الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إِذا قَاتَلت الْمَرْأَة أوِ المراهِق، إِذا قوي على الْقِتَال، يُسهم لَهما، وَقَالَ مالِك: لَا يُسهم للنِّسَاء وَلَا يُرضخ.
وإِذا حضر الذميُّ الْوَقْعَة، فإِن كَانَ اسْتَأْجرهُ الإِمام على الْجِهَاد، فَلهُ الْأُجْرَة، وَلَا سهم لهُ، وأجرته من خُمسِ الْغَنِيمَة، سهمِ النّبِي صلى الله عليه وسلم، وَإِن لمْ يستأجره فَلهُ الرضخ من الْغَنِيمَة إِلَّا أَن يكُون نَهَاهُ الإِمام عنِ الْحُضُور، فإِذا حضر لَا يسْتَحق شيْئًا، وَأكْثر أهْل الْعِلْمِ على أنّهُ لَا يسْتَحق السهْم وَإِن قَاتل، وَقَالَ بعْضهم: يُسهم لهُ.
والرضخ يكُون من أَرْبَعَة أَخْمَاس الْغَنِيمَة كالسهم، وقِيل من رَأس الْغَنِيمَة، وقِيل: من خُمس الخُمس سهم النّبي صلى الله عليه وسلم، وقِيل: رضْخُ أهل الذِّمَّة من خُمس الخُمس، ورضْخُ العبيد، والنسوان، وَالصبيان من الْأَرْبَعَة الْأَخْمَاس.
بابُ السّلبِ لِلْقاتِلِ
2724 -
أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ الشِّيرَزِيُّ، أَنَا زَاهِرُ بْنُ أَحْمَدَ، أَنَا أَبُو إِسْحَاقَ الْهَاشِمِيُّ، أَنَا أَبُو مُصْعَبٍ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ عُمَرَ بْنِ كَثِيرِ بْنِ أَفْلَحَ، عَنْ أَبِي مُحَمَّدٍ مَوْلَى أَبِي قَتَادَةَ الأَنْصَارِيِّ، عَنْ أَبِي قَتَادَةَ الأَنْصَارِيِّ، ثُمَّ السُّلَمِيّ، أَنَّهُ قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَامَ حُنَيْنٍ، فَلَمَّا الْتَقَيْنَا، كَانَتْ لِلْمُسْلِمِينَ جَوْلَةٌ، قَالَ: فَرَأَيْتُ رَجُلا مِنَ الْمُشْرِكِينَ قَدْ عَلا رَجُلا مِنَ الْمُسْلِمِينَ، فَاسْتَدَرْتُ لَهُ حَتَّى أَتَيْتُهُ مِنْ وَرَائِهِ، فَضَرَبْتُهُ عَلَى حَبْلِ عَاتِقِهِ ضَرْبَةً، فَقَطَعْتُ الدِّرْعَ، قَالَ: وَأَقْبَلَ
عَلَيَّ، فَضَمَّنِي ضَمَّةً وَجَدْتُ مِنْهَا رِيحَ الْمَوْتِ، ثُمَّ أَدْرَكَهُ الْمَوْتُ، فَأَرْسَلَنِي، فَلَحِقْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رضي الله عنه، فَقُلْتُ لَهُ: مَا بَالُ النَّاسِ؟ قَالَ: أَمْرُ اللَّهِ، قَالَ: ثُمَّ إِنَّ النَّاسَ رَجَعُوا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«مَنْ قَتَل قَتِيلا لَهُ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ، فَلَهُ سَلَبُهُ» ، قَالَ أَبُو قَتَادَةَ: فَقُمْتُ، ثُمَّ قُلْتُ: مَنْ يَشْهَدُ لِي؟ ثُمَّ جَلَسْتُ، ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«مَنْ قَتَل قَتِيلا لَهُ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ، فَلَهْ سَلَبُهُ» ، قَالَ أَبْو قَتَادَةَ: فَقُمْتُ، ثُمَّ قُلْتُ: مَنْ يَشْهَدُ لِي؟ ثُمَّ جَلَسْتُ، ثُمَّ قَالَ ذَلِكَ الثَّالِثَةَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«مَا لَكَ يَا أَبَا قَتَادَةَ؟» ، فَاقْتَصَصْتُ عَلَيْهِ الْقِصَّةَ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ: صَدَقَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَسَلَبُ ذَلِكَ الْقَتِيلِ عِنْدِي، فَأَرْضِهِ عَنْهُ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه: لَا هَا اللَّهِ إِذًا لَا يَعْمَدُ إِلَى أَسَدٍ مِنْ أُسُودِ اللَّهِ يُقَاتِلُ عَنِ اللَّهِ، وَعَنْ رَسُولِهِ، فَيُعْطِيكَ سَلَبَهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«صَدَقَ، فَأَعْطِهِ إِيَّاهُ» ، قَالَ أَبُو قَتَادَةَ: فَأَعْطَانِيهِ، فَبِعْتُ الدِّرْعَ، فَابْتَعْتُ بِهِ مَخْرَفًا فِي بَنِي سَلَمَةَ، فَإِنَّهُ لأَوَّلُ مَالٍ تَأَثَّلْتُهُ فِي الإِسْلامِ.
