الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الوفد السادس عشر: قدوم ضمام بن ثعلبة
وقدم عليه صلى الله عليه وسلم ضمام بن ثعلبة، بعثه بنو سعد بن بكر.
روى البخاري من حديث أنس بن مالك قال: بينما نحن جلوس مع النبي صلى الله عليه وسلم في المسجد، دخل رجل على جمل فأناخه في المسجد ثم عقله،
"الوفد السادس عشر":
"وقدم عليه صلى الله عليه وسلم ضمام" بمعجمة مكسورة وخفة الميم الأولى المفتوحة، "ابن ثعلبة" بفتح المثلثة والموحدة بينهما عين ساكنة ولام، السعدي، قال البغوي: كان يسكن الكوفة "بعثه بنو سعد بن بكر" قومه ليجيب عمَّا أرسل به المصطفى لهم، ويبصر فيما جاء به عليه الصلاة والسلام، في سنة تسع على الصواب، وبه جزم ابن إسحاق، وأبو عبيدة وغيرهما، خلافًا لما زعم الواقدي أنه سنة خمس، كما أفاده الحافظ، ولم يقل وفد لانفراده، لا يعد وافدًا عرفًا، وإن عُدَّ لغة، بل حقه أن يقال له يريد؛ لأنه بمنزلة من يرسله الملك في مصلحة ليأتيه بالخبر، وادَّعى ابن بطال وعياض وابن العربي وغيرهم: أن ضمامًا هو المرد بقول طلحة بن عبيد الله: جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من أهل نجد، ثائر الرأس، نسمع دوي صوته، ولا نفقه ما يقول، حتى دنا، فإذا هو يسأل عن الإسلام، فقال صلى الله عليه وسلم:"خمس صلوات في اليوم والليلة"، فقال: هل عليَّ غيرها؟ قال: "لا، إلّا أن تطوّع"، قال:"وصيام رمضان"، قال: هل عليَّ غيره؟ قال: "لا، إلّا أن تطوَّع" وذكر له الزكاة"، فقال: هل عليَّ غيرها؟ قال: "لا، إلا أن تطوَّع"، قال: فأدبر الرجل، وهو يقول: والله لا أزيد على هذا، ولا أنقص، قال صلى الله عليه وسلم: "أفلح إن صدق".
رواه الشيخان من طريق مالك عن عمه، عن أبيه، عن طلحة.
وقال القرطبي في المفهم: وتبعه شيخنا شيخ الإسلام سراج الدين البلقيني، الظاهر أنه غيره لاختلاف السياقين، وهو كما قال ذكره الحافظ في المقدمة.
وقال في الفتح: جزم ابن بطال وآخرون بأنه ضمام، والحامل لهم على ذلك إيراد مسلم قصته عقب حديث طلحة، وإنَّ في كلٍّ منهما أنه بدويّ، وأن كلًّا منهما قال في آخر حديثه: لا أزيد على هذا، ولا أنقص، لكن تعقَّبه القرطبي بأن سياقهما مختلف، وأسئلتهما متباينة، قال: ودعوى أنها قصة واحدة دعوى فرط، وتكلف شطط من غير ضرورة. انتهى المراد منه.
"روى البخاري"، وكذا مسلم "من حديث أنس بن مالك، قال: بينا" بلا ميم، وفي رواية بينما بالميم، "نحن جلوس مع النبي صلى الله عليه وسلم في المسجد" النبوي، "دخل رجل" جواب بينا، وللأصيلي: إذ دخل، لكنَّ الأصمعي لا يستفصح إذ وإذا في جواب بينا، "على جملٍ فأناخه في المسجد، ثم عقله" بتخفيف القاف، أي: شدَّ على ساقه بعد أن ثنى ركبتيه حبلًا، واستنبط منه ابن بطال وغيره، طهارة أبوال الإبل وأرواثها؛ إذ لا يؤمن منه ذلك في المسجد، ولم ينكره صلى الله عليه وسلم.
