الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وظاهر كلام الخرقي أن من تركه عامدا عليه الإعادة، وقد يحمل على استحباب الإعادة، ليأتي بما فعله رسول الله صلى الله عليه وسلم[وأصحابه] وليخرج من الخلاف، فإن بعض العلماء أوجب في تركه دما، والله أعلم.
[شروط صحة الطواف وسننه]
قال: ويكون طاهرا في ثياب طاهرة.
ش: يشترط للطائف أن يكون طاهرا من الحدث والخبث، في ثياب صفتها أنها طاهرة في المشهور، والمختار للأصحاب من الروايتين.
1629 -
لما روي عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «الطواف حول البيت مثل الصلاة، إلا أنكم تتكلمون فيه، فمن تكلم فلا يتكلم إلا بخير» رواه النسائي والترمذي وهذا لفظه، وحكم المشبه حكم المشبه به، فيثبت له ما يثبت له.
1630 -
وقد عمل على هذا الصحابة فقال ابن عمر: أقلوا من الكلام، فإنما أنتم في صلاة. رواه النسائي.
1631 -
وفي الصحيح «أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعائشة رضي الله عنها[لما حاضت] «فعلي ما يفعل الحاج، غير أن لا تطوفي بالبيت حتى تغتسلي» » .
1632 -
وفي حديث أبي بكر الصديق رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا يطوف بالبيت عريان» والنهي يقتضي فساد المنهي عنه.
(والرواية الثانية) : أن ذلك واجب، يجبر بالدم، وليس بشرط، لإطلاق:{وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ} [الحج: 29] ومن طاف
وهو كذلك فقد طاف به، ولأن الطواف فعل من أفعال الحج، فلم تكن الطهارة شرطا فيه، كالسعي، والوقوف.
وأجيب بأن هذين لا تجب لهما الطهارة، والطواف تجب له الطهارة، وعن الآية بأن الطواف والحالة هذه منهي عنه، فلا يدخل تحت الأمر.
(تنبيه) : نص أحمد الذي أخذ منه الرواية الثانية فيما إذا تركه ناسيا قال: يهريق دما [وقال: الناسي أهون] . فأخذ من ذلك القاضي ومن بعده رواية الوجوب، فيجبر [بالدم] مطلقا. وأجرى أبو حفص العكبري النص على ظاهره، فقال: لا يختلف قوله إذا تعمد أنه لا يجزئه، واختلف قوله في الناسي على قولين، والخرقي - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - ليس في كلامه تصريح بالاشتراط ولا عدمه، إنما يدل على الوجوب، والله أعلم.
قال: ولا يستلم ولا يقبل من الأركان إلا الأسود واليماني.
ش: أما كونه لا يستلم الركن العراقي ولا الشامي - وهما اللذان يليان الحجر -.
1633 -
«فلقول ابن عمر رضي الله عنهما: لم أر رسول الله صلى الله عليه وسلم يستلم من البيت إلا الركنين اليمانين» . متفق عليه.
1634 -
وعن أبي الطفيل قال: كنت مع ابن عباس، ومعاوية لا يمر بركن إلا استلمه، فقال له ابن عباس: إن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن يستلم إلا الحجر الأسود، والركن اليماني. فقال معاوية: ليس شيء من البيت مهجورا. رواه الترمذي وغيره.
1635 -
وأما كونه لا يقبلهما؛ فلعدم ورود ذلك.
وأما كونه يستلم الأسود واليماني؛ فلما تقدم من حديث ابن
عمر وابن عباس رضي الله عنهم.
1636 -
وعن عبيد بن عمير «أن ابن عمر رضي الله عنهما كان يزاحم على الركنين، فقلت: يا أبا عبد الرحمن إنك تزاحم على الركنين زحاما ما رأيت أحدا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يزاحمه. فقال: إن أفعل فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إن مسحهما كفارة للخطايا» وسمعته يقول: «من طاف بهذا البيت أسبوعا فأحصاه، كان كعتق رقبة» وسمعته يقول: «لا يرفع قدما، ولا يحط قدما إلا حط الله عنه بها خطيئة، وكتب له بها حسنة» رواه النسائي والترمذي.
