الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل الثامن: في آلات حروبه عليه الصلاة والسلام، كدروعه وأقواسه ومنطقته وأتراسه
أما أسيافه عليه الصلاة والسلام، فكان له تسعة أسياف:
مأثور، وهو أوّل سيف ملكه عليه الصلاة والسلام
"الفصل الثامن: في آلات حروبه" التي يُسْتَعان بها فيه، سواء كانت للقتل كالسيف، أو للمنع كالدرع، وفي القاموس: الآلة ما اعتملت به من أداة تكون واحدًا وجمعًا، أو هي جمع، بلا واحد، أو واحد جمعه آلات، فمشى المصنف على الثالث؛ إذ عَبَّرَ بالجمع، والإضافة جنسية؛ لأنه لم يقاتل بها دفعة واحدة، ولا في حرب واحد "عليه الصلاة والسلام؛ كدروعه، وأقواسه، ومنطقته، وأتراسه".
روى أحمد وابن أبي شيبة عنه صلى الله عليه وسلم: "بعثت بين يدي الساعة مع السيف، وجعل رزقي تحت ظل رمحي، وجعل الذل والصغار على من خالف أمري، ومن تَشَبَّه بقوم فهو منهم" فيه إشارة إلى فضل الرمح، وحِلّ الغنائم، وأنَّ رزقه صلى الله عليه وسلم جُعِلَ فيها، لا في غيرها من المكاسب، ولذا قيل: إنها أفضل المكاسب.
والمراد بالصغار -بفتح المهملة، وبالمعجمة: بذل الجزية، وفي قوله:"تحت ظلّ رمحي" إشارة إلى أن ظله ممدود إلى أبد الأبد، وحكمة الاقتصار على الرمح دون غيره من آلات الحرب كالسيف، أن عادتهم جرت بجعل الرايات في أطراف الرماح، فلمَّا كان ظل الرمح أسبغ، كان نسبة الرزق إليه أليق، ونسبت الجنة إلى ظل السيف في قوله صلى الله عليه وسلم:"الجنة تحت ظلال السيوف"؛ لأن الشهادة تقع به غالبًا؛ ولأن ظل السيف يكثر ظهوره بكثرة حركة السيف في يد المقاتل، ولأنَّ ظله لا يظهر إلا بعد الضرب؛ لأنه قبل ذلك يكون مغمدًا معلقًا. أفاده في فتح الباري.
"أمَّا أسيافه عليه الصلاة والسلام" قدَّمَها على غيرها؛ لأنها أهم آلات الحرب، وإن لم تذكر في الأمثلة، فالترجمة شملتها، وآثر جمع القلة، فلم يقل: سيوفه، لمناسبته لكونها تسعة، كا قال، "فكان له تسعة أسياف: مأثور" بهمزة ساكنة ومثلثة، "وهو أول سيف ملكه عليه الصلاة والسلام"، ورثه من أبيه. ذكره اليعمري، وهي مسألة نزاع، حتى قال بعضهم: ليس في كون الأنبياء يرثون نقل، وبعضهم قال: لا يرثون، كما لا يورَثون، وإنما ورث أبويه قبل الوحي، وصرَّح شيخ
وهو الذي يقال: إنه قدم به إلى المدينة في الهجرة.
والعضب: أرسله إليه سعد بن عبادة حين سار إلى بدر.
وذو الفقار: لأنه كان في وسطه مثل فقرات الظهر، ويجوز في "فائه" الفتح والكسر، وصار إليه يوم بدر، وكان للعاص بن منبه،
الإسلام في شرح الفصول بأنهم يرثون، وبه جزم الفرضيون.
وذكر الواقدي: أنه صلى الله عليه وسلم ورث من أبيه أم أيمن وخمسة أجمال وقطعة من غنم، ومولاه شقران وابنه صالحًا، وقد شهد بدرًا، ومن أمِّه دارها بالشعب، ومن زوجته خديجة دارها بمكة بين الصفا والمروة وأموالًا، "وهو الذي يقال: إنه قدم به المدينة في الهجرة"، وبه جزم اليعمري، "والعضب" بفتح المهملة، وإسكان المعجمة، فموحدة في الأصل: السيف القاطع، ثم جُعِلَ علمًا لأحد الأسياف النبوية، أرسله إليه سعد بن عبادة حين سار إلى بدر، وذو الفقار" أشهر أسيافه صلى الله عليه وسلم، وهو الذي رأى فيه الرؤيا يوم أحد، وهو غير العضب، وحكى مغلطاي أنهما واحد، وسمي بذلك؛ "لأنه كان في وسطه مثل فقرات الظهر"، وقيل: سمي بذلك لأنه كان فيه حفر صغار، والفقرة الحفرة التي فيها الودية.