قال الحافظ: ودلالته غير واضحة، وإنما فيه مجرد احتمال، ويدفعه رواية أبي نعيم: أقبل
ثم قال: أيكم محمد؟ والنبي صلى الله عليه وسلم متكئ بين ظهرانيهم، فقلنا: هذا الرجل الأبيض المتكئ، فقال له الرجل: ابن عبد المطلب؟
على بعير له حتى أتى المسجد، فأناخه، ثم عقله، فدخل المسجد، وأصرح منه روايةً ابن عباس عند أحمد والحاكم، ولفظه: فأناخ بعيره على باب المسجد، فعقله ثم دخل، فعلى هذا، ففي رواية أنس مجاز الحذف والتقدير، فأناخه في ساحة المسجد، أو نحو ذلك، انتهى، وفيه: إن ساحة المسجد رحبته، كما في اللغة، ومذهب الشافعي أن الرحبة من المسجد، وهي ما بني لأجله، فتستحب فيها التحية، ويجوز الاعتكاف، فتمَّ الاستنباط، "ثم قال: أيكم" استفهام مرفوع، مبتدأ خبره "محمد"، أو أيكم خبر قُدِّمَ؛ لأن الاستفهام له الصدر، "والنبي صلى الله عليه وسلم متكئ" -بالهمز، مستوٍ على وطاء، والجملة اسمية وقعت حالًا، قاله المصنف، وتفسيره بهذا هو الظاهر هنا، وإن أطلق الاتكاء أيضًا على الميل على أحد الشقين، والتمكُّن من القعود بالتربُّع والاعتماد على اليد اليسرى، كما يأتي بسطه للمصنف.
قال الحافظ: فيه جواز إتكاء الإمام بين أتباعه، وفيه ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم من ترك التكبر لقوله:"بين ظهرانيهم" بفتح النون، أي: بينهم، وزيد لفظ ظهر، ليدل على أن ظهرًا منهم قدامه، وظهرًا وراءه، فهو محفوف بهم من جانبيه، والألف والنون فيه للتأكيد، قاله صاحب الفائق.
وقال الدماميني: زيدت الألف والنون على ظهر عند التثنية للتأكيد، ثم كثر حتى استعمل في الإقامة بين القوم مطلقًا.
قال المصنف: فهو مما أريد بلفظة التثنية فيه معى الجمع، واستشكل ثبوت النون مع الإضافة، وأجيب بأنه ملحق بالمثنى، لا أنه مثنى ثني، وحذفت منه نون التثنية، وصار ظهرانيهم، "فقلنا: هذا الرجل الأبيض المتكئ".
قال الحافظ: أي: المشرب بحمرة، كما في رواية الحارث بن عمير الأمغر -بالغين المعجمة. قال حمزة بن الحارث: هو الأبيض المشرب بحمرة، ويؤيده ما يأتي في صفته صلى الله عليه وسلم أنه لم يكن أبيض ولا أدم، أي: لم يكن أبيض صرفًا، "فقال له" للنبي صلى الله عليه وسلم "الرجل" الداخل "ابن عبد المطلب" بكسر الهمزة وفتح النون، كما في فرع اليونينية والذي رأيته في اليونينية بهمزة وصل.
قال شيخنا: ولا تنافي بينهما، فما في الأصل وصل كلمة بالرجل، وما في الفرع وقف على الرجل، وابتدأ بابن إشارة إلى أنه مقول القول، فالهمزة مكسورة.
وفي الفتح للحافظ: بفتح النون على النداء، وفي رواية الكشميهني: يا ابن بإثبات حرف
فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: "قد أجبتك".
فقال: إني سائلك فمشدد عليك في المسألة، فلا تجد علي في نفسك، فقال:"سل عمَّا بدا لك"، فقال: أسألك بربك ورب من قبلك، آلله
النداء. انتهى.
وقال الزركشي: بفتح الهمزة للنداء ونصب النون؛ لأنه مضاف لا على الخبر ولا الاستفهام؛ لقوله: "قد أجبتك"، وفي رواية: يا ابن عبد المطلب، وردَّه الدماميني بأنه لا دليل في شيء مما ذكر على تعين فتح الهمزة، فإن ثبت رواية، وإلّا فلا مانع أن همزة الوصل التي في ابن سقطت للمدرج، وحرف النداء محذوف، وهو في مثله قياس مطَّرد باتفاق، "فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: قد "أجبتك"،" أي: سمعتك، أو المراد: إنشاء الإجابة، أو نزل تقريره للصحابة في الإعلام عنه منزلة النطق، وهذا لائق بمراد البخاري، وقيل: لم يقل له نعم؛ لأنه لم يخاطبه بما يليق بمنزلته من التعظيم، لا سيما مع قوله تعالى:{لَا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضاً} [النور: 63] الآية، والعذر عنه إن قلنا: قدم مسلمًا أنه لم يبلغه النهي، وكانت فيه بقية من جفاء الأعراب، وقد ظهر ذلك بعد في قوله: فمشدد عليك، "فقال: إني سائلك"، وللأصيلي وابن عساكر: فقال الرجل: إليَّ سائلك، "فمشدد" بكسر الدال الأولى المثقَّلة، والفاء عاطفة على سائلك، "عليك في المسألة فلا تجد" بكسر الجيم، والجزم على النهي من الموجدة، أي: لا تغضب "عليَّ في نفسك".
