الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فقلت: يا رسول الله، إن القرآن يتفلّت مني، فوضع يده على صدري، وقال:"يا شيطان، اخرج من صدر عثمان"، فما نسيت شيئًا بعده أريد حفظه.
وفي صحيح مسلم، عن عثمان بن أبي العاص، قلت: يا رسول الله، إن الشيطان حال بيني وبين صلاتي، فقال:"ذلك شيطان يقال له خنزب، فإذا أحسسته تعوَّذ بالله منه، واتفل على يسارك ثلاثًا" قال: ففعلت فأذهبه الله عني.
وروي عنه: سألته مصحفًا كان عنده فأعطانيه، "فقلت: يا رسول الله، إن القرآن يتفلّت مني، فوضع يده على صدري، وقال:"يا شيطان، اخرج من صدر عثمان"، فما نسيت شيئًا بعده أريد حفظه،" وعنه قلت: يا رسول الله، ادع الله أن يفقِّهني في الدّين ويعلمني، قال:"ماذا قلت"؟ فأعدت عليه القول، فقال:"لقد سألتني عن شيء ما سألني عنه أحد من أصحابك، اذهب فأنت أمير عليهم وعلى من تقدَّم عليك من قومك".
"وفي صحيح مسلم عن عثمان بن أبي العاص قلت: يا رسول الله، إن الشيطان حال بيني وبين صلاتي، فقال: "ذلك شيطان يقال له خنزب" مثلث الخاء المعجمة، كما في النهاية.
قال النووي: والمعروف: الفتح والكسر، ثم نون ساكنة، ثم زاي مفتوحة، ثم ياء موحدة، "فإذا أحسسته فتعوَّذْ بالله منه واتفل" بضم الفاء وكسرها، من بابي: ضرب ونصر، "على يسارك ثلاثًا" أي: على جهته، فيشمل ما إذا ألقى ما يتفله بالأرض، أو على شيء من أعضائه كيده اليسرى، "قال: ففعلت، فأذهبه الله عني" ففيه أن ذلك يذهب الوسواس.
وروى ابن إسحاق عن عثمان، قال: كان من آخر ما عهد إليّ النبي صلى الله عليه وسلم حين بعثني على ثقيف أن قال: "يا عثمان، تجاوز في الصلاة، وأقدر الناس بأضعفهم، فإن فيهم الكبير والصغير والضعيف وذا الحاجة".
الوفد الثالث: وفد بني عامر
وقدم وفد بني عامر عليه صلى الله عليه وسلم، قال ابن إسحاق: لما فرغ من تبوك، وأسلمت ثقيف وبايعت، ضربت إليه وفود العرب،
"الوفد الثالث":
"وقدم وفد بني عامر" بن صعصعة، كما في الروض، وهو من قيس عيلان "عليه صلى الله عليه وسلم، قال ابن إسحاق لما فرغ" أي: رجع "من تبوك، وأسلمت ثقيف وبايعت، ضربت" أي: سارت "إليه وفود العرب"، كقوله تعالى:{ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْض} [النساء: 101]، [المائدة: 106] ،
فدخلوا في دين الله أفواجًا، يضربون إليه من كل وجه.
فوفد عليه عليه الصلاة والسلام بنو عامر، فيهم عامر بن الطفيل، وأربد بن قيس، وخالد بن جعفر، وحيان بن أسلم بن مالك، وكان هؤلاء النفر، لفظ: رؤساء القوم وشياطينهم، فقدم -عدو الله- عامر بن الطفيل على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو يريد أن يغدر به، فقال لأربد: إذا قدمنا على الرجل فإني شاغل عنك وجهه، فاعله بالسيف، فكلّم عامر رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فحذف منها المضروب إليه للعلم به، كما حذف هنا المضروب فيه للعلم به؛ إذ سير الوفود إنما يكون في الأرض، أو إشارة إلى أنّ استعماله بمعنى السير لا يتوقف على كونه في الأرض، فيقال: ضرب الطائر في الهواء إذا سار، "فدخلوا في دين الله أفواجًا، يضربون إليه من كل وجه، فوفد عليه عليه الصلاة والسلام بنو عامر" بن صعصعة، "فيهم عامر بن الطفيل" بضم الطاء وفتح الفاء، ابن مالك بن جعفر بن كلاب العامري، وهذا صريح في أن قصته كانت بعد الفتح.
