المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[شروط وجوب الحج] - شرح الزركشي على مختصر الخرقي - جـ ٣

[الزركشي الحنبلي]

فهرس الكتاب

- ‌[كتاب الاعتكاف]

- ‌[حكم الاعتكاف]

- ‌[مكان الاعتكاف]

- ‌[ما يجوز للمعتكف]

- ‌[ما لا يجوز للمعتكف]

- ‌[مفسدات الاعتكاف]

- ‌[كتاب الحج] [

- ‌حكم الحج]

- ‌[شروط وجوب الحج]

- ‌[شرط الاستطاعة للحج بالنسبة للمرأة]

- ‌[الحج عن الميت]

- ‌[شروط الحج عن الغير]

- ‌[حج الصبي والعبد]

- ‌[باب ذكر المواقيت]

- ‌[باب ذكر الإحرام]

- ‌[سنن وآداب الإحرام]

- ‌[أنواع النسك]

- ‌[الاشتراط في الإحرام]

- ‌[التلبية في الحج]

- ‌[أشهر الحج]

- ‌[باب ما يتوقى المحرم وما أبيح له]

- ‌[صيد الحرم ونباته]

- ‌[الإحصار في الحج]

- ‌[باب ذكر الحج ودخول مكة]

- ‌[طواف التحية وتقبيل الحجر الأسود]

- ‌[شروط صحة الطواف وسننه]

- ‌[السعي بين الصفا والمروة]

- ‌[طواف وسعي القارن والمفرد]

- ‌[باب ذكر الحج]

- ‌[ذهاب الحاج إلى منى يوم التروية]

- ‌[الدفع إلى عرفة والوقوف بها]

- ‌[الدفع من عرفة إلى المزدلفة والمبيت بها]

- ‌[رمي الجمرات]

- ‌[نحر الهدي]

- ‌[الحلق والتقصير]

- ‌[من أركان الحج الطواف بالبيت]

- ‌[طواف الوداع]

- ‌[دم التمتع وصيامه]

- ‌[باب الفدية وجزية الصيد]

- ‌[سوق الهدي]

- ‌[كتاب البيوع]

- ‌[باب خيار المتبايعين]

- ‌[باب الربا والصرف وغير ذلك]

- ‌[بيع اللحم بالحيوان]

- ‌[بيع العرايا]

- ‌[باب بيع الأصول والثمار]

- ‌[الاستثناء في البيع]

- ‌[وضع الجوائح]

- ‌[تلف المبيع قبل القبض]

- ‌[باب المصراة وغير ذلك]

- ‌[البيع بشرط البراءة من العيوب]

- ‌[اختلاف المتبايعين في البيع]

- ‌[بيع العبد الآبق والطير في الهواء]

- ‌[بيع الملامسة والمنابذة]

- ‌[بيع الحمل في البطن دون الأم]

- ‌[بيع عسب الفحل]

- ‌[بيع النجش]

- ‌[بيع الحاضر للبادي]

- ‌[حكم تلقي الركبان]

- ‌[بيع العصير ممن يتخذه خمرا]

- ‌[بيع الكلب]

- ‌[بيع الفهد والصقر المعلم والهر]

الفصل: ‌[شروط وجوب الحج]

[كتاب الحج] [

‌حكم الحج]

ش: الحج بفتح الحاء وكسرها القصد، وعن الخليل: كثرة القصد إلى من يعظمه، وفي الشرع: عبارة عن القصد إلى محل مخصوص مع عمل مخصوص.

وهو مما علم وجوبه من دين الله تعالى بالضرورة، بشهادة الكتاب، والسنة، والإجماع قال الله تعالى:{وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا} [آل عمران: 97] .

1407 -

وقال النبي صلى الله عليه وسلم «بني الإسلام على خمس شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج البيت من استطاع إليه سبيلا» وأجمع المسلمون على ذلك والله أعلم.

[شروط وجوب الحج]

قال: ومن ملك زادا وراحلة، وهو عاقل بالغ، لزمه الحج والعمرة.

ص: 22

ش: يشترط لوجوب الحج شروط:

(أحدها) الاستطاعة، لأن الخطاب إنما ورد للمستطيع، إذ (من) بدل من (الناس) فتقدير الكلام: ولله على المستطيع. ولانتفاء تكليف ما لا يطاق شرعا، بل وعقلا، والاستطاعة عندنا أن يملك زادا وراحلة.

1408 -

لما روي عن أنس رضي الله عنه، «عن النبي صلى الله عليه وسلم، في قوله عز وجل {مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا} [آل عمران: 97] قال: قيل يا رسول: ما السبيل؟ قال «الزاد والراحلة» رواه الدارقطني.

1409 -

«وعن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال «الزاد والراحلة» يعني قوله عز وجل {مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا} [آل عمران: 97] » رواه ابن ماجه.

ص: 23

1410 -

وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: «جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ما يوجب الحج؟ قال «الزاد والراحلة» رواه الترمذي وقال: وعليه العمل عند أهل العلم، ولأنها عبادة تتعلق بقطع مسافة بعيدة، فكانت الاستطاعة فيها شرط ذلك، دليله الجهاد، وكون القوة قد يحصل بها الاستطاعة يتخلف في غالب الناس، والحكم إنما يناط بالأعم الأغلب.

