الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كلما أتى على] الركن أشار إليه بشيء في يده وكبر» . رواه البخاري والرائي للبيت آت على الركن، والله أعلم.
[طواف التحية وتقبيل الحجر الأسود]
قال: ثم أتى الحجر الأسود - إن كان - فاستلمه إن استطاع وقبله.
ش: لما تقدم في حديث جابر: «حتى إذا أتينا البيت معه استلم الركن» .
1618 -
وقوله: ثم أتى الحجر الأسود إن كان. أي إن كان الحجر في مكانه، [أما إن لم يكن الحجر في مكانه] والعياذ بالله - كما وقع ذلك في زمن الخرقي رحمه الله، لما أخذته القرامطة - فإنه يقف مقابلا لمكانه، ويستلم الركن، عملا بما استطاع، والله أعلم.
قال: فإن لم يستطع قام حياله، ورفع يديه، وكبر الله تعالى وهلله.
ش: إذا لم يستطع الاستلام والتقبيل المندوبين وأمكنه الاستلام بشيء في يده فعل.
1619 -
لأن النبي صلى الله عليه وسلم طاف على بعير يستلم الركن بمحجنه، وإن لم يمكنه قام حياله، ورفع يديه مشيرا بهما إليه، وكبر الله عز وجل وهلله.
1620 -
لما روي «عن عمر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له «يا عمر إنك رجل قوي، لا تزاحم على الحجر فتؤذي الضعيف، إن وجدت خلوة فاستلمه، وإلا فاستقبله وهلل وكبر» رواه أحمد.
1620 -
م - وله أيضا عن ابن عباس: «طاف رسول الله صلى الله عليه وسلم على بعير، كلما أتى [على] الركن أشار إليه بشيء في يده [وكبر» ] .
1621 -
وقال بعض الأصحاب: يقول إذا استلمه «بسم الله، والله أكبر، إيمانا بك، وتصديقا بكتابك، ووفاء بعهدك، واتباعا
لسنة نبيك محمد صلى الله عليه وسلم» لأن ذلك يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم.
(تنبيه) : والاستلام مسح الحجر باليد، أو بالقبلة، افتعال من السلام وهو التحية، ولذلك أهل اليمن يسمون الركن الأسود المحيا، أي أن الناس يحيونه، قاله الأزهري، وقال القتيبي والجوهري: افتعال من السلام وهي الحجارة، واحدها «سلمة» بكسر اللام، يقول: استلمت الحجر. إذا لمسته، كما يقول: اكتحلت من الكحل، وقيل: افتعال من المسالمة، كأنه فعل ما يفعله المسالم [انتهى. وقيل: الاستلام] أن يحيى نفسه عند الحجر بالسلام لأن الحجر لا يحييه، كما يقال: اختدم. إذا لم يكن له خادم، وقال ابن الأعرابي: هو مهموز الأصل، ترك همزه، مأخوذ من المسالمة وهي الموافقة، وقيل: من الملاءمة وهي السلاح، كأنه خص نفسه بمس الحجر. انتهى.
و «المحجن» عصا محنية الرأس. والله أعلم.
قال: واضطبع بردائه.
1622 -
ش: لما روى يعلى بن أمية «أن النبي صلى الله عليه وسلم طاف مضطبعا، وعليه رداؤه» . رواه ابن ماجه، والترمذي، وأبو داود، وأحمد ولفظه:«لما قدم طاف بالبيت وهو مضطبع ببرد له أخضر» . والاضطباع أن يجعل وسط ردائه تحت عاتقه الأيمن، وطرفيه على عاتقه الأيسر [سمي بذلك لإبداء الضبعين، وهما ما تحت الإبط، وهل يسير إلى آخر الطواف أو إلى آخر الرمل؟ فيه روايتان، والله أعلم] . قال: ورمل ثلاثة أشواط، ومشى أربعا.
ش: كذلك قال جابر: رمل ثلاثا، ومشى أربعا.
1623 -
وفي الصحيح أيضا عن ابن عمر «أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا طاف بالبيت الطواف الأول خب ثلاثا، ومشى أربعا» ، لا يقال: فالرسول [إنما] فعل هذا لإظهار الجلد للكفار.