هَذَا حَدِيثٌ مُتَّفَقٌ عَلَى صِحَّتِهِ، أَخْرَجَهُ مُحَمَّدٌ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُوسُفَ،
وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، عَنْ أَبِي الطَّاهِرِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ وَهْبٍ، كِلاهُمَا عَنْ مَالِكٍ
وَأَبُو مُحمّد مولى أبِي قَتَادَة: اسْمه نَافِع.
قوْله: فضربْتُهُ على حبْلِ عاتِقِهِ "، حَبل العاتق: عرق يظْهر على عاتق الرجل، ويتصل بِحَبل الوريد، فِي بَاطِن الْعُنُق.
وقوْله: لَاها اللهِ إِذًا، قَالَ الْخطّابِيُّ: وَالصَّوَاب: لَاها الله ذَا بِغَيْر ألف قبل الذَّال، وَمَعْنَاهُ فِي كَلَامهم، لَا وَالله، يجْعَلُونَ الْهَاء مَكَان الْوَاو، وَمَعْنَاهُ: لَا وَالله يكُون ذَا.
والمخْرفُ بِفَتْح الْمِيم: يُرِيد حَائِط نخل يُخترفُ مِنْهُ الثَّمر، أَي: يجتني، والمِخرف بِكَسْر الْمِيم: الْوِعَاء الّذِي يُخترف فِيهِ الثَّمر.
وقوْله: تأثّلتُهُ، أَي: جعلته أصل مَال، يُقَال: تأثل مِلكُ فُلان: إِذا كثُر مَاله، وأثلةُ كُل شيْء: أَصله.
وفِي الْحدِيثِ دلِيلٌ على أَن كلّ مُسْلِم قتل مُشْركًا فِي الْقِتَال يسْتَحق سلبه من بيْن سَائِر الْغَانِمين، وَأَن السّلب لَا يُخمس قلّ ذلِك أم كثر، ورُوِي أَن سَلمَة بْن الْأَكْوَع قتل مُشْركًا، فجَاء بجمله يَقُودهُ عليْهِ رحلُه وسلاحه، فَقَالَ النّبيُّ صلى الله عليه وسلم:«منْ قتل الرّجُل؟» ، قالُوا: ابْن الْأَكْوَع، قَالَ:«لهُ سلبُهُ أجْمع» ، وَسَوَاء نَادَى الإِمام بِذلِك أوْ لمْ ينادِ، وَسَوَاء كَانَ الْقَاتِل بارز الْمَقْتُول، أوْ لمْ يُبارزه، لِأَن أَبَا قَتَادَة قتل الْقَتِيل قبل
قوْل النّبي صلى الله عليه وسلم: «منْ قتل قتِيلا فلهُ سلبُهُ» ، ولمْ يكن بيْنهُما مبارزة، ثُمّ جعل النّبي صلى الله عليه وسلم جمِيع سلبِه لهُ، فَكَانَ ذلِك القَوْل من الرّسُول صلى الله عليه وسلم شرع حُكمٍ، وَهَذَا قولُ جمَاعَة من أهْل الْعِلْمِ من أصْحاب النّبي صلى الله عليه وسلم وَمن بعدهمْ أَن جمِيع سلب الْمَقْتُول لقاتله، وَإِن لمْ يكن الإِمام نَادَى بِهِ، وَلَا يُخمّس عِنْد كثير مِنْهُم، وإِليْهِ ذهب الأوْزاعِي، والشّافِعِيُّ، وَأَبُو ثَوْر، غيْر أَن الشّافِعِي يشرطُ أَن يكُون الْكَافِر الْمَقْتُول مُقبلا على الْقِتَال، فَأَما بعد مَا ولّى ظَهره مُنْهَزِمًا إِذا قَتله، أوْ أجهز على جريح عجز عنِ الْقِتَال، فَلَا يسْتَحق سلبه إِلَّا أَن يكُون الْقَاتِل هُو الّذِي هَزَمه أوْ أثخنه.
