المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب المكر في الحرب والكذب والخديعة - شرح السنة للبغوي - جـ ١١

[البغوي، أبو محمد]

فهرس الكتاب

- ‌بَابُ التَّأْمِيرِ فِي الْحَرْبِ، وَالسَّفَرِ، وَوَصِيَّةِ الإِمَامِ الْجَيْشَ

- ‌بابُ الْغزْوِ بالنِّساءِ

- ‌بابُ أخْذِ الجُعلِ

- ‌بابُ مَتى يخْرُجُ إِلى السّفرِ

- ‌بابُ الابْتِكارِ

- ‌بابُ كراهِيةِ السّفرِ وحْدهُ

- ‌بابُ الخِدْمةِ فِي السّفرِ

- ‌بِابُ كراهِيةِ الجرسِ فِي السّفرِ

- ‌بابُ قطْعِ القلائدِ والأوتارِ

- ‌بابُ الإِرْدافِ على الدّابةِ

- ‌بابُ إرْدافِ المرْأةِ

- ‌بابُ كراهِية الوُقُوفِ على الدّابّةِ

- ‌بابُ يُعْطِي الإِبِل حقّها

- ‌بابُ بذْلِ الزّادِ فِي السّفرِ

- ‌بابُ العُقْبةِ

- ‌بابُ مشقةِ السّفرِ

- ‌بابُ الْصبرِ عِنْد لِقاء العدُوِّ والدُّعاءُ

- ‌بابُ المكْرِ فِي الحرْبِ والكذِبِ والخدِيعةِ

- ‌بابُ النّهْيِ عنْ قتْلِ النِّساء والصّبْيانِ

- ‌بابُ الْبياتِ

- ‌بابُ الشِّعارِ فِي الحرْبِ

- ‌بابُ تحْرِيقِ أمْوالِ أهْلِ الشِّرْكِ

- ‌بابُ الكفِّ عَن القِتالِ إِذا رأى شِعار الإِسْلامِ

- ‌بابُ الصَّفّ فِي الْقِتَال والتعبئة

- ‌بابُ المُبارزةِ

- ‌بابُ الفِرارِ مِن الزّحْفِ

- ‌بابُ حُكْمِ الجاسُوسِ

- ‌بابُ الأسيرِ يُقيّدُ والحُكْم فيهِ

- ‌بابُ المنِّ والفِداء

- ‌بابُ الكافِرِ إِذا جَاءَ مُسْلِمًا بعْد مَا غنم مالُهُ لَا يجِبُ الرّدُّ عليْهِ

