الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحُديبية، وَمَعَهُ السَّيْف، وَعَلِيهِ المِغفر، وَمَا رُوِي عنِ النّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، أنّهُ قَالَ:«منْ سرّهُ أنْ يتمثّل لهُ الرِّجالُ قِيامًا، فلْيتبوّأْ مقْعدهُ مِن النّارِ» ، فَمَعْنَاه أَن يَأْمُرهُم بِذلِك على مَذْهَب الكِبر والنخوة.
وفِيهِ أَن من نزل مِن أهل الْكفْر على حكم رجل مُسْلِم، نفذ حُكمُه أَن وَافق الْحق.
وقوْله: «لقدْ حكمت فيهم بِحكم الملِك» ، يُريد بِحكم الله عز وجل، وروى بعْضهم بِحكم الْملِك بِفَتْح اللَّام، أَي: الْملك الّذِي نزل بِالْوَحْي فِي أَمرهم، وَالْأول أصح بِدَلِيل أنّهُ يُروى أنّهُ عليه السلام قَالَ:«قضيْت بِحُكْمِ الله» .
بابُ حِلِّ الغنيمةِ لِهذِهِ الأُمّةِ
قَالَ الله سبحانه وتعالى: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأَنْفَالِ قُلِ الأَنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ} [الْأَنْفَال: 1]، والأنْفالُ: الغنائِمُ: الواحِدُ نفلٌ، وكُلُّ شيْء كَانَ زِيادةً على الأصْلِ فهُو نفلٌ، وإِنّما قِيل للغنيمةِ: نفلٌ، لأنّهُ مِمّا زَاد الله لِهذِهِ الأُمّةِ فِي الحلالِ، وَكَانَ مُحرّمًا على منْ قبْلهُمْ، وبِهِ سُمِّيتْ
نوافِلُ الصّلواتِ، لأنّها زِيادةٌ على الفرْضِ، وَقَالَ الله سبحانه وتعالى:{فَكُلُوا مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلالا طَيِّبًا} [الْأَنْفَال: 69]، وَقَالَ النّبيُّ صلى الله عليه وسلم:«أُحِلّتْ لِي المغانِمُ ولمْ تحِلّ لأحِدٍ قبْلي» .
2719 -
أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ حَسَّانُ بْنُ سَعِيدٍ الْمَنِيعِيُّ، أَنَا أَبُو طَاهِرٍ مُحَمَّدُ بْنُ مَحْمِشٍ الزِّيَادِيُّ، أَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْقَطَّانُ، حَدَّثَنَا أَبُو الْحَسَنِ أَحْمَدُ بْنُ يُوسُفَ السُّلَمِيُّ، نَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ، قَالَ: هَذَا مَا حَدَّثَنَا أَبُو هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " غَزَا نَبِيٌّ مِنَ الأَنْبِيَاءِ، فَقَالَ لِلْقَوْمِ: لَا يتْبَعْنِي رَجُلٌ قَدْ كَانَ مَلَكَ بُضْعَ امْرَأَةٍ يُرِيدُ أَنْ يَبْنِيَ بِهَا وَلَمَّا يَبْنِ، وَلا أَحَدٌ قَدْ بَنَى بِنَاءً لَهُ، وَلَمَّا يَرْفَعُ سُقُفَهَا، وَلا أَحَدٌ قَدِ اشْتَرَى غَنَمًا، أَوْ خَلِفَاتٍ، وَهُوَ يَنْتَظِر وِلادَهَا، فَغَزَا، فَدَنَا لِلْقَرْيَةِ حِينَ صَلَّى الْعَصْرَ، أَوْ قَرِيبًا مِنْ ذَلِكَ، فَقَالَ لِلشَّمْسِ: أَنْتِ مَأْمُورَةٌ، وَأَنَا مَأْمُورٌ، اللَّهُمَّ احْبِسْهَا عَلَيَّ شَيْئًا، فَحُبِسَتْ عَلَيْهِ حَتَّى فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِ، فَجَمَعُوا مَا غَنِمُوا، فَأَقْبَلَتِ النَّارُ
