الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الإسلام غيرها، أو على القضاء النذر، أو على النذر التطوع، فهل يقع باطلا، أو عن ما يجب الإيقاع عنه، على ما تقدم من الخلاف؟ هذا نقل أبي البركات، وأما أبو الحسين في الفروع، وصاحب التلخيص، وأبو محمد في المغني، فحكوا هنا روايتين أصحهما الوقوع عما يجب الإيقاع عنه.
(والثانية) : أنه يقع عما نواه، قال أبو الحسين: وهو ظاهر كلام أبي بكر. وقال أبو محمد: وهو قول أبي بكر، ولم يحكوا القول بالبطلان هنا، مع حكايتهم قول أبي بكر ثم. انتهى.
وحكم نائب المعضوب أو الميت يحرم بتطوع أو نذر عمن عليه حجة الإسلام حكم ما لو أحرم هو كذلك، إذ حكم النائب حكم المنوب عنه، نعم، له أن يستنيب رجلين أحدهما يحرم بالفريضة والآخر بالمنذورة في سنة واحدة، لكن أيهما أحرم أولا وقع عن الفريضة، ثم الثاني عن النذر، قاله أبو محمد (الثالث) : العمرة إن قيل بوجوبها كالحج فيما تقدم، والله أعلم.
[حج الصبي والعبد]
قال: ومن حج وهو غير بالغ فبلغ، أو عبد فعتق فعليه الحج.
ش: من حج وهو صبي ثم بلغ أو [وهو] عبد ثم عتق لم
يجزئهما عن حجة الإسلام، وعليهما الحج بعد البلوغ والعتق.
1435 -
لما روى ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «أيما صبي حج ثم بلغ الحنث فعليه أن يحج حجة أخرى، وأيما أعرابي حج ثم هاجر فعليه حجة أخرى، وأيما عبد حج ثم أعتق فعليه حجة أخرى» رواه البيهقي [وغيره] وقال بعض الحفاظ: ولم يرفعه إلا يزيد بن زريع عن شعبة وهو ثقة.
1436 -
وعن محمد بن كعب القرظي عن النبي صلى الله عليه وسلم قال «أيما صبي حج به أهله فمات أجزأت عنه، فإن أدرك فعليه الحج، وأيما
رجل مملوك حج به أهله، فمات أجزأت عنه، فإن عتق فعليه الحج» ذكره أحمد في رواية ابنه عبد الله هكذا مرسلا ولأنهما فعلا الحج قبل وجوبه عليهما فلم يجزئهما، أصله إذا صلى الصبي الصلاة ثم بلغ في وقتها، مع أن هذا قول عامة أهل العلم إلا شذوذا، بل قد حكاه الترمذي إجماعا.
وقد فهم [من] كلام الخرقي أنه يصح حج الصبي والعبد، ولا ريب في ذلك لما تقدم، ولأن العبد من أهل العبادات والتكاليف في الجملة.
1437 -
وروى ابن عباس رضي الله عنهما «عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه لقي ركبا بالروحاء فقال «من القوم؟» قالوا: المسلمون. فقالوا: من أنت؟ قال «أنا رسول الله صلى الله عليه وسلم» فرفعت إليه امرأة صبيا فقالت: ألهذا حج؟ قال «نعم، ولك أجر» رواه مسلم، وأبو داود، والنسائي، وفي رواية لمسلم «صبيا صغيرا» .
واقتضى كلام الخرقي أيضا أن الحج لا يجب عليهما وإلا لأجزأهما، وهو كذلك، لما تقدم من حديثي ابن عباس ومحمد بن كعب القرظي، ولأن الصبي القلم مرفوع عنه، والعبد مشغول بحقوق سيده، والحج تطول مدته غالبا، ويعتبر له الزاد والراحلة، فلم يجب على العبد كالجهاد.
(تنبيه) : لو حصل العتق أو البلوغ قبل الفراغ من الحج، فإن كان بعد فوات وقت الوقوف لم يجزئهما ذلك عن حجة الإسلام بلا ريب، لفوات الركن الأعظم وهو الوقوف، وإن كان في وقت يدركان معه الوقوف ووقفا، نظرت فإن كان قبل السعي، أو بعده - وقلنا السعي ليس بركن - أجزأتهما تلك الحجة عن حجة الإسلام، لإدراكهما الركن [الأعظم] وهو الوقوف، والإحرام مستصحب.
