الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عن أبيه) عبد الله بن عمر بن الخطاب (رضي الله عنه قال:)
(سمعت رسول الله يهل) أي يرفع صوته بالتلبية حال كونه: (ملبدًا) شعر رأسه بنحو الصمغ لينضم الشعر ويلتصق بعضه ببعض احترازًا عن تمعطه وتقمله، وإنما يفعل ذلك من يطول مكثه في الإحرام، واستفيد منه استحباب التلبيد وقد نص عليه الشافعي.
وهذا الحديث أخرجه البخاري أيضًا في اللباس، وكذا مسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجة.
20 - باب الإِهْلَالِ عِنْدَ مَسْجِدِ ذِي الْحُلَيْفَةِ
(باب الأهلال عند مسجد ذي الحليفة) لمن أراد النسك من المدينة.
1541 -
حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ سَمِعْتُ سَالِمَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ رضي الله عنهما. ح وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ عَنْ مَالِكٍ عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَاهُ يَقُولُ "مَا أَهَلَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَاّ مِنْ عِنْدِ الْمَسْجِدِ" يَعْنِي مَسْجِدَ ذِي الْحُلَيْفَةِ.
وبالسند قال: (حدّثنا علي بن عبد الله) المديني قال: (حدّثنا سفيان) بن عيينة قال: (حدّثنا موسى بن عقبة) بضم العين وسكون القاف قال: (سمعت سالم بن عبد الله) بن عمر (قال: سمعت ابن عمر) بن الخطاب (رضي الله عنهما)، قال المؤلّف (ح).
(وحدّثنا) بواو العطف (عبد الله بن مسلمة) بفتح الميم واللام مهملة ساكنة ابن قعنب القعنبي (عن مالك) إمام الأئمة (عن موسى بن عقبة عن سالم بن عبد الله أنه سمع أباه يقول):
(ما أهل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا من عند المسجد يعني مسجد ذي الحليفة) ولفظ متن رواية سفيان الذي لم يذكره المؤلّف هذه البيداء التي يكذبون فيها على رسول الله صلى الله عليه وسلم والله ما أهل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا من عند مسجد ذي الحليفة أخرجه الحميدي في مسنده، وكان ابن عمر ينكر على رواية ابن عباس الآتية إن شاء الله تعالى بعد بابين بلفظ: ركب راحلته حتى استوت على البيداء أهل، والبيداء هذه كما قاله أبو عبيد البكري وغيره فوق علمي ذي الحليفة لمن صعد من الوادي، وسيأتي عند المصنف إن شاء الله تعالى بعد أبواب من طريق صالح بن كيسان عن نافع عن ابن عمر قال: أهل النبي صلى الله عليه وسلم حين استوت به راحلته قائمة فهذه ثلاث روايات ظاهرها التدافع، لكن قد أوضح هذا ابن عباس فيما رواه أبو داود والحاكم من طريق سعيد بن جبير. قلت لابن عباس: عجبت لاختلاف أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في إهلاله فذكر الحديث وفيه: فلما صلّى بمسجد ذي الحليفة ركعتين أوجب من مجلسه فأهل بالحج حين فرغ منهما فسمع منه قوم فحفظوه ثم ركب، فلما استقلت به راحلته أهل وأدرك ذلك منه قوم لم يشهدوه في المرة الأولى فسمعوه حين ذاك فقالوا: إنما أهلّ حين استقلت به راحلته ثم مضى، فلما علا شرف البيداء أهل وأدرك ذلك قوم لم يشهدوه فنقل كل واحد ما سمع وإنما كان إهلاله في مصلاه وأيم الله ثم أهل ثانيًا وثالثًا، وقد اتفق فقهاء الأمصار على جواز جميع ذلك إنما الخلاف في الأفضل.
وحديث الباب أخرجه مسلم في الحج، وكذا أبو داود والترمذي والنسائي.
