المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب تحريم الخمر - شرح السنة للبغوي - جـ ١١

[البغوي، أبو محمد]

فهرس الكتاب

- ‌بَابُ التَّأْمِيرِ فِي الْحَرْبِ، وَالسَّفَرِ، وَوَصِيَّةِ الإِمَامِ الْجَيْشَ

- ‌بابُ الْغزْوِ بالنِّساءِ

- ‌بابُ أخْذِ الجُعلِ

- ‌بابُ مَتى يخْرُجُ إِلى السّفرِ

- ‌بابُ الابْتِكارِ

- ‌بابُ كراهِيةِ السّفرِ وحْدهُ

- ‌بابُ الخِدْمةِ فِي السّفرِ

- ‌بِابُ كراهِيةِ الجرسِ فِي السّفرِ

- ‌بابُ قطْعِ القلائدِ والأوتارِ

- ‌بابُ الإِرْدافِ على الدّابةِ

- ‌بابُ إرْدافِ المرْأةِ

- ‌بابُ كراهِية الوُقُوفِ على الدّابّةِ

- ‌بابُ يُعْطِي الإِبِل حقّها

- ‌بابُ بذْلِ الزّادِ فِي السّفرِ

- ‌بابُ العُقْبةِ

- ‌بابُ مشقةِ السّفرِ

- ‌بابُ الْصبرِ عِنْد لِقاء العدُوِّ والدُّعاءُ

- ‌بابُ المكْرِ فِي الحرْبِ والكذِبِ والخدِيعةِ

- ‌بابُ النّهْيِ عنْ قتْلِ النِّساء والصّبْيانِ

- ‌بابُ الْبياتِ

- ‌بابُ الشِّعارِ فِي الحرْبِ

- ‌بابُ تحْرِيقِ أمْوالِ أهْلِ الشِّرْكِ

- ‌بابُ الكفِّ عَن القِتالِ إِذا رأى شِعار الإِسْلامِ

- ‌بابُ الصَّفّ فِي الْقِتَال والتعبئة

- ‌بابُ المُبارزةِ

- ‌بابُ الفِرارِ مِن الزّحْفِ

- ‌بابُ حُكْمِ الجاسُوسِ

- ‌بابُ الأسيرِ يُقيّدُ والحُكْم فيهِ

- ‌بابُ المنِّ والفِداء

- ‌بابُ الكافِرِ إِذا جَاءَ مُسْلِمًا بعْد مَا غنم مالُهُ لَا يجِبُ الرّدُّ عليْهِ

