الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بابُ إِخْراجِ الخُمسِ مِن الغنِيمةِ وبيانِ سهْمِ ذوِي القُرْبى
قَالَ الله سبحانه وتعالى: {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ} [الْأَنْفَال: 41]، الْآيَة.
وَقَالَ النّبيُّ صلى الله عليه وسلم لِوفْدِ عبْدِ القيْسِ: «وأنْ تُؤدُّوا خُمُس مَا غنِمْتُم» .
2735 -
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الوهَّابِ بْنُ مُحَمَّدٍ الكِسَائِيُّ، أَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَحْمَدَ الْخَلالُ، نَا أَبُو الْعَبَّاسِ الأَصَمُّ.
ح وَأَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الصَّالِحِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ الْعَارِفُ، قَالا: أَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ الْحِيرِيُّ، نَا أَبُو الْعَبَّاسِ الأَصَمُّ، أَنَا الرَّبِيعُ، أَنَا الشَّافِعِيُّ، أَنَا مُطَرِّفُ بْنُ مَازِنٍ، عَنْ مَعْمَرِ بْنِ رَاشِدٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، لَمَّا قَسَمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم سَهْمَ ذِي الْقُرْبَى بَيْنَ بَنِي هَاشِمٍ، وَبَنِي الْمُطَّلِبِ، أَتَيْتُهُ، وَعُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ، فَقُلْنَا، يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَؤُلاءِ إِخْوَانُنَا مِنْ بَنِي هَاشِمٍ لَا نُنْكِرُ فَضْلَهُمْ لِمَكَانِكَ الَّذِي وَضَعَكَ اللَّهُ مِنْهُمْ، أَرَأَيْتَ إِخْوَانَنَا مِنْ بَنِي الْمُطَّلِبِ أَعْطَيْتَهُمُ، وَتَرَكْتَنَا، أَوْ مَنَعْتَنَا،
وَإِنَّمَا قَرَابَتُنَا، وَقَرَابَتُهُمْ وَاحِدَةٌ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«أَمَّا بَنُو هَاشِمٍ، وَبَنُو الْمُطَّلِبِ شَيْءٌ وَاحِدٌ» ، هَكَذَا وَشَبَّكَ بَيْنَ أَصَابِعِهِ.
قَالَ الشَّافِعِيُّ: فَذَكَرْتُ لِمُطَرِّفِ بْنِ مَازِنٍ، أَنَّ يُونُسَ، وَابْنَ إِسْحَاقَ، رَوِيَا حَدِيثَ ابْنِ شِهَابٍ، عَنِ ابْنِ الْمُسيِّبِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ كَمَا وَصَفْتُ، فَلَعَلَّ ابْنَ شِهَابٍ رَوَاهُ عَنْهُمَا جَمِيعًا
2736 -
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْكِسَائِيُّ، أَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَحْمَدَ الْخَلالُ، نَا أَبُو الْعَبَّاسِ الأَصَمُّ.
ح وَأَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الصَّالِحِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ الْعَارِفُ، قَالا: أَنَا أَبُو بَكْرٍ الْحِيرِيُّ، نَا الأَصَمُّ، أَنَا الرَّبِيعُ، أَنَا الشَّافِعِيُّ، أَنَا الثِّقَةُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنِ ابْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ، قَالَ:«قَسَمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم سَهْمَ ذِي الْقُرْبَى بَيْنَ بَنِي هَاشِمٍ وَبَنِي الْمُطَّلِبِ، وَلَمْ يُعْطِ مِنْهُ أَحَدًا مِنْ بَنِي عَبْدِ شَمْسٍ، وَلا بَنِي نَوْفَلٍ شَيْئًا» .
هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ أَخْرَجَهُ مُحَمَّدٌ، عَنْ يَحْيَى بْنِ بُكَيْرٍ، عَنِ اللَّيْثِ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسيِّبِ، أَنَّ جُبَيْرَ بْنَ مُطْعَمٍ أَخْبَرَهُ
قوْله: «أمّا بنُّو هاشِمٍ وبنُّو المُطّلِبِ شيْءٌ واحِدٌ» ، أَرَادَ الْحلف الّذِي كَانَ بيْن بني هَاشم، وَبني الْمطلب فِي الْجاهِلِيّة، وذلِك أَن قُريْشًا، وَبني كِنانة حالفت على بني هَاشم، وَبني الْمطلب، أَن لَا يُناكحوهم، وَلَا يُبايعوهم حتّى يُسلموا إِلَيْهِم النّبي صلى الله عليه وسلم.