وَقَالَ بعْضهم: يُخمّسُ السَّلب، فخمسُه لأهل الخُمس، وَالْبَاقِي للْقَاتِل، رُوِي ذلِك عنْ عُمر، وهُو قوْل آخر للشَّافِعِيّ، وَالْأول أولى، لِأَنَّهُ كَمَا اختصّ بِهِ من بيْن سَائِر الْغَانِمين، كذلِك يختصُّ بِهِ من بيْن أهل الخُمس، وَقَالَ إِسْحاق: السلبُ للْقَاتِل إِلَّا أَن يكُون كثيرا، فَرَأى الإِمام أَن يخرج مِنْهُ الخُمس، كَمَا فعل عُمر بْن الْخطّاب رضي الله عنه فَلهُ ذلِك.
وَذهب قوْمٌ إِلى أنّهُ نَادَى الإِمام أَن من قتل قَتِيلا فَلهُ سلبه، فَيكون لهُ على وَجه التَّنْفِيل، فَأَما إِذا لمْ يكن سبق النداء فَلَا يسْتَحقّهُ، وهُو قوْل مالِك، والثّوْرِي، وأصْحاب الرّأْيِ، وَقَالَ أحْمد: إِنّما يستحقُّ السَّلب من قتل قِرنه فِي المبارزة دُون من لمْ يُبارز.
والسلبُ الّذِي يسْتَحقّهُ الْقَاتِل كلُّ مَا يكُون على الْمَقْتُول من ثوب، وسِلاحٍ، ومنطقةٍ، وفرسه الّذِي هُو رَاكِبه، أوْ مُمسِكه، هَذَا قوْل الشّافِعِي رضي الله عنه.
وَقَالَ الأوْزاعِي: لهُ فرسه الّذِي قَاتل عليْهِ، وسلاحه، وتاجه، ومنطقته، وخاتمه، وَمَا كَانَ فِي سَرْجه وسلاحه من حُليه،
وَلَا يكُون لهُ الهِميان، وَلَا الدَّرَاهِم، وَالدَّنَانِير الّتِي لَا يتزين بِها للحرب، بل هِي غنيمَة، وعلق الشّافِعِي القَوْل فِي التَّاج، والسوار، والطوق، وَمَا ليْس من آله الْحَرْب.
وَقَالَ أحْمد: المنطقة فِيها الذَّهَب وَالْفِضَّة من السَّلب، وَالْفرس ليْس من السَّلب.
وَسُئِلَ عنِ السَّيْف، فَقَالَ: لَا أَدْرِي، وقِيل للأوزاعي: يُسلبون حتّى يُتركوا عُرَاة، فَقَالَ: أبعد الله عورتهم، وَكره الثّوْرِي أَن يُتركوا عُراة.
