الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال: فإن اختلفا في صفتها فالقول قول المشتري مع يمينه في الصفة.
ش: أي إذا تحالفا ورجعا إلى قيمة السلعة، فإن اتفقا على قيمتها فلا كلام، وإن اختلفا في صفتها، والصفة ليست عيبا - كالسمن والكتابة ونحوهما - فالقول قول المشتري مع يمينه، بلا نزاع نعلمه، لأنه غارم، والقول قول الغارم، واعتمادا على أصل براءة الذمة، ثم الأصل عدمها، وإن كانت عيبا، كالبرص، والخرق في الثوب، ونحو ذلك، فهل القول قول المشتري، وهو المشهور، وظاهر كلام الخرقي، لما تقدم من أنه غارم، أو قول البائع في نفي ذلك، لأن الأصل عدمها؟ فيه وجهان، وملخص الأمر أنه قد تعارض أصلان، فخرج قولان، والله أعلم.
[بيع العبد الآبق والطير في الهواء]
قال: ولا يجوز بيع الآبق.
ش: لأنه بيع غرر، وإنه منهي عنه شرعا، والنهي يقتضي الفساد.
1953 -
ودليل النهي ما روى أبو هريرة رضي الله عنه، «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الغرر» .
1954 -
على أن في المسند، وسنن ابن ماجه، عن أبي سعيد:«نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع ما في بطون الأنعام، وعما في ضروعها إلا بكيل، وعن شراء الغنائم حتى تقسم، وعن شراء الصدقات حتى تقبض، وعن شراء العبد وهو آبق، وعن ضربة الغائص» . إلا أن فيه كلاما، ومن ثم قال البيهقي: هذا وإن لم يثبت فكله داخل في بيع الغرر، [قلت
وهذا صحيح، إذ الغرر]- على ما فسره القاضي من أصحابنا [وغيره]- ما تردد بين جائزين، ليس هو في أحدهما أظهر، والآبق كذلك، لأنه متردد بين الحصول والعدم، وكلام الخرقي شامل لآبق يعلم خبره أو لا يعلم، وهو كذلك، والله أعلم.
قال: ولا الطائر قبل أن يصاد.
ش: لأن ذلك من الغرر المتقدم، وقد دخل في كلام الخرقي المملوك وغير المملوك، وما يألف العود أو لا يألفه، وهو كذلك.
وقوله: قبل أن يصاد، يخرج منه ما إذا صيد [وهو واضح، ثم: ما صيد. يدخل فيه ما صيد] ببرج ونحوه،
وقد اختلف في بيع الطائر في البرج، فأجازه أبو محمد، بشرط كون الباب مغلوقا، إناطة بالقدرة على التسليم، وشرط القاضي مع ذلك إمكان أخذه بسهولة، فإن لم يمكن أخذه إلا بتعب ومشقة لم يجز، لأن قدر ذلك غير معلوم، والله أعلم.
قال: ولا السمك في الآجام.
ش: لما تقدم أيضا.
1955 -
وقد روي عن ابن مسعود رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تشتروا السمك في الماء، فإنه غرر» رواه الإمام أحمد، لكن قال البيهقي: إن فيه انقطاعا.
وقوله: في الآجام. يخرج منه ما إذا كان بيده ونحوه ذلك، كأن كان في بركة معدة للصيد، وعرف إما برؤيته كما إذا رئي في الماء لصغر البركة، ونحوها، وأمكن أخذه،
صح بيعه، لانتفاء المحذور، وهو عدم القدرة على التسليم، نعم إن كان في أخذه كلفة ومشقة خرج فيه ما تقدم من الخلاف في الطائر في البرج، وأبو محمد هنا يسلم أن البركة إذا كانت كبيرة، وتطاولت المدة في أخذه، أنه لا يجوز بيعه، للجهل بوقت إمكان التسليم، والله أعلم.
قال: والوكيل إذا خالف فهو ضامن، إلا أن يرضى الآمر فيلزمه.
ش: أما ضمان الوكيل إذا فلأنه خرج بمخالفته من حيز الأمانة إلى حيز الخيانة، وإذا يضمن، لتعديه وظلمه، وأما زوال الضمان عنه برضى الآمر فلأن الضمان كان لمخالفته، وبرضى الآمر كأن المخالفة قد زالت.
