الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فجلس الرجلان إلى أبي بكر وعثمان، فقالا لهما: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لينعي لكما قومكما. فخرجا إلى قومهما فوجداهم قد أصيبوا في اليوم الذي قال فيه صلى الله عليه وسلم ما قال، وفي الساعة التي ذكر فيها ما ذكر.
فخرج وفد جرش حتى قدموا عليه -صلوات الله وسلامه عليه، فأسلموا، وحمى لهم حمى حول قريتهم.
فجلس الرجلان إلى أبي بكر وعثمان، فقالا لهما" ويحكما "إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لينعي لكما قومكما" أي: يخبركما بموتهم.
زاد في الرواية: فقوما إليه، فاسألاه أن يدعو الله يرفع عن قومكما، فسألاه ذلك، فقال:"اللهم ارفع عنهم" ، "فخرجا إلى قومهما، فوجداهم، قد أصيبوا في اليوم الذي قال فيه صلى الله عليه وسلم ما قال، وفي الساعة التي ذكر فيها ما ذكر"؛ لأنه إما عن مشاهدة، أو وحي، ولا ينافي ذلك قوله:"اللهم ارفع عنهم"، لأنها أجيبت في الذين في القرية دون من في الجبل، لوقوعها بعد قتلهم، "فخرج وفد جرش حتى قدموا عليه -صلوات الله وسلامه عليه، فأسلموا، وحمى لهم حمًى" بكسر ففتح، مقصور منوّن "حول قريتهم" على أعلام معلومة للفرس والراحلة ولبقرة الحارث، فمن رعاها من الناس فماله سحت، فقال رجل من الأزد في تلك الغزوة، وكانت خثعم تصيب من الأزد في الجاهلية، وكانوا يعدون في الشهر الحرام:
يا غزوة ما غزونا غير خائبة
…
فيها البغال وفيها الخيل والحمر
حتى أتينا جريشًا في مصانعها
…
وجمع خثعم قد شاعت لها النذر
إذا وضعت خليلًا كنت أحمله
…
فما أبالي جاءوا بعد أم كفروا
الوفد العاشر: بني الحارث بن كعب
قال ابن إسحاق: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم خالد بن الوليد في شهر ربيع الآخر، أو جمادى الأولى سنة عشر إلى بني الحارث بن كعب بنجران، وأمره أن يدعوهم إلى.
"الوفد العاشر":
وقد بنى الحارث بن كعب، "قال ابن إسحاق: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم خالد بن الوليد،" سيف الله المخزومي "في شهر ربيع الآخر، أو جمادى الأولى،" يحتمل أنه شك، أو إشارة إلى قولين، فقد حكاهما الحاكم في الإكليل قولين، مصدِّرًا بالأول "سنة عشر، إلى بني الحارث بن كعب، بنجران" ناحية بين اليمن وهجر، سُمِّيَ بنجران بن زيد بن سبأ، "وأمره أن يدعوهم إلى
الإسلام قبل أن يقاتلهم ثلاثًا، فإن استجابوا فاقبل منهم، وإن لم يفعلوا فقاتلهم.
فخرج خالد حتى قدم عليهم، فبعث الركبان يضربون في كل وجه، ويدعون إلى الإسلام، ويقولون: أيها الناس أسلموا تسلموا، فأسلم الناس ودخلوا فيما دعوا إليه.
فأقام خالد فيهم، يعلمهم الإسلام، وكتب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك، ثم أقبل على رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعه وفدهم، منهم: قيس بن الحصين، ويزيد بن المحجل، وشداد بن عبد الله.
الإسلام قبل أن يقاتلهم ثلاثًا" من الأيام، متعلق بيدعوهم، "فإن استجابوا" بسين التأكيد، أي: أجابوا إليه، "فاقبل منهم، وإن لم يفعلوا، فقاتلهم، فخرج خالد حتى قدم عليهم، فبعث الركبان يضربون" يسيرون "في كل وجه، ويدعون إلى الإسلام، ويقولون: أيها الناس أسلموا تسلموا" في الدارين، "فأسلم الناس، ودخلوا فيما دعوا إليه، فأقام خالد فيهم يعلمهم الإسلام" وكتاب الله وسنة نبيه، وبذلك كان أمره صلى الله عليه وسلم: إن هم أسلموا ولم يقاتلوا، كما عند ابن إسحاق، "وكتب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك" فكتب إليه يأمره بالقدوم، ومعه وفدهم، وقد ذكر ابن إسحاق لفظ الكتابين، "ثم أقبل على رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعه وفدهم" كما أمره "منهم قيس بن الحصين" بن يزيد بن شداد الحارثي الكعبي الصحابي.
