الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قوْله: ببّانًا، قِيل: شيْئًا وَاحِدًا، قَالَ أبُو عُبيد: لَا أعرفهُ عَرَبِيَّة، قَالَ الْخطّابِيُّ: قدْ كَانَ يعلم عُمر رضي الله عنه، أَن المَال يعزُّ، والشحُّ يغلب، وَأَن لَا ملِك بعد كسْرَى يُغْنمُ مَاله، فيُغني الْمُسْلِمِين، وأشفق أَن يبْقى آخر النّاس لَا شيْء لهُمْ، فَرَأى أَن تُحبس الأرْض، وَلَا يقسمها قسْمَة سَائِر الأمْوال، وَأَن يضع عليْها خراجًا يبْقى نَفعهَا، ويدِرُّ خَيرهَا للْمُسلمين أبدا كَمَا فعل بسواد الْعرَاق نظرا للْمُسلمين، وشفقة على آخِرهم.
بابُ الغنِيمة لِمنْ شهِد الْوقْعة
2721 -
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ أَحْمَدَ الْمَلِيحِيُّ، أَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ النُّعَيْمِيُّ، أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، نَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، نَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلاءِ، نَا أَبُو أُسَامَةَ، نَا يَزِيدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِي مُوسَى، قَالَ: بَلَغَنَا مَخْرَجُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَنَحْنُ بِالْيَمَنِ، فَخَرَجْنَا مُهَاجِرِينَ إِلَيْهِ، أَنَا، وَإِخْوَانٌ لِي أَنَا أَصْغَرُهُمْ، أَحَدُهُمَا أَبُو بُرْدَةَ، وَالآخَرُ أَبُو رُهْمٍ، إِمَّا قَالَ فِي بِضْعٍ، وَإِمَّا قَالَ فِي ثَلاثَةٍ وَخَمْسِينَ، أَوِ اثْنَيْنِ وَخَمْسِينَ رَجُلا مِنْ قَوْمِي، فَرَكِبْنَا سَفِينَةً، فَأَلْقَتْنَا سَفِينَتُنَا إِلَى النَّجَاشِيِّ بِالْحَبَشَةِ، فَوَافَقْنَا جَعْفَرَ بْنَ أَبِي طَالِبٍ وَأَصْحَابَهُ
عِنْدَهُ، فَقَالَ جَعْفَرٌ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ بَعَثَنَا هَاهُنَا، وَأَمَرَنَا بِالإِقَامَةِ، فَأَقِيمُوا مَعَنَا، فَأَقَمْنَا مَعَهُ حَتَّى قَدِمْنَا جَمِيعًا، فَوَافَقْنَا النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم حِينَ افْتَتَحَ خَيْبَرَ، فَأَسْهَمَ لَنَا، أَوْ قَالَ: فَأَعْطَانَا مِنْهَا، وَمَا قَسَمَ لأَحَدٍ غَابَ عَنْ فَتْحِ خَيْبَرَ مِنْهَا شَيْئًا إِلَّا لِمَنْ شَهِدَ مَعَهُ، إِلا أَصْحَابَ سَفِينَتِنَا مَعَ جَعْفَرٍ، وَأَصْحَابِهِ قَسَمَ لَهُمْ مَعَهُمْ، فَكَانَ أُنَاسٌ مِنَ النَّاسِ يَقُولُونَ لَنَا يَعْنِي لأَهْلِ السَّفِينَةِ: سَبَقْنَاكُمْ بِالْهِجْرَةِ، وَدَخَلَتْ أَسْمَاءُ بِنْتُ عُمَيْسٍ، وَهِيَ مِمَّنْ قَدِمَ مَعَنَا عَلَى حَفْصَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم زَائِرَةً، وَقَدْ كَانَتْ هَاجَرَتْ إِلَى النَّجَاشِيِّ فِيمَنْ هَاجَرَ، فَدَخَلَ عُمَرُ عَلَى حَفْصَةَ، وَأَسْمَاءُ عِنْدَهَا، فَقَالَ عُمَرُ حِينَ رَأَى أَسْمَاءَ: مَنْ هَذِهِ؟ قَالَتْ: أَسْمَاءُ بِنْتُ عُمَيْسٍ، قَالَ: الْحَبَشِيَّةُ، هَذِهِ الْبَحْرِيَّةُ هَذِهِ؟! قَالَتْ أَسْمَاءُ: نَعَمْ، قَالَ: سَبَقْنَاكُمْ بِالْهِجْرَةِ، فَنَحْنُ أَحَقُّ بِرَسُولِ اللَّهِ مِنْكُمْ، فَغَضِبَتْ، وَقَالَتْ: كَلَّا وَاللَّهِ، كُنْتُمْ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُطْعِمُ جَائِعَكُمْ، وَيَعِظُ جَاهِلَكُمْ، وَكُنَّا فِي دَارٍ، أَوْ أَرْضِ الْبُعْدَاءِ الْبُغَضَاءِ بِالْحَبَشَةِ، وَذَلِكَ فِي اللَّهِ، وَفِي رَسُولِ اللَّهِ، وَايْمُ اللَّهِ لَا أُطْعَمُ طَعَامًا، وَلا شَرَابًا حَتَّى أَذْكُرَ مَا قُلْتَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم،