- ‌بابُ الأمانِ

- ‌بابُ النُّزْولِ على الحُكْمِ

- ‌بابُ حِلِّ الغنيمةِ لِهذِهِ الأُمّةِ

- ‌بابُ الغنِيمة لِمنْ شهِد الْوقْعة

- ‌بابُ قسْمَة الْغَنَائِم

- ‌بابُ منْ يسْتحِقُّ الرّضْخ مِن الغنِيمةِ

- ‌بابُ السّلبِ لِلْقاتِلِ

- ‌بابُ التّنْفِيلِ

- ‌بابُ الغُلُولِ

- ‌بابُ إِباحةِ مَا يُصابُ مِن الطعامِ بِقدْرِ الْحاجةِ

- ‌بابُ مَا يُصيبُ الكُفارُ مِنْ مِالِ المُسْلِمين

- ‌بابُ إِخْراجِ الخُمسِ مِن الغنِيمةِ وبيانِ سهْمِ ذوِي القُرْبى

- ‌بابُ حُكْمُ الفيْءِ

- ‌بابُ الدِّيوانِ

- ‌بابُ فتْحِ مكّة وحُكْمِ رِباعِها

- ‌بابُ المُهادنةِ مَعَ المُشْرِكِين

- ‌بابُ أخْذِ الجِزْيةِ مِن المجُوسِ

- ‌بابُ قدْرِ الجِزْيةِ

- ‌بابُ سُقُوطِ الجِزْيةِ عنِ الذِّمِّيِّ إِذا أسْلم

- ‌بابُ إِخْراجُ اليهُودِ والنّصارى مِنْ جزِيرةِ الْعربِ

- ‌بابُ اسْتِقْبالِ القادِم ورُكُوِب ثلاثةٍ الدَّابَّة

- ‌بابُ إِذا قدِم لَا يُطْرِقُ أهْلهُ ليْلا

- ‌بابُ من قدم بَدَأَ بِالْمَسْجِدِ فصلى فِيهِ

- ‌26 - كِتابُ الصّيد والذّبائح

- ‌بابُ مَا يجُوزُ الصّيْدُ بِهِ

- ‌بابُ ذبِيحةِ أهْلِ الشِّرْكِ وأهْلِ الْكِتابِ

- ‌بابُ اتِّخاذِ الكلْبِ للصّيْدِ

- ‌بابُ قتْلِ الكِلابِ

- ‌بابُ البعِيرِ إِذا ندّ

- ‌بابُ الإِحْسانِ فِي القتْلِ وتحْديدِ الشّفْرةِ

- ‌بابُ النّهيِ عنْ أنّ يصْبِر الْحيوان

- ‌بابُ كراهِية ذبْحِ الحيوانِ لِغيْرِ الأكْلِ

- ‌بابُ ذكاةِ الجنِينِ

- ‌بابُ وسْمِ الدّوابِّ

- ‌بابُ النّهْيِ عنْ أكْلِ كُلِّ ذِي نابٍ مِن السِّباعِ

- ‌بابُ أكْل الضّبِّ

- ‌بابُ أكْلِ الأرْنبِ

- ‌بابُ أكْلِ الجرادِ

- ‌بابُ حيواناتِ الْبحْرِ

- ‌بابُ أكْلُ الدّجاجِ والْحُبارى

- ‌بابُ أكْلِ الْجلّالةِ

- ‌بابُ إِباحةِ لحْمِ الْخيْلِ وتحْرِيمِ لحْمِ الْحُمُرِ الأهْلِيَّةِ

- ‌بابُ الفأْرةِ تمُوتُ فِي السّمْنِ

- ‌بابُ الذُبابِ يقعُ فِي الشّرابِ

- ‌بابُ العقِيقةِ

- ‌بابُ التّحْنِيكِ

- ‌بابُ الأذانِ فِي أُذنِ الْموْلُودِ

- ‌27 - كِتابُ الأطْعِمةِ

- ‌بابُ التسْمِيةِ على الأكْلِ والْحمْد فِي آخِرِهِ

- ‌بابُ الْوُضُوءِ عِنْد الطّعامِ

- ‌بابُ النَّهْي عنِ الأكْلِ بِالشِّمالِ

- ‌بابُ الأكْلِ على السّفرِ

- ‌بابُ كراهِيةِ الأكْلِ مُتكِئًا

- ‌بابُ الأكْلِ مُقْعِيًا

- ‌بابُ لَا يعِيبُ الطَّعَام

- ‌بابُ مَا كَانَ النّبيُّ صلى الله عليه وسلم يأْكُلُهُ

- ‌بابُأكْلِ الشِّوَاءِ

- ‌بابُ مَا كَانَ النّبي صلى الله عليه وسلم يحب من اللَّحْم

- ‌بابُ الثَّرِيد والتلبينة

- ‌بابُ الْمرقِ والدُّبّاءِ

- ‌بابُ السِّلْقِ والشّعِيرِ

- ‌بابُ الحلْواءِ والْعسلِ

- ‌بابُ الخلِّ

- ‌بِابُ أكْلِ الزّيتِ

- ‌بابُ كراهِيةِ الأكْلِ مِنْ وسطِ القصْعةِ

- ‌بابُ لعْقِ الأصابِعِ

