الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بالنُّصح لهُ، وَتَسْلِيم الحكم لهُ فِي السَّلب، واللهُ أعْلمُ.
هَذَا كُله قوْل الْخطابِيّ وَكَلَامه على هَذَا الْحدِيث.
بابُ التّنْفِيلِ
2726 -
أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الشِّيرَزِيُّ، أَنَا أَبُو عَلِيٍّ زَاهِرُ بْنُ أَحْمَدَ، أَنَا أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ الصَّمَدِ الْهَاشِمِيُّ، أَنَا أَبُو مُصْعَبٍ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «بَعَثَ سَرِيَّةً فِيهَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ قِبَلَ نَجْدٍ، فَغَنِمُوا إِبِلا كَثِيرَةً، فَكَانَتْ سُهْمَانُهُم اثْنَيْ عَشَرَ بَعِيرًا، أَوْ أَحَدَ عَشَرَ بَعِيرًا، وَنُفِّلُوا بَعِيرًا بَعِيرًا» .
هَذَا حَدِيثٌ مُتَّفَقٌ عَلَى صِحَّتِهِ أَخْرَجَهُ مُحَمَّدٌ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُوسُفَ، وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ يَحْيَى، كِلاهُمَا عَنْ مَالِكٍ
وَالنَّفْل: اسْم لزِيَادَة يُعْطِيهَا الإِمام بعْض الْجَيْش على الْقدر الْمُسْتَحق، وَمِنْه سميت النَّافِلَة لما زَاد على الْفَرَائِض من الصَّلَوَات، وَسمي ولد الْوَلَد نَافِلَة لكَونه زَائِدا على الْوَلَد.
وفِيهِ دلِيلٌ على أنّهُ يجوز للْإِمَام أَن يُنفِّل بعْض الْجَيْش، لزِيَادَة غناهُ وبلاء مِنْهُم فِي الْحَرْب يحضهم بِهِ من بيْن سَائِر الْجَيْش لما يصيبهم من الْمَشَقَّة، ويجعلهم أُسْوَة الْجَمَاعَة فِي سَهْمَان الْغَنِيمَة.
2727 -
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ أَحْمَدَ الْمَلِيحِيُّ، أَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ النُّعَيْمِيُّ، أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، نَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، نَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، نَا اللَّيْثُ، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَالِمٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «كَانَ يُنَفِّلُ بَعْضَ مَنْ يَبْعَثُ مِنَ السَّرَايَا لِأَنْفُسِهِمْ خَاصَّةً سِوَى قَسْمِ عَامَّةِ الْجَيْشِ» .
هَذَا حَدِيثٌ مُتَّفَقٌ عَلَى صِحَّتِهِ، أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ شُعيْبِ بْنِ اللَّيْثِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنْ عُقَيْلِ بْنِ خَالِدٍ
وقدْ رُوِي عنِ ابْنِ عبّاسٍ، قَالَ: قَالَ رسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يوْم بدرٍ: «منْ فعل كَذَا وَكَذَا، فلهُ مِن النّفْلِ كَذَا وَكَذَا» .
ورُوِي عنْ حبيب بْن مسلمة الفِهري، قَالَ: شهِدْتُ النّبيّ صلى الله عليه وسلم «نفّل الرّبْع فِي البداءةِ، والثّلُث فِي الرّجْعةِ» .
قَالَ أبُو سُليْمان الْخطابِيّ: البداء إِنّما هِي ابْتِدَاء سفر الْغَزْو، وإِذا نهضت سَرِيَّة من جملَة الْعَسْكَر فأوقعت بطَائفَة من الْعَدو، فَمَا غنموا كلهم لهُمْ مِنْهَا الرّبع، ويشركهم سَائِر الْعَسْكَر فِي ثَلَاثَة أَرْبَاعه، فإِن قَفَلُوا من الْغَزْو، ثُمّ رجعُوا، فأوقعوا بالعدو ثَانِيَة، كَانَ لهُمْ مِمَّا غنموا الثُّلُث، لِأَن نهوضهم بعد القفل أشقُّ، والخطر فِيهِ أعْظم.