ويشترط في الزاد والراحلة أن يكونا صالحين لمثله، لمدة ذهابه وإيابه، وأن يكون ذلك فاضلا عن نفقة نفسه، وعياله

ص: 24

وحوائجه الأصلية، وبيان ذلك له موضع آخر إن شاء الله، وإنما يشترط الراحلة لمن بينه وبين مكة مسافة القصر، أما من كان دون ذلك، ويمكنه المشي، فلا تشترط له الراحلة.

وقول الخرقي: من ملك. مقتضاه [أنه] لو بذل له ذلك لم يصر مستطيعا، وإن كان الباذل ابنه، وهو صحيح لما تقدم، إذ قوله عليه السلام في جواب ما يوجب الحج؟ قال «الزاد والراحلة» [أي ملك الزاد والراحلة] انتهى.

(الثاني والثالث) : العقل والبلوغ فلا يجب الحج على مجنون ولا صبي.

1411 -

لما روى ابن عباس قال: أتي عمر رضي الله عنه بمجنونة قد زنت، فاستشار فيها أناسا، فأمر بها عمر أن ترجم، فمر بها علي بن أبي طالب فقال: ما شأن هذه؟ قالوا: مجنونة بني فلان زنت، فأمر بها أن ترجم. فقال: ارجعوا بها. فقال: يا أمير المؤمنين إن القلم مرفوع عن ثلاثة، عن المجنون حتى يبرأ، وفي رواية حتى يفيق، وعن النائم حتى يستيقظ، وعن الصبي حتى يعقل. فقال: بلى. قال: فما بال هذه؟ قال: لا شيء. قال: [فأرسلها] . فأرسلها عمر قال: فجعل يكبر، وفي رواية قال له: أوما تذكر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال. . وذكر الحديث وفيه: وقال: «عن الصبي حتى يحتلم» رواه أبو داود.

ص: 25

(الشرط الرابع) : الحرية، ويأتي في كلام الخرقي إن شاء الله تعالى.

(الشرط الخامس) : الإسلام، وكأن الخرقي إنما ترك هذا الشرط لوضوحه، إذ جميع العبادة لا يجب على كافر أداؤها، ولا قضاؤها إذا أسلم، وإنما معنى توجه الخطاب إليه ترتب ذلك في ذمته فيسلم ويفعل، وفائدة ذلك العقاب في الآخرة، نعم اختلف فيما إذا وجد المرتد الاستطاعة في زمن الردة، ثم أسلم وفقدت، هل يجب عليه الحج بناء [على أنه] في حكم المسلم حيث التزم حكم الإسلام، أو لا يجب عليه، بناء [على أنه] في حكم الكافر الأصلي، والإسلام يجب ما قبله؟ فيه روايتان أشهرهما الثاني، انتهى.

فظاهر كلام الخرقي أنه لا يشترط لوجوب الحج غير ما ذكر، وهذا إحدى الروايتين، وإليها ميل أبي محمد، لظاهر إطلاق الكتاب والسنة، وهو قَوْله تَعَالَى {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا} [آل عمران: 97] الآية، وقول النبي صلى الله عليه وسلم «وحج البيت من استطاع إليه سبيلا» وأصرح من هذا لما سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن ما يوجب الحج قال «الزاد والراحلة» ولأن إمكان الأداء على قاعدتنا ليس بشرط في وجوب العبادة، بدليل ما إذا طهرت

ص: 26

الحائض، أو بلغ الصبي، أو أفاق المجنون، ولم يبق من وقت الصلاة ما يمكن الأداء فيه.

(والرواية الثانية) : وهي ظاهر كلام ابن أبي موسى، والقاضي في الجامع: يشترط لوجوب الحج شرطان آخران، سعة الوقت، وأمن الطريق، إذ بدونهما يتعذر فعل الحج، فاشترطا كالزاد والراحلة، فعلى الأولى هما شرطان للزوم الأداء، وفائدة الروايتين إذا مات قبل الفعل، فعلى الأولى يخرج من تركته للوجوب، وعلى الثانية لا، لعدمه، ومعنى سعة الوقت أن يمكنه المسير على العادة في وقت جرت العادة به، ومعنى تخلية الطريق أن يكون آمنا مما يخاف في النفس، والبضع، والمال، سالما من خفارة وإن كانت يسيرة، اختاره القاضي وغيره، حذارا من الرشوة في العبادة، وعن ابن حامد: يجب بذل الخفارة اليسيرة، هذا نقل أبي البركات، وأبي محمد في الكافي، وفي المقنع والمغني والتلخيص: إن لم يجحف بماله لزمه البذل، لأن ذلك مما يتسامح بمثله.

وحيث وجب الحج فهل تجب العمرة؟ فيه ثلاث روايات: (أشهرها) وبه جزم جمهور الأصحاب: نعم.