وَأَسْأَلُهُ، وَاللَّهِ لَا أَكْذِبُ، وَلا أَزِيغُ، وَلا أَزِيدُ عَلَيْهِ، فَلَمَّا جَاءَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، قَالَتْ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ، إِنَّ عُمَرَ قَالَ: كَذَا وَكَذَا، قَالَ:«فَمَا قُلْتِ لَهُ» ؟ قَالَتْ: قُلْتُ كَذَا وَكَذَا، قَالَ:«لَيْسَ بِأَحَقَّ فِيَّ مِنْكِ، وَلَهُ وَلِأَصْحَابِهِ هِجْرَةٌ وَاحِدَةٌ، وَلَكُمْ أَنْتُمْ أَهْلَ السَّفِينَةِ هِجْرَتَانِ» ، قَالَتْ: فَلَقَدْ رَأَيْتُ أَبَا مُوسَى وَأَصْحَابُ السَّفِينَةِ يَأْتُونِي أَرْسَالا يَسْأَلُونِي عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ، مَا مِنَ الدُّنْيَا شَيْءٌ هُمْ بِهِ أَفْرَحُ، وَلا أَعْظَمُ فِي أَنْفُسِهِمْ مِمَّا قَالَ لَهُمُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم.
هَذَا حَدِيثٌ مُتَّفَقٌ عَلَى صِحَّتِهِ، أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ أَيْضًا، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْعَلاءِ الْهَمْدَانِيِّ
قَوْلهَا: يأْتونِي أرْسالا، تُرِيدُ أَفْوَاجًا مُتَفَرّقين وهُو جمع الرّسل، وكل شيْء أَرْسلتهُ فهُو رسلٌ كالهملِ فِيمَا أهملته، والسّبل فِيمَا أسبلتهُ.
قَالَ الإِمامُ: الْغَنِيمَة إِنّما يَسْتَحِقهَا منْ شهد الْوَقْعَة على قصد الْجِهَاد، سَوَاء قَاتل، أوْ لمْ يُقاتل، فَأَما من حضر بعد انْقِضَاء الْحَرْب، فَلَا حقّ لهُ فِيها، رُوِي عنْ أبِي بكْر، وَعمر رضي الله عنهما أَنَّهُمَا قَالَا: الْغَنِيمَة لمن
شهد الْوَقْعَة، وَهَذَا قوْل مالِك، والشّافِعِي، وأحْمد، وَقَالَ الأوْزاعِي: من دخل الدَّرْب، أُسهم لهُ، وَإِن لمْ يشْهد الْقِتَال.
وَذهب أصْحاب الرّأْيِ إِلى أَن المدد إِذا لحِقوا بعد انْقِضَاء الْحَرْب أُسهم لهُمْ، وكذلِك قالُوا: من دخل دَار الْحَرْب فَارِسًا، فَمَاتَ فرسه قبل حُضُور الْوَقْعَة يسْتَحق سهم الْفرس، وَلَو مَاتَ الْفَارِس، قالُوا: لَا يسْتَحق، وَاحْتج هؤُلاءِ بِحَدِيث أبِي مُوسى أَن النّبِي صلى الله عليه وسلم أسْهم لهُمْ من غَنَائِم خَيْبَر، وقدْ لَحِقُوا بعد الْفَتْح، وَأجَاب الْآخرُونَ عَنهُ بِأَنَّهُ إِنّما أَعْطَاهُم من الخُمسِ، الّذِي هُو حقُّهُ دُون حُقُوق من شهد الْوَقْعَة.
وقدْ رُوِي أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم أسْهم عُثْمان وطلْحة مِنْ غنائِمِ بدْر، وهما لمْ يشهدَا بَدْرًا، وَكَانَ ذلِك فِي وَقت كَانَت الغنيمةُ خَالِصَة للنَّبِي صلى الله عليه وسلم، قبل نزُول قوْله تَعَالَى:{وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ} [الْأَنْفَال: 41]، الْآيَة، فَكَانَ يُعطيهم من خَالص حقِّه دُون حق غَيره.
ورُوِي عنْ أبِي هُريْرة: أنّ رسُول اللهِ صلى الله عليه وسلم «بعث أبان بْن سعِيدِ بْن الْعَاصِ على سرِيّةٍ مِن الْمدِينة قِبل نجْدٍ» ، فقدِم أبانُ وأصْحابُهُ على رسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِخيْبر بعْد أنْ «فتحهَا فلمْ يقْسِمْ لهُمْ» .