2725 -
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ الْمِيرْبَنْدُ كُشَائِيُّ، أَنَا أَبُو سَهْلٍ السِّجْزِيُّ، أَنَا أَبُو سُلَيْمَانَ الْخَطَّابِيُّ، أَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ دَاسَةَ، نَا أَبُو دَاوُدَ السِّجِسْتَانِيُّ، نَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، نَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، حَدَّثَنِي صَفْوَانُ بْنُ عَمْرٍو، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ الأَشْجَعِيِّ، قَالَ: خَرَجْتُ مَعَ زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ فِي غَزْوَةِ مُؤْتَةَ، وَرَافَقَنِي مَدَدِيٌّ مِنْ أَهْلِ الْيَمَنِ، فَلَقِينَا جُمُوعَ الرُّومِ، وَفِيهِمْ رَجُلٌ عَلَى فَرَسٍ أَشْقَرَ عَلَيْهِ سَرْجٌ مُذَهَّبٌ، وَسِلاحٌ مُذَهَّبٌ، فَجَعَلَ الرُّومِيُّ يَفْرِي بِالْمُسْلِمِينَ، وَقَعَدَ لَهُ الْمَدَدِيُّ خَلْفَ صَخْرةٍ، فَمَرَّ بِهِ الرُّومِيُّ، فَعَرْقَبَ فَرَسَهُ، فَخَرَّ، وَعَلاهُ فَقَتَلَهُ، وَحَازَ فَرَسَهُ، وَسِلاحَهُ، فَلَمَّا فَتَحَ اللَّهُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ، بَعَثَ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ إِلَيْهِ، فَأَخَذَ السَّلَبَ، قَالَ عَوْفٌ: فَأَتَيْتُهُ، فَقُلْتُ: يَا خَالِدُ، أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «قَضَى بِالسَّلَبِ لِلْقَاتِلِ»؟ قَالَ: بَلَى، وَلَكِنِّي اسْتَكْثَرْتُهُ، قُلْتُ: لَتَرُدَّنَّهُ إِلَيْهِ، أَوْ
لأُعَرِّفَنَّكُمَا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَأَبَى أَنْ يَرُدَّهُ عَلَيْهِ، قَالَ عَوْفٌ: فَاجْتَمَعْنَا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَصَصْتُ عَلَيْهِ قِصَّةَ الْمَدَدِيِّ، وَمَا فَعَلَ خَالِدٌ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«رُدَّ عَلَيْهِ مَا أَخَذْتَ مِنْهُ» ، قَالَ عَوْفٌ: فَقُلْتُ: دُونَكَ يَا خَالِدُ، أَلَمْ أَفِ لَكَ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«وَمَا ذَلِكَ» ؟ قَالَ، فَأَخْبَرْتُهُ، فَغَضِبَ، وَقَالَ:«يَا خَالِدُ، لَا تَرُدَّ عَلَيْهِ هَلْ أَنْتُمْ تَارِكُونَ لِي أُمَرَائِي، لَكُمْ صَفْوَةُ أَمْرِهِمْ، وَعَلَيْهِمْ كَدَرُهُ» .
هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، عَنْ زُهَيْرِ بْنِ حَرْبٍ، عَنِ الْولِيدِ بْنِ مُسْلِمٍ
قُلْت: فِيهِ دلِيلٌ على أَن الْقَاتِل يسْتَحق السَّلب وَإِن كَانَ كثيرا وَيسْتَحق الْفرس، وَأَنه لَا يُخَمّس، وَإِنَّمَا كَانَ رده إِلى خالِد بعد الْأَمر الأول بإعطائه الْقَاتِل نوعا من النكير على عوفٍ، وردعًا لهُ، وزجرًا، لِئَلَّا يتجرأ النّاس على الْأَئِمَّة، وَكَانَ خالدٌ مُجْتَهدا فِي صَنِيعَة ذلِك إِذا كَانَ قد استكثره، فَأمْضى النّبي صلى الله عليه وسلم اجْتِهَاده لما رأى فِيهِ من الْمصلحَة الْعَامَّة بعد أَن خطّأه فِي رَأْيه الأول، وَالْأَمر الْخَاص مغمور بِالْعَام، واليسير من الضَّرَر مُحْتَمل للكثير من النَّفْع وَالصَّلَاح، وَيُشبه أَن يكُون النّبي صلى الله عليه وسلم قدْ عوّض المددي من الْخمس الّذِي هُو لهُ، وترضّى خَالِدا