قال الحافظ: ومادة وجد متحدة الماضي والمضارع، مختلفة المصادر بحسب اختلاف المعاني، ففي الغضب موجدة، والمطلوب وجودًا والضالة وجدانًا، والحب وجدًا -بالفتح، والمال وجدًا -بالضم، والغني جدة -بكسر الجيم وخفة الدال مفتوحة على الأشهر في جميع ذلك، وفي المكتوب: وجادة وهي مولدة، "فقال:"سل ما بدا"، ظهر "لك"، فقال: أسألك بربك" أي: بحق ربك "ورب من قبلك" زاد مسلم: ومن رفع السماء، وبسط الأرض، وغير ذلك من المصنوعات، ثم أقسم عليه به أن يصدقه عما يسأل عنه، وكرّر القسم في كل مسألة، تأكيدًا وتقريرًا للأمر، ثم صرَّح بالتصديق، فكل ذلك دليل على حسن تصرفه، وتمكن عقله، ولهذا قال عمر: ما رأيت أحدًا أحسن مسألة، ولا أوجز من ضمام، وقد وقع عند مسلم عن أنس: كنا نهينا في القرآن أن نسأل رسول اله صلى الله عليه وسلم عن شيء، فكان يعجبنا أن يجيء الرجل من أهل البادية، العاقل فيسأله ونحن نسمع.
زاد أبو عوانة: وكانوا أجراء على ذلك منا، يعني: إن الصحابة واقفون عند النهي، وأولئك يعذرون بالجهل، وتمنَّوه عاقلًا ليكون عارفًا بما يسأل عنه، وظهر عقل ضمام في تقديمه الاعتذار
أرسلك إلى الناس كلهم؟ فقال: "اللَّهمَّ نعم"، فقال: أنشدك بالله، آلله أمرك أن تصلي الصلوات الخمس في اليوم والليلة؟ قال:"اللهمَّ نعم"، فقال: أنشدك بالله، آلله أمرك أن تصوم هذا الشهر في السنة؟ قال:"اللَّهم نعم"، فقال: أنشدك بالله، آلله أمرك أن تأخذ هذه الصدقة من أغنيائنا فنقسمها على فقرائنا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"اللهم نعم".
بين يدي مسألته، لظنه أنه لا يصل إلى مقصوده إلّا بتلك المخاطبة، قاله الحافظ:"آلله" بهمزة الاستفهام الممدودة في المواضع كلها مبتدأ خبره "أرسلك إلى الناس كلهم، فقال: "اللهمَّ" أي: يا الله "نعم" فالميم بدل من حرف النداء، وذكر للتبرُّك، وإلّا فالجواب حصل بنعم.
قال الحافظ: وكأنه استشهد في ذلك بالله تأكيدًا لصدقه، وفي رواية أبي عوانة، فقال: صدقت، قال: فمن خلق السماء؟ قال: "الله"، قال: فمن خلق الأرض والجبال؟ قال: "الله"، قال: فمن جعل فيها المنافع؟ قال: "الله"، قال: فبالذي خلق السماء والأرض، ونصب الجبال، وجعل فيها المنافع، الله أرسلك؟ قال:"نعم"؛ وكذا هو في رواية مسلم، "فقال: أنشدك" بفتح الهمزة وضم المعجمة: أسألك "بالله" وأصله من النشد، وهو رفع الصوت، والمعنى: سألتك رافعًا نشيدتي، قاله البغوي في شرح السنة.
وقال الجوهري: نشدتك بالله، أي: سألتك، كأنك ذكرته فنشد، أي: تذكر "آلله أمرك أن تصلي" بتاء الخطاب فيه وفيما بعده، وللأصيلي بالنون فيهما.
