد الحب لله تعالى، لو كان لا يخاف الله ما عصاه"، وتارة يكون بالمساوي، كقوله صلى الله عليه وسلم في درة بنت أم سلمة: "لو لم تكن ربيبتي 5 في حجري ما حلت لي، إنها لابنة أخي من الرضاعة" 6، [رواه الشيخان. فإن حلها له، عليه الصلاة والسلام، منتف من وجهين: كونها ربيبته، وكونها ابنة أخيه من الرضاع] 7. وهما متساويان في منع الحل.

وتارة يكون بالأدون، كقولك فيمن عرضت عليك نكاحها: لو انتفت أخوة الرضاع لما حلت من النسب، فإن حلها منتف من وجهين: أخوة الرضاع، والنسب. إلا أن حرمة الرضاع أدون من حرمة النسب.

"وإذا" كانت "لو" للتعليق في الماضي، و"وليها مضارع أول بالماضي"، وإلى ذلك أشار الناظم بقوله:

1 إضافة من "ط".

2 إضافة من "ب".

3 في "أ": "وهن".

4 حلية الأولياء 1/ 177.

5 في "أ": "ابنتي".

6 أخرجه البخاري في النكاح برقم 4813، ومسلم في الرضاع برقم 1449.

7 سقط ما بين المعكوفين من "ب".

ص: 421

711-

وإن مضارع تلاها صرفا

إلى المضي.............

"نحو: {لَوْ يُطِيعُكُمْ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْأَمْرِ لَعَنِتُّمْ} "[الحجرات: 7] أي: لو أطاعكم لعنتم.

"وتختص "لو" مطلقًا". شرطية كانت أو مصدرية. "بالفعل" على الأصح، والناظم اقتصر على الشرطية فقال:

710-

وهي في الاختصاص بالفعل كإن

........................................

"ويجوز أن يليها قليلا1 اسم" مرفوع، "معمول لفعل محذوف" وجوبًا، "يفسره ما بعده"، أو اسم منصوب كذلك، أو خبر لـ"كان" محذوفة، أو اسم هو في الظاهر مبتدأ، ما بعده خبره2.

فالأول، كقول عمر لأبي عبيدة رضي الله عنهما:"لو غيرك قالها يا أبا عبيدة""وكقوله"، وهو الغطمش الضبي:[من الطويل]

863-

أخلاي لو غير الحمام أصابكم

عتبت ولكن ما على الدهر معتب

فـ"غير" فاعل بفعل محذوف يفسره "أصابكم". والتقدير: لو أصابكم غير الحمام، وهو بكسر الحاء: الموت. وعتبت: جواب "لو"، ومعتب، بفتح الميم والتاء، مصدر ميمي بمعنى العتاب.

وقولهم في المثال: "لو ذات سوار لطمتني"4، أخذًا من قول حاتم الطائي حين لطمته جارية وهو مأسور في بعض أحياء العرب. وسبب اللطمة أن صاحبة المنزل أمرته أن يفصد ناقة لها، لتأكل دم فصدها، فنحرها، فقيل له في ذلك، فقال: هذا فصدي. فلطمته الجارية فقال: "لو ذات سوار لطمتني". فـ"ذات سوار" فاعل بفعل محذوف على الشرطية التفسير. والتقدير: لو لطمتني ذات سوار. وذات السوار: الحرة، لأن الإمام عند العرب لا يلبس السوار. وجواب "لو" محذوف تقديره: لهان علي ذلك.

1 سقط من "ب".

2 في "أ": "خبر".

3 حلية الأولياء 1/ 47، وجواب "لو" محذوف، تقديره وجهان: أحدهما: لو قالها غيرك لأدبته. والثاني: لو قالها غيرك لم أتعجب منه وإنما العجب من قولك مع فضلك. انظر حاشية يس 2/ 258.

863-

البيت للغطمش الضبي في شرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص893، 1036، ولسان العرب 1/ 577 "عتب"، والمقاصد النحوية 4/ 465، وبلا نسبة في أوضح المسالك 4/ 229، وتذكرة النحاة ص40، والجنى الداني ص279، وشرح الأشموني 3/ 601.

4 مجمع الأمثال 2/ 174، 202، وفصل المقال ص381، وكتاب الأمثال لابن سلام ص268، وجمهرة الأمثال 2/ 193، والمستقصى 2/ 297.

ص: 422

والثاني: لو زيدًا رأيته أكرمته.