1624 -
كما ثبت في الصحيحين عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: «قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه مكة، وقد وهنتهم حمى يثرب، فقال المشركون: إنه يقدم عليكم غدا قوم وقد وهنتهم الحمى، ولقوا منها شدة، فجلسوا مما يلي الحجر، وأمرهم النبي صلى الله عليه وسلم أن يرملوا ثلاثة أشواط، ويمشوا بين الركنين، ليرى المشركون جلدهم، فقال المشركون: هؤلاء الذين زعمتم أن الحمى وهنتهم، ولا أجلد من هؤلاء. قال ابن عباس رضي الله عنهما: ولم يمنعه أن يأمرهم أن يرملوا الأشواط كلها إلا الإبقاء عليهم» . وقد زال ذلك. لأنا نقول: قد فعل ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع، كما ثبت في حديث جابر وغيره، بعد زوال ذلك المعنى.
1625 -
وقد جاء عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: «رمل رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجته وفي عمره كلها، وأبو بكر، وعمر، والخلفاء» . رواه أحمد.
1626 -
وعن أسلم: سمعت عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول: فيم الرملان، والكشف عن المناكب، وقد أطأ الله تعالى الإسلام، ونفى الكفر وأهله؟ لكن مع ذلك لا ندع شيئا كنا نفعله مع رسول الله صلى الله عليه وسلم. رواه أبو داود.
(تنبيه) : «الرمل» قال الجوهري: الرمل الهرولة، وقال الأزهري: الإسراع، وفسر الأصحاب الرمل بإسراع المشي، مع تقارب الخطا من غير وثب، «والوهن» الضعف، «والجلد» القوة والصبر. «والأشواط» جمع شوط، والمراد به المرة الواحدة من الطواف بالبيت، و «أطأ» مهد وثبت، والهمزة بدل من الواو، مثل (أقت) من وقت. والله أعلم.
قال: كل ذلك من الحجر الأسود إلى الحجر الأسود.
ش: أي ما تقدم من أن الرمل في الثلاثة الأشواط، والمشي في الأربعة يكون من الحجر إلى الحجر. لما تقدم من حديثي جابر وابن عمر.
1627 -
وفي الصحيح عن جابر «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رمل من الحجر الأسود حتى انتهى إليه» .
1628 -
وكذلك في حديث ابن عمر في الصحيح: رمل من الحجر إلى الحجر. وهذان يقدمان على حديث ابن عباس: أنه لم
يرمل بين الركنين، لتأخرهما عنه، واحتمال أن ذلك مختص بالذين كانوا في عمرة القضية لضعفهم. يؤيد هذا عمل جلة الصحابة على ما قلناه.
وقد فهم من مجموع ما تقدم أن الداخل للبيت أول ما يبدأ بالطواف، ما لم تقم الصلاة ونحو ذلك، اقتداء بفعل رسول الله صلى الله عليه وسلم وفعل أصحابه، إذ هو تحية المسجد، كما أن الصلاة تحية بقية المساجد، وقال صاحب التلخيص تبعا لابن عقيل: أول ما يبدأ بتحية المسجد، اعتمادا على عموم «إذا دخل أحدكم المسجد» الحديث. وجعلا الطواف تحية الكعبة، والاعتماد على الأول. والله أعلم.
قال: ولا يرمل في جميع طوافه إلا هذا.
ش: لا يرمل في طواف الزيارة، ولا طواف الوداع [ولا غيرهما] إلا في الطواف أول ما يقدم مكة، وهو طواف القدوم، أو طواف العمرة، لأن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه إنما رملوا في ذلك، هذا اختيار الشيخين وغيرهما، وزعم القاضي وصاحب التلخيص أنه لو ترك الرمل في القدوم، أتى به في الزيارة، وأنه لو رمل في القدوم ولم يسع عقبه، فإذا طاف للزيارة رمل، حذارا من أن يكون التابع - وهي السعي - أكمل من المتبوع لوجود الرمل فيه، والله أعلم.
قال: وليس على أهل مكة رمل.
ش: قال أحمد: ليس على أهل مكة رمل عند البيت، ولا بين الصفا والمروة، وذلك لأن الرمل [في الأصل] كان لإظهار الجلد، وذلك معدوم في أهل مكة، وحكم من أحرم من مكة حكم أهلها.
(تنبيه) : يسن الاضطباع لمن يسن له الرمل، والله أعلم.
قال: ومن نسي الرمل فلا إعادة عليه.
ش: لأنه هيئة فلا تجب إعادته، كهيئات الصلاة، ولا فرق في ذلك بين العامد والناسي، بناء على أنه سنة.