قال عياض: وهو أوجه، ويؤيده رواية مسلم بلفظ: إن علينا خمس صلوات في يومنا وليلتنا، وساق البقية كذلك، ووجه الأوّل أنَّ كل ما وجب عليه وجب على أمته، حتى يقوم دليل على الاختصاص "الصلوات الخمس"، وللكشميهني والسرخسي: الصلاة بالإفراد على إرادة الجنس "في اليوم والليلة، قال: "اللهمَّ نعم"، قال: أنشدك بالله، آلله أمرك أن تصوم" بتاء الخطاب وبالنون "هذا الشهر في السنة؟ " أي: رمضان في كل سنة، فاللام فيهما للعهد، والإشارة لنوعه لا لعينه، "قال:"اللهمَّ نعم"، قال: أنشدك بالله، آلله أمرك أن تأخذ" بتاء الخطاب، أي: بأن تأخذ "هذه الصدقة" المعهودة، وهي الزكاة "من أغنيائنا، فتقسمها" بتاء الخطاب المفتوحة، والنصب عطفًا على تأخذ "على فقرائنا؟ " خرج مخرج الأغلب؛ لأنهم معظم أهلها، "فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "اللهمَّ نعم".
قال ابن التين: فيه دليل على أن المرء لا يفرق صدقته بنفسه، وفيه نظر، ولم يذكر الحج في هذه الرواية، وقد أخرج مسلم وأبو عوانة في روايتهما عن أنس بلفظ: وإن علينا حج البيت من استطاع إليه سبيلًا، قال:"صدق"، وهو في حديث أبي هريرة، وابن عباس أيضًا عند مسلم،
فقال الرجل: آمنت بما جئت به، وأنا رسول مَنْ ورائي من قومي، وأنا ضمام بن ثعلبة أخو بني سعد بن بكر.
وأغرب ابن التين، فقال: لم يذكره؛ لأنه لم يكن فرض، وكان الحامل له على ذلك ما جزم به الواقدي، ومحمد بن حبيب؛ أنَّ قدوم ضمام كان سنة خمس، فيكون قبل الحج، لكنه غلط من أوجه:
أحدها: إن في رواية مسلم: إنه كان بعد نزول النهي في القرآن عن سؤال الرسول، وآية النهي في المائدة ونزولها متأخر جدًّا.
ثانيها: إن إرسال الرسل للدعاء إلى الإسلام إنما كان ابتداؤه بعد الحديبية، ومعظمه بعد الفتح.
ثالثها: إن في القصة أنَّ قومه أوفدوه، وإنما كان معظم الوفود بعد فتح مكة.
رابعها: إن في حديث ابن عباس أن قومه أطاعوه، ودخلوا في الإسلام بعد رجوعه إليهم، ولم تدخل بنو سعد ابن بكر، وهو ابن هوازن، في الإسلام إلّا بعد وقعة حنين، وكانت في شوَّال سنة ثمان، فالصواب أن قدوم ضمام كان في سنة تسع، وبه جزم ابن إسحاق، وأبو عبيدة وغيرهما، ويدل له رواية أحمد، والحاكم عن ابن عباس: بعثت بنو سعد ضمامًا وافدًا إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقدم علينا؛ لأن ابن عباس إنما قدم المدينة بعد الفتح، وغفل البدر الزركشي فقال: لم يذكر الحج؛ لأنه كان معلومًا عندهم في شريعة إبراهيم، وكأنَّه لم يراجع صحيح مسلم، فضلًا عن غيره.
"فقال الرجل: آمنت بما جئت به" يحتمل أن يكون إخبارًا، وهو اختيار البخاري، ورجَّحه عياض، وأنه حضر بعد إسلامه مستثبتًا منه ما أخبر به رسول إليهم؛ لقوله عند مسلم: إن رسولك زعم، وفي حديث ابن عباس عند الطبراني: أتتنا كتبك وأتتنا رسلك، واستبط منه الحاكم أصل صلب علوّ الإسناد؛ لأنه سمع ذلك من الرسول وآمن وصدّق، ولكنَّه أراد أن يسمع ذلك من رسول الله صلى الله عليه وسلم مشافهة، ويحتمل أن قوله: آمنت، إنشاء، ورجَّحه القرطبي، قال: والزعم القول الذي لا يوثق به، قال ابن السكيت وغيره وفيه نظر؛ لأنه يطلق على القول المحقّق أيضًا، كما نقله أبو عمرو الزاهد في شرح فصيح شيخه ثعلب، وأكثر سيبويه من قوله: زعم الخليل في مقام الاحتجاج، وأما تبويب أبي داود عليه: باب المشرك يدخل المسجد، فليس مصيرًا منه إلى أنَّ ضمامًا قدم مشركًا، بل وجهه أنهم تركوا شخصًا قادمًا يدخل المسجد من غير استفسار، ومما يؤيد أنه إخبار أنه لم يسأل عن دليل التوحد، بل عن عموم الرسالة، وعن شرائع الإسلام، ولو كان إنشاءً لطلب معجزة توجب التصديق، قاله الكرماني، وعكسه القرطبي، فاستدلَّ به على صحة إيمان المقلد للرسول، ولِمَ لَمْ تظهر له معجزة، وكذا أشار إليه ابن الصلاح، "وأنا رسول" بإضافته إلى "مَنْ" بفتح الميم، موصولة "ورائي مِن" بكسر الميم "قومي"، ويجوز تنوين رسول
وزاد ابن إسحاق في مغازيه:
فقال: آلله أمرك أن نعبده ولا نشرك به شيئًا وأن نخلع هذه الأنداد التي كان آباؤنا يعبدون؟
فقال صلى الله عليه وسلم: "اللهمَّ نعم".