وقال ابن كثير: الظاهر أنها متقدمة على الفتح، وإن ذكرها ابن إسحاق والبيهقي بعده، "وأربد" بفتح الهمزة وإسكان الراء وفتح الموحدة ومهملة، "ابن قيس وخالد" كذا في النسخ، وهو تصحيف، صوابه كما في ابن إسحاق وغيره: وأربد بن قيس بن جزء بن خالد "بن جعفر، وحيان بن أسلم" صوابه كما في ابن إسحاق وغيره: وجبار بن سلمى -بفتح الجيم وشد الموحدة وبالراء، وسلمى -بفتح السين وضمها، والصواب: الفتح، قاله أبو ذر، قال في النور: والذي أعرفه الضم، وفي الإصابة: بضم السين، وقيل: بفتحها، "ابن مالك" بن جعفر بن كلاب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة الكلابي العامري، كان يقال لأبيه: سلمى نزال الضيف، وأسلم جبار بعد ذلك وصحب -رضي الله عن، "وكان هؤلاء النفر، لفظ" ابن إسحاق: هؤلاء الثلاثة "رؤساء القوم وشياطينهم" أي: عتاتهم، فكل عات متمرد، من جن وإنس ودوابّ شيطان، كما في المصباح، "فقدم عدو الله عامر بن الطفيل على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو يريد أن يغدر به" مثلث الدال.
قال في القاموس: الغدر ضد الوفاء، غدره وبه كنصر وضرب وسمع.
قال ابن إسحاق: وقد قال له قومه: يا عامر، إن الناس قد أسلموا فأسلم، فقال: والله قد كنت آليت لا أنتهي حتى تتبع العرب عقبي، أفأنا أتبع عقب هذا الفتى من قريش، "فقال لأربد: إذا قدمنا على الرجل فإني شاغل عنك وجهه" أي: صارفه بأن ألهيه بحديثٍ حتى لا يفطن لما تريد فعله به "فاعله" أي: اضرب أعلاه "بالسيف"؛ كأنه يريد ضرب عنقه، فانتهى إليه عامر وأربد، وجلسا بين يديه. "فكلّم عامر رسول الله صلى الله عليه وسلم" فقال: يا محمد، خالني -بمعجمة فألف،
وقال: والله لأملأنَّها عليك خيلًا ورجالًا، فلمَّا ولَّى، قال عليه الصلاة والسلام:"اللهم اكفني عامر بن الطفيل".
فلما خرجوا، قال عامر لأربد: ويحك، أينما كنت أمرتك به؟ فقال: والله ما هممت بالذي أمرتني به إلّا دخلت بيني وبينه، أفأضربك بالسيف؟
ولما كانوا ببعض الطريق بعث الله تعالى على عامر بن الطفيل الطاعون في عنقه فقتله الله.
فلام مشدَّدة مكسورة، من المخالة، وهي المصادقة، أي: اتخذني خليلًا، وروي بخِفَّة اللام، أي: انفرد لي خاليًا حتى أتحدث معك، قال:"لا، والله حتى تؤمن بالله وحده لا شريك له"، فقال: يا محمد، خالني، وجعل يكلمه وينتظر من أربد ما كان أمره به، وأربد لا يصنع شيئًا، ويبست يده على السيف، فلم يستطع سلّه، فقال: يا محمد خالني، قال:"لا، والله حتى تؤمن بالله وحده لا شريك له"، قال: ما تجعل لي إن أسلمت؟ قال: "لك ما للمسلمين، وعليك ما عليهم"، قال: أتجعل لي الأمر بعدك، قال:"ليس ذلك لك، ولا لقومك، ولكن لك أعنة الخيل"، قال: أنا الآن في أعنة خيل نجد، أتجعل لي الوبر ولك المدر؟ قال:"لا"، فقام عنه "وقال: والله لأملأنَّها،" أي: المدينة "عليك خيلًا" زاد في رواية: جروًا "ورجالًا"، زاد في رواية: مردًا، ولأربطنَّ بكل نخلة فرسًا، فقال -صى الله عليه وسلم:"يمنعك الله"، "فلمَّا ولَّى قال عليه الصلاة والسلام:"اللهم اكفني عامر بن الطفيل"،" زاد في رواية:"بما شئت وابعث له داء يقتله واهد قومه"، "فلمَّا خرجوا، قال عامر لأربد: ويحك، أينما كنت أمرتك به" والله ما كان على ظهر الأرض رجل هو أخوف على نفسي منك، وايم الله، لا أخافك بعد اليوم أبدًا، "فقال" أربد: لا أبا لك، لا تعجل عليّ، "والله ما هممت بالذي أمرتني به إلّا دخلت بيني وبينه" حتى ما أرى غيرك، "أفأضربك بالسيف،" والمعنى: إن الله تعالى منع أربد عن رسوله بإراءته صورة صاحبه بينهما.
