الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بابُ حيواناتِ الْبحْرِ
قَالَ الله سبحانه وتعالى: {أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعًا لَكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ} [الْمَائِدَة: 96].
2804 -
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ أَحْمَدَ الْمَلِيحِيُّ، أَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ النُّعَيْمِيُّ، أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، نَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، نَا مُسَدَّدٌ، نَا يَحْيَى، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، أَخْبَرَنِي عَمْرٌو، أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرًا، يَقُولُ: غَزَوْتُ جَيْشَ الْخَبَطِ، وَأُمِّرَ أَبُو عُبَيْدَةَ، فَجُعْنَا جُوعًا شَدِيدًا، فَأَلْقَى الْبَحْرُ حُوتًا مَيْتًا لَمْ نَرَ مِثْلَهُ، يُقَالُ لَهُ: الْعَنْبَرُ، فَأَكَلْنَا مِنْهُ نِصْفَ شَهْرٍ، فَأَخَذَ أَبُو عُبَيْدَةَ عَظْمًا مِنْ عِظَامِهِ، فَمَرَّ الرَّاكِبُ تَحْتَهُ، وَأَخْبَرَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ، أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرًا، يَقُولُ: قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: كُلُوا، فَلَمَّا قَدِمْنَا، ذَكَرْنَا ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ:«كُلُوا، رِزْقًا أَخْرَجَهُ اللَّهُ، أَطْعِمُونَا إِنْ كَانَ مَعَكُمْ» ، فَأَتَاهُ بَعْضُهُمْ فَأَكَلَهُ.
هَذَا حَدِيثٌ مُتّفقٌ عَلَى صِحَّتِهِ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، عَنْ عَبْدِ الْجَبَّارِ بْنِ الْعَلاءِ
عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ عَمْرٍو، عَنْ يَحْيَى بْنِ يَحْيَى، عَنْ أَبِي خَيْثَمَةَ، عَنْ أَبِي الزُّبيْرِ، عَنْ جَابِرٍ
والخبط، بِفَتْح الْبَاء: ورق الشّجر يُضرب بالعصا، فيسقطُ، سُمُّوا جَيش الْخبط، لأَنهم اضطروا إِلى أكله.
2805 -
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ أَحْمَدَ الْمَلِيحِيُّ، أَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ النُّعَيْمِيُّ، أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، نَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، نَا صَدَقَةُ بْنُ الْفَضْلِ، نَا عَبْدَةُ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ وَهْبِ بْنِ كَيْسَانَ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ:«خَرَجْنَا، وَنَحْنُ ثَلاثُ مِائَةٍ نَحْمِلُ زَادَنَا عَلَى رِقَابِنَا، فَفَنِيَ زَادُنَا حَتَّى كَانَ الرَّجُلُ مِنَّا يَأْكُلُ فِي كُلِّ يَوْمٍ تَمْرَةً» ، قَالَ رَجُلٌ: يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ، وَأَيْنَ كَانَتِ التَّمْرَةُ تَقَعُ مِنَ الرَّجُلِ؟، قَالَ:«لَقَدْ وَجَدْنَا فَقْدَهَا حِينَ فَقَدْنَاهَا حَتَّى أَتَيْنَا الْبَحْرَ، فَإِذَا حُوتٌ قَدْ قَذَفَهُ الْبَحْرُ، فَأَكَلْنَا مِنْهَا ثَمَانِيَةَ عَشَرَ يَوْمًا مَا أَحْبَبْنَا» .
هَذَا حَدِيثٌ مُتَّفَقٌ عَلَى صِحَّتِهِ، أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ، عَنْ عَبْدَةَ بْنِ سُلَيْمَانَ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ
2806 -
أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ الشِّيرَزِيُّ، أَنَا زَاهِرُ بْنُ أَحْمَدَ، أَنَا أَبُو إِسْحَاقَ الْهَاشِمِيُّ، أَنَا أَبُو مُصْعَبٍ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ أَبِي نُعَيْمٍ وَهْبِ بْنِ كَيْسَانَ،
عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ:" بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَعْثًا قِبَلَ السَّاحِلِ، وَأَمَّرَ عَلَيْهِمْ أَبَا عُبَيْدَةَ بْنَ الْجَرَّاحِ، وَهُمْ ثَلاثُ مِائَةٍ، قَالَ: وَأَنَا فِيهِمْ، فَخَرَجْنَا حَتَّى إِذَا كُنَّا بِبَعْضِ الطَّرِيقِ، فَنِيَ الزَّادُ، فَأَمَرَ أَبُو عُبَيْدَةَ بِأَزْوَادِ ذَلِكَ الْجَيْشِ، فَجُمِعَ كُلُّهُ، فَكَانَ مِزْوَدَيْ تَمْرٍ، قَالَ: فَكَانَ يَقُوتُنَا كُلَّ يَوْمٍ قَلِيلا قَلِيلا حَتَّى فَنِيَ، وَلَمْ يُصِبْنَا إِلَّا تَمْرَةٌ تَمْرَةٌ، فَقُلْتُ: وَمَا تُغْنِي تَمْرَةٌ؟ فَقَالَ: لَقَدْ وَجَدْنَا فَقْدَهَا حِينَ فَنِيَتْ، قَالَ: ثُمَّ انْتَهَى إِلَى الْبَحْرِ، فَإِذَا حُوتٌ مِثْلُ الظَّرِبِ، فَأَكَلَ مِنْهُ ذَلِكَ الْجَيْشُ ثَمَانِيَ عَشْرَةَ لَيْلَةً، ثُمَّ أَمَرَ أَبُو عُبَيْدَةَ بِضِلْعَيْنِ مِنْ أَضْلاعِهِ، فَنُصِبَا، ثُمَّ أَمَرَ بِرَاحِلَةٍ، فَرُحِلَتْ، ثُمَّ مَرَّتْ تَحْتَهُمَا، فَلَمْ يُصِبْهُمَا " هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، أَخْرَجَهُ مُحَمَّدٌ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ حَاتِمٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَهْدِيٍّ، كِلاهُمَا عَنْ مَالِكٍ
الظِّربُ: الْجَبَل الصَّغِير قَالَ الإِمامُ: وفِيهِ دلِيلٌ على إِبَاحَة جمِيع ميتات الْبَحْر وهُو ظَاهر الْقُرْآن والْحَدِيث، قَالَ الله سبحانه وتعالى:{أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعًا لَكُمْ} [الْمَائِدَة: 96]، قَالَ عُمر رضي الله عنه:
صيدُه مَا اصطيد، وَطَعَامه مَا رمي بِهِ.