وفِي غيْر هَذِه الرِّوَايَة: «إِنّا لمْ نفْترِق فِي جاهِليّة، وَلَا فِي إِسْلامٍ» ، وَكَانَ يحْيى بْن معِين يرويهِ: إِنّما بنُو هاشِمٍ، وبنُو المُطّلِبِ سِيٌّ واحِدٌ "، بِالسِّين غيْر الْمُعْجَمَة.
أيْ: مثل سواءٌ، يُقال: هَذَا سِيءُّ هَذَا، أيْ: مثله وَنَظِيره.
قَالَ الإِمامُ: اتّفق أهْل الْعِلْمِ على أَن الْغَنِيمَة تُخمّس، فالخُمسُ لأَهْلهَا، كَمَا نطق بِهِ الْقُرْآن وأربعةُ أخماسها للغانمين، وقوْله سبحانه وتعالى {فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ} [الْأَنْفَال: 41]، ذهب عَامَّة أهْل الْعِلْمِ إِلى أَن ذكر الله فِيهِ للتبرك بِهِ، وَإِضَافَة هَذَا المَال إِليْهِ لشرفه، ثُمّ بعد مَا أضَاف جمِيع الْخمس إِلى نَفسه، بيّن مصارفها، وهِي الْأَصْنَاف الْخَمْسَة الّتِي ذكر الله عز وجل، حُكي عنْ أبِي الْعَالِيَة الريَاحي، أنّهُ قَالَ: السهْم الْمُضَاف إِلى اللهِ تَعَالَى إِنّما هُو للكعبة، والعامة على أَن سهم الله وَسَهْم رَسُوله وَاحِد.
وفِي الْحدِيثِ دلِيلٌ على ثُبُوت سهم ذِي الْقُرْبَى من خُمس الْغَنِيمَة، كَمَا قَالَ الله عز وجل:{فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى} [الْأَنْفَال: 41]، واخْتلف أهْلُ الْعِلْمِ فِيهِ، فقدْ رُوِي فِي حَدِيث الزُّهْرِي، عنْ سعِيد بْن الْمُسيِّبِ، عنْ جُبيْر بْن مطعم، أنّ أَبَا بكْر لمْ يكن يُعطي، وَكَانَ عُمر وَعُثْمَان يعطيانِهم.
وقدْ رُوِي عنْ علِي أَن أَبَا بكْر قسم لهُمْ.
فَذهب
جمَاعَة إِلى أنّهُ ثابتٌ، وإِليْهِ ذهب مالِك، والشّافِعِي، وَذهب أصْحابُ الرّأْيِ إِلى أنّهُ غيْر ثَابت، وقسموا الخُمس على ثَلَاثَة أصنافٍ: على الْيَتَامَى وَالْمَسَاكِين، وَابْن السَّبِيل، وَقَالَ بعْضهم: يُعطى الْفُقَرَاء مِنْهُم دُون من لَا حاجه لهُ.
2737 -
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الصَّالِحِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ الْعَارِفُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ الْحِيرِيُّ، نَا أَبُو الْعَبَّاسِ الأَصَمُّ.
