الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إن شاء الله تعالى في الاستسقاء في مقصد عباداته عليه الصلاة والسلام.
أبو لبابة عريانًا يسد ثعلب مربده بإزار"، قال: فلا والله ما في السماء من قزعة، ولا سحاب" وما بين المسجد وسلع من بناء، ولا دار، فطلعت من وراء سلع سحابة مثل الترس، فلمَّا توسَّطت السماء انتشرت وهم ينظرون، ثم أمطرت، فوالله ما رأوا الشمس سبتًا، وقام أبو لبابة عريانًا بسد ثعلب مربده بإزاره لئلَّا يخرج التمر منه، فقال الرجل -يعني الذي سأله أن يستسقى لهم: يا رسول الله، هلكت الأموال، وانقطعت السبل، فصعد المنبر فدعا، ورفع يديه حتى رأى بياض إبطيه، ثم قال:"اللهم حوالينا ولا علينا، على الآكام والظراب، وبطون الأودية، ومنابت الشجر"، فانجابت السحابة على المدينة، كانجياب الثوب هذا آخر الآتي، "إن شاء الله تعالى في الاستسقاء من مقصد عباداته عليه الصلاة والسلام" وهو التاسع، وفيه ثَمَّ فوائد جليلة، والله أعلم.
الوفد الحادي والعشرين: وفد بني أسد
…
الوفد الحادي والعشرون: وفد بني أسد
وقدم عليه صلى الله عليه وسلم وفد بني أسد، عشرة رهط فيهم وابصة بن معبد، وطليحة بن خويلد،
"الوفد الحادي والعشرون":
"وقدم عليه صلى الله عليه وسلم وفد بني أسد" بفتح الهمزة والسين- ابن خزيمة، في سنة تسع "عشرة رهبط فيهم وابصة بن معبد" بن عتبة بن الحارث بن مالك بن الحارث بن مالك بن قيس بن كعب بن سعد بن الحارث بن ثعلبة بن دودان بن أسد بن خزيمة الأسدي.
وقال أبو حاتم: هو وابصة بن عبيدة، ومعبد لقب أبو سالم، ويقال: أبو الشعثاء، ويقال: أبو سعد، وفد سنة تسع، وروى عن النبي صلى الله عليه وسلم وابن مسعود وأم قيس وغيرهم، وعنه ابناه سالم وعمرو، وغيرهما، نزل الجزيرة فروى أبو علي الحراني عن أبي عبد الله الرقي، وكان من أعوان عمر بن عبد العزيز، أنه بعث معه بمال، وكتب إلى وابصة أن يبعث معه من يكف الناس عنه، وقال لي: لا تفرقه إلّا على نهر جار، فإني أخاف أن يعطشوا، قال أبو علي: وما أظن هذا إلا وهمًا؛ لأن وابصة ما عاش إلى خلافة عمر بن عبد العزيز، وهو كما ظنَّ، ولعلَّه كان في الأصل إلى ابن وابصة، قاله في الإصابة، وفي تقريبه وابصة -بكسر الموحدة ثم مهملة- ابن عتبة الأسدي، صحابي، نزل الجزيرة، وعاش إلى قرب سنة تسعين.
روى له أبو داود، والترمذي، وابن ماجه، "وطليحة بن خويلد" بتصغيرها- ابن نوفل بن نضلة الأسدي وَفَدَ وأسلم، ثم ارتدَّ بعد النبي صلى الله عليه وسلم وادَّعى النبوّة، فأمر أبو بكر خالد بن الوليد، وأمره أن يصير في ضاحية مضر، فيقاتل من ارتدَّ، ثم يسير إلى اليمامة، فسار فقاتل طليحة،
ورسول الله صلى الله عليه وسلم جالس مع أصحابه، فقال متكلمهم: يا رسول الله، إنا شهدنا أن الله وحده لا شريك له، وأنك عبده ورسوله، وجئناك ولم تبعث إلينا بعثًا.
فأنزل الله تعالى: {يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُلْ لا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلامَكُمْ بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلْإِيمَانِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} [الحجرات: 17] .
فهزمه وهرب إلى الشام، ثم أسلم إسلامًا صحيحًا، ولم يغمض عليه بعد إسلامه، وأحرم بالحج، فرآه عمر، فقال: لا أحبك بعد قتل الرجلين الصالحين عكاشة بن محصن، وثابت بن أقرم، وكانا طليعتين لخالد، فلقيهما طليحة فقتلهما، فقال طليحة: هما رجلان أكرمهما الله بيدي، ولم يهنِّي بأيديهما يا أمير المؤمنين، فمعاشرة جميلة، فإن الناس يتعاشرون مع البغضاء، وشهد القادسية ونهاوند مع المسلمين، وذكروا له مواقف عظيمة في الفتوح، ويقال: إنه استُشْهِدَ بنهاوند سنة إحدى وعشرين، ووقع في الأم للشافعي أن عمر قتل طليحة وعيينة، وراجعت في ذلك جلال الدين البلقيني فاستغربه جدًّا، ولعله قبل -بالباء الموحدة- أي: قَبِلَ منهما الإسلام، قاله في الإصابة ملخصًا، واقتصر المصنف على تسمية هذين الاثنين من العشرة، تبعًا لما في بعض الروايات، وزاد ابن سعد: ضرار بن الأزور، وحضرمي ابن عامر، وقتادة بن القائف، وسلمة بن حبيش، ومعاذ بن عبد الله بن خلف، فجملة من سمي سبعة، ولم يسم الثلاثة الباقية، فقصَّر البرهان تقصيرًا شديدًا في قوله: ما عرفت منهم إلّا وابصة وطليحة، وفي الإصابة: أبو مكعت -بضم فسكون فمهملة مكسورة ثم مثناة فوقية- الأسدي، اسمه: عرفطة ابن نضلة، وقيل: الحارث بن ثعلبة، وفد في قومه بني أسد، فلمَّا وقف بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم قال:
يقول أبو مكعت صادقًا
…
عليك السلام أبا القاسم
سلام الإله وريحانه
…
وروح المصلين والصائم
فقال عليه السلام: "يا أبا مكعت، عليك السلام تحية الموتى" أ. هـ باختصار، فهذا ثامن، "ورسول الله صلى الله عليه وسلم جالس" في المسجد، كما في الرواية، فكأنه أسقطه للعلم به "مع أصحابه، فقال" لفظ ابن سعد: فسلَّموا، وقال "متكلمهم" -قال في النور: لا أعرفه: "يا رسول الله، إنا شهدنا أن الله وحده" حال وخبر أن "لا شريك له، وأنك عبده ورسوله، وجئناك" لفظ الرواية.
وقال حضرمي ابن عامر، أتيناك نتدرع الليل البهيم في سنة شهباء، أي: نجعل الليل الشديد الظلمة درعًا لنا في سنة جدباء، لا مطر فيها من الشبهة البياض، "ولم تبعث إلينا بعثًا".
زاد ابن سعد: ونحن لمن وراءنا سلم، "فأنزل الله تعالى {يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ} ، أي: بأن {أَسْلَمُوا} من غير قتال بخلاف غيرهم ممن أسلم بعد قتال، {قُلْ لا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلامَكُمْ} منصوب بنزع الخافض، وهو الباء، {بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلْإِيمَانِ إِنْ كُنْتُمْ