21 - باب مَا لَا يَلْبَسُ الْمُحْرِمُ مِنَ الثِّيَابِ
(باب ما لا يلبس المحرم من الثياب) قال ابن دقيق العيد: لفظ المحرم يتناول من أحرم بالحج والعمرة معًا، والإحرام الدخول في أحد النسكين والتشاغل بأعمالهما، وقد كان شيخنا العلامة ابن عبد السلام رحمه الله يستشكل معرفة حقيقة الإحرام ويبحث فيه كثيرًا، وإذا قيل إنه النية اعترض
عليه بأن النية شرط في الحج الذي الإحرام ركنه وشرط الشيء غيره، ويعترض على أنه التلبية بأنها ليست بركن، والإحرام ركن هنا وكان يحوم على تعيين فعل تتعلق به النية في الابتداء انتهى.
وأجيب: بأن المحرم اسم فاعل من أحرم إحرامًا بمعنى دخل في الحرمة أي أدخل نفسه وصيرها متلبسة بالسبب المقتضي للحرمة لأنه دخل في عبادة الحج أو العمرة أو هما معًا، فحرم عليه الأنواع السبعة لبس المخيط والطيب ودهن الرأس واللحية وإزالة الشعر والظفر والجماع ومقدماته والصيد، وقد علم من هذا أن النية مغايرة له لشمولها له، ولغيره لأنها قصد فعل الشيء تقربًا إلى الله تعالى فأركان الحج مثلاً الإحرام والوقوف والطواف والسعي والنية فعل كل من الأربعة تقربًا إلى الله تعالى بها، وبهذا التقرير يزول الإشكال وكأن الذي كان يحوم عليه هو ما ذكر والله أعلم.
1542 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما "أَنَّ رَجُلاً قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا يَلْبَسُ الْمُحْرِمُ مِنَ الثِّيَابِ؟ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: لَا يَلْبَسُ الْقُمُصَ وَلَا الْعَمَائِمَ وَلَا السَّرَاوِيلَاتِ وَلَا الْبَرَانِسَ وَلَا الْخِفَافَ، إِلَاّ أَحَدٌ لَا يَجِدُ نَعْلَيْنِ فَلْيَلْبَسْ خُفَّيْنِ وَلْيَقْطَعْهُمَا أَسْفَلَ مِنَ الْكَعْبَيْنِ. وَلَا تَلْبَسُوا مِنَ الثِّيَابِ شَيْئًا مَسَّهُ الزَّعْفَرَانُ أَوْ وَرْسٌ".
وبالسند قال: (حدّثنا عبد الله بن يوسف) التنيسي قال: (أخبرنا مالك) الإمام (عن نافع) مولى ابن عمر (عن عبد الله بن عمر) بن الخطاب
(رضي الله عنهما أن رجلاً) قال الحافظ ابن حجر: لم أقف لم اسمه (قال: يا رسول الله، ما يلبس) الرجل (المحرم) قارنًا أو مفردًا أو متمتعًا (من الثياب)؟ وعند البيهقي أن ذلك وقع والنبي صلى الله عليه وسلم يخطب في مقدم مسجد المدينة. وفي حديث ابن عباس عند المؤلّف في أواخر الحج أنه عليه الصلاة والسلام خطب بذلك في عرفات فيحمل على التعدد. (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:) مجيبًا له:
(لا يلبس القمص) بضم القاف والميم بالجمع ويلبس بالرفع وهو الأشهر على الخبر عن حكم الله إذ هو جواب السؤال أو خبر بمعنى النهي، وبالجزم على النهي وكسر لالتقاء الساكنين.
