الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
رُوِي عنِ ابْنِ عبّاسٍ أنّهُ قَالَ: «حم» اسْم من أَسمَاء الله سبحانه وتعالى، فَكَأَنَّهُ حلف بِاللهِ تَعَالَى: أَنهم لَا ينْصرُونَ، وقدْ قَالَ أهل التَّفْسِير مثله فِي حواميم الْقُرْآن.
قَالَ أبُو عُبيْد: كَأَن الْمَعْنى: اللهُمّ لَا يُنصرون، وَعَن أبِي الْعبّاس أحْمد بْن يحْيى أنّهُ قَالَ: هُو إِخْبَار مَعْنَاهُ، واللهُ أعْلمُ، لَا ينْصرُونَ، وَلَو كَانَ دُعَاء لَكَانَ مَجْزُومًا، وسمعتُ من يرْوِي «حُمّ» ، بِضَم الْحَاء وَتَشْديد الْمِيم، أَي: قُضِي وقُدِّر.
ورُوِي عنْ سمُرة بْن جُندب، قَالَ: كَانَ شعارُ الْمُهَاجِرين عبْد اللهِ، وشعارُ الْأَنْصَار عبْد الرّحْمنِ.
وَعَن إِيَاس بْن سَلمَة، عنْ أبِيهِ، قَالَ: غزونا مَعَ أبِي بكْر زمن رسُول اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَكَانَ شعارنا:«أمِتْ، أمِتْ» .
بابُ تحْرِيقِ أمْوالِ أهْلِ الشِّرْكِ
2700 -
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الصَّالِحِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ الْعَارِفُ، قَالا: أَنَا أَبُو بَكْرٍ الْحِيرِيُّ، نَا أَبُو الْعَبَّاسِ الأَصَمُّ.
ح وَأَخْبَرَنَا
عَبْدُ الوهَّابِ بْنُ مُحَمَّدٍ الكِسَائِيُّ، أَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَحْمَدَ الْخَلالُ، نَا أَبُو الْعَبَّاسِ الأَصَمُّ، أَنَا الرَّبِيعُ، أَنَا الشَّافِعِيُّ، أَنَا أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم «قَطَعَ نَخْلَ بَنِي النَّضِيرِ، وَحَرَّقَ، وَهِيَ الْبُوَيْرَةُ»
هَذَا حدِيثٌ مُتّفقٌ على صِحّتِهِ، أخْرجاهُ عنْ قُتيبة، عنْ لَيْث، عنْ نافِعٍ، عنِ ابْن عُمر، وَزَادا: فَأنْزل الله سبحانه وتعالى: {مَا قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوهَا قَائِمَةً عَلَى أُصُولِهَا} [الْحَشْر: 5]، الْآيَة.
اللينةُ من النخيل: مَا خلا البرني والعجوة، تَسْمِيَة أهل الْمدِينة الألوان قَالَ الإِمامُ: اخْتلف أهلُ الْعلم فِي قطع أَشجَار أهل الْحَرْب، وتحريقِ أَمْوَالهم، وتخريب دُورهمْ، وفِي تَأْوِيل مَا فعله رسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَذهب قوم إِلى جَوَازه نكايةً لهُمْ، وإِليْهِ ذهب مالِك، والشّافِعِيّ، وَإِسْحَاق، وأصْحاب الرّأْيِ، وكرِهَهُ أحْمد إِلَّا من حَاجَة.
وَذهب قوْمٌ إِلى أنّهُ لَا يجوز، وهُو قوْل الأوْزاعِي، وَاحْتج بِأَن أَبَا بكْر نهى عنْ قطع الْأَشْجَار، وتخريب العامر، وتأوّل من كرههُ الحَدِيث على أَن أَشجَار بني النَّضِير كَانَت فِي مقَاتل الْقَوْم، فَأمر بقطعها ليتسع مَكَان الْقِتَال، وتأوّل الشّافِعِي نهي أبِي بكْر عنْ قطع الْأَشْجَار
على أنّهُ كَانَ سمع من النّبِي صلى الله عليه وسلم أنّهُ وعد لهُمْ فتح الشَّام، فَأَرَادَ إبقاءها لأهل الإِسْلام، فَأَما تحريق الْكَافِر بَعْدَمَا وَقع فِي الْأسر، وتحريق الْمُرْتَد، فَذهب عامتهُم إِلى أنّهُ لَا يجوز، إِنّما يقْتله بجزِّ الرَّقَبَة، لما رُوِي عنْ حَمْزَة الْأَسْلَمِيّ أنّ رسُول اللهِ صلى الله عليه وسلم أمّره على سَرِيَّة، وَقَالَ:«إِن وجدْتُم فُلانًا فأحرِقوه بالنَّار» ، فولّيْتُ فناداني، فرجعتُ إِليْهِ، فَقَالَ:«إِنْ وجدْتُمْ فُلانًا، فاقْتُلُوه، وَلَا تُحرِّقُوهُ، فإِنّهُ لَا يُعذِبُ بالنّارِ إِلّا ربُّ النّارِ» .
وَلَو قاتلونا على خيلهم، فَوَجَدنَا السَّبِيل إِلى قَتلهمْ بعقرِ دوابِّهم، فعلنَا، قدْ عقر حنظلةُ بْن الراهب بِأبي سُفْيان بْن حَرْب يوْم أُحد، فاكتسعت بِهِ فرسُه، فَسقط عنْها، فَجَلَسَ على صَدره ليذبحه، فَرَآهُ ابْن شعوب، فَرجع إِليْهِ فَقتله، واستنقذ أَبَا سُفْيان من تَحْتَهُ.
قوْله: «عقر فرسهُ» ، أَي: عرْقبها.
وَلَو أدركونا وفِي أَيْدِينَا أمْوال لنا أوْ لهُم استولينا عليْها، جَازَ تحريقُها وإتلافها إِن لمْ يكن حَيَوَانا، وَإِن كَانَ حَيَوَانا لنا أوْ لهُمْ، أوْ وقف الْفرس على صَاحبه، فَاخْتَلَفُوا فِي عقرهَا، فَرخص فِيها قومٌ، لِئَلَّا يظفر بِهِ العدوُّ، ورُوِي أَن جعْفر بْن أبِي طالِب اقتحم عنْ فرس لهُ شقراء فِي غزَاة مُؤتة، فعقرها، ثُمّ قَاتل الْقَوْم حتّى قُتِل، وإِليْهِ ذهب مالِك، وأصْحاب الرّأْيِ، حتّى قَالَ أبُو حنِيفة: لَو ظفر الْمُسلمُونَ بدواب ومواشٍ، فعجزوا عنْ حملهَا، ذبحوها، وحرقوا لحومها.
وَذهب جمَاعَة إِلى أنّهُ لَا يحلُّ عقرُها «لنهي النّبِي صلى الله عليه وسلم عنْ قتل الْحَيَوَان إِلَّا لمأكلةٍ» ، وإِليْهِ ذهب الأوْزاعِي، والشّافِعِي، وأحْمد، قَالَ الشّافِعِيُّ: وَلَو جَازَ لنا ذلِك لغيظهم، طلبنا غيظهم بقتل أطفالهم.
2701 -
أَخْبَرَنَا أَبُو الْفَتْحِ نَصْرُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ أَحْمَدَ الْحَاكِمُ، أَنَا أَبُو سَعِيدٍ مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى بْنِ الْفَضْلِ بْنِ شَاذَانَ الصَّيْرَفِيُّ، نَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ الأَصَمُّ، نَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ، نَا أَسَدٌ هُوَ ابْنُ مُوسَى، نَا يَحْيَى بْنُ زَكَرِيَّا بْنِ أَبِي زَائِدَةَ، حَدَّثَنِي إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «أَلا تُرِيحُنِي مِنْ ذِي الْخَلَصَةِ» ، وَكَانَ بَيْتًا فِي الْيَمَنِ يُعْبَدُ يُقَالُ لَهُ: الْكَعْبَةُ الْيَمَانِيَّةُ، قَالَ: فَنَفَرْتُ فِي خَمْسِينَ وَمِائَةِ فَارِسٍ مِنْ أَحْمَسَ، وَكَانُوا أَصْحَابَ خَيْلٍ، فَكُنْتُ لَا أَثْبُتُ عَلَى الْخَيْلِ، فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَضَرَبَ فِي صَدْرِي حَتَّى رَأَيْتُ أَثَرَ أَصَابِعِهِ فِي صَدْرِي، ثُمَّ قَالَ: «اللَّهُمَّ ثَبِّتْهُ،
وَاجْعَلْهُ هَادِيًا مَهْدِيًّا»، قَالَ: فَأَتَاهَا، فَحَرَّقَهَا بِالنَّارِ، وَكَسَرَهَا، ثُمَّ بَعَثَ رَجُلا مِنْ أَحْمَسَ يُكَنَّى: أَبَا أَرْطَأَةَ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم يُبَشِّرُهُ بِذَلِكَ، فَلَمَّا أَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ مَا جِئْتُ حَتَّى تَرَكْتُهَا كَأَنَّهَا جَمَلٌ أَجْرَبُ، قَالَ:«فَبَرَّكَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَلَى أَحْمَسَ، وَرِجَالِهَا خَمْسَ مَرَّاتٍ» .
وَقَالَ جَرِيرٌ: «بَايَعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى إِقَامِ الصَّلاةِ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَالنُّصْحِ لِكُلِّ مُسْلِمٍ» .
قَالَ: وَقَالَ جَرِيرٌ: «مَا حَجَبَنِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَطُّ، وَلا رَآنِي إِلَّا تَبَسَّمَ» .
هَذَا حَدِيثٌ مُتَّفَقٌ عَلَى صِحَّتِهِ، أَخْرَجَاهُ مِنْ طُرُقٍ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