- ‌بابُ كراهِيةِ الْبيْتوتةِ وَفِي يدِهِ غمرٌ

- ‌بابُ المُؤْمِنُ يأْكُلُ فِي معي واحِدٍ

- ‌بابُ طعامِ الاثْنيْنِ يكْفِي الثَّلَاثَة

- ‌بابُ التّمْرِ

- ‌بابُ مَا فِي التّمْرِ مِن الشِّفاءِ

- ‌بابُ النَّهْي عنْ أَن يقرن بيْن تمرتين

- ‌بابُ الجمْع بيْن الشّيْئيْنِ فِي الأكْلِ

- ‌بابُ الْكمْأةِ

- ‌بابُ الْكباثِ وهُو ثمرُ الأراكِ

- ‌بابُ كيْلِ الطّعامِ

- ‌بابُ إِكْرامِ الضّيْفِ

- ‌بابُ حقِّ الضّيْفِ

- ‌بابُ دُعاءِ الضّيْفِ لِصاحِبِ الطّعامِ

- ‌بابُ المُضْطرِّ إِلى الميْتةِ

- ‌28 - كِتابُ الأشْرِبةِ

- ‌بِابُ تحْرِيمِ الْخمْرِ

- ‌بابُ وعيدِ شارِبِ الْخمْرِ

- ‌بابُ الْخلِيطيْنِ

- ‌بابُ إِباحةِ مَا لَا يُسْكِرُ مِن الأنْبِذةِ

- ‌بابُ أحبِّ الشِّرابِ إِلى رسُولِ الله صلى الله عليه وسلم

- ‌بابُ الأوْعِيةِ

- ‌بابُ تَحْرِيم الشّرْب من آنِية الْفضة

- ‌بابُ كَرَاهِيَة التنفس فِي الْإِنَاء والنفخ فِي الشَّرَاب

- ‌بابُ التّنفُّسِ فِي الشُّرْبِ ثَلَاثًا

- ‌بابُ النّهُيِ عَن الشُّرْبِ مِنْ فمِ السِّقاء وعنِ اخْتِناثِ الأسقية

- ‌بابُ الرُّخْصَة فِيهِ

- ‌بابُ النّهْيِ عنِ الشّرْبِ قائِمًا

- ‌بابُ الرُّخْصةِ فِيهِ

- ‌بَاب استِعْذابِ الماءِ

- ‌بابُ الْبداءة بِالأيْمنِ وشُرْبِ اللّبنِ

- ‌بابُ إيْكاء الأسْقِيةِ وتخْمِيرِ الآنِيةِ

الفصل: ‌باب تحريم الخمر

‌28 - كِتابُ الأشْرِبةِ

‌بِابُ تحْرِيمِ الْخمْرِ

قَالَ الله سبحانه وتعالى: {إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنْصَابُ وَالأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ} [الْمَائِدَة: 90]، وَقَالَ اللهُ عز وجل:{تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَرًا وَرِزْقًا حَسَنًا} [النَّحْل: 67]، قِيل: نزل هَذَا قبْل تحْرِيم الخمْرِ.

قَالَ ابنُ عبّاسٍ: السّكرُ: مَا حُرِّم وهُو الخمْرُ، والرِّزْقُ الحسنْ، مَا بقِي حَلَالا وهُو الأعْنابُ، والتُّمورُ، والسّكرُ: اسْمٌ لِما يُسْكِرُ.

3008 -

أَخْبَرَنَا الإِمَامُ أَبُو مَنْصُورٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَسْعَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ حَفْدَةَ الْعَطَّارِيُّ، أَدَامَ اللَّهُ ظِلَّهُ، قَالَ: حَدَّثَنَا الإِمَامُ أَبُو مُحَمَّدٍ الْحُسَيْنُ بْنُ مَسْعُودٍ الْبَغَوِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ الشِّيرَزِيُّ، أَنَا زَاهِرُ بْنُ أَحْمَدَ، نَا أَبُو إِسْحَاقَ الْهَاشِمِيُّ، أَنَا أَبُو مُصْعَبٍ، عَنْ مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، أَنَّهَا قَالَتْ: سُئِلَ رَسُولُ

ص: 349

اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنِ الْبِتْعِ، فَقَالَ:«كُلُّ شَرَابٍ أَسْكَرَ حَرَامٌ» .