لِتَأْكُلَهُ، فَأَبَتْ أَنْ تُطْعِمَهُ، فَقَالَ: فِيكُمْ غُلُولٌ، فَلْيُبَايِعْنِي مِنْ كُلِّ قَبِيلَةٍ رَجُلٌ، فَبَايَعُوهُ، فَلَصِقَتْ يَدُ رَجُلٍ بِيَدِهِ، فَقَالَ: فِيكُمُ الغُلُولُ، فَلْتُبَايِعْنِي قَبِيلَتُهُ، فَبَايَعَتْهُ قَبِيلَتُهُ، فَلَصِقَ يَدُ رَجُلَيْنِ، أَوْ ثَلاثَةٍ، فَقَالَ: فِيكُمُ الْغُلُولُ، أَنْتُمْ غَلَلْتُمْ، قَالَ: فَأَخْرَجُوا إِلَيْهِ مِثْلَ رَأْسِ بَقَرَةٍ مِنْ ذَهَبٍ، فَوَضَعُوهُ فِي الْمَالِ، وَهُوَ بِالصَّعِيدِ، فَأَقْبَلَتِ النَّارُ، فَأَكَلَتْ، قَالَ: فَلَمْ تَحِلَّ الْغَنَائِمُ لأَحَدٍ مِنْ قَبْلِنَا ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ رَأَى ضَعْفَنَا، وَعَجْزَنَا، فَطَيَّبَهَا لَنَا ".
قَالَ: وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «أَيُّمَا قَرْيَةٍ أَتَيْتُمُوهَا، وَأَقَمْتُمْ فِيهَا مَسْهَمَكُمْ» ، أَظُنُّهُ قَالَ:«فَهِيَ لَكُمْ، أَوْ نَحْوَهُ مِنَ الْكَلامِ، وَأَيُّمَا قَرْيَةٍ عَصَتِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ، فَإِنَّ خُمُسَهَا لِلَّهِ وَرَسُولِهِ، ثُمَّ هِيَ لَكُمْ» .
قَالَ: وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَا أُوتِيكُمْ مِنْ شَيْءٍ،
وَلا أَمْنَعُكُمُوهُ، إِنْ أَنَا إِلَّا خَازِنٌ أَضَعُ حَيْثُ أُمِرْتُ».
هَذَهِ أَحَادِيثُ مُتَّفَقٌ عَلَى صِحَّتِهَا، أَخْرَجَاهُ مِنْ أَوْجُهٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ رَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ
وفِيهِ بَيَان أَن الْأَرَاضِي المغنومة مقسومة كالمنقول، وَذهب أصْحاب الرّأْيِ إِلى أَن الإِمام فِي الْأَرَاضِي المغنومة مُخيّر بيْن أَن يقسمها بيْن الْغَانِمين، وَبَين أَن يمُنّ بِها على الْكفَّار فيردها عَلَيْهِم، كَمَا فعل النّبِي صلى الله عليه وسلم بدورِ مكّة، وَبَين أَن يقِفها، كَمَا فعل عُمر رضي الله عنه بسواد الْعرَاق، وَنحن نقُول: مكّة فُتِحت صلحا، فَلم تكن أراضيها مغنومة، وَسَوَاد الْعرَاق وَقفهَا عُمر بِطيب أنفس الْغَانِمين أَعْطَاهُم عليْها عرضا، فتركوا حُقُوقهم فوقفها.
2720 -
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ أَحْمَدَ الْمَلِيحِيُّ، أَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ النُّعَيْمِيُّ، أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، نَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، نَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، أَخْبَرَنِي زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّهُ سَمِعَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، رضي الله عنه، يَقُولُ:«أَمَا وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْلا أَنْ أَتْرُكَ أَخِرَ النَّاسِ بَبَّانًا لَيْسَ لَهُمْ شَيْءٌ مَا فُتِحَتْ عَلَيَّ قَرْيَةٌ إِلَّا قَسَمْتُهَا كَمَا قَسَمَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم خَيْبَرَ، وَلَكِنْ أَتْرُكُهَا خِزَانَةً لَهُمْ يَقْتَسِمُونَهَا» .
صَحِيحٌ