هذا من حيث الجملة، أما من حيث التفصيل فمخالفة الوكيل تارة تكون في أصل ما وكل فيه، كأن يوكله في شراء عبد، فيشتري ثوبا، أو في بيع عبده زيد، فيبيع عبده سعيدا، ونحو ذلك، فهذا لا إشكال في ضمان ما فوته على المالك، لعدم موافقته المأمور بوجه، ثم ينظر فإن كان البيع لأعيان مال الموكل، أو الشراء بعين ماله، لم يصح تصرفه، على الصحيح المشهور من الروايتين، لارتكابه النهي.
1956 -
بدليل حديث «حكيم بن حزام: نهاني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أبيع ما ليس عندي» . وفي لفظ: «لا تبع ما ليس عندك» رواه البخاري وغيره، أي: ما ليس في ملكك.
1957 -
بدليل ما في سنن البيهقي، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أرسل عتاب بن أسيد إلى أهل مكة «أن أبلغهم عن أربع خصال، إنه لا يصلح شرطان في بيع، [ولا بيع وسلف] ، ولا بيع ما لم يملك، ولا ربح ما لم يضمن» .
(والثانية) يقع التصرف موقوفا على إجازة مالكه، إن أجازه جاز، وإن رده بطل.
1958 -
لحديث «عروة بن أبي الجعد البارقي، أن النبي صلى الله عليه وسلم أعطاه دينارا ليشتري به شاة، فاشترى له به شاتين، فباع إحداهما بدينار، وجاءه بدينار وشاة، فدعا له بالبركة في بيعه، فكان لو اشترى التراب لربح فيه» ، رواه البخاري وغيره.
وإن كان الشراء في الذمة فهل ذلك كما لو كان الشراء بالعين، تجري فيه الروايتان، وهو قول القاضي في روايتيه، أو يصح هذا في الجملة بلا خلاف، وهو المعروف المشهور؟ على طريقتين للأصحاب، وعلى الثاني: هل من شرط الصحة أن لا يسمي الموكل في العقد، وهو رأي القاضي، وأبي البركات، أو لا يشترط ذلك، وهو رأي أبي محمد؟ وفيه قولان، وحيث حكم بالصحة فإن رضي الموكل بذلك التصرف لزمه، وزال الضمان عن الوكيل، فيما دفعه من مال ونحو ذلك، وإلا لزم الوكيل ما اشتراه، وعليه ضمان الثمن إن كان قد نقده، وعلى هذه الصورة يحمل كلام الخرقي، انتهى.
وتارة يخالف الوكيل في صفة ما وكل فيه، فهذا إن شهد العرف أن مخالفته كلا مخالفة لم تضر، وذلك كأن يوكله في بيع شيء بمائة، فيبيعه بمائة وعشرة، أو بدرهم فيبيعه بدينار، على أحد الوجهين، لحصول المقصود بالدرهم من الدينار من كل وجه، بخلاف العرض، أو يأمره بالبيع نساء، أو الشراء حالا، فيبيع حالا، أو يشتري نسيئة، ولا ضرر على الموكل في حفظ الثمن، وعن القاضي أنه لم يشترط نفي الضرر، أو يأمره بالبيع بثمن في سوق، فيبيع به في آخر، لعدم تعلق الغرض به غالبا، بخلاف ما لو قال: بعه لزيد، فباعه لعمرو، فإنه لا يصح لتعلق عرضه بذلك غالبا، انتهى.
وإن لم يشهد العرف بذلك لكن يمكن تدارك ما حصل من الضرر عن الموكل، مثل أن يوكله في بيع شيء بمائة، أو شراء شيء بخمسين فيبيع بخمسين ويشتري بمائة، ونحو ذلك، فهذا هل يصح ويضمن الوكيل الزيادة والنقص، لتفريطه، ومخالفته، وهو المنصوص، لزوال الضرر عن الموكل، ولا يلزم من زوال الوصف زوال الأصل، أو لا يصح، وهو اختيار أبي محمد في المغني، وبه جزم صاحب