الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بابُ الصَّفّ فِي الْقِتَال والتعبئة
قَالَ الله سبحانه وتعالى: {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ} [الصَّفّ: 4]، وَقَالَ الله عز وجل:{وَإِذْ غَدَوْتَ مِنْ أَهْلِكَ تُبَوِّئُ الْمُؤْمِنِينَ مَقَاعِدَ لِلْقِتَالِ} [آل عمرَان: 121].
2704 -
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ أَحْمَدَ الْمَلِيحِيُّ، أَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ النُّعَيْمِيُّ، أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، نَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، نَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْغَسِيلِ، عَنْ حَمْزَةَ بْنِ أَبِي أُسَيْدٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ بَدْرٍ حِينَ صَفَفْنَا لِقُرَيْشٍ، وَصَفُّوا لَنَا:«إِذَا أَكْثَبُوكُمْ، فَعَلَيْكُمْ بِالنَّبْلِ» .
هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ
قوْله: «أكثبوكم» أَي: قاربوكم، والكثبُ: القُربُ، يقُول: ارموهم إِذا دنوا مِنْكُم، وَلَا ترموهم على بُعد، وقدْ جَاءَ فِي الْحدِيث:«إِذا أكْثبُوكُمْ» ، يعْنِي: أكثروكم، فارموهم، واستبقوا نبلكم، ويُرْوى:«إِذا أكْثبُوكُمْ، فارْمُوهُمْ وَلَا تسُلُوا السُّيوُف حتّى يغْشوْكُمْ» .
والنبل: السِّهَام الْعَرَبيَّة، وهِي لِطاف لَيست بطوال كسهام النّشاب، والحسبان أَصْغَر من النّبل، وهِي الّتِي يُرمى بِها على القسي الْكِبَار فِي مجار من خشب، وَاحِدهَا حُسبانة.
ورُوِي عنْ عبْد الرّحْمنِ بْن عَوْف، قَالَ:«عبّأنا النّبيُّ صلى الله عليه وسلم بِبدْرٍ ليْلا» .
2705 -
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ أَحْمَدَ الْمَلِيحِيُّ، أَنَا أَحْمدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ النُّعَيْمِيُّ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، نَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، نَا عَمْرُو بْنُ خَالِدٍ، نَا زُهَيْرٌ، نَا أَبُو إِسْحَاقَ، قَالَ: سَمِعْتُ الْبَرَاءَ بْنَ عَازِبٍ، يُحَدِّثُ، قَالَ: جَعَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، عَلَى الرَّجَّالَةِ يَوْمَ أُحُدٍ، وَكَانُوا خَمْسِينَ رَجُلا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ جُبَيْرٍ، فَقَالَ:«إِنْ رَأَيْتُمُونَا تَخَطَّفُنَا الطَّيْرُ، فَلا تَبْرَحُوا مَكَانَكُمْ حَتَّى أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ، وَإِنْ رَأَيْتُمُونَا هَزَمْنَا الْقَوْمَ، وَأَوْطَأْنَاهُمْ، فَلا تَبْرَحُوا حَتَّى أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ» ، فَهَزَمَهُمْ، قَالَ: فَأَنَا وَاللَّهِ رَأَيْتُ النِّسَاءَ يُسْنِدْنَ قَدْ بَدَتْ خَلاخِلُهُنَّ، وَأَسْوُقُهُنَّ رَافِعَاتٍ ثِيَابَهُنَّ، فَقَالَ أَصْحَابُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جُبَيْرٍ: الْغَنِيمَةَ، أَيْ قَوِّمِ الْغَنِيمَةَ، ظَهَرَ أَصْحَابُكُمْ، فَمَا تَنْتَظِرُونَ؟ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جُبَيْرٍ: أَنَسِيتُمْ مَا قَالَ لَكُمْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؟ قَالُوا: وَاللَّهِ لَنَأْتِيَنَّ النَّاسَ، فَلَنُصِيبَنَّ مِنَ الْغَنِيمَةِ،