- ‌بابُ الأمانِ

- ‌بابُ النُّزْولِ على الحُكْمِ

- ‌بابُ حِلِّ الغنيمةِ لِهذِهِ الأُمّةِ

- ‌بابُ الغنِيمة لِمنْ شهِد الْوقْعة

- ‌بابُ قسْمَة الْغَنَائِم

- ‌بابُ منْ يسْتحِقُّ الرّضْخ مِن الغنِيمةِ

- ‌بابُ السّلبِ لِلْقاتِلِ

- ‌بابُ التّنْفِيلِ

- ‌بابُ الغُلُولِ

- ‌بابُ إِباحةِ مَا يُصابُ مِن الطعامِ بِقدْرِ الْحاجةِ

- ‌بابُ مَا يُصيبُ الكُفارُ مِنْ مِالِ المُسْلِمين

- ‌بابُ إِخْراجِ الخُمسِ مِن الغنِيمةِ وبيانِ سهْمِ ذوِي القُرْبى

- ‌بابُ حُكْمُ الفيْءِ

- ‌بابُ الدِّيوانِ

- ‌بابُ فتْحِ مكّة وحُكْمِ رِباعِها

- ‌بابُ المُهادنةِ مَعَ المُشْرِكِين

- ‌بابُ أخْذِ الجِزْيةِ مِن المجُوسِ

- ‌بابُ قدْرِ الجِزْيةِ

- ‌بابُ سُقُوطِ الجِزْيةِ عنِ الذِّمِّيِّ إِذا أسْلم

- ‌بابُ إِخْراجُ اليهُودِ والنّصارى مِنْ جزِيرةِ الْعربِ

- ‌بابُ اسْتِقْبالِ القادِم ورُكُوِب ثلاثةٍ الدَّابَّة

- ‌بابُ إِذا قدِم لَا يُطْرِقُ أهْلهُ ليْلا

- ‌بابُ من قدم بَدَأَ بِالْمَسْجِدِ فصلى فِيهِ

- ‌26 - كِتابُ الصّيد والذّبائح

- ‌بابُ مَا يجُوزُ الصّيْدُ بِهِ

- ‌بابُ ذبِيحةِ أهْلِ الشِّرْكِ وأهْلِ الْكِتابِ

- ‌بابُ اتِّخاذِ الكلْبِ للصّيْدِ

- ‌بابُ قتْلِ الكِلابِ

- ‌بابُ البعِيرِ إِذا ندّ

- ‌بابُ الإِحْسانِ فِي القتْلِ وتحْديدِ الشّفْرةِ

- ‌بابُ النّهيِ عنْ أنّ يصْبِر الْحيوان

- ‌بابُ كراهِية ذبْحِ الحيوانِ لِغيْرِ الأكْلِ

- ‌بابُ ذكاةِ الجنِينِ

- ‌بابُ وسْمِ الدّوابِّ

- ‌بابُ النّهْيِ عنْ أكْلِ كُلِّ ذِي نابٍ مِن السِّباعِ

- ‌بابُ أكْل الضّبِّ

- ‌بابُ أكْلِ الأرْنبِ

- ‌بابُ أكْلِ الجرادِ

- ‌بابُ حيواناتِ الْبحْرِ

- ‌بابُ أكْلُ الدّجاجِ والْحُبارى

- ‌بابُ أكْلِ الْجلّالةِ

- ‌بابُ إِباحةِ لحْمِ الْخيْلِ وتحْرِيمِ لحْمِ الْحُمُرِ الأهْلِيَّةِ

- ‌بابُ الفأْرةِ تمُوتُ فِي السّمْنِ

- ‌بابُ الذُبابِ يقعُ فِي الشّرابِ

- ‌بابُ العقِيقةِ

- ‌بابُ التّحْنِيكِ

- ‌بابُ الأذانِ فِي أُذنِ الْموْلُودِ

- ‌27 - كِتابُ الأطْعِمةِ

- ‌بابُ التسْمِيةِ على الأكْلِ والْحمْد فِي آخِرِهِ

- ‌بابُ الْوُضُوءِ عِنْد الطّعامِ

- ‌بابُ النَّهْي عنِ الأكْلِ بِالشِّمالِ

- ‌بابُ الأكْلِ على السّفرِ

- ‌بابُ كراهِيةِ الأكْلِ مُتكِئًا

- ‌بابُ الأكْلِ مُقْعِيًا

- ‌بابُ لَا يعِيبُ الطَّعَام

- ‌بابُ مَا كَانَ النّبيُّ صلى الله عليه وسلم يأْكُلُهُ

- ‌بابُأكْلِ الشِّوَاءِ

- ‌بابُ مَا كَانَ النّبي صلى الله عليه وسلم يحب من اللَّحْم

- ‌بابُ الثَّرِيد والتلبينة

- ‌بابُ الْمرقِ والدُّبّاءِ

- ‌بابُ السِّلْقِ والشّعِيرِ

- ‌بابُ الحلْواءِ والْعسلِ

- ‌بابُ الخلِّ

- ‌بِابُ أكْلِ الزّيتِ

- ‌بابُ كراهِيةِ الأكْلِ مِنْ وسطِ القصْعةِ

- ‌بابُ لعْقِ الأصابِعِ

- ‌بابُ كراهِيةِ الْبيْتوتةِ وَفِي يدِهِ غمرٌ

- ‌بابُ المُؤْمِنُ يأْكُلُ فِي معي واحِدٍ

- ‌بابُ طعامِ الاثْنيْنِ يكْفِي الثَّلَاثَة

- ‌بابُ التّمْرِ

- ‌بابُ مَا فِي التّمْرِ مِن الشِّفاءِ

- ‌بابُ النَّهْي عنْ أَن يقرن بيْن تمرتين

- ‌بابُ الجمْع بيْن الشّيْئيْنِ فِي الأكْلِ

- ‌بابُ الْكمْأةِ