والثالث: نحو: "التمس ولو خاتمًا من حديد" 1 أي: ولو كان خاتمًا.

والرابع كقوله: [من الرمل]

864-

لو بغير الماء حلقي شرق

كنت كالغصان بالماء اعتصاري

فولي "لو" اسم هو في الظاهر مبتدأ. وشرق: خبره. قيل: وهو مذهب الكوفيين. واختلف البصريون في تخريجه. فقال الفارسي: "حلقي": فاعل بفعل محذوف، وشرق: خبر مبتدأ محذوف، والأصل: لو شرق حلقي، هو شرق. فحذف الفعل أولا والمبتدأ آخرًا، وخرجه غيره على إضمار "كان" الثانية. واسمها وجملة ما بعد "لو" اسمية خبر "كان".

"و" يجوز أن يلي "لو""كثيرًا: أن" المشددة الموصولة "وصلتها، نحو: {وَلَوْ أَنَّهُمْ صَبَرُوا} [الحجرات: 5] وموضعهما عند الجميع رفع. ثم اختلف في رفعه، "فقال سيبويه2، وجمهور البصريين: مبتدأ. ثم قيل: لا خبر له" لاشتمال صلتها على المسند والمسند إليه. "وقيل: له خبر محذوف"، ثم قيل: يقدر مقدمًا على المبتدأ، أي: ولو ثابت صبرهم، على حد:{وَآيَةٌ لَهُمْ أَنَّا حَمَلْنَا} [يس: 41] .

وقال ابن عصفور: يقدر مؤخرًا على الأصل، أي: ولو صبرهم ثاتب. "وقال الكوفيون والمبرد والزجاج والزمخشري: فاعل بثبت مقدرا"، أي: ولو ثبت صبرهم3. والدال عليه "أن" فإنها تعطي معنى الثبوت "كما قال" النحاة "الجميع في" "أن" الواقعة بعد "ما" الموصولة، من كون "أن" "وصلتها في"

1 أخرجه البخاري في النكاح، باب السلطان ولي، برقم 4842.

864-

البيت لعدي بن زيد في ديوانه ص93، والأغاني 2/ 49، وجمهرة اللغة 731، والحيوان 5/ 138، 593، وخزانة الأدب 8/ 508، 11/ 15، 203، والدرر 2/ 199، وشرح شواهد المغني 2/ 658، والشعر والشعراء 1/ 235، واللامات 128، ولسان العرب 4/ 580 "عصر" 7/ 61 "غصص"، 10/ 177 "شرق"، والمقاصد النحوية 4/ 454، وكتاب العين 4/ 342، وأساس البلاغة "عصر"، وبلا نسبة في الارتشاف 2/ 573، والاشتقاق 269، وتذكرة النحاة ص40، والجنى الداني 280، وجواهر الأدب 263، وشرح ابن الناظم 506، وشرح الأشموني 3/ 601، وشرح التسهيل 4/ 98، وشرح عمدة الحافظ ص323، والكتاب 3/ 121، ومغني اللبيب 2/ 268، وهمع الهوامع 2/ 66.

2 الكتاب 3/ 121.

3 الارتشاف 2/ 573، والجنى الداني ص280.

ص: 423

موضع رفع على الفاعلية بثبت مقدرًا في: "لا أكلمه ما أن في السماء نجمًا"1، أي: ما ثبت أن في السماء نجمًا. ورجع هذا بأن فيه إبقاء "لو" على اختصاصها بالفعل. ويبعده أن الفعل لم يحذف بعد "لو" وغيرها من أدوات الشرط إلا مفسرًا بفعل بعده، إلا "كان"، والمقرون بـ"لا" بعد "إن". قاله الموضح في شرح بانت سعاد2. وإليه أشار الناظم بقوله3:

710-

...........................

لكن لو أن بها قد تقترن

واختصت "أن" من بين سائر ما يؤول بالاسم المرفوع. بالوقوع بعد "لو"، كما اختصت "غدوة"، بالنصب بعد "لدن"4.

"وجواب "لو" إما ماض معنًى نحو: لو لم يخف الله لم يعصه، أو" ماض "وضعًا، وهو" أي الماضي وضعًا، "إما مثبت، فاقترانه باللام، نحو: {لَوْ نَشَاءُ لَجَعَلْنَاهُ حُطَامًا} [الواقعة: 65] أكثر من تركها، نحو {لَوْ نَشَاءُ جَعَلْنَاهُ أُجَاجًا} "[الواقعة: 70] .