هَذَا حَدِيثٌ مُتَّفَقٌ عَلَى صِحَّتِهِ، أَخْرَجَهُ مُحَمَّدٌ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُوسُفَ، وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، عَنْ يَحْيَى بْنِ يَحْيَى، كِلاهُمَا عَنْ مَالِكٍ

3009 -

وَأَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الصَّالِحِيُّ، أَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ الْحِيرِيُّ، أَنَا حَاجِبُ بْنُ أَحْمَدَ الطُّوسِيُّ، نَا عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ مُنِيبٍ، نَا سُفْيَانُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«كُلُّ شَرَابٍ أَسْكَرَ فَهُوَ حَرَامٌ» .

هَذَا حَدِيثٌ مُتَّفَقٌ عَلَى صِحَّتِهِ

وصحّ عنْ أبِي مُوسى، قَالَ: بَعَثَنِي رسُول اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنا ومعاذ بْن جبل إِلى الْيمن، فقُلْتُ: يَا رسُول اللهِ، إِن شرابًا يُصنعُ بأرضنا يُقَال لهُ: المِزرُ، من الشّعير، وشرابٌ يُقال لهُ: البِتعُ من الْعَسَل، فَقَالَ:«كُلُّ مُسْكِرٍ حرامٌ» .

3010 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ الْخِرَقِيُّ، أَنَا أَبُو الْحَسَنِ

ص: 350

عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الطَّيْسَفُونِيُّ، أَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ الْجَوْهَرِيُّ، نَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ الْكُشْمِيهَنِيُّ، نَا عَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ، نَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ بَكْرِ بْنِ أَبِي الْفُرَاتِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«مَا أَسْكَرَ كَثِيرُهُ، فَقَلِيلُهُ حَرَامٌ» .

هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ

3011 -

أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ أَحْمَدَ الْمَلِيحِيُّ، أَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ النُّعَيْمِيُّ، أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، نَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي رَجَاءٍ، نَا يَحْيَى، عَنْ أَبِي حَيَّانَ التَّيْمِيِّ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: خَطَبَ عُمَرُ رضي الله عنه عَلَى مِنْبَرِ رَسُولِ اللَّه صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ:" إِنَّهُ قَدْ نَزَلَ تَحْرِيمُ الْخَمْرِ، وَهِيَ مِنْ خَمْسَةِ أَشْيَاءَ: الْعِنَبِ، وَالتَّمْرِ، وَالْحِنْطَةِ، وَالشَّعِيرِ، وَالْعَسَلِ، وَالْخَمْرُ مَا خَامَرَ الْعَقْلَ، وَثَلاثٌ وَدِدْتُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَمْ يُفَارِقْنَا حَتَّى يَعْهَدَ إِلَيْنَا عَهْدًا: الْجَدُّ، وَالْكَلالَةُ، وَأَبْوَابٌ مِنْ أَبْوَابِ الرِّبَا ".

ص: 351

هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ

وقوْله: «الخمْرُ مَا خامر العقْل» ، أَي: خالطه، وخمر الْعقل، أَي: ستره، وهُو الْمُسكر من الشَّرَاب، وَالْخمر بِفَتْح الْمِيم: مَا سترك من شجر، أوْ بِنَاء، أوْ غَيره، والبِتعُ: نَبِيذ الْعَسَل، والمِزرُ، نَبِيذ الشّعير، وَيُقَال: هُو من الذّرة، والجِعةُ: نَبِيذ الشّعير، والسّكرُ: نَبِيذ التَّمْر الّذِي لمْ تمسهُ النَّار.

