الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بابُ الإِحْسانِ فِي القتْلِ وتحْديدِ الشّفْرةِ
2783 -
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ أَحْمَدَ الْمَلِيحِيُّ، أَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي شُرَيْحٍ، أَنَا أَبُو الْقَاسِمِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْبَغَوِيُّ، نَا عَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ، أَنَا شُعْبَةُ، عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ، عَنْ أَبِي قِلابَةَ، عَنْ أَبِي الأَشْعَثِ الصَّنَعَانِيِّ، عَنْ شَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«إِنَّ اللَّهَ كَتَبَ الإِحْسَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ، فَإِذَا ذَبَحْتُمْ، فَأَحْسِنُوا الذَّبْحَ، وَإِذَا قَتَلْتُمْ، فَأَحْسِنُوا الْقِتْلَةَ، وَلْيُحِدَّ أَحَدُّكُمْ شَفْرَتَهُ، وَلْيُرِحْ ذَبِيحَتَهُ» .
هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ، أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ نَافِعٍ، عَنْ غُنْدَرٍ، عَنْ شُعْبَةَ
قَالَ الإِمامُ: الْإِحْسَان فِي الْقَتْل وَالذّبْح مَكْتُوب على الإِنْسان كَمَا نطق بِهِ الحديثُ، فَمن ذلِك تحديدُ الشَّفْرَة، ليَكُون أيسر على الذَّبِيحَة، وقدْ رُوِي فِي حَدِيث رَافع بْن خديج، حِين قَالَ: أنّا لاقو الْعَدو غَدا وَلَيْسَت مَعنا مدى، أفنذبح بالقصب؟ فَقَالَ النّبي صلى الله عليه وسلم:«أعْجِلْ وأرْنِ» ، مَعْنَاهُ: خِفّ واعجل، لِأَن الذّبْح إِذا كَانَ بِغَيْر الْحَدِيد
احْتَاجَ صَاحبه إِلى خفَّة يدٍ، وَسُرْعَة فِي إمرارها على الْحلق حتّى لَا تختنق الذَّبِيحَة، بِمَا ينالها من ألم الضغط.
رُوِي أَن رجُلا أحدّ شفرته وقدْ أَخذ شَاة ليذبحها، فَضَربهُ عُمر بِالدرةِ، فَقَالَ: أتْعذِّب الرُّوح؟ أَلا فعلْت هَذَا قبْل أنْ تأْخُذها.
وَالِاخْتِيَار فِي الإِبِل النَّحْر، وهُو أَن يقطع اللبة، وفِي الْبَقر وَالْغنم الذّبْح، وهُو قطع أَعلَى الْعُنُق، لِأَن عنق الْبَعِير طَوِيل، فإِذا قُطِع
أسْفلهُ يكُون أعجل لزهوق الرّوح، فَلَو نحر الْبَقر وَالْغنم، أوْ ذبح الْبَعِير فَجَائِز، وَقَالَ مالِك: لَو ذبح الْبَعِير، أوْ نحر الشَّاة، فَلَا يحل وفِي الْبَقر يتَخَيَّر بيْن الذّبْح والنحر، وَقَالَ عُمر، وابْن عبّاس: الذَّكَاة فِي الْحلق واللبة، وَزَاد عُمر:«وَلَا تُعجِلُوا الأنْفُس أنْ تزْهق» ، أَرَادَ بقوله: لَا تُعجِلوا الْأَنْفس أَن تزهق، أيْ: لَا يسلخها بعد قطع مذبحها مَا لمْ يفارقها الرّوح.
وَنهى ابْن عُمر عنِ النخع، والنخع: هُو الْقَتْل الشَّديد، وهُو أَن يُبالغ فِي قطع حلقها حتّى يبلغ النخاع وهُو خيط الرَّقَبَة، والبخع بِالْبَاء أيْضًا: الْقَتْل الشَّديد، وَمِنْه قوْله سبحانه وتعالى:{فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ} [الْكَهْف: 6]، أيْ: قاتلها ومُهْلِكُها مبالغًا فِيها حرصًا على إسْلَامهمْ، وأقلُّ الذّبْح: قطع المري والحلقوم، وكماله أَن يقطع الودجين مَعَهُمَا.