- ‌بابُ الْكباثِ وهُو ثمرُ الأراكِ

- ‌بابُ كيْلِ الطّعامِ

- ‌بابُ إِكْرامِ الضّيْفِ

- ‌بابُ حقِّ الضّيْفِ

- ‌بابُ دُعاءِ الضّيْفِ لِصاحِبِ الطّعامِ

- ‌بابُ المُضْطرِّ إِلى الميْتةِ

- ‌28 - كِتابُ الأشْرِبةِ

- ‌بِابُ تحْرِيمِ الْخمْرِ

- ‌بابُ وعيدِ شارِبِ الْخمْرِ

- ‌بابُ الْخلِيطيْنِ

- ‌بابُ إِباحةِ مَا لَا يُسْكِرُ مِن الأنْبِذةِ

- ‌بابُ أحبِّ الشِّرابِ إِلى رسُولِ الله صلى الله عليه وسلم

- ‌بابُ الأوْعِيةِ

- ‌بابُ تَحْرِيم الشّرْب من آنِية الْفضة

- ‌بابُ كَرَاهِيَة التنفس فِي الْإِنَاء والنفخ فِي الشَّرَاب

- ‌بابُ التّنفُّسِ فِي الشُّرْبِ ثَلَاثًا

- ‌بابُ النّهُيِ عَن الشُّرْبِ مِنْ فمِ السِّقاء وعنِ اخْتِناثِ الأسقية

- ‌بابُ الرُّخْصَة فِيهِ

- ‌بابُ النّهْيِ عنِ الشّرْبِ قائِمًا

- ‌بابُ الرُّخْصةِ فِيهِ

- ‌بَاب استِعْذابِ الماءِ

- ‌بابُ الْبداءة بِالأيْمنِ وشُرْبِ اللّبنِ

- ‌بابُ إيْكاء الأسْقِيةِ وتخْمِيرِ الآنِيةِ

الفصل: ‌باب المكر في الحرب والكذب والخديعة

قَالَ الإِمامُ: وفِي الْحدِيث بيانُ اسْتِحْبَاب الْقِتَال بعد الزَّوَال، وقدْ رُوِي عنِ النُّعْمَان بْن مقرِّن، قَالَ: شهِدْتُ مَعَ رسُولِ الله صلى الله عليه وسلم، «فَكَانَ إِذا لمْ يُقاتِلْ أوّل النّهارِ، انْتظر حتّى تزُولِ الشّمْسُ، وتهُبّ الرِّياحُ، وينْزِل النّصْرُ» .

‌بابُ المكْرِ فِي الحرْبِ والكذِبِ والخدِيعةِ

2690 -

أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ أَحْمَدَ الْمَلِيحِيُّ، أَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ النُّعَيْمِيُّ، أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، نَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، نَا صَدَقَةُ بْنُ الْفَضْلِ، أَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَمْرٍو، سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «الْحَرْبُ خُدْعَةٌ» .

هَذَا حَدِيثٌ مُتَّفَقٌ عَلَى صِحَّتِهِ، أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ حُجْرٍ،

ص: 40

عَنْ سُفْيَانَ

ويُرْوى هَذَا الْحَرْف من ثَلَاثَة أوجه، أصوبها: خدْعةٌ بِفَتْح الْخَاء، وَسُكُون الدَّال، قَالَ أبُو الْعبّاس أحْمد بْن يحْيى: بلغنَا أنّها لُغَة النّبِي صلى الله عليه وسلم.

قَالَ الْخطّابِيُّ: معنى الخدعة: أنّها مرّة وَاحِدَة، أَي: إِذا خُدع الْمقَاتل مرّة، لمْ يكن لَهَا إِقَالَة، وَيُقَال: أَي: يَنْقَضِي أمرهَا بخدعة وَاحِدَة، ويُرْوى «خُدْعةٌ» بِضَم الْخَاء، وَسُكُون الدَّال، وهِي الِاسْم من الخداع، كَمَا يُقَال: هَذِه لعبة، وَيُقَال: خُدعةٌ، بِضَم الْخَاء، وَفتح الدَّال، مَعْنَاهَا، أنّها تخدع الرِّجَال، وتُمنِّيهِم، ثُمّ لَا تفي لهُمْ، كَمَا يُقَال: لعبةٌ: إِذا كَانَ كثير التلعبِ بالأشياء.

وفِي الْحدِيث: إباحةُ الخِداع فِي الْحَرْب، وَإِن كَانَ مَحْظُورًا فِي غَيرهَا من الْأُمُور، ورُوِي عنْ عبْد الرّحْمنِ بْن كَعْب بْن مالِك، عنْ أبِيهِ، أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم، «كَانَ إِذا أَرَادَ غزْوةً ورّى بِغيْرِها» ، وَكَانَ يقُول:«الحرْبُ خُدْعةٌ» .