قَالَ الإِمامُ: فِي هَذِه الأحادِيث دلِيل وَاضح على بطلَان قوْل من زعم أَن الْخمر إِنّما هِي عصير الْعِنَب، أوِ الرطب النيء الشَّديد مِنْهُ، وعَلى فَسَاد قوْل من زعم، أَن لَا خمر إِلَّا من الْعِنَب، أوِ الزَّبِيب، أوِ الرُّطب، أوِ التَّمْر، بل كُل مُسْكِرٍ خمرٌ، وَأَن الْخمر مَا يخَامر الْعقل.

وقدْ رُوِي عنِ الشّعْبِيِّ، عنِ النُّعْمَان بْن بشير، قَالَ: قَالَ رسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «إِنّ مِن العِنبِ خمْرًا، وإِنّ مِن التّمْرِ خمْرًا، وإِنّ مِن العسلِ خمْرًا، وإِنّ مِن البُرِّ خمْرًا، وإِنّ مِن الشّعيرِ خمْرًا» .

فَهَذَا تَصْرِيح بِأَن الْخمر قدْ تكون من غيْر الْعِنَب وَالتَّمْر، وَتَخْصِيص هَذِه الْأَشْيَاء بِالذكر ليْس لما أَن الْخمر لَا تكون

ص: 352

إِلَّا من هَذِه الْخَمْسَة، بل كُل مَا كَانَ فِي مَعْنَاهَا من ذُرة، وسُلتٍ، وعُصارة شجر، فَحكمه حكمهَا، وتخصيصها بِالذكر، لكَونهَا معهودة فِي ذلِك الزّمان.

وقدْ رُوِي عنْ أبِي هُريْرة، قَالَ: قَالَ رسُول اللهِ صلى الله عليه وسلم: " الخمْرُ مِنْ هاتيْنِ الشّجرتيْنِ: النّخْلةِ، والعِنبةِ "، وَهَذَا لَا يُخَالف حَدِيث النُّعْمَان بْن بشير، وَإِنَّمَا مَعْنَاهُ: أَن مُعظم الْخمر يكُون مِنْهُمَا، وهُو الْأَغْلَب على عادات النّاس فِيمَا يتخذونه من الْخُمُور.

وفِي قوْله: «مَا أسْكر كثِيرُهُ، فقلِيلُهُ حرامٌ» ، دلِيل على أَن التَّحْرِيم فِي جنس الْمُسكر لَا يتَوَقَّف على السُّكر، بل الشّربة الأولى مِنْهُ فِي التَّحْرِيم وَلُزُوم الحدِّ فِي حكم الشّربة الْآخِرَة الّتِي يحصل بِها السكر، لِأَن جمِيع أَجْزَائِهِ فِي المعاونة على السكر سواءٌ، كالزعفران لَا يصْبغ القليلُ مِنْهُ حتّى يُمدّ بِجُزْء بعد جُزْء، فإِذا كثر وَظهر لَونه، كَانَ الصِّبغُ مُضَافا إِلى جمِيع أَجْزَائِهِ لَا إِلى آخر جُزْء مِنْهُ، وَهَذَا قوْل عَامَّة أهل الْحدِيث، وقالُوا: لَو حلف أَلا يشرب الْخمر، فَشرب شرابًا مُسكرًا، يَحْنَث.

قَالَ السَّائِب بْن يزِيد: إِن عُمر، قَالَ: إِنِّي وجدت مِنْ فُلان رِيح شرابٍ، وَزعم أنّهُ شرِب الطِّلاء، وَأَنا سائِلٌ عمّا شرِب، فإِنْ كَانَ يُسْكِرُ جلدْتُهُ، فجلدهُ الحدّ تامًّا.

وَقَالَ علِي: لَا أُوتي بأحدٍ شرب خمرًا وَلَا نبيذًا مُسكرا إِلَّا جلدته الحدّ.

وَقَالَ ابْن عُمر: كُل مُسكر خمر، وَهَذَا قوْل مالِك، والشّافِعِي.

ص: 353