وقال أبو عبيد: الفقر من السيوف ما فيه خروز. قال الأصمعي: دخلت على الرشيد فقال: أريكم سيف رسول الله صلى الله عليه وسلم ذا الفقار، قلنا: نعم، فجاء به، فما رأيت سيفًا قط أحسن منه، إذا نُصِبَ لم ير فيه شيء، وإذا بطح عُدَّ فيه سَبُع فقر، وإذا صفيحة يمانية يحار الطرف فيه من حسنه. وكذا قال قاسم في الدلائل: إن ذلك يرى في رونقه شبيهًا بفقار الحية، فإذا التمس لم يوجد، وفي رواية عن الأصمعي أحضر الرشيد يومًا ذا الفقار، فأذن لي في تقليبه فقلَّبته، واختلفت أنا ومن حضر في عدة فقاره، هل هي سبع عشرة، أو ثماني عشرة؟ "ويجوز في فائه الفتح، والكسر"، كما قال اليعمري: هو بكسر الفاء، وقيل أيضًا: بفتحها، ومن حفظ حجة فلا عليك ممن زعم أنه لا يقال: بالكسر، بل بالفتح، وفقر كعنب، وقد قال في النور في غزوة بني قينقاع: حكى غير واحد فيه الفتح والكسر أ. هـ، وقول الخطابي: بفتح الفاء، والعامة تكسره، إن أراد الأكثر فصحيح، وإن أراد الجهلة فلا، "وصار إليه يوم بدر" من الغنيمة، كما أخرجه أحمد والترمذي وقال: حسن غريب، والحاكم، وصحَّحه عن ابن عباس: أنه صلى الله عليه وسلم تنفل ذا الفقار يوم بدر، قال الحاكم: والأخبار في أنه من خيبر واهية، "وكان للعاص بن منبه" المقتول كافرًا ببدر، وقيل: كان لمنبه بن وهب، وقيل: لمنبه أو نبيه بن الحجاج، وفي كبير الطبراني بسند ضعيف، عن ابن عباس: أن الحجاج بن علاط أهداه لرسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم كان عند الخلفاء العباسيين، ويقال
وكان هذا السيف لا يفارقه صلى الله عليه وسلم، يكون معه في كل حرب يشهدها، وكانت قائمته وقبيعته وحلقته وذؤابته وبكراته ونعله من فضة.
والقلعي: بضم القاف وفتح اللام، وهو الذي أصابه من قلع، موضع بالبادية.
والبتار: أي: القاطع.
والحتف: وهو الموت. والمخذم: وهو القاطع. والرسوب: أي يمضي في الضريبة ويغيب فيها، وهو فعول من رسب يرسب إذا ذهب إلى أسفل وإذا ثبت.
أصابهما من الفلس -بضم الفاء وإسكان اللام- صنم كان لطيء.
أصله من حديدة وُجِدَت مدفونة عند الكعبة فصُنِعَ منها، "وكان هذا السيف لا يفارقه صلى الله عليه وسلم" بعد أن ملكه، "يكون معه في كل حرب يشهدها"؛ لأنه نادى مَلَك من السماء يوم بدر -يقال له رضوان: لا سيف إلّا ذو الفقار، ولا فتى إلّا علي. رواه الحسن بن عرفة في جزئه عن أبي جعفر الباقر، فإن صحَّ القول بأنه عليه السلام أعطاه لعلي، وانتقل في أولاده، فكأنَّه كان يأخذه منه في الحروب، أو أنه أعطاه له عند موته، "وكانت قائمته" أي: مقبضه، "وقبيعته" بالقاف ما على طرف مقبضه، "وحلقته" بإسكان اللام وفتحها لغة في السكون، وهي ما في أعلاه تجعل فيه العلاقة، "وذؤابته" بمعجمة، أي: علاقته -كما في العيون، "وبكراته" حلقه التي في حليته، وهي ما يكون في وسطه، "ونعله" حديدته التي في أسفل غمده "من فضة"، قال مرزوق الصقال: أنا صقلته، فكانت قبعته من فضة، وحلق في قيده، وبكر في وسطه من فضة. وجاء بسند حسن أن قبيعة سيفه، ونعله، وحلقًا بينهما كانت من فضة، "والقلعي -بضم القاف" الذي في النهاية، والدر، واللب غيرها أنه بفتح القاف، "وفتح اللام، وهو الذي أصابه من قلع"، بفتحتين، فعين مهملة "موضع" هو قلعة "بالبادية"، يقال لها مرج بالجيم، وشدّ الفوقية، ثم راء، "أي: القاطع الحتف" بفتح المهملة، وسكون الفوقية ففاء، "وهو الموت" ومن قال: التحتية، فهو سبق قلم؛ إذ هو الحور، ولا معنى له هنا.
"والمخذم" بكسر الميم، وإسكان الخاء، وفتح الذال المعجمتين، ثم ميم، "وهو القاطع والرسوب، بفتح الراء، وضم المهملة، وسكون الواو، فموحدة، قيل: إنه من السيوف السبعة التي أهدت بلقيس بسليمان، كما في النور، "أي: يمضي في الضريبة ويغيب فيها، وهو فعول من رسب يرسب" بضمّ السين "إذا ذهب إلى أسفل، وإذا ثبت" استقرَّ؛ لأن ضربته تغوص في المضروب به، وتثبت فيه "أصابهما"، أي: المخذم والرسوب "من الفلس -بضم الفاء، وإسكان اللام، وقيل: بضمهما، وقيل: بفتح الفاء، وسكون اللام، وآخره سين مهملة "صنم كان لطيئ".
والقضيب.
وأمَّا أدراعه فسبعة: ذات الفضول -بالضاد المعجمة، لطولها، أرسل بها إليه سعد بن عبادة حين سار إلى بدر، وكانت من حديد، وهي التي رهنها عند أبي الشحم اليهودي على شعير، وكان ثلاثين صاعًا، وكان الدَّيْن إلى سنة.
كان الحارث قلَّده إياهما، فبعث المصطفى عليًّا سنة تسع، فهدمه، وغنم سبيًا، وشاءً، ونعمًا، وفضة، فعزل علي له صلى الله عليه وسلم صفيا السيفين، وذكر ابن هشام عن بعض أهل العلم: إنه عليه الصلاة والسلام وهبهما لعلي. وذكر أبو الحسن المدائني: إن زيد الخيل أهداهما للمصطفى لما وفد عليه، "والقضيب" بفتح القاف، وكسر المعجمة، وسكون التحتية، وموحدة، يطلق بمعنى: اللطيف من السيوف، وبمعنى: السيف القاطع، كما في النور، وقيل: إنه ليس بسيف، بل هو قضيبه الممشوق، قال العراقي:
وقيل ذا قضيبه الممشوق
…
كان بأيدي الخلفا يشوق
وزاد اليعمري وغيره: الصمصامة، ويقال له: الصمصام -بفتح المهملة، وإسكان الميم فيهما، السيف الصارم الذي لا ينثني، كان سيف عمرو بن معديكرب، وكان مشهورًا، فوهبه صلى الله عليه وسلم لخالد بن سعيد بن العاص، واللحيف: سيف مشهور، فهذه أحد عشر، أو عشرة إن حذف منها القضيب، "وأمَّا أدراعه" جمع درع، وهو القميص المتَّخَذ من الزرد، وآثر جمع القلة لمناسبته لقوله:"فسبعة"، وعبَّرَ في الترجمة بجمع كثرة؛ لأنه لم يذكر ثَمَّة عددًا، فحسن تعبيره بدروعه؛ ليفيد أن له جمعين، وذكر ابن الأثير في النهاية في س ب غ ما لفظه، ومنه الحديث.
كان اسم درع النبي صلى الله عليه وسلم إذًا السبوغ لتمامها، وسبغها، قال البرهان: فيحتمل أنها واحدة من أدراعه، لها اسمان، وأن تكون ثامنة "ذات الفضول -بالضاد المعجمة"، قبلها فاء مضمومتين، سميت بذلك "لطولها" من الفضل: الزيادة، "أرسل بها إليه سعد بن عبادة حين سار إلى بدر، وكانت" كما في الصحيح عن عائشة "من حديد، وهي التي رهنها" بالتأنيث؛ لأن الدرع يُذَكَّر ويؤنَّث "عند أبي الشحم" -بفتح الشين المعجمة، وسكون الحاء المهملة "اليهودي"، المسمَّى بذلك في رواية البيهقي "على" ثمن "شعير" اشتراه لأهله، ولابن حبان عن أنس أن قيمته كانت دينارًا، "وكان ثلاثين صاعًا"، وفي نسخة: ثلثي صاع، وهو تحريف، فالذي في الصحيح عن عائشة: توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم، ودرعه مرهونة عند يهودي بثلاثين صاعًا من شعير. وعند النسائي والبيهقي أن الشعير عشرون صاعًا.
قال الحافظ: ولعلَّه كان دون الثلاثين، فجبر الكسر تارة، وألغاه أخرى، "وكان الدَّيْن إلى سنة"، كما عند ابن حبان عن أنس، ولأحمد عنه، فما وجد ما يفتكها به، وذكر ابن الطلاع في
وذات الوشاح. وذات الحواشي. والسعدية، ويقال بالغين، وهي درع عكبر القيقاعي، قيل: وهي درع داود التي لبسها حين قتل جالوت.
وفضة وكان قد أصابهما من بني قينقاع. والبتراء لقصرها، والخرنق -باسم ولد الأرنب.
وكان عليه صلى الله عليه وسلم يوم أحد درعان، ذات الفضول وفضة. وكان عليه يوم حنين درعان: ذات الفضول والسعدية.
وأما أقواسه عليه الصلاة والسلام، فكانت ستة:
الأقضية النبوية: إن أبا بكر افتكَّ الدرع بعد النبي صلى الله عليه وسلم، "وذات الوشاح" بكسر الواو، وخفة الشين المعجمة فألف فمهملة، "وذات الحواشي" جمع حاشية، وهي في الأصل: جانب الثوب، "والسعدية" بفتح السين، وجوَّز بعض ضمَّها، وإسكان العين، ودال مهملات.
قال بعضهم: منسوبة للسعد، وهي جبال معروفة، وفي معرب الجواليقي أنه بالسين والصاد؛ لأنه قياس في كل سين معها حرف استعلاء، قال الشاعر:
وخافت من جبال السعد نفسي
"ويقال بـ"ضم السين، و"الغين" المعجمة الساكنة.
قال البرهان: وهو الذي أحفظه، قال ابن القطاع: موضع يصنع به الدروع، أي: ناحية بسمرقند، كما في اللب، وفي القاموس، وسغدان، أي: بمعجمة كسلطان، قرية ببخارى، فجوَّز شيخنا نسبتها إليها لكونها تعمل فيها، وفيه أنه كان يقال: سغدانية؛ لأن تغيير النسب يحتاج لنقل، ولا يكفي فيه التجويز، "وهي درع عكبر القينقاعي" نسبة إلى بني قينقاع -بتثليث النون والضم أشهر، "قيل: وهي درع داود التي لبسها حين قتل جالوت"، كما حكاه اليعمري ومغلطاي، "وفضة" بكسر الفاء، "وكان قد أصابهما من بني قينقاع" بطن من يهود المدينة، "والبتراء" بفتح الموحدة، وسكون الفوقية، والمد "لقصرها" سميت بذلك، "والخرنق" بكسر المعجمة، وإسكان الراء، وكسر النون، وقاف، "باسم ولد الأرنب"، كما في العيون وغيرها، وهو أحد إطلاقين في القاموس، ثانيهما: أنه الفتي من الأرانب، "وكان عليه صلى الله عليه وسلم يوم أُحدٍ درعان: ذات الفضول وفضة، وكان عليه يوم حنين" بضم المهملة آخره نون "درعان: ذات الفضول، والسعدية"، نقله عبد الغني في السيرة عن محمد بن مسلمة الصحابي، أنه رأى ذلك على المصطفى في اليومين، وأفاد البرهان وغيره: أنه لم يظاهر بين درعين إلّا في اليومين، وهذه فائدة استطرادية لا دخل لها في أسماء دروعه، "وأما أقواسه عليه الصلاة والسلام، فكانت ستة"
الزوراء، وثلاث من سلاح بني قينقاع: قوس يدعى الروحاء، وقوس يدعى الصفراء، وشوحط، والكتوم كسرت يوم أُحد، فأخذها قتادة، والسداد.
وكانت له جعبة تدعى الكافور، وكانت له منطقة من أديم فيها ثلاث حِلَق من فضة، والإبزيم من فضة، والطرف من فضة.
وأما أتراسه: فكان له عليه الصلاة والسلام ترس اسمه: الزلوق، يزلق عنه السلاح، وترس يقال له: الفتق،
وعدَّها اليعمري خمسة، فأسقط السداد، وذكر البيضاء، وأنها من شوحط، وعليه: فهما واحدة، فليست سبعة ولا خمسة كما يظن، وإنما هي كما قال المصنِّف ستة:"الزوراء" اسم منقول عن الجنس؛ لأن الزوراء اسم للقوس، كما في القاموس، وهي بالرفع خبر لمحذوف، لا بالنصب بدل من ستة؛ لقوله:"وثلاث من سلاح بني قينقاع، قوس" بدل من ثلاث "يدعى الروحاء، وقوس يدعى الصفراء" من نبع بفتح النون، وإسكان الموحدة، ومهملة، شجر يُتَّخَذُ منه القسي، ومن أغصانها السهام، "وشوحط" بفتح المعجمة وإسكان الواو فحاء مفتوحة فطاء مهملتين، ضرب من شجر الجبال تُتَّخَذُ منه القسي، كما في النور، ويقال لها كما في العيون: البيضاء، فإنما ذكر المصنف مما هي دون اسمها، "والكتوم" بكاف مفتوحة ففوقية، سميت بذلك، قال في العيون: لانخفاض صوتها إذا رمي عنها. "كسرت يوم أحد" حتى صارت شظايا من كثرة رميه عنها صلى الله عليه وسلم، حتى انحاز عنه العدو، "فأخذها قتادة" بن النعمان الأنصاري الذي أصيبت عينه يومئذ، فردَّت بكفِّ المصطفى أحسن الرد.
"والسداد" بفتح السين، علم منقول؛ لأنه الصواب من قول وعمل، "وكانت له جعبة" بفتح الجيم، والموحَّدة بينهما مهملة ساكنة، وهي الكنانة يجمع فيها نبله، "تدعى: الكافور، وكانت له منطقة" بكسر الميم، اسم لما يسميه الناس الحياصة، "من أديم" جلد "فيها ثلاث حلق من فضة".
"والإبزيم" بالكسر، الذي في رأس المنطقة، وما أشبهه، وهو ذو لسان يدخل فيه الطرف الآخر، كما في القاموس "من فضة، والطرف" الذي يدخل في الإبزيم "من فضة".
وقد ذكر ابن سعد، وغيره: أنه صلى الله عليه وسلم يوم أحد حزم وسطه بمنطقة، وأقرّه اليعمري وغيره، فقول ابن تيمية: لم يبلغنا أنه شدَّ على وسطه منطقة، تقصير، فابن سعد ثقة حافظ، فهو حجة على النافي، ولا سيما إنما نفى أنه بلغه، ولم يطلق النفي، فدع عنك قيل وقال. "وأمَّا أتراسه: فكان له عليه الصلاة والسلام ترس اسمه الزلوق" بفتح الزاي، وضم اللام المخففة، وسكون الواو، وقاف، سمي بذلك لأنه "يزلق" بفتح اللام "عنه السلام، وترس يقال له: الفتق" بضم الفاء وفتح
وترس أهدي إليه، فيه تمثال عقاب أو كبش، فوضع يده عليه فأذهب الله ذلك التمثال.
وأمَّا أرماحه عليه الصلاة والسلام، فالمثوي: قال ابن الأثير: سمي به لأنه يثبت المطعون به، من الثواء وهو الإقامة. انتهى. والمثْنَى، ورمحان آخران.
وكانت له صلى الله عليه وسلم حربة كبيرة تسمَّى البيضاء، وكانت له عليه الصلاة والسلام حربة أخرى صغيرة دون الرمح، شبه العكاز، يقال لها: العنزة،
الفوقية، وقاف، "وترس أهدي إليه" بالبناء للمفعول.
قال البرهان: والذي أهداه لا أعرفه، "فيه تمثال" صورة "عقاب أو كبش، فوضع يده عليه، فأذهب الله ذلك"، كما في العيون.
وروى البيهقي عن عائشة أنها قالت: أهدي لرسول الله صلى الله عليه وسلم ترس فيه "تمثال" عقاب أو كبش، فكرهه، فأصبح وقد أذهبه الله، فيحتمل أنه لما كرهه وضع يده، فأصبح وقد أذهبه الله، "وأما أرماحه عليه الصلاة والسلام، فالمثوي" بضم الميم وإسكان المثلثة وكسر الواو ثم ياء، أي: القاتل.
"قال ابن الأثير: سمي به؛ لأنه يثبت المطعون به"، فبينه وبين المعنى اللغوي مناسبة "من الثواء وهو الإقامة أ. هـ، والمثْنَى" بضم الميم وإسكان المثلثة وفتح النون وكسرها، اسم فاعل من تثنى إذا انعطف، كما في النور، ولعل وجه التسمية أنه كان لينًا، "ورمحان آخران"، كذا عدَّها مغلطاي أربعة، فتبعه المصنف على عادته، وقد عدَّها صاحب العيون، والهدى، والسبل، والعراقي: خمسة، فقال:
كان له من الرماح خمسة
…
من قينقاع جاءه ثلاثة
ورابع له يسمَّى المثويا
…
والخامس المثنى بذاك سميا
"وكان له صلى الله عليه وسلم حربة كبيرة" بالنسبة للتي بعدها، وإن كانت دون الرمح أيضًا "تسمَّى البيضاء، وكانت له عليه الصلاة والسلام حربة أخرى صغيرة دون الرمح" بنصفه، عريضة النصل، لكن سنانها في أسفلها بخلاف الرمح، فإنه في أعلاه.
قال المصنف: "شبه العكّاز" بضمّ العين وشد الكاف: عصا ذات زج، "يقال له: العنزة" بفتح المهملة، والنون والزاي.
قال الحافظ: عصا أقصر من الرمح، يقال لها: سنان، وقيل: هي الحربة القصيرة، وفي رواية: كريمة العنزة عصا عليها زج -بزاي مضمومة ثم جيم مشددة، أي: سنان، وفي طبقات ابن سعد:
وكانت تركّز أمامه فيصلي إليها.
وكان له عليه الصلاة والسلام مغفر من حديد يسمَّى السبوغ، أو ذا السبوغ، وآخر يسمى: الموشح.
إن النجاشي أهداها للنبي صلى الله عليه وسلم، وهذا يؤيد أنها كانت على صفة الحربة؛ لأنها من آلات الحبشة.
وقد روى عمر بن شبة في أخبار المدينة، من حديث سعد القرظ: إن النجاشي أهدى له صلى الله عليه وسلم حربة، فأمسكها لنفسه، فهي التي يمشي بها مع الإمام يوم العيد، ومن طريق الليث بن سعد بلاغًا أنها كانت لرجل من المشركين، قتله الزبير بن العوام يوم أُحد، فأخذها منه صلى الله عليه وسلم، فكان ينصبها بين يديه إذا صلى، ويحتمل الجمع بأن عنزة الزبير كانت أولًا قبل حربة النجاشي. انتهى، لكن هذا البلاغ مخالف لما في الصحيح، أنَّ الزبير لقي يوم بدر عبيدة بن سعيد بن العاص، قال: فحملت عليه بالعنزة، فطعنته في عينه فمات، ولقد وضعت رجلي على عينه، ثم تمطأت، فكأن الجهد أن نزعتها، وقد انثنى طرفها، قال عروة: فسأله إياها صلى الله عليه وسلم، فأعطاه، فلما قُبِضَ أخذها، ثم طلبها أبو بكر، فأعطاه إياها، فلمَّا قُبِضَ أخذها، فسألها عمر، فلمَّا قُبِضَ أخذها، ثم طلبها عثمان، فأعطاه، فلمَّا قُتِلَ وقعت عند علي، فطلبها عبد الله بن الزبير، فكانت عنده حتى قُتِلَ، فإن هذا ظاهر أنها كانت للزبير، لا للمشرك الذي قتله، وقد نقل ابن سيد الناس وغيره: أن الزبير قدم بها من الحبشة، "وكانت" كما في الصحيح عن ابن عمر "تركز" بفوقية مضمومة وكاف مفتوحة فزاي، أي: تغرز له الحربة، "فيصلي إليها"، أي: إلى جهتها.