فَلَمَّا أَتَوْهُمْ صُرِفَتْ وُجُوهُهُمْ، فَأَقْبَلُوا مُنْهَزِمِينَ، فَذَاكَ إِذْ يَدْعُوهُمُ الرَّسُولُ فِي أُخْرَاهُمْ، فَلَمْ يَبْقَ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم غَيْرُ اثْنَيْ عَشَرَ رَجُلا، فَأَصَابُوا مِنَّا سَبْعِينَ، وَكَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، وَأَصْحَابُهُ أَصَابَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ يَوْمَ بَدْرٍ أَرْبَعِينَ وَمِائَةً: سَبْعِينَ أَسِيرًا، وَسَبْعِينَ قَتِيلا، قَالَ أَبُو سُفْيَانَ: أَفِي الْقَوْمِ مُحَمَّدٌ؟ ثَلاثَ مَرَّاتٍ، فَنَهَاهُمُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَنْ يُجِيبُوهُ، ثُمَّ قَالَ: أَفِي الْقَوْمِ ابْنُ أَبِي قُحَافَةَ؟ ثَلاثَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ قَالَ: أَفِي الْقَوْمِ ابْنُ الْخَطَّابِ؟ ثَلاثَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ رَجَعَ إِلَى أَصْحَابِهِ، فَقَالَ: أَمَّا هَؤُلاءِ فَقَدْ قُتِلُوا، فَمَا مَلَكَ عُمَرُ نَفْسَهُ، فَقَالَ: كَذَبْتَ يَا عَدُوَّ اللَّهِ، إِنَّ الَّذِي عَدَدْتَ لأَحْيَاءٌ كُلُّهُمْ، وَقَدْ بَقِيَ لَكَ مَا يَسُوءُكَ، قَالَ: يَوْمٌ بِيَوْمِ بَدْرٍ، وَالْحَرْبُ سِجَالٌ، إِنَّكُمْ سَتَجِدُونَ فِي الْقَوْمِ مُثْلَةً لَمْ آمُرْ بِهَا، وَلَمْ تَسُؤْنِي، ثُمَّ أَخَذَ يَرْتَجِزُ: اعْلُ هُبَلُ اعْلُ هُبَلُ فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «أَلا تُجِيبُونَهُ» ؟ قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا نَقُولُ؟ قَالَ:" قُولُوا: اللَّهُ أَعْلَى، وَأَجَلُّ " قَالَ: إِنَّ لَنَا الْعُزَّى وَلا عُزَّى لَكُمْ فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «أَلا تُجِيبُونَهُ» ؟
قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا نَقُولُ؟ قَالَ:" قُولُوا: اللَّهُ مَوْلانَا، وَلا مَوْلَى لَكُمْ ".
هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ
قوْله: «تخطفنا الطير» ، يقُول: إِن رَأَيْتُمُونَا وقدْ ولّينا منهزمين فاثبتوا أَنْتُم، تَقول الْعَرَب: فلانٌ سَاكن الطير: إِذا كَانَ وقورًا ركينًا، ثَابت الجأش، وقدْ طَار طير فلانٍ: إِذا طاش وخفّ.
وقوْله: «فَلَا تَبْرَحُوا» ، أَي: لَا تفارقوا مَكَانكُمْ، قَالَ الله عز وجل:{فَلَنْ أَبْرَحَ الأَرْضَ} [يُوسُف: 80]، يُرِيد الْإِقَامَة، وقوْله سبحانه وتعالى:{لَا أَبْرَحُ حَتَّى أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ} [الْكَهْف: 60]، أَي: لَا أَزَال سائرًا.
قَالَ الإِمامُ: فَالْأول مُلَازمَة الْمَكَان، وَالثَّانِي: مُلَازمَة السّير، وقوْله:«وأوْطأْناهُمْ» ، أَي: غلبناهم وقهرناهم.
وقوْله: رأيْتُ النِّساء يُسْنِدْن، مَعْنَاهُ: يصعدن فِي الْجَبَل، يُقال: أسْند الرجل فِي الْجَبَل: إِذا صعد فِيهِ، والسّند: مَا ارْتَفع من الأرْض.
وقوْله: والحرْبُ سِجالٌ، يُرِيد مرّة لنا، وَمرَّة عليْنا، وَأَصله أَن المستقيين بالسّجل يكُون لِكُلِّ وَاحِد مِنْهُمَا سجلٌ.
2706 -
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ أَحْمَدَ الْمَلِيحِيُّ، أَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ النُّعَيْمِيُّ، أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، نَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، نَا عَمْرُو بْنُ خَالِدٍ، نَا زُهَيْرٌ، نَا أَبُو إِسْحَاقَ، قَالَ: