الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الِاجْتِهَاد من الإِمام فِي أول الْمغنم، أوْ آخِره.
قَالَ عُمر رضي الله عنه: «لَا يُعطى من الْمَغَانِم شيْء حتّى تُقسم إِلَّا لراعٍ أوْ دلِيل» .
أَرَادَ بالراعي: عين الْقَوْم على الْعَدو.
وَاخْتلفُوا فِي قدر النَّفْل، فَقَالَ مَكْحُول، والأوْزاعِي: لَا يُجَاوز بِهِ الثُّلُث، وَقَالَ آخَرُونَ: ليْس لهُ حد لَا يُجَاوِزهُ، وَإِنَّمَا هُو إِلى اجْتِهَاد الإِمام، وهُو قوْل الشّافِعِي رضي الله عنه.
بابُ الغُلُولِ
قَالَ الله سبحانه وتعالى: {وَمَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ} [آل عمرَان: 161]، قوْله:{يَغُلَّ} [آل عمرَان: 161]، أيْ: يخُونُ، يُقالُ: غلّ فِي المغْنمِ، يغُلُّ غُلُولا، إِذا سرق مِن الغنِيمةِ ومنْ قَرَأَ:«يُغلُّ» بِضمِّ الْيَاء وفتْحِ الغيْنِ، أيْ: يُخان وَنهى أصْحابهُ أنْ يخُونُوهُ.
وَقيل: معْناهُ أنْ يخُوّن، أيْ: يُنْسب إِلى الخِيانةِ، وسُمِّيتِ الخِيانةُ غُلُولا، لأنّ الأيْدِي مغْلُولةٌ مِنْها، أيْ: ممْنُوعةٌ مِنْها.
2728 -
أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ الشِّيرَزِيُّ، أَنَا زَاهِرُ بْنُ أَحْمَدَ، أَنَا أَبُو إِسْحَاقَ الْهَاشِمِيُّ، أَنَا أَبُو مُصْعَبٍ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ ثَوْرِ بْنِ زَيْدٍ الدِّيلِيِّ، عَنْ أَبِي الْغَيْثِ مَوْلَى ابْنِ مُطِيعٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّهُ قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَامَ خَيْبَرَ، فَلَمْ نَغْنَمْ ذَهَبًا، وَلَا فِضَّةً إِلا الأَمْوَالَ، وَالثِّيَابَ، وَالْمَتَاعَ، قَالَ: فَوَجَّهَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَحْوَ وَادِي الْقُرَى، وَكَانَ رِفَاعَةُ بْنُ زَيْدٍ وَهَبَ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَبْدًا أَسْوَدَ يُقَالُ لَهُ: مِدْعَمٌ، فَخَرَجْنَا حَتَّى إِذَا كُنَّا بِوَادِي الْقُرَى، فَبَيْنَمَا مِدْعَمٌ يَحُطُّ رَحْلَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، إِذْ جَاءَهُ سَهْمٌ عَائِرٌ، فَأَصَابَهُ، فَقَتَلَهُ، فَقَالَ النَّاسُ: هَنِيئًا لَهُ الْجَنَّةُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«كَلَّا وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، إِنَّ الشَّمْلَةَ الَّتِي أَخَذَ يَوْمَ خَيْبَرَ مِنَ الْمَغَانِمِ لَمْ تُصِبْهَا الْمَقَاسِمُ لَتَشْتَعِلُ عَلَيْهِ نَارًا» .
فَلَمَّا سَمِعَ ذَلِكَ النَّاسُ، جَاءَ رَجُلٌ بِشِرَاكٍ، أَوْ بِشِرَاكَيْنِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«شِرَاكٌ مِنْ نَارٍ، أَوْ شِرَاكَانِ مِنْ نَارٍ» .
هَذَا حَدِيثٌ مُتَّفَقٌ عَلَى صِحَّتِهِ، أَخْرَجَهُ مُحَمَّدٌ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ، وَأَخْرَجَهُ
مُسْلِمٌ، عَنْ أَبِي الطَّاهِرِ، عَنِ ابْنِ وَهْبٍ، كِلاهُمَا عَنْ مَالِكٍ
قوْله: سهْمٌ عائِرٌ، يعْنِي: لَا يُدرى من رَمَاه، وهُو الجائر عنْ قَصده، وَمِنْه: عَار الْفرس: إِذا ذهب على وَجهه كأنّهُ منفلتٌ.
وفِي الْحدِيث عنِ ابْن عُمر، عنِ النّبي صلى الله عليه وسلم:«مثلُ المُنافِقُ كمثلِ الشّاةِ العائِرةِ بِين الغنميْنِ، تعِيرُ إِلى هذِهِ مرّةً وإِلى هذِهِ مرّة» ، يُريد بالعائرة: المترددة لَا تَدْرِي أَيهَا تتّبعُ.
والشملةُ: كِساءٌ يشتملُ بِهِ الرجل، ويُجمع على الشمَال.
2729 -
أَخْبَرَنا أَبُو الْحَسَنِ الشِّيرَزِيُّ، أَنَا زَاهِرُ بْنُ أَحْمَدَ، أَنَا أَبُو إِسْحَاقَ الْهَاشِمِيُّ، أَنَا أَبُو مُصْعَبٍ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حِبَّانَ، عَنْ أَبِي عَمْرَةَ الأَنْصَارِيِّ، عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ، أَنَّهُ قَالَ: تُوُفِّيَ رَجُلٌ يَوْمَ خَيْبَرَ، فَذَكَرُوهُ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَزَعَمَ زَيْدٌ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«صَلُّوا عَلَى صَاحِبِكُمْ» ، فَتَغَيَّرَتْ وُجُوهُ النَّاسِ لِذَلِكَ، فَزَعَمَ زَيْدٌ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«إِنَّ صَاحِبَكُمْ قَدْ غَلَّ فِي سَبِيلِ اللَّهِ» ، قَالَ: فَفَتَحْنَا مَتَاعَهُ، فَوَجَدْنَا خَرَزَاتٍ مِنْ خَرَزِ الْيَهُودِ مَا تُسَاوِي دِرْهَمَيْنِ.
وَرُوِيَ عَنْ ثَوْبَانَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ مَاتَ وَهُوَ بَرِيءٌ مِنَ الْكِبْرِ، وَالْغُلُولِ، وَالدَّيْنِ، دَخَلَ الْجَنَّةَ» ، وَيَرْوِي بَعْضُهُمْ:«مِنَ الْكَنْزِ» ، بِالزَّايِ الْمُعْجَمَةِ، وَالنُّونِ
وقدْ رُوِي فِي عُقُوبَة الغال، عنْ عُمر بْن الْخطّاب رضي الله عنه، عنِ النّبي صلى الله عليه وسلم، قَالَ:«إِذا وجدْتُمُ الرّجُل قدْ غلّ فأحْرِقُوا متاعهُ، واضْرِبُوهُ» ، وَهَذَا حدِيثٌ غرِيبٌ.
وَذهب بعْض أهْلِ الْعِلْمِ إِلى ظَاهر هَذَا الْحدِيث، مِنْهُم الْحسن الْبَصْرِيّ، قَالَ: يُحرق مَاله إِلَّا أَن يكُون حَيَوَانا، أوْ مُصحفا، وكذلِك قَالَ أحْمد، وَإِسْحَاق، قالُوا: وَلَا يُحرق مَا غلّ، لِأَنَّهُ حقُّ الْغَانِمين يُردُّ عَلَيْهِم، فإِن اسْتَهْلكهُ، غُرِم قِيمَته، وَقَالَ الأوْزاعِي: يحرق مَتَاعه الّذِي غزا بِهِ، وسرجه وإكافه، وَلَا تحرق دَابَّته، وَلَا نَفَقَته، وَلَا سلاحه، وَلَا ثِيَابه الّتِي عليْهِ.
وَذهب آخَرُونَ إِلى أنّهُ لَا يُحرق رحلُه، لكنه يُعزّرُ على سوء صَنِيعه، وإِليْهِ ذهب مالِك، والشّافِعِي، وأصْحاب الرّأي، وحملوا الْحدِيث على الزّجر، والوعيد دُون الْإِيجَاب، قَالَ مُحمّد بْن إِسْماعِيل: قدْ رُوِي فِي غيْر حَدِيث، عنِ النّبي صلى الله عليه وسلم فِي الغالِّ، و «لمْ يَأْمر بحرق مَتَاعه» .
2730 -
أَخْبَرَنَا الإِمَامُ أَبُو عَلِيٍّ الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْقَاضِي، نَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ بْنِ بَامَوَيْهِ، أَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ الْفَاكِهِيُّ، بِمَكَّةَ، نَا أَبُو يَحْيَى بْنُ أَبِي مَسَرَّةَ، أَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ الْمُقْرِئُ، نَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي أَيُّوبَ، حَدَّثَنِي أَبُو الأَسْوَدِ، عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ أَبِي عَيَّاشٍ الزُّرَقِيِّ، عَنْ خَوْلَةَ بِنْتِ ثَامِرٍ، أَنَّهَا سَمِعَتِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:«إِنَّ الدُّنْيَا خَضِرةٌ، وَإِنَّ رِجَالا يَخُوضُونَ فِي مَالِ اللَّهِ بِغَيْرِ حَقٍّ لَهُمُ النَّارُ» .
هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ أَخْرَجَهُ مُحَمَّدٌ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