الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
استئلافه بالإحسان بالقول والفعل، فلما لم يفد في مسيلمة توجه بنفسه إليه ليقيم عليه الحجة ويعذر إليه بالإنذار. والعلم عند الله تعالى.
استئلافه بالإحسان بالقول" المذكور، "والفعل"؛ حيث أعطاه مثل ما أعطى قومه، "فلمَّا لم يفد في مسيلمة، توجه بنفسه إليه ليقيم عليه الحجة ويعذر" بكسر الذال "إليه بالإنذار، والعلم عند الله تعالى".
قال -أعني الحافظ: ويستفاد من هذه القصة أن الإمام يأتي بنفسه إلى من قدم يريد لقاءه من الكفار، إذا تعيِّن ذلك طريقًا لمصلحة المسلمين أ. هـ.
الوفد السادس: وفد وطئ
وقدم عليه صلى الله عليه وسلم وفد طيء، وفيهم زيد الخيل
"الوفد السادس":
"وقدم عليه صلى الله عليه وسلم وفد وطيء" بفتح المهملة وشد التحتانية المكسورة، بعدها همزة- ابن أدد بن زيد بن يشجب بن عريب بن كهل بن سبا، يقال: كان اسمه جلهمة، فسمي طيئًا، لأنه أوّل من طوى بئرًا، ويقال: أوَّل من طوى المناهل، وكانوا خمسة عشر رجلًا، اقتصر المصنف على زيد، لتميزه بمناقب حسنة، فقال:"وفيهم زيد الخيل" بن مهلهل بن زيد بن منهب بن عبد الطائي، وفد في قومه سنة تسع، كما في السير، هذا يرد على ما في النور؛ أن زيدًا كان من المؤلَّفة؛ لأن المؤلفة من أعطي من غنائم حنين، وكان ذلك سنة ثمان، وقد تقدَّم أن الحافظ نقله في سردهم عن التلقيح لابن الجوزي، وأن الشامي توقف فيه بأنه لم يره في نسختين من التلقيح، ويقوَّي ذلك ما في الروض من رواية أبي علي البغدادي: قدم وفد طيء، فعقلوا رواحلهم بفناء المسجد، ودخلوا، وجلسوا قريبًا من النبي صلى الله عليه وسلم، حيث يسمعون صوته، فلمّا نظر عليه السلام إليهم، قال:"إني خير لكم من العزى، ومن الجمل الأسود الذي تعبدون من دون الله، ومما حازت مناع من كل ضار غير نفاع"، فقام زيد الخيل، وكان من أعظمهم خلقًا وأحسنهم وجهًا وشعرًا، وكان يركب الفرس العظيم الطويل، فتخط رجاله في الأرض كأنه حمار، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم ولا يعرفه:"الحمد لله الذي أتى بك من حزنك وسهلك، وسهّل قلبك للإيمان"، ثم قبض على يده، فقال:"من أنت"؟ فقال: أنا زيد الخيل بن مهلهل، أنا أشهد أن لا إله إلا الله، وأنك عبد الله ورسوله، فقال له:"بل أنت زيد الخير، ما خبرت عن رجل قط شيئًا إلّا رأيته دون ما خرت عنه غيرك"، فبايعه وحسن إسلامه أ. هـ.
فعلى تقدير ثبوت كونه من المؤلَّفة، فيحتمل أنه نطق بالإسلام وفي قلبه شيء، ثم حسن
وهو سيدهم، فعرض عليهم الإسلام فأسلموا وحسن إسلامهم. وقال عليه الصلاة والسلام:"ما ذكر لي رجل من العرب بفضل ثم جاءني إلا رأيته دون ما يقال فيه إلا زيد الخيل، فإنه لم يبلغ كل ما فيه"، ثم سمَّاه زيد الخير.
إسلامه لكي يمنع هذا التاريخ السابق، "وهو سيدهم".
وقال أبو عمر: كان شجاعًا خطيبًا شاعرًا كريمًا.
قال ابن أبي حاتم: ليس يروى عنه حديث، وفي الصحيحين عن أبي سعيد، أن عليًا بعث للنبي صلى الله عليه وسلم بذهبية في أديم، فقسمها بين الأقرع وعيينة، وزيد الخيل، وعلقمة بن علانة، ولعل هذا شبهة من قال: إنه من المؤلفة، "فعرض عليهم الإسلام، فأسلموا، وحسن إسلامهم".