وأما كونه يقبلهما، أما الأسود فلما تقدم، ولا نزاع فيه، وأما اليماني فظاهر كلام الخرقي أنه يقبله.
1637 -
لما روي عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: «كان النبي صلى الله عليه وسلم يقبل الركن اليماني، ويضع خده عليه» . رواه الدارقطني.
1638 -
وعنه أيضا قال: «كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا استلم الركن اليماني قبله» رواه البخاري في تاريخه.
وقال أحمد في رواية الأثرم: يضع يده. فقيل له: ويقبل؟ فقال: يقبل الحجر الأسود. وعلى هذا الأصحاب، القاضي، والشيخان، وجماعة، لأن المعروف المشهور في الصحاح والمسانيد إنما هو تقبيل الأسود. وحديث ابن عباس رضي الله عنهما قال ابن المنذر: لا يصح.
(وفي المذهب) قول ثالث أنه يقبل يده إذا مسه تنزيلا له منزلة بين منزلتين، والله أعلم.
قال: ويكون الحجر داخلا في الطواف، لأن الحجر من البيت.
ش: أي يكون طوافه خارجا عن الحجر، فلو طاف في الحجر، أو على جداره لم يجزئه، لما علل به الخرقي من أن الحجر من البيت، والله سبحانه قد أمر بالطواف بالبيت [جميعه بقوله:{وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ} [الحج: 29] ومن ترك بعضه لم يطوف به، إنما طاف ببعضه.
1639 -
والدليل على أن الحجر من البيت ما «روت عائشة رضي الله عنها قالت: كنت أحب أن أدخل البيت فأصلي فيه، فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بيدي، فأدخلني في الحجر فقال لي: «صلي فيه إن أردت دخول البيت، فإنما هو قطعة منه، وإن قومك اقتصروا حين بنوا الكعبة، فأخرجوه من البيت» رواه الخمسة إلا ابن ماجه، وصححه الترمذي.
1640 -
وعنها أيضا «قالت: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الحجر، أمن البيت هو؟ قال: «نعم» قلت: فما لهم لم يدخلوه في البيت؟ فقال: «إن قومك قصرت بهم النفقة» قالت: فما شأن بابه مرتفعا؟ قال: «فعل ذلك قومك ليدخلوا من شاءوا، ويمنعوا من شاءوا، ولولا أن قومك حديث عهد بالجاهلية، فأخاف أن تنكر قلوبهم أن أدخل الحجر في البيت، وأن ألصق بابه بالأرض» متفق عليه.
(تنبيه) : المشي على شاذروان البيت كالمشي على الجدار، لأنه من البيت، نعم لو مس الجدار بيده في موازاة الشاذروان صح، لأن معظمه خارج من البيت، وقدر الشاذروان ستة أذرع، قاله في التلخيص، وقال ابن أبي الفتح نحو سبعة أذرع، والله أعلم.
قال: ويصلي ركعتين خلف المقام.
ش: أي إذا فرغ من الطواف صلى ركعتين خلف مقام إبراهيم، لما تقدم من حديث جابر، وقد بين النبي صلى الله عليه وسلم مستنده في ذلك، وهو قوله سبحانه:{وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى} [البقرة: 125] والمستحب أن يقرأ فيهما بـ: {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ} [الكافرون: 1] و: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} [الإخلاص: 1] لما تقدم من حديث جابر، ولو قرأ فيهما بغير ذلك، أو لم يصلهما خلف المقام فلا بأس.
1641 -
وقد روي عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه ركعهما بذي طوى، وهما أيضا سنة.
1642 -
لقول النبي صلى الله عليه وسلم «خمس صلوات كتبهن الله على العبد في اليوم والليلة» الحديث.