1438 -
واعتمد أحمد بأن ابن عباس قال: إذا أعتق العبد بعرفة أجزأت عنه حجته، وإن أعتق بجمع لم تجزئ عنه. وإن كان العتق أو البلوغ بعد السعي، وقلنا بركنيته فوجهان (أحدهما) - واختاره ابن عقيل تبعا لقول شيخه في المجرد: أنه قياس
المذهب - لا يجزئه، لوقوع الركن في غير وقت الوجوب، أشبه ما لو كبر للإحرام ثم بلغ. (والثاني) - وهو اختيار القاضي أظنه في التعليق، وأبي الخطاب، وظاهر كلام أبي محمد - يجزئه، نظرا لحصول الركن الأعظم وهو الوقوف، وجعلا لغيره تبعا له، والله أعلم.
قال: وإذا حج بالصغير جنب ما يتجنبه الكبير.
ش: إذا حج بالصبي وجب أن يجنب ما يجنبه الكبير من الطيب، واللباس، وقتل الصيد، وحلق الشعر، وغير ذلك، لأن الحج يصح له بحكم النص السابق، وإذا صح له ترتبت أحكامه، ومن أحكامه تجنب ما ذكر، وهو لا يخاطب بخطاب تكليفي، فوجب على الولي أن يجنبه ذلك، كما وجب عليه تجنيبه شرب الخمر، وغيرها من المحرمات.
1439 -
وقد روي عن عائشة رضي الله عنها أنها كانت [تجرد] الصبيان إذا دنوا من الحرم، والله أعلم.
قال: وما عجز عنه من عمل الحج عمل عنه.
ش: كما إذا عجز عن الرمي، أو الطواف ونحوهما.
1440 -
لما «روى جابر رضي الله عنه قال: حججنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعنا النساء والصبيان، فلبينا عن الصبيان ورمينا عنهم» . رواه أحمد، وابن ماجه.
1441 -
وعن ابن عمر أنه كان يحجج صبيانه وهم صغار، فمن استطاع منهم أن يرمي رمى، ومن لم يستطع أن يرمي رمى عنه.
1442 -
وعن أبي إسحاق أن أبا بكر رضي الله عنه طاف بابن الزبير في خرقة. رواهما الأثرم.
وظاهر كلام الخرقي أن ما أمكن الصبي عمله عمله، وذلك كالوقوف، والمبيت بمزدلفة، وبمنى، ونحو ذلك، وكذلك الإحرام إن عقله صح منه بإذن الولي بلا ريب وبدون إذنه فيه وجهان: أصحهما - وبه جزم أبو محمد - لا يجزئه، قياسا على بقية تصرفاته، إذ لا ينفك عن لزوم [مال] فهو كالبيع.
والثاني: يجزئه تغليبا لجانب العبادة، وإن لم يعقله فعله الولي، (والولي) هو من يلي ماله من أب أو غيره، وفي صحة إحرام الأم عنه وجهان، (الصحة) وهو ظاهر كلام أحمد، واختاره ابن عقيل، ومال إليه أبو محمد، لظاهر حديث ابن عباس، إذ الظاهر أن الأجر الثابت لها لكون الصغير تبعا لها في
الإحرام، (وعدمها) وهو اختيار القاضي، لعدم ولايتها [عليه] في المال، أشبهت الأجنبي، وفي بقية العصبات وجهان مخرجان من القولين فيها، فأما الأجنبي فلا يصح أن يحرم عنه وجها واحدا، ومعنى الإحرام عنه أن يعقد له الإحرام، فيصير الصبي محرما بذلك [الإحرام] دون العاقد، والله أعلم.
قال: ومن طيف به محمولا كان الطواف له دون حامله، والله أعلم بالصواب.
ش: يصح طواف المحمول في الجملة، وستأتي هذه المسألة إن شاء الله تعالى، ثم لا يخلو من ثمانية أحوال (أحدها) : نويا جميعا عن [الحامل، فيصح له فقط بلا ريب.
(الثاني) نويا جميعا عن] المحمول، فتختص الصحة به أيضا.
(الثالث) : نوى كل منهما عن نفسه، فيصح الطواف للمحمول دون الحامل، جعلا له كالآلة، وحسن أبو محمد صحة الطواف لهما [وهو مذهب الحنفية، واحتمال لابن الزاغوني] نظرا إلى نيتهما، ومنع أبو حفص العكبري الصحة في هذه الصورة رأسا، زاعما أنه لا أولوية لأحدهما، والفعل الواحد لا يقع عن اثنين، وهذه الصورة - والله أعلم - هي الحاملة للخرقي على ذكر هذه المسألة.
(الرابع