الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل في إبدال الواوين من أختيها الألف والياء:
"أما إبدالها من الألف ففي مسألة واحدة، وهي أن ينضم ما قبلها" سواء أكانت في فعل أم في اسم، فالأول "نحو: بويع، و: ضورب" مبنيين للمفعول وأصلهما قبل البناء للمفعول: "بايع، وضارب" فلما بنيتهما للمفعول ضممت أولهما، فتعذر1 بقاء الألف بعد ضمة، لأن الألف لا يكون ما قبلها إلا مفتوحًا، فقلبت الألف واوا لمجانسة حركة ما قبلها، "وفي التنزيل: {مَا وُورِيَ عَنْهُمَا} " [الأعراف: 20] نحو2: "ضويرب"، مصغر "ضارب". إن لم تكن الألف ثانية منقلبة عن ياء نحو "ناب"، وهو السن، فإنها حنيئذ2 ترجع إلى أصلها، وهو الياء، فتقول: "نييب".
"وأما إبدالها"، أي الواو، "من الياء ففي أربع مسائل:
إحداها: أن تكون" الياء "ساكنة مفردة" عن مثلها "في غير جمع"، سواء كانت في اسم. أم فعل، فالأول "نحو: موقن، و: موسر" أصلهما "ميقن، وميسر"، اسمي فاعل من "اليقين، واليسر" أبدلت الياء فيهما واوًا لوقوعها بعد ضمة، والثاني نحو: "يوقن، ويوسر".
"ويجب سلامتها" من الإبدال، "إن تحركت"، لأنها تعاصت بالحركة عن الإبدال "نحو: هيام"3 [بضم الهاء، وتخفيف الياء]4. قال الجوهري5، هو أشد العطش، والهيام كالجنون من العشق، والهيام داء يأخذ الإبل، فتهيم في الأرض، ولا ترعى.
1 في "ب": "فتقدر".
2 سقط من "ب".
3 قال ابن الناظم في شرحه ص604، "ولو تحركت الياء قويت على الضمة ولم تعل غالبًا نحو: هيام". وانظر شرح ابن عقيل 2/ 561.
4 إضافة من "ب"، "ط".
5 الصحاح "هيم".
"أو أدغمت" الياء في مثلها "كـ: حيض" جمع: حائض، فلا تبدل الياء فيه واوًا لأن المدغم والمدغم فيه بمنزلة حرف واحد، يرتفع اللسان بهما دفعة واحدة، ولذلك يجوز الجمع بين ساكنين، إذا كان الأول حرف لين والثاني مدغمًا كـ"دابة"، لأن لين الحرف الأول وامتداده كالحركة فيه، والمدغم كالمتحرك، وإذا كان كذلك لم تتسلط الحركة على قلبها واوًا، وهذا المثال خارج أيضا بقوله: في غير جمع، لأن "حيضًا"1 جمع، والمثال الجيد أن تبنى من "البيع" مثل "حياض"، فتقول "بياع"، ولا تعل لما ذكرنا.
"أو كانت" الياء المفردة "في جمع، ويجب في هذه" المسألة "قلب الضمة" الواقعة قبل الياء المفردة في الجمع "كسرة" لثقل الضمة والياء والجمع، وذلك "كـ: هيم" جمع "أهيم، وهيماء"، "وبيض"، جمع "أبيض، وبيضاء" "في جمع أفعل، وفعلاء" وغيرهما كـ"عيط" جمع "عائط" على حد قولهم:"بازل، وبزل"، و"العائط" بمهملتين:[الناقة] 2 التي لا تحمل، ويجمع على "عيط، وعوط".
المسألة "الثانية: أن تقع" الياء "بعد ضمة، وهي إما لام فعل كـ: نهو الرجل، وقضو" بفتح أولهما، وضم ثانيهما، إذا تعجبت من عقله وقضائه. "بمعنى: ما أنهاه، أي: ما أعقله"، والنهية، العقل، "وما أقضاه" أي: ما أحكمه، والقضاء، الحكم، والأصل: "نهي، وقضي" من "نهيت، وقضيت" فأبدلت الياء فيهما واوا لوقوعها بعد ضمة.
"أو لام اسم مختوم بتاء" للتأنيث، "بنيت الكلمة عليها" من أول الأمر، ولم يسبق لها حذف. "كأن تبني من: الرمي"، اسمًا مختومًا بالتاء "مثل: مقدرة" بفتح الميم وسكون القاف وضم الدال. "فإنك تقول: مرموة"، بالواو، والأصل "مرمية"، أبدلت الياء واوًا لوقوعها بعد ضمة.