وفي الصحيحين أيضًا عن ابن عمر: كان صلى الله عليه وسلم إذا خرج إلى العيد أمر بالحربة، فتوضع بين يديه، فيصلي إليها والناس وراءه، وكان يفعل ذلك في السفر، فمن ثَمَّ اتخذها الأمراء، "وكان له عليه الصلاة والسلام مغفر" بكسر الميم وإسكان المعجمة وفتح الفاء ثم راء "من حديد"، صفة لازمة على أنه ما نسج من زرد الدرع، أو مخصصة على أنه ما يلبس على الرأس مثل القلنسوة، وقد مَرَّ الكلام فيه غير مرة، منها في فتح مكة، "يسمَّى: السبوغ" بفتح السين المهملة وضمها فموحدة، فواو فغين معجمة، كما في النور، بمعنى: السابغ، أي: الطويل، "أو ذا السبوغ" بالفتح والضم أيضًا على ما في النور، وفي القاموس: ضمهما، أي: ذا الطول، وهو ظاهر، قول الخلاصة:
وفعل اللازم مثل قعدا
…
له فعول باطراد كغدا
فكأنه على الفتح استعمل بمعنى الفعل الذي هو المصدر، وهو الستر اللازم للطول، وإن كان ذلك الاستعمال قليلًا، "وآخر يسمَّى الموشح" بضم الميم وفتح الواو والشين المعجمة المشددة والمهملة، وترك المصنّف هنا من آلات الحرب اللواء والراية؛ لأنه قدَّم الكلام
تكميل:
وكان له عليه الصلاة والسلام فسطاط يسمَّى الكن.
وكان له محجن قدر ذراع أو أكثر يمشي ويركب به، ويعلقه بين يديه على بعيرة.
وكانت له مخصرة تسمَّى العرجون، وقضيب من الشوحط يسمَّى الممشوق.
وكان له قدح يسمَّى الريان، وآخر يسمَّى مغيثًا، وآخر مضبب بسلسلة من فضة في ثلاث مواضع،
عليهما أوائل المغازي.
وفي العيون هنا: كان له راية سوداء تسمَّى العقاب، وراية بيضاء تسمَّى الزينة، وربما جعل فيها الأسود، وروى أبو داود عن رجل، رأيت راية رسول الله صلى الله عليه وسلم صفراء، وروي أن لواءه أبيض مكتوب عليه: لا إله إلا الله، محمد رسول الله.
تكميل:
لما كان يستعمله صلى الله عليه وسلم، وإن لم يكن من آلات الحرب، تشتاق إلى معرفتها أنفس الطالبين، وترتاتح بالمذاكرة فيها قلوب المتأدبين، وكل ما كان من باب المعرفة به، ومتصلًا بأخبار سيرته، فهو مما يؤنق الأسماع، ويهز بأرواح المحبة الطباع، وآثر آلات الحروب بالترجمة أولًا؛ لأنها الأهمّ عنده، "وكان له عليه الصلاة والسلام فسطاط" بضم الفاء وكسرها وبالطاء والتاء مكانها، والسين بدونهما: الخباء، كما في المطالع "يسمَّى الكِن" بكسر الكاف؛ لأنه يستر من الحرِّ والبرد، كما أشار اليعمري، "وكان له محجن" بكسر الميم وإسكان المهملة وفتح الجيم ونون، عصا معوجة "قدر ذراع أو أكثر، يمشي ويركب به، ويعلقه بين يديه على بعيره" للاحتياج إليه، "وكانت له مخصرة" بكسر الميم وإسكان المعجمة وفتح المهملة، ما يختصره بيده فيمسكه من عصا، أو عجازة، أو مقرعة، أو قضيب، وقد يتكئ عليه، كذا في النور، "تسمَّى العرجون"، كما قال اليعمري وغيره.
"وروى الطبراني عن ابن عباس، قال: كان للنبي صلى الله عليه وسلم "قضيب من الشوحط"، مَرَّ أنه من شجر الجبال "يسمَّى الممشوق"، وقال ابن عباس: التوكؤ على العصا من أخلاق الأنبياء، وكان لرسول الله صلى الله عليه وسلم عصا يتوكأ عليها. رواه أبو الشيخ، "وكان له قدح يسمَّى الريَّان"، بفتح الراء وشد التحتية، "وآخر يسمَّى مغيثًا"، بمعجمة ومثلثة؛ لأنه كن يغيث الناس إذا مستهم الحاجة، فيشربون، كما رواه أبو يعلى وغيره، "وآخر مضبَّب بسلسلة من فضة في ثلاث مواضع"، والذي
وآخر من عيدان، وآخر من زجاج.
وتور من حجارة يسمَّى المخضب، وركوة تسمَّى الصادرة، ومخضب من نحاس، ومغتسل من صفر، ومدهن.
ضبَّبه أنس، قال: إنه انشعب، فجعلت في مكان الشعب سلسلة، وفي بعض الروايات ما يوهم أن المصطفى هو الذي ضبَّبه، وليس كذلك، كما أفاده ابن الصلاح والبيهقي. ذكره النووي، "وآخر من عيدان" بفتح المهملة وسكون الياء آخر الحروف، والعيدانة: النخلة السحوق، كما في العيون والقاموس، وحكى بعضهم كسر العين أيضًا، "وآخر من زجاج" مثلث الزاي، كما في النور.
قال ابن حبان: بعثه إليه النجاشي، فكان يشرب منه، زاد الشامي: وآخر من فخار، فيحتمل أنه من جملة ما تقدَّم، أو زائد عليها، "وتور" بالفوقية، إناء "من حجارة" كان يتوضأ فيه، قال في الفتح: شبه الطست، وقيل: هو الطست، ووقع في رواية شريك عن أنس في المعراج: أتي بطست من ذهب فيه تور، وظاهره المغايرة بينهما، ويحتمل الترادف، فكأنَّ الطست أكبر من التور "يسمَّى المخضب" بكسر الميم، وسكون الخاء وفتح الضاد المعجتمين آخره موحدة، إجانة لغسل الثياب، أو المركن، أو إناء يغسل فيه، كذا قاله المصنف، وصريحه أن المركن غير الإجانة، والذي في الكرماني، وغيره المخضب المركن، وهو بالكسر: الإجانة التي تغسل فيها الثياب. انتهى.
وهو يقع على الكبير والصغير، وهو الواقع هنا، ففي الصحيحين: حضرت الصلاة، فأتي صلى الله عليه وسلم بمخضب من حجارة فيه ماء، فصغَّر المخضب أن يبسط فيه كفه، "وركوة" بفتح الراء وتكسر، قاله ابن قرقول، وحكى ابن دحية تثليثها "تسمَّى الصادرة"؛ لأنه يصدر عنها الريّ، "ومخضب من نحاس" كأنه عبَّرَ بالتور؛ لأنهم كانوا يطلقونه على ما كان من حجارة، وما هو نحاس مخضب، وإن كان كلٌّ يسمَّى المخضب، لكن في شرحه للبخاري: التور إناء من صفر، أو حجارة، "ومغتسل من صفر" بضم المهملة، وكسرها أبو عبيدة، وإسكان الفاء، وبالراء: صنف من جيِّد النحاس يعمل منه الأواني، "ومدهن" بضم الميم والهاء، كما قال ابن مالك في شرح لامية أبيه، قال: وهو ما يجعل فيه الدهن الذي يدهن به، مختصة به، حتى لو جعل في إناء آخر لم يسمّ مدهنًا، فعدلت العرب به عن مِفعل -بكسر الميم وفتح العين إلى مُفعل -بضم الميم والعين، إشعارًا بأنه إناء لا آلة، وكذا مدق، ومسعط، ومكحلة ومنخل. والمقصل وهو السيف، والمحرضة وهي كالمدهن، فهذه سبعة جاءت بضم الميم والعين.
قال ابن مالك: لكن لو قصد بها مقصد العمل بالآلات ساغ كسر الميم وفتح العين، وقد
وربعة إسكندرانية يجعل فيها المرآة، ومشطًا من عاج -وهو الذبل، والمكحلة يكتحل منها عند النوم ثلاثًا في كل عين، وكان له في الربعة أيضًا المقراض والسواك. وهذه الربعة أهداها له المقوقس صاحب الأسكندرية مع مارية أم إبراهيم عليه السلام.
وكانت له قصعة تسمَّى الغراء، بأربع حلق وصاع ومد.
وقطيفة وسرير قوائمه من ساج،
سمع ذلك من بعض العرب في المدق أ. هـ بحروفه.
"وربعة" بفتح الراء وإسكان الموحدة وعين مهملة، كجونة العطَّار -بإسكان الواو، وربما همزت، وهي جلد يجعل فيه العطار الطيب، "إسكندرانية" نسبة إلى إسكندرية، "يجعل فيها المرآة" التي كان ينظر فيها، فلم تبد أوسم من وجهه صلى الله عليه وسلم، "و" يجعل فيها "مشطًا" بضم الميم مع إسكان الشين، وضمها، وكسر الميم مع إسكان الشين، ويقال: ممشط -بميمين: الأولى مكسورة "من عاج"، وهو ظهر السلحفاة البحرية، كما في المصباح قائلًا: وعليه يحمل أنه كان لفاطمة سوار من عاج، ولا يجوز حمله على أنياب الفيلة؛ لأن أنيابها ميتة بخلاف السلحفاة. انتهى.
وعليه يحمل المشط النبوي بالأولى ومن ثَمَّ قال المصنف: "وهو الذبل" بفتح المعجمة وإسكان الموحدة، وباللام.