1412 -

لما روي «عن عائشة رضي الله عنها قالت: قلت يا رسول الله هل على النساء جهاد؟ قال «نعم عليهن جهاد لا قتال فيه الحج

ص: 27

الحديث، وأنه قال «هذا جبريل أتاكم يعلمكم دينكم» رواه الدارقطني، وقال: هذا إسناد صحيح ثابت.

1415 -

وقد قال ابن عباس رضي الله عنهما: إنهما لقرينة الحج في كتاب الله. يشير إلى قوله سبحانه {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} [البقرة: 196] .

1416 -

والظاهر أن الصبي بن معبد فهم ذلك [أيضا] وأقره عمر رضي الله عنه عليه حيث قال لعمر: يا أمير المؤمنين إني وجدت الحج والعمرة مكتوبين علي، فأهللت بهما، فقال عمر: هديت لسنة نبيك محمد صلى الله عليه وسلم، رواه أبو داود، والنسائي.

(والرواية الثانية) : لا تجب.

1417 -

لما روي [عن] جابر رضي الله عنه «أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن

ص: 29

العمرة: واجبة هي؟ قال «لا، وأن تعتمر فهو أفضل» رواه أحمد وضعفه، والترمذي وصححه.

(والرواية الثالثة) : تجب إلا على أهل مكة، وهذا المذهب عند أبي محمد في المغني إذ ركن العمرة ومعظمها هو الطواف، وهو حاصل منهم.

1418 -

قال أحمد: كان ابن عباس يرى العمرة واجبة، ويقول: يا أهل مكة ليس عليكم عمرة، إنما عمرتكم الطواف بالبيت. والله أعلم.

ص: 30

قال: فإن كان مريضا لا يرجى برؤه، أو شيخا لا يستمسك على الراحلة، أقام من يحج عنه ويعتمر.

ش: هذان شرطان لوجوب المباشرة بلا ريب، حذارا من تكليف ما لا يطاق، أو حصول الضرر المنفي شرعا، وإذا عدما وبقية الشروط موجودة فيه، ووجد مالا فاضلا عن حاجته المعتبرة، وافيا بنفقة راكب، وجب عليه أن يقيم من يحج عنه ويعتمر من بلده، لما تقدم من حديث أبي رزين.

1419 -

وعن ابن عباس رضي الله عنهما «أن امرأة من خثعم قالت: يا رسول الله إن أبي أدركته فريضة الله في الحج شيخا كبيرا، لا يستطيع أن يستوي على ظهر بعيره، قال «فحجي عنه» رواه الجماعة.

ص: 31

1420 -

وعن عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما قال: «جاء رجل [من خثعم] إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إن أبي أدركه الإسلام وهو شيخ كبير، لا يستطيع ركوب الرحل، والحج مكتوب عليه، أفأحج عنه؟ قال «أنت أكبر ولده؟» قال: نعم. قال «أرأيت لو كان على أبيك دين فقضيته [عنه] أكان ذلك يجزئ عنه؟» قال: نعم. قال «فحج عنه» رواه أحمد ، والنسائي بمعناه، فأخبره عليه الصلاة والسلام بأن الحج مكتوب عليه وفريضة على من هذا حاله، ولم ينكر ذلك، وإذا وجب وجبت النيابة لتبرأ الذمة.

ومفهوم كلامه أن المريض المرجو البرء ليس له الاستنابة، و [كذلك] الصحيح بطريق الأولى، وهو كذلك في الفرض، أما في النفل فالمريض له الاستنابة، والصحيح فيه روايتان،

ص: 32

(الجواز) بشرط أن يحج الفرض، نظرا إلى أن الحج لا يلزمه بنفسه، أشبه المعضوب، (وعدمه) لأنه يقدر على الحج بنفسه، فلم يجز أن يستنيب فيه كالفرض هذه طريقة أبي محمد في المغني، وطريقة صاحب التلخيص، وابن حمدان في الصغرى جريان الروايتين فيهما.

(تنبيهان) : [أحدهما] : حكم المحبوس حكم المريض المرجو البرء.

(الثاني) : لو لم يجد العاجز من ينوب، فقال أبو محمد: قياس المذهب أنه يبنى على الروايتين في إمكان المسير، هل هو شرط للوجوب، أو للزوم الأداء؟ فعلى الأول: لا يجب عليه شيء، وعلى الثاني: يثبت الحج في ذمته، والله أعلم.

قال: وقد أجزأ عنه وإن عوفي.

ش: إذا أقام المعضوب من يحج عنه فإنه يجزئ [عنه] ذلك وإن عوفي، لأنه أتى بالمأمور به، فيخرج عن العهدة، كما لو لم يبرأ، إذ الشارع إنما يكلف العبد بما [في] ظنه واجتهاده، لا بما لا اطلاع له عليه.

واعلم أن هذا له ثلاث حالات: (إحداها) بريء بعد فراغ النائب، فيجزئه بلا ريب عندنا، (الحالة الثانية) بريء قبل إحرام النائب، فلا يجزئه بلا ريب، للقدرة على المبدل قبل

ص: 33