قال ابن الكلبي: رأس الحسين، والد قيس مائة سنة، وكان له أربعة أولاد، يقال لهم: فوارس الأرباع، كانوا إذا حضرت الحرب ولَّى كل واحد منهم ربغها، ويقال للحصين: ذو الغصة لغصة كانت في حلقه، لا يكاد يبين معها الكلام، وذكره عمر بن الخطاب يومًا، فقال: لا تزاد امرأة في صداقها على كذا، ولو كانت بنت ذي الغصة، كما في الروض، وربما وصف بها ابنه قيس.
قال البرهان: ويحتمل أن يقال له: ذو الغصة، وابن ذي الغصة؛ لأنه وأباه كان بهما الغصة، وفيه بعد، "ويزيد بن المحجل" بميم، فحاء، فجيم، فلام، كما هو رسمه في ابن إسحاق وأتباعه، كالإصابة، فنسخة المحمل تحريف، "وشداد بن عبد الله" الغساني، ويقال: القناني -بفتح القاف، وتخفيف النون، وهو الصواب، قاله في الإصابة.
زاد ابن إسحاق: ويزيد بن عبد المدان، وعبد الله بن قراد الزيادي، وعمرو بن عبد الله الضبابي، كذا رأيته في ابن إسحاق.
وفي نقل الإصابة، عن عبد الله بن قريظ، وعمرو بن عمرو، وقال عقبة: وزاد الواقدي عبد الله بن عبد المدان، وقال في عبد الله بن قريظ: عبد الله بن قراد، وفي عمرو بن عمرو وعمرو بن عبد الله، والباقي سواء. انتهى، فلعلَّ هذا رواية غير ابن هشام، عن البكائي، عن
وقال لهم عليه الصلاة والسلام: "بم كنتم تغلبون من قاتلكم"؟ ، قال: كنا نجتمع ولا نتفرق، ولا نبدأ أحدًا بظلم، قال:"صدقتم".
وأمَّرَ عليهم قيس بن الحصين، فرجعوا إلى قومهم في بقية من شوال أو من ذي القعدة، فلم يمكثوا إلا أربعة أشهر حتى توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ابن إسحاق؛ إذ روايته موافقة لما عند الواقدي، كما رأيت.
قال ابن إسحاق: فلمَّا رآهم النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من هؤلاء القوم الذين كأنهم رجال الهند"؟ قيل: هؤلاء بنو الحارث بن كعب، فسلَّموا عليه وقالوا: نشهد أنك لرسول الله، وأنه لا إله إلا هو، فقال:"وأنا أشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله"، ثم قال:"أنتم الذين إذا زجروا استقدموا"، فسكتوا، فأعادها ثلاث مرات، فقال يزيد بن عبد المدان بعد الرابعة: نعم يا رسول الله، نحن الذين إذا زجروا استقدموا، قالها أربع مرات، فقال صلى الله عليه وسلم:"لو أنَّ خالدًا لم يكتب إليّ أنكم أسلمتم، ولم تقاتلوا؛ لألقيت رءوسكم تحت أقدامكم"، فقال يزيد بن عبد المدان: أما والله ما حمدناك وما حمدنا خالدًا، قال:"فمن حمدتم"؟ قال: حمدنا الله الذي هدانا بك يا رسول الله، قال:"صدقتم".
"وقال لهم عليه الصلاة والسلام: "بم كنتم تغلبون من قاتلكم" في الجاهلية؟ قال: لم نكن نغلب أحدًا، قال: "بلى قد كنتم تغلبون من قاتلكم"، "قال -أي: يزيد بن عبد المدان: كما رأيت، فتصرف المصنّف في الرواية، فلم يعلم منه فاعل، قال: وفي نسخة قالوا: وهي أظهر؛ لأنه حكاه بالمعنى، فنسبه إليهم، وأنَّ المتكلم يزيد لكونهم عليه "كنا نجتمع ولا نتفرق ولا نبدأ أحدًا بظلم، قال: "صدقتم".
وروى ابن شاهين في الصحابة أنه صلى الله عليه وسلم قال لهم: "ما الذي تغلبون به الناس وتقهرونهم"؟ قالوا: لم نقل فندل، ولم نكثر فنتحاسد ونتجادل، ونجتمع ولا نتفرق، ولا نبدأ أحدًا بظلم، ونصبر عند البأس، فقال:"صدقت"، "وأمَّر" بشد الميم "عليهم قيس بن الحصين، فرجعوا إلى قومهم في بقية من شوَّال، أو من ذي القعدة".
لفظ ابن إسحاق: أو في صدر ذي القعدة، "فلم يمكثوا إلّا أربة أشهر حتى توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم".
زاد ابن إسحاق: وكان صلى الله عليه وسلم بعث إليهم بعد أن ولّى وفدهم عمرو بن خرم ليفقههم في الدين، ويعلمهم السنة ومعالم الإسلام، ويأخذ منهم صدقاتهم، وكتب إليه كتابًا عهد إليه فيه عنده، وأمَّره فيه أمره، وذكر لفظ الكتاب مطولًا، والله أعلم.