2691 -

أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ أَحْمَدَ الْمَلِيحِيُّ، أَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ النُّعَيْمِيُّ، أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، نَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، نَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، نَا اللَّيْثُ، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّ

ص: 41

عَبْدَ اللَّهِ بْنَ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، وَكَانَ قَائِدَ كَعْبٍ مِنْ بَنِيهِ حِينَ عَمِيَ، قَالَ: سَمِعْتُ كَعْبَ بْنَ مَالِكٍ يُحَدِّثُ حِينَ تَخَلَّفَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ، قَالَ: وَلَمْ يَكُنْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «يُرِيدُ غَزْوَةً إِلَّا وَرَّى بِغَيْرِهَا حَتَّى كَانَتْ تِلْكَ الْغَزْوَةُ غَزَاهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي حَرٍّ شَدِيدٍ، وَاسْتَقْبَلَ سَفَرًا بَعِيدًا وَمَفَازًا، وَعَدُوًّا كَثِيرًا، فَجَلا لِلْمُسْلِمِينَ أَمْرَهُمْ لِيَتَأَهَّبُوا أُهْبَةَ غَزْوِهِمْ، فَأَخْبَرَهُمْ بِوَجْهِهِ الَّذِي يُرِيدُ» هَذَا حَدِيثٌ مُتَّفَقٌ عَلَى صِحَّتِهِ، أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ رَافِعٍ، عَنْ حُجَيْنِ بْنِ الْمُثَنَّى، عَنْ لَيْثٍ

قوْله: «ورّى بِغَيْرِهِ» ، أَي: ستره، ووهّم غَيره، وَأَصله من الوراء، أَي: ألْقى التَّبْيِين وَرَاء ظَهره.

قَالَ الإِمامُ: وَمعنى التورية: أَن يُظهر غيْر مَا يُريدهُ.

وقدْ رُوِي عنِ النّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَمر عَام الْفَتْح بقتل عبْد اللهِ بْن أبِي السَّرْح، فَاخْتَبَأَ عِنْد عُثْمان، فَلَمَّا دَعَا النبيُّ صلى الله عليه وسلم إِلى الْبيعَة، جَاءَ بِهِ حتّى أوقفهُ على النّبِي صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: يَا نبيّ الله، بَايع عبْد اللهِ، فَرفع رَأسه، فَنظر إِليْهِ ثَلَاثًا، كلُّ ذلِك يَأْبَى، فَبَايعهُ بعد ثَلَاث، ثُمّ أقبل على أصْحابه، فَقَالَ: «

ص: 42

أما كَانَ فِيكُمْ رجُلٌ رشِيدٌ يقُومُ إِلى هَذَا حِين رَآنِي كففْتُ يَدي عنْ بيْعتِهِ، فيقْتُلُهُ»، فقالُوا: مَا نَدْرِي يَا رسُول اللهِ مَا فِي نَفسك، أَفلا أَوْمَأت إِلَيْنَا بِعَيْنَيْك، قَالَ:«إِنّهُ لَا ينْبغي لِنبيٍّ أنْ تكُون لهُ خائِنة الأعْيُنِ» ، وَمعنى خَائِنَة الْأَعْين: أَن يُومي بِعَيْنِه خلاف مَا يظْهر، فَتكون تِلْك الْخِيَانَة من قبل الْعين، فأضيفت إِليْها، قَالَ صَاحب التَّلْخِيص: فِي تَحْرِيم خِيَانَة الْأَعْين عليْهِ كالدليل على أنّهُ لمْ يكن لهُ فِي الْحَرْب خدعة، وَلَيْسَ كذلِك، بل كَانَ مُبَاحا لهُ كالتورية فِي الْغَزْو.

قَالَ الإِمامُ: أما فِي غيْر الْحَرْب، ومكايدة الْعَدو، كَانَ يحرم عليْهِ صلى الله عليه وسلم خَائِنَة الْأَعْين، وهِي أَن يُشِير إِلى مُبَاح من غيْر أَن يظهره من ضرب، أوْ قتل، أوْ نَحوه مِمَّا يحل أَن ينْطق بِهِ، وَلَا يحرم ذلِك على الْأمة إِلَّا فِي مَحْظُور.