فإن قلت: السؤال وقع عما يجوز لبسه، والجواب وقع عما لا يجوز فما الحكمة فيه؟ أجيب: بأن الجواب بما لا يجوز لبسه أحصر وأخصر مما يجوز فذكره أولى إذ هو قليل، ويفهم منه ما يباح فتحصل المطابقة بين الجواب والسؤال بالمفهوم، وقيل: كان الأليق السؤال عن الذي لا يباح إذ الإباحة الأصل، ولذا أجاب بذلك تنبيهًا للسائل على الأليق ويسمى مثل ذلك أسلوب الحكيم نحو:{يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ} [البقرة: 189] الآية فإنهم سألوا عن حكمة اختلاف القمر حيث قالوا: ما بال الهلال يبدو دقيقًا ثم يزيد ثم ينقص؟ فأجابهم: بأن الحكمة الظاهرة في ذلك أن تكون معالم للناس يوقتون بها أمورهم، ومعالم للعبادات الموقتة تعرف بها أوقاتها وخصوصًا
الحج فبين فساد سؤالهم وهو: أنه كان ينبغي أن يسألوا عما ينفعهم في دينهم ولا يسألوا عما لا حاجة لهم في السؤال عنه. نعم، المطابقة واقعة بين السؤال والجواب على إحدى الروايتين، فقد رواه أبو عوانة من طريق ابن جريج عن نافع بلفظ: ما يترك المحرم وهي شاذة والاختلاف فيها على ابن جريج لا على نافع، ورواه سالم عن أبيه عن أحمد وابن خزيمة وأبي عوانة في صحيحيهما بلفظ: أن رجلاً قال: ما يجتنب المحرم من الثياب؟ وأخرجه أحمد عن ابن عيينة عن الزهري فقال مرة ما يترك ومرة ما يلبس، وأخرجه المؤلّف في أواخر الحج من طريق إبراهيم بن سعد عن الزهري بلفظ نافع، فالاختلاف فيه على الزهري يشعر بأن بعضهم رواه بالمعنى فاستقامت رواية نافع لعدم الاختلاف عليه فيها، واتجه البحث المتقدم فيها قاله في فتح الباري، ولأبي ذر عن المستملي: لا يلبس القميص بالإفراد (ولا العمائم) جمع عمامة سميت بذلك لأنها تعم جميع الرأس بالتغطية (ولا
السراويلات) جمع سروال فارسي معرّب والسراوين بالنون لغة والشروال بالشين المعجمة لغة (ولا البرانس) جمع برنس بضم النون قال في القاموس: البرنس بالضم قلنسوة طويلة أو كل ثوب رأسه منه درّاعة كان أو جبة انتهى (ولا الخفاف)، بكسر الحاء جمع خف فنبه بالقميص والسراويلات على كل مخيط وبالعمائم والبرانس على كل ما يغطي الرأس مخيطًا كان أو غيره فيحرم على الرجل ستر رأسه أو بعضه كالبياض الذي وراء الأذن مما يعد ساترًا عرفًا ولو بعصابة ومرهم، وهو ما يوضع على الجراحة وطين ساتر لا ستره بماء كأنه غطس فيه وخيط شدّ به رأسه وهودج استظل به وإن مسه ولا بوضع كفه وكذا كف غيره ومحمول كقفة على رأسه لأن ذلك لا يعدّ ساترًا، وظاهر كلامهم عدم حرمة ذلك سواء قصد الستر به أم لا. لكن جزم الفوراني وغيره بوجوب الفدية فيما إذا قصد بحمل القفة ونحوها الستر وظاهره حرمة ذلك حينئذ ولا أثر لتوسده وسادة أو عمامة فإنه حاسر الرأس عرفًا، ونبه بالخفاف على كل ما يستر الرجل مما يلبس عليه من مداس وجورب وغيرهما (إلا أحد لا يجد نعلين) في موضع رفع صفة لأحد، ويستفاد منه كما قاله ابن المنير في الحاشية جواز استعمال أحد في الإثبات خلافًا لمن خصه بضرورة الشعر كقوله:
وقد ظهرت فلا تخفى على أحد
…
إلا على أحد لا يعرف القمرا
وقال: والذي يظهر لي بالاستقراء أن أحدًا لا يستعمل في الإثبات إلا أن يعقب النفي وكان الإثبات حينئذ في سياق النفي، ونظير هذا زيادة الباء فإنها لا تكون إلا في النفي، ثم رأيناها زيدت في الإثبات