قال في الروض: وفي رواية غير ابن إسحاق: إلّا رأيت بيني وبينه سورًا من حديد، وفي رواية: لما أردت سل سيفي، نظرت فإذا فحل من الإبل فأغرفاه بين يديّ يهوي إليَّ، فوالله لو سللته لخفت أن يبلغ رأسي، وجمع بأن ما في الرواية الأولى بعد أن تكر منه الهم، وما في الثانية بعد أن حصل منه هم آخر، وكذا يقال في الثالثة، "ولما كانوا ببعض الطريق" بمكانٍ يقال له: الرقم -بفتح الراء والقاف، موضع بالمدينة، "بعث الله تعالى على عامر بن الطفيل الطاعون في عنقه، فقتله الله،" والمتبادر من ذا السياق قتله سريعًا، ووقع في رواية، فمكث صلى الله عليه وسلم يعدعو عليه ثلاثين صباحًا، حتى إذا كان بالرقم بعث الله عليه الطاعون فقتله، والذي يظهر أنها وهم نشأ من دعائه عليه شهرًا، لما قتل أصحابه ببئر معونة، فدخل على روايها حديث في حديث، فخلط قصة
وفي صحيح البخاري: أن عامرًا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: أخيرك بين ثلاث خصال، يكون لك أهل السهل، ولي أهل المدر، أو أكون خليفتك من بعدك، أو أغزوك بغطفان بألف أشقر وألف شقراء. فطُعِنَ في بيت امرأة، فقال: أغدة كغدة البكر في بيت امرأة من آل بني فلان. ائتوني بفرسي، فمات على ظهر فرسه.
بقصة، كما أشار إليه شيخنا.
"وفي صحيح البخاري" من حديث أنس: "أن عامرًا" أي: ابن الطفيل "أتى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: أخيّرك" لفظ البخاري، وكان عامر رئيس المشركين خير "بين ثلاث خصال".
قال الحافظ: بفتح أوّله وحذف المفعول، أي: خيِّرَ النبي صلى الله عليه وسلم، وبَيِّنَه البيهقي في الدلائل من طريق شيخ البخاري فيه، ولفظه: وكان أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: أخيرك بين ثلاث خصال، وفي نسخة خير -بضم أوله. وخطأها ابن قرقول "يكون لك أهل السهل" -بفتح المهملة وسكون الهاء، سكَّان البوادي "ولي أهل المدر" -بفتح الميم، والدال المهمل وراء، أهل البلاد.
قال المصنف: فتفسير شيخنا السهل بالمدن، والقرى والمدر بالبوادي خلافه، "أو أكون خليفتك من بعدك، أو أغزوك بغطفان -بمعجمة، ومهملة وفاء مفتوحات، قبيلة "بألف أشقر، وألف شقراء" الذي في البخاري: بألف وألف.
قال الحافظ وغيره في رواية البيهقي عن أنس، والطبراني عن سهل بن سعد: بألف أشقر، وألف شقراء، وبه مزج المصنف لفظ البخاري بلا عزو، "فطُعِنَ في بيت امرأة، فقال: أغدة" بالنصب يعامل مقدر، أي: أغد غدة، كما قال سيبويه، والاستفهام تعجبي، لكن لفظ البخاري: غدة بدون أََلِف.
قال الحافظ: يجوز رفعه بتقدير: أصابتني، أو غدة بي، ويجوز النصب على المصدر، أي: أغد غدة، "كغدة البكر" -بفتح الموحدة وإسكان الكاف، الفتي من الإبل، والغدة -بضم المعجمة، من أمراض الإبل وهو طاعونها، "في بيت امرأة من آل بني فلان" بينها الطبراني من حديث سهل، فقال: امرأة من آل سلول، وهي بنت ذهل بن شيبان، وزوجها مرة بن صعصعة أخو عامر بن صعصعة، ينسب بنوه إليها، كما في الفتح، "ائتوني بفرسي، فمات على ظهر فره" كافرًا.
وفي رواية: ركب فرسه وأخذ رمحه، وأقبل يجول ويقول: يا ملك الموت ابرز لي، فلم تزل تلك حاله حتى سقط عن فرسه ميتًا.
قال الداودي: كانت هذه من حماقات عامر، فأماته الله بذلك ليصغر إليه نفسه، وبنو سلول كانوا موصوفين باللؤم، فرغب أن يموت في بيتها.