قال عبد اللطيف في باب اللامات: هذه اللام تسمى لام التسويف، لأنها تدل على تأخير وقوع الجواب عن الشرط، وتراخيه عنه، كما أن إسقاطها يدل على التعجيل، أي أن الجواب يقع عقب الشرط بـ"لا" مهملة، ولهذا دخلت في:{لَوْ نَشَاءُ لَجَعَلْنَاهُ حُطَامًا} [الواقعة: 65] وحذفت في: {لَوْ نَشَاءُ جَعَلْنَاهُ أُجَاجًا} [الواقعة: 70] أي: لوقته في المزن من غير تأخير، والفائدة في تأخير جعله حطامًا، وتقديم جعله أجاجًا، تشديد العقوبة، أي: إذا استوى الزرع على سوقه وقويت به الأطماع. جعلناه حطامًا، كما قال الله تعالى:{حَتَّى إِذَا أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَهَا} الآية [يونس: 24] . انتهى.

"وإما منفي" بـ"ما"، عطف على مثبت، "فالأمر بالعكس"، فالأكثر تجرده من اللام، ويقل اقترانه بها، فالأول، "نحو:{لَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ} " [الأنعام: 112] .

"و" الثاني: نحو "قوله"[من الوافر] .

865-

ولو نعطى الخيار لما افترقنا

ولكن لا خيار مع الليالي

1 شرح ابن الناظم ص506.

2 شرح قصيدة كعب بن زهير ص121-122.

3 في "ط": في "قوله".

4 شرح ابن الناظم ص505.

865-

البيت بلا نسبة في أوضح المسالك 4/ 231، وخزانة الأدب 4/ 145، 10/ 82، والدرر 2/ 201، وشرح الأشموني 3/ 604، وشرح المغني 2/ 665، ومغني اللبيب 1/ 271، وهمع الهوامع 2/ 66.

ص: 424

فأدخل اللام على "ما" النافية، ولا تدخل اللام على ناف غيرها، وتقدم في باب "إن" توجيه ذلك.

"قيل: وقد تجاب" لو "بجملة اسمية" مقرونة باللام. "نحو": {وَلَوْ أَنَّهُمْ آمَنُوا وَاتَّقَوْا " لَمَثُوبَةٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ خَيْرٌ} " [البقرة: 103] صرح بذلك ابن مالك في شرح التسهيل فقال1: إن اللام في "المثوبة" جواب "لو". وإن بين الماضي والاسم تشابها عن هذه الجهة. قال الزمخشري2: وإنما جعل جوابها جملة اسمية دلالة على استمرار مضمون الجزاء. وقيل: الجملة مستأنفة، صرح به أبو حيان في البحر فقال3: "اللام" في "لمثوبة"، لام الابتداء، لا الواقعة في جواب "لو"، وهو أحد احتمالي الزمخشري.

أو "جواب لقسم مقدر". صرح بذلك ابن مالك في بعض نسخ التسهيل فقال4: وإذا وليها جملة اسمية فهي جواب قسم. وارتضاه في المغني فقال5: والأولى أن تكون لام "لمثوبة" الاسمية استعيرت مكان الفعلية ففيه تعسف. انتهى. وأن "لو" في هذين الوجهين الأخيرين. وهما: الاستئناف وجواب القسم، للتمني فلا جواب لها على الأصح الآتي.

الوجه الرابع من أوجه "لو": أن تكون للتمني نحو: لو تأتني6 فتحدثني. بالنصب. واختلف فيها، فقال ابن الضائع وابن هشام: هي قسم برأسها فلا تحتاج إلى جواب. وقال بعضهم: هي لو الشرطية أشربت معنى ليت7.

الوجه الخامس: أن تكون للعرض نحو: لو تنزل عندنا فتصيب خيرًا. ذكره في التسهيل8.

الوجه السادس: أن تكون للتقليل نحو: "تصدقوا ولو بظلف محرق"9.

ذكره ابن هشام اللخمي وغيره.

1 شرح التسهيل 4/ 100.

2 الكشاف 1/ 86.

3 البحر المحيط 1/ 335.

4 التسهيل ص241.

5 مغني اللبيب 1/ 228.

6 في "ب"، "ط":"تأتيني".

7 مغني اللبيب 1/ 227.

8 انظر الإعراب عن قواعد الإعراب ص87.

9 في سنن النسائي 5/ 81: "ردوا السائل ولو بظلف محرق". وانظر الإعراب عن قواعد الإعراب 87.

ص: 425