قَالَ الإِمامُ: أَشَارَ إِلى أَن تَخْصِيص بعْض الْجَيْش بِالثُّلثِ وَالرّبع لنهوضهم إِلى ملاقاة الْعَدو من بيْن سَائِر الْقَوْم جَائِز، ثُمّ تَخْصِيص إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ من الناهضين بِالزِّيَادَةِ، لزِيَادَة خطرهم ومشقتهم.
واخْتلف أهْلُ الْعِلْمِ فِي إِعْطَاء النَّفْل، وَأَنه من أَيْن يعْطى، فحُكي عنْ مالِك أنّهُ كَانَ يكره أَن يقُول الإِمام: من قتل فلَانا، أوْ قَاتل فِي مَوضِع كَذَا، فَلهُ كَذَا، أوْ يبْعَث سَرِيَّة من الْعَسْكَر فِي وَجه على أَن مَا غنموا، فَلهم نصفه، وَجوزهُ الْآخرُونَ، وأثبتوا بِهِ النَّفْل، وإِليْهِ ذهب الثّوْرِي، وَالْأَوْزَاعِيّ، والشّافِعِي وأحْمد، وَاخْتلفُوا فِي أَن النَّفْل من أَيْن يعْطى، فَذهب جمَاعَة إِلى أنّهُ من خمس الْخمس سهم النّبي صلى الله عليه وسلم، وهُو قوْل سعِيد بْن الْمُسيِّبِ، وإِليْهِ ذهب الشّافِعِي، وَأَبُو عُبيْد، وقالُوا:«كَانَ النّبي صلى الله عليه وسلم يُعْطِيِهم مِنْ ذلِك» .
وَهَذَا معنى قوْل النّبي صلى الله عليه وسلم: «مَا لي مِمّا أَفَاء الله عليْكُمْ إِلّا الخُمُس، والخُمُسُ مرْدُودٌ فِيكُم» .
قَالَ الإِمامُ: وقوْله يوْم بدر: «منْ فعل كَذَا فلهُ كَذَا» ، فهُو أيْضًا من خَاص حَقه، لِأَن الْأَنْفَال يوْمئِذٍ كَانَت لهُ خَاصَّة، كَمَا قَالَ الله سبحانه وتعالى:{يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأَنْفَالِ قُلِ الأَنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ} [الْأَنْفَال: 1]، وَذهب بعْضُهُمْ إِلى أَن النَّفْل من الْأَرْبَعَة الْأَخْمَاس بعد إِخْرَاج الْخمس، وهُو قوْل أحْمد، وَإِسْحَاق، لما رُوِي عنْ حبيب بْن مسلمة الفِهري، قَالَ: كَانَ رسُول اللهِ صلى الله عليه وسلم «ينفل الثُّلُث بعد الْخمس» .
قَالَ الإِمامُ: وقدْ صَحَّ فِي حَدِيث ابْن شهَاب، عنْ سَالم، عنِ ابْن عُمر، أنّ رسُول اللهِ صلى الله عليه وسلم قدْ كَانَ «يُنفِّلُ بعْض منْ يبْعثُ مِن السّرايا لأنْفُسِهِمْ خاصّةً سِوى قسمِ عامّةِ الجيْشِ» والخُمُسُ فِي ذلِك واجِبٌ كُلُّهُ.
وَذهب بعْضُهُمْ إِلى أَن النَّفْل من رَأس الْغَنِيمَة، كَمَا أَن السَّلب يكُون من جملَة الْغَنِيمَة قبل الْخمس، وهُو قوْل أبِي ثَوْر، لما رُوِي عنْ مُحمّد بْن إِسْحاق، عنْ نافِعٍ، عنِ ابْن عُمر، قَالَ:«بعث رسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم سرِيّةً إِلى نجْدٍ» ، فخرجْتُ مَعهَا، فأصبْنا نِعمًا كثيرا فنفّلنا أمِيرُنا بعِيرًا لِكُلِّ إِنْسانٍ، ثُمّ قدِمْنا على رسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، «فقسم بيْننا غنِيمتنا» ، فَأصَاب كُلُّ رجُلٍ مِنّا اثْنا عشر بَعِيرًا بعْد الخُمُس، «وَمَا حاسبنا رسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بالّذي أعْطانا، وَلَا عَابَ عليْهِ مَا صنع» ، فَكَانَ لِكُلِّ رجُلٍ مِنّا ثَلَاثَة عشر بَعِيرًا.
قَالَ مالِك: ذلِك على وَجه