ح وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ الوهَّابِ بْنُ مُحَمَّدٍ الكِسَائِيُّ، أَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَحْمَدَ الْخَلالُ، نَا أَبُو الْعَبَّاسِ الأَصَمُّ، أَنَا الرَّبِيعُ، أَنَا الشَّافِعِيُّ، أَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ مَطَرٍ الْوَرَّاقِ، وَرَجُلٍ لَمْ يُسَمِّهِ، كِلاهُمَا عَنِ الْحَكَمِ بْنِ عُتَيْبَةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، قَالَ: لَقِيتُ عَلِيًّا عِنْدَ أَحْجَارِ الزَّيْتِ، فَقُلْتُ لَهُ: بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي، مَا فَعَلَ أَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ فِي حَقِّكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ مِنَ الْخُمْسِ؟ فَقَالَ عَلِيٌّ: " أَمَّا أَبُو بَكْرٍ: فَلَمْ يَكُنْ فِي زَمَانِهِ أَخْمَاسٌ، وَمَا كَانَ، فَقَدْ أَوْفَانَاهُ؛ وَأَمَّا عُمَرُ، فَلَمْ يَزَلْ يُعْطِينَا حَتَّى جَاءَهُ مَالُ السُّوسِ، وَالأَهْوَازِ، أَوْ قَالَ: الأَهْوَازِ، أَوْ قَالَ: فَارِسَ، شَكَّ الشَّافِعِيُّ، فَقَالَ فِي حَدِيثِ مَطَرٍ، أَوْ فِي حَدِيثِ الآخَرِ، فَقَالَ: فِي الْمُسْلِمِينَ خَلَّةٌ، فَإِنْ أَحْبَبْتُمْ تَرَكْتُمْ حَقَّكُمْ، فَجَعَلْنَاهُ فِي خَلَّةِ الْمُسْلِمِينَ حَتَّى يَأْتِيَنَا مَالٌ، فَأُوَفِّيكُمْ حَقَّكُمْ مِنْهُ،
فَقَالَ الْعَبَّاسُ لِعَلِيٍّ: لَا تُطْمِعْهُ فِي حَقِّنَا، فَقُلْتُ لَهُ: يَا أَبَا الْفَضْلِ، أَلَسْنَا أَحَقَّ مَنْ أَجَابَ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ؟ وَرَفَعَ خَلَّةَ الْمُسْلِمِينَ، فَتُوُفِّيَ عُمَرُ قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَهُ مَالٌ، فَيَقْضِينَاهُ.
وَقَالَ الْحَكَمُ فِي حَدِيثِ مَطَرٍ، وَالآخَرِ.
إِنَّ عُمَرَ قَالَ: لَكُمْ حَقُّ، وَلا يَبْلُغُ عِلْمِي إِذَا كَثُرَ أَنْ يَكُونَ لَكُمْ كُلُّهُ، فَإِنْ شِئْتُمْ أَعْطَيْتُكُمْ بِقَدْرِ مَا أَرَى لَكُمْ، فَأَبَيْنَا عَلَيْهِ إِلَّا كُلَّهُ، فَأَبَى أَنْ يُعْطِيَنَا كُلَّهُ "
قَالَ الإِمامُ: فِيهِ دلِيلٌ على أَن سهم ذَوي الْقُرْبَى ثَابت بعد رسُول اللهِ صلى الله عليه وسلم خلافًا لما ذهب إليْهِ قومٌ أَن النّبي صلى الله عليه وسلم كَانَ يُعطيهم لنصرته، وَقد انْقَطَعت تِلْك النُّصْرَة، فَانْقَطَعت الْعَطِيَّة، لِأَن الْخُلَفَاء أَعْطوهُ بعد النّبي صلى الله عليه وسلم، وَلِأَنَّهُم أَعْطوهُ عوضا عنِ الصَّدَقَة عَلَيْهِم باقٍ، فَلْيَكُن سهمهم بَاقِيا، وَلِأَنَّهُ عَطاء باسم الْقَرَابَة، والقرابة بَاقِيَة كالميراث، وألحقه الشّافِعِي بِالْمِيرَاثِ، غيْر أنّهُ أعْطى والبعيد مَعًا، فَقَالَ: لَا يُفضّل فقيرٌ على غَنِي، ويُعطى الرجل سَهْمَيْنِ، وَالْمَرْأَة سَهْما، وَقَالَ: فِي إِعْطَائِهِ الْعبّاس بْن عبْد الْمطلب، وهُو فِي كَثْرَة مَاله يعولُ عَامَّة بني الْمطلب، دليلٌ على أَنهم استحقوا بِالْقَرَابَةِ لَا بِالْحَاجةِ، كَمَا أعْطى الْغَنِيمَة من حضرها لَا بِالْحَاجةِ، وكذلِك من اسْتحق الْمِيرَاث، اسْتَحَقَّه بِالْقَرَابَةِ لَا بِالْحَاجةِ.