الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بابُ حقِّ الضّيْفِ
قَالَ الله سبحانه وتعالى: {لَا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلا مَنْ ظُلِمَ} [النِّسَاء: 148]، قَالَ مُجاهِدٌ: هُو الرّجُلُ ينْزِلُ بالرّجُلِ، فَلَا يُضيِّفُهُ، وَلَا يقْرِيهِ، فَلَا بَأْس أنْ يقُول: لمْ تُضِفْني ولمْ تقْرِني.
3003 -
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ أَحْمَدَ الْمَلِيحِيُّ، أَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ النُّعَيْمِيُّ، أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، نَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، نَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، نَا اللَّيْثُ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ أَبِي الْخَيْرِ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ، أَنَّهُ قَالَ: قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّكَ تَبْعَثُنَا، فَنَنْزِلُ بِالْقَوْمِ، فَلا يَقْرُونَنَا، فَمَا تَرَى؟ فَقَالَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«إِنْ نَزَلْتُمْ بِقَوْمٍ، فَأَمَرُوا لَكُمْ بِمَا يَنْبَغِي لِلضَّيْفِ، فَاقْبَلُوا، فَإِنْ لَمْ يَفْعَلُوا، فَخُذُوا مِنْهُمْ حَقَّ الضَّيْفِ الَّذِي يَنْبَغِي لَهُمْ» .
هَذَا حَدِيثٌ مُتّفقٌ عَلَى صِحَّتِهِ، أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، عَنْ قُتَيْبَةَ أَيْضًا، وَمُحَمَّدِ بْنِ رُمْحٍ، عَنِ اللَّيْثِ
قَالَ أبُو عِيسى: معنى هَذَا الْحدِيث: أَنهم كانُوا يخرجُون فِي الْغَزْو، ويمرُّون بِقوم، وَلَا يَجدونَ من الطَّعَام مَا يشْتَرونَ بثمنٍ، فَقَالَ النّبي صلى الله عليه وسلم:«إِنْ أَبَوا أنْ يبيعُوا إِلّا أنْ تأْخُذُوا كرْهًا فخُذُوا» .
هَكَذَا رُوِي فِي بعْض الْحدِيث مُفسرًا، وقدْ رُوِي عنْ عُمر بْن الخطّاب أنّهُ كَانَ يأمرُ نَحْو هَذَا.
قَالَ الإِمامُ: وقدْ يكُون مُرروهم على جمَاعَة من أهل الذِّمَّة، وقدْ شَرط الإِمام عَلَيْهِم ضِيَافَة من يمرّ بِهِمْ، فإِن لمْ يَفْعَلُوا، أخذُوا مِنْهُم حقّهم كرها، فَأَما إِذا لمْ يكن شَرط عَلَيْهِم، والنازل غيرُ مُضْطَر، فَلَا يجوز أَخذ مَال الْغَيْر بِغَيْر طيبَة نفس مِنْهُ.
3004 -
أَخْبَرَنَا الإِمَامُ أَبُو عَلِيٍّ الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْقَاضِي، أَنَا أَبُو طَاهِرٍ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مَحْمِشٍ الزِّيَادِيُّ، أَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْقَطَّانُ، نَا عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ الدَّارَابَجَرْدِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو جَابِرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ، نَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي الْجُودِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ أَبِي الْمُهَاجِرِ، أَنَّهُ
سَمِعَ الْمِقْدَامَ، أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:«أَيُّمَا مُسْلِمٍ ضَافَ قَوْمًا، فَأَصْبَحَ الضَّيْفُ مَحْرُومًا، كَانَ حَقًّا عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ نَصْرُهُ حَتَّى يَأْخُذَ لَهُ بِقِرَاهُ مِنْ مَالِهِ وَزَرْعِهِ» .
وَفِي رِوَايَةٍ: «أَيُّمَا رَجُلٍ ضَافَ قَوْمًا، فَلَمْ يُقْرُوهُ، فَإِنَّ لَهُ أَنْ يُعْقِبَهُمْ بِمِثْلِ قِرَاهُ» ، وَهَذَا فِي الْمُضْطَرِ الَّذِي يَخَافُ عَلَى نَفْسِهِ، وَلا يَجِدُ طَعَامًا، فَلَهُ أَنْ يَتَنَاوَلَ مَالَ الْغَيْرِ
واخْتلف أهْلُ الْعِلْمِ فِي أنّهُ هَل يجب ضمانُ قِيمَته أم لَا؟ فَذهب قوم إِلى وجوب الْقيمَة وهُو قِيَاس الشّافِعِي، وَذهب جمَاعَة من أهل الْحدِيث إِلى أنّهُ لَا ضَمَان عليْهِ، فَأَما من لَا ضَرُورَة بِهِ، فَلَا يجوز لهُ أَن يَأْخُذ مَال الْغَيْر إِلَّا بطيبِ نفس مِنْهُ.
وَاخْتلفُوا فِي الْمُضْطَر إِذا وجد ميتَة وَمَال الْغَيْر، فَقَالَ قوم: يَأْكُل مَال الْغَيْر، وَيضمن قِيمَته، وبِهِ قَالَ عبْد الله بْن دِينار، وَقَالَ قوم: يأكلُ الْميتَة، وهُو قوْل سعِيد بْن الْمُسيِّبِ، وَزيد بْن أسلم.