قال: وكان ضمام رجلًا جلدًا ذا غديرتين، ثم أتى بعيره فأطلق عقله ثم خرج حتى أتى قومه فاجتمعوا إليه، وكان أوّل ما تكلَّم به أن قال: بئست الَّلات والعزَّى، فقالوا: مه يا ضمام، اتق البرص والجنون والجذام، قال: ويلكم، إنهما لا يضران ولا ينفعان. إن الله قد بعث رسولًا وأنزل عليه كتابًا
وكسر الميم، لكن لم تأت به الرواية، "وأنا ضمام بن ثعلبة أخو بني سعد بن بكر".
زاد مسلم: والذي بعثك بالحق لا أزيد عليهنّ ولا أنقص، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"لئن صدق ليدخلنَّ الجنة"، وفي حديث أبي هريرة: فأمَّا هذه الهناة، يعني: الفواحش، فوالله إنا كنَّا لنتنزه عنها في الجاهلية، فلمَّا أن ولَّى، قال صلى الله عليه وسلم:"فقه الرجل"، "وزاد ابن إسحاق في مغازيه" فإنه روى الحديث فيها عن ابن عباس "فقال" بعد قوله: الله أرسلك إلينا رسولًا، قال:"اللهمّ نعم"، قال: فأنشدك الله إلهك وإله من كان قبلك، وإله من هو كائن بعدك، "آلله أمرك" أن تأمرنا "أن نعبده" وحده "ولا نشرك به شيئًا، وأن نخلع هذه الأنداد التي كان آباؤنا يعبدون" معه، "فقال صلى الله عليه وسلم:"اللهمَّ نعم"،" فذكر الحديث.
قال: فلما فرغ، قال: إني أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدًا رسول الله، وسأؤدي هذه الفرائض، وأجتنب ما نهيتني عنه، ثم لا أزيد ولا أنقص، ثم انصرف، فقال صلى الله عليه وسلم:"إن صدق دخل الجنة".
"قال" ابن عباس في صدر الحديث: "وكان ضمام رجلًا جلدًا" بجيم مفتوحة فدال مهملة- صلبًا شديدًا، "ذا غديرتين" بفتح المعجمة، وكسر المهملة، وإسكان التحتية، أي: ذؤابتين، تثنية غدير، والجمع غدائر، وقال في آخر الحديث:"ثم أتى بعيره، فأطلق عقله، ثم خرج حتى أتى قومه، فاجتمعوا إليه، وكان" كذا في النسخ بالواو، والرواية في ابن إسحاق: فكان -بالفاء، "أوَّل ما تكلم به" برفع أول اسم كان والخبر، "أن قال" أي: قوله ويجوز عكسه، "بئست اللات والعزَّى، فقالوا: مَهْ،" انكفف عن هذا القول "يا ضمام! اتق البرص والجنون والجذام،" أي: احذر سبَّهما، فإنه موجب لذلك، "قال: ويلكم، إنهما" والله، كما في الرواية "لا يضرَّان، ولا ينفعان"؛ إذ هما جماد لا يعقل، ولذا عَبَّر بويل إشارة إلى استحقاقهم الوقوع في الهلاك، إذ لو تأمَّلوا بعقولهم ما عبدوا الجماد، "إن الله قد بعث رسولًا، وأنزل عليه كتابًا استنقذكم به" مما