قال المصباح: شيء كالعاج، وفي القاموس: عظام دابة بحرية يتَّخَذُ منها الأسورة والأمشاط، "و" يجعل فيها "المكحلة"، وكان "يكتحل منها عند النوم ثلاث في كل عين، وكان له في الربعة أيضًا المقراض" بكسر الميم، والجمع: المقاريض، "والسواك" بكسر السين على الأفصح، كما قاله الحافظ والكرماني، يطلق على الفعل والآلة، وهو المراد هنا، "وهذه الربعة أهداها له المقوقس صاحب الإسكندرية مع مارية أم إبراهيم عليه السلام" في جملة ما أهداه، وفي الألفية:
كانت له ربعة أي مربعه
…
كجونة يجعل فيها أمتعه
"وكانت له قصعة" بفتح القاف ولا تكسرها، "تسمَّى: الغراء" كبيرة، "بأربع حلق"، يحملها أربعة رجال، كما رواه أحمد وأبو داود.
قال ابن رسلان في شرحه تأنيث الأغر: مشتق من الغرة، وهي بياض الوجه وإضاءته، ويجوز أن يراد أنها من الغرة، وهي الشيء النفيس والمرغوب فيه، فتكون سميت بذلك لرغبة الناس فيها؛ لنفاسة ما فيها، أو لكثرة ما تشبعه.
وقال المنذري: سميت غراء لبياضها بالألية والشحم، "وصاع ومد" ربع الصاع، وهو رطل
وفراش من أدم حشوة ليف.
وخاتم من حديد ملوي بفضة، وخاتم فضة فصه منه، يجعله في يمينه، وقيل: كان أولًا في يمينه، ثم حول إلى يساره، منقوش عليه: محمد رسول الله.
وأهدى له النجاشي خفَّين ساذجين فلبسهما.
وكان له ثلاث جباب يلبسهن في الحرب، جبة
وثلث، "وقطيفة" كساء له خمل، "وسرير قوائمه من ساج" أهداه إليه أسعد بن زرارة، فكان ينام عليه، ثم وضع عليه لما مات، ثم الصديق، ثم الفاروق، ثم صار الناس يحملون عليه موتاهم تبركًا به، ثم بيع في زمن بني أمية في ميراث عائشة، فاشترى ألواحه عبد الله بن إسحاق بأربعة آلاف درهم، ذكره ابن العماد.
وفي الروض: إنه كان خشبات مشدودة بالليف، "وفراش من أدم حشوه ليف"، زاد في العيون: وكساء من شعر، وكساء أسود، ومنديل يمسح به وجهه، وسُئِلَت حفصة: ما كان فراشه صلى الله عليه وسلم، قالت: مسح نثنيه ثنيتين، فينام عليه، فلمَّا كان ليلة ثنيته بأربع ثنيات ليكون أوطأ، فلما أصبح، قال:"ما فرشتم لي"؟ قلنا: هو فراشك ثنيناه أربعًا، قال:"ردوه لحاله الأولى، فإنه منعتني وطأته صلاة الليل"، رواه الترمذي في الشمائل، "وخاتم من حديد ملوي بفضة"، وخاتم من ذهب لبسه ثم طرحه، "وخاتم فضة" وكان كما في البخاري وغيره "فصه منه" بتثليث الفاء، ووَهِمَ الجوهري في جعله الكسر لحنًا، كما في القاموس.
نعم، قال الفارابي، وابن السكيت: إنه رديء، وإطلاقه على ما كان منه مجاز، فإنه لغةً: ما يركب فيه من غيره، وفي مسلم: كان فصه حبشيًّا، يعني: حجرًا حبشيًّا من جذع أو عقيق، وجمع ابن العربي والبيهقي والقرطبي بأنَّ الذي فصه منه هو الفضة، والذي فصه حبشي هو الذي اتخذه من ذهب، ثم طرحه، وقيل: غير ذلك، كما يأتي إن شاء الله تعالى في اللباس، وكان "يجعله في يمينه"، كما أخرجه البخاري، والترمذي عن ابن عمرو الترمذي عن جابر بسند ضعيف.
وفي أبي داود عن ابن عمر أنَّه كان يتختَّم في يساره، وفي مسلم عن أنس: كان خاتم النبي صلى الله عليه وسلم في هذه، وأشار إلى الخنصر من يده اليسرى، "وقيل: كان أولًا في يمينه، ثم حوله إلى يساره"، كما جاء عن ابن عمر، وبه يحصل الجمع بين الحديثين، "منقوش عليه: محمد رسول الله، وأهدى له النجاشي خفَّين ساذجين" بفتح الذال المعجمة، معرَّب شاذة، وقال المحب الطبري: بالدال المهملة والمعجمة بكسرهما وفتحهما، كما في النور، "فلبسهما"، زاد العراقي:
كذا له أربعة منها أخر
…
أصابها من سهمه من خيبر
"وكان له ثلاث جباب" بكسر الجيم، جمع جبة، "يلبسهنَّ في الحرب"، إحداهنَّ "جبة