"بخلاف" ما إذا أدخلت التاء بعد بناء الكلمة، فيجب قلب الضمة كسرة لتسلم الياء "نحو: توانى توانية، فإن أصله قبل دخول التاء "توانيًا" بالضم للنون"، لأنه من باب "التفاعل"، فإن "توانى توانيًا"، "كـ: تكاسل تكاسلا" بضم السين "فأبدلت ضمته"، أي ضمة النون "كسرة، لتسلم الياء من القلب" واوا، "ثم طرأت التاء لإفادة الوحدة" بعد الإعلال، "وبقي الإعلال"، وهو إبدال الضمة كسرة،
1 في "ط": "حيض".
2 إضافة من "ط".
"بحاله" على ما كان عليه، ولم يتغير الحكم بإعادة الضمة إلى أصلها، وإبدال الياء واوًا، لأن ذلك يؤدي إلى وقوع اسم معرب، في آخره واو، قبلها ضمة لازمة، لأن التاء العارضة في حكم الانفصال، فلا يعتد بها.
"أو لام اسم مختوم بالألف والنون" الزائدتين، "كأن تبني من: الرمي" اسمًا "على وزن سبعًا"، بفتح السين المهملة وضم الياء الموحدة، "اسم الموضع الذي يقول فيه" خلف "بن الأحمر"، بل تميم بن أبي مقبل على الصحيح:[من الطويل]
962-
ألا يا ديار الحي بالسبعان
…
أمل عليها بالبلى الملوان
وهما الليل والنهار. "فإنك تقول: رموان"، بضم الميم، والأصل:"رميان" فأبدلت الياء، واوًا لوقوعها بعد ضمة، ولك أن تقول إذا بني من "الغزو" مثل:"ظربان"، فإنه يقال:"غزيان"، فيعطى ما قبل الألف والنون حكم ما وقع آخرًا محضًا كـ"رضي"، ومقتضى هذا أن لا يقال في مثل "سبعان" من "الرمي":"رموان"، لأنه لا يجوز أن يقال في مثل "عضد" من "الرمي":"رمو" لأنه ليس لنا اسم متمكن، آخره واوًا لازمة بعد ضمة، بل يجب أن يقلب الضمة كسرة لتسلم الياء فتقول:"رم" فلذا يجب أن يقال: "رميان" بإعلال الحركة دون الحرف. قاله الموضح في الحواشي.
المسألة "الثالثة: أن تكون" الياء "لامًا لـ: فعلى، بفتح الفاء اسمًا لا صفة، نحو: تقوى، وشروى"، بالشين المعجمة، بمعنى: المثل يقال لك: [وشروه] 1، أي مثله، حكاه ابن جني في شرح غريب تصريف المازني، "و: فتوى" بالفاء المثناة الفوقانية: والأصل: "تقيى، وشريى، وفتيى"، لأنها من "تقيت، وشريت، وفتيت"، أبدلت الياء فيهن واوًا فرقًا بين الاسم والصفة، وخصوا الاسم بالإعلال لأنه أخف من الصفة، فكان أحمل للثقل.
"قال الناظم" في شرح الكافية2، "وابنه" في شرح الخلاصة3:"وشذ: سعيى" اسمًا "لمكان" بعينه، "وريا" اسمًا "للرائحة، وطغيى" اسمًا "لولد البقرة الوحشية، انتهى" كلامهما في الشرحين المذكورين، وفيه نظر.
962- تقدم تخريج البيت برقم 27، 919.
1 إضافة من "ط".
2 شرح الكافية الشافية 4/ 2121.
3 شرح ابن الناظم ص606.
"فأما الأول" وهو "سعي" من "السعي"، "فيحتمل أنه منقول من صفة كـ: خزيا، وصديا، مؤنثي: خزيان، وصديان"، واستصحب التصحيح بعد جعله اسمًا، كما أوله الفارسي.
"وأما الثاني" وهو "ريا" من "الري""فقال النحويون" سيبويه وغيره: "ريا""صفة، غلبت عليها الاسمية" وليس بشاذ، "والأصل: رائحة ريا، أي: مملوءة طيبًا".
