الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لا يغتر بمثل ذلك، وإن اغتر فذلك لعجلته، وعدم تأمله، وأصل النجش قيل: الاستثارة والاستخراج، ومنه سمي الصائد ناجشا، لاستخراجه الصيد من مكانه، فالزائد في السلعة كأنه استخرج من المستام في ثمن السلعة ما لا يريد أن يخرجه، وقيل: أصل النجش مدح الشيء وإطراؤه، والناجش يغر المشتري بمدحه، ليزيد في الثمن، انتهى. وحكم زيادة المالك في الثمن - كأن يقول: أعطيت في هذه السلعة كذا. وهو كاذب - حكم نجشه، والله أعلم.
[بيع الحاضر للبادي]
قال: فإن باع حاضر لباد فالبيع باطل.
ش: الحاضر المقيم في المدن والقرى، والبادي المقيم بالبادية، والمراد هنا بالبادي - على ما قال أبو محمد - من يدخل البلدة من غير أهلها، وإن كان من قرية أو من بلدة أخرى، والحاضر المقيم في البلد، ولا ريب «أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الحاضر للبادي» .
1971 -
فعن جابر رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «لا بيع حاضر لباد، دعوا الناس يرزق الله بعضهم من بعض» رواه مسلم، والترمذي، وأبو داود، والنسائي.
1972 -
وعن أنس رضي الله عنه، قال:«نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يبيع حاضر لباد، وإن كان أخاه لأبيه وأمه» .
1973 -
وعن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «لا تلقوا الركبان، ولا يبع حاضر لباد» متفق عليهما.
1974 -
وروي أيضا ذلك من حديث ابن عمر، وأبي هريرة، وطلحة بن عبيد الله، وإنما نهى عن ذلك - والله أعلم - لأنه متى ترك القادم يبيع سلعته اشتراها الناس منه برخص، وتوسع عليهم السعر، بخلاف ما إذا تولى الحاضر بيعها، فإنه لا يبيعها غالبا إلا بغلاء، وإذا يحصل الضرر لأهل البلد،
وقد أشار النبي صلى الله عليه وسلم في تعليله إلى ذلك.
ولما كان هذا المعنى وجوده في أول الإسلام أكثر، لما كان عليهم من الضيق، اختلف العلماء في بقاء النهي، وعن إمامنا رحمه الله في ذلك روايتان (إحداهما) زواله، وقال: كان ذلك مرة.
(والثانية) - وهي المشهورة عنه، وعليها الأصحاب - بقاؤه، لعمومات النهي، ووجود المعنى إذا، فعلى الأولى لا تفريع، أما على المذهب فإذا باع الحاضر لهم، فهل يبطل البيع بشرطه، وبه قطع الخرقي، اعتمادا على النهي لاقتضائه فساد المنهي عنه، ولأن الضرر لا يمكن تداركه لأنه لآدمي غير معين، بخلاف تلقي الجلب، أولا يبطل، لأن النهي لمعنى يتعلق بعين المعقود عليه، وهو النظر لأهل البلد، لمقصود التوسعة، فهو كتلقي الركبان، نظرا لحق الجالبين، لكن ثبت الخيار ثم، لاختصاص الضرر بالعاقد، وهنا غلاء السعر عام؟ على روايتين، وجعل ابن المنجا الصحة على القول بزوال النهي، والبطلان على القول ببقائه ليس بشيء، إنما الروايتان على القول بالبقاء.
ومقتضى كلام الخرقي صحة الشراء للبادي، وهو كذلك، لأن النهي إنما ورد عن البيع، لمعنى يختص به، وهو الرفق بأهل الحضر، وهذا غير موجود في الشراء للبادي، إذ لا يتضرر الحاضر إذا لم يغبن البادي، والخلق في نظر الشارع على السواء.
(تنبيه) : هل للحاضر أن يشير على البادي، من غير أن يباشر العقد؟ مال أبو محمد إلى جواز ذلك.
1975 -
اقتداء بطلحة بن عبيد الله، فإنه قال لباد سأله أن يبيع له:«إن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى أن يبيع حاضر لباد» ، ولكن اذهب إلى السوق، فإن جاءك من يبايعك فشاورني، حتى آمرك وأنهاك.
1976 -
(قلت) : وقد روى البيهقي في سننه عن جابر رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ادعوا الناس يرزق الله بعضهم من بعض، فإذا استنصح أحدكم أخاه فلينصحه» وهذا نص إن صح، والله أعلم.
قال: وهو أن يخرج الحضري إلى البادي، وقد جلب السلع، فيعرفه السعر، ويقول: أنا أبيع لك بكذا، فنهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك، وقال:«دعوا الناس يرزق الله بعضهم من بعض» .
ش: أي بيع الحاضر للبادي - الذي قد نهى عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم، والذي هو باطل - هو هذا، وهو (أن يخرج الحضري إلى البادي) أي ليبيع له، فإن كان القاصد هو البادي لم يكن للحاضر أثر في الفعل، وإذا يصح البيع، ويزول النهي، وعموم الأحاديث - وهو الذي فهمه طلحة ابن عبيد الله - يقتضي عدم اشتراط ذلك، انتهى. (وأن يكون) البادي جلب السلع، أي للبيع لا للخزن ونحو ذلك، [لأن المنع كان لأجل التوسعة، ومع قصد الخزن ونحو ذلك التوسعة في ترغيبه في البيع] . (وأن يكون) البادي جاهلا بالسعر، والحاضر عارفا به، ليعرفه إياه، لأنه