زاد في الروض: وكتب لكل واحدٍ منهم على قومه إلّا وزر بن سدوس، فقال: إني أرى رجلًا تملك رقاب العرب، والله لا يملك رقبتي عربي أبدًا، ثم لحق بالشام، وتنصَّر وحلق رأسه:"وقال عليه الصلاة والسلام: "ما ذكر لي رجل من العرب بفضل ثم جاءني إلّا رأيته دون ما يقال فيه"،" لأن العادة جرت بالتجاوز في المدح "إلا زيد الخيل فإنه لم يبلغ" بضم أوله وفتح اللام، مبني للمجهول، ونائبه "كل ما فيه" كما في النور، أي: لم ينقل عنه جميع الفضائل التي اتصف بها، ثم يحتمل لام يبلغ التخفيف من المجرد، والتثقيل من المزيد، فإن كان رواية، وإلا فيجوز بناؤه للفاعل، أي: لم يبلغ زيد في أوصافهم كل ما فيه في نفس الأمر، بل نقصوا منها، فكل منصوب على المفعولية أو على معنى: لم يبلغنا كل ما اتصف به بل بعضه، وإيهام أن المعنى لم يصل إلى كل ما اتصف به من الكمال بعيد، بل ممنوع؛ إذ سياقه في بعضه، وإيهام أن المعنى لم يصل إلى كل ما اتصف به من الكمال بعيد، بل ممنوع؛ إذ سياقه في المدح يأبى ذلك، وقد تقدَّم قريبًا أن المصطفى شافهه بذلك، ولا مانع من التعدد، "ثم سماه زيد الخير" بالراء بدل اللام، وإنما قيل له: زيد الخيل لخمسة أفراس كانت لها أسماء أعلام يغيب عني حفظها الآن، قاله في الروض، ومعلوم أن وجه التسمية لا يطرد، وإلَّا لسمي الزبرقان بن بدر زيد الخيل، فقد روي أنه وفد على عبد الملك بن مروان، وقاد إليه خمسة وعشرين فرسًا، ونسب كل واحد منها إلى آبائها وأمهاتها، وحلف على كل فرس يمينًا غير التي حلف بها على غيرها، فقال عبد الملك، عجبي من إختلاف أيمانه، أشد من عجبي بمعرفته بأنساب الخيل.
وأخرج ابن شاهين وابن عدي، وضعَّفه من حديث سنين، مولى النبي صلى الله عليه وسلم، قال: كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأقبل زيد الخيل راكبًا حتى أناخ راحلته، فقال: يا رسول الله، إني أتيتك من مسيرة تسع، أصهبت راحلتي، وأسهرت ليلي، وأظمأت نهاري، أسألك عن خصلتين أسهرتاني، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم:"ما اسم"؟ قال: أنا زيد الخيل، قال:"بل أنت زيد الخير، فاسأل"، فقال: أسألك عن علامة الله تعالى فيمن يريد، وعلامته فيمن لا يريد، فقال له صلى الله عليه وسلم:"كيف أصبحت"؟
فخرج راجعًا إلى قومه، فقال صلى الله عليه وسلم:"أن ينج زيد من حمى المدينة"، فلما انتهى إلى ماء من مياه نجد أصابته الحمَّى فمات.
قال ابن عبد البر: وقيل مات في آخر خلافة عمر.
وله ابنان: مكنف
قال: أصبحت أحب الخير وأهله ومن يعمل به، وإن عملت به أيقنت بثوابه، وإن فاتني منه شيء حننت إليه، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم:"هذه علامته فيمن يريد، وعلامته فيمن لا يريد ضد ذلك، ولو أرادك بالأخرى هيأك لها، ثم لم يبال من أي واد هلكت".
وفي لفظ: سلكت، وعند أهل السير: وأقطع صلى الله عليه وسلم زيدًا فيدًا -بفتح الفاء، وسكون التحتية، ودال مهملة- اسم مكان وأرضين معه، وكتب له بذلك.
وفي الروض: أقطعه قرى كثيرة منها فدك، كذا قال: وأظنه مصحَّفًا من قيد، "فخرج راجعًا إلى قومه" هو ومن كان معه، وقد أعطى عليه السلام كل واحد منهم خمس أواقٍ فضة، وأعطى زيد الخيل اثنتي عشرة أوقية ونشا، "فقال صلى الله عليه وسلم:"إن ينج زيد من حمَّى المدينة " ببناء ينج للمفعول، وإن جازمة، أي: فإنه لا يعاب بسوء، كما قدَّره بعض أو لم يصبه ضررًا ونحو ذلك، أو نافية، أي: ما ينجو، لكن لا يساعده الرسم، "فلمَّا انتهى إلى ماء من مياه نجد" يقال له: فردة -بفتح الفاء والدال المهملة بينهما راء ساكنة ثم تاء تأنيث، "أصابته الحمَّى" فلمَّا أحسَّ بالموت قال:
أمرتحل قومي المشارق غدوة
…
وأترك في بيتك بفردة منجد
ألا رب يوم لو مرضت لعادني
…
عوائد من لم يبر منهن يزهد
"فمات" وذكر ابن دريد أنه أقام بمفرده ثلاثة أيام ومات، فأقام عليه قبيصة بن الأسود المناحة سنة، ثم وجه براحلته ورحله، وفيها كتاب النبي صلى الله عليه وسلم، فلما رأت امرأته الراحلة ليس عليها زيد، ضرمتها بالنار، فاحترقت، فاحترق الكتاب.
"قال ابن عبد البر: وقيل: مات في آخر خلافة عمر" وهذا يؤيد جعل إن جازمة لا نافية، وأنشد له وثيمة في الردة قال: وبعث بهما إلى أبي بكر:
أما تخشين الله بيت أبي نصر
…
فقد قام بالأمر الجلي أبو بكر
نجى رسول الله في الغار وحده
…
وصاحبه الصديق في معظم الأمر
قال في الإصابة: وهذا إن ثبت يدل على تأخّر وفاته بعد النبي صلى الله عليه وسلم، "وله ابنان مكنف" بضم الميم وإسكان الكاف وكسر النون وبالفاء.