"وأما الثالث" وهو "طغي" من "الطغيان"، "فالأكثر فيه ضم الطاء"، فلعلهم استصحبوا التصحيح، حين فتحوا للتخفيف"، كذا تعقبوه، وتبعهم الموضح، ثم قال في الحواشي، وظهر لي بعد أن مراده شذوذ الاستعمال، فإني قرأت بخطه حاشية هنا إبدال الواو من الياء لامًا لـ"فعلى" لا يقاس عليه لانتفاء السبب، واستلزام مزيد الثقل. انتهى، و"طغيى" بإعجام الغين، ورواة ضبطه مختلفة، فقال الأصمعي: يروى بضم الطاء على مثال "حبلى"، وقال أحمد بن يحيى: بفتح الطاء على مثال "سكرى"، وقال أبو عبيدة: بفتح الطاء والتنوين، قاله ابن السيد.
المسألة: "الرابعة: أن تكون" الياء المضموم ما قبلها "عينًا لـ: فعلى، بالضم" في الفاء "اسمًا كـ: طوبى" بمعنى "طيب""مصدرًا لـ: طاب" يطيب، "أو اسمًا للجنة". بالجيم، ومنه "شجرة طوبى"، "أو صفة جارية مجرى الأسماء" في عدم جريانها على موصوف، وإيلائها العوامل، "وهي: فعلى أفعل، كـ: الطوبى، والكوسى، والخورى"، بالخاء المعجمة والراء المهملة، "مؤنثات: أطيب، وأكيس، وأخير"، أسماء تفضيل جارية مجرى الأسماء الجامدة. "والذي يدل على أنها جارية مجرى الأسماء" الجامدة "أن: أفعل، التفضيل يجمع على: أفاعل، فيقال" في جمع "الأفضل، والأكبر"، "الأفاضل، والأكابر كما يقال في جمع: أفكل" هو اسم جامد للرعدة "أفاكل"، والأصل: "الطيبى، والكيسى، والخيرى" بضم أولها، أبدلت الياء واوًا لسكونها وانضمام ما قبلها.
"فإن كانت: فعلى" بالضم "صفة محضة"، أي جارية على موصوف "وجب قلب ضمته كسرة" لتسلم الياء من القلب واوًا فرقًا بين الصفة والاسم، "ولم يسمع من ذلك إلا" كلمتان:" {قِسْمَةٌ ضِيزَى} "[النجم: 22] بالضاد والزاي المعجمتين، "أي جائرة"، بالجيم والراء المهملة، من قولهم: ضازه يضيزه، إذا بخسه
حقه، وجاز عليه فيه، "ومشية"، بكسر الميم، "حيكى"، بالحاء المهملة "أي يتحرك فيها المنكبان"، يقال: حاك في مشيه، إذا حرك منكبيه، وأصلهما:"ضيزى، وحيكى" بضم أولهما، فأبدلت الضمة كسرة، لتصح الياء على حد قولهم في جمع أبيض: بيض، "هذا كلام النحويين، وقال الناظم" في النظم:
963-
وإن يكن عينا لفعلى وصفا
…
فذاك بالوجهين عنهم يلفى
"و" قال "ابنه" في شرحه1: "يجوز في عين: فعلى، صفة أن تسلم الضمة، فتقلب الياء واوًا، وأن تبدل الضمة كسرة، فتسلم الياء" من القلب، "فتقول: الطوبى، والطيبى، والكوسى، والكيسى، والضوقى والضيقى" ترديدًا بين حمله على مذكره تارة، وبين رعاية الزنة أخرى. انتهى. مخالفة لكلام النحويين، سيبويه2 وأتباعه من وجهين:
أحدهما: أن الناظم وابنه أجازا في "فعلى" وصفًا وجهين3، والنحويون جزموا بأحدهما، فقالوا: تقلب ياء "فعلى" اسمًا واوًا كـ"طوبى، وكوسى"، ولا تقلب في الصفة، ولكن يكسر ما قبلها، فتسلم الياء كقولهم:"قسمة ضيزى، ومشية حيكى".
والوجه الثاني: أنهم ذكروا أنثى "الأفعل" في باب الأسماء فحكموا لها بحكم الأسماء في إقرار الضمة، وقلب الياء واوًا، وذكرها الناظم في باب الصفات4، وأجاز فيها الوجهين، ونص على أن الوجهين مسموعان من العرب، وقال الشلوبين: لم يجئ من هذا مقلوبًا إلا "فعلى، أفعل".
1 شرح ابن الناظم ص605.
2 في "ب": "وابنه".
3 انظر شرح ابن الناظم ص605.
4 شرح الكافية الشافية 4/ 2120.