2692 -

أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ أَحْمَدَ الْمَلِيحِيُّ، أَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ النُّعَيْمِيُّ، أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، نَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، نَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، نَا سُفْيَانُ، قَالَ عَمْرٌو، سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ، يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " مَنْ لِكَعْبِ بْنِ الأَشْرَفِ؟ فَإِنَّهُ قَدْ آذَى اللَّهَ وَرَسُولَهُ؟،

ص: 43

فَقَامَ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَتُحِبُّ أَنْ أَقْتُلَهُ؟، قَالَ:«نَعَمْ» ، قَالَ: فَأْذَنْ لِي أَنْ أَقُولَ، قَالَ: قُلْ، فَأَتَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ، فَقَالَ: إِنَّ هَذَا الرَّجُلَ قَدْ سَأَلَنَا الصَّدَقَةَ، وَإِنَّهُ قَدْ عَنَّانَا، وَإِنِّي قَدْ أَتَيْتُكَ أَسْتَسْلِفُكَ، قَالَ: وَأَيْضًا وَاللَّهِ لَتَمَلُّنَّهُ، قَالَ: إِنَّا قَدِ اتَّبَعْنَاهُ، فَلا نُحِبُّ أَنْ نَدَعَهُ حَتَّى نَنْظُرَ إِلَى أَيِّ شَيْءٍ يَصِيرُ شَأْنُهُ. . . قَالَ: وَجَاءَ مَعَهُ بِرَجُلَيْنِ، فَقَالَ: إِذَا جَاءَ، فَإِنِّي قَائِلٌ بِشَعْرِهِ، فَأَشُمُّهُ، فَإِذَا رَأَيْتُمُونِي اسْتَمْكَنْتُ مِنْ رَأْسِهِ، فَدُونَكُمْ، فَاضْرِبُوهُ. . . فَلَمَّا اسْتَمْكَنَ مِنْهُ، قَالَ: دُونَكُمْ، فَقَتَلُوهُ ".

ص: 44

هَذَا حَدِيثٌ مُتَّفَقٌ عَلَى صِحَّتِهِ، أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الْحَنْظَلِيِّ، عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ

قَالَ الإِمامُ: قدْ ذهب بعْض من ضلّ فِي رَأْيه، وزلّ عنِ الْحق، إِلى أَن قتل كَعْب بْن الْأَشْرَف كَانَ غدرًا، وفتكًا، فأبعد الله هَذَا الْقَائِل: وقبّح رَأْيه من قَائِل، ذهب عليْهِ معنى الْحدِيث، والتبس عليْهِ طريقُ الصَّوَاب، بل قدْ رُوِي عنْ أبِي هُريْرة، عنِ النّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، أنّهُ قَالَ:«الإِيمانُ قيْدُ الفتْكِ، لَا يفْتِكُ مُؤْمِنٌ» ، قَالَ الإِمامُ: والفتكُ أَن يُقتل من لهُ أَمَانه فَجْأَة، وَكَانَ كَعْب بْن الْأَشْرَف مِمَّن عَاهَدَ رسُول اللهِ صلى الله عليه وسلم أَن لَا يُعين عليْهِ أحدا، وَلَا يُقاتله، ثُمّ خلع الْأمان، وَنقض الْعَهْد، وَلحق بِمَكَّة، وَجَاء مُعْلنا معادة النّبِي صلى الله عليه وسلم يهجوه فِي أشعاره، ويسبه، فَاسْتحقَّ الْقَتْل لِذلِك.

ص: 45

وفِي الْحدِيث أَن كَعْب بْن الْأَشْرَف عاهده، فخزع مِنْهُ هِجاؤه للنَّبِي صلى الله عليه وسلم، أَي: قطع ذمَّته وعهدهُ، وَذهب بعْض أهْلِ الْعِلْمِ إِلى أنّهُ لَا توْبة لِسابِّ النّبيِّ صلى الله عليه وسلم بِحالٍ، ويُقْتلُ.

وفِي الْحدِيثِ دلِيلٌ على جَوَاز قتل الْكَافِر الّذِي بلغته الدعْوَة بَغْتَة، وعَلى غَفلَة مِنْهُ.

2693 -

أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ أَحْمَدَ الْمَلِيحِيُّ، أَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ النُّعَيْمِيُّ، أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، نَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، نَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، نَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ، نَا ابْنُ أَبِي زَائِدَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ، قَالَ:«بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم رَهْطًا مِنَ الأَنْصَارِ إِلَى أَبِي رَافِعِ بْنِ أَبِي الْحُقَيْقِ، فَدَخَلَ عَلَيْهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَتِيكٍ بَيْتَهُ لَيْلا، فَقَتَلَهُ، وَهُوَ نَائِمٌ»

قَالَ الإِمامُ: فَأَما الْمَكْر وَالْخداع فِي غيْر أَمر الْجِهَاد، فَحَرَام، وَلَا يَأْمَن فاعلهُ من أَن يعود إِليْهِ، وبالُ خداعه ومكره، قَالَ الله تَعَالَى:{وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ} [هود: 8] وَقَالَ جلّ ذكره: {

ص: 46