وَقَالَ ابْن عبّاس: طعامهُ ميتَته إِلَّا مَا قذرت مِنْهَا، والجِرِّيُّ لَا تَأْكُله الْيهُود وَنحن نأكله، والجِريُّ: هُو الجرِّيث وهِي المارماهي، وَقَالَ النّبي صلى الله عليه وسلم فِي الْبَحْر:«هُو الطّهُورُ ماؤُهُ الحِلُّ ميْتتهُ» .
وَقَالَ ابْن عبّاس: كُل من صيد الْبَحْر من نصرانيٍّ، أوْ يهوديٍّ، أوْ مجوسيٍّ.
وَمِمَّنْ ذهب إِلَى إِبَاحَة جمِيع ميتات الْبَحْر: أبُو بكْر، وَعمر، وَابْن عبّاس، وَابْن عُمر، وَزيد بْن ثَابت، وَأَبُو هُريْرة، وبِهِ قَالَ
شُرَيْح، وَالْحسن، وَعَطَاء، والشّعْبِي، وإِليْهِ ذهب مالِك.
قَالَ الشعبيُّ: لَو أَن أَهلِي أكلُوا الضفادع لأطعمتهم.
وَقَالَ عَطاء: أما الطير فَأرى أَن يذبحه، وَقَالَ الأوْزاعِي: كلُّ شيْء كَانَ عيشه المَاء، فهُو حَلَال.
قِيل: فالتمساح؟ قَالَ: نعم.
وَركب الْحسن على سرج من جُلُود كلاب المَاء، ولمْ ير الْحسن بالسلحفاة بَأْسا.
وغالب مَذْهَب الشّافِعِي إباحةُ دَوَاب الْبَحْر كلهَا إِلَّا الضفدع، لما جَاءَ من النَّهْي عنْ قَتلهَا، وأخذُها ذكاتُها لَا يحْتَاج إِلى ذبح شيْء مِنْهَا.
وَكَانَ أبُو ثَوْر يقُول: جمِيع مَا يأوي إِلى المَاء حلالٌ، فَمَا كَانَ مِنْهُ يُذكّى، لمْ يحِلّ إِلَّا بِذَكَاة، وَمَا كَانَ مِنْهُ لَا يُذكّى مثل السّمك، فميته حَلَال.
وَذهب قوْمٌ إِلى أَن مَاله فِي البرِّ نظيرٌ لَا يُؤكل مثل كلب المَاء، وخنزير المَاء، وَالْحمار وَنَحْوهَا فَحَرَام، وَمَا لهُ نظيرٌ يُؤكل، فميته من حيوانات الْبَحْر حَلَال.
وسُئل اللَّيْث بْن سعدٍ عنْ دوابِّ المَاء؟ فَقَالَ: إِنْسان المَاء، وخنزير المَاء فَلَا يُؤْكَل، فَأَما الْكلاب، فليْس بِها بَأْس فِي البرِّ وَالْبَحْر.
وَقَالَ سُفْيان الثّوْرِي: أَرْجُو أَن لَا يكُون بالسرطان بَأْسا.
وحرّم أبُو حنِيفة جَمِيع حيوانات الْبَحْر إِلَّا السّمك، وَالْأول أولاها بِالصَّوَابِ، وهُو أَن الْكل حَلَال، لِأَنَّهَا كلهَا سمك وَإِن اخْتلفت صورها كالجِرِّيث، يُقَال لهُ: حَيَّة المَاء، وهُو على شكل الْحَيَّة، وَأكله حَلَال بالِاتِّفَاقِ، وهُو الْأَشْبَه بِظَاهِر الْقُرْآن والْحَدِيث.